تقرير من غزة: انسلاخ أم تكيُّف؟
كلمات مفتاحية: 
قطاع غزة
الاقتصاد الفلسطيني
الحركات الإسلامية
الأحوال الاجتماعية
العنف المجتمعي
النزعة العسكرية
نبذة مختصرة: 

يركز التقرير على مجالين اثنين في قطاع غزة: الاقتصاد والقضايا الاجتماعية، مع التطرق إلى دور الإسلاميين. كما يتناول النزعة إلى العسكرة، وتجريد المؤسسات من الصلاحيات، وتغير المعايير وتزايد البلبلة. وتخلص الكاتبة إلى أنه في ظل استمرار غياب الأمل والمستقبل، يمكن جداً أن يحدث انكفاء شعبي إلى العنف باعتباره الملجأ الوحيد إزاء البلبلة والشعور بالخسارة.

النص الكامل: 

مع اقتراب الذكرى السنوية الثانية لاتفاق أوسلو، ما زال الغزّيون يكافحون. لكنهم الآن، خلافاً للماضي، لا يكافحون من أجل إنجاز شيء ما، لكن ببساطة من أجل البقاء في قيد الحياة وتفادي مزيد من الخسارة. ويوجد الآن في غزة قليل من البنى السوية التي يمكن الاعتماد عليها، وقليلون هم من يعتقدون أنه سيكون من الممكن بناؤها. ويصدر اليأس الواسع الانتشار والضارب أطنابه في غزة حالياً عن ثلاثة عوامل رئيسية: الاحتلال الإسرائيلي المستمر وانتهاك الاتفاق المرحلي؛ سوء الإدارة، والقمع الذي تمارسه السلطة الوطنية الفلسطينية؛ الدور الأقل من إيجابي الذي قامت به حتى الآن المجموعة الدولية المانحة للمعونات. ومن أجل أن نفهم ماذا يحدث في غزة ولِمَ يحدث، سيركز هذا التقرير على مجالين اثنين: الاقتصاد والقضايا الاجتماعية، مع التطرق إلى دور الإسلاميين.

الاقتصاد

مما لا مجال للشك فيه أن المشكلة الاقتصادية الأكثر إلحاحاً التي تواجه قطاع غزة هي البطالة، البالغ مستواها حالياً 55٪ - 65٪. وفيما بين كانون الأول/ديسمبر 1987 ونيسان/أبريل 1995، انخفض عدد الفلسطينيين من المناطق المحتلة العاملين في إسرائيل من 120.000 إلى 15.000، أي بنسبة 87.5٪؛ وبالنسبة إلى غزة بصورة خاصة، انخفض العدد في الفترة نفسها من 80.000 إلى 8000 – 10.000، أي بنسبة 90٪ تقريباً. وبينما مثّلت الإجراءات الإسرائيلية رداً على الانتفاضة وحرب الخليج الضربات الأقسى بالنسبة إلى القوة العاملة في غزة، فإن الإغلاقات التسعة للقطاع (ثمانية منذ توقيع اتفاق أوسلو) برهنت في نظر البعض عن أنها أشد ضرراً بسبب حالة الاقتصاد الشديدة الضعف في وقت فرض الإغلاقات.

منذ آذار/مارس 1993، عندما طُبق الإغلاق أول مرة، فقد 20.000 عامل على الأقل عملهم في إسرائيل. ويعني ذلك، كحد أدنى، خسارة يومية مقدارها 500.000 دولار هي قيمة أجور و500.000 دولار أُخرى هي قيمة خدمات مرافقة (على سبيل المثال، مواصلات ونقل، تجارة، زراعة، صناعة).[1] وبالتالي، على أساس خسارة 20.000 فرصة عمل لا يمكن إيجاد بدائل محلية منها، فإن اقتصاد غزة يخسر يومياً مليون دولار على الأقل، أو شهرياً 25 مليون دولار، أي أكثر مما تلقته غزة من الدول المانحة سنة 1994. وفي المقارنة بمستويات العمالة سنة 1987، فإن خسارة اقتصاد غزة لِـ 70.000 فرصة عمل تساوي، من ناحية الأجور فقط على الأقل، 1.75 مليون دولار يومياً، أي 43.75 مليون دولار شهرياً. وبكلمات أُخرى، يكسب الغزّيون العاملون في إسرائيل حالياً 12.5٪ مما كانوا يكسبونه سنة 1987. وبحسب تيرجي لارسن، المنسق الخاص التابع للأمم المتحدة في المناطق المحتلة، فإن الإغلاق يحرم الاقتصاد الفلسطيني بأكمله 600 مليون دولار سنوياً، أي بالضبط المبلغ الذي وعدت مجموعة الدولة المانحة أن تقدمه إلى الفلسطينيين.[2] ويعمل حالياً في إسرائيل 65.000 عامل أجنبي من تايلاند ورومانيا. وتدل بوضوح نية رئيس الحكومة يتسحاق رابين المعلنة بشأن زيادة هذا العدد إلى 90.000[3] على أن إسرائيل لا تنوي العودة إلى مستويات العمالة الفلسطينية السابقة داخل الخط الأخضر. ولم يجر تقديم أي تعويض مالي أو بديل من ذلك. كما أن الإغلاق يعرقل تنفيذ المشاريع الممولة من الدولة المانحة (التي تشتمل أيضاً على توفير فرص عمل)، ولا سيما مشاريع البنية التحتية. وفي نيسان/أبريل 1995 كان مبلغ مقداره 40 مليون دولار من مساعدات الدول المانحة معطلاً في بنوك في غزة، لأنه لم يكن من الممكن إدخال المواد الخام الضرورية للمشاريع إلى القطاع.[4]

ومما يزيد في التأثير السلبي للإغلاق إقدام إسرائيل على فرض قيود بيروقراطية جديدة ومزعجة على حركة العمال والبضائع.[5] وقد عرقل ذلك إلى حد كبير استيراد وتصدير المنتوجات الفلسطينية وحركة النقل المرتبطة بالتجارة، لا مع إسرائيل فحسب، بل أيضاً مع الأردن ومصر. ويُقال إن السلطات الإسرائيلية وافقت في نيسان/أبريل أو أيار/مايو 1995 على السماح لِـ 200 شاحنة فقط بالعبور يومياً من غزة إلى إسرائيل.[6] وبحسب وزارة الخارجية الأميركية، فإن إسرائيل فرضت منذ توقيع الملاحق الاقتصادية في نيسان/أبريل 1994 معايير جديدة على المنتوجات الزراعية الفلسطينية أعلى من المعايير المفروضة على المنتوجات الإسرائيلية المخصصة للبيع في السوق الإسرائيلية. ونتيجة ذلك، فإن المنتوجات التي لا تتطابق مع "المعايير" الإسرائيلية ينتهي الأمر بها إلى التعفن في الموانئ الإسرائيلية. كما أن السلطات الإسرائيلية منعت أن تباع في إسرائيل المستحضرات الصيدلية واللحوم المعالَجة المنتجة في الضفة الغربية، في مخالفة صريحة للاتفاق.[7]

 وعلى الرغم من التأثير الضار لمثل هذه الإجراءات، فقد اتخذت السلطات الإسرائيلية خطوات قليلة من أجل أن تحول إلى السلطة الفلسطينية رسوم الجمارك المجباة على البضائع الداخلة إلى الضفة الغربية وغزة. ومع أن هذا الأمر ليس منصوصاً عليه في الاتفاق، فإن تحويل هذه الرسوم، المجباة على بضائع تُستهلك كلياً تقريباً في الضفة الغربية وقطاع غزة، يمكن أن يزود الاقتصاد الفلسطيني بدخل سنوي إضافي لا يقل عن 100 مليون دولار. وهذا ليس من شأنه فقط أن يخفف عن الحكومات المانحة عبء تمويل النفقات الجارية، بل يمكن أن ينشط الاقتصاد الذاتي المحلي أيضاً.[8] كما أن إسرائيل رفضت تحويل رسوم ضريبة القيمة المضافة، البالغة 40 مليون دولار، ومبالغ مالية أُخرى مرسلة إلى السلطة الفلسطينية.

ولم تلق هذه الإعاقات استحساناً في نظر بعض أعضاء مجموعة الدول المانحة. وصرح موظفون معنيون أن حكوماتهم لن تعوض عما تمت خسارته لأن "الدول المانحة لا ينبغي لها أن تدفع ثمن سياسات الأمن الإسرائيلية."[9] لكن من الواضح أن حكوماتهم ليست مستعدة للضغط على إسرائيل من أجل رفع الإغلاق.

ونتيجة هذه العوامل، فإن الناتج القومي الإجمالي للفرد في غزة هو الآن 750 دولاراً، أي نصف مستواه سنة 1987، وأدنى كثيراً من المعدل العام لجميع الدول الأقل تطوراً، البالغ 950 دولاراً.[10] وفي استطلاع للرأي العام أجراه "برنامج الصحة العقلية للمجتمع في غزة" (Gaza Community Mental Health Program) في شباط/فبراير 1995، أشار 85.5٪ من المجيبين إلى أن الأوضاع الاقتصادية هي الآن أسوأ مما كانت عليه قبل مجيء السلطة الفلسطينية.[11] والمحزن أكثر هو حقيقة أن نحو 12٪ من سكان القطاع، أي 102.000 نسمة على الأقل، هم ممن يعيشون "حالات عسر شديد"، ويعتمدون بصورة أو بأُخرى على معونة مالية أو غذائية.[12] ويبدو أن 40.000 تقريباً من هؤلاء افتقروا حديثاً، أي منذ توقيع اتفاق أوسلو.[13] ويتزايد باطراد عدد العائلات في غزة التي لا تستطيع توفير غذاء كاف لأولادها: في أيار/مايو 1995، شُخِّصت حالة 100 طفل رضيع في مدينة غزة ومخيم جباليا بأنها حالة هزال شديد، وهي شكل متطرف من أشكال سوء التغذية.[14] ولعل أوضح الأمثلة للبؤس في غزة وأشد إيلاماً - البؤس الذي لم تشهد المؤلفة مثيلاً له خلال زياراتها المنتظمة لغزة منذ عشرة أعوام - هو حقيقة أن السجناء في "أنصار 3"، مركز الاعتقال في صحراء النقب، يهرّبون، كما يقال، طعاماً لأقربائهم خلال الزيارات العائلية.[15]

ومع أن السمتين المميزتين لاقتصاد غزة تظلان قاعدة محلية غير متطورة واعتماداً على مصادر خارجية، فإن الاقتصاد في نواح كثيرة أضعف كثيراً الآن مما كان عليه في العقدين الفائتين على الأقل، كما تدل على ذلك البطالة الهائلة والإفقار المتزايد. ويزيد في الأمر خطورة أن المصدرين اللذين يعتمد اقتصاد غزة عليهما حالياً - السوق الإسرائيلية وأموال الدول المانحة - لم يكونا أقل وضوحاً قطُّ مما هما عليه الآن. وجدول الأعمال ما زالت تحدده سلطات خارجية، كثيرة جداً، من دون أن يكون للفلسطينيين سوى سيطرة محدودة عليه.

إن ما يبقى اقتصاد غزة عائماً هو رواتب أولئك الذين يعملون - في إسرائيل (أنظر أعلاه)، مع السلطة الفلسطينية، في مشاريع الأشغال العامة، وفي القطاع الخاص - ومعونات الدول المانحة. إن السلطة الفلسطينية هي المستخدِم الأكبر في قطاع غزة والمؤسسة الوحيدة القادرة على استيعاب أعداد كبيرة من الناس. وهي تستخدم في الوقت الحاضر ما يقارب الـ 40.000 شخص، بمن فيهم 19.000 شرطي، وذلك في مقابل 5000 شخص كانوا يعملون في الإدارة المدنية الإسرائيلية. لكن على الرغم من أن رواتب هؤلاء الأفراد ضرورية جداً للنشاط الاقتصادي المحلي، فإن تأثير هذه الأجور في الاقتصاد - شأنه شأن تأثير الأجور التي يكسبها العمال العاملون في إسرائيل - غير منتج إلى حد كبير. هذا فضلاً عن أن الرواتب منخفضة جداً مقارنة بتكلفة المعيشة في غزة حالياً. فبالنسبة إلى الشرطة، مثلاً، يحصل الشرطي شهرياً على 250 دولاراً، مع أن استئجار شقة لائقة في مدينة غزة يكلف ضعف هذا المبلغ. وإذا كان الشرطي متزوجاً، فإنه يحصل شهرياً على 50 دولاراً إضافياً لزوجته و20 دولاراً آخر لكل طفل.[16] وبالنسبة إلى كثيرين، إن لم يكن لمعظم أولئك المحظوظين الذين وجدوا عملاً، فإن رواتبهم لا تكفي تغطية نفقات المعيشة.

ويتولد دخل إضافي معين في غزة من خلال استخدام أشخاص في مشاريع أشغال عامة ممولة إلى حد كبير، إن لم يكن كلياً، من الدول المانحة. وتشكل حملة تنظيف غزة مثالاً نموذجياً لذلك، وهي عبارة عن مشاريع ممولة من برنامج التطوير التابع للأمم المتحدة (United Nations Development Programme) تستخدم أناساً لمدة متوسطها عشرة أيام بأجر مقداره عشرة دولارات يومياً من أجل تنظيف الشوارع، الدهان، التبييض إلخ.... كما أنه يجري تأمين فرص عمل في قطاع البناء، وهو القطاع الوحيد الذي يشهد نمواً،[17] لكنها جميعاً فرص قصيرة الأمد (من المتوقع ألاّ يستمر الازدهار في قطاع البناء أكثر من عامين - ثلاثة أعوام) والأجور فيها قليلة: في غزة يكسب العامل ما متوسطه 20 دولاراً في اليوم، مقارنة بِـ 45 - 100 دولار في اليوم في إسرائيل. وبما أن البناء ربما كان النشاط الاقتصادي الوحيد المربح في غزة، فإن كثيراً من، إن لم يكن معظم، الاستثمار الخاص يتوجه إلى قطاع البناء، حيث من المستحيل إيجاد استخدام دائم.[18]

وعلى الرغم من الجدل المحيط بوعود الدول المانحة، فإن الأموال التي أُنفقت في غزة فعلاً أدت دوراً حاسماً في تغذية الاقتصاد المحلي. لكن 90٪ من الـ 250 مليون دولار - 275 مليون دولار (من مجموع 670 مليون دولار وعدت الدول المانحة بتقديمها) التي وصلت سنة 1994 جرى تخصيصها لتغطية النفقات الجارية للسلطة الفلسطينية. وبالنسبة إلى سنة 1995، فقد وعدت الدول المانحة بتقديم 30 مليون دولار شهرياً على الأقل، وهذه تكفي تغطية نفقات الجهاز الإداري في المدى القريب. ويقال إن الدول المانحة خصصت في أيار/مايو 1995 مبلغ 18.5 مليون دولار إضافي للفلسطينيين، أُعطي 18 مليون دولار منها مباشرة لياسر عرفات للتصرف فيها وفق مشيئته.[19] ومع ذلك، فإنه من المتوقع أن تعاني السلطة الفلسطينية عجزاً يقارب 500 مليون - 600 مليون دولار في ميزانيتها الاعتيادية لقطاع غزة والضفة الغربية، ناهيك بمليار دولار مخططة للتطوير.[20]

إن إحدى سمات المساعدات الآتية من الدول المانحة، والتي من الممكن أن تكون مؤذية، هي الاهتمام القليل الموجَّه إلى القطاع الخاص، الذي هو محرك التطور الاقتصادي، كما للمشاريع الزراعية، والصناعية، والتجارية حيث توجد الفرص الحقيقية لإمكانات الإصلاح البنيوي وإيجاد عمل يتصف بالديمومة. وربما يرجع هذا الإهمال، جزئياً، إلى حقيقة أن الدول المانحة تفضل أن تركز أنشطتها في مجالات أقل عرضة للتدخل الإسرائيلي، للفيتو، أو لتدخل البيروقراطية، وحيث احتمالات نجاح المشاريع - نتائج مباشرة ومرئية - أكبر.[21] وحقيقة أن جدول الأعمال تضعه الدول المانحة (بدلاً من إسرائيل) ربما كانت السبب في أن الفلسطينيين يشيرون إلى جدول الأعمال وإدارة الدول المانحة للمساعدات التي تقدمها بقولهم إنه "خصخصة الاحتلال".

إن حدة مشكلة البطالة، التي أثارت قلقاً شديداً لدى مجموعة الدول المانحة، أدت إلى تحول عن التطوير بعيد المدى في اتجاه مشاريع تهدف إلى تأمين فرص عمل قصيرة المدى بأقصى سرعة ممكنة. ففي برنامج المساعدات الأميركية، على سبيل المثال، أُعيد النظر في الميزانية بحيثُ أُلغيت المخصصات لمشاريع قطاعية معينة بعيدة المدى، وجرى اختزال المخصصات لمشاريع قائمة، بعضها يوفر خدمات توجد حاجة ماسة إليها وأشكالاً من الاستخدام أكثر ديمومة.[22] وعلى نحو مشابه، تتطلب استراتيجيا الدول المانحة الجديدة أن تكون كل المشاريع الجديدة معتمدة على عمالة كثيفة، وهو ما يعني تخصيص أكثر من 50٪ من تكلفة المشروع للقوة العاملة فيه. وهذا أمر مكلف حتى في اقتصاد قليل التطور كاقتصاد غزة،[23] ويزداد الأمر فداحة عندما يكون التوقع أن تستمر مدة العمل أسبوعين إلى أربعة شهور فقط. إن اشتراط العمالة الكثيفة يحمل في طياته أيضاً مخاطر تشجيع تأمين فرص عمل لا تلبي حاجة حقيقية سوى توليد دخل موقت (أي إغاثة)، وإلحاق الضرر بالعدد المتزايد من المشاريع التجارية التي تقدم خدمات ممكننة، وتقويض المستوى النوعي للمشاريع بوضع تشديد في غير محله على استخدام اليد العاملة. والأخطر من ذلك هو غياب التخطيط لما يتعدى مدة فترة العمل نفسها. وبالتالي، ففي حين أن هناك حاجة ماسة إلى إيجاد فرص عمل، فإن محاولة فعل ذلك خارج سياق تخطيط اقتصادي عقلاني بعيد المدى أو برنامج لإعادة هيكلة الاقتصاد - أو لا يتضمن ضغطاً حقيقياً على إسرائيل لرفع الإغلاق واحترام التزاماتها - لا بد من أن يكون مآلها إلى الفشل.

القضايا الاجتماعية

على الرغم من التغييرات الإيجابية لجهة السلامة الشخصية وحرية التعبير،[24] فإن مجيء السلطة الفلسطينية لم يقلل التصدعات الداخلية التي اتسم المجتمع الغزّي بها منذ فترة من الوقت، والتي تفاقمت بسبب الوضع الاقتصادي البالغ السوء.[25] وفي الحقيقة، فإن بداية "الحكم الذاتي" رافقها بعض الديناميات الجديدة التي من شأنها أن تزيد في متاعب مجتمع مدني يعاني متاعب كثيرة أصلاً. وتشتمل هذه على نزعة معينة إلى العسكرة، وتجريد للمؤسسات من الصلاحيات، واغتراب وبلبلة متزايدين في أوساط الجمهور.

النزعة إلى العسكرة

إن العنف في غزة، الذي هو من نتاج التدهور الاقتصادي المتسارع وتأكّل النظام الاجتماعي وضعفه، لا يمكن أن يُعزى إلى السلطة الفلسطينية، لكن مما لا شك فيه هو أنه آخذ في الازدياد: حتى لو نحّينا جانباً العمليات الانتحارية، التي هي ظاهرة جديدة كلياً في غزة، فإن العنف المنزلي أصبح أوسع انتشاراً،[26] وكذلك استخدام العنف في الصفوف في المدارس بينما يحاول المدرسون استعادة سلطتهم،[27] وأيضاً اللجوء إلى الأسلحة النارية. ويمكن تلخيص جهود السلطة الفلسطينية لمكافحة العنف بصفتها أنها مأسست العنف، جزئياً من خلال نظام محاكم عسكرية، ومن دون قضاء مستقل أو فصل بين السلطات. وقد تم توثيق عدة حالات من إساءة الاستخدام للصلاحيات في هذا المجال.[28] ويتمثل انعكاس آخر لهذه المأسسة في وجود الشرطة ولابسي البزات العسكرية في كل مكان - في مخيمات اللاجئين، في القرى، في البلدات والمدن. وما يقارب نصف مستخدمي السلطة الفلسطينية أعضاء فيما لا يقل عن سبعة أجهزة أمنية مختلفة، لكل منها سجنه الخاص به. وقد قال قائد سابق في الانتفاضة شاكياً: "يوجد لدينا حتى شرطة بحرية، على الرغم من أنه ليس عندنا سلاح بحرية." وقلما يتنقل مسؤولون في السلطة الفلسطينية من دون حرس شخصي.

وربما كان الجانب الأكثر إثارة للقلق في النزعة إلى العسكرة هو استيعاب الشبان الغزّيين - نحو 500 شاب شهرياً - في جناحين من أجنحة جهاز الأمن التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية. صحيح أن قوى الأمن تمثل واحدة من الفرص القليلة جداً المتاحة حالياً لأغلبية الشبان في غزة للحصول على دخل، لكن إغراء القوة والمركز اللذين يحصل المجندون عليهما لا يجوز التقليل من خطورته في مجتمع يعاني صدمة مثل مجتمع غزة: إن هناك قليلاً من النماذج الوظيفية في غزة الحالية يتمتع بالبروز والقوة اللذين يتمتع بهما رجل الشرطة أو رجل الأمن. وكثيرون من صقور "فتح" (الجناح العسكري لـ "فتح")، إن لم يكن معظمهم، هم الآن أعضاء في الجهاز الأمني، لكن هذه "السلطة الممنوحة من خلال البندقية" ليس من الممكن أن تغير عقلية وثقافة رجال العصابات التي أرعبت سكان غزة قبل مجيء السلطة الفلسطينية. وهناك من يقول إن ما يمكن أن يكون قد تغير هو الهيكل التنظيمي الذي تعمل "العصابات" في إطاره والقيادة التي يتعين عليها أن تطيعها.

تجريد المؤسسات من الصلاحيات

في بناء الجهاز الإداري للسلطة الفلسطينية وجهاز الأمن تبرز سمات معينة تنطوي على دلالات مباشرة بالنسبة إلى تطور المؤسسات المحلية، التي هي تاريخياً قطاع ضعيف في غزة. ومن هذه السمات: 1) فقدان المقاييس المهنية والفنية وعدم وجود رقابة كافية؛ 2) تركز السلطة في الرئيس والإشراف المركزي على التفصيلات في الوزارات والدوائر؛ 3) تكاثر التعيينات السياسية في وظائف مهنية في الوزارات والدوائر؛ 4) تكاثر المناصب داخل الدوائر التابعة للوزارات؛ 5) نمط عمل على طريقة إدارة أزمات طارئة.

إن تضافر هذه العوامل ساهم بقوة في الغياب الكلي لأنظمة مرعية وخدمات موثوق بها - بنوك، مواصلات، خدمات هاتف، جمع القمامة والتخلص منها- بالإضافة إلى جمع الضرائب، وما إلى ذلك. ولهذا الأمر مضامين أُخرى أيضاً.

أولاً، إن الغياب شبه الكامل لسلطة حقيقية لاتخاذ القرارات في أوساط الموظفين الإداريين في أي مجال، نظراً إلى تركز السلطة في يد الرئيس عرفات، يعني أن الفلسطينيين لا يجري تدريبهم على اتخاذ القرارات - وضعية شبيهة بما كانت الحال عليه تحت الاحتلال الإسرائيلي، لكنها الآن مدعاة إلى سخرية مرة. ويكاد المرء يقول إنه فيما يتعلق بعملية اتخاذ القرارات في الحكم الذاتي، فإن الفارق بين النظامين السابق والحالي هو أنه يوجد الآن فلسطينيون أكثر في مناصب مجردة من الصلاحيات. والمؤسسة الوحيدة التي منحت شيئاً من السيطرة فيما يتعلق باتخاذ القرار هي أجهزة الأمن، وهذا ما جعل من الممكن أن يقول الساخرون إن السلطة أُخذت من السكان المحليين وأُعطيت لأجهزة الأمن.

ثانياً، إن الجهاز الإداري الحكومي، بسبب مستوى الأُجور الأعلى، يستطيع أن يجذب أعداداً متزايدة من المهنيين الذين يتمتعون بمستوى عال من الكفاءة، وأن ينتزعهم من جمعيات الدراسات ومؤسسات الخدمات الاجتماعية التي كانت تستفيد فعلاً من مهاراتهم، وهذا ما ينجم عنه إضعاف هذه المؤسسات والخدمات التي تقدمها. ويعمل الآن عدد من أفضل الباحثين الاقتصاديين في غزة لحساب السلطة الفلسطينية، لكنهم لا يقومون بجمع المعلومات أو كتابة أبحاث؛ وهكذا، فإن استخدامهم من جانب السلطة الفلسطينية محصلته سحب مهاراتهم من السوق، بل حتى تأكّل هذه المهارات نتيجة عدم الاستخدام.

ويلفت النظر أن المعلومات، شأنها شأن اتخاذ القرار، باتت تتركز بصورة متزايدة لدى السلطة الفلسطينية، ولا يجري نشرها وتعميمها كما يجب، وهذه مشكلة خطرة أُخرى من ناحية بناء قدرة مؤسساتية.

ثالثاً، هناك تخوف متزايد في أوساط بعض القائمين على شؤون المؤسسات المحلية من أن تعمد السلطة الفلسطينية، في وقت ما، إلى استخدام المؤسسات المحلية كقناة في خدمة نظام المحسوبية، أي أن ترغم المؤسسات المحلية على توظيف أشخاص لأسباب سياسية، وهو ما سيؤدي إلى إلحاق ضرر كبير بقدرتها على القيام بمهماتها.

رابعاً، توجد أمثلة لتسلل الشرطة السرية إلى حياة الجمعيات الناشطة.

تغير المعايير وبلبلة متزايدة

يوجد في أوساط الغزّيين إحساس واسع الانتشار بالغضب والصدمة جراء الطريقة التي يعاملهم بها موظفو السلطة الوطنية الفلسطينية. وكثيراً ما سمعت المؤلفة إشارات إلى إهانات، ومضايقات من دون داع، وإجمالاً إلى سلوك مهين من موظفين رسميين متعددين، من شرطة مرور إلى موظفين في الوزارات. وفي عشرين مقابلة شخصية على الأقل أجرتها المؤلفة مع أشخاص، قيل لها إن أفراداً من الشرطة شتموهم بالقول إنهم "حيوانات" أو "حمير".

ويزيد الأمور سوءاً الاعتقاد الشائع أن "جماعة تونس" تتصرف اجتماعياً بصورة غير مقبولة، وترفض التكيف وفق المعايير والأعراف السائدة في المجتمع المحافظ الذي تعيش فيه الآن. وقد سمعتُ مراراً تنويعات عديدة للتعليق: "يجب أن يحترموا الناس الذين جاؤوا بهم إلى هنا. لقد متنا من أجلهم. معاناتنا هي التي أتاحت لهم المجيء. من دوننا ما كان لهم قط أن يكونوا هنا. يجب أن يعاملونا باحترام." وهناك أيضاً الإحساس بأن "جماعة تونس" فشلت في إدراك مدى التغيير الذي طرأ على مجتمع غزة نتيجة الانتفاضة. وقد علق أحد قادة المجتمع على هذا الأمر بقوله: "يريد الخارج أن يغير هذا المجتمع، ولا يحترم التغيرات في مجتمع يحاول تغيير نفسه. لقد خرجنا من الانتفاضة مختلفين عما كنا عليه. لو كانوا أتوا في سنة 1986 لما كان هناك مشكلة بيننا."

إن التدهور في مستوى التهذيب، خطاباً وممارسة، يعكس ما يعتقد الغزّيون أكثر فأكثر أنه تغييرات فاسدة ومفسدة في العادات والقيم التي يجد المجتمع نفسه مرغماً بصورة متزايدة على العمل في إطارها؛ تغييرات يعتقدون أن السلطة الفلسطينية أدخلتها ومأسستها. فعلى سبيل المثال، قال عشرات من الأشخاص أُجريت مقابلات معهم إن الرشوة باتت أسلوباً شائعاً في غزة، وأصبحت بصورة متزايدة أمراً ضرورياً للحصول على خدمات أساسية، مثل الحصول على إذن في السفر، خط للهاتف، تسجيل سيارة، وخدمات أُخرى ذات أهمية خاصة مثل الحصول على تحويل إلى مستشفى إسرائيلي، بات الآن شبه مستحيل. وقد ذكر أحد الغزّيين، وهو شخص أساسي في صفقة بناء فندق ماريوت في غزة البالغة قيمتها عدة ملايين من الدولارات،[29] أن أحد الأسباب في استمرار تأخر تنفيذ المشروع هو أن موظفي الوزارة ينتظرون رشاوى من القائمين على أمر المشروع. وقد وصف هذا الشخص، الذي كان يبدو بوضوح أنه خجلان مما يقوله، مشكلته قائلاً: "ماذا يتعين عليّ أن أفعل؟ كيف أخبر الأميركيين أمراً كهذا؟ ففي نهاية المطاف، [هؤلاء الموظفون] هم من أبناء قومي. وحتى لو قررت أن أخبر الأميركيين، فما هو مبلغ الرشوة الذي يتعين عليّ أن أطلبه منهم؟ هل سيكون أقل من المطلوب، أم أكثر، وكم هو عدد الأشخاص الذين يتعين عليّ أن أدفع لهم؟"

وعندما استفسرت المؤلفة من أحد الموظفين في مرتبة متوسطة في السلطة الفلسطينية عن موضوع الرشوة، أجاب: "ماذا تتوقعين أن يفعل الناس هنا؟ الوضع الاقتصادي سيئ جداً والرواتب ضئيلة." ومع أن هذا الجواب قد يبدو فظاً، لكنه يؤكد بروز واقع جديد للحياة في غزة: مع اقتصاد آخذ في الانحلال، وفقر واسع الانتشار، وخيارات اقتصادية قليلة، وقنوات قليلة، إنْ وجِدت، قانونية أو مؤسساتية يمكن الرجوع إليها، فإن الفرد إمّا يلتحق بالنظام السائد وأعرافه الخاصة به وإمّا يبقى خارجاً.

إن نقطة الارتكاز الاجتماعية المتغيرة في غزة والعجز عن تحديها خلقا بلبلة لا تُصدَّق. وبالنسبة إلى كثيرين من الناس، يبدو المستقبل أقل وضوحاً الآن مما كان عليه في أي وقت مضى؛ والاغتراب الناتج من ذلك بات ملموساً. هناك إحساس بأن نهاية الحلم أتت، الأمر الذي لم يفكر الفلسطينيون فيه قطُّ، وهذا الإمكان يخيفهم. وقليلون هم الذين يعتقدون أن لهم منفعة في ملاحقة "السلام"، والمراسي التي كانوا يثبّتون بها أنفسهم فُقدت - ويضاعف البلبلة الرسائل الصادرة عن قيادتهم التي تناقض واقعهم والتي، مرة أُخرى، تفشل في الاعتراف بالانحلال (ناهيك بأن تعالج هذا الانحلال) الذي يشعرون به بحدة على المستوى الشخصي. ويلخص الدكتور إياد السرّاج، وهو طبيب نفسي بارز في غزة، المأزق الغزّي بحدة بقوله: "إن السلطة الوطنية الفلسطينية و[رئيس الحكومة] رابين يتحدثان عن السلام، لكن نحن نعيش الحرب."

إن حقيقة كون الانتقال إلى الحكم الذاتي المحدود في غزة تم بصورة مفاجئة وسريعة ولم يحدث بالتدريج، مع وجود وقت قليل فقط للتخطيط والتنظيم وإعادة الهيكلة، ساهمت كثيراً في تغذية الإحساس بالبلبلة. وانعدام التنسيق يُنظر إليه الآن كمحاولة متعمدة من جانب السلطة الفلسطينية لفرض السيطرة بدلاً من تقاسمها. ولهذا السبب بات يُنظر إلى السلطة الفلسطينية أكثر فأكثر على أنها جزء من المشكلة، لا الحل، وبذلك تفاقم ما لاح في البداية انقساماً بسيطاً وغير مهم بين "الداخل" و"الخارج"، ويبدو أنه بات الآن طاغياً على جميع الانقسامات الأُخرى، بما في ذلك الانقسامات السياسية. وفي الحقيقة، فإن الفشل في تحقيق المكاسب الاقتصادية المتوقعة، والضائقة الاقتصادية الشاملة والمتفاقمة باطراد أضعفا بعض الانقسامات الطبقية السابقة في غزة لمصلحة انقسام الداخل - الخارج. وحتى التفاوت بين الأغنياء والفقراء في غزة، الذي ازداد وضوحاً، يبدو أنه بات يُنظر إليه بالاقتران مع محور الداخل - الخارج.

وربما كان التعبير الأقسى عن البلبلة والذعر في غزة هو الملاحظة التي أبداها أستاذ في جامعة الأزهر في غزة: "حتى تحت [الاحتلال] الإسرائيلي لم نكن نخاف من المستقبل مثلما نخاف منه الآن. إن السلطة الوطنية الفلسطينية تلتهم مجتمعنا. ماذا نقول لأطفالنا الآن؟"

ملاحظة بشأن دور الإسلاميين

مع أنه خارج نطاق هذا التقرير تفصيل الدور المتغير والمُساء فهمه في الغالب، للنشاط الإسلامي في غزة، فثمة نقطة جديرة بالحديث عنها بإيجاز. إن الحركة الإسلامية في غزة، الناشطة منذ عقود من الزمن، تدير ما لعله أفضل خدمة اجتماعية وشبكة معونة للعائلات في قطاع غزة. وفي السياق الحالي، لم يكن عمل الحركة في أي وقت سابق أهم مما هو الآن. وخلافاً للاعتقاد السائد في الغرب، فإن قوة الإسلاميين لا تكمن في عدد أنصارهم السياسيين المنظمين، بل في مؤسساتهم، في العمل الذي يقومون به، وفي كيفية أدائه. إن مؤسساتهم راسخة في المجتمع، في المدرسة، في العائلة، وفي الفرد. ويركز كثير من برامجهم على الشبان. ومن خلال عملهم في صفوف القاعدة الشعبية، يحاول الإسلاميون أن يحافظوا على العائلة والمجتمع وأن يعيدوهما إلى هوية راسية على المعتقدات الإسلامية. وربما كانوا الحركة الوحيدة الباقية في قطاع غزة التي تمتلك قاعدة جماهيرية وقدرة على التعبئة.

وفي سياق قمع سياسي متزايد، وخراب اقتصادي، وتنافر اجتماعي، فإن النشاط الإسلامي هو أهون الأخطار التي تواجه المجتمع الفلسطيني (أو الإسرائيلي). وسياسياً، ليس لديهم ما يقدمونه إلاّ القليل؛ واجتماعياً، لديهم أكثر كثيراً. إنهم جزء لا يمكن حذفه من المعادلة الغزّية، ويجب إيجاد وسائل لدمجهم وإدخالهم.

ملاحظة ختامية

إن جوهر المشكلة في غزة هو أن الناس يلحظون تبايناً أقل فأقل بين النظام السياسي والاقتصادي الذي قاتلوا بشدة للخلاص منه وبين ما هو قائم حالياً. ونتيجة ذلك، برز اتجاهان متناقضان ظاهرياً: غضب فائر ولامبالاة مستغلقة. الأول يمكن، مع الوقت، أن ينفجر في ثورة ضد السلطة ستكون عنيفة جداً إذا حدث ذلك. والآخر يمكن أن يقلّص إمكان العمل البنّاء في المستويين الفردي والجماعي.

إن الخوف الفلسطيني عميق جداً. فالناس لا يستطيعون أن يفكروا بوضوح عندما يكونون جائعين أو عندما يكون أطفالهم جائعين. وفي ظل استمرار غياب الأمل والمستقبل، يمكن جداً أن يحدث انكفاء شعبي إلى العنف باعتباره الملجأ الوحيد إزاء البلبلة، والشعور بالخسارة، وإحساس الناس بأنه قد تم التخلي عنهم. ومن دون تغيير ذي معنى أو هدف، فإن الاحتمالات مظلمة.

 

المصادر:

[1] هذه الأرقام مبنية على أجر يومي معدله 25 دولاراً.

[2] Neil Patrick, Middle East International (MEI), May 12, 1995, p. 18.

[3] عنات تال - شير، "يديعوت أحرونوت"، 17/3/1995.

[4] Sara Roy, Christian Science Monitor, April 12, 1995.

[5] من أجل وصف لبعض هذه القيود، انظر: عميرا هاس، "هآرتس"، 14/2/1995.

[6] Patrick, op. cit.

[7] مقابلة مع موظف رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية طلب عدم ذكر اسمه، آذار/مارس 1995.

[8] المصدر نفسه.

[9] مقابلات مع مسؤولين في بعض الدول المانحة طلبوا عدم ذكر أسمائهم، غزة، والقدس، وتل أبيب، شباط/فبراير - آذار/مارس 1995.

[10] محاضر عن الاقتصاد العالمي، Prudential Securities, Boston, MA, April 1995.

[11] Gaza Community Mental Health Program (GCMHP), Peoples Opinion of the Palestinian Authority and their Political Attitudes (Gaza City: Research Unit, GCMHP, February 1995).

[12] UNRWA, Gaza Strip, March 1995.

هذا الرقم مبني على تقدير "رسمي" يذكر أن عدد السكان هو 850,000، وهو رقم منخفض بحسب استطلاعات حديثة أجراها مكتب الإحصاءات الفلسطيني.

[13] في سنة 1993، بحسب قول أحد موظفي الأونروا (آذار/مارس 1995)، كان هناك 60.000 "حالة عسر شديد".

[14] Patrick, op. cit.

[15] مقابلة مع عميرا هاس، مراسلة صحيفة "هآرتس"، قطاع غزة، آذار/مارس 1995.

[16] مقابلة مع شرطي محلي، مدينة غزة، آذار/مارس 1995.

[17] لم يكن من الممكن الحصول على أرقام، لكن، في أي حال، لا يستطيع هذا القطاع استخدام أكثر من بضعة آلاف في أفضل الأحوال، وذلك بحسب قول اقتصاديين محليين. وهذا الرقم قليل جداً قياساً بالحاجة الماسة إلى العمل. وعلى سبيل المثال، ذكر مدير الأونروا في غزة أن بناء 26 مدرسة شغّل 200 شخص لمدة تسعة شهور. وأشار أيضاً إلى أن 500 شخص مستخدمون حالياً في بناء مستشفى جديد للأونروا. ويخطط الاتحاد المالي الأميركي، بناؤون من أجل السلام (Builders for Peace)، لبناء فندق ماريوت على شاطئ غزة، من المعتقد أنه سيحتاج إلى 750 شخصاً لبنائه و600 شخص لتشغيله.

[18] بالمقارنة، صادقت السلطة الوطنية الفلسطينية بين أيار/مايو 1994 وشباط/فبراير 1995 على 30 مشروعاً تجارياً فقط، وأصدرت 60 رخصة استيراد وبضعة تراخيص تصدير. وقد أعلنت الشركة الفلسطينية للاستثمار أنها ستستثمر 200 مليون دولار في الأراضي المحتلة، بينما وقّعت اللجنة الاقتصادية الفلسطينية للتطوير والإعمار (بكدار/PECDAR)، التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، عقوداً لمشاريع تبلغ تكلفتها 3 ملايين دولار. وقد أعلنت بكدار أيضاً أن الاتحاد الأوروبي وافق على قرض للسلطة الوطنية الفلسطينية بقيمة 300 مليون دولار.

UNRWA, Gaza, Monthly Report on the Economic Situation in Gaza, February 5, 1995.

[19] مصدر طلب عدم ذكر اسمه، آذار/مارس 1995.

[20] مقابلة مع اقتصادي، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (United States Agency for International Development)، تل أبيب، آذار/مارس 1995.

[21] مقابلات مع عدد من موظفي الدول المانحة. قطاع غزة، شباط/فبراير 1995.

[22] أحد الأمثلة لذلك هو جمعية العناية بالمعاقين (Society for the Care of the Handicapped) في مدينة غزة التي تقدم خدمات متنوعة لـ 4000 شخص معوق عقلياً وجسمانياً، وتستخدم على الأقل 3000 شخص. ومثال آخر هو برنامج التطوير التعاوني (Cooperative Development Program)، الذي كان يقدم خدمات للتوسع الزراعي توجد حاجة ماسة إليها، واضطر إلى التوقف عن العمل. وبحسب تقدير خبراء اقتصاديين يعملون لحساب برنامج التطوير التابع للأمم المتحدة (UNDP) في غزة، فإن تكلفة استخدام 70.000 غزّي لمدة شهر تتراوح ما بين 80 مليون دولار و100 مليون دولار.

[23] بصورة نموذجية، يجب تخصيص 20٪ فقط من تكلفة المشروع لليد العاملة كي يكون مجدياً اقتصادياً.

[24] GCMHP, op. cit.، أحد المقاييس لحرية التعبير عن الآراء الشخصية هو رواية النكات عن ياسر عرفات. لكن التعليقات السياسية التي تنتقد عرفات والسلطة الفلسطينية باتت تلاقي بصورة متزايدة موقفاً عدائياً.

[25] Sara Roy, "Gaza: New Dynamics of Civic Disintegration," Journal of Palestine Studies, vol. xxii, no. 4 (Summer 1993), pp. 20-31; idem, "(The Seed of Chaos and of Night): The Gaza Strip After the Agreement," Journal of Palestine Studies, vol. xxiii, no. 3 (Spring 1994), pp. 85-98.

[26] مقابلة مع الدكتور إياد السرّاج، مدير برنامج الصحة العقلية للمجتمع في غزة (GCMHP)، مدينة غزة، آذار/مارس 1995.

[27] GCMHP, op. cit.. بحسب المركز الفلسطيني ضد العنف، فإن 87٪ من الأطفال يتعرضون للضرب في المدارس.

[28] انظر، مثلاً:

Joel Greenberg, "Palestinians Hold Quick, Secret Trials-Rights Groups Critical of Authority’s Court," New York Times, May 3, 1995.

[29] Ibid.

السيرة الشخصية: 

ساره روي: أستاذة زائرة في مركز الدراسات الشرق الأوسطية في جامعة هارفرد، ومؤلفة كتاب:

The Gaza Strip: The Political Economy of De-development (Washington, D.C.: Institute for Palestine Studies, 1995).