وثائق عربية بيان للجبهتين الديمقراطية والشعبية عشية اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، 5/5/1992
النص الكامل: 

خلال الأيام القليلة القادمة ينعقد اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في تونس، وعلى طريق التحضير لهذا الاجتماع، عقد المكتبان السياسيان للجبهتين اجتماعاً مشتركاً لهما، كان تتويجاً لنضال جماهيري واسع وفي المؤسسات ومع القوى والشخصيات الوطنية من أجل مراجعة مسيرة الشهور الماضية وبلورة ما تراه الجبهتان كأسس صالحة لصياغة برنامج عمل وطني مشترك لمنظمة التحرير والثورة الفلسطينية. وإذا كانت اقتراحات الجبهتين سوف تكون مدار حوار ونقاش واسعين بين القوى الوطنية على أبواب انعقاد المجلس وخلال انعقاده، فيهمّ الجبهتين أن تضعا أمام جماهير شعبنا وقواها الوطنية والقوى الوطنية والتقدمية العربية الشقيقة والصديقة القضايا التالية:

إن مواصلة العملية السياسية الجارية وفق الأسس والشروط الأميركية ـ الإسرائيلية باتت تلحق أفدح الضرر بقضية شعبنا ومصالحه الحيوية، وتلحق الأذى البالغ بوحدته الوطنية. إن شعبنا المناضل في الوطن المحتل والشتات ينتابه القلق والغضب من جرّاء سياسة الاستيطان واغتصاب الأرض والمياه والقمع الدموي وإبعاد قياداته الوطنية والتنكر لحق اللاجئين في العودة إلى أرض وطنهم والضغط من أجل توطينهم وتذويب شخصيتهم الوطنية في الشتات والمنافي، ومحاولة فرض الحكم الذاتي الإداري حلاً تصفوياً لقضية شعبنا في الضفة وقطاع غزة الفلسطينيين، وشطب منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لشعبنا، وفرض تطبيع العلاقات العربية ـ الإسرائيلية وتصفية الصراع العربي ـ الإسرائيلي عوضاً عن حلّه وفق قرارات الشرعية الدولية.

إن الجبهتين الديمقراطية والشعبية، إذ تعلنان تمسكهما الحازم بالحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا الفلسطيني، تدعوان إلى رفض الشروط الأميركية ـ الإسرائيلية، وتطالبان منظمة التحرير الفلسطينية بالتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وقرارات الإجماع الوطني الفلسطيني وقرارات الشرعية الدولية. فبدون ذلك تتحول العملية السياسية الجارية إلى عملية تصفية لشعبنا وحقوقه الوطنية.

إن الجبهتين الشعبية والديمقراطية تنظران إلى الانتفاضة الباسلة عاملاً حاسماً في النضال الوطني لشعبنا، وتدعوان وتعملان على ترسيخ الوحدة الوطنية في إطارها وبلورة واستكمال بلورة مؤسساتها وهياكلها وتعميق سماتها الجماهيرية، وتوسيع وتأطير التفاف جماهير شعبنا في الشتات حولها في كتلة متراصة وإرادة موحدة باتجاه حق العودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني. إن هذا ما يجب أن يؤكد عليه ويعمل بموجبه المجلس المركزي الفلسطيني.

وعلى الصعيد التنظيمي، فإن الجبهتين الديمقراطية والشعبية تدعوان إلى إشاعة وتسييد روح الديمقراطية والجماعية في صفوف م.ت.ف ووضع حد فعلي للتفرد وخرق قرارات القاسم الوطني المشترك وتطبيق قرارات إصلاح وتطوير وتطهير المؤسسات من كافة مظاهر البيروقراطية والفساد وتحويلها إلى أدوات نضالية فاعلة في خدمة الانتفاضة والعملية الوطنية الثورية الكبرى الجارية، إن الترهل السائد في صفوف المنظمة ومؤسساتها بات يشكل ثغرة خطرة، سوف يتم التوقف عندها بجدية في المجلس المركزي، ومن أجل أن تتم عملية إصلاح جذرية ترسي أُسس معادلة سليمة بين الثورة وأدواتها التنظيمية الكفاحية.

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترى الجبهتان الشعبية والديمقراطية الضرورة الملحة للمعالجة الجدية لأوضاع مخيمات شعبنا في لبنان من حيث إعادة إعمارها والعمل على حل المشكلات الاجتماعية وذات الصلة بالحقوق المدنية لجماهيرنا. كما تدعوان إلى معالجة مشكلة مئات الآلاف من أبناء شعبنا الذين تم تهجيرهم من الكويت بما يضمن الحفاظ على كرامتهم وتماسكهم الوطني ويفشل الخطة الأميركية ـ الرجعية التي استهدفت من وراء تهجيرهم القسري الجماعي خلق مشكلة سياسية تتفجر في وجه منظمة التحرير والحركة الوطنية. كما أن الجبهتين تدعوان بإلحاح وقوة إلى معالجة قضية حملة الوثائق المصرية من أبناء شعبنا معالجة تحترم قرارات الجامعة العربية بشأن اللاجئين وتحترم القانون الدولي والمنطق الإنساني، فتوفر على هذا الجزء العزيز من شعبنا العذابات اليومية. فمن غير المعقول ألا تكون وثيقة السفر المصرية صالحة للدخول التلقائي لمصر. وأن يعامل الفلسطيني الذي يحمل الوثيقة كأجنبي على الأراضي المصرية. إن الالتفات الجدي من قبل المجلس المركزي لهذه القضايا الملحة والعمل على حلها، من شأنه أن يخفف من الآلام التي يعانيها شعبنا ويعزز تماسكه الاجتماعي والوطني.

إن الجبهتين تريان أن دورة المجلس المركزي القادمة محطة هامة من أجل المراجعة السياسية والإصلاح التنظيمي الإداري، والمباشرة الجدية في حل مشكلات شعبنا الاجتماعية، وسوف تناضلان مع كافة القوى والشخصيات الوطنية من أجل أن يكون المجلس المركزي علامة فارقة في مسيرة شعبنا الوطنية.

 

المصدر: "الحرية" (بيروت)، العدد 452، 10/5/1992، ص 4.