مقتطفات من تقرير أعدته لجنة مراقبة المستوطنات في الحركة، ونُشر في تموز / يوليو 1991. وهو يشتمل على نظرة عامة على تزفيت الطرق في الأراضي المحتلة، وكذلك على: الدلالة السياسية لطرق المستوطنين؛ قائمة بالطرق الجاري التخطيط لإنشائها وتزفيتها؛ العبء الذي تلقيه شبكة الطرق على الميزانية؛ الدلالة الاجتماعية لطرق المستوطنين.
أولاً: مقدمة
[.......]
ثمة لجنة متخصصة من حركة السلام الآن تراقب تزفيت الطرق في الأراضي المحتلة من خلال النشرات الحكومية، والاطلاع الميداني المباشر على الأوضاع، وغير ذلك من مصادر المعلومات. وتتيح المعلومات المجتمعة الصورة التالية:
- 80-100 كيلومتر من الطرق هي الآن في قيد التزفيت، أو على وشك التزفيت في المستقبل المقريب. (على سبيل المقارنة، نذكر أن 186 كيلومتراً فقط قد زُفّتت في البلد كله، داخل الخط الأخضر، سنة 1990).[1]
- رُصد مبلغ 27 مليون شيكل جديد من ميزانية وزارة الإسكان لتزفيت الطرق في الأراضي المحتلة.[2] كما أن عشرات الملايين من الشيكلات الإضافية تنفق لهذا الغرض، وتمر عبر قنوات أخرى (من المنظمة الصهيونية العالمية، ووزارة الدفاع، وغير هاتين من الهيئات).
- تُبذل جهود خاصة لتزفيت "الطرق المتفادية للانتفاضة"، أي الطرق المخصصة لخدمة حاجات السكان اليهود حصراً. وفي مقابل ذلك، لا علم لنا بوجود ميزانية مرصدة لتحسين شبكة الطرق العامة في الأراضي المحتلة، وإنْ كانت نسبة الوفيات من جراء حوادث السير على هذه الطرق أعلى من مثيلتها على الطرق داخل إسرائيل.[3]
- ينفق ما متوسطه 45 شيكلاً جديداً لكل شخص على الطرق داخل إسرائيل – وينفق 270 شيكلاً جديداً لكل شخص على طرق المستوطنين. ويتراوح متوسط الأموال المصروفة، قياساً بحجم السير في إسرائيل، بين 100 شيكل جديد لكل عربة (في منطقة دان) [المنطقة الوسطى] وبين 1400 شيكل جديد لكل عربة (في الجليل والنقب). أما في الأراضي المحتلة، فتصل هذه النسبة إلى 15,000 شيكل جديد لكل عربة.
ثانياً: الدلالة السياسية
لطرق المستوطنين
إن الجهود المكثفة التي تبذل لإنشاء طرق المستوطنين وتطويرها تهدف، مثل إقامة المستوطنات، إلى خلق الوقائع على الأرض قبل الشروع في أية مفاوضات؛ إنها محاولة صريحة لإيجاد "تطبيع" في الروابط التي تربط المستوطنات بدولة إسرائيل، ولتمهيد الطريق من أجل القبول بكون الاحتلال أمراً غير قابل للتغيير. ومن المهم جداً، في هذا السياق، حجب أنظار المستوطنين – وأنظار زوارهم أو من يفكرون في الاستيطان مثلهم – عن حجم السكان العرب الغالب في الأراضي المحتلة. ذلك بأن كلا الجانبين – زعماء المستوطنين والحكومة – يدرك أن ألاعيب خداع الذات، و"طمس الطابع السياسي" للمستوطنات، هما اللذان سيتيحان اجتذاب الألوف من المستوطنين الذين ما زالوا حتى اليوم يتحاشون المستوطنات القائمة في مناطق مثل: غوش قطيف [قطاع غزة]، وهار حبرون [جبل الخليل].
ثالثاً: قائمة بالطرق الجاري
التخطيط لإنشائها وتزفيتها
لمّا كانت النشرات الحكومية الرسمية لا تكشف إلا جزءاً مما يحدث فعلاً، فإن المعلومات المدرجة أدناه قد جُمعت من مصادر متنوعة؛ من ذلك أن 1,2 كلم من الطريق الموصلة إلى "التلة الشرقية" في كرني شومرون، والجاري تزفيتها حالياً، غير منصوص عليها صراحة في أية ميزانية على الإطلاق. وكذلك هي الحال بالنسبة إلى قطع أخرى من أعمال الطرق الجارية والمبينة في القائمة أدناه.
[.......]
ومن الجلي أن الطرق الجانبية [الهادفة إلى تفادي أخطار الانتفاضة] جزء أساسي من القائمة، ومما له أهميته ودلالته أيضاً إنشاء الطرق بهدف إيجاد روابط قوية بين المستوطنات والمراكز السكانية المجاورة لها داخل الخط الأخضر (كيسوفيم – قطيف، شيلات – نيلي، إلخ). والغاية من هذه الطرق أن تولِّد لدى مستعمليها الوهم بأن الخط الأخضر قد تلاشى، وبأن ليس ثمة سكان عرب في المنطقة.
وفي الوقت نفسه لا تتطرق الميزانية إطلاقاً إلى الطرق الرئيسية التي تخدم مئات الألوف من سكان الأراضي المحتلة، سواء أكانوا عرباً أم يهوداً. وهذه الطرق تعاني من جراء رداءة بنيتها التحتية، وكثافة السير عليها، وارتفاع النسبة المئوية للوفيات نتيجة حوادث السير عليها. وهي لم تسترع أي اهتمام خاص لأنها لا تخدم الأهداف السياسية لحكومة إسرائيل.
رابعاً: العبء الذي تلقيه
شبكة الطرق على الميزانية
من المستحيل، كما سبقت الإشارة، الحصول على المعطيات الدقيقة المتعلقة بمقدار التوظفيات المالية في الطرق المخصصة للمستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد أظهرت الحسابات المبنية على تفحص دقيق لميزانية وزارة الإسكان، بسبب كونها المكان الوحيد الذي يحتوي على كمية وافية من المعلومات عن هذا الموضوع، أن 27 مليون شيكل جديد قد رصدت لهذه الطرق. غير أن هذا المبلغ لا يحتوي على : أقسام الطرق التي في قيد الإنشاء حالياً؛ طرق المداخل الصغيرة المتفرعة من الطرق الرئيسية إلى مستوطنات معيَّنة؛ الطرق التي يجري التخطيط لها. كما أن هذا المبلغ لا يعبِّر عن الحوافز الخاصة الممنوحة للمتعهدين من أجل التعجيل في إنجاز هذه المشاريع. ولا نبالغ أبداً إنْ قدَّرنا أن التكلفة العامة لإنشاء شبكة الطرق المؤدية إلى المستوطنات تبلغ قرابة 50 مليون شيكل جديد سنوياً، وأنها ستبلغ 120 – 150 مليون شيكل جديد في مدى الأعوام اللازمة لإتمام إنشاء هذه الطرق.
إن قطاع المستوطنين يتمتع بتفضيل في الميزانية يصل، إذا أخذنا في الاعتبار المعطيات الحكومية الرسمية فقط، إلى نسبة 600% قياساً بباقي السكان (270 شيكلاً جديداً لكل شخص في مقابل 45 شيكلاً جديداً لكل شخص من السكان المقيمين داخل الخط الأخضر). وإذا ما فحصنا الطرق ذاتها وقسنا نسبة الأموال المرصدة بعدد السيارات التي تمرّ عليها، لوجدنا الفوارق أوضح كثيراً [....].
[.......]
خامساً: الدلالة الاجتماعية
لطرق المستوطنين
إن الأموال الطائلة، وهي طائلة سواء من حيث قيمتها المطلقة أو من حيث قيمتها النسبية، التي تنفقها حكومة إسرائيل على شبكة طرق المستوطنين، دليل إضافي على أن الحكومة قد أولت أيديولوجية "إسرائيل الكبرى" الأولوية على أية قضية أخرى في جدول الأعمال الوطني. إن هذا الإنفاق المستهتر على إنشاء طرق لا تخدم إلا بضع مئات من المستوطنين، بينما يتعرض مئات الألوف غيرهم للمخاطر يومياً على الطرق المزدحمة داخل إسرائيل، ليفصح إفصاحاً لا مزيد عليه عن التشويه الذي أدخله التطرف السياسي في إدارة الشؤون الوطنية. ومن العسير أن نعتقد أن مواطني هذا البلد سيستمرون في احتمال هذه السياسة التي تسيء إلى نوعية حياتهم إساءة ملموسة.
[.......]
* التقرير رقم 2 الذي أعدته لجنة مراقبة المستوطنات التابعة لحركة السلام الآن. وقد نشرته الحركة في تموز/يوليو 1991، تحت عنوان:
“Dead End: Building Roads to Settlements in the West bank and Gaza Strip.”
[1] تقرير عن أنشطة وزارة البناء والإسكان، أيار/مايو 1991، بحسب مكتب الإحصاء المركزي.
[2] "ميزانية الحكومة للعام 1991"، وزارة البناء والإسكان، ص 143.
[3] بحسب ب. ميخائيل، "هآرتس"، 19/6/1991، الذي يستشهد بـ آ. بن – يعقوب، "نيكوداه"، حزيران/يونيو 1991.