وثائق دولية مؤتمر صحافي للرئيس جورج بوش بشأن الاستيطان وعملية السلام، كينبنكبورت - ماين، 1/7/1991
النص الكامل: 

س ـ السيد الرئيس، تنوي إسرائيل في هذا الخريف أن تطلب من الولايات المتحدة أن تضمنها على 10 مليارات دولار من القروض لبناء المساكن للاجئين اليهود من الاتحاد السوفياتي. هل لك أن تخبرنا عن رأيك في الربط ما بين ضمانات القروض هذه وبين تعهد إسرائيلي بتجميد إنشاء المستوطنات في الأراضي المحتلة؟

الرئيس بوش: حسناً، لا أعتقد أن الأمر يجب أن يكون على أساس خذ هذه وأعطني تلك. بل إن ما أعتقده، ولقد كررت هذا القول مراراً، هو أن إنشاء هذه المستوطنات يناقض سياسة الولايات المتحدة. لذلك أكتفي بهذا القدر وأتحاشى الربط الذي أرى أسبابك للسؤال عنه. لكنني أقول إن أفضل ما يجدر بإسرائيل أن تفعله هو الوفاء بالتزامها، الذي قطعته في مرحلة معينة، تجاه عدم المضي في إنشاء المزيد من المستوطنات؛ ذلك بأن إنشاءها مضر بعملية السلام.

أما وقد قلت ذلك، فأريد أن أكون منصفاً. ثمة أمور أخرى تقوم بها دول أخرى مضرة بعملية السلام أيضاً. وأنا أود حقاً أن أرى محادثات مباشرة بين هذه الدول. لكن لسنا في صدد ـ ولم نقم بـ ـ تغيير سياستنا في شأن الاستيطان، ولن نغير سياستنا في هذا الشأن. لذلك، أرجو أولئك الذين في إسرائيل: افعلوا ما  في وسعكم من أجل ألا تستمر سياسة بناء المستوطنة في إثر المستوطنة؛ إنها مضرة بعملية السلام.

وبعد أن رأيت وزير الخارجية [الأميركي] يقول ذلك ورأيت ما عقب ذلك، ترونني أسارع إلى أن أضيف، مثلما فعل، إننا نريد أن نرى الآخرين يتقدمون في عملية السلام أيضاً. لكن هذا ليس مشجعاً على حمل هؤلاء الأطراف على الاجتماع والعمل من أجل سلام يريده العالم كله، فيما أعتقد، ويريدونه كلهم أيضاً. لذلك سنمضي في مساعينا، لكن لن نتراجع شبراً واحداً في شأن قضية المستوطنات.

[.......]

س ـ السيد الرئيس، تحدثتم منذ قليل عن رغبة كل من في الشرق الأوسط في السلام، لكن يبدو أن الإسرائيليين قد اجتنبوا مقترحاتكم وأعرضوا عنها، وأن السوريين لم ترضهم الشروط أيضاً. فهل هناك شيء أكثر من المظاهر الرائقة؟

الرئيس بوش: الأرجح أن ثمة أكثر من مجرد المظاهر، لكن ليس بالقدر الذي أتمناه. أعني بعبارة أخرى: أعتقد ـ أود أن أرى العملية ـ عملية السلام متقدمة أكثر من ذلك، لكن ثمة بعض الأشياء التي تبعث على الأمل فيما أظن. الحقيقة، في آخر ـ أنه في آخر اتصال جاءني من رئيس الوزراء الإسرائيلي شمير، كان ثمة التزام تجاه محاولة العمل من أجل السلام. ثمة بعض الالتزامات العامة. لكن بصراحة، أود أن أرانا متقدمين أكثر في شأن بعض التفاصيل، وأرجو منكم ألا تلحوا في معرفة ما هي هذه التفاصيل. غير أنني لن أقطع الرجاء في شأنها، ولا أعتقد أن وزير [الخارجية] سيفعل، لكننا نحتاج إلى مزيد من التقدم ونحتاج إلى إحراز هذا التقدم عاجلاً. لقد بُلِّغت أن مصداقية الولايات المتحدة كمحفِّز على عملية السلام ما زالت قوية جداً وجيدة جداً، لا في إسرائيل فحسب بل في الدول العربية أيضاً. فهذا عامل لم يكن متاحاً من قبل، وهو ما زال متاحاً وآمل بأن يقود إلى السلام.

س ـ قيل إن الولايات المتحدة ربما دعت إلى مؤتمر للسلام ونظرت لترى من يحضر. هل هذا من الخيارات المطروحة؟

الرئيس بوش: حسناً، لا أود التطرق إلى الخيارات. لكن نعم، لقد رأيت مقترحات من هذا القبيل، وأظن أن من واجبي إطلاع الشعب الأميركي في مرحلة ما على بعض التفاصيل التي لست على استعداد لمناقشتها الآن. ولن يزعجني على الإطلاق أن أقوم وأقول: "هذا ما كنا نحاول عمله." لذلك ما من إطار زمني لأي شيء من هذا القبيل، لكن أظن أن ثمة كثيرين من الناس يتساءلون عما يجري الآن، ولقد لمّحت إلى الدبلوماسية الهادئة والحاجة إلى السرية، لكنني لا أستطيع المضي في ذلك إلى ما لا نهاية. أنا لا أستطيع ذلك البتة. فمن واجبي تجاه الشعب الأميركي، وتجاه شعوب العالم، أن أقول: "هاكم ما تعتقد الولايات المتحدة أنه صيغة جيدة."

س ـ في استرجاعي لبعض أخبار الحرب، هل لي أن أسألكم عن تعليقكم ورأيكم فيما جرى في الكويت منذ نهاية الحرب...

الرئيس بوش: نعم.

س ـ ... والفظائع هناك، ما رأيكم في ذلك؟ هل تظنون أن ثمة أسباباً للاعتقاد أن الإصلاحات الديمقراطية ستتم هناك؟

الرئيس بوش: دعوني أقول هذا وآمل بألا يساء فهمه. لم نخض الحرب من أجل الديمقراطية في الكويت، بل كانت الحرب ضد الاعتداء على الكويت. وبعد، فقد قال الكويتيون أنهم يريدون التقدم نحو العملية الديمقراطية، وآمل بأن يفعلوا والأجدر بهم أن يفعلوا. سيكون ذلك خيراً. أعتقد أن ثمة أمراً يقلق الناس، وهو المحاكمات وفق معايير مختلفة، وبحسب قانون كل بلد، لكننا نود رؤية محاكمات علنية منصفة.

كنت ـ ذكرني صديق لي في حكومتنا متضلِّع من التاريخ، ذكرني بما كانت عليه الأحوال في فرنسا بعد تحريرها في الحرب  العالمية الثانية. أذكر بعضاً منها، وإنْ كنت يومها في مسرح عمليات المحيط الهادىء. فالناس الذين حرروا لم يعاملوا بلطف أولئك الذين باعوهم إلى النازيين.

أعتقد أننا نتوقع الكثير حقاً إذا ما كنا نطلب من الشعب الكويتي أن يترفق بأولئك الذين تجسسوا على مواطنيهم الذين ظلوا هناك، والذين اعتدوا على أُسرهم وما إلى ذلك. وبعد فأنا أعتقد، ولقد أوصيت الكويتيين بذلك، أن أكثر المحاكمات علانية وإنصافاً ونظام العدالة الحر هو خير ما يفعلون، وهو يعمل خيراً من أي شيء آخر؛ فهو يعيد الثقة إلى البلد. لذلك أفهم الاستنكار.

سأعطيك مثالاً آخر: الأحكام العسكرية. كانت لدينا بعض المشكلات، تعلمون لمَ الأحكام العسكرية. وقد فسر ذلك لي. الكثيرون من المواطنين هناك يمتلكون أسلحة خلافاً للقانون. الكثيرون منهم ممن كانوا يعارضون النظام الكويتي، يهددون ـ يستعملون الأسلحة ويظهرون الأسلحة يوم كان العراقيون في السلطة، وهم الآن يحتفظون بالأسلحة. ولقد بُلِّغت أن الأحكام العسكرية ضرورية إذا كان لا بد من أن ينزعوا السلاح من أيدي الناس الذين كانوا يؤازرون العدو. أستطيع أن أفهم ذلك.

لكن مرة أخرى، إن ما أتمنى أن أراه هو أكبر قدر من الاحترام الممكن لما نراه مبادىء قانونية شرعية.

 

المصدر: Mideast Mirror, July 2, 1991.