نحو عالم بلا أقفاص ...
كلمات مفتاحية: 
الاتحاد السوفياتي
مخائيل غورباتشيف
الشيوعية
نبذة مختصرة: 

تتناول الرسالة التغيرات التي شهدها الاتحاد السوفياتي على يد ميخائيل غورباتشوف انطلاقاً من الانقلاب الذي وقع في 19 آب/ أغسطس 1991 والذي اعتبره موجهاً ضد "الديمقراطية الإنسانية"، مشيرا إلى أن ما يجري هناك يعني كل الإنسانية بمن فيهم شعبه وجميع المستضعفين. ويعبر الكاتب عن تأييده لمحاولة غورباتشوف "إنقاذ الحزب من الداخل" ويرى أن فشل الانقلاب في موسكو من الأحداث التي غيرت وجه العالم وأشبه بالانتصار على الفاشية في الحرب العالمية الثانية، وأن العلم أثبت بطلان ما كان يعتبر "الحتمية التاريخية". ويرى أن تجربة الحزب الشيوعي لم تذهب هباء وأنه لا داع إلى تحسر المثقفين على مصير الحركة الشيوعية، ويستغرب إصرار البعض على البقاء فوق هذه السفينة الغارقة وعلى الغرق معها، ويختم بالتشديد على أمرين: ممنوع التخلي عن الديمقراطية وحرية الفرد، وأن من الأنسب ازدياد عدد أصحاب الضمير ومبدعي القيم الإنسانية السامية الذين يختارون البقاء مستقلين وأحرار من قيود الأقفاص.

النص الكامل: 

              يبدو لي أنني مدمن على "التشاؤل" حتى لا شفاء. وتعزيتي بسكان الأرض طراً: إنهم لا يرون من وجهيّ القمر، المضاء والمعتم، سوى وجهه المضاء.

              فمن زمان علمنا أن أمواج تاريخ الأعوام السبعين الأخيرة ألقت بالحزب الشيوعي السوفياتي على صخور الشاطىء – سمكة قرش ميتة! من زمان كان على ميخائيل غورباتشوف وزملائه أن يقيموا حزباً جديداً  بدلاً من أن يحاولوا إحياء الموتى، حتى لو كان هؤلاء الموتى أسماك قرش.

              الحقيقة هي أنني لم أشعر بأن "عالمي" قد تهدّم فوق رأسي إلا يوم الإثنين، 19 آب/ أغسطس 1991، حين وقع الانقلاب العسكري في موسكو ضد التغييرات الديمقراطية الإنسانية التي تحققت بقيادة ميخائيل غورباتشوف، وحين تكاثرت الأصوات في إسرائيل الداعية إلى اعتبار الانقلاب حقيقة منتهية وأن علينا التعايش معها! فلو ثبتت سلطة الانقلابيين بانقلابهم، لا سمح الله، لما اكتفت أسماك القرش الكبيرة والصغيرة بافتراس دعاة التجديد في الاتحاد السوفياتي فقط بل لافترستهم في كل مكان. كان سيتعذر علينا، أنا وعائلتي ورفاقي وأصدقائي، الاستمرار في التنفس  في بلادنا! من زمان، نظرت إلى ما حدث ويحدث في الاتحاد السوفياتي على أنه يعني الإنسانية كلها. لكنني "تسرعتُ" وربطت مصيري الشخصي بانتصار الغلاسنوست والبيريسترويكا منذ يومهما الأول. إنني أعرف ما أقوله، وخصوصاً أن "جنايتي" هي أنني "حملت السلّم بالعرض" في محاولتي، وغيري، إنقاذ شعبي من مشاعر اليأس والإحباط التي تقوده إليها مواقف المتشبثين بالماضي الذي زال ولن يعود. إن الإصرار على تداول الكذبة الكبرى عن أنني كنت، في يوم من الأيام، "الستاليني الأول" هو محاولة مقصودة أو غير مقصودة لدمغ ماضي جميع الشيوعيين كله. لم أُقدّس النصوص في يوم من الأيام، ولم أتشبث إلا بحقوق شعبي وجميع المستضعفين وبقضية السلام، ولم أحارب سوى الظالمين والآراء المبتسرة التي تصبّ في خدمة الظالمين. ورفضت نظرية "الشيوعي الجيّد"، وتشبثت بالإنسان المهني الجيّد – "الطبيب الجيّد" – ورفضت التملق والمحاباة وأسلوب تجنيد الأزلام حتى لم يبق "شيوعي جيد"، كسول ومهمل وفارغ من أية موهبة داخل الجهاز الحزبي، إلا وناصبني العداء. وهل يضير السيد شمير، مثلاً، أن ينجح شعبنا في مواصلة كفاحه العادل بوسائل جديدة، وألا يقع في شراك "فنطزية" محبطة جديدة، وخصوصاً أنه (شمير) سكت هذه المرة وهو يعلم، علم اليقين، أن نجاح الانقلاب في موسكو كان سيؤدي إلى تعاظم  الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفياتي، وإلى وقف مسيرة السلام الحالية، على أقل تقدير؟! لقد رأيت في عيون العديد من المتشددين نظرات "بول بوت" مجتمعاً فيها حقد المخطئين على الذين صدقت تقديراتهم، وخوف السلطة القديم من نجاح شعبنا في الاهتداء إلى طريقه السوي في جميع الغابات، مثلما اهتدى إلى الانتفاضة.

              إنني أتفهم ميخائيل غورباتشوف، في محاولته التي استمر فيها حتى اللحظة الأخيرة، حتى وقوع الانقلاب العسكري بتأييد جهاز الحزب المتعفّن، أن ينقذ الحزب من الداخل. فالحقيقة أن أمثاله ظهروا في العديد من أحزاب الحركة الشيوعية العالمية. لقد اضطررت منذ أيار/ مايو 1989، وللأسباب نفسها، إلى التخلي عن جميع مراكزي الحزبية أمام حملة شديدة ضدي وضد آرائي التجديدية مستمرة حتى الآن. وكنت شبّهتها بالهستيريا التي كانت تصيب، في الزمن الغابر، مُبحرين في سفينة هبّت عليها عاصفة شديدة هدّدتها بالغرق؛ فَخَيَّلَتْ لهم هستيريتهم أن أحد الركاب هو سبب العاصفة وأنهم سينجون منها إذا ما ألقوا به في لُجَّة البحر العاصف. ومما لا شك فيه أن جنونهم سيزداد حين يرون أنه لم يغرق، وأن العاصفة لم تهدأ. وقد كان وسيكون!

لكنني واصلت الأمل بالقدرة على إنقاذ الحزب، الذي أعتبره وغيري خلاصة جهد حياتنا، من الداخل. وفقط في يوم الإثنين المذكور أعلاه، وحين شاهدت تهافت المتهافتين على "حريق موسكو" تهافت الذباب على اللهب، وإسراعهم إلى تأييد الانقلاب العسكري وتعليق آمالهم على نجاحه، وإسراعهم إلى الدفاع عن "قانونيته"، أعلنت على وسائل الإعلام أول مرة – في الداخل وفي الخارج – خروجي النهائي من صفوف الحزب. لقد أوقفت حياتي كلها تقريباً على بناء هذا الحزب سنداً لشعبي ولكل المستضعفين في الأرض ولقضية السلام والتقدم الإنساني. انضممت إلى صفوفه سنة 1940، أي حين كنت في التاسعة عشرة من سني صباي.

غير أنني لا أشعر بأنني "مرتد" أو "متراجع". وبمدى ما أنا راجع فإنني راجع إلى ينابيع صباي التي أوصلتني إلى الشيوعية: العدالة، في كل مجالات العدالة، والرغبة في الاستمرار في الصعود في "برج بابل" إلى أعلى وأعلى. من غير الممكن تجاهل الحقيقة التي مفادها أن الماركسية – اللينينية قد أخرجت أبناء جيلي من "كهف أفلاطون". لكن، بفضل ميخائيل غورباتشوف، أدركنا أن مسار الوعي الإنساني غير مؤلف من كهف واحد؛ خرجنا من كهف، ودخلنا كهفاً آخر. كتبت روايتي الجديدة – "خرافية سرايا بنت الغول" – في محاول صادقة لإجمال مسيرتي الشخصية هذه، وكي أعبّر عن أملي بقدرة الإنسانية، على عتبة القرن الحادي والعشرين – ولأول مرة – على تجاوز "عقدة برج بابل" والمضي في الارتفاع أعلى فأعلى، من دون أن تعترضها أية بلبلة في الألسن!

في اعتقادي أن فشل الانقلاب العسكري في موسكو هو من الأحداث التي غيّرت وجه العالم – أشبه بالانتصار على الفاشية في الحرب العالمية الثانية. لقد أثبت العلم، مؤخراً، بطلان ما كنا نعتبره "الحتمية التاريخية". فليس من المحتم عدم الرجوع إلى وراء. خذوا الوضع في إسرائيل مثلاً: المجتمع الإسرائيلي يتدهور من تطرف يميني إلى تطرف يميني أشد ورائية. كان من الممكن أن ينجح الانقلاب العسكري. ولا يعود فشله إلى عدم التحضير الكافي أو إلى تردد العصابة الانقلابية، كما يحاول المتحسّرون على الانقلاب أن يعزوا أنفسهم؛ فكل الجهاز الحزبي الحاكم أيّد الانقلاب. إنما مني بالهزيمة الساحقة بفضل العظمة الإنسانية التي جابهته – تفجُّر الآلام البشرية المتراكمة عبر سبعين عاماً في وجه الانقلاب ووجوه الانقلابيين المعدومة الحساسية كالأصنام. مما لا شك فيه أنه ظهرت، في الأحزاب الشيوعية كلها، دوائر أيّدت مقترفي الانقلاب العسكري. فيحق لي اعتبار العظمة الإنسانية، التي تصدّت للانقلاب وللانقلابيين، تعبيراً أيضاً عن آلام مئات الألوف من الشيوعيين في العالم كله الذين قاسوا الأمرين شخصياً – مرارة السكون والإسكات والرضى بتلويث ضمائرهم الشخصية، ومرارة التحريم والعزل على أيدي قيادات اختبأت وراء "المركزية الديمقراطية" للمضي في دوس كل ضمير وكل خُلُق بحجة المصلحة العليا للثورة وللحزب! من زمان أدركت، وغيري، ضرورة إعادة النظر في العديد من مسلّمات الماركسية – اللينينية. لكنني أعتقد أن المصدر الأساس للكارثة المميتة التي نزلت بحركتنا هو الأسس لتنظيم "الحزب من نوع جديد" التي وُضعت لحركتنا منذ  سنة 1903 والقائمة على "المركزية الديمقراطية" و"وحدانية" فكر الحزب، وحولت حركتنا إلى "ثكنات عسكرية" تُحرِّم المبادرة الشخصية وتقطف رأس كل من يرغب في استعمال ما هو موجود في رأسه، فلا يصبح "حنرالاً" في هذه "الثكنات" سوى المتفوق في عبادة "الأيقونات" وفي إقامة "محاكم التفتيش" للمفكرين.

شاء القدر أن أكتب مقالاً في الأسبوع الماضي، الأحد في 18 آب/ أغسطس 1991، أي عشية وقوع الانقلاب العسكري، عن تقرير غورباتشوف أمام دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي في 25 تموز/يوليو. ذلك التقرير الذي أقرته اللجنة المركزية بأكثرية ساحقة، على اعتبار أنه الأساس لبرنامج جديد تماماً للحزب الشيوعي السوفياتي. عاد غورباتشوف، في ذلك التقرير، إلى سنة تأسيس الحزب البلشفي (1903) ودعا إلى التخلّي عن أسس الحزب البلشفي والعودة إلى أسس الحركة الاشتراكية الديمقراطية؛ عَهْد الهجوم على الباستيل وعلى القصر الشتوي (لينينغراد) – قال – مضى بلا عودة؛ والتغييرات الجارية في عهدنا – قال – تجيز التطور المتدرج والإصلاحي؛ ومن غير الممكن الاستمرار في استهداف بناء نظام شيوعي أثبت التاريخ أنه غير موجود ومن غير الممكن تحقيقه؛ ودعا إلى تغيير اسم الحزب بشطب كلمة "الشيوعي" منه، من دون التخلي عن حلم الإنسانية القديم، والذي عبّر ماركس عنه بقوله (في "البيان الشيوعي") إن هدفنا هو قيام "مجتمع يكون فيه النمو الحر لكل فرد هو شرط النمو الحر للجميع." فلم يكن الحق على ماركس، في هذا المجال، أننا – بتعاليم لينين التي أورثنا إياها ستالين والحزب السوفياتي – قلبنا هذه المعادلة رأساً على عقب. غير أن وقوع الانقلاب اضطرني إلى سحب هذا المقال. كان هناك عدة أسباب جعلت الانقلابيين يختارون موعدهم. غير أنني أعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية هو إعلان هذا البرنامج الجديد للحزب الشيوعي السوفياتي. لقد أرادوا، هم وكل الأصوليين في حركتنا، نسف هذا البرنامج الجديد قبل إقراره. ولولا ذلك لكان من الممكن إنقاذ كل حركتنا العالمية لا إنقاذ حزب لينين وحده – عبر بنائها من جديد.

ولكن، قُضي الأمر. فما العمل؟

أذكر الدعاوى التي كانت تُسمع في الماضي في بلادنا عن أن العرب، من مؤيدي الشيوعية، لا يفهمون الشيوعية إنما يؤيدون البرنامج السياسي للحزب الشيوعي الإسرائيلي، فاعتُبرت هذه الدعاوى من قبيل التعالي القومجي (اليهودي). فالحقيقة أنه ليس العرب فقط بل كل العاملين والمسحوقين، من مؤيدي الأحزاب الشيوعية، إنما يؤيدونها لأنهم يؤيدون برامجها السياسية، ولأنهم اقتنعوا بأن الشيوعية هي أمتن سفينة، وربما السفينة الوحيدة التي في إمكانها تحقيق أمانيهم العادلة. فماذا علينا أن نفعل بعد أن اتضح لنا، تاريخياً وعملياً، أن هذه السفينة متصدعة وغارقة ولن تصل إلا إلى الهاوية؟

هناك من يُصر على البقاء فوق هذه السفينة الغارقة وعلى الغرق معها، هو وأماني شعبه العادلة، بحجة "المبدئية". ما فعلتُ أنا هذا الفعل الأخرق ولا أقراني ولا شعبي ولا باقي المسحوقين كما أتمنى في نهاية الأمر. ومن المعروف أن النضال من أجل التقدم الإنساني والعدل الاجتماعي لم يبدأ بظهور الحركة الشيوعية، ولن ينتهي بانتهائها. وليست الحركة الشيوعية الحركة الوحيدة التي اختفت في مسيرة التاريخ بسبب تحجّرها  وعدم قدرتها على مواكبة الزمن. وأذكر، على سبيل المثال، الحركة الإسماعيلية في تراثنا العريق التي ظهرت في القرنين التاسع والعاشر (م) وكانت، في بدايتها، حركة للمسحوقين العرب وغير العرب. وهي أول حركة تسمى أعضاؤها باسم "الرفيق"، لكنها تحولت – في نهايتها – إلى حركة من المرتزقة لكل من يدفع!

لم تذهب تجربة سلطة الحزب الشيوعي هباء. ولا داع إلى تحسُّر المثقفين على مصير الحركة الشيوعية، بل عليهم أن يتحسّروا على زمن أمضوه في الكسل الفكري. ولم تذهب التجربة هباء، لا من حيث ما قدمته من مكتسبات جديدة، اجتماعية وسياسية، للبشرية كلها فقط، بل أيضاً من حيث اتضاح الأخطار المميتة جراء رضوخ الحركة الشيوعية لحالة انقسام العالم إلى معسكرين متصارعين. كل الإنسانية نكبت جراء استمرار الحرب الباردة، وكل الإنسانية ستربح وتتنفس الصعداء بفضل انتهائها.

وأُشبّه مرحلة الحرب الباردة، التي عشنا ومتنا فيها منذ بداية القرن العشرين تقريباً، بليل طويل لم تبدده، ولفترات قصيرة فحسب، سوى ومضات برق عابرة. وكان البرق الأساس هو التحالف المعادي للفاشية في الحرب العالمية الثانية. ثم عاد الليل ليطبق على العالم. ويحاول المفكرون التقدميون العرب أن يثبتوا لشعوبهم أن الاتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى كونه ركيزة متينة لها في كفاحها التحرري، كان أيضاً "حدبة" فوّتت على شعوبنا العديد من الفرص. وأساءت الحرب الباردة إساءة كبرى، وخصوصاً إلى شعبنا العربي الفلسطيني. والقيادة العمياء هي التي لم تستطع رؤية البريق العابر والاستفادة منه. ونجهد الآن في أن نوضّح لشعوبنا واقع مضي ليل الحرب الباردة نهائياًَ الآن، وأن العالم الجديد هو جديد في جميع الأقطار والمجالات، قد  يزخر العبور إليه بالآلام والصعوبات. لكن فشل الانقلاب العسكري يعزز إيماننا بأن ما يحدث في زمننا الآن ليس مجرد وميض برق عابر بل هو نهار مشرق وطويل.

سيستمر الكفاح من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة. وقد يشتد ويتّسع من دون سوءات الماضي وقيوده. وأشبّه وضعنا، نحن الشيوعيين، بجماعة من الطير عاشت حتى الآن داخل قفص. وذات يوم فُتح باب القفص فخرجت الطيور الحبيسة منه إلى رحاب الطبيعة، بعضها أجهد نفسه واستعمل جناحيه فحلّق في الأجواء، وبعضها ارتاع وتخاذل وعاد إلى القفص فلم يجده لأنه لم يعد موجوداً.

فلا أنا وغيري، يا شعبي الطيّب، "يتمنّاك"، ولا الحركة الشيوعية. إننا نثق بقدرتك، يا شعبنا الصابر، على التحليق في كل الأجواء. ونبقى نتمنى ألا يسقط طائر من الطيور التي تحنّ إلى حياة الأقفاص، ولا أقفاص بعد اليوم. ولا أقفاص بعد اليوم. قوموا وحلّقوا في أجواز الفضاء لأن ما من بديل، ولأن شعبكم عصي على احتوائه في أي قفص!

أتمنى أن يحافظ الاتحاد السوفياتي على وحدته، وعلى مكاسبه الاجتماعية والسياسية، وعلى رأس هذه المكاسب ما يبديه العالم كله من عطف على شعوبه في مسعاها للتغلب على صعوباتها الآنية. ومن واجب كل ذوي النيات الطيبة تأييد هذا العطف العالمي والانضمام إليه.

وبالقضاء على الانقلاب والانقلابيين أثبتت شعوب الاتحاد السوفياتي أنها تعرف كيفية التغلب على صعوباتها. حُضن الطبيعة أكثر ملاءمة للإنسان وللحضارة الإنسانية من كل الأقفاص الموجودة في العالم. لا أحد ينكر ضرورة الانتظام الحزبي بأشكاله المختلفة. لكن التجربة المؤلمة للإنسانية أثبتت، في اعتقادي، أمرين أساسيين: الأول، أنه من الممنوع التخلّي عن الديمقراطية وحرية الفرد؛ والثاني، أنه من الأنسب ازدياد عدد أصحاب الضمير ومبدعي القيم الإنسانية السامية الذين يختارون البقاء مستقلين وأحراراً من قيود الأقفاص جميعاً.