عامان من الانتفاضة: صورة إحصائية للضحايا الفلسطينيين
كلمات مفتاحية: 
الانتفاضة 1987
الجيش الإسرائيلي
هدم المنازل
نقل السكان
نبذة مختصرة: 

يسعى هذا الملف إلى تقديم صورة إحصائية للضحايا الفلسطينيين الذين سقطوا على أيدي الجيش الإسرائيلي، والخسائر الأُخرى التي لحقت بالفلسطينيين (هدم وتفجير المنازل). ويبحث الملف في المشكلات المنهجية المرتبطة بجمع المعلومات عن الضحايا وتحليلها، ثم تحليل الصورة الديموغرافية للضحايا الفلسطينيين، والظروف المحيطة بمقتلهم، والمسؤولية عن حوادث القتل، وأنواع الإصابات المميتة التي تعرضوا لها، من دون التطرق إلى مقتل فلسطينيين على أيدي فلسطينيين (عملاء وعمليات ثأر) لأن الدراسة تركز على الضحايا الذين سقطوا بصورة مباشرة أو غير مباشرة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية. ويخلص الملف إلى أن نمط العنف يمثل مرحلة جديدة في تاريخ المجابهة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإن الثمن المرتفع للانتفاضة دليل على تصميم الفلسطينيين على الخلاص من الاحتلال، وأن الإسرائيليين مصممون على عرقلة تقرير المصير للفلسطينيين. ويضيف: إن ظاهرة مقتل فلسطينيين على أيدي مواطنيهم تمثل تطوراً مثيراً للقلق ستلحق الضرر بالانتفاضة في الوقت الذي صارت فيه قضية فلسطين مجدداً على جدول الأعمال، وأن تأثيرها شمل المجتمع الإسرائيلي أيضاً. وتحذر الدراسة من ردات الفعل الإسرائيلية التي واكبت الانتفاضة، وتحديداً ارتفاع احتمالات لجوء سلطات الاحتلال إلى خيار نقل الفلسطينيين (الترانسفير)، وهذا الاحتمال ترتفع نسبة التأييد له داخل المجتمع الإسرائيلي.

النص الكامل: 

على الرغم من أنَّ مستوى المقاومة الفلسطينية قد تأرجح، منذ بداية الانتفاضة في ٨ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧، فإنَّها تمثل بانتشارها وحدَّتها أكثر أشكال المقاومة ثباتًا وتنظيمًا ضد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة في العقدين المنصرمين من الزمن. وكما جاء على لسان شاؤول ميشال وروبين أهاروني "إنَّ الانتفاضة لم تأتِ من العدم. فمنذ الاحتلال الإسرائيلي سنة ١٩٦٧، شهدت الضفة الغربية وقطاع غزة التظاهرات والإضرابات والمجابهات العنيفة ضد الحكم الإسرائيلي. لكنَّ هذه المقاومة ضد الاحتلال لم تصبح شاملة وحادَّة ومستمرَّة سوى في كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧."(1)

فبعد التظاهرات في الأراضي المحتلَّة احتجاجًا على اجتياح إسرائيل للبنان سنة ١٩٨٢ وعى مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا، دافع يتسحاق رابين – كما يدافع اليوم – إزاء عدد الضحايا المرتفع الذين سقطوا في صفوف المتظاهرين الفلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي. فقبل عام قال رابين في تصريح إلى إذاعة إسرائيل إنَّه على الرغم من أنَّ اللجوء إلى استخدام الرصاص البلاستيكي قد ساهم في زيادة عدد الإصابات بين الفلسطينيين، "فإنَّ من شأن استخدام وسائل إضافية تزيد في عدد الإصابات لفترة انتقالية أنْ يضع حدًّا للاضطرابات."(2)   وإذ تدخل الانتفاضة عامها الثالث، ليس ثمَّة ما يومىء إلى أنَّ هذه "الفترة الانتقالية" قد شارفت نهايتها. فالجنود الإسرائيليون مسموح لهم الآن رسميًّا باستخدام الرصاص العادي والبلاستيكي لقمع "الاضطرابات" إذا أخفق الغاز المسيل للدموع والرصاص المغطى بالمطاط في إنجاز المهمة.

ومع أنَّ استخدام قوات الاحتلال للذخيرة الحية ضد السكان المدنيين قد ازداد في الفترة الواقعة بين ٩ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧ و٩ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩، فإنَّ استخدام القوة القاتلة ليس بالأمر الجديد بل هو أمر تفاقم وبكل بساطة مع ازدياد عدد "أعمال الشغب" في الأراضي المحتلَّة.(3)  فالتفاوت في مستوى العنف بين الفترة التي سبقت سنة ١٩٨٧ والتي تبعتها يصبح واضحًا للعيان حين يفحص المرء الأرقام الإسرائيلية الرسمية للضحايا في صفوف الفلسطينيين. فبين سنتي ١٩٦٨ ١٩٨٣، سُجِّل سقوط ٩٢ قتيلًا ٥١٩ جريحًا.

وتفاقم العنف تفاقمًا ملحوظًا بعد توقيع معاهدات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة ١٩٨٢. فبين سنتي ١٩٦٨ و١٩٧٧، سُجِّل في الضفة الغربية وحدها وقوع ٤٩٥ حادثة تضمنت إطلاق نار وقنابل يدوية وقنابل مولوتوف. وازداد عدد مثل هذه الحوادث إلى ٩٣٢ بين سنتي ١٩٧٧ و١٩٨٤. ويلاحظ وجود النمط ذاته فيما يختص بحوادث أقل خطرًا والتي تشير سلطات الاحتلال إليها على أنَّها "حوادث تخل بالسلام"، تتضمن التظاهرات وإلقاء الحجارة. وعلى سبيل المثال، وقعت ما بين ٤٠٠ و٥٠٠ حادثة من هذا النوع سنويًّا بين سنتي ١٩٧٧ و١٩٨٠، وارتفع الرقم إلى ١٥٠٦ حوادث في سنتي ١٩٨١ و١٩٨٢ ثم إلى ٤٤١٧ في سنتي ١٩٨٢ و١٩٨٣، وانخفض إلى حد ما ليصل إلى ٣٠٣٧ في سنتي ١٩٨٣ و١٩٨٤.(4)   وقد لاحظ فريدمان، في مجال تعليقه على هذه الأرقام في صحيفة New York Times، أنَّ أنماط المقاومة في الفترة التي سبقت الانتفاضة الحالية مباشرة، بدأت تتغير في اتجاه آخر ذي مغزى. ففي الفترة بين سنتي ١٩٧٧ و١٩٨٤، وبينما كانت تقع ١١ تظاهرة في مقابل مواجهة خارجية واحدة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل (كتلك التي كانت تقع في لبنان)، ارتفعت هذه النسبة إلى 1:16 سنة ١٩٨٥ ثم إلى 1:18 سنة ١٩٨٦.(5)  لكنْ منذ بداية الانتفاضة، سجلت الأرقام الإسرائيلية للأشهر الثمانية عشر الأولى وقوع 34,912 حادثة مخلَّة بالأمن في الضفة الغربية، و٩٣٩٨ حادثة في غزة، أي ما مجموعه 44,310 حوادث.(6)

وأشارت لجنة العفو الدولية سنة ١٩٨٩ إلى وجود ١١٣٠ فلسطينيًّا في قيد الاعتقال الإداري في الأراضي المحتلَّة سنة ١٩٧٠. ومع سنة ١٩٧٨، انخفض العدد إلى ما بين ٢٠ و ٣٠. وفي آب/ أغسطس ١٩٨٥، أعادت الحكومة العمل ببعض الإجراءات الإدارية، وكان الأمر إلى حد ما استجابة منها للانتقاد العلني بعد أنْ أفرجت عن ١١٥٠ سجينًا فلسطينيًّا قايضتهم بثلاثة جنود إسرائيليين كانوا محتجزين لدى الفدائيين الفلسطينيين في لبنان. وتبعًا لذلك، قفز عدد المعتقلين إلى ٦٠ مع نهاية الأسبوع الأول من شهر أيلول/ سبتمبر. وبين شهري أيلول/ سبتمبر وكانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧، بلغ عدد المعتقلين إداريًّا من الفلسطينيين نحو ٣٠٠ من وقت إلى آخر. وبالمقارنة، وعشية اندلاع الانتفاضة، كان عدد الفلسطينيين المعتقلين بموجب أوامر إدارية ٧٤ معتقلًا.(7)  وتقدِّر لجنة العفو الدولية، في تقريرها لسنة ١٩٨٩، أنَّه منذ بداية الانتفاضة تمَّ توقيف نحو خمسة آلاف فلسطيني بين وقت وآخر، وأُوقف بعضهم أكثر من مرة. وفي إشارة إلى مصادر إسرائيلية، تقول مؤسسة الحق – وهي منظمة فلسطينية لحقوق الإنسان – إنَّ 18,000 فلسطيني قد قبض عليهم خلال العام الأول من الانتفاضة. ومن هؤلاء، وُضِع ما بين ٣٠٠٠ و٤٠٠٠ في الاعتقال الإداري. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر ١٩٨٨، زعمت السلطات الإسرائيلية أنَّه لم يبق في الاعتقال الإداري سوى ١٥٩٠ فلسطينيًّا.(8)   وفي سنة ١٩٨٩، قدَّر بتسيلم – وهو مركز إسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة – عدد الفلسطينيين في السجون بين كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧ وتموز/ يوليو ١٩٨٨ بخمسين ألف سجين، بينما تشير الأرقام الرسمية التي تستشهد مؤسسة الحق بها إلى 13,000 سجين وما بين ٤٠٠٠ و٥٠٠٠ فلسطيني في الاعتقال الإداري بين فترة وأخرى.

لقد بشرت الانتفاضة والرد الإسرائيلي عليها ببدء مرحلة جديدة تتَّسم بالعنف المنظم والمرخص به رسميًّا في الأراضي المحتلة. وللمرة الأولى، تبلور الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مجابهة بحد ذاتها طغت على الصراع الإقليمي المعهود بين إسرائيل والدول العربية المجاورة.

وننوي بعد البحث في المشكلات المنهجية المرتبطة بجمع معلومات من هذا النوع وتحليلها، أنْ نحلل الصورة الديموغرافية للضحايا الفلسطينيين، والظروف المحيطة بمقتلهم، والمسؤولين عن حوادث القتل هذه، وأنواع الإصابات المميتة التي تعرَّضوا لها. ولنْ نتطرَّق بالتفصيل إلى مقتل الفلسطينيين على أيدي الفلسطينيين، فموضوعنا هو الضحايا الذين كان موتهم يُعزى، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلى قوات الاحتلال الإسرائيلية. أمَّا المعلومات المتعلقة بتحليل حالات الجرحى، فهي غير كاملة وغير موثوق بها وغير شافية إلَّا فيما ندر.

 المنهجية

تتوفَّر المعلومات المتعلِّقة بضحايا الانتفاضة من مصادر رئيسية أربعة: الجيش الإسرائيلي، والأمم المتحدة من خلال عمليات وكالة الغوث في الضفة والقطاع، والتغطية الصحافية، ومنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية كمؤسسة الحق والحملة الدولية للحقوق الإنسانية الفلسطينية في القدس. وتقوم مؤسسة الحق، ومركزها رام الله قرب القدس، ولها ارتباطات بلجنة الحقوقيين الدولية، بجمع المعلومات المتعلِّقة بخروقات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلَّة، وتساعد الفلسطينيين في التعامل  مع المحاكم المدنية والعسكرية الإسرائيلية. أمَّا الحملة الدولية فهي وحدة مستقلة للبحث، هدفها رصد خروقات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وتوثيق عدد الإصابات المميتة في صفوف الفلسطينيين بصورة مستديمة، وحالة بحالة، وتوثيق الظروف التي تحيط بمقتل الفلسطينيين منذ بدء الانتفاضة. والتقارير الشهرية الصادرة تباعًا عن هذه المنظمة تتضمَّن أكثر المعلومات إسهابًا وتفصيلًا بشأن هوية وخلفية الضحايا، كالإسم والعمر ومكان الإقامة وتاريخ الحادثة ونوع الإصابة المميتة وظروفها والمسبب لها. أمَّا الصحافة، كمصدر للمعلومات، فهي في معظم الحالات لا تجري تحقيقًا خاصًّا بها، وليس من النادر أنْ نجد تقديرات متفاوتة في الصحف عن عدد الضحايا في الفترة عينها. وبسبب الرقابة الحكومية والتقييدات المفروضة على تنقل الصحافيين، تستند الصحافة في متابعة أحداث الانتفاضة إلى المصادر القائمة للمعلومات في الغالب، كما أنَّها لا تتحرَّى في العادة أعداد القتلى قبل نشرها. ولا تشير الصحافة إلى مصادر معلوماتها إلا نادرًا ناهيك بالسعي للتوفيق بين أرقام الضحايا المتفاوتة والتي تُستمد، في معظم الأحيان، من المصادر الرسمية. ومؤخَّرًا، بدأت منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، ومنها بتسيلم، نشر المعلومات عن أوضاع الحياة في الأراضي المحتلَّة وعن السجون ومراكز الاعتقال التي تحوي موقوفين فلسطينيين. وثمَّة مصدران يعتمدان في الغالب على الأدلَّة المنشورة، وهما التقارير الخاصة بالدول والمتعلقة بممارسات حقوق الإنسان والصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، وتقارير لجنة العفو الدولية.

وكما في المناطق الأخرى التي تشهد نزاعات سياسية والتي فيها سكان مدنيون في حالة من الصراع مع ما يرونه حكمًا لاشرعيًّا من قبل حكومة ما، من المرجَّح أنْ توجد تصورات متناقضة بشأن الناحيتين الكمية والكيفية معًا المتعلقتين بحوادث الموت في الانتفاضة. فليس هنالك جهاز مستقل محايد يرصد خروقات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط ويوثِّقها بانتظام. وتشير لجنة العفو الدولية إلى هذه الحالات في تقاريرها السنوية عن الشرق الأوسط، كما عن دول أخرى، وقد تعطي في هذا السياق إيضاحات موجزة تستند إلى المعلومات المتوفرة. وقد تعد في حالات خاصة تقريرًا عن بلد معين وخروقات حقوق الإنسان فيه، كما فعلت مؤخَّرًا بالنسبة إلى الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع (في سنتي ١٩٨٨ و١٩٨٩). وقد تتبنَّى في بعض الحالات سجينًا للضمير وتحاول العريف بقضيته، كما فعلت بين حين وآخر مع بعض السجناء الفلسطينيين. أمَّا تقارير وزارة الخارجية الأميركية السنوية عن حقوق الإنسان فهي تنحو نحو التعبير عن سياسات الإدارة الأميركية القائمة أكثر مما تعطي الظروف المحيطة بحقوق الإنسان تقويمًا مجردًا.(9)   وتستند وكالة الغوث في معلوماتها إلى المعطيات الواردة من مستوصفاتها ومراكزها الصحية الأخرى في المنطقة، على الرغم من أنَّها تعترف بأنَّ أرقامها المنشورة للضفة الغربية تقلِّل من حجم الإصابات القاتلة والجروح في الأراضي المحتلَّة.

 المعطيات المقارنة

بسبب طبيعة النزاع، لا يستغربنَّ أحد أنْ تمثِّل الأرقام الرسمية الإسرائيلية التقديرات الدنيا لعدد الضحايا المتوفر عامة. والجدول رقم ١ الذي يستند إلى المصادر الرئيسية الأربعة التي بحثنا فيها أعلاه، يقدم لائحة من الأرقام للأشهر الثمانية عشر الأولى من الانتفاضة.

ويشتمل الجدول رقم ٢ على معطيات من بتسيلم ويغطي العامين الأولين من الانتفاضة بطريقة موجزة. لذا فهو يفتقر إلى الإحصاء التفصيلي الوارد في الجدول رقم ١. والافتراض الذي تُبنى عليه أرقام الوفيات الإسرائيلية هو أنَّ على هذه الأرقام أنْ تستند إلى حوادث إطلاق نار من قبل الجنود موثَّقة رسميًّا. كما أنَّها تشمل حالات تعترف فيها الحكومة الإسرائيلية بالمسؤولية رسميًّا. لذا، لا تعترف السلطات الإسرائيلية بالمسؤولية عن وفيات سببها أمور أخرى غير إطلاق النار، كالاختناق أو الضرب أو التعذيب، إلَّا إذا كان في الإمكان إثبات المسؤولية المباشرة عن الوفاة. كما أنَّ أرقامهم الرسمية عن الوفيات تتعلَّق بوفيات وقعت في مكان الحادثة لا بوفيات قد تقع فيما بعد بسبب جروح مسبقة نتيجة عيارات نارية أو إصابات أخرى. وإذ يعترف الإسرائيليون بالمسؤولية عن ٤٥٠ وفاة في الأشهر الثمانية عشر الأولى، فإنَّ الحملة الدولية تقدِّر أنَّ 89,6 ٪ من ٥٠٩ حالات وفاة حيث يُعرف المسؤول عنها (أي ٤٥٦ حالة والتي هي موثقة لديهم ووقعت بين ٨ كانون الأول/ديسمبر ١٩٨٧ و١٨ حزيران/يونيو ١٩٨٩)، تُعزى إلى جنود إسرائيليين. والإصابات الأخرى تسبَّب المستوطنون والفلسطينيون بها. أمَّا تقديرات الضحايا الواردة في الصحافة وفي وكالة الغوث فتقع بين بين؛ إذ تقدِّر وكالة الغوث أنَّ ٥٥٣ فلسطينيًّا توفُّوا من جرَّاء الانتفاضة، منهم ٤٦٧ توفُّوا بسبب إطلاق النار، وتوفِّي ٨٦ من الباقين لأسباب أخرى. ويقدر بتسيلم عدد الضحايا، في ٣١ تموز/يوليو ١٩٨٩، بـ ٥٨٠ منهم ٤٧٧ توفُّوا من جرَّاء إطلاق النار و٣٢ من جرَّاء الضرب والحروق والإصابات المماثلة، والـ ٧١ الباقون من الغاز المسيل للدموع.(10)   وتقترب الأرقام الرسمية الإسرائيلية من أرقام الحملة الدولية إذا كانت أرقام تلك الأخيرة تنحصر بالوفيات نتيجة إطلاق

 

الجدول رقم ١

ضحايا الانتفاضة من الفلسطينيين 8/12/1987 30/6/1989

 

الجيش الإسرائيلي

تقارير صحافية

وكالة الغوث

الحملة الدولية

الضفة الغربية

غزة

9/12/87– 8/12/88

303 (أ)

319 (جـ)

208 (هـ)

77 (هـ)

287 (و)

 

 

 

30

21

146

9/12/88–30/6/89 

147 (ب)

204

108

74

173 (و)

المجموع

450

523 (د)

553

659

التفاوت بين أرقام الجيش الإسرائيلي

-

+ 73

+ 103

+ 209

المصادر

  • Jerusalem Post, December 18, 1988.
  • "معاريف"، 14/7/1989. تبدأ أرقام الجيش الإسرائيلي من كانون الثاني/يناير 1989.
  • Globe and Mail, December 6, 1988.
  • Ibid., June 19, 1989.
  • مركز وكالة الغوث الرئيسي في فيينا، منسوخة، ١٤ آب/أغسطس ١٩٨٩. الرقم المعطى في الصف الأول يشير إلى حوادث الوفاة من جرَّاء إطلاق النار. أمَّا في الصف الثاني فيشير إلى الوفاة بسبب أنواع أخرى من الإصابات.
  • PHRIC Updates, Chicago. ولائحة الوفيات المنشورة من قبل هذه المنظَّمة تمتد حتَّى ١٨ حزيران/يونيو ١٩٨٩. وتشير المعطيات في الصف الأول إلى ضحايا من جرَّاء جروح سبَّبتها أسلحة نارية. أمَّا المعطيات التي تليها فتشير إلى ضحايا بسبب أنواع أخرى من الإصابات، كالغاز المسيل للدموع والضرب.

 

النار. وتقدر مؤسسة الحق أنَّ ما يزيد قليلًا على ٤٠٠ شخص توفُّوا خلال العام الأول من الانتفاضة، وجرح ما يزيد على ألفين.(11)  وتقدر لجنة العفو الدولية أنَّه بحلول نيسان/ إبريل ١٩٨٩، توفِّي ٣٦٠  فلسطينيًّا من جرَّاء حوادث إطلاق نار فقط.(12)   أمَّا تقديرات الحملة الدولية لعدد القتلى من جرَّاء إطلاق النار، للفترة ذاتها، فتناهز ٣٧٠. وبالإضافة إلى الصعوبة الكامنة في الحصول على وصف موثَّق وتأكيدات بشأن هذه المعطيات، تجدر الإشارة إلى أنَّ حوادث الوفاة لا تُسجل كلَّها رسميًّا خوفًا من عقاب السلطات. وهذا الأمر صحيح قطعًا في حالات الجرحى. فسجلات المستشفيات تصادر في الكثير من الأحيان من قبل السلطات بحثًا عن دلائل المشاركة من قِبل الفلسطينيين في الانتفاضة.

 

الجدول رقم ٢

أرقام موجزة عن ضحايا الانتفاضة من الفلسطينيين

8/١٢/1987 8/١٢/1989

 

 

الجيش الإسرائيلي (أ)

الصحافة (ب)

وكالة الغوث (ج)

الحملة الدولية (د)

بتسيلم (هـ)

الضفة الغربية

338

٦٠٠–٦٢٤

464

531

669

غزة

195

٦٠٠–٦٢٤

235

289

669

المجموع

533

٦٧–٩١

699

820

136

التفاوت مع أرقام الجيش الإسرائيلي

-

 

٩٩–١٢٣

١٩٦–٢٢٠

 

المصادر:

  • "عال همشمار"، 8/١٢/1989. كما ترد موجزة في "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد ١، شتاء ١٩٩٠، ص ١٧٣ – ١٧٧.
  • تستند هذه الأرقام إلى:

Globe and Mail, December 7, 1989; Manchester Guardian, December 17, 1989; New York Times, December 10, 1989; Toronto Star, December 3, 1989.

  • مراسلة شخصية، مركز وكالة الغوث الرئيسي، فيينا، دائرة الشؤون القانونية، ١٩ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩.
  • PHRIC Update, Chicago, December 1989.
  • Israeli Centre for Human Rights in the Occupied Territories,

كما ترد في: New Outlook, November – December, 1989, p. 6.

 

والفارق بين الأرقام الرسمية الإسرائيلية عن الوفيات الفلسطينية على امتداد فترة العامين، وبين أرقام الحملة الدولية، هو ٢٨٧ حالة، بينما تقع أرقام وكالة الغوث بين هذين الرقمين وتسجِّل رقمًا يناهز الـ ٧٠٠. ويورد بتسيلم ٦١٨ حالة وفاة على يد الجيش، و٥١ حالة وفاة إضافية نتيجة أسباب أخرى، بما في ذلك الغاز المسيل للدموع والضرب وجروح خطرة أخرى.(13)  

ونشعر بأنَّنا على حق في استخدام أرقام الحملة الدولية لأهداف دراستنا هذه. كذلك تجدر الإشارة إلى أنَّ منظَّمات حقوق الإنسان الفلسطينية، وغيرها من المنظَّمات التي تجمع المعلومات، قد حازت احترام الصحافيين الأجانب ومنظَّمات حقوق الإنسان الدولية. وعلى سبيل المثال، بعد أنْ أغلقت الحكومة الإسرائيلية مكتب وكالة الصحافة الفلسطينية في القدس، كتب إيان بلاك، وهو صحافي مخضرم ومراسل صحيفة Manchester Guardian في القدس، يقول: "كانت وكالة الصحافة الفلسطينية أهم مصدر منفرد للمعلومات للصحافيين الأجانب والإسرائيليين معًا بشأن ما يجري  في الأراضي المحتلَّة."(14)   لكنْ، ومن أجل أنْ نصل إلى ما وراء المعطيات المنفردة التي توفِّرها تقارير الحملة الدولية الشهرية، فقد لجأنا إلى وضع المعلومات المتعلِّقة بخلفية كل حادثة وفاة على شكل رموز باستخدام كتاب خاص بالرموز أعددناه خصيصًا لهذا الهدف. وقد أتاحت لنا عملية الترميز هذه نقل المعلومات إلى قاعدة للمعطيات (data base)، والقيام بالتحليل الإحصائي المطلوب. ولهذا المنهج مزية إضافية، إذ يجعل من الممكن تعديل قاعدة المعطيات وتحديثها بصورة مستمرة.

 منطقة الضحايا ومكان إقامتهم

تشمل أرقام الضحايا التي تحلِّلها هذه الدراسة الانتفاضة خلال فترة عامين، من ٨ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧ إلى ٨ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩. وخلال هذه الفترة، سجَّلت الحملة الدولية وقوع ٨٢١ حالة وفاة، سبب ٧٣٪ منها (٥٩٩ حالة) إطلاق نار، وسبب الباقي (٢٢٢) الغاز المسيل للدموع والضرب والتعذيب وغيرها من الأسباب. وكان معدَّل الوفيات الشهري ٣٤ وفاة، ويصل في حدِّه الأدنى إلى ١٤ وفاة خلال تشرين الثاني/ نوفمبر ١٩٨٨، وفي حدِّه الأقصى إلى ٧٠ وفاة خلال آذار/ مارس ١٩٨٨.

ومن حوادث الوفاة الـ ٨٢١ الموثَّقة، شملت ٥٣١ منها (64,7٪) سكان الضفة الغربية، و٢٨٩ (35,2٪) سكان غزة. أمَّا الحادثة المتبقية فتتعلَّق بزائر فلسطيني يقيم في الولايات المتحدة (أنظر الجدول رقم ٣).

ومن العيّنة الكاملة للوفيات، كانت ٢٢١ حالة (٢٧٪) من سكان المخيمات، و٥٩٩ (٧٣٪) من غير سكان المخيمات. وإذا توخَّينا الأرقام النسبية، نجد أنَّ 47,4٪ من وفيات غزة كانت بين سكان المخيمات في مقابل 15,8٪ بين سكان الضفة الغربية. ومن ضحايا المخيمات بالكامل وعددها ٢٢١، ينتمي ٨٤ (٣٨٪) إلى الضفة، و١٣٧ (٦٢٪) إلى غزة. وبالجملة، فإنَّ الوفيَّات تنتمي إلى ٢٠٥ مواقع في  الأراضي المحتلَّة، وتضم مخيَّمات اللاجئين والمدن الكبرى والصغرى والقرى والدساكر. وإذا صنَّفنا هذه الأرقام استنادًا إلى الانتماء إلى المدن والبلدات الكبرى أو العيش فيها، فإنَّ توزيع الوفيات بحسب الضواحي (في الضفة) والأمكنة (في القطاع)، مبيَّن في الجدول رقم ٣.

ويتضح من الجدول رقم ٣ أنَّ ضحايا الانتفاضة ينتمون إلى أرجاء الأراضي المحتلَّة كافة، مما يدل على انتشار الدعم للانتفاضة. فالضواحي الرئيسية في الضفة ممثلة بأجمعها، وكذا ١٣ من مجموع ١٦ موقعًا رئيسيًّا في القطاع. والأمر الذي لا يقل عن هذا أهمية هو مشاركة المخيمات كلَّها تقريبًا في الانتفاضة. وباستثناء مخيم أو مخيمين صغيرين لا يرد إسماهما في اللائحة الرسمية التي توفِّرها وكالة الغوث، فإنَّ لائحة الضحايا الموزعة على مخيمات اللاجئين والواردة في الجدول رقم ٤ تضم المخيمات التسعة عشر في الضفة والمخيمات التسعة في القطاع. وقياسًا بمجموع السكان، تبلغ نِسَب الضحايا في الضفة والقطاع 44,5 و ٤٧ من كل 100,000 بالتوالي، بينما يبلغ معدل الضحايا في الأراضي المحتلَّة بأسرها 45,4 من كل 100,000. لكنْ ثمَّة فوارق مهمة ضمن كل منطقة، إذ توجد تسع مناطق تفوق النسبة فيها المعدل الوطني، فيبلغ الحد الأعلى 82,9 من كل 100,000 في البريج في قطاع غزة نزولًا إلى حد أدنى قدره 4,6 من كل 100,000 في أريحا.

  

الجدول رقم ٣

توزيع الوفيات بحسب الأقضية والمواقع

8/١٢/1987 8/١٢/1989

 

 

النسبة المئوية

العدد المطلق

متوسط العمر

عدد السكان (١٩٨٧)

الوفيات من كل 100,000

الضفة الغربية: القضاء

64,7

531

24,09

1,192,235

44,5

بيت لحم

6,5

53

24,53

114,381

46,3

رام الله

10,0

82

26,22

199,270

41,1

أريحا

0,1

1

18,00

21,533

4,6

نابلس

17,4

143

22,45

191,624

74,6

الخليل

8,4

69

26,50

224,135

30,8

جنين

11,1

91

22,96

143,599

63,4

طولكرم

8,9

73

23,84

161,693

45,1

القدس الشرقية

1,9

16

25,69

136,000

11,7

أماكن أخرى

0,4

3

16,00

-

-

غزة

35,2

289

22,93

615,155

47,0

الموقع:

 

 

 

 

 

بيت حانون

0,4

3

16,33

12,455

24,1

بيت لاهيا

0,6

5

19,40

17,606

28,4

جباليا

4,9

40

26,52

63,824

62,7

غزة والشاطىء

4,3

35

27,54

235,277

20,8

البريج

1,7

14

25,93

16,890

82,9

النصيرات

1,8

15

19,27

30,093

49,8

دير البلح

1,6

13

17,08

32,420

40,4

زويده

0,1

1

26,00

2,168

46,1

بني سهيلة

0,6

5

22,60

13,642

36,7

خان يونس

5,7

47

18,29

98,374

44,8

عبسان

0,1

1

22,00

10,530

9,5

رفح

5,1

42

19,47

81,876

51,3

أماكن أخرى

8,3

68

25,44

-

-

مفقود

0,1

1

 

 

 

المجموع

100,0

821

23,73

1,807,390

45,4

 

الجدول رقم ٤

توزيع وفيات مخيمات اللاجئين

8/١٢/1987 8/١٢/1989

 

 

العدد

متوسط العمر

عدد السكان (١٩٨٧)

الوفيات من كل 100,000

الضفة الغربية

 

 

 

 

الجلزون، القدس

2

20,00

5,039

39,7

الدهيشة، الخليل

10

18,30

6,584

151,9

بلاطة، نابلس

11

25,64

12,060

91,2

جنين، نابلس

8

23,63

8,741

91,5

نورشمس، نابلس

2

22,00

4,483

44,6

عسكر، نابلس

6

30,17

8,280

72,5

العسكر القديم، نابلس

6

21,33

3,698

162,2

العروب، الخليل

3

20,67

4,985

60,2

طولكرم، نابلس

12

19,33

9,898

121,2

شعفاط، القدس

1

1,00

5,400

18,5

الأمعري، القدس

4

25,00

4,912

81,4

دير عمرو، القدس

2

6,00

1,114

179,5

عين بيت إلما، نابلس

1

24,00

-

-

فارة، نابلس

5

20,00

4,302

116,2

قلندية، القدس

3

20,00

5,094

58,8

قدورة، القدس

3

26,00

-

-

عايدة، بيت لحم

3

40,00

2,320

128,7

عقبة جبر، القدس

1

18,00

2.619

38,2

فوَّار، الخليل

1

16,00

-

-

المجموع

84

 

84,590

99,3

غزة

 

 

 

 

البريج

13

26,62

16,752

77,6

جباليا

33

26,88

52,405

62,9

النصيرات

15

19,27

28,199

53,1

رفح

19

17,53

49,833

30,1

الشاطىء

26

26,31

41,280

63,0

المغازي

5

27,00

10,916

45,8

خان يونس

19

16,63

34,856

54,6

دير البلح

6

11,17

10,175

58,9

شابورة

1

21,00

 

-

المجموع

137

 

244,416

56,1

مفقود

1

 

-

-

المجموع (عدا المفقودين)

221

 

329,006

67,2

 

المعلومات عن عدد السكان في مخيمات اللاجئين مأخوذة من:

The Map of UNRWA Area of Operation, Vienna, UNRWA Headquarters, January 30, 1987.

 

وعند إنعام النظر في وفيات المخيمات يتضح النمط التالي: فقد بلغت نسبة الوفيات في مخيمات اللاجئين في الضفة (كما هو مبين في الجدول رقم ٤) 99,3 من كل 100,000، بينما بلغت النسبة في غزة نحو نصف هذا الرقم، أي 56,1 من كل 100,000. وبلغ مجموع معدل نسبة الوفيات في مخيمات الضفة وغزة 67,2 من كل 100,000، وهو رقم يفوق نسب الوفيات الإجمالية للمخيمات ولغير المخيمات. لكنْ النسب الأعلى من عيّنة الوفيات بكاملها كانت في مخيمات الضفة؛ فقد بلغت 179,5 من كل 100,000 في دير عمرو، و162,2 من كل 100,000 في العسكر القديم، و151,9 من كل 100,000 في الدهيشة.

لذا، ومع أنَّ الأحداث التي أشعلت الانتفاضة بدأت في غزة، فإنَّه يبدو أنَّ الضفة الغربية – وخصوصًا مخيماتها – هي التي تحمَّلت العبء الأكبر من الوفيات بعد انتشار الأحداث في أرجاء الأراضي المحتلَّة كافة. ويمكن إلقاء المزيد من الأضواء على فداحة عملية القتل هذه إذا لاحظنا لأنَّه خلال اجتياح لبنان سنة ١٩٨٢، وخلال حرب شاملة، قُتل ٦٢٢ جنديًّا إسرائيليًّا، أي ما نسبته ١٨ من كل 100,000 إسرائيلي مما يمثل خُمْسَي معدلات الأراضي المحتلَّة بأجمعها حتى الآن.(15)

 الجنس والعمر

تبلغ نسبة الذكور بين الضحايا ٩١٪ (٧٤٥)، ونسبة ٩٪ (٧٦) الباقية إناث. ويبيّن الجدول رقم ٥ توزيع الضحايا من الذكور والإناث بحسب المنطقة الجغرافية والوضع الاجتماعي (مخيم/غير مخيم)، كما أنَّه يعكس نسبة مرتفعة من الضحايا الإناث من المخيمات قياسًا بغير سكان المخيمات – ومن غزة قياسًا بالضفة الغربية. وفيما يختص بالعيّنة ككل، بلغ متوسط عمر الضحية ٢٣,٧٣ عامًا. والضحايا من الذكور أصغر عمرًا قليلًا من الِإناث (23,69 : 24,05). أما متوسط عمر ضحايا المخيمات، وهو 22,62، فهو الأصغر بين الفئات الست الممثلة في الجدول رقم ٦. وتتراوح أعمار الضحايا بين عام واحد وأقل قليلًا من تسعين عامًا. ولدى تقسيمهم إلى خمس فئات بحسب الأعمار، يتبيّن من الجدول رقم ٦ أنَّ 23,6٪ من الضحايا هم من عمر السادسة عشرة وما دون بينما تبلغ نسبة ما دون عمر الخامسة والعشرين نحو ٧٥٪. أما نسبة الضحايا من الإناث دون سن السادسة عشرة فهي أعلى، وبصورة لافتة للنظر، من الضحايا الذكور (40,8٪ : 21,8٪)  وهي أعلى أكثر من ذلك في فئة سن الـ ٤١ وما فوق، أي 19,8٪ للإناث في مقابل 10,8٪ للذكور.

يُلاحظ التأثير الاجتماعي داخل فئة سن السادسة عشرة وما دون من خلال مقابلة الوفيات من كل 100,000 طفل في عمر السادسة عشرة وما دون في غزة (27,7 من كل 100,000) بالوفيات في العمر ذاته من كل 100,000 طفل في الضفة الغربية (25,7 من كل 100,000).(16)   وتجدر الإشارة إلى أنه بينما تبلغ نسبة الوفيات العامة في غزة قياسًا بالضفة نحو 2:1، تبلغ هذه النسبة 4:3 في فئة عمر السادسة عشرة وما دون، وهو ما يدل على أنَّ عددًا أكبر قليلًا من صغار الضحايا يُقتل في غزة مما هي الحال في الضفة.

 

الجدول رقم ٥

توزيع الوفيات بحسب الجنس والوضع الاجتماعي

(مخيم/ غير مخيم) والمنطقة

 

الجنس

مخيم

غير مخيم

الضفة

غزة

المجموع

ذكور

87,8

91,8

92,5

87,5

90,7

إناث

12,2

8,2

7,5

12,5

9,3

المجموع

100,0

100,0

100,0

100,0

100,0

الوفيات

221

599

531

289

821

 

ومع حلول الثامن من كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩، كان عدد الضحايا من الأطفال الذين قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي أو المستوطنين أو المتعاملين، منذ بدء الانتفاضة، قد بلغ ١٩٢ طفلًا. وكان ١٢٩ طفلًا قد توفوا من جراء إطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي، وثلاثة قتلوا على أيدي المستوطنين، وإثنان على أيدي المتعاملين. وتوفي ثمانية منهم من جراء الضرب أو الحروق أو العبوات الناسفة، و٣٥ من تأثير الغاز المسيل للدموع. وقد توفي جنين عمره تسعة أشهر في بطن أمه عندما ضُربت الأم ورُميت بالغاز المسيل للدموع في منزلها. وإذا أضفنا هذا الجنين يبلغ عدد الوفيات بسبب الغاز ٣٦ وفاة. وقد توفي ١٣ طفلًا آخرين في أوضاع تُوْحي بأنَّ الوفاة جاءت على يد الجيش أو الشرطة أو المستوطنين أو المتعاملين.

وخلال العام الأول من الانتفاضة، كان الجيش الإسرائيلي مسؤولًا عن قتل ٤٨ من مجموع ٥١ طفلًا قُتلوا بسبب إطلاق النار. وفي العام الثاني، كان الجيش مسؤولًا عن مقتل 62,5٪ من الأطفال الذين ماتوا بين ٩ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٨ و٨ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩. وقد قتل الجيش رميًا بالرصاص ما نسبته ٦٩٪ من الأطفال خلال العام الثاني من الانتفاضة أكثر من العام الأول.

وبين الـ ١٣٦ طفلًا الذين توفوا بسبب إطلاق النار بين ٩ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧ و٨ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩، كان ٥٤ من غزة و٨٢ من الضفة الغربية. وقد قتل ١٧ من هؤلاء الأطفال من غزة خلال العام الأول من الانتفاضة، وقتل ٣٧ خلال العام الثاني. أما عدد قتلى الضفة خلال العام الأول فقد بلغ ٣٥، بينما قُتل ٤٧ في العام الثاني. ويمثل هذا زيادة في المجموع الشهري للضفة من 2,9 إلى 3,9، وفي غزة من 1,4 إلى 3,1. وبكلام آخر، فإنَّ نسبة الأطفال الذين قتلوا رميًا بالرصاص في غزة خلال العام الثاني فاقت ضعف ما كانت عليه في العام الأول من الانتفاضة. وازداد معدل الوفيات الشهري في الضفة بنسبة ٣٤٪ خلال العام الثاني.

 

الجدول رقم ٦

توزيع الوفيات بحسب العمر والجنس والوضع الاجتماعي

(مخيم/ غير مخيم) والمنطقة

 

 

الجنس

الوضع الاجتماعي

المنطقة

المجموع

ذكور

إناث

مخيم

غير مخيم

الضفة

غزة

١٦ وما دون

21,8

40,8

29,4

21,5

21,3

27,9

23,6

١٧ – ٢٥

51,8

28,9

48,9

50,1

51,6

46,3

49,7

٢٦– ٤٠

15,5

10,5

12,7

15,9

15,0

15,0

15,0

٤١ – ٦٤

٧,٧

13,2

5,4

9,1

٨,٨

7,0

8,2

٦٥ وما فوق

3,1

٦,٦

3,6

2,5

3,2

3,8

3,4

المجموع

99,9

100,0

100,0

100,1

99,9

100,0

99,9

الوفيات

737

76

221

591

525

287

813

متوسط العمر

23,69

24,05

22,62

24,07

24,09

22,93

23,73

 

العملاء

على الرغم من أنَّ الجيش هو المسؤول الأكبر عن الإصابات القاتلة بين الفلسطينيين، وذلك بنسبة ٩١٪ من الوفيات، فإنَّ المستوطنين ساهموا بنسبة ٥٪، كما ساهم المتعاملون من الفلسطينيين بنسبة ١٪.

وكان المستوطنون يعملون بنشاط ملحوظ في أيام الانتفاضة الأولى، إذ ساهموا خلال الفترة ٨ – ٣١ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٧ في قتل ٥ (١٦٪) من ٣٢ فلسطينيًا قُتلوا خلال هذه الفترة. وإذا ما تفحَّصنا توزيع الضحايا استنادًا إلى وضعهم السكني (أي من سكان المخيمات أو من غير سكانها) نجد فترات كان سكان المخيمات فيها يساهمون مساهمة كبيرة في تقديم الضحايا كما حدث مثلًا في فترة ما يُسَمَّى "الأسبوعين الأسودين"، حين كان أكثر من نصف ضحايا الأسبوعين الأولين من الانتفاضة من سكان المخيمات، أو كما حدث في أيار/ مايو ١٩٨٨ (حين كان ٣٥٪ من سكان المخيمات)، وفي تموز/ يوليو ١٩٨٩ (٤٠٪ من المخيمات)، وتشرين الأول/ أكتوبر ١٩٨٩ (٤٣٪ من المخيمات). وخلال معظم الفترة المتبقية، كان نحو ربع الضحايا من سكان المخيمات. أما الفترات التي سجلت معدلات منخفضة انخفاضًا ملحوظًا، كشهر نيسان/ إبريل ١٩٨٨ (16,4٪) وكانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٨ (11,1٪) وآذار/ مارس ١٩٨٩ (9,4٪)، فهي تلك التي كانت المخيمات فيها تخضع لفترات طويلة من منع التجول.

الظروف

ثمة نظرية شائعة بين الرسميين الإسرائيليين ومراقبي الانتفاضة مؤداها أنَّ المناسبات الدينية، وخصوصًا خطب أيام الجمعة في المساجد، تحفِّز حركات التمرد الجماهيرية. وكثيرًا ما يقال أنَّ أئمة المساجد يستغلّون صلوات الجمعة لتحريض المتظاهرين ضد الجنود الإسرائيليين. ولو كان الأمر صحيحًا لكان من المنتظر أنْ نجد أنَّ يوم الجمعة هو اليوم الذي يشهد العدد الأكبر من الوفيات قياسًا بأيام الأسبوع الأخرى. لكن بعد البحث في الانتفاضة خلال عامها الأول، وبعد الاستناد إلى معطيات تقل عن معطياتنا شمولية، نرى أنَّ النتائج لا تؤيِّد نظرية يوم الجمعة.(17)  وبالنسبة إلى العيّنة ككل، وخصوصًا بالنسبة إلى الضفة الغربية، نجد أنَّ يوم الأحد هو اليوم الذي يقع فيه معظم حوادث الوفاة. وفيما يختص بغزة، فإنَّ يوم السبت هو اليوم الذي يشهد معظم حوادث الوفاة. وثمَّة دلائل أخرى تدعم هذه النتائج، وتأتي من البحث في مجموعة أخرى من المعطيات المتعلقة بالأوضاع المحيطة بحوادث الوفاة كما هو مبيّن في الجدول رقم ٧. ومن المهم أنْ نلحظ أنَّ المعلومات عن أوضاع الوفاة متوفِّرة فيما يخص ٤٨٠ حالة. وتدل هذه المعلومات أنَّ 4,8٪ فقط من الوفيات تحدث خلال مناسبات دينية وجنائز. وفيما يختص بالإناث، فإنَّ مكان الوفاة الأكثر شيوعًا هو المنزل أو التظاهرة. وفيما يختص بالذكور، فإنَّ الصنف المسمَّى في الجدول "مناسبات أخرى" (ويضم غارات على قرى، ورعي الأغنام، ورفع الأعلام، ومحاولة إنقاذ أطفال مخطوفين، والمسيرات الاحتفالية) هو الصنف الذي يحتل المكان الأول، ويليه المجابهات والتظاهرات.

وهناك أيضًا اعتقاد مغلوط فيه وشائع بشأن الأوضاع المحيطة بجرح الأطفال من جرَّاء إطلاق النار وضربهم وقتلهم. إذ يرى العديدون أنَّ الفلسطينيين من الجرحى والقتلى قد استُهدفوا، في أغلبيتهم العظمى، خلال صدامات أُلقيت فيها الحجارة وكانوا هم البادئون بها. وقد يرى البعض أنَّ الأطفال هم ضحايا "من غير قصد" بسبب إطلاق نار استخدم لتفريق "متظاهرين". ومثل هذه النظريات يسعى للربط بين القتلى والجرحى وبين حوادث الصدامات. وعلى الرغم من وجود بعض الروابط، فإنَّ الحقيقة هي أنَّ ما يقارب ثلثي (63,2٪) عدد الأطفال الذين قُتلوا رميًا بالرصاص، قُتلوا خارج نطاق الصدامات.

  

الجدول رقم ٧

الظروف المحيطة بالوفاة بالنسبة إلى الجنس

 

 

ذكور

إناث

مجموع

رقم

تظاهرة

15,7

32,4

16,9

81

مناسبة دينية، جنازة

4,7

5,9

4,8

23

المنزل

11,0

32,4

12,5

60

في العمل

0,7

-

0,6

3

في السجن

3,4

-

3,1

15

هجوم مزعوم على جنود

2,5

2,9

2,5

12

صدامات

23,8

8,8

22,7

109

مناسبات أخرى

38,3

17,6

36,9

177

المجموع

11,1

100,0

100,0

480

وفيات

446

34

480

 

 

إصابات قاتلة

يزعم الرسميون في إسرائيل مرارًا وتكرارًا أنَّ الجنود يطلقون النار دفاعًا عن النفس، وأنَّهم في معظم الأحيان لا يطلقون النار للقتل بل لإعطاب المتظاهرين، وذلك بالتصويب نحو أرجلهم وأطرافهم. وليس هناك معلومات شافية ومفصّلة عن نوع إصابات الجرحى. وفي سنة ١٩٨٩ كشفت دراسة خاصة قام بها أطباء فلسطينيون وإسرائيليون وتعتمد على الجرحى في مستشفى غزة الأهلي، أنَّ نحو ٤٧,٧٪ من الجرحى في الفترة بين أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر ١٩٨٩ كانوا مصابين بجروح في العنق والرأس (٢٠,٧٪)، وفي الصدر والبطن (٢٧٪)، مما يعادل ٥٠٪ من مجموع الإصابات تقريبًا. ودراستنا هذه لا تدعم المزاعم الرسمية، فمن بين حالات الوفاة الـ ٦١٧ الناتجة من حوادث إطلاق نار، أصيب ٣٣,٩٪ منها في العنق وما فوق، و٣٠,٥٪ في الصدر، و٧,٥٪ في البطن. ولم يمت سوى ١,٣٪ من جرَّاء إصابات في الأطراف. كما أنَّ ما وصلنا إليه من نتائج يدعمه تقرير صحافي صدر أخيرًا وجاء فيه: "في الأشهر الأربعة الماضية، كانت إصابات ٥٠٪ من القتلى في الظهر والرأس والجزء الأعلى من الجسم، الأمر الذي يدل على نية واضحة للقتل."(18)   والواقع أنَّه في أيام الانتفاضة الأولى، توصلت منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" ومركزها بوسطن، وبعد زيارة قامت بها للأراضي المحتلة، إلى "أنَّ ثمة طاعونًا جارفًا من العنف على يد الجيش والشرطة." واستنادًا إلى صحيفة Washington Post، التي لخَّصت ذلك التقرير، فإنَّ "العديد من الإصابات سُدِّد بصورة منتظمة، الأمر الذي يبدو أنَّه يدحض مزاعم الحكومة في أنَّ الجنود يضربون المتظاهرين المزعومين فقط حين يقاومون القبض عليهم."(19)   واستنادًا إلى أحد الأطباء الذين زاروا الأراضي المحتلة، فإنَّ ٥٠٪ فقط من الإصابات وقعت في الأطراف، وأنَّ هذه النسبة هي على الأرجح متدنية أكثر من ذلك في غزة، حيث استخدام القوة القاتلة أوضح في الغالب منه في الضفة الغربية.

وبين الـ ١٩٢ طفلًا الذين قتلوا في الفترة التي هي موضوع بحثنا، كان ٧١٪ منهم ضحايا إطلاق نار، و١٨٪ ضحايا الغاز المسيل للدموع. وبين صفوف الفئة الأصغر سنًا، أي السادسة عشرة وما دون، توفي٧٤٪ من الذين قتلوا بإطلاق النار نتيجة إصابات في الصدر والرأس. أما النسبة المقابلة لها في فئة الأعمار ١٧ – ٢٥ عامًا فتبلغ ٦٦٪. ومن الواضح أنَّ الإصابات القاتلة من هذا النوع أقل حدوثًا بين فئات الأعمار الأكبر، كما يبيّن ذلك الجدول رقم ٨. وإذا تفحصنا المعطيات بالنظر إلى الجنس نجد أنَّ ٤٣٪ من الأطفال القتلى من الذكور قد أُصيبوا بالعنق والرأس في مقابل ٥٨٪ من الإناث. وقد أصيب ٣١٪ من الأطفال الذكور و16,7٪ من الإناث في الصدر، بينما أصيب ٨٪ من الإناث و١١٪ من الذكور في البطن. وإذا بحثنا في وفيات الأطفال بعد منتصف شهر نيسان/ إبريل ١٩٨٨، حين استخدم الجيش الإسرائيلي الغاز المسيل للدموع السام للغاية والمصنوع في المختبرات الفدرالية في الولايات المتحدة بوتيرة أقل كثيرًا، نجد أنَّ ٨٠٪ من الأطفال الذين توفوا حتى ٨ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩ (٧٦ طفلًا) قد قتلوا من جراء إطلاق النار. وهذا ما يجعل النسبة المئوية أقرب كثيرًا إلى فئة الأعمار ١٧ – ٢٥ عامًا من الفلسطينيين. كما أنَّها تعكس أيضًا، وبدقة أكبر، المدى الذي استُهدف الأطفال فيه بالذخيرة القاتلة. وإذا استند المرء إلى تعريف ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفا الذي يعرّف الطفل بأنَّه كل من هو دون الثامنة عشرة من العمر، فإنَّ هذه الأرقام ترتفع ارتفاعًا مثيرًا. وعند حلول ٨ حزيران/ يونيو ١٩٨٩، كان ٧٦ من أعمار السابعة عشرة قد لاقوا حتفهم متأثرين بجروح أُصيبوا بها نتيجة إطلاق النار. فالأطفال من عمر السابعة عشرة وما دون يمثلون النسب المئوية التالية من مجموع القتلى شهريًا من جرَّاء إطلاق النار، من كانون الثاني/ يناير حتى ٨ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩: كانون الثاني/ يناير ٦٧٪؛ شباط/ فبراير ٥٠٪؛ آذار/ مارس ٣٨٪؛ نيسان/ إبريل ٤٩٪، أيار/ مايو ٣٧٪؛ حزيران/ يونيو ٣٥٪؛ تموز/ يوليو ٥٢٪؛ آب/ أغسطس ٥٤٪؛ أيلول/ سبتمبر ٤٦٪؛ تشرين الأول/ أكتوبر ٣٩٪؛ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٪؛ كانون الأول/ ديسمبر ٣٨٪.

كما نلاحظ، حين نتفحص الوفيات الـ ٨٢١ التي حدثت خلال الفترة التي نجحت فيها، أنَّه مع تصاعد الانتفاضة ودخولها عامها الثاني، ازدادت نسبة القتلى من جرَّاء إطلاق نار على الصدر والرأس ازديادًا ملحوظًا، لتشمل ما بين ٧٠٪ و ٨٠٪ من الضحايا.

 

الجدول رقم ٨

موقع الإصابات في الجسد بحسب الأعمار

 

 

١٦ عامًا وما دون

١٧ – ٢٥

٢٦ – ٤٠

٤١ وما فوق

الجميع

العدد

غير محدد

11,8

23,3

42,5

24,0

23,0

138

أطراف

1,5

0,6

4,0

1,0

6

البطن

11,0

7,4

3,8

8,0

7,7

46

الظهر

٢,٢

3,1

8,0

2,7

16

الصدر

29,4

34,9

20,0

24,0

31,4

188

العنق وما فوق

44,1

30,7

33,0

32,0

34,2

205

المجموع

100,0

100,0

100,0

100.1

100.0

 

وفيات

136

352

80

25

599

 

 

سبب الوفاة

كانت "الأسباب المشبوهة" للوفاة (10,6٪) في الطليعة بين نسبة الـ ٢٧٪ من الذين توفوا من جرَّاء أمور غير الجروح التي سببها إطلاق النار، يليها الغاز المسيل للدموع (9,7٪)، والضرب (6,7٪). وهنا أيضًا يتضح مغزى العمر والجنس. وكما في الجدولين رقم ٩ ورقم ١٠، تُستهدف النساء أكثر من الرجال بالغاز المسيل للدموع. وبينما توفي 75,3٪ من الضحايا الذكور بسبب حوادث إطلاق النار و6,8٪ بسبب الغاز، فإنَّ النسبتين المقابلتين لدى النساء هما: 50,0٪ و38,2٪ على التوالي. فالوفيات بين سكان المخيمات بسبب الغاز أكثر منها في الوفيات بين غير سكان المخيمات. وهذا يفسِّر السبب الذي من أجله وقعت وفيات غزة من جرَّاء الغاز بنسبة أكبر قياسًا بتلك في الضفة، وذلك لأنَّ عددًا أكبر نسبيًا من سكان غزة يعيش في مخيمات مكتظّة باللاجئين من أهل الضفة الغربية. فالطاعنون في السن (أي من عمر الـ ٦٥ عامًا وما فوق) يتوفون بسبب استخدام الغاز أكثر من أية فئة أخرى من الأعمار. وإذا بحثنا بالتفصيل في تأثير الغاز المسيل للدموع فيمن هم دون السادسة عشرة من العمر، لوجدنا أنَّ ٢٤ من الأطفال الذين توفوا نتيجة الغاز كانوا من غزة و١١ من الضفة الغربية. وحدثت ١٨ حالة من حالات الوفيات الـ ٢٤ في غزة قبل أيار/ مايو ١٩٨٨، وكذلك ٧ حالات من مجموع ١١ في الضفة. وتوفي طفلان من غزة وطفلان من الضفة نتيجة الغاز بين كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٨ وكانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩. ومع أنَّ التفاوت المثير في عدد الوفيات نتيجة الغاز المسيل للدموع في غزة والضفة مردّه، في الغالب، إلى أوضاع السكن المكتظة في غزة، فقد يكون سببه أيضًا إكثار الجيش من استخدام الغاز المصنوع في المختبرات الفدرالية في غزة مما هي الحال في الضفة. وتجدر الإشارة إلى أنَّ نسبة الوفيات بين الأطفال في سن الثالثة وما دون، والذين تعرَّضوا للغاز المسيل للدموع، قاربت ١٠٠٪.

 

الجدول رقم ٩

سبب الوفاة بحسب الجنس والمنطقة والوضع الاجتماعي

(مخيم/ غير مخيم)

 

ذكور

إناث

غزة

الضفة

مخيم

غير مخيم

الجميع

إطلاق نار

75,3

50,0

68,9

75,3

71,9

73,5

73,0

ضرب وأسباب أخرى غير إطلاق النار

 

7,0

 

3,9

 

9,3

 

5,3

 

8,1

 

6,2

 

6,7

غاز مسيل للدموع

6,8

38,2

14,9

7,0

13,1

8,5

9,7

أسباب مشبوهة

10,9

7,9

6,9

12,4

6,8

11,9

10,6

 

100,0

100,0

100,0

100,0

99,9

100,1

100,0

وفيات

745

76

289

531

221

599

821

 

خلاصات

يتضح من المعطيات أنَّه في حين أنَّ استخدام الذخيرة الحية والقوة القاتلة من قبل سلطات الاحتلال يعود إلى الفترة التي سبقت الانتفاضة، فإنَّ نمط العنف في الأشهر الربعة والعشرين الماضية يمثل مرحلة جديدة في تاريخ المجابهة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فالثمن المرتفع للانتفاضة دليل على تصميم الفلسطينيين على الخلاص من الضيم مرة وإلى الأبد. والإسرائيليون مصممون أيضًا على عرقلة تحقيق تقرير المصير من قبل الفلسطينيين، حتى لو كان الأمر يعني استمرار اللجوء إلى وسائل وحشية للقمع خلَّفت حتى الآن عددًا كبيرًا من القتلى وإصابات بالغة وآلامًا لا حصر لها. وتجد الطبيعة غير المتوازنة لهذا الصراع البرهان الأفضل عليها من خلال العنف المستخدم من قبل الطرفين (إلقاء الحجارة من جهة، والرصاص من الجهة الأخرى) وعدد الضحايا لدى كل فريق (٨٢١ في مقابل ٢٩). ويقدر آخر تقارير الحملة الدولية أنَّه مع حلول ٣١ كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩ قُتل نحو ٨٤٠ فلسطينيًا وأُصيب أكثر من ثمانين ألفًا بجروح بالغة. واستنادًا إلى منظمات الحقوق المدنية في إسرائيل، قُتل عشرة جنود وتسعة من المدنيين كان بينهم ثلاثة أطفال، قُتل إثنان منهم بطريق الخطأ على يد مستوطنين في الضفة الغربية.(20)  ولا تشمل هذه الأرقام ١٤ إسرائيليًا قُتلوا من جرَّاء هجوم منفرد قام فلسطيني به على حافلة ركاب إسرائيلية، وهو هجوم اعترفت السلطات رسميًا بأنَّ لا صلة له بالانتفاضة. وفي إسرائيل ذاتها، قُتل ٢٣ إسرائيليًا مدنيًا وأربعة جنود على يد الفلسطينيين، بينما قتل خمسة فلسطينيين على يد الإسرائيليين.

 

الجدول رقم ١٠

سبب الوفاة بحسب فئة الأعمار

 

 

16 عامًا

وما دون

17 - 25

26 - 40

41 64

65

وما فوق

متوسط العمر

العدد

إطلاق نار

70,8

87,1

65,6

35,8

3,6

21,03

599

ضرب وأسباب أخرى غير إطلاق النار

 

4,2

 

5,4

 

11,5

 

10,4

 

14,3

 

28,95

 

55

غاز مسيل للدموع

18,2

1,5

6,6

25,4

50,0

29,65

80

أسباب مشبوهة

6,8

5,9

16,4

18,4

32,1

33,60

87

 

100,0

99,9

100,1

100,0

100,0

 

 

وفيات

192

404

122

67

28

 

 

 

ويشير بعض الدراسات إلى أنَّ عدد الفلسطينيين الذين قتلوا على يد فلسطينيين آخرين منذ بدء الانتفاضة يقارب ١٧٥. وتصعب معرفة عدد حوادث القتل التي كانت تستهدف المتعاملين، وتلك المرتبطة بالثأر العائلي أو الشخصي. فالتورط الإسرائيلي الرسمي في تجنيد المتعاملين أمرٌ موثَّق توثيقًا شاملًا في الصحافة، ولدى منظمات حقوق الإنسان.(21)   وعلى الرغم من أنَّ هذه الظاهرة مألوفة في الحركات الثورية الأخرى، فإنَّه تجدر الإشارة إلى أنَّها تمثل تطورًا مثيرًا للقلق، ولا ريب أنَّها ستلحق الضرر بسمعة الانتفاضة. ويبلغ عدد الفلسطينيين الذين قتلوا على أيدي المستوطنين ٤٣، وذلك استنادًا إلى المعطيات التي قدمناها هنا. ولم يجر تقديم المستوطنين إلى المحاكم إلا في النادر، أي في ثلاث حالات فقط.(22)   وعلى الرغم من الخلاف بين المستوطنين والحكومة، فإنَّ جرأة المستوطنين تبدو في ازدياد مع كل يوم يمضي، وهم مصممون على إنزال أفدح العقوبات بالفلسطينيين إذا فشل الجيش في هذا المسعى. واستنادًا إلى بتسيلم، ومع حلول نيسان/ إبريل ١٩٨٩، تم اعتقال نحو خمسة آلاف فلسطيني من دون محاكمة منذ بدء الانتفاضة، وذلك على الرغم من أنَّ السلطات الإسرائيلية لا تعترف سوى بألفي معتقل فلسطيني.(23)  لكن بتسيلم تقدر أنَّه مع حلول كانون الأول/ ديسمبر  ١٩٨٩ تم اعتقال وسجن 60,000 بين الفينة والأخرى، بينما يقول الجيش أنَّ هذا الرقم هو تسعة آلاف فقط.(24)  وعلاوة على ذلك، فثمة تقديرات محافظة أخرى تشير إلى أنَّ عدد الفلسطينيين الذين جرت محاكمتهم وإدانتهم بلغ نحو خمسة آلاف، وأنَّ عدد البيوت التي تم تفجيرها حتى الآن لأسباب يقال أنَّها أمنية قد بلغ ٢٢٧ منزلًا.(25)   لكن، واستنادًا إلى الحملة الدولية، ومع نهاية آب/ أغسطس ١٩٨٩، بلغ عدد المنازل التي تم تفجيرها ٢٣٤ منزلًا، بينما بلغ هذا الرقم في أواخر كانون الأول/ ديسمبر ١٩٨٩ نحو ٢٧٨ منزلًا فُجِّرت لأسباب أمنية، وتم ختم ١٢٢ منزلًا وهدم ٧٨٥ منزلًا لأنها بُنيت من دون ترخيص. وفي تقديرات الحملة الدولية أنَّ أكثر من ١٠٠٠ منزل قد خُتم وهُدم، بما في ذلك ما هُدم منها لعدم وجود ترخيص بالبناء، مما أدَّى إلى تشريد نحو عشرة آلاف نسمة.

لقد أصبحت الانتفاضة تشكِّل منعطفًا مهمًا في تاريخ فلسطين الحديث. وقد وصل تأثيرها إلى داخل المجتمع الفلسطيني كما إلى العالم بأسره. وكانت الانتفاضة السبب المنفرد الأهم الذي حدا منظمة التحرير الفلسطينية على اتخاذ سلسلة من المبادرات الجريئة سنة ١٩٨٨، وصلت إلى ذروتها بإعلان المنظمة رغبتها في الاعتراف بإسرائيل والوصول إلى تسوية مبنية على الاعتراف المتبادل. وفي المجال الدولي، وضعت الانتفاضة قضية فلسطين مجددًا على جدول الأعمال في زمن كانت قد أصيبت فيه بالخسوف بفعل نزاعات إقليمية أخرى، كالحرب الإيرانية – العراقية والحرب في لبنان. كما أنَّ تأثير الانتفاضة في المجتمع الإسرائيلي كان ولا يزال ذا شأن. فمن المنظور الاقتصادي والنفسي والاجتماعي، أثارت الانتفاضة سجالًا جديًا في إسرائيل يتعلق بثمن الاحتلال، وفرضت على حكومة مترددة أنْ تعترف ولو اعترافًا رمزيًا بضرورة التحدث إلى الفلسطينيين.

غير أنَّ النجاحات التي حققتها الانتفاضة، والتي لا يمكن إنكارها، واكبتها ردات فعل مثيرة للقلق من جانب الحكومة الإسرائيلية. ففي مواجهة التصميم الفلسطيني على مواصلة الضغط من خلال الانتفاضة، ليس ثمة دليل يُذكر على أنَّ الحكومة الإسرائيلية مستعدة لمنح الفلسطينيين في الضفة والقطاع شرعية سياسية تستند إلى حق تقرير المصير. فالأزمة الحكومية الأخيرة في إسرائيل، وهي ضحية أخرى للانتفاضة، تنتظر الحل الذي من شأنه أنْ يؤديَ إلى سلام حقيقي بين الطرفين. فإذا فشلت إسرائيل في قمع الانتفاضة بالوسائل الوحشية والقاسية، فإنَّ فكرة نقل السكان – وهي التعبير الملطَّف عن الطرد – قد تكتسب مزيدًا من الشرعية في الأوساط الرسمية الإسرائيلية. وإذ يطالب نصف الجمهور الإسرائيلي باستخدام وسائل أكثر قسوة في التعامل مع الانتفاضة، ويساند أكثر من الثلث فكرة نقل السكان،(26)  فإنَّ التصاريح العلنية التي يطلقها زعماء اليمين السياسي في إسرائيل بشأن ضرورة اتخاذ إجراءات لنقل السكان الفلسطينيين تبدو أنَّها تنذر بشر مستطير. ومهما يبلغ حجم الدعم الذي تحظى الانتفاضة به دوليًا وداخل المجتمع الفلسطيني، فإنَّه كلما طال الصراع ارتفع على الأرجح عدد الضحايا وازداد معه خطر التمزق داخل صفوف الانتفاضة. فالعالم العربي عاجز عن اتخاذ موقف موحد من قضية فلسطين في مواجهة عملية إعادة البناء التي تجري حاليًا في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي. ويبدو أنَّ إسرائيل، لا الفلسطينيين، هي التي قد تستفيد  من البيريسترويكا، هذا إذا كانت الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفياتي إلى إسرائيل تعتبر من الدلائل على هذا الأمر. وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ من شأن الاهتمام الراهن بالأمور الداخلية أنْ يعيق أي دعم ممكن من الاتحاد السوفياتي في سبيل إحقاق الحقوق الفلسطينية. أما الولايات المتحدة، والتي هي الآن في الطليعة في الحرب الأيديولوجية بين الشرق والغرب، فقد برهنت على أنَّها غير قادرة أو غير مستعدة لتضغط بما فيه الكفاية على إسرائيل لحملها على اتخاذ موقف أكثر لينًا تجاه القضية الفلسطينية. وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بالأحداث في الشرق الأوسط، فإنَّه يبدو من المؤكد أنَّ الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لن يخمد على الأرجح في المستقبل القريب، وأنَّ الفلسطينيين سيتحملون العبء الأكبر في ذلك الصراع.

*  هذه الدراسة جزء من بحث أوسع وأشمل عن الانتفاضة يقوم الباحثون بإعداده.

 

  1. Mishal and R. Aharoni, Speaking Stones: The Words Behind the Palestinian Intifadah (Tel Aviv: Ha-Kibbutz (1)

Ha-Meuhad, 1989), p.11.

(2)   Palestinian Human Rights International Campaign (PHRIC), Uprising in Palestine: The First Year (Chicago: PHRIC, 1989), p. 415.                                                                                  

(3)     Human Rights Watch, Critique: Review of the Department of State’s Country Reports on    Human Rights Practices for 1988 (New York: Human Rights Watch and the Lawyers              Committee for Human Rights, 1989), p. 91.                                                                          

(4)   M. Benvenisti, Z. Abu-Zayed and D. Rubenstein, The West Bank Handbook: A Political       Atlas (Jerusalem: Jerusalem Post, 1986), pp. 221-222.                                                          

(5)    New York Times, November 27, 1987, p. E3.

(6)   "معاريف"، 14/٧/1989.

(7)   Al-Haq, Law in the Service of Man, Punishing a Nation: Human Rights Violations During the Palestinian Uprising, December 1987-December 1988 (Ramallah, West Bank, 1988,)        

  1. 148.

(8)   Ibid., p. 147.

(9)   Human Rights Watch, Critique…, op. cit., pp. 89-94.

(10)   B’Tselem, Information Sheet: Update August 1989 (Jerusalem: The Israel Information Centre for Human Rights, 1989), p. 2.                                                                         

(11)   Al-Haq, Punishing a Nation…, op. cit., p. 9.

(12)   Amnesty International, Israel and the occupied Territories: Administrative Detention During the Palestinian Intifadah (London: Amnesty International, 1989), p. 5.                            

(13)   Jerusalem Post, February 10, 1990.

(14)   Globe and Mail, March 31, 1988; also J. Frankel, “The Palestinian Revolt and the Israeli Response,” Dissent, Spring 1988, pp. 149-156.                                                             

(15)   Globe and Mail, March 12, 1988.

(16)   الأرقام الإحصائية مستمدة من:

The Statistical Abstract of Israel, 40, 1989, p. 701.

(17)   هناك أحكام مشابهة مسجلة في:

  1. R. Stockton, “Intifadah Deaths,” Journal of Palestine Studies, XVIII (2), 1989, pp. 101-108.

(18)   Guardian Weekly, August 6, 1989.

(19)   Ibid., February 21, 1988.

(20)   The Jerusalem Post, August 12, 1989, and February 10, 1990.

(21)   New York Times, September 24, 1989.

(22)    S. Cohen, “Killings by Any Other Name,” Jerusalem Post, July 31, 1989.

(23)   Toronto Star, August 12, 1989.

(24)   New Outlook, November-December 1989.

(25)   Globe and Mail, August 12, 1989, and July 31, 1989.

(26)   New York Times, April 12, 1989.

السيرة الشخصية: 

إيليا زريق: أستاذ في قسم علم الاجتماع في جامعة كوينز بكندا.
جيم غراف: أستاذ في قسم الفلسفة في جامعة تورنتو.
فريد أوهان: أستاذ الفلسفة في كلية Senecca في تورنتو.