يلقي هذا الملف الضوء على الجدل المثار في إسرائيل حول "معضلة" السكّان العرب وكيفية التعاطي مع هذه المسألة الديموغرافية البالغة الأهمية. فقد استدرج هذا الجدل عدداً من المقاربات التي تطرح حلولاً مختلفة لهذه المسألة، تدعو إحداها إلى معالجة هذه المشكلة بالترحيل الجماعي للعرب من "أرض - إسرائيل" وتُعلّق الأمل على ازدياد التكاثر الطبيعي لدى اليهود وازدياد الهجرة اليهودية إلى إسرائيل. أمّا المقاربة الأخرى فهي ترفض وسيلة الترحيل لأنها تعجّل، إذا كانت قابلة للتنفيذ، في زوال الكيان الإسرائيلي. كما ترفض المراهنة على تطوّرات مفاجئة قد تعكس النمو السكاني اليهودي المنخفض، لذا تدعو هذه المقاربة إلى الانسحاب من المناطق المحتلة وإقامة دولة تشكّل جزءاً من المملكة الأردنيّة الهاشمية. يحاول هذا الملف إذاً أن يلفت النظر إلى كيفية طرح ومعالجة الإسرائيليين لهذه المسألة التي ستنعكس على علاقتهم بالفلسطينيين. ويتضمّن نصّين إسرائيليين يعالجان "المعضلة الديموغرافية" الإسرائيلية من المقاربتين الأساسيتين المذكورتين سابقاً: "الترحيل" والحلّ الوسط الإقليمي.
للاعتبار الديموغرافي خصوصية بالغة الأهمية في إسرائيل، وقد قام بدور مهم في تحديد شكل نشوئها كمشروع دولة يهودية. فمشروع إنشاء هذه الدولة اليهودية الصهيونية في فلسطين واجد، منذ البداية، "معضلة" سكانها العرب.
لكن المسألة الديموغرافية هناك ما لبثت أن اكتسبت معنى أكثر درامية بعد حرب حزيران/يونيو 1967.
وقد استدرج الجدل الذي أثارته هذه المسألة عدداً من المقاربات التي تطرح حلولاً للكابوس الديموغرافي في إسرائيل. وتعترف إحدى هذه المقاربات بوجود المعضلة نظرياً ما دامت إسرائيل لا تضم المناطق المحتلة ولا تنسحق منها، وهي تعلق الأمل على ازدياد التكاثر الطبيعي لدى اليهود وازدياد الهجرة اليهودية، لكنها لا تملك تصوراً لكيفية تحقيق هذين الهدفين. ويعدو أصحاب هذه المقاربة إلى معالجة المشكلة بالترحيل، وهو التعبير الأكثر لباقة لدعوة طرد العرب من "أرض – إسرائيل".
وهناك مقاربة أخرى ترفض اعتبار المشكلة الديموغرافية نظرية، وترفض المراهنة غير المعللة على تطورات مفاجئة من شأنها أن تعكس المسار الثابت للنمو السكاني اليهودي المنخفض، كما ترفض وسيلة الترحيل باعتبارها طريقاً يعجّل في زوال إسرائيل، هذا إذا كانت قابلة للتنفيذ لأن الأمر يتعلق بطرد مئات الآلاف من العرب من دون الأخذ في الحسبان للاعتبارات السياسات الدولية ولإمكانات مقاومة عرب المناطق أنفسهم، وتدخل القوى العظمى.
من هنا يدعو أصحاب هذه المقاربة إلى أخذ ما يصفونه بـ"القرارات الشجاعة" التي تقضي بالانسحاب من المناطق المحتلة، وإقامة دولة تشكل جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية.
ويتضمن هذا الملف نصّين إسرائيليين يعالجان "المعضلة الديموغرافية" الإسرائيلية من المقاربتين الأساسيتين: "الترحيل" و"الحل الوسط الإقليمي".