لو كان العرب محققين إنسانيتهم ومتحررين وأحياء، لجعلوا من المأساة الفلسطينية مصدر قوة لهم، ولحوّلوا التحدي الإسرائيلي إلى تفوّق على أنفسهم، وإلى تفجير مضاعف لطاقاتهم في التقدم والمتعة والازدهار. لقد أعطتهم فلسطين حجة تاريخية للنهوض، فلم ينهضوا بحجة أن القضية تشغل بالهم وتملأ وقتهم وتمنعهم من النهوض. أعطتهم فلسطين الفرصة ليردّوا على التحدي الإسرائيلي، وعلى التحدي التاريخي والحضاري. فماذا فعلوا؟ أضاعوا الفرصة! فلسطين وحيدة متروكة، على الرغم من أنها صاحبة الحق والمعتدى عليها. شعب فلسطين يواجه الاحتلال الإسرائيلي منذ سنة 1948، ولم يتعب. العرب يمضون في حروبهم الطائفية والمذهبية وينسون فلسطين. والعالم مغلق على انحيازه الصهيوني. لقد أفلس سياسيونا، ولذلك نعوِّل على الشباب واليائسين الناجين المصلوبين أن يكونوا هم القدوة. المطلوب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى: ضمير، حرية، شجاعة. مفكرون ذوو رؤى، وأبطال يخترقون الحواجز ويقاومون الأكاذيب والأضاليل والمزاعم الصهيونية. ينبشون الحقيقة ويعلنونها، ويتركونها تتفاعل. يستقطبون الماضي والحاضر ونداءات المستقبل بما يتخطى هذه الظروف الصعبة والعوامل الدقيقة. المصير قضية حياة؛ قضية فعل إنساني. والحياة هي الازدهار من داخل الإنسان. فلنفعل شيئاً لنصارع هذا العدو، ولنصارع هذا الاحتلال في الجوهر ومن الجذور. المطلوب إدراك الفاجعة. لن نفقد إيماننا بالحرية والتحرر من قيد الاحتلال، فالتغيير فعل داخلي. فلسطين تعرف أنه لن يبقى لها غير ناسها. والمخلّص لا أحد معه لأنه يرتمي إلى الموت، والمرتمي الى الموت لا أحد معه. ولا أحد أبداً مع المخلّص. والحل ينبع من أعماق شعب فلسطين. لن تموت فلسطين. لن يخطفوها إلى الأبد.