مقدمة
النص الكامل: 

من الصعب تقديم هذا الملف الذي يضم قراءات عربية مختلفة لفلسطين في منظور نخبة من المثقفين العرب. فكرة هذا الملف بسيطة وواضحة. أردنا في "مجلة الدراسات الفلسطينية" كسر الحصار الرسمي العربي الخانق على فلسطين، عبر نصوص تكتبها مثقفات ومثقفون عرب، يقيمون في هذه القارة العربية الشاسعة، أو سلكوا طرق المنافي، لأن أوطاننا ضاقت بنا، وبحرّيتنا. نعم، الشعب الفلسطيني، سواء في وطنه أو المنافي أو سجون الاحتلال والقمع، يعيش حصاراً شاملاً، وأخطر ما في هذا الحصار هو جانبه المعنوي، حيث تشعر الفلسطينيات والفلسطينيون بأن العالم العربي لم يعد موجوداً في قاموس ما كان يسمّى الصراع العربي - الإسرائيلي. كأننا عشية حرب نكبة 1948؛ الفرق أن الجيوش العربية لن تحارب ولو شكلياً، لأنها مشغولة بحرب تدميرية أُخرى وبصراع عبثي مع إيران. ففي هذا الزمن العربي المنقلب صارت إسرائيل حليفاً لبعض أنظمتنا، وبدأت مسيرة الكراسي في مقابل السلام، والتي تستبدل الأرض المحتلة، بكرسي الحكم فاقد الشرعية. كيف نقاوم تشاؤم العقل بتفاؤل الإرادة والقلب؟ هل تستطيع الثقافة العربية المهددة بالقمع والمنع والرقابة أن تنقذ نفسها، عبر استعادة نبضها الفلسطيني؟ هل فلسطين قضية حرّية مسيّجة بالقلوب والكلمات، وقادرة على استعادة مكانتها كجزء ملهم في معركة حرّية العرب ومقاومتهم لزمن الانحطاط المحمول على قرن صفقة ليست سوى الاسم الآخر للنهاية؟ طرحنا على مجموعة كبيرة من المثقفات والمثقفين العرب أسئلة فلسطين، وننشر الإجابات كما وردتنا. طرحنا على صديقاتنا وأصدقائنا المثقفين هذه الأسئلة: "كيف تقرأ من مكانك وموقعك صورة فلسطين اليوم؟ "وكيف تتصور علاقة فلسطين بمجمل الأسئلة التي تطرحها تحديات الواقع العربي، وقضايا الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية؟ "كانت قضية فلسطين محوراً أساسياً في مبنى الثقافة العربية الحديثة: الفكر السياسي؛ الشعر؛ الرواية؛ المسرح؛ الفن التشكيلي؛ السينما. سؤالنا يتناول موقع فلسطين اليوم في عملكم الثقافي والإبداعي، وما هي في رأيكم آفاق علاقة الثقافة العربية بالقضية الفلسطينية؟" يفتتح هذا الملف إدوارد سعيد بنص قديم يعود إلى سنة 1987، ولم يُنشر إلاّ على نطاق ضيق، وفيه يطرح سعيد أسئلته عن العلاقة بين فلسطين والعالم العربي، في قراءة فذّة لحرف "الواو" الذي يفصل، مع أنه أريد له أن يربط بين فلسطين والعالم العرب. كما نشرنا في هذا العدد مجموعات من الملصقات القديمة التي تجسد العلاقة العميقة التي تربط فلسطين بالثقافة العربية، واستعدنا مع رسام الكاريكاتير السوري سعد حاجو، نكهة الأسئلة التي صنعتها ريشة ناجي العلي.