الحواجز والبوابات: حرب صامتة لخنق الفلسطينيين
التاريخ: 
30/01/2025
المؤلف: 

تعيش بلدات وقرى ومخيمات الضفة الغربية حالة حصار متصاعدة منذ أن دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة في 18 كانون الثاني/يناير 2025، إذ فوجئ الفلسطينيون بمئات الحواجز ونقاط التفتيش على مداخل القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى وضع العديد من البوابات الحديدية على مداخل القرى، ويخضع فتحها وإغلاقها لأهواء جنود الاحتلال، الأمر الذي يتسبب بضروب من العذاب لدى تنقّل الفلسطيني اليومي من مكان إلى آخر، وساعات طويلة من الانتظار، فضلاً عن الآثار المدمرة في كل مناحي الحياة الفلسطينية في ظل الإبادة الجماعية في قطاع غزة والعدوان المستمر على مدن الضفة الغربية، وما يصاحبه من أوضاع اقتصادية صعبة وتفشّي البطالة بصورة غير مسبوقة. ويأتي خنق الضفة الغربية ومدينة القدس بهذا الكم الهائل من الحواجز والبوابات وسط صمت دولي ودعم أميركي غير محدود ساعد الاحتلال في الإمعان في جرائمه.

وقال الباحث في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش إن انتشار الحواجز الإسرائيلية بهذا الشكل يهدف إلى خنق الفلسطينيين في أماكن سكنهم بعد أن تمت إحاطتهم بحزام من المستوطنات، وذلك لوضعهم تحت رقابة دائمة. وأضاف أن ما يجري هو عملية ضم غير مباشرة للأرض الفلسطينية في الضفة الغربية، وإجبار الفلسطيني على الهجرة، والحد من التمدد الأفقي في البلدات والقرى الفلسطينية.

أمّا مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود، فقد قال إنه منذ 21 كانون الثاني/يناير 2025، أصبح عدد الحواجز والبوابات في الضفة ومدينة القدس 898 حاجزاً وبوابة إسرائيلية موزعة على مختلف المناطق، تتصدرها منطقة الخليل بـ 229 حاجزاً، وتليها منطقة نابلس بـ 148 حاجزاً.

وتتوزع بقية الحواجز والبوابات على منطقة رام الله بـ 156 حاجزاً و6 بوابات، والقدس بـ 82 حاجزاً وبوابة واحدة، وسلفيت بـ 50 حاجزاً وبوابة واحدة، وقلقيلية بـ 53 حاجزاً وبوابتين، وأريحا بـ 32 حاجزاً وبوابتين، وجنين بـ 24 حاجزاً، وطولكرم بـ 27 حاجزاً، وطوباس بـ 33 حاجزاً، وبيت لحم بـ 65 حاجزاً و4 بوابات بحسب داود.

وبيّن مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن نصب الحواجز والبوابات بهذا الزخم يحمل العديد من المؤشرات، بينها إنشاء بيئة طاردة للفلسطيني، وفرض إسرائيل حيزاً جغرافياً موازياً في الأراضي الفلسطينية عبر المعازل والكانتونات.

وفي هذا التقرير حاولنا رصد تأثير الحواجز في التعليم والصحة والاقتصاد:

التعليم

تأثرت العملية التعليمية في الضفة الغربية جرّاء هذه القيود المفروضة على التنقل، ووفقاً لوكيل وزارة التربية والتعليم الفلسطينية الدكتور نافع عساف، فإن الخطورة على الطلبة والمعلمين تكمن بصورة كبيرة في مناطق شرق رام الله ويطا جنوبي الخليل وبيت لحم وضواحي القدس، مشيراً إلى أن التوجه إلى التعليم الإلكتروني يبقى حاضراً في حال أي طارئ يومي في أي منطقة تتعرض لانتهاكات من جانب الاحتلال، مؤكداً استمرار التعليم الوجاهي في الوضع الطبيعي. وكانت وزارة التربية والتعليم قد اتخذت مجموعة من الإجراءات بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تتمثل في نقل مجموعة كبيرة من المعلمين إلى العمل في مدارس القرى التي يسكنون فيها، بالإضافة إلى زيادة عدد الحافلات لنقل الطلبة إلى 40 حافلة بعد أن كانت 18 حافلة.

الصحة

وبدوره، حذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية "أوتشا" من أن الوصول إلى الرعاية الصحية في الضفة يمكن أن يتدهور بسبب قيود الاحتلال المفروضة على حرّية الحركة والتنقل. وأضاف في بيان أن 68% من نقاط الخدمة الصحية في الضفة لم تعد قادرة على العمل أكثر من يومين أسبوعياً، بينما تعمل المشافي بنسبة 70%.

وقال بدوره المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أحمد جبريل إن هناك صعوبات تواجه طواقم الهلال الأحمر وسيارات الإسعاف عبر فرض الإغلاقات والمنع من المرور من الحواجز، والتفتيشات الإسرائيلية لسيارات الإسعاف والمخاطر التي تواجه حياة المرضى والمصابين في أثناء نقلهم، إذ يضطر سائق الإسعاف إلى سلوك طرق طويلة ووعرة تهدد حياة المرضى والمصابين. وأضاف جبريل أن جمعية الهلال الأحمر تعمل ضمن خطط نشر الوعي والتدريب على الإسعافات الأولية للتكيف مع الأوضاع الحالية.

ومن ناحيته، فقد أشار مدير عام الطوارئ في وزارة الصحة الدكتور مصطفى القواسمة إلى أن الوزارة طلبت من جمعية الهلال الأحمر توسيع خدماتها لتشمل المناطق البعيدة، كما طلبت من البلديات والمجالس القروية المساعدة في ظل عدم القدرة على تقديم الخدمات الصحية الحكومية في هذه المناطق. كما تم التعميم على مراكز الطوارئ الخاصة في كل المناطق، ولا سيما التي تشهد تصعيداً مستمراً من جانب جيش الاحتلال، بتقديم الخدمات الصحية البديلة إلى المرضى والمصابين إلى أن يتم التنسيق ونقل الحالات إلى المستشفيات الحكومية في المدن.

الاقتصاد

نوه الخبير الاقتصادي هيثم دراغمة إلى أن خنق الضفة بهذا العدد الكبير من الحواجز والبوابات يفاقم من الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بفلسطين وتزيد الأعباء بهدف إجبار الفلسطيني على الهجرة، وخصوصاً أن نسبة البطالة في الضفة الغربية ارتفعت إلى 35%.

 

المصادر:

  • عبد الهادي حنتش - خبير في شؤون الاستيطان. مقابلة هاتفية. 22/1/2025.

  • أمير داود - مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان. مقابلة هاتفية. 22/1/2025.

  • هيثم دراغمة - خبير اقتصادي. مقابلة هاتفية. 22/1/2025.

  • د. نافع عساف - وكيل وزارة التربية والتعليم. مقابلة هاتفية. 23/1/2025.

  • د. مصطفى القواسمة - مدير عام الطوارئ في وزارة الصحة. مقابلة هاتفية. 23/1/2025.

  • أحمد جبريل - المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. مقابلة مكتوبة عبر موقع "واتساب". 23/1/2025.

  • "أوتشا: بيان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في فلسطين". "أوتشا". 24/1/2025.

 

 

عن المؤلف: 

محمد علوي: صحافي فلسطيني.