سيرة حرب: العدوان الإسرائيلي على لبنان 2023 - 2024
النص الكامل: 

بعد تنفيذ "حماس" عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، وشنّ الاحتلال الإسرائيلي عدواناً مفتوحاً على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بادر "حزب الله" في اليوم التالي (8 / 10 / 2023) إلى فتح جبهة إسناد لقطاع غزة.

وفي أول ظهور له في 3 / 11 / 2023، بعد فتح معركة الإسناد، أوضح الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله الموقف قائلاً: "نحن دخلنا المعركة من 8 ‏تشرين الأول / أكتوبر، [و]منذ ذلك الحين، بدأت المقاومة الإسلامية في لبنان بعملياتها يعني في ثاني يوم من ‏‏طوفان الأقصى، لم يكن لدينا علم بشيء، صدقاً وعدلاً، يوم السبت أخذنا علم مثل كل العالم، وانتقلنا ‏سريعاً ‏من مرحلة إلى مرحلة. في اليوم الثاني بدأت العمليات في منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ‏وبعدها ‏امتدت إلى كامل الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة."

استمرت هذه الجبهة في إسنادها، خلال أكثر من عام، قدم خلالها حزب الله 505 شهداء قال إنهم "على طريق القدس" بحسب بيانات النعي الرسمية الصادرة عنه، منذ 8 / 11 / 2023 حتى 27 / 9 / 2024. وقد تسببت هذه العمليات بنزوح كثيف من المستعمرات الإسرائيلية في الشريط الحدودي شمال فلسطين، وبنزوح جزئي في القرى المقابلة في الجنوب اللبناني، لكن حركة النزوح أصبحت أكثر كثافة في الجهتين المقابلتين مع بدء الجيش الإسرائيلي عملياته البرّية، ومع القصف الكثيف على الجنوب، وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع. 

اغتيال العاروري والطويل والردّ

مع تطور المعارك في الجنوب اللبناني، امتد العدوان الإسرائيلي إلى بيروت لأول مرة في 2 / 1 / 2024، حين استهدفت طائرات إسرائيلية شقة في مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، كان موجوداً فيها نائب رئيس المكتب السياسي لـ "حركة حماس" وقائد الحركة في الضفة الغربية الشيخ صالح العاروري (57 سنة) الذي استشهد، كما استشهد معه القياديان سمير فندي، وعزام الأقرع.

وتحدث السيد نصر الله عن خطورة هذا الاغتيال في بيروت، في خطاب له في 3 / 1 / 2024 بالقول: "يوجد عنوانان: يوجد قتل الشيخ صالح وإخوانه وهذا بحدّ ‏ذاته جريمة عظيمة وكبيرة، ويوجد ضرب في الضاحية وهذا أول مرة يحصل في هذا الشكل بعد الـ 2006 [....] مَن يفكر بالحرب معنا بكلمة واحدة سيندم إن شاء الله، الحرب معنا ستكون مكلفة جداً جداً جداً. إذا كنا حتى الآن ‏نُداري الوضع اللبناني والمصالح الوطنية اللبنانية، فإذا شُنّت الحرب على لبنان فإن مقتضى المصالح ‏الوطنية اللبنانية أن نذهب بالحرب إلى الأخير بدون ضوابط.‏" 

اغتيال قادة ميدانيين

صعّدت إسرائيل من الاغتيالات المستهدفة، ففي 8 / 1 / 2024 في خربة سلم، قضاء بنت جبيل في الجنوب اللبناني، اغتال الاحتلال وسام حسن الطويل (الحاج جواد) مسؤول وحدة التدريب المركزي في حزب الله، وهو من مواليد 1975.

رد حزب الله عقب الاستهدافين، بقصف مقر قيادة المنطقة الشمالية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة صفد (قاعدة دادو) بعدد من المسيّرات الانقضاضية.

ولم يتوقف جيش الاحتلال عن محاولاته اغتيال قادة في المقاومة الإسلامية في لبنان، فاستهدف:

- في 11 / 6 / 2024 في بلدة جويا قضاء صور في الجنوب، اغتال الاحتلال طالب سامي عبد الله (الحاج أبو طالب) قائد العمليات العسكرية في الجزء الشرقي من الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.

- في 3 / 7 / 2024 في منطقة الحوش في صور في الجنوب، اغتال الاحتلال محمد نعمة ناصر (الحاج أبو نعمة) مسؤول وحدة عزيز، وهو من مواليد 1965. 

مجدل شمس وما بعدها

مساء 27 / 7 / 2024، سقط صاروخ على ملعب كرة قدم في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، وكان عدد من الفتية من أبناء المدينة يلعبون هناك. وأدى سقوط الصاروخ إلى استشهاد 12 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عاماً، فضلاً عن إصابة نحو 30 آخرين من سكان القرية.

اتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي حزب الله بإطلاق الصاروخ، وبيّن أنه من نوع "فلق 1" برأس حربي يزن 53 كيلوغراماً. وأشار إلى أن الصاروخ أُطلق من الجنوب، وأن لا أحد يملك مثل هذا النوع من الصواريخ إلّا حزب الله. وقطع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رحلته في الولايات المتحدة، متوجهاً فور عودته إلى اجتماع لمجلس الوزراء الأمني لبحث الرد على حزب الله. كما أعلن الاحتلال رفع جهوزيته القتالية في الشمال متوعداً الحزب "بدفع الثمن".

أمّا حزب الله فنفى "نفياً قاطعاً الادعاءات التي أوردتها بعض وسائل ‏إعلام العدو ومنصات إعلامية مختلفة عن استهداف مجدل شمس"، مضيفاً: "‏يعلم أهالي بلدة مجدل شمس التي تبعد عن لبنان بضعة كيلومترات أن بلدتهم ضمن قواعد الحرب كانت ضمن دائرة السلم والأمان، ويعلم حزب الله خصوصيتها، وخُلُوها من الأهداف العسكرية أيضاً."

خطورة الحادث دفع العديد من المسؤولين المحليين والإقليميين إلى التعقيب عليه، فحذرت وزارة الخارجية الإيرانية "من أي مغامرة جديدة للكيان الصهيوني ضد المقاومة الإسلامية في لبنان، تحت ذريعة حادثة مجدل شمس في مرتفعات الجولان المحتلة."

أمّا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري فأكد أن "نفي المقاومة لما جرى في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل يؤكد بشكل قاطع هذا الالتزام وعدم مسؤوليتها ومسؤولية لبنان عن ما حصل."

وبدوره قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط: "في ضوء بيان حزب الله الذي ينفي علاقة المقاومة الإسلامية بما حصل في مجدل شمس، فإننا نشدد التحذير والتنبيه ممّا يعمل عليه العدو الإسرائيلي منذ زمن بعيد لإشعال الفتن وتفتيت المنطقة واستهداف مكوناتها، وقد أسقطنا هذا المشروع في السابق.. وإذ يطل برأسه من جديد فنحن له بالمرصاد إلى جانب المقاومة وكل المقاومين الذين يواجهون الإجرام والاحتلال الإسرائيلي."

نفي حزب الله هذا، وتأكيد القوى والمرجعيات في لبنان وخارجه عدم علاقة الحزب بالمجزرة، لم يمنعا الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ اغتيال في 30 / 7 / 2024، هو الأكبر حتى تاريخه، في ضاحية بيروت الجنوبية، حين استهدف فؤاد علي شكر (السيد محسن)، المسؤول العسكري المركزي الأول لحزب الله في حقبة التأسيس، وهو المسؤول عن وضع الخطط العسكرية للحزب في حرب تموز / يوليو 2006 وما بعدها. وشغل عضوية الشورى المركزية لحزب الله خلال فترات من مسيرته، كما شغل عضوية المجلس الجهادي للمقاومة الإسلامية منذ تأسيسه، وتولى قيادة العمليات العسكرية في جبهة الإسناد اللبنانية منذ بداية معركة "طوفان الأقصى".

وأصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي بياناً أكد فيه استهداف شكر، معتبراً أن شكر "كان يدير القتال في مواجهة إسرائيل منذ الثامن من تشرين الأول / أكتوبر، وكان مسؤولاً عن مجزرة الأطفال في مجدل شمس، وعن قتل العديد من الإسرائيليين والأجانب على مدار السنين."

بعد ساعات قليلة على اغتيال شكر في بيروت، اغتالت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.

عقب الاغتيالين، ظهر السيد حسن نصر الله في 1 / 8 / 2024، وألقى خطاباً أوضح فيه أن اتهام الحزب بأنه وراء هجوم مجدل شمس "اتهام ظالم وغير مقبول ومرفوض ‏وهادف ومُضلل."

اغتيال شكر استدعى رداً خاصاً من حزب الله الذي نفّذ تهديده في 25 / 8 / 2024، وسمّى الرد عملية "يوم الأربعين" نسبة إلى أربعين الإمام الحسين. فقد أطلق الحزب في العملية 320 صاروخاً، وعدداً من المسيّرات. وبيّن السيد نصر الله طبيعة الهدف الذي استهدفته المقاومة بالقول: "وجدنا مجموعة من الأهداف وفق مواصفاتنا قرب تل أبيب، وحددنا قاعدة غليلوت وهي قاعدة مركزية للاستخبارات الإسرائيلية وفيها الوحدة 8200." وأوضح أن "الهدف العسكري النوعي هو قاعدة الاستخبارات العسكرية أمان، ووحدة 8200 في غليلوت، والهدف الآخر هو قاعدة الدفاع الجوي في عين شيمر." 

تفجيرات البيجر واللاسلكي واستمرار الاغتيالات

تدحرجت الأمور أكثر في لبنان، فعادت إسرائيل لتستهدف عدة عناصر من حزب الله، ففي ظهيرة 17 / 9 / 2024، انفجرت آلاف أجهزة النداء "البيجر"، الموجودة "لدى عدد من العاملين في وحدات ومؤسسات حزب الله المختلفة"، بحسب "بيان أولي" صدر عن الحزب في اليوم ذاته.

وفي اليوم التالي أيضاً، انفجر بعض أجهزة اللاسلكي التي كانت في حيازة عناصر تابعين لحزب الله.

وفي 20 / 9 / 2024، شنّت طائرات الاحتلال هجوماً على حي الجاموس في الضاحية الجنوبية لبيروت، فاغتالت إبراهيم عقيل (الحاج عبد القادر) الذي نعاه حزب الله في بيان، هو و"كوكبة من إخوانه الشهداء"، قال مصدر أمني لبناني لوسائل إعلام إن عددهم أكثر من 20 شخصاً. وتولى عقيل مسؤولية التدريب المركزي في الحزب في مطلع التسعينيات، وأدى دوراً أساسياً في تطوير القدرات البشرية في تشكيلات المقاومة، بحسب بيان صادر عن حزب الله، كما تولى مسؤولية الأركان في المقاومة الإسلامية في منتصف التسعينيات، ومسؤولية وحدة عمليات جبل عامل منذ سنة 1997 إلى ما بعد التحرير في سنة 2000. وبدءاً من سنة 2008 شغل موقع معاون الأمين العام للحزب لشؤون العمليات، وعُيّن عضواً في المجلس الجهادي. وهو من المشرفين على تأسيس وتطوير قوة الرضوان في حزب الله حتى تاريخ استشهاده. وبين شهداء الاستهداف أحمد محمود وهبي (الحاج أبو حسين سمير) الذي تولى مسؤولية وحدة التدريب المركزي حتى سنة 2007، ومسؤولية التدريب في قوة الرضوان حتى سنة 2012، وكان المسؤول عنها حتى مطلع سنة 2024، كما تولى مسؤولية وحدة التدريب المركزي بعد استشهاد وسام الطويل.

وقالت وزارة الصحة اللبنانية في 21 / 9 / 2024 في بيان صادر عنها إن عدد الشهداء ارتفع إلى 37 شخصاً، وأوضحت أنه تحديث جديد لحصيلة الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي وقت سابق للبيان، أعلن وزير الصحة اللبناني فراس أبيض أن بين ضحايا الغارة على الضاحية 3 أطفال و7 نساء، علاوة على 68 إصابة. وأشار في مؤتمر صحافي أن العدد الإجمالي لضحايا تفجير أجهزة الاتصال (البيجر واللاسلكي) والغارة على الضاحية بلغ 70 شخصاً، موضحاً أن عدد المصابين بتفجيرات أجهزة الاتصال هو 2950 شخصاً، وأن العديد من المصابين فقدوا بصرهم جزئياً أو كلياً، وأُجريت لنحو 2087 منهم عمليات جراحية. وأشار إلى أن الأغلبية العظمى من المصابين هي من المدنيين الذين كانوا في المتاجر ومحلات السوبر ماركت وقت الهجمات، ووصف تصرفات إسرائيل بأنها "جريمة حرب".

وفي 19 / 9 / 2024، ألقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، خطاباً قال فيه: "على مدى يومين وفي دقيقة واحدة يومَي الثلاثاء والأربعاء [17 - 18 أيلول / سبتمبر] كان العدو يريد أن يقتل ما لا يقل عن 5000 إنسان في دقيقتين." وأكد أنه: "لا شكّ أننا تعرضنا لضربة كبيرة أمنياً وإنسانياً وغير مسبوقة في تاريخ مقاومتنا وربما في تاريخ الصراع مع العدو." وأضاف: "إذا أردتم إعادة المستوطنين فالسبيل الوحيد هو وقف العدوان على غزة." 

الإعداد للحرب الشاملة على لبنان

قررت إسرائيل بحلول منتصف أيلول / سبتمبر، توسيع نطاق عدوانها ليشمل مختلف أرجاء لبنان، وباتت تتهيّأ لشنّ غزو برّي محدود. وأفاد مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في بيان في 16 / 9 / 2024، بأن "مجلس الوزراء السياسي والأمني، [الكابينت]، حدّث أهداف الحرب، بحيث باتت تشمل الفصل الآتي: العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم." وفي اليوم نفسه، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، أنه قال للمبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين: "احتمالات التوصل إلى اتفاق مع حزب الله تتضاءل"، مشدداً على أن "العمل العسكري هو السبيل الوحيد المتبقي لضمان عودة سكان شمال إسرائيل إلى بيوتهم."

وفي 19 / 9 / 2024، شنّ جيش الاحتلال موجتين واسعتين من الغارات الجوية الكثيفة على مناطق وبلدات في الجنوب اللبناني. وشملت الضربات وفق البيان العسكري الإسرائيلي 100 منصة إطلاق، وبُنى تحتية عسكرية لحزب الله، تضم 1000 فوهة لصواريخ كانت جاهزة فوراً للإطلاق. واعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل ضابط وجندي على الحدود مع لبنان. وفي المقابل أعلن حزب الله شنّ 17 هجوماً على جنود ومواقع وآليات عسكرية ومستعمرات في الجليل والجولان وتلال كفرشوبا المحتلة، في أكبر عدد هجمات يشنّه الحزب خلال 3 أشهر، ورابع أكبر معدل هجمات يومي منذ 8 / 10 / 2023.

وفي ظل هذا التصعيد، قال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن لا يزال يعتقد أن التوصل إلى اتفاق وقف النار في غزة ممكن، وأنه قد يؤدي إلى خفض التوترات في المنطقة. وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جون بيير - في إفادة صحافية - إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق إزاء التصعيد المحتمل في الشرق الأوسط، وأن واشنطن لا ترغب في رؤية تصعيد في المنطقة. كما قالت صابرينا سينغ نائبة المتحدث باسم "البنتاغون" إن الولايات المتحدة لا تدعم العمليات العسكرية البرية الإسرائيلية في غزة أو الشمال ضد حزب الله، محذرة من التصعيد، ومؤكدة أن البنتاغون يمنح الأولوية للدبلوماسية. وأضافت سينغ -خلال إحاطة صحافية - أن قوات بلادها في الشرق الأوسط ستدافع عن إسرائيل عند الحاجة.

وفي 22 / 9 / 2024، رد حزب الله على تلك الاعتداءات الواسعة، بقصف مواقع عسكرية في مدينة حيفا للمرة الأولى منذ بداية المواجهات، موقعاً عدداً من الإصابات بين الإسرائيليين، فضلاً عن تسبّبه بأضرار مادية كبيرة، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية. وقال الحزب في بيان إنه قام بردّ أولي على "المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في مختلف المناطق اللبنانية يومَي الثلاثاء والأربعاء ‌‏(مجزرة البايجر وأجهزة اللاسلكي)"، وأوضح أن المقاومة الإسلامية قامت: "بقصف مُجمعات الصناعات العسكرية ‏لشركة رفائيل المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة زوفولون شمال ‏مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2 والكاتيوشا."

وفي 23 / 9 / 2024، شنّ الجيش الإسرائيلي مئات الغارات التي قال إنها تستهدف مواقع لحزب الله في لبنان. وأطلق في مساء ذلك اليوم اسم "سهام الشمال" على عمليته، بينما سمّاها حزب الله "أولي البأس".

وجاء الهجوم الإسرائيلي على شكل هجمات متعددة خلال هذا اليوم، إذ شنّ جيش الاحتلال هجوماً في ساعات الصباح الأولى، عبارة عن سلسلة غارات استهدفت عشرات المناطق في الجنوب اللبناني، وتركزت على بلدات الطيري وبنت جبيل وحانين، وعيتا الشعب وعيترون ومحرونة. وعلاوة على ذلك شنّ غارات أُخرى طالت الخيام والمحمودية، وشمسطار وطاريا وبوداي وحربتا والهرمل في البقاع.

وبعد سلسلة الغارات هذه أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي بياناً أعلن فيه تنفيذه غارات مكثفة على أهداف قال إنها لحزب الله في لبنان. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، إن هجوم الجيش على لبنان جاء كضربة استباقية بعد رصد تحركات لحزب الله لاستهداف إسرائيل.

وقبيل انتصاف النهار بقليل، بدأ جيش الاحتلال يشنّ هجمات جديدة طالت بلدات تتعرض للهجوم لأول مرة، وأغلب الغارات العنيفة استهدف بلدات حولا ومجدل سلم وطلوسة والصوانة والطيبة ودير قانون النهر ومعروب.

هنا بدأ رد حزب الله الكثيف، فأطلق رشقة صاروخية في اتجاه المستعمرات في الجليل، وصواريخ أُخرى نحو صفد. كما أعلن حزب الله في بيان "استهداف المقر الاحتياطي للفيلق الشمالي وقاعدة تمركز احتياط فرقة الجليل ومخازنها اللوجستية في قاعدة عميعاد شمال غرب بحيرة طبرية ومُجمعات الصناعات العسكرية رفائيل في منطقة زوفولون شمال مدينة حيفا المحتلة بعشرات الصواريخ"، فضلاً عن استهداف مواقع ومقارّ عسكرية إسرائيلية أُخرى.

ومع استمرار المواجهات عبر الغارات الإسرائيلية والصواريخ من حزب الله، وصّف المتحدث باسم جيش الاحتلال هاغاري الوضع في "الجبهة الشمالية" بـ "الصعب جداً". كما أدلى المتحدث باسم حكومة الاحتلال بتصريح قال فيه: "على حزب الله الابتعاد عن منطقة نهر الليطاني التي تُعتبر حدودنا الشمالية."

لبنانياً، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي إن "العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان، حرب إبادة بكل ما للكلمة من معنى، ومخطط تدميري يهدف إلى تدمير القرى والبلدات اللبنانية والقضاء على كل المساحات الخضراء. وفي كل الاتصالات التي نقوم بها، ندعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الفاعلة إلى الوقوف مع الحق وردع العدوان، ونجدد التزامنا بالقرار 1701 بشكل كامل، ونعمل كحكومة على وقف الحرب الإسرائيلية المستجدة، ونتجنب قدر المستطاع الوقوع في المجهول."

ومع تصاعد العمليات العسكرية بين الاحتلال وحزب الله وقوى المقاومة الأُخرى في الجنوب كـ "حركة أمل" التي نعت أكثر من شهيد، وبعض الفصائل الفلسطينية كحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بدأ الحزب يستخدم صواريخ بعيدة المدى، فاستهدف مواقع عسكرية في تل أبيب الكبرى، حيث دوّت صفارات الإنذار في محيط مطار بن - غوريون. وفي اليوم ذاته أغارت طائرات الاحتلال على حي ماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت، مستهدفة اغتيال القائد في حزب الله علي كركي. وبينما تحدث إعلام الاحتلال عن نجاح الاستهداف، قال الحزب في بيان: "تعليقاً على ادعاءات العدو الصهيوني باغتيال الأخ المجاهد ‏علي كركي، فإننا نؤكد أن الأخ العزيز المجاهد ‏القائد ‏الحاج علي كركي بخير وهو بحول الله تعالى في ‏كامل صحته وعافيته وقد انتقل إلى مكان آمن."

وفي مساء هذا اليوم، قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال هيرتسي هليفي، إن الجيش يستعد للمراحل التالية من عمليته في لبنان بعد شنّ موجة من الضربات الجوية ضد أهداف لحزب الله صباح اليوم الاثنين [23 أيلول / سبتمبر]. وأضاف في بيان نقلته وكالة "رويترز": "في الأساس، نستهدف البُنية التحتية القتالية التي يؤسسها حزب الله منذ 20 عاماً. هذا مهم جداً. نضرب أهدافاً ونستعد للمراحل التالية." وكذلك زعم رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان باللغة الإنجليزية وجّهه إلى اللبنانيين، أن "حرب إسرائيل ليست معكم، إنها مع حزب الله"، وقال نتنياهو: "بمجرد انتهاء العملية الإسرائيلية يمكن للناس العودة بأمان إلى منازلهم." 

ردات فعل ومواقف

دانت مصر التصعيد الإسرائيلي الذي وصفته بـ "الخطير" في لبنان، وكذلك العمليات العسكرية الموسعة التي أدت إلى استشهاد وإصابة المئات من اللبنانيين، بينهم نساء وأطفال.

ودانت دولة قطر بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي أدى إلى سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، وحذرت: "في الوقت ذاته من اتساع دائرة العنف في المنطقة وانزلاقها إلى حرب إقليمية شاملة، في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة."

وأشارت الخارجية القطرية إلى أن: "استمرار التصعيد يعود بالدرجة الأولى إلى غياب أي رادع لتصرفات إسرائيل، واستمرار خرقها المتكرر للقانون الدولي وإفلاتها المستمر من المحاسبة."

كما أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين أيمن الصفدي ضرورة تحرك مجلس الأمن فوراً "للجم العدوانية الإسرائيلية وحماية المنطقة من كارثية تبعاتها."

كذلك عبّرت الرياض عن قلقها، وحذرت في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية من: "خطورة اتساع رقعة العنف في المنطقة، والانعكاسات الخطيرة للتصعيد على أمن المنطقة واستقرارها."

ودانت السفارة الإيرانية في بيروت: "استمرار الكيان الإسرائيلي بارتكاب الجرائم الفظيعة بحقّ المدنيين الآمنين في لبنان."

أمّا وزارة الخارجية التركية، فقالت في بيان إن: "هجمات إسرائيل على لبنان تشكل مرحلة جديدة في جهودها لجرّ المنطقة بكاملها إلى الفوضى."

وخلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي كانت الأخيرة له في ولايته، شدد الرئيس الأميركي جو بايدن (24 أيلول / سبتمبر) على أن "الحرب الشاملة ليست في مصلحة أحد. وحتى مع تصاعد الموقف، لا يزال الحل الدبلوماسي ممكناً. والواقع أن هذا الحل يظل السبيل الوحيد لتحقيق الأمن الدائم، والسماح للسكان من كلا البلدين بالعودة إلى ديارهم على الحدود بأمان. وهذا ما نعمل بلا كلل لتحقيقه."

أيضاً دعا رئيس الحكومة البريطانية جميع الأطراف في الشرق الأوسط إلى "التراجع عن حافة الهاوية."

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان - نويل بارو أن بلده طلب عقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع لبحث الوضع في لبنان. وقال الوزير في الأمم المتحدة في نيويورك إن "فرنسا تدعو الأطراف وأولئك الذين يدعمونهم إلى وقف التصعيد وتجنّب اندلاع حريق إقليمي سيكون مدمراً للجميع بدءاً بالسكان المدنيين. لهذا السبب، طلبت عقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن بشأن لبنان هذا الأسبوع."

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قُبيل مشاركته في اجتماع في نيويورك لممثلي دول مجموعة السبع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة: "أستطيع أن أقول إننا تقريبا على شفير حرب شاملة."

وتعقيباً على التطورات العسكرية في لبنان، أعربت اليونيفيل عن "قلقها البالغ على سلامة المدنيين في جنوب لبنان وسط حملة القصف الإسرائيلي الأكثر كثافة منذ تشرين الأول / أكتوبر الماضي [2023]." 

توسيع الاعتداءات وحراك دبلوماسي

في اليوم التالي، 24 / 9 / 2024، أعلن وزير الصحة اللبناني فراس أبيض في مقابلة تلفزيونية أعداد الضحايا في الغارات الإسرائيلية منذ صباح 23 أيلول / سبتمبر، وهي: "569 شهيداً بينهم 50 طفلاً و94 امرأة و2 من العاملين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أحدهما سيدة مع ابنها، و9 مسعفين. و1835 جريحاً منهم 27 جريحاً من الأطقم الطبية والإسعافية." كما أعلن استهداف مستشفى بنت جبيل الحكومي من دون إصابات، ومركزين من مراكز الصحة الأولية، و18 سيارة إسعاف وسيارة إطفاء.

ونعت "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي اثنين من كوادرها وقالت في بيان إنهما المجاهدان "حسين موسى بلاوني (33 عاماً) ومؤيد أحمد محمد (26 عاماً) من أبطال كتيبة الشهيد علي الأسود - ساحة سورية، واللذان ارتقيا على حدود فلسطين المحتلة في جنوب لبنان، ضمن معركة طوفان الأقصى أثناء أدائهم لواجبهم القتالي." كما نعت في اليوم ذاته الشهيدين سمير مصطفى دياب (31 عاماً) وفراس أيمن شهابي (31 عاماً)، بعد أن "استُشهدا على حدود فلسطين المحتلة في جنوب لبنان، ضمن معركة طوفان الأقصى."

في 25 / 9 / 2024، واصل طيران الاحتلال شنّ غاراته على لبنان. وفي ذلك اليوم استُهدفت منطقة السعديات جنوبي بيروت، لأول مرة. وفي المقابل رد حزب الله على الاستهدافات، بقصف تل أبيب بصاروخ باليستي، بحسب بيان للحزب قال فيه: "عند الساعة السادسة والنصف أطلقنا صاروخاً ‏باليستياً من نوع قادر 1"، وأن الصاروخ استهدف "مقر قيادة الموساد في ضواحي تل أبيب، وهو المقر المسؤول عن اغتيال ‏القادة وعن تفجير البايجرز وأجهزة اللاسلكي.‏"

كما أعلن منسق خطة الطوارىء الحكومية وزير البيئة اللبناني ناصر ياسين، أن عدد الشهداء في لبنان منذ 8 / 10 / 2023، بلغ 1247 شهيداً، و5278 جريحاً، معظمهم من المدنيين والأطفال والنساء، وأن حركة النزوح ما زالت مستمرة من الجنوب إلى مناطق في عمق البلد.

كذلك أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، سلسلة اجتماعات دبلوماسية في نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقُبيل اجتماع مجلس الأمن الذي كان مقرراً في مساء ذلك اليوم، للبحث في الأوضاع في لبنان.

وفي الوقت ذاته قال الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابله مع شبكة "إيه. بي. سي." إن اندلاع "حرب شاملة أمر محتمل. لكنني أعتقد أنه لا يزال هناك إمكان [للتوصل إلى] اتفاق يمكنه أن يبدل في شكل أساسي المنطقة برمّتها."

وعلى صعيد الدبلوماسية، قال مصدر مقرب من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، في اليوم نفسه: "إن مساعي جدية تتكثف في هذه الساعات مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل التهدئة وتخفيف التصعيد العسكري بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن هناك تعويلاً كبيرا على نجاحها."

وفي المقابل قال هليفي مخاطباً الجنود: "أنتم تسمعون الطائرات التي تحلّق هنا فوقنا، حيث نهاجم طيلة النهار، وذلك من أجل تحضير الساحة تمهيداً لاحتمال دخولكم، ومن أجل مواصلة ضرب حزب الله." كما قال قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أوري غوردين، إن إسرائيل دخلت مرحلة أُخرى في الحرب، مشدداً على ضرورة الاستعداد من أجل "توغل بري".

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي استدعاء لواءين من قوات الاحتياط لمهمات عملانية على الجبهة الشمالية الحدودية مع الجنوب اللبناني، مشيراً إلى أن ذلك "سيسمح بمواصلة قتال حزب الله وتوفير الظروف" لإعادة مستوطني الشمال إلى منازلهم.

وفي نيويورك أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال كلمة له في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الجرائم الإسرائيلية في لبنان لن تمر من دون رد. وأضاف أن "الجرائم العمياء والإرهاب الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة في لبنان وقتله الآلاف من اللبنانيين لن يمر من دون رد."

وكانت حصيلة هذا اليوم من الشهداء 72 شهيداً، ونحو 400 جريح، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية.

ومع استمرار الغارات الإسرائيلية على لبنان، أصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، في 26 / 9 / 2024، نداء مشتركاً لإرساء "وقف مؤقت لإطلاق النار" لمدة 21 يوماً في لبنان، ذلك بأن العدوان الإسرائيلي يهدد بجرّ المنطقة إلى حرب واسعة النطاق. وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك: "لقد عملنا معاً في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح، وتجنّب مزيد من التصعيد عبر الحدود."

وأضاف بايدن وماكرون أن "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كل من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر." وقالت الدول التي وقّعت البيان المشترك: "لقد حان الوقت لإبرام تسوية دبلوماسية تمكّن المدنيين على جانبي الحدود من العودة إلى ديارهم بأمان."

وفي بيان منفصل، أبدى ماكرون رفضه أن يتحول لبنان إلى "غزة أُخرى". وأضاف: "على إسرائيل أن توقف ضرباتها، وعلى حزب الله الخروج من منطق الرد." كما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه في حال رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان، فإنه سيكون قد ارتكب "خطأ" يحمّله "مسؤولية" تصعيد إقليمي.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن دعت إليها فرنسا لمناقشة الوضع في لبنان، إنه "يجب تجنب الحرب الشاملة بأي ثمن، ولا يمكن للبنان أن يصبح غزة أُخرى."

وخلال تلك الجلسة الطارئة دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي المجلس للضغط على إسرائيل من أجل "وقف فوري لإطلاق النار على كل الجبهات"، وقال إن "بلادنا ضحية عدوان إسرائيلي سيبراني وجوي وبحري وقد يتطور إلى هجوم بري على أراضينا."

أمّا مبعوث الاحتلال لدى الأمم المتحدة داني دانون فقال إن إسرائيل تفضّل الحل الدبلوماسي في لبنان، لكنه أضاف أنه إذا فشلت الدبلوماسية فإن إسرائيل ستستخدم الوسائل المتاحة لها كافة.

كذلك دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي خلال جلسة لمجلس الأمن، إلى محادثات "الآن" لوقف فوري لإطلاق النار في لبنان، بينما حثّ سفير الصين لدى الأمم المتحدة إسرائيل على اتخاذ القرار الصحيح بوقف الحرب في غزة، والتوقف عن انتهاك سيادة لبنان وأمنه.

تلك المحاولات الدولية لم تكن محل ترحيب إسرائيلي، إذ قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن التصعيد في الشمال يجب أن ينتهي بسيناريو واحد هو القضاء على حزب الله، وتجريده من القدرة على الهجوم. كما هدد وزير الأمن الداخلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بالاستقالة من الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان.

تلك التباينات في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، حسمها تصريح صدر عن ديوان نتنياهو جاء فيه أن التقارير بشأن وقفٍ لإطلاق النار غير صحيحة، وأشار إلى أن نتنياهو لم يعلّق على المقترح الأميركي - الفرنسي. وأضاف: "رئيس الحكومة أوعز للجيش بمواصلة القتال بكل قوة في الشمال، والتقارير حول طلبه تخفيف الهجوم مغايرة للحقيقة." كذلك قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في الشمال. سنواصل القتال ضد منظمة حزب الله بكل قوة حتى النصر وإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم بأمان." 

السيد حسن نصر الله شهيداً

في مقابل التطورات الدبلوماسية في اليوم السابق، تراجع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تعهدات بالتهدئة، وقال إن الحرب في لبنان ستتواصل، الأمر الذي قلّص الآمال حيال إمكان تطبيق هدنة مدتها 21 يوماً دعت إليها فرنسا والولايات المتحدة. وأضاف: "طالما أن حزب الله يختار مسار الحرب، فلا خيار أمام إسرائيل، ولدى إسرائيل كل حق في إزالة هذا التهديد وإعادة مواطنينا إلى ديارهم بأمان"، مضيفاً أن العمليات "ستتواصل إلى أن نحقق أهدافنا."

ميدانياً، نعى حزب الله رسمياً القيادي محمد سرور (الحاج أبو صالح)، مسؤول القوة الجوية في المقاومة منذ سنة 2020، وقائد العمليات العسكرية للقوة الجوية في جبهة الإسناد اللبنانية منذ بداية معركة "طوفان الأقصى" حتى استشهاده.

كما قصف حزب الله طبرية مرتين، بصليات صاروخية، بينما شنّ طيران الاحتلال غارات على بلدات الغازية وقناريت والعدوسية والشرقية ومناطق أُخرى في الجنوب اللبناني. وخلال زيارة له إلى صفد، قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، إن إسرائيل ستواصل توجيه ضربات إلى حزب الله حتى عودة الهدوء إلى الشمال. ومع ارتفاع وتيرة الحديث الإسرائيلي عن احتمال شنّ عملية برية في لبنان، قال مسؤول أمني إسرائيلي إن أي عملية برية قد تنفذها القوات الإسرائيلية ضد حزب الله في لبنان ستكون "أقصر" ما أمكن. كما قال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان له إنه "في إطار رفع الاستعدادات على الساحة الشمالية خلال الأيام الأخيرة تم تجنيد لواءي احتياط للمشاركة في القتال في الحملة الشمالية."

الحدث الأكبر والأبرز في 27 / 9 / 2024، كان في حدود الساعة 18:35، حين شنّ طيران الاحتلال غارات عنيفة سمعها سكان بيروت ومحيطها. وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه نفذ غارة جوية واسعة النطاق على "المقر العسكري الرئيسي" لحزب الله في بيروت، بينما أفادت تقارير إعلامية عبرية بأن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قطع تصريحات كان يدلي بها للصحافيين في مقر الأمم المتحدة لتلقّي إحاطة عقب الغارات على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية. ولاحقاً ظهرت صورة لنتنياهو من الأمم المتحدة وهو يتكلم عبر الهاتف، وأوضحت وسائل إعلام إسرائيلية أنه كان يتابع خلال المكالمة عملية استهداف بيروت. كما ذكرت "القناة 12" أن نتنياهو أعطى الضوء الأخضر للهجوم على الضاحية الجنوبية لبيروت قبل أن يبدأ خطابه في الأمم المتحدة، بينما قالت وسائل إعلام تابعة لحزب الله إن الاحتلال الإسرائيلي يشنّ حزاماً نارياً على المنطقة الواقعة بين طريق المطار وحارة حريك في بيروت.

بعد نصف ساعة تقريباً على الاستهداف قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن هدف القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت هو اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في حين ذكرت "القناة 12" إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يحقق فيما إذا كان نصر الله في المقر الذي تعرّض للهجوم. كما قالت القناة ذاتها إن "المعلومة الذهبية" (أي تلك المتعلقة بوجود نصر الله) وصلت بعد الظهر (27 / 9 / 2024)، وأن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أصيب على أقل تقدير خلال الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت. كما أضافت القناة أن محاولة الاغتيال خُطط لها منذ فترة، وأن إسرائيل تنتظر الفرصة الملائمة، وأن "المعلومة الذهبية" وصلت بعد ظهر ذلك اليوم. وأفادت بأن الولايات المتحدة علمت بالهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت قبل تنفيذه بوقت قصير، وأن تل أبيب طالبت واشنطن بردع إيران ومنعها من الرد. لكن المتحدث باسم البنتاغون قال إن الولايات المتحدة لم تتلقّ إشعاراً مسبقاً بشأن الغارات الإسرائيلية في بيروت، وإن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تحدث مع وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت بينما كانت العملية جارية. ونقلت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مسؤول عسكري زعمه أن "كل مَن تواجد لحظة القصف في المقر المركزي لحزب الله لن يخرج حياً."

وتعليقاً على الهجوم، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن "دعوة أميركا ودول أوروبية لوقف إطلاق النار كانت عملية خداع كبيرة لشراء الوقت لاستمرار الجرائم الإسرائيلية في غزة ولبنان"، مضيفاً أن "الهجمات الجنونية الصهيونية في بيروت مؤشر على عجز العصابة الإجرامية الحاكمة في إسرائيل في ساحة المعركة وحقدها العميق."

أمّا مندوب الاحتلال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون فقال: إن الغارات الجوية الإسرائيلية على بيروت اليوم الجمعة استهدفت اجتماعاً "لأشرار" يخططون لشنّ هجوم على إسرائيل.

وفي نيويورك قطع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي اجتماعاته خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وذكرت إذاعة جيش الاحتلال أن عدة طائرات من طراز "إف 35" شاركت في الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، مستخدمة خلال القصف قنابل خارقة للتحصينات. وأضافت أن الغارات استهدفت "مقرّ هيئة أركان حزب الله الرئيسية"، وأن المستهدف الرئيسي خلالها هو الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله.

وفي صبيحة اليوم التالي (28 / 9 / 2024) أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي رسمياً، اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وقادة آخرين، بينهم علي كركي قائد الجبهة الجنوبية في الحزب، وذلك خلال الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وفي ظهيرة اليوم ذاته، أعلن حزب الله رسمياً استشهاد أمينه العام السيد حسن نصر الله، وجاء في البيان: "سماحة السيد، سيد المقاومة، العبد الصالح، انتقل إلى جوار ربه ورضوانه شهيداً عظيماً قائداً بطلاً مقداماً شجاعاً حكيماً مستبصراً مؤمناً، ملتحقاً بقافلة شهداء كربلاء النورانية الخالدة في المسيرة الإلهية الإيمانية على خطى الأنبياء والأئمة الشهداء." وأضاف البيان: "لقد التحق سماحة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، برفاقه الشهداء العظام الخالدين الذين قاد مسيرتهم نحواً من ثلاثين عاماً، قادهم فيها من نصر إلى نصر، مستخلفاً سيد شهداء المقاومة الإسلامية عام 1992 حتى تحرير لبنان 2000، وإلى النصر الإلهي المؤزر 2006 وسائر معارك الشرف والفداء، وصولاً إلى معركة الإسناد والبطولة، دعماً لفلسطين وغزة والشعب الفلسطيني المظلوم."

ونعت جميع الفصائل الفلسطينية السيد نصر الله، وكذلك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والمجلس الوطني الفلسطيني.

وتتالت ردات الفعل، إذ قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في ضربة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت "هو معيار للعدالة للكثير من ضحاياه، ومنهم آلاف المدنيين الأميركيين والإسرائيليين واللبنانيين."

وفي المقابل انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، استحسان الرئيس الأميركي، جو بايدن، لتنفيذ إسرائيل عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، واصفاً الواقعة بأنها اغتيال سياسي.

ونعى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأمين العام لحزب الله، قائلاً إنه نال أمنيته، ومضيفاً أن "استشهاد نصر الله سيجعل شجرة المقاومة أكثر صلابة وقوة."

كذلك نعى السيد نصر الله عدد من الرؤساء والزعماء في المنطقة، وقادة أحزاب وقوى عربية وإسلامية في العالم.

ولم تمر ساعات حتى بدأت تتكشف أسماء شخصيات أُخرى قضت مع السيد نصر الله، ومنها العميد عباس نيلفروشان مسؤول ملف لبنان في فيلق القدس. وفي اليوم التالي (29 / 9 / 2024) أعلن حزب الله اغتيال عضو مجلسه المركزي نبيل قاووق في غارة على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية. كما أعلن جيش الاحتلال زعمه اغتيال أكثر من 20 عنصراً مع السيد نصر الله، بينهم إبراهيم حسين جزيني، قائد وحدة تأمين نصر الله، وسمير توفيق ديب، مستشار نصر الله لعدة أعوام، وعبد الأمير محمد سبليني، مسؤول بناء القوة في حزب الله، وعلي نايف أيوب، مسؤول إدارة النيران في حزب الله.

وفي يوم إعلان استشهاد نصر الله أعلن الحزب تنفيذه 8 عمليات استهدف فيها مستعمرة كابري بصلية من صواريخ "فادي 1"، وقاعدة ومطار رامات ديفيد ‏بصلية من صواريخ "فادي 3‏"، وتحرُّك لجنود الاحتلال الإسرائيلي في موقع الصدح بقذائف المدفعية، ومستعمرات ساعر، وروش بينا، ومتسوفا، وكتسرين، كلها بصلية صاروخية، كما استهدف مستعمرة معالوت بـ 50 صاروخاً. 

نزوح كثيف

وعقب الهجوم الإسرائيلي وتزايد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، بدأت حركة نزوح كبيرة من المكان، لمئات العائلات، ولا سيما أن جيش الاحتلال أعطى تهديدات بإخلاء بعض الأحياء في الضاحية. كما قالت وزارة الصحة اللبنانية إن المستشفيات الواقعة في ضاحية بيروت الجنوبية ستُجلي مرضاها، غداة غارات إسرائيلية كثيفة، في وقت بدأ العديد من الدول بإجلاء رعاياه من لبنان. وأعلنت الحكومة اللبنانية الحداد الرسمي ثلاثة أيام على الأمين العام لحزب الله.

ومع وصول أعداد النازحين إلى أكثر من مليون مواطن، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، تحويل مبلغ بقيمة مليون دولار للنازحين من الأقضية السبعة في الجنوب اللبناني، والذي ستستفيد منه العائلات المسجلة ضمن برنامجي "الأُسَر الأكثر فقراً". كما قالت السفارة البريطانية في بيروت في بيان لها، إن "المملكة المتحدة أرسلت 5 ملايين جنيه إسترليني إلى وكالة اليونيسف في لبنان لدعم جهود الاستجابة للاحتياجات الإنسانية وتمكين الوكالة من توزيع المساعدات إلى الفئات الأكثر حاجة." بدورها قالت "اليونيسف": "لقد انتقل الوضع في لبنان، الذي يتأرجح بالفعل على حافة الهاوية، من أزمة إلى كارثة. يجب أن تتوقف معاناة الأطفال."

وشهد مخيم البص مجزرة جرّاء غارة جوية استهدفت منزل المربي فتح شريف (أبو الأمين)، قائد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في لبنان، وعضو قيادة الحركة في الخارج، فسقط "شهيداً على طريق القدس، وفي ظلال ملحمة طوفان الأقصى، وزوجته المربية الشهيدة أُمية إبراهيم عبد الحميد، وابنه الشهيد أمين فتح شريف، وابنته الشهيدة وفاء فتح شريف"، بحسب بيان نعي صدر عن حركة "حماس". كما شُنّت غارة أُخرى استهدفت معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان.

وقبل ساعات من هذا الاغتيال، كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نعت 3 من قيادييها استشهدوا في غارة إسرائيلية على بيروت، إذ كان الجيش الإسرائيلي قد شنّ غارة جوية على منطقة الكولا في بيروت، وذلك في أول قصف إسرائيلي داخل العاصمة اللبنانية منذ اندلاع المواجهات مع حزب الله في 8 تشرين الأول / أكتوبر الماضي. وقالت "الجبهة الشعبية" في بيان إن الغارة أدت إلى استشهاد محمد عبد العال عضو المكتب السياسي ومسؤول الدائرة العسكرية والأمنية، وعماد عودة عضو الدائرة العسكرية للجبهة وقائدها العسكري في لبنان، علاوة على عبد الرحمن عبد العال. 

الاجتياح البري

في 1 / 10 / 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء العملية البرية في لبنان ضد حزب الله، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، عبر منصة "إكس"، إن القوات الإسرائيلية بدأت عملية برية "محددة الهدف والدقة" ضد أهداف لحزب الله في المنطقة القريبة من الحدود في الجنوب اللبناني. وأضاف: "عمل الجيش وفق خطة مرتبة تم إعدادها في هيئة الأركان العامة وفي القيادة الشمالية، والتي تدربت القوات لها على مدار الأشهر الأخيرة. والقوات البرية مدعومة بهجمات جوية لسلاح الجو وقصف مدفعي يستهدف أهدافاً عسكرية في المنطقة بالتنسيق الكامل مع قوات المشاة."

وفي اليوم ذاته قال جيش الاحتلال في بيان نُشر على "تليغرام" إن "طائرات مقاتلة من سلاح الجو هاجمت عشرات الأهداف التابعة لمنظمة حزب الله الإرهابية في منطقة البقاع اللبنانية"، وأضاف البيان أن بين الأهداف "عشرات منصات الإطلاق والمباني التي تم تخزين أسلحة فيها."

وبلّغ وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت نظيره الأميركي لويد أوستن بشأن العمليات البرية، وأفاد بيان صادر عن مكتبه بأن "الوزير ناقش العمليات المحددة الأهداف والمواقع التي أطلقها جيش الدفاع الإسرائيلي خلال الليل ضد أهداف لحزب الله الإرهابي في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان." في حين قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الوزير لويد أوستن تحدث إلى نظيره الإسرائيلي وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت. وأضافت الوزارة في بيان: "اتفقا على ضرورة تفكيك البُنية التحتية الهجومية على امتداد الحدود لضمان عدم تمكّن حزب الله اللبناني من شنّ هجمات على غرار هجمات السابع من أكتوبر على البلدات الشمالية في إسرائيل."

وبحسب بيان صادر عن جيش الاحتلال فإن "قوات الفرقة 98، ومن بينها قوات لواء الكوماندوس والمظليين والمدرعات من اللواء 7، أجرت الاستعدادات على مدار الأسابيع الأخيرة لتنفيذ عملية برية في جنوب لبنان." وأعلن الجيش الإسرائيلي "منطقة عسكرية مغلقة" في أجزاء من الحدود الشمالية مع لبنان، كما أوضح أنه ينفذ عملياته بناء على "معلومات استخباراتية دقيقة" تستهدف مواقع وبُنى تحتية عائدة إلى حزب الله في الجنوب اللبناني، مضيفاً أن "هذه الأهداف تقع في قرى قريبة من الحدود، وتشكل تهديداً مباشراً للمجتمعات الإسرائيلية في شمال إسرائيل." وأعلن الجيش الإسرائيلي أيضاً استدعاء أربعة ألوية احتياط إضافية "للقيام بمهام عملياتية في الساحة الشمالية"، وفق بيان صادر عنه، وأن "هذا من شأنه أن يسمح باستمرار النشاط العملياتي ضد منظمة حزب الله الإرهابية وتحقيق الأهداف العملياتية، بما في ذلك العودة الآمنة لسكان شمال إسرائيل إلى منازلهم."

ومع ذلك، نفى حزب الله أن تكون قوات إسرائيلية توغلت إلى لبنان وخاضت اشتباكات مع مقاتليه، كما أكد مصدر من الجيش اللبناني لـ "وكالة الأنباء الفرنسية" الثلاثاء أن وحداته "لم ترصد" أي توغل إسرائيلي عبر الحدود، وهو أمر أكده أيضاً الناطق باسم قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل) أندريا تيننتي.

وتعقيباً على الاجتياح البري والتطورات الجارية، أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في 30 أيلول/سبتمبر، وهذه كانت أول مرة يلقي فيها مسؤول في حزب الله خطاباً منذ إعلان استشهاد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، أن الحزب لديه خطط عسكرية وضعها السيد نصر الله للمواجهة، وأن هناك بدائل ونواباً للقادة الذين استشهدوا سيتابعون القتال وتنفيذ الخطط، مشيراً إلى أن الحزب سيختار أمينه العام في أقرب فرصة.

وفي ظل توسع الحرب، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام أنطونيو غوتيريش للصحافيين، إن "قوات اليونيفيل تظل في مواقعها في المنطقة التابعة لمسؤولية البعثة، في وقت أن شدة القتال تمنع تحركاتها وقدرتها على القيام بالمهام الموكلة إليها." وأضاف: "نظراً لشدة التراشق الصاروخي... هم غير قادرين على القيام بدوريات."

بدورها قالت "اليونيفيل" إن جيش الاحتلال بلّغها نيّته القيام بعمليات توغل برية محدودة داخل لبنان. وأضافت في بيان: "رغم هذا التطور الخطير، فإن حفظة السلام لا يزالون في مواقعهم. نحن نعمل بانتظام على تعديل وضعنا وأنشطتنا، ولدينا خطط طوارىء جاهزة للتفعيل إذا لزم الأمر. إن سلامة وأمن قوات حفظ السلام أمر بالغ الأهمية، ونذكّر جميع الأطراف بالتزاماتها إزاء احترام ذلك."

وكذلك أعلنت الخارجية الأميركية أن إسرائيل "تنفّذ حالياً" عمليات محدودة تستهدف حزب الله داخل الأراضي اللبنانية. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر لصحافيين: "إن بدء الصراع بدأ من جانب حزب الله في 8 أكتوبر [تشرين الأول] ولا يزال مستمراً، وإن الولايات المتحدة لا تزال ترغب في الوصول إلى وقف لإطلاق النار في هذا الصراع من أجل الشعبين الإسرائيلي واللبناني، وأيضاً الشعب الفلسطيني"، على حد زعمه.

وفي استهداف لمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا في الجنوب اللبناني، استشهد حسن المقدح نجل المسؤول في حركة "فتح" منير المقدح، وزوجته، بالغارة الإسرائيلية التي استهدفت منزل المقدح الأب. واستشهدت أيضاً لاجئة فلسطينية مع ابنها وطفلتين، بينما نجا منير المقدح الذي لم يكن في المنزل.

وفي 1 / 10 / 2024 أعلن حزب الله استهداف تجمّع لجنود إسرائيليين في مستعمرة أفيفيم بسلاح المدفعية، وتجمّع لجنود إسرائيليين في مستعمرة المطلة بصلية صاروخية، وتحرُّكٍ لجنود إسرائيليين في موقع المطلة، وقوة إسرائيلية عند بوابة مستعمرة شتولا بقذائف المدفعية. كما أعلن إطلاق صليات صاروخية من نوع "فادي 4" على قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200، ومقر الموساد الإسرائيلي في ضواحي تل أبيب.

وقال الجيش اللبناني في بيان له، إن "الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب تنفذ إعادة تموضع لبعض نقاط المراقبة الأمامية ضمن قطاعات المسؤولية المحددة لها. كما تُواصل القيادة التعاون والتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان." 

استعار الحرب

استمرت الحرب على لبنان حتى 27 / 11 / 2024، وتخللتها أحداث كبيرة، أولها هجوم إيراني كبير على إسرائيل يوم 1 / 10 / 2024، بنحو 250 صاروخاً ضمن عملية أُطلق عليها اسم "عملية الوعد الصادق 2". واعتبرت إيران أن الهجوم كان رداً على اغتيال السيد حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية الذي استشهد مع مرافقه في طهران فجر 31 / 7 / 2024، وقادة كبار آخرين. وعقب الاستهداف الإيراني، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الهجوم الإيراني على إسرائيلي خلّف أضراراً كبيرة بنحو 53 مليون دولار. وكان هذا الهجوم هو الثاني من نوعه، بعد هجوم 13 / 4 / 2024 بعدد من المسيّرات والصواريخ.

وقُبيل الهجوم الإيراني بوقت قصير، نفّذ فلسطينيان عملية مسلحة وسط مدينة يافا، أدت إلى سقوط نحو 8 قتلى وعدد من الجرحى وفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية.

وفي 3 / 10 / 2024 شنّ طيران الاحتلال غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، اغتال فيها رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين الذي أُعلن استشهاده في 23 / 10 / 2024 في بيان رسمي. وقال الحزب في بيانه: "ننعى السيد هاشم صفي الدين الذي ارتحل إلى ربه مع خيرة من إخوانه المجاهدين في غارة صهيونية"، من دون توضيح هوية العناصر الذين قضوا معه في الغارة.

وفي 5 / 10 / 2024 نعت حركة "حماس" القيادي في كتائب القسّام في لبنان سعيد عطا الله علي الذي استشهد مع زوجته وابنتيه الصغيرتين في غارة إسرائيلية على مخيم البداوي للاجئين في طرابلس شمال لبنان.

أمّا في 13 / 10 / 2024، فاستهدف حزب الله معسكراً تابعاً للواء غولاني في قاعدة "بنيامينا" في حيفا، بسرب من المسيّرات الانقضاضية، وذلك في أثناء تناول الجنود العشاء، ما أسفر عن وقوع 4 قتلى و67 جريحاً، كان بينهم 8 في حالة حرجة. وقال الحزب في بيان له إنه نفذ "عملية إطلاق سرب من المسيّرات الانقضاضية على ‏معسكر تدريب للواء غولاني في بنيامينا جنوب حيفا." ونقلت إذاعة جيش الاحتلال عن مصدر عسكري قوله إن منظومات الدفاع الجوي فشلت في رصد المسيّرات، كما نقلت هيئة البثّ عن الجيش الإسرائيلي قوله إن مسيّرتين أُطلقتا تحت غطاء صواريخ، وإن إحداهما اعتُرضت قرب نهاريا من دون رصد مسيّرة بنيامينا.

وبعد أيام قليلة، في 19 / 10 / 2024، ضربت طائرة مسيّرة منزل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في قيسارية، مُحدِثة انفجاراً كبيراً، لكن نتنياهو وزوجته لم يكونا في البيت، وذلك وفقاً لمصادر إسرائيلية تحدثت إلى وسائل الإعلام. وأفاد ديوان رئيس حكومة الاحتلال بأن "طائرة مسيّرة أُطلقت من لبنان وأصابت بشكل مباشر منزل بنيامين نتنياهو في قيسارية." وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المسيّرة هي من طراز تلك التي أصابت معسكر غولاني ويصعب اعتراضها. ونقل موقع "والا" أن المسيّرة التي أصابت منزل نتنياهو بقيسارية انفجرت على الرغم من مطاردة مروحيات عسكرية إسرائيلية لها طوال الوقت.

وتعليقاً على الاستهدف، قال نتنياهو إن مَن وصفهم بوكلاء إيران ارتكبوا "خطأ فادحاً" بمحاولة اغتياله هو وزوجته بعد مهاجمة منزله في قيسارية.

وأكد نتنياهو في بيان صدر عن مكتبه أن ما اعتبرها محاولة اغتياله "لن تردعه ولن تردع إسرائيل عن مواصلة الحرب ضد أعدائها من أجل النهضة"، وفق تعبيره.

وبينما اتهم نتنياهو إيران، فإن الأخيرة نفت ذلك من خلال بعثتها في الأمم المتحدة، التي أكدت أن لا صلة لها بالهجوم، وقالت: "هذا العمل قام به حزب الله اللبناني"، بحسب ما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية ("إرنا").

وظلت الجهة المنفذة للعملية غامضة إلّا في إطار الاتهامات، حتى يوم 22 / 10 / 2024، حين أعلن مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف مسؤولية الحزب عن عملية قيسارية التي جرى خلالها استهداف منزل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بطائرة مسيّرة في 19 / 10 / 2024.

والحدث البارز أيضاً، انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله، خلفاً للسيد حسن نصر الله. وقال الحزب في بيان له في 29 / 10 / 2024: "تمسّكاً بمبادىء حزب الله وأهدافه، وعملاً بالآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام، توافقت شورى حزب الله على انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً."

وشدد على "مواصلة العمل لتحقيق مبادىء حزب الله وأهداف مسيرته وإبقاء شعلة المقاومة وضَّاءة ورايتها مرفوعة حتى تحقيق الانتصار."

ويبلغ الشيخ نعيم قاسم من العمر 71 عاماً، وتولى منذ سنة 1991 منصب نائب الأمين العام ومسؤولية متابعة العمل النيابي والحكومي في حزب الله.

وفي 17 / 11 / 2024، نفذ جيش الاحتلال غارة عنيفة على منطقة رأس النبع في بيروت، أدت إلى اغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف. وفي مساء اليوم ذاته، استهدف محل إلكترونيات ماضي في شارع مار الياس، بذريعة اغتيال محمود ماضي الذي قالت إسرائيل إنه قيادي في الحزب، في حين نفى شقيقه حسن علاقته بأي حزب، مؤكداً أن شقيقه إنسان مدني، ويقضي أغلب وقته في العمل.

واستمر الوضع على حاله نارياً، حتى 27 / 11 / 2024، اليوم الذي بدأ فيه وقف إطلاق النار، بعد سلسلة من المفاوضات الكلامية، وأُخرى جرت بالنار. ففي يوم الأحد 24 / 11 / 2024 شنّ حزب الله هجوماً صاروخياً قوياً على أماكن في حيفا وتل الأبيب، وُصف بالأعنف منذ بدء الحرب. إذ أصدر الحزب في هذا اليوم وحده "51 بياناً عسكرياً حول عمليات التصدي لمحاولات تقدّم العدو الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية الفلسطينية، والتصدي لمسيّرات وطائرات العدو الحربية، وكذلك عمليات استهداف مواقع وقواعد وانتشار جيش العدو الإسرائيلي ومستوطناته في شمال وعمق فلسطين المحتلة." وفي المقابل، شنّت إسرائيل عدة غارات كان أعنفها يوم 26 / 11 / 2024، بعد أن أعلن جيش الاحتلال تهديدات لأماكن متعددة في بيروت الإدارية، هي: رأس بيروت؛ المزرعة، المصيطبة؛ زقاق البلاط. كما شنّ عدواناً جوياً على منطقة النويري في بيروت (من دون تهديد)، مستهدفاً مبنى سكنياً، الأمر الذي أدى إلى انهياره بالكامل، ووقوع ضحايا وأضرار في المكان. وتنفيذاً للتهديدات على بيروت، استُهدفت شقة سكنية في منطقة بربور وسط بيروت، ومنطقة الجناح في محيط السفارة الكويتية، وشُنّت غارة على مبنى في منطقة الحمرا، ومبنى القرض الحسن في منطقة زقاق البلاط، ومبنى آخر في شارع مار الياس، وشقة عند مدخل الخندق الغميق.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن اتفاق وقف إطلاق النار، وقال في كلمة ألقاها في البيت الأبيض بعد إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو موافقة الحكومة الأمنية على الاتفاق، إن وقف إطلاق النار سيدخل حيّز التنفيذ في فجر الأربعاء في الساعة 4 بالتوقيت المحلي (2 بتوقيت غرينتش).

وفي بيان مشترك مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد بايدن أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان سيهيىء الظروف اللازمة لعودة الهدوء إلى البلد.

وقال بايدن وماكرون في البيان المشترك: "إن الإعلان اليوم سيوقف القتال في لبنان ويحمي إسرائيل من تهديد حزب الله والمنظمات الإرهابية الأُخرى العاملة من لبنان."

وأضافا أن من شأن هذا الاتفاق أن "يوفر الظروف اللازمة لاستعادة الهدوء الدائم والسماح للسكان في البلدين بالعودة بأمان إلى منازلهم على جانبَي الخط الأزرق."

وأشار الرئيسان إلى أن باريس وواشنطن ستعملان على ضمان تنفيذ وقف إطلاق النار تنفيذاً تاماً. 

وقف الأعمال العدائية

في فجر 27 تشرين الأول / أكتوبر، دخل اتفاق وقف الأعمال العدائية حيّز التنفيذ، والذي أكد "إعلان وقف الأعمال العدائية والالتزامات ذات الصلة بترتيبات الأمن المعززة تجاه تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701." 

مواقف من وقف النار

قُبيل إعلان الاتفاق ذكر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنه مستعد لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، وسيرد بقوة على أي انتهاك من جماعة حزب الله.

من جانبه، ذكر مكتب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في بيان أن ميقاتي رحّب في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي بالاتفاق الذي توسطت فيه واشنطن لإنهاء الأعمال القتالية بين حزب الله وإسرائيل.

وجدد رئيس الحكومة اللبنانية "تأكيد التزام حكومته بتطبيق القرار الدولي رقم 1701، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب والتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)."

وفي أول ردة فعل من طرف حزب الله على الإعلان الإسرائيلي بشأن الاتفاق على وقف إطلاق النار، قال محمود قماطي نائب رئيس المجلس السياسي للحزب: "نشكك بالتزام نتنياهو ولن نسمح له بتمرير فخ بالاتفاق"، مضيفاً: "يجب أن ندقق بالنقاط التي وافق عليها نتنياهو قبل توقيع الحكومة [اللبنانية] الأربعاء."

ومع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري جميع اللبنانيين إلى العودة إلى أراضيهم حتى لو كانت ركاماً، وقال في كلمة متلفزة إن البلد يطوي لحظة تاريخية كانت الأخطر على لبنان، وهددت شعبه وتاريخه، وطالب بالإسراع إلى انتخاب رئيس للجمهورية. وأكد بري أن لبنان تمكّن من إحباط "مفاعيل العدوان الإسرائيلي"، مناشداً جميع الطوائف والقوى السياسية للحفاظ على لبنان أكثر قوة ووحدة. وأشار في هذا السياق إلى أن لبنان "في أشد الحاجة إلى الوحدة الوطنية بين جميع أبناء الشعب اللبناني."

من جانبه، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في كلمة ألقاها من مقر مجلس الوزراء، إن الأمل معلّق على الجيش اللبناني لإعادة الأمن إلى الجنوب، مشدداً على "المرجعية الأمنية" لقوات الجيش.

بدوره قال المبعوث الأميركي إلى لبنان عاموس هوكشتاين في مقابلة مع قناة "الجزيرة" من واشنطن، إن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل "سيكون دائماً وليس لمدة 60 يوما"، وكشف عن أن لبنان وإسرائيل لديهما "حق الدفاع عن النفس، وفقاً للاتفاق."

على صعيد الجيش اللبناني قال هذا الجيش أنه يعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال انتشاره في جنوب البلد وفق تكليف الحكومة اللبنانية، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيز التنفيذ صباح اليوم الأربعاء.

وأوضحت مديرية التوجيه في قيادة الجيش في بيان أن القوات اللبنانية تنفّذ مهماتها بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل) في إطار القرار 1701.

وشهد يوم الأربعاء الموافق فيه 27 / 11 / 2024، عودة كثيفة للنازحين إلى بيوتهم في الجنوب اللبناني والبقاع شرقاً والضاحية الجنوبية لبيروت.

ولم تمضِ ساعات على وقف إطلاق النار، حتى خرقته إسرائيل في أكثر من منطقة، ليصل عدد الخروقات في اليوم 14 (12 / 12 / 2024) إلى 207 خروقات، موقعة نحو 28 شهيداً و30 جريحاً، وفق إعلانات لبنانية رسمية. ومن ضمن الخروقات، إصدار جيش الاحتلال تهديدات للمواطنين اللبنانيين بعدم العودة إلى نحو 60 قرية من قراهم في الجنوب اللبناني.

وردّ حزب الله على الخروقات في 2 / 12 / 2024 للمرة الأولى منذ سريان الاتفاق، بقصف صاروخي استهدف موقع "رويسات العلم" العسكري في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة. 

نتائج الحرب 

لبنان

الحصيلة غير النهائية وفقاً لوزير الصحة اللبناني في 12 / 12 / 2024: 4047 شهيدأ؛ 790 شهيدة؛ 316 طفلاً شهيداً؛ 16,638 جريحاً؛ 2567 جريحة؛ 1456 طفلاً جريحاً.

حصيلة الاستهدافات للقطاع الصحي والمدني: 222 شهيداً في القطاع الصحي؛ 206 من رجال الإسعاف؛ 330 جريحاً؛ 257 جريحاً من رجال الإسعاف؛ 256 سيارة وآلية تابعة للقطاع الصحي تم تدميرها؛ 94 مركزاً طبياً تعرض للضرر؛ 40 مستشفى، بما في ذلك 67 هجوماً مباشراً على المستشفيات؛ 231 هجوماً على خدمات الطوارىء الطبية.

النزوح: بحسب المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أكثر من 886,000 شخص نزحوا داخل لبنان حتى 18 تشرين الثاني / نوفمبر؛ و540,000 شخص فروا من لبنان إلى سورية منذ بدء الحرب.

الاقتصاد: معطيات البنك الدولي (تقدير أولي للأضرار والخسائر في 14 / 11 / 2024)، 8,5 مليارات دولار تقدير أولي للأضرار والخسائر التي لحقت بلبنان. ومن المتوقع أن ينكمش الإنتاج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان بنحو 5,7% في سنة 2024، مقارنة بتقديرات النمو قبل الصراع، والبالغة 0,9%؛ 1,1 مليار دولار خسائر قطاع الزراعة منذ بداية المعارك بسبب تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين، وخصوصاً في المناطق الجنوبية؛ 1,1 مليار دولار خسائر في قطاعَي السياحة والضيافة، وهما الأكثر تضرراً.

الإعمار: قال تقرير للبنك الدولي إن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان تُقدّر بنحو 2,8 مليار دولار مع تدمير أكثر من 99,000 وحدة سكنية جزئياً أو كلياً. وقال مختبر المدن في بيروت التابع للجامعة الأميركية إن الضربات الجوية الإسرائيلية هدمت 262 مبنى على الأقل في الضاحية الجنوبية لبيروت وحدها. وقدّر تقرير البنك الدولي الأضرار التي لحقت بالزراعة بنحو 124 مليون دولار، وأن الخسائر تزيد على 1,1 مليار دولار، بسبب فوات الحصاد نتيجة تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين.

الخسائر الإسرائيلية وفقاً لحزب الله: أصدر حزب الله البيان رقم 4638، بتاريخ 27 / 10 / 2024، بيّن فيه حجم العمليات التي نفذها. وهي كالتالي: الحصيلة التراكمية للخسائر التي تكبّدها الاحتلال منذ إعلانه بدء التقدم البري في 1 / 10 / 2024 حتى 28 / 11 / 2024 هي: أكثر من 130 جندياً وضابطاً قُتلوا؛ أكثر من 1250 جندياً وضابطاً جرحى؛ تدمير 59 دبابة ميركافا؛ تدمير 11 جرافة عسكرية؛ تدمير 2 مدرعة؛ تدمير 2 آلية "هامر"؛ تدمير 2 ناقلة جند؛ إسقاط 6 مسيّرات من طراز "هرمز 450"؛ إسقاط 2 مسيّرة من طراز "هرمز 900"؛ إسقاط محلقة "كوادكوبتر".

عمليات الحزب العسكرية: أكثر من 4637 عملية عسكرية معلنة (عدد عمليات المقاومة الإسلامية منذ انطلاق عمليات "طوفان الأقصى" في 8 / 10 / 2023 بمعدل 11 عملية يومياً)؛ 1666 عملية عسكرية متنوعة (منذ بدء العدوان على لبنان وانطلاق عمليات "أولي البأس" في 17 / 9 / 2024 وبمعدل 23 عملية يومياً)؛ 105 عمليات عسكرية (نفذتها المقاومة في إطار عمليات "أولي البأس" ضمن سلسلة عمليات خيبر النوعية). 

إسرائيل: خسائر الاحتلال من مصادر إسرائيلية

البشرية: 45 مدنياً؛ 73 جندياً إسرائيلياً على الأقل قُتلوا في شمال إسرائيل، وهضبة الجولان.

المادية: 273 مليون دولار على الأقل؛ احتراق نحو 55.000 فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والحدائق والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل وهضبة الجولان السوري المحتل.

النزوح: 60,000 شخص نزحوا من منازلهم في الشمال (في الوقت الذي يقيم بعض هؤلاء في فنادق في مدن في وسط إسرائيل، فإن كثيرين اختاروا الهروب من الحرب، وسافروا إلى الدول الغربية).

الاقتصاد: ارتفع العجز في الميزانية إلى نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي دفع وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل هذا العام؛ فاقم الصراع الاضطرابات في سلاسل التوريد حتى صعد التضخم إلى 3,5% متخطياً النطاق المستهدف للبنك المركزي بين 1 و3%؛ أبقى البنك المركزي على أسعار فائدة مرتفعة لكبح التضخم، فظلت أسعار الرهن العقاري مرتفعة، وتفاقمت الضغوط على الأُسر.

 

* تعتمد البيانات والمعلومات والاقتباسات الواردة في هذا التقرير على المصادر التالية: موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية؛ الوكالة الوطنية للأنباء (لبنان)؛ جريدة "الأخبار" اللبنانية؛ موقع قناة "المنار"؛ موقع قناة "الميادين"؛ قناة "الإعلام الحربي" على منصة تلغرام؛ وكالة "أنباء الأناضول"؛ وكالة "رويترز"؛ وكالة "أسوشييتد برس"؛ موقع "البنك الدولي".

السيرة الشخصية: 

أيهم السهلي: صحافي وكاتب فلسطيني.