أدت المحكمة العليا الإسرائيلية دوراً مباشراً في جرائم الاختفاء القسري للفلسطينيين، هذه الجرائم التي تفاقمت بعد 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، حتى بات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة مفقودين بعد اعتقالهم، ولا يُعرف مصيرهم. وهذه المقالة تسعى للتركيز على دور القضاء الإسرائيلي في عملية الاختفاء القسري.
شملت جرائم الحرب التي نفذتها إسرائيل في حقّ الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، تعذيب المعتقلين والتنكيل بهم وإساءة معاملتهم، فضلاً عن جرائم القتل الجماعي.
وفي حين سُلّط الضوء كثيراً حتى اليوم على الممارسات القمعية في حق المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، فإن هذه المقالة تسعى لتوثيق حالات اعتقال تنكيلية مهينة تخللتها اعتداءات جنسية وإذلال، وعرض شهادات لأسرى محررين عن الفظائع التي تمارَس في حقّهم في السجون من تجويع وتعطيش وحرمان من العناية الطبية وتفشّي أوبئة وأمراض جلدية، مروراً بالاعتداءات الوحشية الجسدية، وانتهاء بحالات الإصابات والاستشهاد بين صفوف الأسرى في العديد من منشآت الاعتقال.[1]
غير أن تداول الانتهاكات والفظائع التي ارتُكبت في حقّ المعتقلين الفلسطينيين منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر لا يمكن أن يكتمل من دون الإشارة إلى المنظومة القانونية والقضائية التي وفّرت البيئة الحاضنة لمثل هذه الانتهاكات. فمثلما هو معلوم، كلما قلّت الرقابة الخارجية والقانونية على عملية الاعتقال وظروفه، زاد احتمال إيذاء المعتقلين والتنكيل بهم.
ويُعتبر تبليغ ذوي المعتقل وأقربائه عن اعتقاله ومكان احتجازه واحداً من أهم الضمانات لردع السلطات عن الاستفراد بالمعتقل. وفي السطور التالية سنتناول موضوع الاختفاء القسري للمعتقلين الفلسطينيين من غزة منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر حتى كانون الأول / ديسمبر 2024 من خلال قراءة قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية إزاء التماسات طالب فيها الفلسطينيون بالكشف عن مصير أبنائهم وبناتهم الذين اعتُقلوا وفُقدت آثارهم.
وسأعرّج بإيجاز على أهم القرارات وما جاء فيها من توجهات جعلت من المحكمة العليا شريكة تامّة لتفاقم جريمة الاختفاء القسري، ومحاولة هذه المحكمة في مرحلة متأخرة أن تغيّر جزئياً من توجهاتها السلبية، والتي ما هي إلّا محاولات لحفظ ماء الوجه بعد مقاضاة إسرائيل في المحاكم الدولية.
موجة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر
امتلأت السجون الإسرائيلية ومعسكرات الجيش بمعتقلين فلسطينيين في إثر موجة اعتقالات كبيرة[2] طالت بدايةً عناصر من المقاومة الإسلامية "حماس" وآخرين ممّن كانوا موجودين في منطقة غلاف غزة في 7 تشرين الأول / أكتوبر. كما طالت الاعتقالات غزّيين كانوا موجودين في إسرائيل قبل هذا التاريخ، بشكل قانوني، إمّا لغرض العمل فيها، وإمّا لتلقّي علاج طبي.
ومع أحداث 7 تشرين الأول / أكتوبر أعلنت إسرائيل تجميد تصاريح فلسطينيي غزة كلها، ليصبح كل فرد منهم موجود في إسرائيل عرضة للاعتقال. وزادت وتيرة الاعتقالات مع الاجتياح البري بشكل ملحوظ، مترافقة مع موجة اعتقالات كبيرة في منطقة الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية والداخل الفلسطيني. وبالتوازي، شرعت إسرائيل في تعديل عدة قوانين هدفها استيعاب آلاف المعتقلين الجدد، والزجّ بهم في ظروف استثنائية، وعزلهم قدر الإمكان عن العالم الخارجي والرقابة القضائية،[3] وتشريع معسكرات للجيش كمنشآت اعتقال.
ففي ردها على التماس اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل،[4] صرّحت النيابة العامة بأنه تم اعتقال نحو 4000 فلسطيني من غزة حتى حزيران / يونيو 2024، أعيد منهم نحو 1900 معتقل (47%) إلى القطاع بعدما تم التأكد من عدم ضلوعهم بأعمال وصفتها بالعدائية. وفي الحالات التي يتضح فيها، وفقاً لتقديرات جهات التحقيق الأمنية، أن المعتقل ضالع بعمليات عدائية، عندها يتم تحويله إلى سجون تابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية.
مع ازدياد حالات الاعتقال مجهولة المصير، والتشريعات التي أجازت عملياً عزل المعتقل كلياً عن العالم الخارجي، بدأت تتوافد إلى مؤسسات حقوق الإنسان مطالب من ذوي معتقلين اختفت آثارهم، لمعرفة مصيرهم بعد أن شوهدوا معتقلين لدى الجيش الإسرائيلي، لتتحرك تلك المؤسسات الحقوقية عبر العودة إلى نهج تقديم الالتماسات المألوفة خلال فترات الطوارىء، من أجل تفقُّد أحوال المعتقلين وتقصّي مصيرهم ومكان احتجازهم ووضعيتهم القانونية.
وقبل الخوض في موقف المحكمة العليا تجاه المطالب الحقوقية يجب الوقوف عند الخلفية القانونية للحقّ في معرفة مصير المعتقل، وواجب الجهة التي احتجزته في التبليغ عن ذلك وفقاً للقانون الدولي والإسرائيلي الداخلي.
الخلفية القانونية لواجب التبليغ عن مكان المعتقل ومصيره وفقاً للقانون الدولي والإنساني
إن التصريح عن اعتقال شخص والتبليغ عن مكان اعتقاله هما شرطان أساسيان للحفاظ على حقوق المعتقل الأساسية. فحقّ المعتقل ينبع من واجب الجهة التي قامت بالاعتقال في حماية وتجنب إلحاق الأذى بالسكان المحميين، سواء تم اعتقالهم خارج إطار القتال، أو خلال المعارك.
والتوصيف الحقوقي للتستر على تفصيلات ومصير محتجزين فُقد التواصل معهم، هو الاختفاء القسري الذي تحظره "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري" لسنة 2006،[5] والتي بموجبها يُحظر على الدول رفض الإفصاح عن مصير شخص مفقود، الأمر الذي يشمل أوقات الحرب والطوارىء. وتعرّف المادة 5 من الاتفاقية الاختفاء القسري الممنهج والواسع النطاق، على أنه جريمة ضد الإنسانية. كما تعرّف المادة 7(1) (ط) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية[6] الاختفاء القسري بأنه جريمة ضد الإنسانية يمكن مقاضاتها أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وتُلزم المادة 23 من اتفاقية جنيف الثالثة لسنة 1949 بشأن معاملة أسرى الحرب، القوة المحتجزة لأسرى الحرب بتبليغ القوى المعنية بالموقع الجغرافي لمعسكرات الأسرى.
ويحظر البند 9 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (1966)[7] الاعتقال التعسفي الذي يتميز عامة بحرمان المعتقل من معرفة سبب اعتقاله، ويحول دون مواجهته قضائياً.
وثمة نتيجة أُخرى مترتبة على التستر على تفصيلات اعتقال أي شخص هي احتجازه وسط عزل تام عن العالم الخارجي (incommunicado). فهذا الأمر يكفي ليشكل انتهاكاً صارخاً للمادة 37 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنصّ على لزوم الاحتجاز في ظروف إنسانية. كما يحول عدم التبليغ عن تفصيلات الاعتقال دون أي إمكان لتقصّي ظروف هذا الاعتقال وفحص مدى قانونيته. بل إن احتجاز شخص في ظروف العزل التام (incommunicado) يرقى إلى مستوى التعذيب والمعاملة غير الإنسانية. وتعرّف المادة 7(1) (و) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جريمة التعذيب أيضاً كواحدة من الجرائم ضد الإنسانية.
ووفقاً للمادة 2 (2) لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فإن حظر التعذيب مطلق، ولا يجوز التذرع مثلاً بحالة حرب داخلية، أو أي حالة من حالات الطوارىء العامة كمبرر للتعذيب.[8]
الخلفية القانونية لواجب التبليغ عن مكان المعتقل ومصيره وفقاً للقانون الإسرائيلي
إن قوننة لزوم التبليغ عن الاعتقال ومكانه هي نتاج عمل تراكمي أمام المحاكم الإسرائيلية منذ فترة الانتفاضة الأولى.
فمع مرور الزمن، وباجتهاد من مؤسسات إسرائيلية حقوقية، لم يعد هناك أي جدل مبدئي في القضاء الإسرائيلي بشأن حقّ الفلسطيني (الخاضع لسيادة حكم الاحتلال العسكري) المعتقل في تبليغ ذويه عن الاعتقال ومكانه. وتحديداً أذكر في سنة 1989[9] حين أقرّت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن واجب التبليغ نابع من الحقّ الأساسي للمعتقل في أن تقوم السلطات المخولة بتبليغ أقاربه عن اعتقاله كي يعرفوا ما حل بقريبهم المعتقل، وكيف يمكن تقديم المساعدة اللازمة له للدفاع عن حريته. وأضافت المحكمة أن هذا الحقّ هو حق طبيعي، نابع من كرامة الإنسان ومبادىء العدالة العامة، وهو حق للمعتقل نفسه ولأقاربه. وتم فيما بعد تشريع المادة 53 (أ) بشأن تعليمات الأمن (منطقة يهودا والسامرة) الرقم 1651 لسنة 2009، والتي تُلزم بتبليغ أقارب المعتقل عن اعتقاله ومكانه من دون أي تأجيل، إلّا إذا طَلب المعتقل عدم التبليغ بالأمر. ولا تُعتبر حالة القتال أو الطوارىء مبرراً لتأجيل القيام بواجب التبليغ عن الاعتقال أيضاً وفقاً لما أقرّه القضاء الإسرائيلي.
يشار إلى أنه على الرغم من رفض إسرائيل التعامل القانوني مع قطاع غزة كمنطقة محتلة بحجة الانسحاب التام في سنة 2005، وإنهاء الحكم العسكري رسمياً هناك، نرى أن النيابة تعاملت في الماضي مع مطالب حقوقية للتبليغ عن معتقلين مفقودين، ولا سيما خلال العدوان الذي شنّته إسرائيل على غزة في سنتَي 2009 و2014.[10]
وفي الحالات التي تخفق الجهات الأمنية في القيام بواجب التبليغ عن مصير المعتقل، يحقّ للمعنيين التوجه إلى المحكمة العليا بإجراء عاجل يُعرَف بـ "أمر إحضار" (Hebeas Corpus)، تماشياً مع صلاحيتها في إطلاق سراح أي شخص تم اعتقاله بشكل غير قانوني. وتشكل إجراءات التقاضي أمام المحكمة العليا الإسرائيليّة وفقاً لـ Hebeas Corpus الإمكان الوحيد لردع الدولة عن محاولة استغلال الاعتقال التعسفي للنيل من المعتقل وتعريضه للتعذيب وإساءة معاملته. كما أنه نتيجة بعض هذه الإجراءات التي طالبت بتحديد مكان فلسطينيين من سكان المناطق المحتلة اختفت آثارهم، كُشف على سبيل المثال عن منشأة الاعتقال السرية 1391.[11]
توجهات المحكمة العليا مع مطالب التبليغ عن مصير المعتقلين بعد أحداث السابع من أكتوبر
في قراءة لأبرز القرارات التي صدرت عن المحكمة العليا بشأن موضوع الكشف عن مصير ومكان المعتقلين من غزة بعد أحداث 7 تشرين الأول / أكتوبر، يبرز تماهي المحكمة التام مع سياسة النيابة العامة الإسرائيلية بعدم البوح بمصير مفقودين شوهدوا وهم يُحتجزون أحياء على يد قوات الأمن، ثم فُقدت آثارهم. وتأتي أهمية هذا الإجراء بالذات بعدما قامت إسرائيل بتعديل قانون "المقاتلين غير الشرعيين" الذي مكّن في البداية من احتجاز المعتقل مدة 90 يوماً من دون لقاء محامٍ، ولمدة 75 يوماً من دون مراجعة قضائية للاعتقال.[12] وبدلاً من أن تضع المحكمة الضوابط للجيش، وتأمره بالتزام قواعد إدارة الحرب، قامت بشرعنة التستر على مصير المعتقلين مستعينة بمسوّغات فنية وإجرائية مسندة بموقف قانوني جوهري وصل إلى حدّ فرض غرامة مادية على الملتمسين، مثلما يتبيّن أدناه:
أ - منح الضوء الأخضر لاستمرار إخفاء المعتقلين والتستر على مصيرهم وردع الملتمسين بغرامات مالية
مع مراكمة التوجهات إلى مؤسسات حقوق الإنسان لمعرفة مصير فلسطينيين من غزة، نساء ورجال، تم اعتقالهم وفُقد التواصل معهم، بدأ العمل القانوني بالبحث عنهم. واتّبعت مؤسسات حقوق الإنسان في إسرائيل طريقتها المعتمدة بالتوجه أولاً إلى الجهات الأمنية التي اعتادوا التوجه إليها عامة لمعرفة مصير معتقل اختفت آثاره، غير أن مماطلة الجهات الأمنية بالرد على الطلب الخطي الأولي جعلتهم يتوجهون إلى المحكمة العليا من أجل استصدار أمر الـ Hebeas Corpus.
وصل الالتماس الأول[13] إلى المحكمة العليا الإسرائيلية في 11 / 10 / 2023، باسم الصحافيَّين هيثم الواحد ونضال الوحيدي. وكان الصحافيان اعتُقلا في 7 / 10 / 2023، في منطقة معبر إيرز خلال محاولة وصولهما إلى منطقة غلاف غزة لتغطية أحداث ذاك اليوم. وقدّمت مؤسسة "مركز الدفاع عن الفرد / هموكيد"، التماساً إلى المحكمة العليا تطلب فيه معرفة مصير الصحافيَّين ومكانتهما القانونية. كما طالبت المؤسسة بوضع آلية خاصة من أجل تسهيل موضوع الاستفسار عن مكان وجود معتقلين تم اعتقالهم خلال وجرّاء أحداث 7 تشرين الأول / أكتوبر. غير أن نيابة الدولة رفضت التجاوب مع مطلب الالتماس بذريعة أنه لا يوجد أي قانون يُلزمها بذلك نظراً إلى مكانة غزة القانونية، والتي هي في نظرهم لم تعد تُلزم بتطبيق أي من تعليمات القانون الدولي الإنساني (belligerent occupation).
رفضت المحكمة العليا في 31 / 10 / 2023 الالتماس من دون حتى عقد جلسة للاستماع إلى الأطراف، متبنّية موقف النيابة العامة. وعللت المحكمة قرارها بوجود سببَين أساسيين لرفض الالتماس: الأول إجرائي، وهو عدم تفويض أقارب الصحافيَّين مؤسسة "هموكيد" بالبحث عن ولديهما. فمطلب الاستفسار مصدره زملاء الصحافيَّين[14] وليس أقرباء المفقودَين، كأن الموضوع هو المتوجِّه وليس المفقود. أمّا السبب الثاني فكان جوهرياً أقرّت فيه المحكمة بعدم توفر أي سند قانوني يُلزم إسرائيل بالإفصاح عن أماكن وجود المعتقلين، أو التبليغ عن مصيرهم. وأضافت المحكمة أن استجابة النيابة العامة في سنتَي 2009 و2014 لمطالب مشابهة كانت أمراً استثنائياً قامت به "مِنّة" منها وليس من باب الإلزام القانوني. وبشكل استثنائي غرّمت المحكمة الملتمسَين مبلغ 8000 شيكل، الأمر الذي يشكل بحدّ ذاته أمراً استثنائياً جداً في مثل هذه الإجراءات، وخصوصاً في أوقات الطوارىء.
إن لجوء المحكمة إلى مسوغات فنية وإجرائية مثل قضية "تفويض العائلات" هو ذريعة مستهجنة نظراً إلى الحرب الدائرة وتعذّر التواصل مع العائلات التي لا شكّ في أنها إن سُئلت سترغب في معرفة مصير أبنائها. وخلافاً لعدة إجراءات، يُعتبر إجراء الـ Hebeas Corpus إجراء يمتاز بضرورة البتّ المستعجل فيه، وبإمكان التغاضي عن أمور إجرائية لم يستطع الملتمسون استيفاءها نظراً إلى الأوضاع، ما دام ثمة أساس لمطلبهم، هذا فضلاً عن استخفاف المحكمة بما يعنيه عملياً رفض الالتماس تقنياً من دون التطرق إلى حيثيات المطلب العيني، إلى درجة أنها سمحت برفضه حتى من دون عقد جلسة.
ب - تعنّت المحكمة على تأكيد الموقف القانوني السائد وفرض غرامات مالية حتى بعد تنازل الملتمسين عن الالتماس وطلب شطبه
التمست[15] مؤسسات حقوقية إسرائيلية من المحكمة العليا في 22 / 10 / 2023 باسم عشرة مواطنين غزّيين مطالِبة بالكشف عن مكان احتجازهم واحتجاز آلاف الغزيين الذين كانوا موجودين في إسرائيل أو في الضفة الغربية بشكل قانوني، وفُقدت آثارهم بعد 7 تشرين الأول / أكتوبر. وجاء هذا الالتماس بعد أن اتضح للمؤسسات الحقوقية أن الغزيين الذين أُبطلت تصاريح مكوثهم غداة 7 تشرين الأول / أكتوبر، اعتُقلوا، في أغلبيتهم، من دون أي مبرر قانوني، ولا رقابة قانونية، واحتُجزوا في منشآت متنوعة. ووصلت إلى المؤسسات معلومات أولية تفيد بأن هؤلاء المعتقلين تم احتجازهم، في معظمهم، في سجنَي عوفر وعناتوت، في ظروف حياتية مهينة، إذ وُضعوا تحت الشمس في أقفاص حديدية غير مظللة، ومن دون طعام أو ماء وسط حرمان لأيام من استعمال المرحاض أو الاستحمام. وجاء الالتماس بعدما كان رد السلطات الأمنية على التوجهات الأولية هو "عدم توفر المعلومات" عن الأسماء التي تم ذكرها.
بعد تقديم الالتماس بلّغت النيابة العامة المحكمة لأول مرة بتفصيلات الجهة (مجلس الأمن القومي) التي يجب التوجه إليها للاستفسار عن الغزيين الذين دخلوا إسرائيل بشكل قانوني قبل 7 تشرين الأول / أكتوبر، وتم سحب تصاريحهم كعقاب جماعي. ولمّحت المحكمة بعدها إلى الملتمسين بأنها لن تخوض في أسئلة تتعلق بملتمسين لم يتم الالتماس باسمهم، بمَن فيهم مئات المفقودين الغزيين المذكورة أسماؤهم في القائمة التي أُرفقت بالالتماس. وبناء عليه، قرر الملتمسون الاكتفاء بهذا الرد وطلب شطب الالتماس محتفظين بحقّهم في اللجوء مجدداً إلى القضاء بقضايا مشابهة. غير أن المحكمة العليا، بخطوة استثنائية، وعلى غير عادتها، قررت عدم الاكتفاء بسحب الالتماس من الملتمسين، بل استصدرت أيضاً قراراً مفصلاً أقرّت فيه مجدداً بعدم وجود أي إلزام قانوني على الدولة بالتبليغ عن مصير معتقل من غزة، وغرّمت الملتمسين مبلغ 3000 شيكل.
إن إصرار المحكمة على تأكيد الموقف القانوني وتغريم الملتمسين لا يمكن قراءته إلّا كونه نابعاً من الرغبة في ردع المؤسسات من أي محاولات مستقبلية تطالب بالكشف عن مصير المعتقلين أياً يكونوا.
ج - حصر الالتماسات بالملتمسين العينيِّين فقط وتجاهل اختفاء المئات الآخرين
في 2 / 11 / 2023، التمست مؤسسات حقوق الإنسان مجدداً من المحكمة العليا،[16] وباسم 568 فلسطينياً من سكان غزة الذين كانوا موجودين بشكل قانوني في إسرائيل قبل اندلاع الحرب في 7 / 10 / 2023، والذين اعتقلتهم إسرائيل في الأسابيع التي تلت اندلاع الحرب، ولم يتم الإفصاح عن مكان وجودهم. وقُدّم هذا الالتماس بعدما لم يتم التجاوب مع مخاطبة "مجلس الأمن القومي" الذي سبق أن أعلنته النيابة في التماس سابق.
وأصدرت المحكمة قراراً أولياً يُلزم النيابة بالرد فقط على توجهات 14 ملتمساً بين 568، بحجة أنه لم يتم إلّا في 14 حالة التوجه المسبق إلى الجهة الأمنية المسؤولة، متجاهلة معنى وجود مئات المدنيين في عداد المفقودين بعد مرور شهر تقريباً على اختفائهم. وحصرت النيابة ردها بملتمسين عينيِّين مثلما أوصت المحكمة، إلّا إنها اعترفت في ردّها بأن بعضهم أعيد إلى جنوب قطاع غزة ضمن عملية إعادة سرّية لما يقارب 3000 شخص إلى القطاع.
في 13 / 11 / 2023، شطبت المحكمة العليا الالتماس بحجة أنه استنفد نفسه. وشَطْب هذا الالتماس الذي يطالب بمعرفة مصير المئات من المعتقلين المفقودين بذريعة أنه استنفد نفسه، لمجرد حصول الملتمسين على فتات معلومات عن مصير 14 معتقلاً بين 568 معتقلاً، هو الإثبات الأبرز على التوجّه الذي تبنّته المحكمة في حرب غزة، وفحواه: اكتفوا بالفتات ولا تهدروا أوقاتنا، وحذار أن تعودوا وتتوجهوا إلينا في المستقبل. وقد قامت المحكمة بذلك أيضاً من دون عقد جلسة.
د - حجة جديدة: لا مكان لسماع التماسات جماعية
وصل استغلال المحكمة العليا والنيابة العامة لذرائع إجرائية من أجل منع الكشف عن مصير المفقودين، إلى ذروته في الالتماس الرابع[17] الذي قُدّم في 21 / 11 / 2023 باسم 62 فلسطينياً غزياً كانوا موجودين في مناطق متعددة عند اختفائهم (بعضهم كان موجوداً في الضفة الغربية، والبعض الآخر في غزة، وآخرون في إسرائيل). وطالبت عوائل المفقودين بمعرفة مصيرهم بعد أن باءت بالفشل جميع محاولاتهم الحصول على إجابات من الجهات الرسمية المسؤولة.
وجدت النيابة العامة هذه المرة ذريعة جديدة حاولت بواسطتها الصدّ المسبق لتداول الالتماس جوهرياً. فبعد مرور شهر على تقديم الالتماس، ردت النيابة بأن الالتماس جمع بين ملتمسين لا تجمعهم مسببات اعتقال مشابهة، وأن هذا يكفي لرفضه. وقد تبنّت المحكمة موقف النيابة، معللة قرارها بأنه لا يجوز ربط قضايا عدة ملتمسين في الالتماس نفسه، كما لا يجوز الإفصاح عن ظروف ومكان المعتقلين، مع أن جميع الالتماسات السابقة قُدّمت باسم مجموعة ملتمسين، ولم يكن هذا الأمر مسبباً لرفض الالتماسات. وعلى غرار ما حدث سابقاً رُفض هذا الالتماس أيضاً من دون عقد جلسة.
نيسان 2024: تغيير مفاجىء في سلوك المحكمة تبعه تراجع ملموس في موقف النيابة
بعد رفض المحكمة الالتماس في القضية الواردة أعلاه بذريعة لزوم تجزئة القضايا، وعدم التقدم بالتماسات جماعية، قُدّمت إلى المحكمة التماسات فردية باسم كل معتقل مفقود على حدة. وفاجأت المحكمة الملتمسين في أحد الالتماسات[18] بتعيين جلسة لسماع الأطراف، الأمر الذي لم نره في أي من الالتماسات التي سبق أن قُدّمت ورُفضت. وقبل الجلسة بيومين (28 / 4 / 2024) قامت النيابة بتقديم ردّ إلى المحكمة العليا تبلّغها فيه لأول مرة بأنه لا مانع من أن يلتقي الملتمس بمحامٍ، وأن على المحامي التواصل مع الجهات المسؤولة عبر عنوان بريد إلكتروني خاص. وخلال الجلسة أعلنت النيابة العامة أن المعتقلين من غزة محتجزون عامة وفقاً لقانون احتجاز "المقاتلين غير الشرعيين"، وأنه من الآن فصاعداً يمكن التوجه باسم كل معتقل مفقود بطلب عبر البريد الإلكتروني: [email protected]، من أجل تنسيق زيارة مع المحامي. هكذا، وبعد مرور 7 أشهر يُسمح لأول مرة بتفقد أحوال معتقلين مفقودين. بناء على ذلك، قررت المحكمة في حكمها الصادر في 2 / 5 / 2024، أنه بات في إمكان الملتمسين تقديم التماسهم إليها في المستقبل.
استمرار التستر على مصير مئات المعتقلين بحجة عدم وجود مؤشرات إلى اعتقالهم
إن الحل الذي وضعته الجهات الأمنية بفتح إمكان الاستفسار عن معتقل مفقود، عبر التواصل بالبريد الإلكتروني، كشف عيوباً وخروقات كثيرة. فقد واجه المحامون عقبات كثيرة في تنسيق الزيارات، أو تعيين زيارات لفترات متباعدة، لكن هذه ليست المشكلة الأكبر. فالمشكلة الكبرى تمثلت في الردود العديدة التي تلقّاها المحامون، وفحواها أنه "لا يوجد أي مؤشرات إلى احتجاز أو اعتقال الشخص المطلوب." وقد تلقّى المحامون مثل هذه الإجابات أيضاً في الحالات التي كان فيها شهادات واضحة دلت على أن الجيش اعتقل الشخص المطلوب، ثم فُقدت آثاره. وتفيد مؤسسة "هموكيد" بأنها تلقت الإجابة نفسها في غضون 5 أشهر على نحو 400 التماس.[19] إن محاولات تقصّي مصير بعض من المفقودين الذين يُنكر الجيش احتجازهم بواسطة التماسات إلى المحكمة العليا لم تأتِ بأي نتيجة مرجوّة. ومن أبرز الحالات كان الالتماس باسم طفلة تبلغ من العمر 5 أعوام وأبيها، وكان الجيش احتجزهما داخل بيتهما، ثم اختفت آثارهما كلياً. وأنكرت النيابة وجود أي معلومة بشأنهما، وتبنّت المحكمة موقف النيابة المتمثل في عدم وجود أي مؤشر يفسر مصير الأب وابنته ومكانهما.[20]
قضية أُخرى وصلت إلى المحكمة العليا وأثبتت عدم صدقية الجهات الأمنية في ردها على توجهات الاستفسار، وهي قضية الشهيدين منير وياسين الفقعاوي.[21] فبعد أن أنكرت النيابة معرفة أي معلومة عنهما في ردها الأول، قامت لاحقاً (13 / 11 / 2024) بتقديم بلاغ معدل فحواه أن المعتقلَين (أب وابنه) توفّيا بعد اعتقالهما، وأن التحقيق في ظروف الحادثة ما زال في قيد البحث منذ نيسان / أبريل 2024! ولم تكلف المحكمة العليا نفسها حتى عناء طلب توضيحات من النيابة لتفسر كيف يمكن أن تفلت معلومة مقتل معتقلَين من سجلات الدولة، ولا سيما أن هنالك تحقيقاً جارياً في قضية مقتلهما منذ 7 أشهر على الأقل.
إن معاينة قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بما يتعلق بظاهرة الاختفاء القسري لا تترك مجالاً للشك في أن للمحكمة العليا الإسرائيلية دوراً مركزياً في تفاقم ظاهرة الاختفاء القسري وشرعنتها. فالمطالبة بمعرفة مصير المعتقلين وصلت إلى المحكمة في أول أيام الحرب، وكان في وسع المحكمة أن تضع عندها الضوابط اللازمة بدلاً من الضوء الأخضر للاستمرار في العبث بمصير المعتقلين.
كما أن لجوء المحكمة إلى مسوغات فنية وتقنية لرفض الالتماسات مرة تلو الأُخرى، وعدم فتح أبوابها لسماع الملتمسين، هما الدليل الأكبر للمعايير المزدوجة التي تستخدمها إسرائيل أمام المحافل الدولية حين تتغنى بـ "حقّ الفلسطيين في اللجوء إلى القضاء" حتى في أوقات الطوارىء. وهذه المحاولات لإقناع الرأي العام الدولي بأنها تملك منظومة قضائية داخلية مستقلة وناجعة تتوافق مع معايير القانون الدولي، وأنه يجب عدم التدخل في شؤونها (وفقاً لمبدأ "التكامل"[22])، هي محاولات لا تزال مستمرة حتى خلال الحرب. ففي الوقت الذي استمرت المحكمة العليا الإسرائيلية في رفض الالتماسات أعلاه، حتى من دون سماع الملتمسين، عكف رئيس المحكمة العليا السابق البروفسور أهارون باراك، الذي مثّل إسرائيل كقاضٍ في محكمة العدل الدولية في لاهاي بالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا، على كتابة موقفه القضائي من الدعوى. وحاول القاضي باراك بقراره الصادر في 26 / 1 / 2024، إقناع محكمة العدل الدولية بعدم التدخل في الشأن الإسرائيلي، مستعيناً أيضاً بالادّعاء أن الوضع القانوني في إسرائيل يضمن للمعتقلين في إسرائيل حقوقهم الأساسية، وأن دولة إسرائيل تعتبر نفسها ملتزمة بالأحكام الإنسانية في اتفاقية جنيف الرابعة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالمحتجزين![23]
إن التطور الفجائي اللافت الذي حدث في موقف المحكمة العليا في نيسان / أبريل 2024 بتعيين جلسة لسماع الأطراف، والذي تبعه تراجع للجهات الأمنية، وبذور استعداد أولي للتجاوب مع مطالب الملتمسين، لا يمكن تفسيره إلّا كمحاولة للخروج من الوحل القضائي الذي غرقت فيه إسرائيل منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر. ولا عجب إذاً إن رأينا لاحقاً استفاقة قضائية متأخرة، وتطورات قضائية إيجابية بعض الشيء في التماسات ما زالت عالقة أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، أكان ذلك في قضايا المفقودين، أم في قضايا أُخرى متعلقة بالحرب.
المصادر:
[1] من أجل اطّلاع نموذجي على ما يحدث داخل السجون الإسرائيلية من تعذيب وتنكيل للفلسطينيين، يُنظر على سبيل المثال تقرير منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية: "أهلاً بكم في جهنم: تحوّل السجون الإسرائيلية إلى شبكة من معسكرات التعذيب"، "بتسيلم"، آب / أغسطس 2024، في الرابط الإلكتروني.
[2] تُنظر المعطيات عن عدد الأسرى وفقاً لما أعلنته مصلحة السجون الإسرائيلية، في تقرير "مركز الدفاع عن الفرد / هموكيد" المعنون: "10,154 أسيراً أمنياً في السجون والمعتقلات الإسرائيلية"، في الرابط الإلكتروني.
[3] يُنظر: عبير بكر، "الأسرى الفلسطينيون وحالة الطوارىء الإسرائيلية"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 137 (شتاء 2024)، ص 100 - 108.
[4] التماس "اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل وآخرين ضد الكنيست وآخرين" قُدّم تحت الرقم 1414 / 24، في 20 شباط / فبراير، وطالبت المؤسسات والجمعيات الحقوقية فيه بإبطال التعديلات الجديدة لقانون "المقاتلين غير الشرعيين" (ما زال الالتماس في قيد البحث).
[5] “International Convention for the Protection of All Persons from Enforced Disappearance”, United Nations Treaty Collection.
[6] "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية"، الأمم المتحدة / مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، في الرابط الإلكتروني.
[7] وقّعت إسرائيل المعاهدة في 19 / 12 / 1966، وصودق عليها داخلياً في 18 / 8 / 1991، ودخلت في حيز التنفيذ في 3 / 1 / 1992.
[8] وقّعت إسرائيل هذه الاتفاقية في 22 / 10 / 1986، وصُودق عليها داخلياً في 4 / 8 / 1991. غير أن القانون الجنائي الإسرائيلي لم يُدخل حتى اليوم بنداً خاصاً يعرّف جريمة التعذيب والعقوبة اللاحقة بها.
[9] التماس محكمة عليا 670 / 89، "موسى عودة ضد قائد قوات الجيش الإسرائيلي" (صدر القرار في 21 / 11 / 1989)؛ التماس محكمة عليا 6757 / 95، "حرباوي (قاصر) وآخرون ضد قائد قوات الجيش الإسرائيلي" (لم يُنشر، وصدر في 11 / 2 / 1996).
[10] التماس محكمة عليا رقم 5243 / 14، "مركز الدفاع عن الفرد ضد الجيش الإسرائيلي / هموكيد" (صدر القرار في 4 / 8 / 2014)؛ التماس محكمة عليا رقم 289 / 09، "عطّار ضد الجيش الإسرائيلي" (صدر في 25 / 1 / 2009).
[11] قُدّمت في سنة 2002 التماسات إلى المحكمة العليا الإسرائيلية تضم مطالبات بمعرفة مصير عدد من سكان المناطق المحتلة في الضفة الغربية الذين اعتقلتهم قوات الأمن واستجوبتهم في منشأة سرية (التماس محكمة عليا 8696 / 02، 10327 / 02، "معتز يوسف شاهين وآخرين ضد قائد قوات الجيش في الضفة الغربية"، وصدر القرار في 7 / 9 / 2003). ورفضت المحكمة العليا الالتماسات بسبب انتهاء التحقيق مع الملتمسين ونقلهم إلى خارج المنشأة السرية، عندها قدم "مركز الدفاع عن الفرد / هموكيد" التماساً مبدئياً ضد وجود منشأة اعتقال سرية في إسرائيل، هي المنشأة 1391، الموجودة في معسكر عسكري سري في وسط البلد، وتمارَس فيه ضروب متنوعة من التعذيب (التماسات محكمة عليا 9733 / 03، 8102 / 03، "مركز الدفاع عن الفرد / هموكيد ضد دولة إسرائيل"، لم يتم نشر القرار النهائي).
[12] تم التعديل الأول للقانون في 18 / 12 / 2023، ثم عُدّل مجدداً في 1 / 8 / 2024، بحيث قلّص المدة الزمنية للاعتقال من دون رقابة قانونية من 75 يوماً إلى 45 يوماً. كذلك تم تقليص المدة التي يُسمح فيها بحرمان المعتقل من لقاء محامٍ من 75 يوماً (90 يوماً بمصادقة المحكمة بعد اليوم الـ 75) إلى 45 يوماً (وحتى 70 يوماً بمصادقة المحكمة بعد اليوم الـ 45 للمنع).
[13] التماس محكمة عليا رقم 7439 / 23، "الواحد والوحيدي ضد الجيش الإسرائيلي وآخرين" (صدر القرار في 31 / 10 / 2023).
[14] في مرحلة لاحقة من تقديم الالتماس بلّغت مؤسسة "هموكيد" المحكمة أن المطلب والالتماس هما بعلم وبموافقة ذوي الصحافيين، لكن المحكمة لم تكتفِ بهذا التبليغ.
[15] التماس محكمة عليا 7637 / 23، "محمد قشطة وآخرون ضد الجيش الإسرائيلي وآخرين" (صدر القرار في 6 / 11 / 2023).
[16] التماس محكمة عليا 7649 / 23، "إياد أبو عابد و567 آخرين ضد الجيش الإسرائيلي وآخرين" (صدر القرار في 13 / 11 / 2023).
[17] التماس محكمة عليا 9021 / 23، "زكريا وادي و61 آخرون ضد الجيش الإسرائيلي وآخرين" (صدر القرار في 18 / 2 / 2024).
[18] التماس محكمة عليا 2254 / 24، "محمد أبو موسى ضد الجيش الإسرائيلي وآخرين" (قُدّم الالتماس في 17 / 3 / 2024، وصدر القرار النهائي في 2 / 5 / 2024).
[19] يُنظر تقرير مؤسسة "هموكيد" بشأن ظاهرة "لا توجد مؤشرات"، في موقع المؤسسة (بالعبرية)، في الرابط الإلكتروني.
[20] التماس محكمة عليا 70724 – 08 – 24، "فلانة وفلان ضد الجيش الإسرائيلي" (صدر القرار في 13 / 10 / 2024).
[21] التماس محكمة عليا 42099 – 10 – 24، "منير وياسين الفقعاوي ضد الجيش الإسرائيلي" (صدر القرار في 19 / 11 / 2024).
[22] يهدف هذا المبدأ إلى وضع حد لإفلات مرتكبي جرائم الحرب من القصاص، ويسمح بتدخّل اختصاص القضاء الدولي إذا ثبت عدم قدرة القضاء الوطني للدولة على معاقبة مرتكبي هذه الجرائم، بسبب عدم اختصاصه أو فشله في هذا، وذلك لانهيار نظامه القضائي أو الإداري أو الجدية في التعامل مع الخروقات والمجرمين. عندها الاختصاص يكون للمحكمة الجنائية الدولية التي تتولى معاقبة مرتكبي هذه الجرائم تطبيقاً لمبدأ التكامل.
[23] لقراءة موقف القاضي أهارون باراك في دعوى دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، يُنظر:
“Separate Opinion of Judge AD HOC Barak”, “Critical Internert Journalism”.
ويُنظر تحديداً إلى البنود 9 - 14 من القرار.