يصدر هذا العدد في شتاء 2024، ليختم عاماً من أكثر الأعوام دموية في تاريخ الصراع العربي - الصهيوني، ليس في فلسطين فحسب، بل في لبنان وسورية واليمن وإيران أيضاً؛ إذ امتدت اليد الصهيونية لتطال هذه الدول وتشنّ الحروب والضربات الجوية عليها، بعد أن أمعنت، وما زالت تُمعن قتلاً وتدميراً واغتيالاً وحصاراً وتهويداً في قطاع غزة والضفة الغربية، مخلّفة عشرات الآلاف من الضحايا والشهداء. وبهذه الحروب تحاول إسرائيل وبكل قوة إعادة ترميم صورة الردع المتهشم، وخصوصاً بعد إخفاقها الكبير في 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023.
ففي إسرائيل استطاعت المؤسسات الإعلامية الحكومية وغير الحكومية، وكذلك الأحزاب والقوى السياسية، الترويج وبقوة لفكرة أن إسرائيل عرضة لخطر وجودي. وفكرة الخطر والتهديد الوجودي بددت أي من التحفظات التقليدية التي تُستخدم في الحروب عادة، فأطلقت إسرائيل يد جيشها من دون ضوابط، لارتكاب ما لم يُرتكب سابقاً من جرائم حرب ومجازر وتدمير أحياء ومدن وقرى بأكملها، وبنايات على رؤوس ساكنيها، متحدية بذلك القوانين الدولية، أو بالأحرى منظومة العمل الدولي برمّتها، وكذلك قرارات وتوصيات المحاكم الدولية، ولم تعد تأبه حتى لصورتها كدولة "ديمقراطية" في العالم "الحر" الذي ادّعت دائماً أنها جزء منه. وبينما يحدث ذلك، يحاول قادة دولة الاحتلال إقناع العالم بعدالة حروبهم هذه، للدفاع عن الديمقراطية والعالم الحر، وتخليصهما من "عالم الشر القادم من غزة واليمن ولبنان." ومع سقوط النظام في سورية، تم إدخالها كواحدة من الجبهات التي كثيراً ما تفاخر قادة دولة الاحتلال بقدرتهم على خوض الحروب على عدة جبهات.
وكعادتها كرست "مجلة الدراسات الفلسطينية" صفحاتها لبحث وتحليل وتوثيق هذه الحروب في جميع ساحاتها، وخصصت هذا العدد لمستجدات الساحة الفلسطينية واللبنانية، وتطورات ما يجري على عدة مستويات. وفي الوقت نفسه، وبما أن هذا العدد هو العدد الأول الذي لم يُشرف عليه الراحل الأستاذ إلياس خوري الذي رحل في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، خصصنا ملفاً بعنوان: "ليس وداعاً، بل تكريم، ساهم فيه ثلة من أصدقاء إلياس وعائلته وزملائه، وفي الملف أيضاً مقابلة أجراها يهودا شنهاف - شهرباني مع إلياس قبل مرضه، ودراسة بعنوان "الراثي الأخير: إلياس خوري وسياسة الحداد" لزينة حلبي.
وشمل العدد مجموعة من المقالات التحليلية المتصلة بالوضع السياسي الفلسطيني، فقد كتب ماهر الشريف مقالة تحليلية قرأ فيها حالة انسداد الأفق السياسي الفلسطيني، معتبراً فيها أن مفتاح الانفراج السياسي الفلسطيني هو الحوار وإنهاء حالة الانقسام.
أمّا ساري عرابي فكتب مقالة بعنوان: "ظلال التاريخ وأشباح المستقبل: 'حماس' والجهاد بعد طوفان الأقصى"، عرض فيها أبرز المحطات في تاريخ الحركتين، وصولاً إلى "طوفان الأقصى" وقراءة في المستقبل.
وكتب غسان الخطيب مقالة بعنوان: "السيطرة الإسرائيلية المتصاعدة على الضفة الغربية بعد أكتوبر 2023"، تناول فيها السياسات الإسرائيلية المتسارعة للسيطرة على الضفة الغربية.
وفي هذا العدد مقالتان عن الإجراءات والقرارات الإسرائيلية الجائرة في حقّ وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأنروا)، فكتب جابر سليمان "الأونروا في عين الإعصار: ما قبل الطوفان وبعده"، بينما كتبت حليمة أبو هنية "قرار حظر الأونروا في القدس: الخطاب السياسي والشرعنة".
وكتبت عبير بكر مقالة عن تفاقم الأوضاع في السجون والإخفاء القسري والسجون السرية ودور المحكمة الإسرائيلية العليا في ذلك.
وفيما يتعلق بموضوع الإعلام، كتب عمر نزال عن استهداف العمل الصحافي برمّته عبر الاغتيالات وقصف المقارّ وشيطنة الإعلاميين ووضعهم في خانة "الإرهاب والإرهابيين"، كما كتبت وداد جربوع مقالة بعنوان "جرائم حرب إسرائيلية في حقّ الإعلام في لبنان وإفلات من العقاب".
وبشأن خطة الجنرالات وما يجري في قطاع غزة كتب حسن شاهين عن الخطة المتماهية الأفكار التي تدعو إلى إعادة الاحتلال والاستيطان، وخصوصاً في منطقة شمال قطاع غزة.
وكتبت رندة حيدر قراءتها للرؤيا الإسرائيلية إلى الحرب على لبنان، كما كتب أمين قمورية عن الحرب على لبنان، وعن "حزب الله" بعد الحرب.
وإلى جانب تقرير فلسطين الفصلي الذي يُعدُّه عبد الباسط خلف، وعلى ضوء الأحداث المتسارعة، ارتأت هيئة التحرير إعداد تقرير فصلي يرصد تطورات الأحداث في لبنان، وقد أعدّه أيهم السهلي.
وفي باب الدارسات، تنشر المجلة في هذا العدد، دراسة لأمير مرشي بعنوان "التحديث والاقتلاع: المواطنة الاستعمارية الاستيطانية في فلسطين الانتدابية"، يعالج فيها الهندسة الاستعمارية التي سهّلت هجرة اليهود من أوروبا إلى فلسطين، وكذلك السياسات الانتدابية التي هيأت الظروف لإحلال شعب محل شعب آخر.
وخُتم العدد بقراءة خاصة كتبتها أريج صباغ – خوري لكتاب أمل بشارة: "عبور الخط: القوانين، والعنف، والحواجز ضد التعبير السياسي الفلسطيني" الصادر باللغة الإنجليزية، فضلاً عن ثلاث مراجعات لثلاثة كتب بالعربية، وقد كتب المراجعات كل من: تغريد عبد العال، وأنيس محسن، وجهاد الرنتيسي.
في هذا العدد
القسم الرقمي:
النص الكامل: