نوع الخبر: 
ملخص الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية
التاريخ: 
26/07/2024

التبعات القانونية الناشئة عن السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية

ملخص الفتوى الصادرة في 19 تموز/يوليو 2024

التسلسل الزمني للإجراء

تشير المحكمة أولاً إلى أنه في 19 كانون الثاني/يناير 2023، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة المحكمة رسمياً بالقرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة (المشار إليها فيما يلي بـ”الجمعية العامة“) في 30 كانون الأول/ديسمبر 2022، والذي يقضي بعرض المسائل المنصوص عليها في القرار 77/247 الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة (المشار إليها فيما يلي بـ”الجمعية العامة“).

وتنص الفقرة 18 من القرار على ما يلي:

”إن الجمعية العامة،

......

تقرر، وفقا للمادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة، أن تطلب إلى محكمة العدل الدولية، عملاً بالمادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة، أن تصدر فتوى بشأن المسألتين التاليتين، مع مراعاة قواعد ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان ذات الصلة، وفتوى المحكمة المؤرخة 9 تموز/يوليه 2004:

(أ) ما هي الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها الطويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها، وعن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن؟

(ب) كيف تؤثر سياسات إسرائيل وممارساتها المشار إليها في الفقرة 18 (أ) على الوضع القانوني للاحتلال، وما هي الآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع لجميع الدول والأمم المتحدة ؟

أولاً- الاختصاص والسلطة التقديرية (الفقرات 22-50)

في البداية، تلاحظ المحكمة أنه يجب عليها، عند نظرها في طلب فتوى، أن تنظر أولاً فيما إذا كان لها اختصاص إبداء الرأي المطلوب، وإذا كان الأمر كذلك، ما إذا كان هناك أي سبب يدعو المحكمة، في إطار ممارستها سلطتها التقديرية، إلى رفض الإجابة على الطلب.

أ. الاختصاص (الفقرات 23-29)

تتناول المحكمة أولاً مسألة ما إذا كانت مختصة بإصدار الفتوى. وتشير المحكمة إلى أنه، وفقاً للنص الوارد في المادة 96 من الميثاق والمادة 65 من نظامها الأساسي، يجب أن تقتنع المحكمة بأن المسألة التي طُلب منها إبداء الرأي الاستشاري بشأنها هي ”مسألة قانونية“.

وتشير المحكمة إلى أن الجمعية العامة، في الدعوى الحالية، طرحت سؤالين على المحكمة، يتعلقان أولاً، بالنتائج القانونية الناشئة عن بعض السياسات والممارسات التي تتبعها إسرائيل بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال منذ عام 1967. وثانياً، بكيفية تأثير هذه السياسات والممارسات على الوضع القانوني للاحتلال في ضوء قواعد ومبادئ معينة في القانون الدولي والنتائج القانونية التي تنشأ عن هذا الوضع. وترى المحكمة أن هذه المسائل هي مسائل قانونية. وفي ضوء ما تقدم، تخلص المحكمة إلى أن الطلب قد قدم وفقاً لأحكام الميثاق والنظام الأساسي للمحكمة، وبالتالي فإن لها اختصاص إصدار الفتوى المطلوبة.

ب. السلطة التقديرية (الفقرات 30-49)

إن كون المحكمة مختصة بإصدار فتوى لا يعني أنها ملزمة بممارستها. فالفقرة 1 من المادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة تنص على أنه يجوز ” للمحكمة أن تفتي في أيى مسألة قانونية بناء على طلب أية هيئة رخّص لها ميثاق الأمم المتحدة  باستفتائها، أو حصل الترخيص لها بذلك طبقاً لأحكام الميثاق المذكور.“

وكما أكدت المحكمة مراراً وتكراراً، فإن هذا ”يجب أن يفسر على أنه يعني أن للمحكمة سلطة تقديرية في رفض إصدار فتوى حتى لو تم استيفاء شروط الاختصاص.“ ومع ذلك، ونظراً إلى وظائفها كجهاز قضائي رئيسي للأمم المتحدة، ترى المحكمة أن ردها على طلب فتوى ”يمثل مشاركتها في أنشطة المنظمة، ومن حيث المبدأ، لا يجب رفضها.“ ومع ذلك، فإن الأسباب القهرية وحدها هي التي قد تدفع المحكمة إلى رفض إبداء رأيها استجابة لطلب يدخل في اختصاصها. وبالنظر إلى أن بعض المشاركين في الدعوى الحالية قد دفعوا بوجود أسباب قاهرة تدفع المحكمة إلى رفض إبداء فتواها، فإن المحكمة تنظر في كل منها على حدة.

1. ما إذا كان الطلب يتعلق بنزاع بين طرفين لم يوافق أحدهما على اختصاص المحكمة (الفقرات 33-35)

أولاً، تنظر المحكمة في الحجة القائلة بأنه ينبغي للمحكمة أن ترفض إصدار فتوى لأن الطلب يتعلق بنزاع ثنائي بين فلسطين وإسرائيل، وأن الأخيرة لم توافق على اختصاص المحكمة في حل هذا النزاع. ولا ترى المحكمة أن موضوع طلب الجمعية العامة يتعلق بنزاع ثنائي بين إسرائيل وفلسطين فقط. فمشاركة أجهزة الأمم المتحدة، وقبلها عصبة الأمم، في المسائل المتعلقة بفلسطين تعود إلى نظام الانتداب. فمنذ أن اعتمدت الجمعية العامة القرار 181 (د-2) المتعلق بتقسيم فلسطين في عام 1947، ظلت القضية الفلسطينية معروضة على الجمعية العامة التي ظلت تنظر فيها وتناقشها وتعتمد قرارات بشأنها سنوياً تقريباً. وبالتالي، فإن هذه القضية هي مسألة ذات أهمية واهتمام خاصين للأمم المتحدة. ولذلك ترى المحكمة أن القضايا التي أثارها الطلب هي جزء من القضية الفلسطينية، بما في ذلك دور الجمعية العامة المتعلق بها.

وبالتالي، لا يمكن للمحكمة، في إطار ممارستها سلطتها التقديرية، أن ترفض إبداء الرأي المطلوب على أساس الالتفاف على مبدأ الموافقة على التسوية القضائية.

2. ما إذا كان رأي المحكمة سيساعد الجمعية العامة في أداء مهامها (الفقرتان 36-37)

ثم تنظر المحكمة بعد ذلك في الحجة القائلة بأنه ينبغي للمحكمة أن ترفض الرد على الأسئلة المطروحة عليها لأن الجمعية العامة لا تلتمس رأي المحكمة في مسألة تحتاج إلى المساعدة فيها، وإنما تلتمس تأكيد المحكمة استنتاجات قانونية معينة ذات صلة بحل نزاع ثنائي بين فلسطين وإسرائيل. وفي الحالة الراهنة، فإن الطلب مقدم من الجمعية العامة بالإشارة إلى مسؤولياتها ووظائفها فيما يتعلق بمسألة الأرض الفلسطينية المحتل، انظر .(A/RES/77/247) ولذلك فإن المحكمة لا ترى أن هناك سبباً قاهراً يدفعها إلى رفض إبداء رأيها على أساس أن مثل هذا الرأي لن يساعد الجمعية العامة في أداء وظائفها.

3. ما إذا كان رأي المحكمة قد يقوض عملية التفاوض بين إسرائيل وفلسطين (الفقرات 38-40)

وفيما يتعلق بمسألة ما إذا كان ينبغي للمحكمة أن تمتنع عن الرد على الأسئلة المطروحة عليها لأن فتوى من المحكمة من شأنها أن تتدخل في عملية المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التي حددها الإطار الذي تم وضعه في إعلان المبادئ بشأن ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت لعام 1993 (المشار إليه فيما يلي بـ ”اتفاق أوسلو الأول“) والاتفاق المؤقت لعام 1995 بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة (المشار إليه فيما يلي بـ ”اتفاق أوسلو الثاني“)، وقد يؤدي إلى تفاقم الخلاف الإسرائيلي-الفلسطيني، وبالتالي المساس بنتائج المفاوضات، ترى المحكمة أن هذه المسألة، في الظروف الحالية، هي مسألة تخمينية ولا يمكن للمحكمة أن تتكهن بآثار رأيها. لذلك، لا يمكن للمحكمة أن تعتبر هذا العامل سبباً مقنعاً لرفض الاستجابة لطلب الجمعية العامة.

4. ما إذا كانت الفتوى ستضر بعمل مجلس الأمن (الفقرات 41-43)

ثم تنظر المحكمة بعد ذلك في الحجة التي مفادها أنه ينبغي للمحكمة أن تمارس سلطتها التقديرية في رفض الإجابة على الأسئلة المعروضة عليها، أو حتى لو كان للمحكمة أن ترد على هذه الأسئلة، فينبغي لها أن تحرص على ألاّ يتعارض ردها مع الإطار القائم للمفاوضات، لأن مجلس الأمن، وليس الجمعية العامة، هو الذي يتحمل المسؤولية الرئيسية عن القضايا المتعلقة بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.

وتلاحظ المحكمة أن مسألة ما إذا كان رأي المحكمة سيكون له أثر سلبي على إطار التفاوض هي مسألة تخمينية لا ينبغي للمحكمة أن تتكهن بشأنها. وعلاوة على ذلك، وبالنظر إلى أن الجمعية العامة مختصة بمعالجة المسائل المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين، مثل تلك التي أثيرت في الأسئلة التي طرحتها، فليس هناك سبب مقنع يدعو المحكمة إلى رفض إبداء الرأي المطلوب.

5. ما إذا كان لدى المحكمة معلومات كافية تمكنها من إصدار الفتوى (الفقرات 44-47)

تلاحظ المحكمة أن بعض المشاركين قد أثاروا حجة مفادها أنه ينبغي للمحكمة أن ترفض إبداء الرأي لأنها تفتقر إلى المعلومات الكافية، وأنه سيتعين عليها الشروع في مهمة تقصي حقائق تغطي فترة عقود من الزمن من أجل الإجابة عن الأسئلة التي طرحتها عليها الجمعية العامة. وتلاحظ المحكمة في هذا الصدد أن أكثر من 50 دولة ومنظمة دولية قدمت في هذه القضية معلومات ذات صلة بالرد على الأسئلة التي طرحتها الجمعية العامة على المحكمة. وتلاحظ كذلك أنها استعرضت أيضاً ملفا ضخماً قدمه الأمين العام للأمم المتحدة يتضمن معلومات مستفيضة عن الحالة في الأرض الفلسطينية المحتلة. وترى المحكمة أن أمامها في هذه القضية معلومات كافية لبت المسائل القانونية بطريقة تتفق مع وظيفتها القضائية. وبالتالي، لا يوجد سبب مقنع لرفض إبداء الرأي المطلوب على هذا الأساس.

6. ما إذا كانت الأسئلة مصاغة بطريقة متحيزة (الفقرتان 48-49)

فيما يتعلق بمسألة ما إذا كانت الأسئلة المطروحة على المحكمة قد صيغت بطريقة متحيزة من حيث أنها تفترض وجود انتهاكات للقانون الدولي من جانب إسرائيل، تذكر المحكمة، في المقام الأول، أن لديها سلطة تفسير الأسئلة المطروحة عليها وإعادة صياغتها عند الضرورة. ومن ثم فإن للمحكمة تقدير وتقييم مدى ملاءمة صياغة الأسئلة المطروحة عليها. كما يجوز للمحكمة، عند الضرورة، أن تحدد بنفسها نطاق ومعنى الأسئلة المطروحة عليها. وفي القضية الحالية، لا ترى المحكمة أن الجمعية العامة قصدت تقييد حرية المحكمة في تحديد هذه المسائل. فالمحكمة ستتأكد بنفسها مما إذا كانت سياسات إسرائيل وممارساتها تنتهك قواعد ومبادئ القانون الدولي السارية، قبل أن تحدد النتائج القانونية المترتبة على أي انتهاكات من هذا القبيل. وبالتالي، لا يمكن للمحكمة، في إطار ممارستها سلطتها التقديرية، أن ترفض إبداء رأيها على أساس أن الأسئلة المطروحة عليها متحيزة أو غير متوازنة.

*

وفي ضوء ما تقدم، تخلص المحكمة إلى أنه لا توجد أسباب قاهرة تدعوها إلى رفض إبداء الرأي الذي طلبته الجمعية العامة.

ثانياً- السياق العام (الفقرات 51-71)

قبل الانتقال إلى نطاق ومعنى المسائل التي طرحتها عليها الجمعية العامة، تشير المحكمة إلى السياق العام.

فبعد أن كانت فلسطين جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، وُضعت فلسطين في نهاية الحرب العالمية الأولى تحت الانتداب الذي عهدت به عصبة الأمم إلى بريطانيا العظمى. وفي عام 1947، أعلنت المملكة المتحدة عزمها على إكمال جلائها عن الأراضي المنتدبة بحلول 1 آب/أغسطس 1948، ثم قدمت هذا التاريخ إلى 15 أيار/مايو 1948. في هذه الأثناء، اعتمدت الجمعية العامة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 القرار 181 (II) بشأن حكومة فلسطين المستقبلية، والذي ”أوصت المملكة المتحدة ... وجميع أعضاء الأمم المتحدة الآخرين باعتماد وتنفيذ خطة تقسيم“ الإقليم، كما وردت في القرار، بين دولتين مستقلتين، إحداهما عربية والأُخرى يهودية، بالإضافة إلى إنشاء نظام دولي خاص لمدينة القدس. وبينما قبل السكان اليهود خطة التقسيم، رفض السكان العرب في فلسطين والدول العربية هذه الخطة، مدعين، ضمن جملة أمور، أنها غير متوازنة.

في 14 أيار/مايو 1948، أعلنت إسرائيل استقلالها بالرجوع إلى قرار الجمعية العامة 181 (II)؛ ثم اندلع نزاع مسلح بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، ولم يتم تنفيذ خطة التقسيم. وبموجب القرار 62 (1948) المؤرخ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1948، قرر مجلس الأمن ”عقد هدنة في جميع قطاعات فلسطين.“ ووفقاً لهذا القرار، تم إبرام اتفاقات هدنة عامة في عام 1949 في رودس بين إسرائيل والدول المجاورة لها بوساطة الأمم المتحدة في عام 1949، حيث تم تحديد خطوط ترسيم الهدنة بين القوات الإسرائيلية والعربية (غالباً ما أطلق عليها لاحقاً اسم ”الخط الأخضر“ بسبب اللون المستخدم له على الخرائط).

في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1948، تقدمت إسرائيل في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1948، بالإشارة إلى القرار 181 (II)، بطلب قبولها في عضوية الأمم المتحدة. في 11 أيار/مايو 1949، عندما قبلت الجمعية العامة إسرائيل دولة عضو في الأمم المتحدة، أشارت الجمعية العامة إلى القرار 181 (II) وأحاطت علماً بإعلانات إسرائيل ”فيما يتعلق بتنفيذ القرار المذكور “قرار الجمعية العامة 273 .(III))

في عام 1967، اندلع نزاع مسلح (المعروف أيضاً باسم ”حرب الأيام الستة“) بين إسرائيل والدول المجاورة مصر وسوريا والأردن. وعند توقف الأعمال العدائية، احتلت القوات الإسرائيلية جميع أراضي فلسطين الواقعة تحت الانتداب البريطاني وراء الخط الأخضر.

في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، اعتمد مجلس الأمن بالإجماع القرار 242 (1967)، الذي ”أكد على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب“ ودعا إلى ”انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير.“

ومنذ عام 1967 فصاعداً، بدأت إسرائيل بإنشاء أو دعم المستوطنات في الأراضي التي احتلتها واتخذت عدداً من التدابير الرامية إلى تغيير وضع مدينة القدس. وبعد أن ذكّر مجلس الأمن في عدد من المناسبات ”بمبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي عن طريق الغزو العسكري“، أدان هذه التدابير، وأكد بموجب القرار 298 (1971) المؤرخ 25 أيلول/سبتمبر 1971 أن

”جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع مدينة القدس، بما في ذلك مصادرة الأراضي والممتلكات ونقل السكان والتشريعات الرامية إلى دمج الجزء المحتل، باطلة بطلاناً تاماً ولا يمكن أن تغير هذا الوضع“.

في تشرين الأول/أكتوبر 1973، اندلع نزاع مسلح آخر بين مصر وسوريا وإسرائيل. وبموجب القرار 338 الصادر في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1973، دعا مجلس الأمن أطراف النزاع إلى إنهاء جميع الأعمال العسكرية والبدء فور وقف إطلاق النار بتنفيذ قرار مجلس الأمن 242 (1967) بجميع أجزائه.

في 14 تشرين الأول/أكتوبر 1974، اعترفت الجمعية العامة بموجب القرار 3210 (د-29) بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني. وبموجب القرار 3236 (د-29) المؤرخ 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1974، اعترفت الجمعية العامة ”بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.“

في 17 أيلول/ سبتمبر 1978، وقّعت إسرائيل ومصر ”اتفاقيات كامب ديفيد“، التي أدت في العام التالي إلى معاهدة سلام بين البلدين. وفي وقت لاحق، تم توقيع معاهدة سلام في 26 أكتوبر 1994 بين إسرائيل والأردن. ثبّتت تلك المعاهدة الحدود بين الدولتين وفقاً للخطوط التي تم تحديدها بموجب الانتداب على فلسطين.

وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988، وبالإشارة إلى القرار 181 (2) ”الذي قسّم فلسطين إلى دولة عربية وأُخرى يهودية“، أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية ”قيام دولة فلسطين“.

وفي عامي 1993 و1995، وقّعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاقي أوسلو الأول وأوسلو الثاني. وفي تبادل للرسائل في 9 أيلول/سبتمبر 1993، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في الوجود في سلام وأمن، واعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني. وضع اتفاق أوسلو الأول المبادئ التوجيهية العامة للمفاوضات التي ستجري بين إسرائيل وفلسطين. وقسّم اتفاق أوسلو الثاني الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل إلى ثلاث مناطق إدارية (أ، ب، ج) مع المنطقة (ج) التي تغطي أكثر من 60% من الضفة الغربية، والتي تديرها إسرائيل حصرياً. ألزمت اتفاقات أوسلو إسرائيل، في جملة أمور، بنقل بعض الصلاحيات والمسؤوليات التي تمارسها سلطاتها العسكرية وإدارتها المدنية في المنطقتين (أ) و(ب) من الضفة الغربية إلى السلطات الفلسطينية. وفي الحالات التي تم فيها هذا النقل، الذي ظل محدوداً وجزئياً، احتفظت إسرائيل بسيطرة كبيرة فيما يتعلق بالمسائل الأمنية.

في أعقاب ازدياد أعمال العنف من الضفة الغربية، بدأت إسرائيل في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ببناء ”سياج متواصل“ (يشار إليه فيما بعد بـ ”الجدار“) في الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى حد كبير. وقد صادقت الحكومة الإسرائيلية على خطة من هذا النوع للمرة الأولى في تموز/يوليو 2001، وأُعلن اكتمال الجزء الأول من الأعمال ذات الصلة في 31 تموز/يوليو 2003. وعلى الرغم من الفتوى التي أصدرتها المحكمة في عام 2004، والتي خلصت فيها إلى أن ”تشييد الجدار، الذي تقوم إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ببنائه في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في القدس الشرقية وما حولها، والنظام المرتبط به [يتعارض] مع القانون الدولي“، فقد استمر بناء الجدار، وكذلك توسيع المستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة.

تشير التقارير إلى أنه بحلول عام 2005، تم إخلاء المستوطنين الذين كانوا يقيمون في 21 مستوطنة في قطاع غزة وفي أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية بموجب ”خطة فك الارتباط“ الإسرائيلية. وبحلول عام 2023، كان يقيم في الضفة الغربية نحو 465.000 مستوطن، موزعين على نحو 300 مستوطنة وبؤرة استيطانية، بينما كان يقيم نحو 230.000 مستوطن في القدس الشرقية. إن سكان المستوطنات و”البؤر الاستيطانية“ في الأرض الفلسطينية المحتلة (”المستوطنون“) هم في الغالب من الإسرائيليين، بالإضافة إلى اليهود غير الإسرائيليين المؤهلين للحصول على الجنسية الإسرائيلية بموجب التشريعات الإسرائيلية.

وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، منحت الجمعية العامة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، مشيرةً إلى جملة أمور منها القرار 181 (د-2)، فلسطين صفة دولة غير عضو مراقب في الأمم المتحدة (القرار 67/19).

وفي عام 2016، اعتمد مجلس الأمن القرار 2334 (2016) الذي حثّ فيه على

”تكثيف وتسريع وتيرة الجهود وأنشطة الدعم الدبلوماسية على الصعيدين الدولي والإقليمي من أجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط دون تأخير على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية وخريطة الطريق التي وضعتها المجموعة الرباعية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967“.

في 10 أيار/مايو 2024، اعتمدت الجمعية العامة القرار دإط-10/23 الذي ”قررت فيه أن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية في الأمم المتحدة وفقاً للمادة 4 من ميثاق الأمم المتحدة، وينبغي بالتالي قبولها عضواً في الأمم المتحدة“.

في 10 حزيران/يونيو 2024، اعتمد مجلس الأمن القرار 2735 (2024)، الذي أكد فيه من جديد

”التزامه الثابت برؤية حل الدولتين الذي تعيش بموجبه دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام وضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ويشدد في هذا الصدد على أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية “.

ثالثًا- نطاق ومعنى المسائل التي طرحتها الجمعية العامة (الفقرات 72-83)

تنتقل المحكمة بعد ذلك إلى نطاق ومغزى السؤالين اللذين طرحتهما الجمعية العامة، وتذكر صياغتهما. وتشير المحكمة إلى أن السؤالين يحددان النطاق المادي والإقليمي والزمني لتحقيق المحكمة. وفيما يتعلق بالنطاق المادي، فإن السؤال (أ) يحدد ثلاثة أنواع من السلوك التي يصفها السؤال (ب) بأنها ”سياسات وممارسات إسرائيل“: أولاً، ”انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير“؛ ثانياً، ”احتلال إسرائيل الطويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمها للأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها“؛ ثالثاً، ”اعتماد إسرائيل التشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة.“ وفي هذا الصدد، تقتصر المحكمة على ملاحظة سمة مشتركة بينها جميعاً، وهي أن شروط السؤال (أ) تفترض أن هذه السياسات والممارسات تتعارض مع القانون الدولي. غير أن المحكمة، بحكم وظيفتها القضائية، يجب عليها، أن تحدد بنفسها مدى قانونية السياسات والممارسات التي حددتها الجمعية العامة. وترى المحكمة أن السؤال (أ) يتطلب تقييماً لمدى توافق تلك السياسات والممارسات الإسرائيلية المحددة في الطلب مع القانون الدولي.

أمّا من حيث النطاق الإقليمي، فإن السؤال (أ) يشير إلى ”الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967“، التي تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. تلاحظ المحكمة أن مختلف أجهزة الأمم المتحدة وهيئاتها تشير في كثير من الأحيان إلى أجزاء مختلفة من الأرض الفلسطينية المحتلة. كما تفعل المحكمة ذلك في هذه الفتوى، بحسب الاقتضاء. غير أن المحكمة تذكّر بأن الأرض الفلسطينية المحتلة تشكل، من وجهة نظر قانونية، وحدة إقليمية واحدة يجب الحفاظ على وحدتها وتواصلها وسلامتها واحترامها. وبالتالي، فإن جميع الإشارات في هذا الرأي إلى الأرض الفلسطينية المحتلة هي إشارات إلى هذه الوحدة الإقليمية الواحدة.

وتلاحظ المحكمة كذلك أن السؤال يشير إلى التدابير المتعلقة ”بمدينة القدس الشريف“. إن المعنى العادي لهذا المصطلح غامض وقد يخضع لتفسيرات متعددة، لكن السياق يوفر توضيحاً مفيداً في هذه القضية. وفي ضوء هذا السياق، ترى المحكمة أن السؤال الذي طرحته الجمعية العامة والمتعلق بـ ”مدينة القدس الشريف“ يقتصر على التدابير التي اتخذتها إسرائيل في القدس الشرقية.

ومن حيث النطاق الزمني، يطلب السؤال (أ) من المحكمة أن تأخذ في الاعتبار التدابير التي اتخذتها إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. غير أنه لا يمنع المحكمة من أن تأخذ في الاعتبار الوقائع التي سبقت الاحتلال، بقدر ما يكون ذلك ضرورياً لأداء وظيفتها القضائية على الوجه الصحيح.

تلاحظ المحكمة أن طلب الفتوى قد اعتمدته الجمعية العامة في 30 كانون الأول/ديسمبر 2022، وطلبت من المحكمة أن تتناول سياسات وممارسات إسرائيل ”المستمرة“ أو ”المتواصلة“. وبالتالي، فإن المحكمة ترى أن السياسات والممارسات المتوخاة في طلب الجمعية العامة لا تشمل سلوك إسرائيل في قطاع غزة رداً على الهجوم الذي نفذته حماس والجماعات المسلحة الأُخرى ضدها في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

يتكون السؤال (ب) من جزأين. يطلب الجزء الأول من المحكمة تقييم كيفية تأثير سياسات وممارسات إسرائيل التي حددتها الجمعية العامة ”على الوضع القانوني للاحتلال“. وتلاحظ المحكمة أن استخدام الفعل ”يؤثر“ يشير إلى إمكانية أن تؤدي هذه السياسات والممارسات إلى إحداث تغييرات في ”الوضع القانوني“. ومع ذلك، فإن نطاق الجزء الأول من السؤال يعتمد على معنى تعبير ”الوضع القانوني للاحتلال“ في السياق العام للسؤال (ب).

 وفي السياق الحالي، ترى المحكمة أن الجزء الأول من السؤال (ب) يدعو المحكمة إلى التأكد من الطريقة التي تؤثر بها سياسات إسرائيل وممارساتها على الوضع القانوني للاحتلال، وبالتالي على مشروعية استمرار وجود إسرائيل، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة.

تلاحظ المحكمة أن كلاً من السؤال (أ) والجزء الثاني من السؤال (ب) يدعوها إلى تحديد النتائج القانونية المترتبة على سياسات إسرائيل وممارساتها وعلى استمرار وجودها كسلطة احتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة. إذا وجدت المحكمة أن أياً من سياسات إسرائيل وممارساتها أو استمرار وجودها في الأرض الفلسطينية المحتلة يتعارض مع القانون الدولي، وبقدر ما تجد المحكمة أن أياً من سياسات إسرائيل وممارساتها أو استمرار وجودها في الأرض الفلسطينية المحتلة يتعارض مع القانون الدولي، تشير المحكمة إلى أنها ستدرس النتائج القانونية المترتبة على هذه النتائج بالنسبة إلى إسرائيل والدول الأُخرى والأمم المتحدة.

رابعاً- القانون الواجب التطبيق (الفقرات 84-102)

تلاحظ المحكمة في البداية أن انطباق قواعد معينة من قواعد القانون الدولي في الأرض المعنية يتوقف على وضع تلك الأرض بموجب القانون الدولي. وتسعى المحكمة أولاً إلى التأكد من وضع الأرض الفلسطينية المحتلة بموجب القانون الدولي، ثم تحدد قواعد القانون الدولي ذات الصلة بالإجابة على الأسئلة التي طرحتها عليها الجمعية العامة.

تقوم الأسئلة التي طرحتها الجمعية العامة على افتراض أن الأرض الفلسطينية المحتلة محتلة من جانب إسرائيل. وقد حددت المحكمة في فتواها الصادرة عام 2004 بشأن الآثار القانونية المترتبة على تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة الظروف التي تنشأ فيها حالة احتلال. ولاحظت المحكمة أنه في النزاع المسلح عام 1967، احتلت إسرائيل الأراضي الواقعة بين الخط الأخضر والحدود الشرقية السابقة لفلسطين تحت الانتداب البريطاني، أي الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأكدت المحكمة أن الأحداث اللاحقة لم تغير من وضع الأراضي المعنية كأراضٍ محتلة، ولا من وضع إسرائيل كسلطة احتلال.

لم تعرب المحكمة في فتواها بشأن الجدار عن رأيها بشأن الوضع القانوني لقطاع غزة، حيث أن بناء الجدار لم يؤثر على قطاع غزة. قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 في أعقاب النزاع المسلح عام 1967، وقد وضعت إسرائيل، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، قطاع غزة تحت سيطرتها الفعلية. لكن في العام 2004، أعلنت إسرائيل ”خطة فك الارتباط“. ووفقاً لتلك الخطة، كان على إسرائيل الانسحاب عسكرياً من قطاع غزة ومن عدة مناطق في الجزء الشمالي من الضفة الغربية. وبحلول عام 2005، أكملت إسرائيل انسحاب جيشها وإزالة المستوطنات في قطاع غزة.

وتشير المحكمة إلى أنه لغرض تحديد ما إذا كانت منطقة ما لا تزال محتلة بموجب القانون الدولي، فإن المعيار الحاسم ليس ما إذا كانت السلطة القائمة بالاحتلال تحتفظ بوجودها العسكري المادي في المنطقة في جميع الأوقات، وإنما ما إذا كانت سلطتها قد ترسخت ويمكن ممارستها.

واستناداً إلى المعلومات المعروضة أمامها، ترى المحكمة أن إسرائيل ظلت قادرة على ممارسة بعض العناصر الرئيسية للسلطة على قطاع غزة، بما في ذلك السيطرة على الحدود البرية والبحرية والجوية، والقيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع، وجباية ضرائب الاستيراد والتصدير، والسيطرة العسكرية على المنطقة العازلة، على الرغم من انسحابها العسكري في عام 2005، واستمرت في ممارسة هذه السلطة. ويزداد الأمر سوءاً منذ 7 أكتوبر 2023.

في ضوء ما سبق، ترى المحكمة أن انسحاب إسرائيل من قطاع غزة لم يعفها تماماً من التزاماتها بموجب قانون الاحتلال، فقد ظلت التزامات إسرائيل متناسبة مع درجة سيطرتها الفعلية على قطاع غزة.

ثم تنتقل المحكمة إلى القواعد والمبادئ ذات الصلة بالإجابة عن الأسئلة المطروحة عليها. وهي تشمل حظر الاستيلاء على الأراضي عن طريق التهديد باستخدام القوة أو استخدامها، وحق الشعوب في تقرير المصير، وهي قواعد ومبادئ منصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وتشكل أيضاً جزءاً من القانون الدولي العرفي.

علاوة على ذلك، فإن القانون الدولي الإنساني له أهمية خاصة. فصلاحيات إسرائيل وواجباتها في الأرض الفلسطينية المحتلة محكومة باتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949 (”اتفاقية جنيف الرابعة“)، والتي تنطبق في الأرض الفلسطينية المحتلة، وبالقانون الدولي العرفي. وعملاً بالمادة 154 من اتفاقية جنيف الرابعة، فإن تلك الاتفاقية مكملة للقواعد الواردة في القسمين الثاني والثالث من قواعد لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحقة بتلك الاتفاقية. وكما لاحظت المحكمة في اجتهاداتها القضائية، فإن قواعد لاهاي أصبحت جزءاً من القانون الدولي العرفي، وبالتالي فهي ملزمة لإسرائيل.

وفيما يتعلق بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، تلاحظ المحكمة أن إسرائيل طرف في عدة صكوك قانونية تتضمن التزامات في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المؤرخة 21 كانون الأول/ديسمبر 1965، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المؤرخ 16 كانون الأول/ديسمبر 1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخ 19 كانون الأول/ديسمبر 1966.

وتذكّر المحكمة بأن ”الصكوك الدولية لحقوق الإنسان تنطبق ’فيما يتعلق بالأفعال التي تقوم بها الدولة في ممارسة ولايتها القضائية خارج إقليمها‘، لا سيما في الأراضي المحتلة“. وتشير المحكمة كذلك إلى أن الحماية التي توفرها اتفاقيات حقوق الإنسان لا تتوقف في حالة النزاع المسلح أو الاحتلال. فبعض الحقوق قد تكون من مسائل القانون الدولي الإنساني حصراً؛ والبعض الآخر قد يكون من مسائل قانون حقوق الإنسان حصراً؛ لكن البعض الآخر قد يتعلق بهذين الفرعين من القانون الدولي.

وبالإشارة إلى فتواها بشأن الجدار، تلاحظ المحكمة أن إسرائيل لا تزال ملزمة بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فيما يتعلق بسلوكها فيما يتعلق بالأرض الفلسطينية المحتلة.

وفيما يتعلق بالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، تلاحظ المحكمة أن الاتفاقية لا تتضمن أي حكم يقيد صراحة تطبيقها الإقليمي. بل على العكس من ذلك، فإن العديد من أحكامها تفرض التزامات على الدول الأطراف تنطبق في الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية أو فيما يتعلق بالأفراد الخاضعين لولايتها القضائية. وهذا يشير إلى أن الاتفاقية تنطبق أيضاً على سلوك الدولة الطرف الذي تترتب عليه آثار خارج إقليمها. وترى المحكمة أن إسرائيل يجب أن تمتثل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية في الظروف التي تمارس فيها ولايتها القضائية خارج إقليمها.

وقد أعرب العديد من المشاركين في هذه الدعوى عن آراء متباينة فيما يتعلق بأهمية اتفاقي أوسلو الموقعين في عامي 1993 و1995 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. واستناداً إلى تفسير هذه الاتفاقيات، ترى المحكمة أنه لا يمكن فهمها على أنها تنتقص من التزامات إسرائيل بموجب قواعد القانون الدولي ذات الصلة المطبقة في الأرض الفلسطينية المحتلة.

خامساً- سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة (الفقرات 103-243)

ثم تقيّم المحكمة بعد ذلك مدى تطابق سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، كما هو محدد في السؤال (أ)، مع التزاماتها بموجب القانون الدولي. ويبحث تحليل المحكمة، على وجه الخصوص، مسائل الاحتلال الذي طال أمده، وسياسة الاستيطان الإسرائيلية، وضم الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، واعتمادها تشريعات وتدابير ذات صلة يُزعم أنها تمييزية. وتقيّم المحكمة ما إذا كانت سياسات إسرائيل وممارساتها تؤثر على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بعد النظر في هذه المسائل الأُخرى، وإذا كان الأمر كذلك، كيف تؤثر هذه السياسات والممارسات على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

أ. مسألة الاحتلال الذي طال أمده (الفقرات 104-110)

فيما يتعلق بمسألة الاحتلال الطويل الأمد، تلاحظ المحكمة أن السؤال (أ) يتعلق في جزء منه بالنتائج القانونية الناشئة عن ”الاحتلال الإسرائيلي الطويل الأمد“ للأرض الفلسطينية المحتلة. وفي هذا الصدد، تلاحظ المحكمة أن الاحتلال الإسرائيلي استمر لأكثر من 57 عاماً. من أجل الإجابة على هذا الجانب من السؤال، يجب على المحكمة أن تنتقل إلى العلاقة بين إسرائيل، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، والسكان المحميين في الأرض المحتلة، والتي يحكمها قانون الاحتلال.

تتولى الدولة بحكم وضعها كسلطة احتلال، مجموعة من الصلاحيات والواجبات فيما يتعلق بالإقليم الذي تمارس عليه سيطرتها الفعلية. وفي هذا السياق، تتحمل السلطة القائمة بالاحتلال واجب إدارة الإقليم لصالح السكان المحليين. تستند طبيعة ونطاق هذه الصلاحيات والواجبات دائماً على الافتراض نفسه: أن الاحتلال هو وضع مؤقت للاستجابة لضرورة عسكرية، ولا يمكن أن ينقل حق السيادة إلى السلطة القائمة بالاحتلال.

وكون الاحتلال طويل الأمد لا يغير في حد ذاته من وضعه القانوني بموجب القانون الدولي الإنساني. وعلى الرغم من أن قانون الاحتلال يستند إلى الطابع المؤقت للاحتلال، فإنه لا يضع حدوداً زمنية من شأنها أن تغير الوضع القانوني للاحتلال. بدلاً من ذلك، يجب تقييم شرعية وجود السلطة القائمة بالاحتلال في الأراضي المحتلة في ضوء قواعد أُخرى. وعلى وجه الخصوص، يتألف الاحتلال من ممارسة الدولة للسيطرة الفعلية في إقليم أجنبي. ولذلك، ولكي تكون هذه الممارسة للسيطرة الفعلية مسموحاً بها، يجب أن تكون في جميع الأوقات متسقة مع القواعد المتعلقة بحظر التهديد باستخدام القوة أو استخدامها، بما في ذلك حظر الاستيلاء على الأراضي الناجم عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها، وكذلك مع الحق في تقرير المصير. ولذلك، فإن حقيقة أن الاحتلال قد يطول أمده قد يكون له تأثير على التبرير بموجب القانون الدولي لاستمرار وجود السلطة القائمة بالاحتلال في الأراضي المحتلة.

وفي ضوء هذه الخلفية يجب فحص سياسات إسرائيل وممارساتها، وكذلك استمرار وجودها في الأرض الفلسطينية المحتلة. ثم تنتقل المحكمة إلى هذه السياسات والممارسات، بدءاً بسياسة إسرائيل الاستيطانية.

ب. سياسة الاستيطان (الفقرات 111-156)

1. نظرة عامة (الفقرات 111-114)

يستفسر السؤال (أ) الذي طرحته الجمعية العامة في جزء منه عن النتائج القانونية الناشئة عن سياسة الاستيطان الإسرائيلية. وترى المحكمة، في هذا الصدد، أن التمييز الذي يتم في بعض الأحيان بين ”المستوطنات“ و”البؤر الاستيطانية“ غير مهم لغرض التأكد مما إذا كانت التجمعات السكانية المعنية تشكل جزءاً من سياسة الاستيطان الإسرائيلية. ما يهم هو ما إذا كانت هذه التجمعات قد أُنشئت أو تمت المحافظة عليها بدعم من إسرائيل.

وتلاحظ المحكمة كذلك أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية بين عامي 1967 و2005، نُفذت في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. ومنذ إزالة المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة في عام 2005، استمرت سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية؛ ولذلك تقصر المحكمة تحليلها على سياسة الاستيطان الإسرائيلية المستمرة في الضفة الغربية والقدس الشرقية. في الوقت نفسه، تلاحظ المحكمة أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية التي كانت تنفذها إسرائيل في قطاع غزة حتى عام 2005 لم تكن مختلفة جوهرياً عن السياسة التي ما زالت مستمرة في الضفة الغربية والقدس الشرقية اليوم.

2. نقل السكان المدنيين (الفقرات 115-119)

وجدت المحكمة في فتواها بشأن الجدار أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية تنتهك الفقرة السادسة من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على أنه ”لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها“.

وفي رأي المحكمة، لا يوجد في أحكام هذا الحكم أو سياقه، أو في موضوع اتفاقية جنيف الرابعة وغرضها أو تاريخ صياغتها، ما يشير إلى أن هذا الحكم يحظر فقط النقل القسري لأجزاء من السكان المدنيين التابعين للسلطة القائمة بالاحتلال إلى الأراضي المحتلة. في الحالة الراهنة، هناك أدلة كثيرة على سياسة إسرائيل المتمثلة في تقديم حوافز لنقل الأفراد والشركات الإسرائيلية إلى الضفة الغربية، وكذلك على قيام المستوطنين بالتنمية الصناعية والزراعية فيها. كما أن هناك أدلة على أن إسرائيل تشرعن بشكل منتظم البؤر الاستيطانية التي تم إنشاؤها بشكل مخالف للتشريعات الإسرائيلية المحلية، وأن بناء إسرائيل المستوطنات مصحوب ببنية تحتية مدنية مصممة خصيصاً في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والتي تدمج المستوطنات في أراضي إسرائيل.

في ضوء ما سبق، ترى المحكمة أن نقل إسرائيل المستوطنين إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية، وكذلك إبقاء إسرائيل على وجودهم يتعارض مع الفقرة السادسة من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.

3. مصادرة الأراضي أو الاستيلاء عليها (الفقرات 120-123)

تلاحظ المحكمة كذلك أن توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية يستند إلى مصادرة أو الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي.

وإذ تلاحظ المحكمة، في هذه القضية، أن الممتلكات العامة المصادرة أو المستولى عليها لتطوير المستوطنات الإسرائيلية تعود بالنفع على السكان المدنيين من المستوطنين على حساب السكان الفلسطينيين المحليين، تخلص المحكمة إلى أن سياسات إسرائيل في مجال الأراضي لا تتفق مع المواد 46 و52 و55 من أنظمة لاهاي.

4. استغلال الموارد الطبيعية (الفقرات 124-133)

تنتقل المحكمة بعد ذلك إلى مسألة استغلال الموارد الطبيعية. وتذكّر المحكمة بأنه بموجب مبدأ القانون الدولي العرفي الوارد في المادة 55 من قواعد لاهاي، فإن دولة الاحتلال لا تعتبر نفسها سوى مسؤول إداري ومنتفع بالموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الغابات والعقارات الزراعية، وعليها أن تحافظ على رأس مال هذه الموارد. ولذلك، يجب ألاّ يتجاوز استخدام السلطة القائمة بالاحتلال للموارد الطبيعية ما هو ضروري لأغراض الاحتلال. وفي هذا الصدد، تلاحظ المحكمة أن على السلطة القائمة بالاحتلال واجب مستمر في ضمان حصول السكان المحليين على إمدادات كافية من المواد الغذائية، بما في ذلك المياه. وعلاوة على ذلك، يجب أن يكون استخدام الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة مستداماً، ويجب أن يتجنب الضرر البيئي. وترى المحكمة، استناداً إلى الأدلة المعروضة عليها، أن استخدام إسرائيل الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة يتعارض مع التزاماتها بموجب القانون الدولي. ومن خلال تحويل حصة كبيرة من الموارد الطبيعية إلى سكانها، بما في ذلك المستوطنين، فإن إسرائيل تنتهك التزامها بالتصرف كمدير ومنتفع. وترى المحكمة كذلك أن إسرائيل، بتقييدها الشديد لوصول السكان الفلسطينيين إلى المياه المتوفرة في الأرض الفلسطينية المحتلة، تتصرف بشكل لا يتماشى مع التزامها بضمان توفر المياه بكمية ونوعية كافية. كما تخلص المحكمة، في ضوء تحليلها، إلى أن سياسة إسرائيل في استغلال الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة تتعارض مع التزامها باحترام حق الشعب الفلسطيني في السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية.

5. توسيع نطاق القانون الإسرائيلي (الفقرات 134-141)

وبالانتقال بعد ذلك إلى مسألة امتداد القانون الإسرائيلي إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، تذكر المحكمة أنه بموجب المادة 43 من قواعد لاهاي، يجب على دولة الاحتلال من حيث المبدأ احترام القانون الساري في الأرض المحتلة إلاّ في حالات الضرورة القصوى. إذاً، من حيث المبدأ، فإن قانون الاحتلال لا يحرم المؤسسات المدنية للسكان المحليين في الأراضي المحتلة من السلطة التنظيمية التي قد تكون لها. بل إنه يمنح السلطة القائمة بالاحتلال مجموعة من الصلاحيات التنظيمية على أساس استثنائي وعلى أسس محددة مذكورة.

وتلاحظ المحكمة، استناداً إلى الأدلة المعروضة عليها، أن إسرائيل وسّعت مجال تنظيمها القانوني في الضفة الغربية. وهي تلاحظ، على وجه الخصوص، أن إسرائيل استبدلت إلى حد كبير قانونها العسكري بالقانون المحلي الذي كان سارياً في الأرض الفلسطينية المحتلة في بداية الاحتلال في العام 1967. علاوة على ذلك، فقد تولت المجالس الإقليمية والمحلية للمستوطنين بحكم الأمر الواقع الولاية القضائية على المستوطنات في الضفة الغربية. أمّا في القدس الشرقية، فيتم تطبيق القانون الإسرائيلي المحلي منذ بداية الاحتلال في العام 1967، وتتعامل إسرائيل مع القدس الشرقية على أنها أرضها الوطنية، حيث يتم تطبيق القانون الإسرائيلي بالكامل وباستثناء أي نظام قانوني محلي آخر.

وفي هذه القضية، فإن المحكمة غير مقتنعة بأن توسيع نطاق القانون الإسرائيلي ليشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية له ما يبرره بموجب أي من الأسس المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 64 من اتفاقية جنيف الرابعة. وعلاوة على ذلك، فإن التطبيق الشامل للقانون الإسرائيلي في القدس الشرقية، وكذلك تطبيقه فيما يتعلق بالمستوطنين في جميع أنحاء الضفة الغربية، لا يمكن اعتباره ”ضرورياً“ لأي من الأغراض المذكورة في الفقرة الثانية من المادة 64 من اتفاقية جنيف الرابعة.

ولهذه الأسباب، ترى المحكمة أن إسرائيل مارست سلطتها التنظيمية كسلطة احتلال بطريقة تتنافى مع القاعدة الواردة في المادة 43 من أنظمة لاهاي والمادة 64 من اتفاقية جنيف الرابعة.

6. التهجير القسري للسكان الفلسطينيين (الفقرات 142-147)

تنتقل المحكمة بعد ذلك إلى آثار سياسة الاستيطان الإسرائيلية على رحيل السكان الفلسطينيين.

وتلاحظ المحكمة أن مصادرة الأراضي على نطاق واسع والحرمان من الوصول إلى الموارد الطبيعية يجرد السكان المحليين من وسائل عيشهم الأساسية، مما يدفعهم إلى الرحيل. وعلاوة على ذلك، أدت سلسلة من التدابير التي اتخذتها القوات العسكرية الإسرائيلية إلى تفاقم الضغط على السكان الفلسطينيين لمغادرة أجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلة رغماً عنهم.

وتذكّر المحكمة بأن الفقرة الأولى من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أنه ”يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أُخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه.“

وفي هذا الصدد، تعتبر المحكمة أن الترحيل قد يكون ”قسرياً“ - وبالتالي محظوراً بموجب الفقرة الأولى من المادة 49 - ليس فقط عندما يتم من خلال استخدام القوة البدنية، بل أيضاً عندما لا يكون للأشخاص المعنيين خيار سوى المغادرة. وعلاوة على ذلك، تلاحظ المحكمة أنه لكي تكون عمليات الإجلاء جائزة، يجب أن تكون تدبيراً مؤقتاً يتم التراجع عنه بمجرد زوال الأسباب العسكرية القاهرة. وعلى النقيض من ذلك، فإن عمليات الإجلاء ذات الطابع الدائم أو غير المحدود تنتهك حظر الترحيل القسري.

وترى المحكمة أن سياسات إسرائيل وممارساتها، بما في ذلك عمليات الإخلاء القسري وهدم المنازل على نطاق واسع والقيود المفروضة على الإقامة والتنقل، لا تترك في كثير من الأحيان خياراً لأفراد السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة (ج) سوى مغادرة منطقة سكنهم. إن طبيعة الأعمال التي تقوم بها إسرائيل، بما في ذلك حقيقة أن إسرائيل كثيراً ما تصادر الأراضي بعد هدم ممتلكات الفلسطينيين لإعادة تخصيصها للمستوطنات الإسرائيلية، تشير إلى أن تدابيرها ليست مؤقتة في طابعها وبالتالي لا يمكن اعتبارها عمليات إخلاء مسموح بها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. وترى المحكمة أن سياسات إسرائيل وممارساتها تتعارض مع حظر النقل القسري للسكان المحميين بموجب الفقرة الأولى من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.

7. العنف ضد الفلسطينيين (الفقرات 148-154)

تلاحظ المحكمة كذلك أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية قد أدت إلى العنف الذي يمارسه المستوطنون وقوات الأمن ضد الفلسطينيين.

وبعد أن درست المحكمة الأدلة المعروضة عليها في ضوء أحكام القانون الدولي ذات الصلة، ترى المحكمة أن العنف الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين، وفشل إسرائيل في منعه أو معاقبته بشكل فعال، واستخدامها المفرط للقوة ضد الفلسطينيين، يساهم في خلق وإدامة بيئة قسرية ضد الفلسطينيين. وفي هذه القضية، ترى المحكمة، استناداً إلى الأدلة المعروضة عليها، أن تقاعس إسرائيل المنهجي عن منع أو معاقبة الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون ضد حياة الفلسطينيين أو سلامتهم الجسدية، وكذلك استخدام إسرائيل المفرط للقوة ضد الفلسطينيين، يتنافى مع التزاماتها.

8. الاستنتاج بشأن سياسة الاستيطان الإسرائيلية (الفقرات 155-156)

في ضوء ما ورد أعلاه، تؤكد المحكمة من جديد (انظر فتوى الجدار) أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية والنظام المرتبط بها قد أنشئت وما زالت قائمة في انتهاك للقانون الدولي. وتلاحظ المحكمة بقلق بالغ التقارير التي تفيد بأن سياسة الاستيطان الإسرائيلية آخذة في التوسع منذ صدور فتوى المحكمة بشأن الجدار.

ج. مسألة ضم الأرض الفلسطينية المحتلة (الفقرات 157-179)

تلاحظ المحكمة أن السؤال الذي طرحته الجمعية العامة يشير في جزء منه إلى النتائج القانونية الناشئة عن ضم إسرائيل المزعوم للأرض الفلسطينية المحتلة. وللإجابة عن هذا الجانب من السؤال، يجب على المحكمة أولاً تحليل مفهوم ”الضم“. ثانياً، تبحث المحكمة في سياسات إسرائيل وممارساتها بهدف تحديد ما إذا كانت ترقى إلى مستوى الضم. وأخيراً، تناقش المحكمة مشروعية سياسات إسرائيل وممارساتها.

وتفهم المحكمة من مصطلح الضم، في السياق الحالي، أن المقصود بالضم هو استيلاء دولة الاحتلال بالقوة على الأراضي التي تحتلها، أي إدماجها في أراضي دولة الاحتلال. فالضم إذن يفترض مسبقاً نية السلطة القائمة بالاحتلال ممارسة سيطرة دائمة على الأرض المحتلة.

وتشير المحكمة، في هذا الصدد، إلى أنه بموجب قانون الاحتلال، يجب أن تكون سيطرة السلطة القائمة بالاحتلال على الأرض المحتلة ذات طابع مؤقت. وبالتالي، فإن سلوك السلطة القائمة بالاحتلال الذي يظهر نية ممارسة السيطرة الدائمة على الأرض المحتلة قد يشير إلى فعل ضم.

ويمكن أن يتجلى تأكيد السلطة القائمة بالاحتلال سيطرتها الدائمة على الأرض المحتلة بطرق متنوعة. وفي هذا الصدد، تلاحظ المحكمة أنه يتم أحياناً التمييز بين الضم ”بحكم القانون“ والضم ”بحكم الواقع“. وعلى الرغم من اختلافهما من حيث الوسائل التي يتم الضم من خلالها، فإن كلا النوعين من الضم يشتركان في الهدف نفسه - وهو تأكيد السيطرة الدائمة على الأرض المحتلة.

وفي ضوء هذه الخلفية، يجب على المحكمة أن تنظر فيما إذا كانت إسرائيل، من خلال سلوكها، ترسخ سيطرتها الدائمة على الأرض الفلسطينية المحتلة، على نحو يرقى إلى مستوى الضم.

بعد فحص سياسات إسرائيل وممارساتها، سواء فيما يتعلق بالقدس الشرقية أو الضفة الغربية، بهدف تحديد ما إذا كانت ترقى إلى مستوى الضم، تخلص المحكمة إلى استنتاج مفاده أن سياسات إسرائيل وممارساتها، بما في ذلك الحفاظ على المستوطنات وتوسيعها، وبناء البنية التحتية المرتبطة بها، والجدار، واستغلال الموارد الطبيعية، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، والتطبيق الشامل للقانون المحلي الإسرائيلي في القدس الشرقية وتطبيقه على نطاق واسع في الضفة الغربية، ترسخ سيطرة إسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما القدس الشرقية والمنطقة (ج) من الضفة الغربية. وقد صممت هذه السياسات والممارسات لتبقى قائمة إلى ما لا نهاية ولإحداث آثار دائمة على الأرض. وبالتالي، ترى المحكمة أن هذه السياسات والممارسات ترقى إلى ضم أجزاء كبيرة من الأرض الفلسطينية المحتلة.

وترى المحكمة أن السعي إلى اكتساب السيادة على أرض محتلة، كما يتبين من السياسات والممارسات التي تتبناها إسرائيل في القدس الشرقية والضفة الغربية، يتعارض مع حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية والمبدأ الملازم له المتمثل في عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة. إن الطريقة التي يؤثر بها الضم على الوضع القانوني للاحتلال، وبالتالي على شرعية استمرار وجود إسرائيل في القدس، ستتم مناقشتها لاحقاً في الفتوى.

د. مسألة التشريعات والتدابير التمييزية (الفقرات 180-229)

تبحث المحكمة بعد ذلك مسألة النتائج القانونية الناشئة عن اعتماد إسرائيل التشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة“. وإذ تشير المحكمة إلى صيغة السؤال (أ) والاستنتاج الذي توصلت إليه فيما يتعلق بتفسير الأسئلة، تشير إلى أنه يجب عليها أن تحدد بنفسها ما إذا كانت التشريعات والتدابير التي حددها طلب الجمعية العامة تمييزية. وفي هذا الصدد، ترى المحكمة أولاً، أن عليها أن تقصر تحليلها على التشريعات والتدابير التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسياسات والممارسات التي نوقشت سابقاً. ثانياً، أن السؤال يشمل التشريعات والتدابير الإسرائيلية فقط بقدر ما تنطبق في الأرض الفلسطينية المحتلة. ثالثاً، يقتصر السؤال على الطابع التمييزي المحتمل للتشريعات والتدابير الإسرائيلية.

وبعد تحديد نطاق السؤال (أ) على هذا النحو، تنتقل المحكمة إلى مفهوم التمييز. وترى أن المفهوم المشترك بين جميع أحكام القانون الدولي ذات الصلة هو مفهوم المعاملة التفاضلية بين الأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعات مختلفة. وتلاحظ، في هذا الصدد، أن وجود الشعب الفلسطيني ليس موضع خلاف. ولذلك، من وجهة نظر المحكمة، فإن المعاملة التفاضلية للفلسطينيين يمكن أن تؤدي إلى التمييز.

من أجل الإجابة على السؤال (أ)، تنظر المحكمة أولاً في آثار سياسة تصاريح الإقامة الإسرائيلية في القدس الشرقية على الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة. ثم تنتقل المحكمة إلى القيود التي تفرضها إسرائيل على حركة الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة. وأخيراً، تبحث المحكمة في ممارسة إسرائيل لهدم الممتلكات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، سواء فيما يتعلق بممارسة الهدم العقابي أو الهدم لعدم وجود رخصة بناء. وتلاحظ المحكمة في هذا الصدد أن التقارير تشير إلى أنه تم هدم ما يقرب من 11.000 مبنى فلسطيني منذ عام 2009.

تخلص المحكمة من الأدلة المعروضة عليها واستناداً إلى تحليلها إلى أن مجموعة واسعة من التشريعات التي اعتمدتها إسرائيل والتدابير التي اتخذتها بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال تعامل الفلسطينيين بشكل مختلف على أسس محددة في القانون الدولي. وتشير المحكمة إلى أن هذا التمييز في المعاملة لا يمكن تبريره بالرجوع إلى معايير معقولة وموضوعية ولا إلى هدف عام مشروع. وبناءً على ذلك، ترى المحكمة أن نظام القيود الشاملة التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة يشكل تمييزاً منهجياً قائماً على أسس منها العرق أو الدين أو الأصل الإثني، في انتهاك للفقرة (1) من المادة (2) والمادة (26) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والفقرة (2) من المادة (2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمادة (2) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

وتلاحظ المحكمة كذلك أن التشريعات والتدابير الإسرائيلية تفرض وتساعد على الإبقاء على فصل شبه كامل في الضفة الغربية والقدس الشرقية بين المستوطنين والمجتمعات الفلسطينية. ولهذا السبب، ترى المحكمة أن التشريعات والتدابير الإسرائيلية تشكل انتهاكاً للمادة (3) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

ه. مسألة تقرير المصير (الفقرات 230-243)

بعد أن خلصت المحكمة إلى أن سياسة إسرائيل الاستيطانية وأعمال الضم والتشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، تنتقل المحكمة إلى جانب السؤال (أ) الذي يتساءل عن آثار سياسات إسرائيل وممارساتها على ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير. وقد أكدت المحكمة بالفعل، في رأيها في قضية الجدار على وجود حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. وفي الدعوى الحالية، تحدد المحكمة أولاً نطاق هذا الحق ثم تنظر في الآثار المترتبة على سياسات إسرائيل وممارساتها، إن وجدت، على ممارسة هذا الحق.

وترى المحكمة، في ضوء تحليلها، أن الطابع الممتد لسياسات إسرائيل وممارساتها غير القانونية يفاقم من انتهاكها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. ونتيجة لسياسات إسرائيل وممارساتها التي امتدت لعقود، حُرم الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير على مدى فترة طويلة، كما أن إطالة أمد هذه السياسات والممارسات تقوض ممارسة هذا الحق في المستقبل. ولهذه الأسباب، ترى المحكمة أن سياسات إسرائيل وممارساتها غير القانونية تنتهك التزام إسرائيل باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. أمّا الطريقة التي تؤثر بها هذه السياسات على الوضع القانوني للاحتلال، وبالتالي على شرعية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، فتتم مناقشتها لاحقاً في الفتوى.

سادساً- آثار السياسات والممارسات الإسرائيلية على الوضع القانوني للاحتلال (الفقرات 244-264)

أ. نطاق الجزء الأول من السؤال (ب) والقانون الواجب التطبيق (الفقرات 244-251)

ثم تنتقل المحكمة بعد ذلك إلى الجزء الأول من السؤال (ب) الذي طلبت الجمعية العامة رأيها بشأنه وتبحث ما إذا كانت سياسات وممارسات إسرائيل قد أثرت على الوضع القانوني للاحتلال في ضوء قواعد ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة، وإذا كان الأمر كذلك، فإن المحكمة تنظر فيما إذا كان ذلك قد أثر على الوضع القانوني للاحتلال في ضوء قواعد ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة. وتبدأ المحكمة بتحديد نطاق الجزء الأول من السؤال (ب) الذي طرحته الجمعية العامة.

وفي هذا الصدد، ترى المحكمة في هذا الصدد أن الجزء الأول من السؤال (ب) الذي طرحته الجمعية العامة ليس ما إذا كانت سياسات وممارسات إسرائيل تؤثر على الوضع القانوني للاحتلال في حد ذاته. بل إن المحكمة ترى أن نطاق الجزء الأول من السؤال الثاني يتعلق بالطريقة التي تؤثر بها سياسات إسرائيل وممارساتها على الوضع القانوني للاحتلال، وبالتالي شرعية استمرار وجود إسرائيل، كسلطة احتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة. ويتعين تحديد هذه الشرعية بموجب قواعد ومبادئ القانون الدولي العام، بما في ذلك قواعد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

ب. طريقة تأثير السياسات والممارسات الإسرائيلية على الوضع القانوني للاحتلال (الفقرات 252-258)

لقد قررت المحكمة أن للسياسات والممارسات الإسرائيلية وطريقة تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع آثاراً كبيرة على الوضع القانوني للاحتلال من خلال بسط السيادة الإسرائيلية على أجزاء معينة من الأرض المحتلة، وضمها التدريجي إلى الأراضي الإسرائيلية، وممارسة إسرائيل وظائفها الحكومية وتطبيق قوانينها المحلية فيها، وكذلك من خلال نقل عدد متزايد من مواطنيها إلى تلك الأجزاء من الأرض وإعاقة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير.

وترى المحكمة أن تأكيد إسرائيل على سيادتها وضمها لأجزاء معينة من الأراضي يشكل انتهاكاً لحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة. ولهذا الانتهاك تأثير مباشر على شرعية استمرار وجود إسرائيل، كقوة احتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة. وترى المحكمة أن إسرائيل لا يحق لها السيادة على أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة أو ممارسة سلطات سيادية في أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة بسبب احتلالها. كما أن حاجات إسرائيل الأمنية لا يمكن أن تتجاوز مبدأ حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة.

وتلاحظ المحكمة كذلك أن الآثار المترتبة على سياسات وممارسات إسرائيل التي نوقشت سابقاً، وممارستها للسيادة على أجزاء معينة من الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما الضفة الغربية والقدس الشرقية، تشكل عائقاً أمام ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير. وتشمل الآثار المترتبة على هذه السياسات والممارسات ضم إسرائيل لأجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلة، وتجزئة هذه الأرض، وتقويض سلامتها، وحرمان الشعب الفلسطيني من التمتع بالموارد الطبيعية للأرض، وإعاقة حق الشعب الفلسطيني في مواصلة تنميته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

إن الآثار الموصوفة أعلاه لسياسات إسرائيل وممارساتها التي تؤدي في جملة أمور إلى حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير لفترة طويلة تشكل انتهاكاً لهذا الحق الأساسي. ولهذا الخرق تأثير مباشر على شرعية وجود إسرائيل، كسلطة احتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة. وترى المحكمة أنه لا يمكن استخدام الاحتلال بطريقة تترك السكان الخاضعين للاحتلال في حالة من التعليق وعدم اليقين إلى أجل غير مسمى، وتحرمهم من حقهم في تقرير المصير بينما تدمج أجزاء من أراضيهم في أراضي السلطة القائمة بالاحتلال. وترى المحكمة أن وجود حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير لا يمكن أن يخضع لشروط من جانب السلطة القائمة بالاحتلال، نظراً لطابعه كحق غير قابل للتصرف.

في ضوء ما تقدم، تنتقل المحكمة إلى النظر في شرعية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة.

ج. شرعية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة (الفقرات 259-264)

ترى المحكمة أن انتهاكات إسرائيل لحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير لها تأثير مباشر على مشروعية استمرار وجود إسرائيل كسلطة احتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة. إن استمرار إسرائيل في إساءة استخدام مركزها كسلطة احتلال، من خلال الضم وتأكيد سيطرتها الدائمة على الأرض الفلسطينية المحتلة واستمرار إحباط حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ينتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي ويجعل وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني.

وتتعلق هذه اللاشرعية بكامل الأرض الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967. هذه هي الوحدة الإقليمية التي فرضت إسرائيل عبرها سياسات وممارسات لتجزئة وإحباط قدرة الشعب الفلسطيني على ممارسة حقه في تقرير المصير، وعلى مساحات واسعة منها بسطت إسرائيل سيادتها عليها في انتهاك للقانون الدولي. كما أن الأرض الفلسطينية المحتلة بأكملها هي الأرض التي يجب أن يكون الشعب الفلسطيني قادراً على ممارسة حقه في تقرير المصير فيما يتعلق بها والتي يجب احترام سلامتها.

ورداً على حجة قدمها ثلاثة من المشاركين، لاحظت المحكمة أن اتفاقات أوسلو لا تسمح لإسرائيل بضم أجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلة من أجل تلبية حاجاتها الأمنية. كما أنها لا تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بوجود دائم في الأرض الفلسطينية المحتلة لتلبية هذه الحاجات الأمنية.

وتشدد المحكمة على أن الاستنتاج بأن استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني لا يعفيها من التزاماتها ومسؤولياتها بموجب القانون الدولي، ولا سيما قانون الاحتلال، تجاه السكان الفلسطينيين وتجاه الدول الأُخرى فيما يتعلق بممارسة صلاحياتها فيما يتعلق بالأرض إلى أن يحين الوقت الذي ينتهي فيه وجودها. إن السيطرة الفعلية على الإقليم، بصرف النظر عن وضعه القانوني بموجب القانون الدولي، هي التي تحدد أساس مسؤولية الدولة عن أفعالها التي تؤثر على سكان الإقليم أو الدول الأُخرى.

سابعاً. النتائج القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها وعن عدم قانونية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة (الفقرات 265-283)

وقد خلصت المحكمة إلى أن سياسات إسرائيل وممارساتها المشار إليها في السؤال (أ) تشكل انتهاكاً للقانون الدولي. والإبقاء على هذه السياسات والممارسات هو عمل غير قانوني ذو طابع مستمر يستتبع مسؤولية إسرائيل الدولية.

وقد خلصت المحكمة أيضاً في الرد على الجزء الأول من السؤال (ب) إلى أن استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني. وعليه، تتناول المحكمة الآثار القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها المشار إليها في السؤال (أ) بالنسبة لإسرائيل، إلى جانب الآثار الناشئة عن عدم مشروعية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة بموجب السؤال (ب)، بالنسبة لإسرائيل والدول الأُخرى والأمم المتحدة.

أ. الآثار القانونية المترتبة على إسرائيل (الفقرات 267-272)

فيما يتعلق بما خلصت إليه المحكمة من أن استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني، ترى المحكمة أن هذا الوجود يشكل عملاً غير مشروع تترتب عليه مسؤوليتها الدولية. وهو فعل غير مشروع ذو طابع مستمر ناجم عن انتهاك إسرائيل، من خلال سياساتها وممارساتها، للحظر المفروض على الاستيلاء على الأراضي بالقوة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. وبالتالي، فإن إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع ما يمكن.

وتلاحظ المحكمة كذلك أنه فيما يتعلق بسياسات إسرائيل وممارساتها المشار إليها في السؤال (أ) والتي تبين أنها غير قانونية، فإن إسرائيل ملزمة بوضع حد لهذه الأعمال غير القانونية. وفي هذا الصدد، يجب على إسرائيل أن توقف فوراً جميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة. كما أن إسرائيل ملزمة بإلغاء جميع التشريعات والتدابير التي تخلق أو تبقي على الوضع غير القانوني، بما في ذلك تلك التي تميز ضد الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، وكذلك جميع التدابير الرامية إلى تعديل التكوين الديمغرافي لأي جزء من أجزاء الأرض.

كما أن إسرائيل ملزمة بالتعويض الكامل عن الضرر الناجم عن أفعالها غير المشروعة دولياً لجميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المعنيين. ويشمل تعويض الضرر الرد و/أو التعويض و/أو الترضية.

وتشمل إعادة الممتلكات التزام إسرائيل بإعادة الأراضي وغيرها من الممتلكات غير المنقولة، وكذلك جميع الأصول التي استولت عليها من أي شخص طبيعي أو اعتباري منذ بدء احتلالها في عام 1967، وجميع الممتلكات والأصول الثقافية التي أخذت من الفلسطينيين والمؤسسات الفلسطينية، بما في ذلك المحفوظات والوثائق. كما يطالب بإخلاء جميع المستوطنين من المستوطنات القائمة وتفكيك أجزاء الجدار التي شيدتها إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، والسماح لجميع الفلسطينيين الذين نزحوا خلال الاحتلال بالعودة إلى أماكن إقامتهم الأصلية.

وفي حالة ثبوت استحالة هذا الرد مادياً، فإن إسرائيل ملزمة بتعويض جميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين والسكان الذين تعرضوا لأي شكل من أشكال الضرر المادي نتيجة الأعمال الإسرائيلية غير المشروعة في ظل الاحتلال، وذلك وفقاً لقواعد القانون الدولي السارية.

وتشدد المحكمة على أن الالتزامات الناجمة عن أفعال إسرائيل غير المشروعة دولياً لا تعفيها من واجبها المستمر في أداء الالتزامات الدولية التي ينتهكها سلوكها. وعلى وجه التحديد، لا تزال إسرائيل ملزمة بالامتثال لالتزامها باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ب. الآثار القانونية المترتبة على الدول الأُخرى (الفقرات 273-279)

تنتقل المحكمة بعد ذلك إلى النتائج القانونية المترتبة على أفعال إسرائيل غير المشروعة دولياً في الأرض الفلسطينية المحتلة بالنسبة للدول الأُخرى.

وتلاحظ المحكمة أن الالتزامات التي انتهكتها إسرائيل تشمل بعض الالتزامات ذات الحجية المطلقة تجاه الكافة، ومن بينها الالتزام باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والالتزام الناشئ عن حظر استخدام القوة لحيازة الأراضي وكذلك بعض التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وفيما يتعلق بالحق في تقرير المصير، ترى المحكمة أنه بينما يعود للجمعية العامة ومجلس الأمن أن يبتا في الطرائق المطلوبة لضمان إنهاء الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة والإعمال الكامل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، فإن على جميع الدول أن تتعاون مع الأمم المتحدة لوضع تلك الوسائل موضع التنفيذ.

أمّا فيما يتعلق بحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، ومع الإحاطة علماً بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، فإن المحكمة ترى أن الدول الأعضاء ملزمة بعدم الاعتراف بأي تغييرات في الطابع المادي أو التكوين الديمغرافي أو الهيكل المؤسسي أو الوضع القانوني للأراضي التي احتلتها إسرائيل في 5 حزيران/يونيو 1967، بما فيها القدس الشرقية، إلاّ ما يتفق عليه طرفا النزاع من خلال المفاوضات، والتمييز في تعاملهما مع إسرائيل بين أراضي دولة إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. 

وعلاوة على ذلك، ترى المحكمة أنه بالنظر إلى طابع وأهمية الحقوق والالتزامات التي ينطوي عليها الأمر، فإن جميع الدول ملزمة بعدم الاعتراف بالوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة على أنه وضع قانوني. كما أنها ملزمة بعدم تقديم العون أو المساعدة في الحفاظ على الوضع الناشئ عن الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة. وعلى جميع الدول، مع احترامها لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، أن تكفل إنهاء أي عائق ناجم عن الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة يحول دون ممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جميع الدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة ملزمة، مع احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، بضمان امتثال إسرائيل للقانون الإنساني الدولي كما هو مجسد في تلك الاتفاقية.

ج. الآثار القانونية المترتبة على الأمم المتحدة (الفقرات 280-283)

إن واجب عدم الاعتراف المحدد سابقاً ينطبق أيضاً على المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، نظراً للانتهاكات الخطيرة للالتزامات ذات الحجية المطلقة تجاه الكافة بموجب القانون الدولي. كما أن الالتزام بعدم الاعتراف بالوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة والالتزام بالتمييز في التعامل مع إسرائيل بين أراضي إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة ينطبق على الأمم المتحدة أيضاً.

وأخيراً، ترى المحكمة أن الطرائق الدقيقة لإنهاء الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة هي مسألة يجب أن تعالجها الجمعية العامة، التي طلبت هذا الرأي، وكذلك مجلس الأمن. ولذلك، فإن الأمر متروك للجمعية العامة ومجلس الأمن للنظر في الإجراءات الإضافية المطلوبة لإنهاء الوجود الإسرائيلي غير القانوني، مع الأخذ بعين الاعتبار هذه الفتوى.

وترى المحكمة أنه من المهم أن تشدد، كما فعلت في فتواها بشأن الجدار،

”الضرورة الملحة لأن تضاعف الأمم المتحدة ككل جهودها من أجل التوصل إلى نهاية سريعة للنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، الذي لا يزال يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وبالتالي إقامة سلام عادل ودائم في المنطقة.“

وترى المحكمة أيضاً أن إعمال حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في دولة مستقلة وذات سيادة، تعيش جنباً إلى جنب في سلام مع دولة إسرائيل ضمن حدود آمنة ومعترف بها لكلتا الدولتين، على النحو المتوخى في قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، من شأنه أن يساهم في الاستقرار الإقليمي وأمن جميع الدول في الشرق الأوسط.

وتشدد المحكمة على أن ردها على الأسئلة التي طرحتها عليها الجمعية العامة يستند إلى مجمل الأسس القانونية التي حددتها المحكمة أعلاه، والتي ينبغي قراءة كل منها في ضوء الأسس الأُخرى، مع الأخذ بعين الاعتبار تحديد المحكمة للنطاق المادي والإقليمي والزمني للأسئلة.

*

وفيما يلي النص الكامل للفقرة الأخيرة (الفقرة 285):

لهذه الأسباب،

فإن المحكمة

(1) بالإجماع،

تقضي بأن لها صلاحية إصدار الفتوى المطلوبة؛

(2) بأغلبية 14 صوتاً مقابل صوت واحد؛

تقرر الامتثال لطلب الرأي الاستشاري؛

المؤيدون: الرئيس سلام؛ والقضاة تومكا، وأبراهام، ويوسف، وشويه، وبانداري، وإواساوا، ونولتي، وتشارلزورث، وبرانت، وغوميز روبليدو، وكليفلاند، وأوريسكو، وتلادي؛

المعارضون: نائب الرئيس سيبوتيندي؛

 (3) بأغلبية 11 صوتاً مقابل 4 أصوات؛

ترى أن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني؛

المؤيدون: الرئيس سلام؛ والقضاة يوسف، وشويه، وبانداري، وإواساوا، ونولتي، ونولتي، وتشارلزورث، وبرانت، وغوميز روبليدو، وكليفلاند، وتلادي

المعارضون: نائب الرئيس سيبوتيندي؛ القضاة تومكا، أبراهام، أوريسكو;

(4) بأغلبية 11 صوتاً مقابل 4 أصوات؛

ترى أن دولة إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع وقت ممكن؛

المؤيدون: الرئيس سلام؛ والقضاة يوسف، وشويه، وبانداري، وإواساوا، ونولتي، ونولتي، وتشارلزورث، وبرانت، وغوميز روبليدو، وكليفلاند، وتلادي;

المعارضون: نائب الرئيس سيبوتيندي؛ القضاة تومكا، أبراهام، أوريسكو;

(5) بأغلبية 14 صوتاً مقابل صوت واحد؛

ترى أن دولة إسرائيل مُلزمة بالوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة، وإخلاء جميع المستوطنين من الأرض الفلسطينية المحتلة؛

المؤيدون: الرئيس سلام، والقضاة تومكا، وأبراهام، ويوسف، وشويه، وبانداري، وإواساوا، ونولت، وتشارلزورث، وبرانت، وغوميز روبليدو، وكليفلاند، وأوريسكو، وتلادي؛

المعارضون: نائب الرئيس سيبوتيندي؛

(6) بأغلبية 14 صوتاً مقابل صوت واحد؛

ترى أن دولة إسرائيل مُلزمة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بجميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المعنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة؛

المؤيدون: الرئيس سلام؛ والقضاة تومكا، وأبراهام، ويوسف، وشويه، وبانداري، وإواساوا، ونولت، وتشارلزورث، وبرانت، وغوميز روبليدو، وكليفلاند، وأوريسكو، وتلادي؛

المعارضون: نائب الرئيس سيبوتيندي؛

(7) بأغلبية 12 صوتاً مقابل 3 أصوات؛

ترى أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، وبعدم تقديم العون أو المساعدة في الحفاظ على الوضع الناشئ عن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة؛

المؤيدون: الرئيس سلام؛ والقضاة تومكا، ويوسف، وشويه، وبانداري، وإواساوا، ونولتي، ونولتي، وتشارلزورث، وبرانت، وغوميز روبليدو، وكليفلاند، وتلادي؛

المعارضون: نائب الرئيس سيبوتيندي؛ القاضيان أبراهام، أوريسكو؛

 (8) بأغلبية 12 صوتاً مقابل 3 أصوات؛

ترى أن المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية هذا الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة؛

المؤيدون: الرئيس سلام؛ القضاة تومكا، يوسف، شويه، بهانداري، إيواساوا، نولتي، تشارلزورث، برانت، غوميز روبليدو، كليفلاند، تلادي؛

المعارضون: نائب الرئيس سيبوتيندي؛ القاضيان أبراهام، أوريسكو؛

(9) بأغلبية 12 صوتاً مقابل 3 أصوات؛

ترى أنه ينبغي للأمم المتحدة، ولا سيما الجمعية العامة، التي طلبت هذا الرأي، ومجلس الأمن، النظر في الطرائق الدقيقة والإجراءات الإضافية اللازمة لإنهاء الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع ما يمكن.

المؤيدون: الرئيس سلام؛ والقضاة تومكا، ويوسف، وشويه، وبانداري، وإواساوا، ونولتي، وتشارلزورث، وبرانت، وغوميز روبليدو، وكليفلاند، وتلادي؛

المعارضون: نائب الرئيس سيبوتيندي؛ القاضيان أبراهام، أوريسكو.

*

الرئيس سلام يلحق إعلاناً بفتوى المحكمة؛ ونائب الرئيس سيبوتيندي يلحق رأياً مخالفاً بفتوى المحكمة؛ والقضاة تومكا وأبراهام وأوريسكو يلحقون رأياً مشتركاً بفتوى المحكمة؛ والقاضي يوسف يلحق رأياً منفصلًا بفتوى المحكمة؛ والقاضي شوي يلحق رأياً منفصلاً بفتوى المحكمة؛ يلحق القاضيان إيواساوا ونولتي رأيين منفصلين بفتوى المحكمة؛ يلحق القاضيان نولتي وكليفيلاند إعلاناً مشتركاً بفتوى المحكمة؛ يلحق القاضيان تشارلز وورث وبرانت إعلانين بفتوى المحكمة؛ يلحق القاضيان غوميز روبليدو وكليفيلاند رأيين منفصلين بفتوى المحكمة؛ يلحق القاضي تلادي إعلاناً بفتوى المحكمة.

___________

ملحق الملخص 2024/8

إعلان الرئيس سلام

ويذكر الرئيس سلام في إعلانه أنه يشاطر الاستنتاجات التي توصلت إليها المحكمة في هذه الفتوى والتعليل الذي استندت إليه. والغرض من إعلانه هو عرض أسباب إضافية تساعد، من وجهة نظره، على تبرير استنتاجات المحكمة، ولا سيما عدم قانونية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، وما يترتب على ذلك من التزام بإنهائه بأسرع ما يمكن.

يناقش الرئيس سلام أولاً اثنين من السياسات والممارسات الإسرائيلية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة. ففيما يتعلق بالاستيطان، يسلط الضوء على العناصر التي تثبت أن إسرائيل كانت على علم تام بعدم شرعية هذه السياسة والتدابير التي رافقتها. وهكذا، وفي وقت مبكر يعود إلى أيلول/ سبتمبر 1967، حذّر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ولاحقاً هيئات ومؤسسات عديدة تابعة للأمم المتحدة، إسرائيل من الطبيعة غير القانونية للاستيطان والممارسات الأُخرى ذات الصلة. كما يبحث الإعلان في القوانين والتدابير التمييزية الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، ويبين أنها ترقى إلى جريمة الفصل العنصري. وقد ارتكبت إسرائيل العديد من الأفعال اللاإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي يحددها الرأي بشكل لا لبس فيه، كجزء من نظام مؤسسي للقمع المنهجي والسيطرة المنهجية لمجموعة عرقية على أُخرى.

ويعرب الرئيس سلام في إعلانه عن أسفه لأن المحكمة لم تستخلص جميع الاستنتاجات القانونية من قرار الجمعية العامة 181 (د-2) المؤرخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947. والواقع، كما هو، أن إسرائيل بالتزامها بتنفيذ القرار المذكور، الذي استندت إليه في إعلان استقلالها وطلب قبولها في الأمم المتحدة، تظل ملزمة بعدم إعاقة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير والتعاون مع الأمم المتحدة حتى تتمكن دولة فلسطين، التي أعلنت في عام 1988 وقبلت لاحقاً في الأمم المتحدة كدولة مراقبة استناداً إلى القرار نفسه، من ممارسة سيادتها الكاملة على أراضيها وتحقيق استقلالها التام. وهذا يتطلب انسحاب إسرائيل الكامل من الأرض الفلسطينية المحتلة.

وفيما يتعلق بمسألة الالتزامات الناشئة بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة عن انتهاك إسرائيل للقواعد القطعية (القواعد الآمرة) والالتزامات ذات الحجية المطلقة تجاه الكافة في الأرض الفلسطينية المحتلة، يشدد الإعلان على ضرورة اتخاذ تدابير ملموسة وفعالة. وهذا لا يعني بالنسبة للدول مجرد الاحتجاج الدبلوماسي، بل يعني أيضاً الامتناع عن تقديم أي مساعدة مالية أو اقتصادية أو عسكرية أو تكنولوجية غير مشروطة لدولة إسرائيل، ومعاقبة هذه الانتهاكات عند الاقتضاء ووفقاً للمعاهدات ذات الصلة التي هي أطراف فيها. أمّا فيما يتعلق بالأمم المتحدة وهيئاتها ومؤسساتها، فإن الرئيس سلام، إذ يشير إلى جميع قرارات مجلس الأمن التي ظلت حتى الآن دون أثر، يدعوها إلى اتخاذ تدابير جديدة ملموسة ومناسبة لوضع حد، دون تأخير ووفق جدول زمني محدد جيداً، لانتهاكات القانون الدولي الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة. وفيما يتعلق بإنهاء الاحتلال غير الشرعي، يشدد أيضاً على أنه لا ينبغي أن يكون ذلك مشروطاً بنجاح المفاوضات مع إسرائيل، لأن ذلك سيكون بمثابة منح السلطة القائمة بالاحتلال حق النقض وسلطة مواصلة الانتهاكات طالما رغبت في ذلك.

واختتم الرئيس سلام بيانه بالإشارة إلى أن المحكمة، من خلال بيان القانون، تضع الأسس لعملية قائمة على العدالة، والتي وحدها يمكن أن تؤدي إلى سلام عادل ودائم.

 

المصدر: https://www.icj-cij.org/node/204176.

news Image: