صدر حديثاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب "أنا والأرض" الذي يقدم مختارات من أعمال عناني تناول فيها المشهد الطبيعي في فلسطين منذ بداية السبعينيات وحتى اللحظة في أكثر من 183 عملاً. والكتاب، بهذا المعنى، سجل لوني للمشهد الفلسطيني الذي شكّل الإلهام الأكبر لإنتاجه خلال مسيرة فنية امتدت خمسة عقود. وخلال هذه المسيرة، طالت المشهد الطبيعي في فلسطين تغييرات جذرية في سياق المحاولات الاستعمارية الصهيونية المستمرة للاستيلاء على الأرض الفلسطينية. ولذا، يأتي كتاب عناني هذا كتوثيق بصري للمشهد الطبيعي الفلسطيني على مدار السنوات، وكفعل مضاد لمحاولات طمسه المستمرة، وعمليات تغيير تضاريس الأرض الفلسطينية.
يقدم الكتاب عبد الرحيم الشيخ، الشاعر وأستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت، من خلال دراسة تتأمل مسيرة عناني في رسم المشهد الفلسطيني بعنوان "يرى ما يريد". تتناول الدراسة سبع مسائل تراوح بين الفكري والشعري والنظري والسياسي والاجتماعي والثقافي والفني في قراءة الأعمال، ويقترح من خلالها أن الكتاب هو "تمرين على النظر في جسد الفلسطيني الذي صار مشهداً، ومشهده الذي صار جسداً يردد حكمة أبي العلاء المعري "جسدي خرقة تُخاط إلى الأرض، فيا خائط الخلائق خِطني" في حكاية جميلة، قوامها الحب والحرب، لا بدء لها ولا انتهاء".
اختارت لوحات الكتاب القيمة رنا عناني بحيث تعكس رحلة الفنان في رسم المشهد الطبيعي الفلسطيني، وفق تسلسل زمني يظهر المراحل التراكمية التي مر بها عناني ويبرز تطور دراساته اللونية والشكلية وتجاربه المتنوعة في التقنيات، بما في ذلك استخدام مواد طبيعية من الأرض، واختبارات تطبيقية مستمرة يجريها على الملامس والتكوينات وتكرار العناصر على سطوح لوحاته.