التواصل الأدائي: المقاومة الفلسطينية، وموسيقى الهيب هوب، وأداءات الفضاء السيبراني
نبذة مختصرة: 

تعالج هذه الدراسة الأداء التواصلي الفلسطيني المقاوِم عن طريق موسيقى الهيب هوب عبر تقاطعات العرق، والطبقة، والجندر، والجنسانية، وعن طريق تنظير المواقع الثقافية للأداء (theorizing cultural sites of performance). وتوضح الكاتبة أربعة مجالات للمقاومة في موسيقى الهيب هوب الفلسطينية، مع دمجها في الوقت نفسه بصوتها الأدائي الخاص، وذلك بهدف خلق اتصال وتواصل عالميين من خلال الأداء مع الفلسطينيين، سواء أكانوا في الشتات أم داخل فلسطين، وعبر العلاقة مع الهياكل المهيمنة الأكبر.

النص الكامل: 

ما زلت أذكر حكايات جدي الأكبر، جدو صدقي بكل وضوح؛

اعتقاده بعودته إلى وطنه، اعتقاده أن سنة 1948 كانت موقتة.

وهج الحزن والألم والاعتراض النائي في عينيه الكئيبتين.

لقد فقد كل شيء بغمضة من تلك العينين. وتحمل عيناه العبء.

عبء التهجير والتشرذم والحرمان.

بعد 68 عاماً، أنا هنا، ما زلت أكتب. ما زلت أقاوم. هذا وطننا.

مثل باندا مهددة،

نقترب من لحظة الانقراض.

أنا حفيدة ولده أحاول شفاء جروحه التي ورثها

جيلاً بعد جيل...

أنا حفيدة ولده التي أحمل العبء على ظهري. 

ككويتية هُجّر جداها في سنة 1948 من فلسطين المحتلة، فإنني أعمل من الشتات، من خلال دمج صوتي الأدائي الخاص فيما يحمله ذلك التهجير من مرارة وألم. ولأنني أهدف إلى التواصل مع جذوري، فهذه الدراسة تتيح لي العمل من منطقتَي الألم والراحة معاً، فأتواصل مع أشكال أُخرى من الأداء يقوم بها الفلسطينيون مثل موسيقى الهيب هوب، الأمر الذي يمكّنني من اختبار مشاعر التهجير، ويجعلني متصلة مع الفلسطينيين سواء في إسرائيل، أو الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو الشتات.

في مجال الاتصالات، لا يزال هناك حاجة إلى دراسة السياقات التاريخية والسياسية لمجتمعات الشتات (Hegde 2005)، ذلك بأن هذه المجتمعات تتشكل بطرق متنوعة وفقاً لقوى أيديولوجية ومادية متعددة. وعندما أشير إلى الشتات، فإنني أشير إلى نوعية الخطابات المرتبطة بهياكل قومية مهيمنة أكبر (Ghabra & Hasian 2018). وقد يختلف هذا بين الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية وفي فلسطين المحتلة، أو أولئك الذين تشتتوا في أرجاء العالم واتخذوا جنسية أُخرى وموطناً آخر. ومع ذلك فإن بعض الفلسطينيين لا يزال مرتبطاً بهيكل قومي مهيمن واحد: الفصل العنصري الإسرائيلي والحرية الفلسطينية. أمّا أنا، فإنني أُعرّف شتاتي الشخصي بإحساس بالنفي، وبفرط الحساسية (Drzewiecka & Halualani 2002)، وبمجموعة من الذكريات غير الكاملة والخبرات التاريخية عن التهجير (Dirlik 2004). وقد ذكرت الغبرا وحسيان (Ghabra & Hasian 2018) أن الذين يعيشون في الشتات غالباً ما يرتبطون بأشكال متنوعة من المعرفة المسلّعة، وأخطاء المعلومات، والمجتمعات الخيالية. وهذه الأشكال من المعرفة والمجتمعات تشكل خبرتي الخاصة في الشتات، وذلك خلال محاولتي التعامل مع التهجير، إذ يجري تذكيري دائماً بأنني لا أنتمي بالكامل إلى أي مكان.

ومع أن الخطابات المهيمنة تمهّد الطريق إلى مشاعر الانتماء الجزئي، إلّا إن ذاتي المشتتة حظيت أيضاً بامتيازات القدرة على التنقل، إذ إنني قادرة على عبور الحدود. فعلى الرغم من أنه من الواضح والجلي أن الكويت هي وطني، فإنني ما زلت أصارع في إعادة تعريف هويتي. وفي هذا السياق تصل إتسوكو كينفوتشي (Etsuko Kinefuchi) إلى نتيجة مهمة فحواها أن مساحة وطن المرء تشكل أمراً حيوياً للغاية في تشكيل هويته (Kinefuchi 2010). وهذه العلاقة بالشتات تتغير باستمرار عندما يتعلق الأمر بكوني كويتية، أو بعلاقتي بفلسطينيين كويتيين آخرين، أو بالفلسطينيين في الشتات حول العالم، أو بأولئك الموجودين في فلسطين المحتلة. ومع أن القصص التي تناقلتها الأجيال عن التهجير - والدي وجدي وجدي الأكبر - تربطها جميعاً سردية واحدة كبيرة، وهي الحق في العودة، إلّا إنها تعيد تعريف هويتي ككويتية من أصل فلسطيني. لقد اضطرت المجموعات الثقافية التي اختبرت حركات الهجرة إلى إعادة تحديد هوياتها باستمرار من أجل التمسك بالذاكرة التاريخية وعلاقتها بوطنها (Drzewiecka & Halualani 2002).

أتأمل في أدائي، وتاريخي وذاكرتي في الشتات، من خلال الارتباط بأداءات المقاومة الفلسطينية عن طريق موسيقى الهيب هوب. ولهذا السبب، ستتناول الدراسة أداءات المقاومة الفلسطينية عن طريق موسيقى الهيب هوب كمواقع للنضال عبر تقاطعات العرق، والطبقة، والجندر، والجنسانية. وسأبدأ أولاً بتقديم لمحة عامة عن الوضع الفلسطيني الحالي، إلى جانب موسيقى الهيب هوب بين الأميركيين من أصل أفريقي والفلسطينيين، ثم سأحلل خطابياً أربع أغاني هيب هوب فلسطينية أرى أنها تشمل الموضوعات التالية: أولاً، عكس السردية الرئيسية؛ ثانياً، الذكورية؛ ثالثاً، الاستعمار والقومية. وفي الوقت نفسه، أدمج ردي الأدائي على الأغاني كي أوضح أن الصوت الأدائي هو أداة للاتصال الشتاتي عبر الوطني، وأنه يمكن أن يكون موقعاً لبناء التحالفات على الواقع الافتراضي، ثم أختم بالطرق التي تمكّننا من التقدم في أداءات الفضاء السيبراني. 

منهجيات الأداء والتقاطعية (intersectionalityكإطار نظري

في أثناء كتابتي وملاحظتي الأدائيَّتين، ألتزم بإنتاج سردية من الجسد كموقع لترجمة الآلام الاجتماعية الثقافية لعدد من الأسباب (Spry 2011): أولاً، تتجه النظريات والممارسات في دراسات الأداء نحو الأداء باعتباره أداة لإحداث تغيير اجتماعي (Alexander 2005)، و"منعطفاً تفسيرياً وعاطفياً" (Denzin 2017)؛ ثانياً، تصنع رواية القصص مساحات جديدة من الذاتية والتعقيدات تقدم طرقاً بديلة من تصوّر الهويات والأداءات اللاتينية (Chavez 2009)، تسمح لي بالتنظير في العلاقات التي كُتبت في جسدي ومن خلاله (Calafell 2013). لهذا السبب، ومع شينسوكي إغوتش، فإنني "أقود جسدي الذي يحمل العلامات دائماً إلى مواقع متنوعة من المشاركة الاجتماعية" (Eguchi 2014, p. 248).

استناداً إلى هذه الأسس، من المهم سدّ الفجوة بين الإثنوغرافيا الذاتية ودراسات الأداء. فقد وصف بعض الباحثين الإثنوغرافيا الذاتية بأنها فعل نرجسي (Gentile 1989)، بينما وصفها براينت ألكساندر (Alexander 2005) بأنها شكل من أشكال الأداء الثقافي، وتحليل إثنوغرافي للتجربة الشخصية والمعاشة. ولهذا السبب، يُعدّ وجود ارتباط بين السرديات الشخصية المهيمنة ذا أهمية قصوى (Corey 1998)، وهو ما يؤكد مجدداً الحاجة إلى سدّ الفجوة بين الكتابة الأدائية والإثنوغرافيا الذاتية، لأنهما يؤديان أحياناً وظائف التجسيد نفسها. ومن ناحية أُخرى، تدعو آمبر جونسون (Johnson 2014) إلى الحاجة إلى سدّ الفجوة بين دراسات الخطاب والإثنوغرافيا الذاتية، فتوضح كيف أثّرت خطابات الهيب هوب والجندر في تجربتها المعاشة سواء الشخصية أو الاجتماعية أو المؤسساتية، الأمر الذي يتفق مع دعوة حنين الغبرا إلى السماح للكتابة الأدائية بأن تأخذ مجراها في أثناء القيام بالعملية الخطابية لتفكيك وتحليل النصوص المهيمنة (Ghabra 2018). ويمكن للكتابة الأدائية أيضاً أن تعبّر عن سرديات التأثير والهوية المختلطة من خلال الشعر (Boylorn 2008; Calafell 2005; Faulkner 2009; Ghabra 2015a; Ghabra & Calafell 2018b; Johnson 2014)، ذلك بأن الاستقصاء الشعري يجسد التجربة التي تُمكّن القارئ من الارتباط عاطفياً مع الباحث (Faulkner 2009). وعلى غرار بويلورن، ومن خلال استكشافي لجذوري الفلسطينية في علاقتها بهياكل السلطة، يصبح صوتي الأدائي "فوضوياً، ومتناقضاً أحياناً، ومعقداً أحياناً أُخرى" (Boylorn 2008, p. 415).

للأسباب المذكورة أعلاه، فإن اتجاه استخدام ضمير "أنا" الأدائي، خلال أعمال الإثنوغرافيا الذاتية، هو الطريقة المثلى لنصنع معنى لأنفسنا بالعلاقة مع الآخر من خلال العرق والطبقة والجندر وغيرها. وبالتالي، لا يمكن لضمير "أنا" في الاتجاه الأدائي الانفصال عن الهياكل الشاملة (Spry 2011)، فعندما نقيّد أنفسنا بقصة واحدة فقط، فإننا نضع حدوداً لأنفسنا، ولذا، يصبح من المهم هنا إيجاد علاقة مع القصص الأُخرى، وهو ما يذكّرنا أيضاً بأن كثيرين من العلماء نادوا بالحاجة إلى الانعكاسية (reflexivity) (Denzin 2017; Eguchi 2015; Ghabra & Calafell 2018a; Gutierrez-Perez 2015; Lemaster 2018; McIntosh & Hobson 2013).

فعلى سبيل المثال، تدعو بيني ليماستر إلى الحاجة إلى مواصلة الحوارات الثقافية النقدية، الشيء الذي يعني التفكير في الطرق التي نجسد بها الأيديولوجيات ونُظم الظلم، وكيف نتمتع بالامتيازات ونعاني القمع في الوقت ذاته (Lemaster 2018). ويجب أن تكون الانعكاسية أيضاً عبر وطنية في طبيعتها، إذ على المرء التعرف إلى إخفاقاته من أجل فتح إمكانات بناء التحالفات (Ghabra & Calafell 2018a). فدينزين يلحّ على الحاجة إلى "الانخراط في أداء انعكاسي إثنوغرافي (ذاتي) سيصور عالم ما بعد الاستعمار، وما بعد الحقوق المدنية، وما بعد الحرب الباردة، وما بعد النسوية، و'ما بعد العنصرية'، وما بعد الحداثة" (Denzin 2017, p. 44)، بينما يذكّرنا روبرت غيتيريز - بيريز بأن الانعكاسية النقدية تعني أننا سنشارك في عملية التفكيك وإعادة البناء. فيسأل: "ما الذي أصنعه / أدمره وأنا أتحرك عبر المساحات؟" (Gutierrez-Perez 2015, p. 95). إن دمجي لصوتي (الذاتي) في المشاركة في الأداءات الثقافية، هو اعتراف أيضاً بالعلاقة بين الإثنوغرافيا الذاتية ودراسات الأداء.

ليست مصادفة أن علماء التواصل من خلال توسيعهم الأفعال الأدائية إلى أبعد ممّا هي، ربطوا بين الشتات وعبر الوطنية والإثنوغرافيا الذاتية. فعلى سبيل المثال، تضع شادية عبدي الإثنوغرافيا الذاتية الخاصة بها في إطار تعدٍّ سردي يسمح لها الكشفُ عن قصتها فيه، بمقاومة القمع الذي يواظب على إسكات صوتها كأميركية - إيرانية كويرية (queer). وكونها محصورة بين ثقافات متنوعة، فإنها تبتكر لنفسها نوعاً آخر من الشتات عند تقاطعات هوياتها الإيرانية والأميركية والكويرية (Abdi 2014). وبالمثل، تستكشف حنين الغبرا امتيازاتها والقمع المفروض عليها في كيفية تعاملها مع كل من الذكوربة الشرق الأوسطية والبيضاء، فتؤكد أن الإثنوغرافيا الذاتية "تسمح باضطراب ثقافي نقدي يمكن أن يصبح بدوره موقعاً للمقاومة والانعكاسية والتمثيل والصوت" (Ghabra 2015a, p. 3). هكذا، يذكّرنا الجانب العابر للحدود أيضاً بأن التمثيل غالباً ما يمكن تطبيعه؛ فعلى سبيل المثال، تدفع شينسوكي إغوتشي التركيز بعيداً عن التأثيرات الاستطرادية والمادية للأداءات البيضاء المثلية الجنس، وكيف تُطبّع طريقة تفكيرنا بشأن إنتاج رغبة وجاذبية الذكور الكويريين الآسيويين (Eguchi 2015).

إن ما أُنْتِجه من منهجيات أدائية من خلال كتابة لحمي وجسدي، يساوي في الأهمية فهم أن التقاطعية تقع في قلب هذه التنظيرات. وأساس التقاطعية هو أن تجارب النساء الملونات هي نتاج الأنماط المتشابكة من العنصرية والطبقية والتمييز على أساس الجنس (Crenshaw 1991). فمصفوفة (matrix) الهيمنة على سبيل المثال، هي نظام يمكنه مساعدة أولئك ذوي الوضعيات التي تتمتع بالامتيازات، أو غيرهم المضطهدين، لفهم ديناميات السلطة الجارية (Collins 2000)، الأمر الذي ربما يُنتج مساحات مشتركة من المقاومة والقمع. ومن المؤكد أن المقاومة المشتركة ليست ظاهرة جديدة، فأنجيلا ديفيس (Davis 2016)، على سبيل المثال، تدعو إلى الربط بين النساء الأميركيات ذوات البشرة الملونة والفلسطينيين من أجل توسيع فهم التقاطعية.

عندما أنظر إلى موسيقى الهيب هوب كأداة مقاومة، فإنني أنظر إلى تقاطعات العرق والجندر والجنسانية والطبقة، وكيف تتقاطع مع السلطة؛ وأتساءل: كيف تقاوم الجماعات الفلسطينية نظام الفصل العنصري الإسرائيلي والسلطة الأبوية والتهجير في وقت واحد؟ وكيف أقاوم ذلك بصفتي فلسطينية في الشتات من خلال التواصل مع أداءات الفلسطينيين الأُخرى؟ 

التاريخ

عندما أفكر في الظروف التاريخية التي سببت (عدم) انتمائي إلى الشتات، أتذكر الأحداث التاريخية التي أدت إلى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وأتذكر القصص عن وجود فلسطين تحت الحكم العثماني من سنة 1516 إلى سنة 1917 تقريباً. ففي سنة 1882، بدأ المستعمرون اليهود يخلقون وجودهم على الأرض الفلسطينية التي وصلوا إليها؛ وفي سنة 1895، قال تيودور هيرتسل، المؤسس الحديث للصهيونية وفكرة الدولة اليهودية، خلال زيارته لفلسطين: "علينا أن نحاول تشجيع السكان المفلسين على مغادرة الحدود عن طريق تأمين العمل لهم في الدول التي يجتازون إليها، في الوقت الذي نحرمهم من أي عمل في بلدنا. "وهاتان العمليتان من نزع الملكية وتهجير الفقراء يجب أن تجريا بتروٍّ وحذر" (Said 1979, p. XX). وهذه القصص تطارد أولئك الذي يعيشون في مجتمعات الشتات ولا يشعرون أبداً بأنهم جاءوا من مكان واحد. إن الاستماع إلى قصص جدي الأكبر وأجدادي عن كيفية تهجيرهم بالعنف أمر لا يمكن إزالته من تاريخ البحث والانتماء في شتاتي.

إن وعد بلفور (1917) هو أكثر الوثائق التي كان يدور الحديث عنها، وخصوصاً لدى الجيل الأول من فلسطيني الشتات، لأنه وعد اليهود بإعطائهم فلسطين كوطن قومي لهم. لقد ترك هذا الوعد جروحاً في أجيال بعد أجيال، بغضّ النظر عن مدى تأقلمهم التام مع البلد المضيف. وهكذا، كان المشروع الصهيوني خطة مرسومة بعناية بدأت في أواخر القرن التاسع عشر واستمرت حتى اليوم، ومثّل مع وعد بلفور خريطة طريق أدت في النهاية إلى تهجير قرابة 780,000 فلسطيني في سنة 1948. وانتقلت الجروح التي خلّفها هذا الوعد من جيل إلى جيل، وأنا واحدة ممّن حملوها في داخلهم، وهي نار تنغّص عليّ يومي أحياناً، وتخمد أحياناً أُخرى.

وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يبلغ عدد الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية والضفة الغربية وقطاع غزة 9 ملايين نسمة تقريباً، بينما وصل عدد الفلسطينيين في الشتات حول العالم (باستثناء اللاجئين الموجودين على أرض فلسطين) إلى ما يقرب من 11 مليون (PCBS 2022). والسؤال هنا هو كيف يخلق هؤلاء الأشخاص الـ 11 مليوناً صلات بوطن انتُزع منهم؟ وأين هي نقطة الصلة هذه، وكيف يتصلون بالمجموعات الموجودة داخل فلسطين المحتلة؟

يتكون الفلسطينيون اليوم من ثلاث مجموعات: الذين يعيشون خارج فلسطين متفرقين في أرجاء العالم؛ الذين هم فلسطينيو 48؛ الذين يعيشون في الأراضي المحتلة التي تُعرف بالضفة الغربية وغزة.

وباتباع خطى شفيق الغبرا، من المهم ملاحظة أن الحصول على الاستقلال أصبح أمراً بعيد المنال بالنسبة إلى الفلسطينيين. فمع قيام دولة إسرائيل في سنة 1948، أُجبر كثيرون على المغادرة ولم يكن أمامهم أي فرصة لإقامة دولة (Ghabra 1992). أتذكر قوله إننا في صراع صفري (zero-sum conflict)، ونتشبث بحق العودة، وهو مفهوم وتعريف للوطن يتناقض بشكل مباشر مع المفهوم الصهيوني لدولة يهودية مبنية على حق العودة المماثل (Ghabra 1992). 

موسيقى الهيب هوب والمواقع الثقافية للمقاومة

لهذا السبب الذي تحدث عنه شفيق الغبرا، تصبح المواقع الثقافية للمقاومة ذات قيمة كبيرة بالنسبة إلى الفلسطينيين، وفي هذا السياق اكتشف كثيرون أن المقاومة الثقافية والأيديولوجية موجودة في الموسيقى والهيب هوب.

عندما أفكر في مقاومتي الخاصة وصِلتي بموسيقى الهيب هوب، أتذكر أن موسيقى الهيب هوب الفلسطينية، كوسيلة مقاومة، تأثرت بشدة بموسيقى الهيب هوب التي صنعها الأشخاص ذوو البشرة السوداء في الولايات المتحدة، مثل توباك (Tupac)، وسنوب (Snoop)، وبيغ (Big)، وأتموسفير (Atmosphere)، وأوتكاست (Outcast)، وبابليك إينيمي (Public Enemy)، وغيرهم (Salloum 2008).

لقد أصبحت موسيقى الهيب هوب والراب السوداء أداة تعليمية تسلط الضوء على العرق والعنف والقمع الاقتصادي في الولايات المتحدة (Rose 1994). أمّا موسيقى الهيب هوب الفلسطينية المبكرة فخرجت من المدن حيث خلقت وحشية الشرطة والفصل العنصري الصلة نفسها مع سرديات الهيب هوب الأميركي (Maira & Shihade 2012).

وبالمِثل، تقارن ديفيس الفصل العنصري في فلسطين المحتلة بالفصل العنصري في الجزء الجنوبي من الولايات المتحدة الأميركية (Davis 2016). ووجود هذه التشابهات ليس مصادفة؛ فعلى سبيل المثال، خلال الأحداث التالية لإطلاق النار الذي جرى في مدينة فيرغسون الأميركية في سانت لويس، قدّم المتظاهرون الفلسطينيون النصائح لمتظاهري فيرغسون عندما أطلقت الشرطة عليهم الغاز المسيل للدموع (Mislán & Shaban 2019). وهكذا، تشكلت هوية جماعية عبر وطنية من خلال الفضاءات الرقمية والمادية، الأمر الذي جعل الفضاء السيبراني مكاناً للمقاومة المحتملة. وبالمثل أيضاً، تشرح حنين الغبرا وبرناديت كالافيل (Ghabra & Calafell 2018b) مشاعر التهجير الخاصة بهما ككويتية - فلسطينية مغايرة ومتوافقة الجنس، ومكسيكية - أميركية كويرية متوافقة الجنس من أزتلان. لهذا السبب، هناك شعور مشترك بالعنصرية والمقاومة يستطيع الفلسطينيون من خلالهما الاتصال عاطفياً بالمجتمعات المضطهدة في الولايات المتحدة. 

مقاومتي، مقاومتك، مقاومتنا مشتركة...

مع ذلك، أعتقد أن هناك عنصراً واحداً يفصل بيني أنا وهؤلاء في الولايات المتحدة وبين مَن يعيشون في فلسطين المحتلة، إذ إن هناك مساحة من الامتيازات متاحة لي، وبشكل أكثر تحديداً، امتياز القدرة على التنقل. أمّا الدعم المادي بين فرق الهيب هوب الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي الشتات ولدى فلسطينيي 48، فمستحيل بسبب الفصل بين هذه المناطق، وكذلك بين فلسطينيي غزة وفلسطينيي الضفة الغربية، لأن قاطني غزة يحتاجون إلى تصريح للدخول إلى مناطق أُخرى ومنها الضفة، وبالتالي يصبح هذا التواصل صعباً. ففي إحدى المناسبات، حاول كل من: فرقة "دام" من فلسطينيي 1948، وفريق مغنّي الراب الفلسطينيين (Palestinian Rapperz/PR) من غزة، والمغني Patriarch (دعونا لا ننسى المضمون الذكوري لاسم هذا الفنان)، وفنان هيب هوب فلسطيني أميركي من منطقة خليج سان فرانسيسكو، الذهاب للغناء على مسرح في الضفة الغربية، لكن في ليلة الحفل، مُنعت فرقة PR من الدخول إلى الضفة (Salloum 2008).

تذكّرنا سُنينة مايرا وماجد شحادة أن "الراب الفلسطيني يعيد تصور جغرافيا الشعب، ويربط تجارب 'فلسطينيي 48' بالفلسطينيين في الأراضي المحتلة وفي الشتات، وينتج أرشيفاً من التواريخ المنقحة" (Maira & Shihade 2012, p. 1). وهكذا أصبحت موسيقى الهيب هوب الفلسطينية وسيلة لمشاركة القمع الاجتماعي والسياسي، ووسيلة تعبئة أيضاً (Tawil-Souri 2012). فعلى سبيل المثال، تسمح لنا طريقة تناغم الموسيقى والكلمات والصور معاً بفهم كيف تعكس مقاطع الفيديو الموسيقية الخطاب العام (Kraidy 2013)، كما أن الموسيقى تثير الجدل بشأن قضايا الحرب والهوية والجندر والمواطنة والعلاقات الدولية، وتفيض بالمخاوف بشأن الهوية والاستعمار والصهيونية والفصل العنصري. وهكذا، يواصل مغنّو الراب إنتاج الشعر الأدائي من الأنواع الفنية السابقة التي عبّرت عن انتقاداتها السياسية من خلال الأداء، مثل إدوارد سعيد ومحمود درويش وناجي العلي، لكن هذا لا يعني أن موسيقى الهيب هوب لم تتأثر بالعولمة التي تروج جوهر الثقافة الشعبية الأميركية، وتشكل أيضاً هوياتنا بأسلوب مهيمن. فعلى سبيل المثال، تشرح آمبر جونسون (Johnson 2014) كيف غنّت كلمات كتبها المغني Jay-Z، وشعرت بأنها مسؤولة عن حياتها الجنسية؛ لكنها تشرح كيف أن نظام الكلمات المعادية للمرأة معقد وكيف يمكن لموسيقى الهيب هوب استغلالنا، الأمر الذي يُعتبر مهماً من أجل تعقيد موسيقى الهيب هوب. وعلى الرغم من أنني أستكشف موسيقى الهيب هوب الفلسطينية كأسلوب للمقاومة، فإن هناك أوقاتاً تستطيع فيها تلك الموسيقى إعادة تثبيت الهياكل المهيمنة (Ghabra 2018).

والأهم من ذلك هو حقيقة أن موسيقى الهيب هوب الفلسطينية يمكنها التنقل عبر الحدود، على عكس أجسام الفلسطينيين (Maira & Shihade 2012)، وهو أمر بالغ الأهمية عند تحليل الفضاء السيبراني وكيف يمكن استخدامه كأداة لتوصيل كلمات المقاومة من خلال الشعر والهيب هوب. وبما أن المقاومة والموسيقى الفلسطينية غالباً ما يخنقهما الاحتلال، فإن العالم الافتراضي يصبح مساحة لدمج الأداءات بشكل فاعل. فأنا عندما أدمج صوتي مع الآخرين، أتذكر أن الفضاء السيبراني يوفر مساحات للانتماء، إذ بينما تجعل الظروف في فلسطين المحتلة حركة الأجسام شبه مستحيلة، مثل عبور الجدار العازل ونقاط التفتيش وغيرها، فإن المساحات الافتراضية تسمح بوجود لا تحكمه القواعد نفسها التي تُحكم بها المساحات المادية، وتسمح أيضاً بالوصول الفوري إلى المعلومات. فهذه المساحات الافتراضية لديها القدرة على "التعبئة السياسية، والتحول الاجتماعي، ورفع الوعي" (Elsadda 2010)، كما يمكنها تمهيد الطريق لتكاثر الكتابة الأكثر تهميشاً (Elsadda 2010).

وبينما أهدف إلى ربط صوتي الأدائي بأصوات الآخرين، أهدف أيضاً إلى شرح تجربة الشتات، وكيف يمكنها الاتصال بشكل افتراضي وأدائي بالمجتمعات الفلسطينية حول العالم كمواقع للمقاومة. عندما أستمع إلى كل أغنية، أستحضر ذاتي الأدائية كردّ على كل أغنية،[1] ومثلما تذكّرنا الغبرا وكالافيل، فإن "في انعكاسك أرى نفسي، وأرى تواريخ من الانفصال، وتواريخ جُعلنا فيها غامضين أو غرباء في أراضٍ نسميها الوطن؛ وبينما نحن مدفوعون برغبات ديكلونيالية، فإننا نطالب بالمزيد" (Ghabra & Calafell 2018b, p. 77). 

عكس السردية الرئيسية عن طريق الانعكاسية

أستمع إلى أغنية "مين إرهابي" للفريق الفلسطيني "دام"، وأعيد الأغنية مراراً وتكراراً، فتملأ الدموع عينَيّ، وتتخذ المقاومة والأمل في صوت الفريق شكل بطانية من الجدّية تغطيني مرة بعد أُخرى. كيف يظل العالم صامتاً أمام إعادة اتهامنا نحن الفلسطينيين والعرب بالإرهاب، في الوقت الذي نعاني الألم والعذاب اللذين اضطر أجدادنا إلى معاناتهما عبر انتزاعهم من أرضهم كأنهم متفرجون غير مرئيين، وحرمانهم من الحقوق الأساسية للإنسانية: حرية أن يُدفن أبناؤهم؛ حرية الحصول على الماء والطعام النظيف؛ حرية الدفاع عن أنفسهم؛ فكيف نكون نحن الإرهابيين؟

وعلى الرغم من إدراكي امتيازات الحياة في الكويت ككويتية - فلسطينية، فإن جروحي لا تلتئم؛ إنها ألم مزعج ينبض بشكل متقطع على مدار اليوم، وإذ أستمر في محاولة كبته، فإنه يعود مرة أُخرى مثل صداع نصفي مرعب يطاردني في عدة أوقات من اليوم.

لقد قاتل أبي خلال الحرب في الجنوب اللبناني؛ حارب من أجل أرض لم يزرها حتى عهد قريب. لقد ولدت في حرب؛ ولدت مع صوت القنابل وسفك الدماء؛ تُرى… هذه الجروح... هذه الجروح، لا تنتهي؛ لقد ولدنا فيها؛ إنها تترجَم إلى الشتات، إنها قلب الشتات. أرض نحن منها لكن ليس بالكامل؛ أرض نتصل بها بشكل افتراضي، وعاطفي، ومكثف.

يا إلهي، لماذا لا توقف قتل شعبي؟ لماذا لا يمكنك وقف العذاب؟

هل نستمر في المقاومة إلى أن يقتلوا كل واحد منا؟

أواصل الاستماع إلى أغنية "مين إرهابي؟"

تقول بعض مقاطع الأغنية التي ألّفت الفرقة كلماتها وغنتها في سنة 2006، واخترتها لهذا النص: 

ﻣﻴ إﺭﻫﺎﺑﻲ؟ أﻧﺎ إﺭﻫﺎﺑﻲ؟

ﻛﻴﻒ إﺭﻫﺎﺑﻲ ﻭأﻧﺎ عايش ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻱ؟

ﻣﻴ إﺭﻫﺎﺑﻲ؟ إنت إﺭﻫﺎﺑﻲ!

ﻣﺎﻛﻠﻨﻲ ﻭأﻧﺎ عايش ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻱ

[.......]

إيمتى ببطل إرهابي؟

[.......]

راكع على ركبي وإيديّ مربّطات!

عيون في الأرض وجثث مزتتات

بيوت مهدومة عائلات مشردات؟

أطفال يتيمة، حرية بكلبشات 

وأستمر في الاستماع إلى الأغنية التي تثير لديّ كثيراً من الأسئلة: أين هذا الوطن الذي نفتش عنه ككائنات مشتتة؟ وهل مفهوم الوطن ممكن بالنسبة إلى هؤلاء الذي يقبعون في الشتات؟

أتذكر جروح التهجير التي أتت بجدي إلى الكويت، وأتساءل: هل يمكن لهذه الجروح أن تجد مكاناً؟ أفكر فيما تسميه أنزالدوا (Anzaldúa 1981) "الأراضي الحدودية"، فأجد نفسي بين مساحات غير مرئية: قَدَم هنا في الكويت تمتلئ بالامتيازات، وقَدَم أُخرى في فلسطين. 

يطاردني قمعها.

لا تصل قدماي إلى الأرض أبداً...

 أطفو في فضاء ثالث...

لا أجد وطناً قط...

1948... 1967....

خارج فلسطين... داخل فلسطين...

نبحث دائماً عن صلة الانتماء تلك...

لكن هذا الانتماء موجود في الواقع الافتراضي.

[كلمات حنين الغبرا] 

يسمح الصوت الأدائي للمحرومين بإنشاء استراتيجيات ديكولونيالية من خلال الجماليات. وعندما نبدأ بالاستماع إلى أصواتنا الأدائية الداخلية، تصبح أصواتنا هذه هي الحركة الديكولونيالية التي هي عملية تستلزم تفكيك القصص الرئيسية التي تأثرت بالاستعمارية والإمبريالية (Smith 1999, p. 25). وبينما تؤثر هذه الأداءات وتشكّل ما أشعر به وأفكر فيه في ذاتي المشتتة، فإنها تخلق أيضاً لحظات من الرد القوي وبناء التحالفات.

أغنية "دام" تستجوب الاستعمارية وتهدف إلى عكس السردية من خلال السؤال عمّن هو الإرهابي حقاً. ومع وصول أغاني المقاومة إلى المقدمة في زمن القمع وزمن ازدياد انتشار الإنترنت، يصبح من الضروري بناء مساحات للتحالفات بشكل أدائي. وعندما أفكر في مشاركة والدي في الحرب، وفي حالة الشتات الخاصة بي، وفي خطاب هيلاري كلينتون، فإن الأمر لا يختلف كثيراً عن التأثير الذي تُحْدِثه فرقة "دام": أنت مصنَّف دائماً على أنك إرهابي، وتشعر بصورة مستمرة بأنك تافه. المهم هنا هو إنشاء مساحات يمكننا فيها جميعاً الاتصال بشكل فاعل وعالمي.

أتذكر قصص جدي الأكبر، غير أنني أتذكر أيضاً أنني حظيت بامتياز ألّا يتدمر بيتي في الكويت المريحة. فأنا محاطة بالأجساد، لكنها ليست الأجساد التي مزقتها الحرب، بل الأجساد التي تحظى بالامتيازات الطبقية والتعليمية. إن ذاتي المشتتة تسمح لي بالتواصل بعاطفة مع أشكال متنوعة من القمع، وتخلق من أجلي مساحة من الامتيازات، بعيداً عن الحرب، بعيداً عن سفك الدماء الذي ولدت فيه؛ لقد ذقت القمع والحرب لكني ما زلت محتفظة بحريتي، وما زلت محتفظة بامتيازاتي.

وهكذا، من خلال مساحات المقاومة، يمكننا تشكيل مساحات من التحالفات عبر تقاطعات العرق والجندر والطبقة الجنسانية والقدرة وغيرها، مع عدم تصنيف أي محور على أنه أعلى من الآخر؛ فعلى سبيل المثال، يجب ألّا يكون العرق في مرتبة أعلى من المغايرة الجنسية، كما أن استكشاف القمع عبر الذكورية والاستعمار والتهجير، يتطلب منا أن نكون انعكاسيين في الدور الذي نؤديه في أنظمة القوة هذه. وقد دافعت كالافيل وغبرا (Ghabra & Calafell, 2018a) وكذلك جونز وكالافيل (Jones & Calafell 2012) عن تحديد التوترات المعقدة والدينامية بين الامتيازات والسلطة والقمع في سردياتنا، لكنْ لديّ نقطتا خلاف هنا: الأولى هي أن صوتي محروم لأني امرأة ملونة تعيش من دون أن يُنظر إليها على أنها كويتية بالكامل أو فلسطينية بالكامل، ولهذا يسعى صوتي المحروم للتواصل مع جروح التهجير التي عانتها المجتمعات الفلسطينية الأُخرى؛ النقطة الثانية للخلاف هي صوتي كشخص ذي امتيازات: فأنا لديّ امتياز حرية التنقل، وامتياز عدم الحياة تحت الاحتلال، وامتياز كوني حاصلة على درجة الدكتوراه. والسؤال هنا هو: كيف يمكن لقدرتي على الحركة أن تسمح لي بإنشاء صلات مع غيري من فلسطيني الشتات؟ وكيف تسمح لي امتيازاتي بمساحة آمنة بعيداً عن ظروف السياسة الحيوية وسلطة الحياة والموت التي يعيش فيها الفلسطينيون داخل فلسطين المحتلة؟ وفضلاً عن ذلك، لديّ امتياز الطبقة الذي يتيح لي الوصول إلى الإنترنت؛ فمع صعود النيوليبرالية اليوم والتطور الرأسمالي، باتت ظروف الشتات تؤثر في القدرة على الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات (Ong 2005)، بمعنى أن مَن ليس لديهم سوى وصول محدود إليها سيواجهون صعوبات في الاتصال بالمواقع (Ong 2005). بعبارة أُخرى، قد يسمح امتيازي الطبقي لي وللآخرين بالاتصال بالعالم الافتراضي، لكن هناك كثيرين لن يتمتعوا بامتيازات هذا الاتصال.

وبينما نحن نفكر في نقاط الخلاف هذه، فإن علينا أيضاً التفكير في أنفسنا كمجتمعات من أجل صوغ أفضل لاستراتيجيات التضامن والمقاومة، ذلك بأن الانعكاسية يجب أن تكون في الفرد والمجموعة، مثلما أوضحت أعلاه (Calafell 2013).

في سنة 2014، اجتمع كل من تامر نفّار من فرقة "دام"، والشاعر الفلسطيني مروان مخّول، والمغنية الفلسطينية تريز سليمان، لصنع أغنية "إله الثورة" المستوحاة من قصيدة مخّول، والتي أخرجها إيلي رزق (رزق 2014)، وقد أظهر فيها المؤدون الذين يعيشون في أراضي 1948، الألم الذي تسببه الإمبريالية والانقسام بين العرب. وهذه بعض مقاطع من الأغنية: 

"إله الثورة"

مروان مخول

على ظهر الصواريخ، أمريكا تُصَدِّرُ عدلها العصري، يومياً

روسيا تمانع فتزرع وردة سوداء في البارجات على شاطئ الشرق المقدس والمكدّس بالمذابح. 

تامر النفار (دام)

كمان طفلة، كمان طفلة محروقة بين إيدين أبوها، بطّلت أحَوِّق، هاي العراق، فلسطين مصر ولّا سورية

لو أنحط بموقف مشابه اللي فيه فشلت أحمي طفلي فبسهولة بقولها،

اتركوا أولادي، وخدوا العروبة

إلهي، سكّر تِم الوطنجيين وتجار الكليشيهات للحظة

مجبور أعترف، مش قادر أتباهى إني عربي آخر فترة

أنا واعي إنها مؤامرة بس حتى لو نتفق ونهتف إنو الغرب بزرع بينا الفتنة

تعو نحاول نزرعها بينهم وبنكتشف إنو بس عقولنا الخصبة

لما الفردوس مات بعيون البشر الأول إحنا أخدنا

من الورثة بس وحدة قابيل وهابيل الإخوة

وهم أخدوا التفاحة وطوروها لآبل

وإحنا لسّا بنصنف بنكمل بنتمبل

هاد لوطي هاد نسونجي هاي عاهرة هاي قحبة

هاد إخونجي هاد ملحد ليش مش متجوزة يا معنسة

هاد سلفي هاد قبطي

إذا في ديني مكتوب تفرقة فأنا بدي أكون أُمي. 

تقول الأغنية إن الطائفية والتمييز عنصران رئيسيان تسببا بإعاقة الجهود المبذولة لتحقيق الوحدة العربية، وتحت راية الرأسمالية، أنشأ الغرب شركات مثل آبل، بينما ما زلنا ننقسم ويصنّف بعضنا البعض. إذا فكرنا في الوفيات في مصر وسورية وفلسطين والعراق يجب أن نسأل أنفسنا، كيف ساهمنا في ذلك؟ إحدى طرق تحقيق الانعكاسية هي إدراك مواقعنا ذات الامتيازات، وكيف تؤثر فيمَن هم في المواضع ذات الامتيازات الأقل (Ghabra 2015a)، ولذلك يجب أن تكون الانعكاسية ذات طبيعة تقاطعية من أجل إرشاد عملية البحث للتعرف إلى مواضع الامتيازات والتهميش لدى الفرد (Jones & Calafell 2012). فضلاً عن ذلك، وعن طريق إدراكنا كيفية استبعاد بعض الهويات، يمكننا البدء بصنع أخلاق نسوية نوجَد فيها بشكل كامل في مواقعنا ذات الامتيازات، وذلك في أثناء تواصلنا مع مَن قد لا يتمتعن بالامتيازات نفسها التي نتمتع بها (Ghabra 2015a). 

الشقاق: دائرة الفشل في الوطن العربي

لا توجد طفولة في فلسطين المحتلة

0,2 مليون طفل ميت تحت عمر الخامسة

سُرقت منهم طفولتهم، يعيشون من أجل البقاء

تغتصب النساء الذكورية المزدوجة

من رجالهن… ومن الجيش الإسرائيلي

آباء سوريون يقتلون بناتهم قبل أن يصل إليهن الرجال

ملحقات ميتة في كومة ضخمة، أدوات للحرب والاغتصاب والتعذيب والموت.

تعيد الدائرة نفسها.

امرأة عراقية أُخرى يغتصبها جندي أمريكي

امرأة عراقية أُخرى يغتصبها رجل عصابات عراقي

امرأة عراقية أُخرى تهددها الميليشيات الإسلامية

أُخرى في مصر. وأُخرى وأُخرى وأُخرى…

ثم تأتي الإمبريالية بدرعها اللامع

تظهر كشهيدة، تسحر العالم

تحت ستار "إنقاذنا" لكنها في الحقيقة "تقتلنا"

لا يوجد أمان في العالم العربي مع تسليط الإمبريالية عينيها علينا منذ زمن

مطاردين منذ قرون… مُغرّبين… غير متحضرين… يريدون تحديثنا دون معرفة ثقافتنا

إنهم مجرد نسور في لعبة أكبر، يفترسون ثقافتنا

ينتظرون الفرصة بصمت

وعندما تسنح الفرصة يدخلون بوحشية.

لقد دربوا المحاربين في أفغانستان على محاربة السوفيات في الثمانينيات

لكنهم يريدون قتلهم واحداً تلو الآخر تحت ستار "الحرب على الإرهاب"

موت جسد أسمر ليس له قيمة

قُصفت ملايين من الأجسام السمراء، ووُصفوا بإرهابين

ماتت ملايين من الأجسام السمراء، ووُصفوا بظالمين

لكننا نظل منقسمين

قابلين بالاستعمار

قابلين بسيادة العرق الأبيض

مثل الأطفال الساذجين، نصدق، ونعي الخطاب الملفق

كان تامر نفّار محقاً عندما قال أنه يفضل أن يكون أمّياً

إذا كان هذا ما نتعلمه، أفضّل أن أحترق في الجحيم

إذا كان هذا ما تؤمن به. فقد قبلت بدور القامع

إذا كان هذا ما تؤمن به. فأنت قمعك

[كلمات حنين الغبرا] 

عند تحديد الامتيازات التي أتمتع بها سواء كفرد وكجزء من مجموعة، من المهم تسليط الضوء على الحاجة إلى نقد أنفسنا ضمن ما يعتبره شوم كثافة عاطفية أو مشاعر تبني قيمنا (Shome 2010). كيف يكون التأثير نتيجة تقسيم معين نحاول من خلاله كفرد وكجماعة فهم هوياتنا بالعلاقة مع أنفسنا ومجتمعاتنا؟ عندما نفهم هوياتنا المشتتة من خلال الانعكاسية، كيف تختلف مشاعر الانتماء لدينا من لحظة إلى أُخرى؟ إن صيرورة الشتات ليست أمراً ساكناً، بل إنها حالة في تغير مستمر، أمّا حالة الشتات لدينا فنتيجة الاستعمار والذكورية، مثلما سأوضح أدناه. 

القيد المزدوج: الاستعمار والذكورية

في أحد الأيام بعث لي صديقي بشير رسالة إلكترونية سألني فيها عمّا إذا كنت سمعت بأغنية جديدة أصدرها فريق "دام"؛ شعرت بالحماسة لأنني لم أسمعها، وضغطت على الرابط وانتظرت بشوق لمشاهدة الفيديو.

تشترك مغنية اسمها ميساء ضو في الأغنية التي تعالج قضايا نسوية، يقول الفريق: "نحن نتكلم ضد مجتمعنا القمعي بالطبع، لكنني أعتقد أن الأهمية نفسها تكمن في انتقاد الجزء المنافق من مجتمعنا، والذي يحب لعب 'النسوية الظاهرية' من وقت إلى آخر" (Younis 2015).

تبدأ الأغنية برجل يقاطع زوجته (أو شقيقته) لتتوقف عن عزف غيتارها وتكوي قميصه، لكن المرأة الشابة ترمي ملابسه من الشرفة كنوع من المقاومة.[2] أنا ممزقة بين الإحساس بالفرحة لتناول الأغنية قضية نسوية، والإحساس بالحزن لضغوط السلطة الأبوية المزدوجة التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات. أواصل سماع أغنية "مين إنتَ" التي ألف فريق "دام" كلماتها وغناها في سنة 2015. والتالي مقاطع من كلماتها: 

أنا العانس، العاقر، بالتلاتة طالق

ظِل راجل ولا ظِل حائط

الجلي الكوي

أنا كلشي، أنا ولا شي

بس قلّي، مين أنتَ؟

أنا حكي نسوان في 100 زلام

أنا الضعيفة، ما بجيب صبيان

شرف وعار، أنا كلشي أنا ولا شي

بس قلّي، مين أنتَ؟

[.......]

يا حرية وعدل لكل طرف هينا

يا بنبلش نقتل شباب على شرف عيلة

إحنا عم نتحشر فيها بمصر ونضطهدها باللد

بنتاجر فيها في أمريكا وبنغتصبها بالهند

وبنرجعها، تتطعّمي الولاد وتربي البنت

بنحكي عن سوبروومان ولّا بنحكي عن إنس؟ 

عندما أفكر في كلمات الأغنية، أشعر بالخوف من أن جزءاً من مشروع الإمبريالية الغربية سيكون التدخل وإلقاء اللوم على منطقتنا فقط من أجل السلطة الأبوية، لكن مخاوفي تهدأ عندما أتذكر مقاطع من كلمات الأغنية: "إحنا عم نتحشر فيها بمصر ونضطهدها باللد / بنتاجر فيها في أمريكا وبنغتصبها بالهند"، وأتساءل في الوقت نفسه: هل منعت كلمات فرقة "دام" الغرب من تصوير منطقتنا على أنها المنطقة الوحيدة التي تعاني السلطة الأبوية، حين أدرجتْ الولايات المتحدة كمشاركة في العنف الذكوري أيضاً؟

تشير فرقة "دام" إلى أن السلطة الأبوية ومعاداة المرأة لا تقتصر على دولة بعينها، بل إنها قضية عالمية بمفاهيم وتأطيرات متنوعة بحسب كل ثقافة. وتؤكد الأغنية أن النضال يجب ألّا يقتصر على الأرض والاحتلال، بل يجب أن يمتد إلى السلطة الأبوية أيضاً. وفي حالة فلسطين، تذكّرنا نادرة شلهوب كيفوركيان بأن السياسة الأبوية تُخرس النساء، في الوقت الذي يمارَس العنف على أجسادهن بالقانون. وبينما تُنكَر أصواتهن وسردياتهن، فإن الاحتلال يؤجج النظام الأبوي، ويكشف أيضاً عن ضغوط العالم المتحيز على أساس النوع (Shalhoub-Kevorkian 2004).

بصورة عامة، فإن كوننا نسويات شرق أوسطيات نصارع ما يُعرف بالازدواجية، أو "الثنائية التقاطعية"، يتطلب منا ضِعف العمل على نقد نضالاتنا ضد السلطة الأبوية وسيادة العرق الأبيض[3] في وقت واحد (Ghabra 2015b)، وهو ما ينطبق أيضاً على حالة الفلسطينيات اللواتي يتعين عليهن مواجهة القمع الإسرائيلي والسلطة الأبوية المزدوجة، في آنٍ واحد.

فضلاً عن ذلك، ومع دخول السيدات المساحات الذكورية، فإننا نتعلم التماهي مع المجتمع بطريقة معينة؛ لكن مع ابتعادنا عن جوهرنا ومصادر سعادتنا الحقيقية من أجل إرضاء المجتمع ومنظومات القوى، فإن علينا أن نكون مدركين للعنف الذي سيُفرض على أجسادنا. ومع أن الثقافة المحلية لكل بلد تنظم تمثيل الذكورية فيها، فإن سوق الاستهلاك العالمي، وثقافة الاستهلاك التي تتصل بهذه السوق، تظلان المحدد الرئيسي لتمثيل الذكورية في صور الرجال المركبة (Tan, Shaw, Cheng & Ko Kim 2013, p. 238). كيف تعلمت الذكورية الشرق الأوسطية من الذكورية العالمية، وكيف تتغذى الذكورية الشرق الأوسطية على الصور النمطية للرجل الشرق الأوسطي الذكوري؟ أعتقد أن هذا متصل بشكل مباشر بالاستعمار، لأن السرديات الصهيونية تستخدم الصورة النمطية للرجل الشرق الأوسطي المقموع غير العقلاني لتبرير القمع في فلسطين المحتلة. وهنا لا نستطيع فصل ظروف القمع الناتج من الاحتلال، وتأثيره في الذكورية.

مع استماعي إلى الأغنية مرة بعد أُخرى، أتذكر السلطة الأبوية المزدوجة التي أواجهها كامرأة كويتية - فلسطينية تعاقَب على كونها امرأة ملونة تتحدث بلهجة مختلفة عن لهجة سكان الولايات المتحدة، وأعاقَب في الوقت نفسه لكوني امرأة كويتية لا تتحدث لهجة كويتية خالصة في الكويت. وبينما تعاقبني لهجتي الفلسطينية الكويتية باستمرار جغرافياً، تذكّرني الأغنية بأن هذا الصنف من النساء حول العالم يواجه عقاباً شتاتياً من طرف نُظم متنوعة من السلطة الأبوية. 

الذكورية: صياح في وجهها

جرؤت مرة على الصياح في وجه النظام

في عالم من القمع

صرخت في وجه مؤسسة الزواج

لكن كان الحل الوحيد هو الزواج مرة أُخرى

اسمعوني… لحمي وروحي مجروحان من الذكورية

مرتدية رداء الشهامة… ملتفة في عباءة الإخلاص.

أخبروني أن أتوقف عن الحساسية

اسمعوني… اسمعوني… هل يمكنكم سماعي؟

نعم… مَن سينفق عليكِ؟ مَن سيعتني بك عندما تكبرين؟

لكنهم لا يعرفون…

كلنا في النهاية نموت وحيدين...

[كلمات حنين الغبرا] 

في صراعاتي الشخصية مع الذكورية كنسوية تقاطعية، أهدف إلى الصراخ في وجه السرديات الرئيسية التي أضرّت بنسويتي؛ وبينما أحاول التداوي، أتنقل بين مقاومة سيادة العرق الأبيض والذكورية في وقت واحد. وفي أغنية "مين إنتَ" تحاول ميساء مقاومة الذكورية والاستعمار، وتعلّمنا هذه اللحظات أن الازدواجية والقمع يأتيان بعدة أشكال متشابهة ومختلفة، مقارنة بتجاربنا الفردية. وعندما أبحث في داخلي عمّا يتعلق بهياكل السلطة: مثل سيادة العرق الأبيض والذكورية، أدرك أن أحد وجوه التنقل في هذه المساحات من سيادة العرق الأبيض بين الولايات المتحدة والكويت هي مساحات تهجير شتاتية تُعرف بالتحويلية وتتغير باختلاف الموقع. إن معركتي مع الذكورية العربية تختلف عن معركتي مع الذكورية البيضاء في الولايات المتحدة، وبينما أتنقل في هذه الثنائية، أدرك أن مساحات الشتات لها طبقات متعددة الأوجه مثل الذكورية والاستعمار، لكنها يمكن أن تترجم أيضاً إلى القومية والتضامن. 

القومية، والتضامن، والشتات

في سنة 2011، عبّرت مغنية ومؤدية راب بريطانية من أصل فلسطيني تدعى شادية منصور عن مكنون قلوب العديد من الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات من خلال أغنية "الكوفية العربية". فهذا الوشاح الذي يرمز إلى المقاومة والقومية والتضامن نظراً إلى قدرته على عبور الحدود، أصبح عنصراً يمكنه خلق مساحات من الاشتراك والتضامن. ومع قدرة الفضاء السيبراني على عبور الحدود، انضمت منظمات الدفاع عن سود البشرة، مثل منظمة "المدافعين عن الأحلام" (The Dream Defenders) التي أدت دوراً محورياً في النضال بعد مقتل تريفون مارتين، إلى حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS). كما أن عدة منظمات منخرطة بشدة في حركة "حياة السود مهمة" (BlackLivesMatter#) زارت فلسطين المحتلة وشهدت القمع مباشرة، وهي تتعاون الآن مع مجموعات النضال الأُخرى، سواء الفلسطينية، أو اللاتينية، أو مجتمع الميم (Kane 2015).

تشرح منصور العضوة في مجتمع الشتات، في الفيديو الموسيقي لأغنيتها "الكوفية العربية"، والذي صدر في سنة 2011، رمزية الكوفية. ويغني معها مغني الراب الشهير الأسود البشرةM-1 ، وهو أحد عضوَي الثنائي الموسيقي Dead Prez. وفيما يلي مقاطع من كلمات الأغنية: 

هيك إلبسنا الكوفية، البيضا والسودا

صاروا كلاب زمان يلبسوها كموضة

مهما اتفننوا فيها،

مهما غيروا بلونها

كوفية عربية، بتضل عربية 

[مقطع من اللازمة] 

من هيك البسنا الكوفية، لَإِنها وطنية

الكوفية الكوفية عربية

من هيك البسنا الكوفية

هويتنا الأساسية 

[ثم تشرح شادية مفهوم ذاتها المشتتة] 

هيك أنا اتربيت

بين الغرب وبين الشرق

بين الغطيان

بين بخيل، بين فقير

شُفت الحياة من الشقتين

أنا مثل الكوفية

كيف ملبستوني، وين ما شلحتوني، بظلني عأصولي فلسطينية. 

في نهاية الأغنية يعبّر M-1 عن تضامنه في الشعب الفلسطيني، ويقول: 

أنا مؤيد للفلسطينيين، فهل هذا يجعلني إرهابياً؟

يمكنك أن تجدني في غزة أو حيفا أو رام الله

لكنني لا أزال موتولو أولوبالا

لذلك عندما أغني الراب مع شادية

نرفع أصابعنا الوسطى للصهيونيين

لأننا لا نبالي، هذه هي العدالة

لذا اربط هذا الشيء حول رأسك واركب

لوّح به في الهواء وأخبرني مع أي جانب تقف 

تضم هويات الشتات تخيلات قومية عاطفية، وبالتالي فإن على نقاد الديكولونيالية أن يضعوا في اعتبارهم أن الخيال القومي العاطفي يجلب معه هيكلاً معقداً من المشاعر (Shome 2010). ولهذا السبب، يصبح التأثير نتيجة تقسيم معيّن، ويتأثر مَن هم في الشتات بهياكل المشاعر التي قد تنتشر في أماكن مثل الأردن أو لبنان أو العراق أو الكويت أو لندن أو الولايات المتحدة، ولذلك نفهم هوياتنا و"نعيد" التفاوض عليها يومياً (Shome 2010).

عندما نتعمق في تأثير القومية والشتات، ربما تصبح علاقة الشتات بمستوى الشعب إشكالية للغاية، فشعب المغادرة يحظى بامتياز يفوق شعب الوصول (Dirlik 2004)، وهذا الأمر يسمح للدولة القومية بتجاوز الحدود العالمية، ولذا علينا توجيه انتباهنا إلى التوتر بين القومية والشتات. وعندما تصبح هوياتنا معتمدة على الدولة القومية وعلى مكان مغادرتنا ووصولنا، لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نصل إلى أجندة شتات نقدية لأننا نتغذى على نظام ثابت، وبدلاً من ذلك، يصبح التهجير الشتاتي عملية صيرورة مستمرة. إن كوننا فلسطينيين هي أنطولوجيتنا السياسية، لكن يظل رحيلنا المعرفي دائماً في طور الصيرورة، ويقع دائماً ما بين مكانَي المغادرة والوصول؛ وبالتالي، إذا بدأنا بالنظر إلى هوياتنا على أنها أحد أنماط الصيرورة، فقد يوفر ذلك نظرة ثاقبة إلى رحيلنا المعرفي الذي يجب ألّا يكون بالضرورة ثابتاً، وإنما في حالة تغير مستمرة يتكيف فيها وينمو.

لهذا السبب، ومن خلال إعادة التفكير في تجربة الشتات، نفتح الاحتمالات على مزيد من تجارب وصلات الشتات والتضامن مع هذا الشتات. فعلى سبيل المثال، نشهد في أغنية شادية منصور، تواصلاً مع مجتمعات محرومة أُخرى. 

مهجرة دائماً

بياض مثل سحابة عالية دائماً ما تُضعف حكمي.

تُهجّرني من قارة إلى قارة.

من ثقافة إلى ثقافة

أتنقل بين الخطابي والجسدي

آملةً بالعثور على أجوبة وحلول لتهجيري

أقع دائماً في مساحات من الإحباط… آملةً بالعثور على ملاذي الآمن يوماً.

لكن الحقيقة هي أن مكان وطني دائماً مساحة محدودة. غريب ومُهجّر لكن

يمكننا أن نتعلم اعتناق... اعتناق عملية الصيرورة هذه. هذا الطور من الوجود.

أنا نازحة باستمرار بين الولايات المتحدة

بين الكويت وفلسطين.

كلنا نازحون بطريقة أو بأُخرى. تهجّرنا من فلسطين،

هُجّروا من منازلهم في غزة والضفة الغربية

هُجّروا بسبب الفصل العنصري في المناطق التي استولت عليها إسرائيل سنة 1967

إننا جميعاً الشتات، نتغير ونتحول ونتعطل باستمرار

لكن الكوفية توحدنا. كرمز قومي...

رمز قمعنا، ومقاومتنا، ومثابرتنا في النضال.

مثل حنظلة. مثل ناجي العلي. مثل الكنافة النابلسية الدافئة.

يمكنهم الاستمرار في تهجيرنا لكن ستظل لدينا دائماً كوفيتنا

يمكنهم الاستيلاء على طعامنا، وتسميته الحمّص الإسرائيلي، وصنع الثياب من الكوفية

لكنهم لا يستطيعون أن يسلبوا ثقافتنا منا.

[كلمات حنين الغبرا] 

بالنظر إلى التاريخ والانقسام بين شعوب الشتات، يمكننا مساعدة الناقد في التغلب على ثنائية الأمة / الشتات والقيود المفروضة على الشوق الوطني. ومن خلال البقاء في الصيرورة، يمكننا الوصول إلى موضع القومية وخلق روابط مع الهويات المهمشة الأُخرى.

عند تدريب أنفسنا على الوعي بعملية الصيرورة، يصبح الانفصال مهماً في أثناء دراسة سرديات القومية والقيام بالمناصرة. ومن خلال وضع أنفسنا هنا وهناك، تصبح فلسطين جزءاً من خيالنا القائم، في الوقت الذي نتطور باستمرار ونحاول فهم هوياتنا المتغيرة. إن مظاهر الشتات هي تلك اللحظات من الابتعاد عن الوطن التي نبقيها حيّة دائماً من خلال الروابط الجسدية والعاطفية (Mavroudi 2007). 

خاتمة

عند تنظير المواقع الثقافية للأداء، تعكس الأداءات المذكورة أعلاه ثلاثة مجالات للمقاومة: 1) مخالفة السرديات الرئيسية من خلال الانعكاسية؛ 2) الذكورية؛ 3) القومية والاستعمار.

أولاً: من خلال عكس السردية فإن كثيراً من الأصوات الأدائية يهدف إلى رفع الصوت في وجه السرديات السائدة. وفي حركة الديكولونيالية، يخالف النقد الأدائي ويقاوم هياكل السلطة. ولهذا يجب أن نستمر في هذه الدائرة من المقاومة، لأنها ستؤدي في النهاية إلى تشكيل روابط وتضامن وتحالفات، بين مَن هم في الشتات وما وراءه. هذه اللحظات من الصراخ في وجه السرديات السائدة تخلق أيضاً مساحات من الانعكاسية الذاتية والمجتمعية يمكن أن تساعدنا في الاعتراف بكيفية قمعنا للآخرين، وكيفية مشاركتنا في نظام يميّز بشكل منهجي ضد بعض الأشخاص من خلال عملية الإقصاء.

ثانياً: يوجد توتر بين نقد المجتمع الأبوي الخاص بالمرء، ونقد آثار الاستعمار والإمبريالية، كما أن كيفية تعاملنا مع هذه التوترات والمساحات أمر بالغ الأهمية. فعلى سبيل المثال، في أغنية فرقة دام: "مين أنتَ؟"، يتحدث المغنون عن الانتهاكات التي تحدث في أجزاء أُخرى من العالم مثل الولايات المتحدة والهند، وهم بهذا ينتزعون من النظام الأبوي تصويره على أنه مختص بثقافة معينة، ويُبرزونه كمشكلة عالمية. وهذا أمر مهم لتحديد اللحظات التي تستخدم فيها القوى الإمبريالية النظام الأبوي كأداة لإظهار أن النساء يُضطهدن في الشرق الأوسط والدول الإسلامية فقط، وهو مهم لتحديد متى تستخدم الثقافة البيضاء النساء كأدوات لتقوية الإمبريالية.

ولأن الذكورية مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالاحتلال والقومية، فإن علينا مناقشة مدى أهمية القومية ومساحات الشتات لأولئك الذين يعيشون في مجتمعات الشتات، وكيف يتقبلون تغيّر هوياتهم باستمرار. وبدلاً من ذلك، فإن المساحات البينية يمكن أن توفر مزيداً من الراحة للجانب العاطفي للشتات (Anzaldúa 1981)، ذلك بأن الوجود في مكان خارج ما يسمى الحدود الطبيعية يوفر مساحة للتداوي لأولئك الذين يشعرون بأنهم غير منتمين. 

اتجاه الرد الأدائي، وأداءات الفضاء السيبراني

لخصت أعلاه اتجاه استخدام ضمير "أنا" الأدائي كطريقة لنصنع معنى لأنفسنا بالعلاقة مع الآخر من خلال العرق والطبقة والجندر وغيرها. فخلال الأداء، ترتبط كلمة "أنا" دائماً بالهياكل الشاملة (Spry 2011)، كما أن الأداءات المذكورة أعلاه تشير إلى إمكان مدّ هذا الخط بدرجة أعمق في اتجاه الرد الأدائي الذي يشارك فيه الباحث في سلسلة من الأداءات العاطفية التي ينتج منها ردّ من الباحث. وعندما يشارك الباحث في هذه الأداءات التواصلية، سواء من خلال الشعر أو الموسيقى أو غيرها، يصبح هناك حاجة إلى صوغ رد يأخذ شكل تواصل ثنائي الاتجاه يشبه إلى حد كبير التواصل التقليدي. ومن خلال أجسادنا، يمكننا التنظير بشكل فردي بالعلاقة مع الهياكل الشاملة، لكن من خلال الإثنوغرافيا الذاتية المتجاوبة، يمكننا ربط تجاربنا معاً.

لهذا السبب، أصبح الفضاء السيبراني مكاناً يحمل فائدة متزايدة لمَن ينظّرون في الشتات وفي فلسطين المحتلة. فأداءات الفضاء السيبراني تستطيع خلق تأثير جماعي في المجتمعات المحرومة من خلال التواصل، وخصوصاً عندما تكون الأجسام المادية ممنوعة من عبور الحدود، كما أن هذه الأداءات تسمح للأجساد بعبور الحدود بشكل افتراضي من خلال الصوت الأدائي.

تتسبب الهياكل التابعة والمهيمنة بإسكات مجتمعات الشتات، لكن يمكن للإنترنت إضافة متنفس إلى عملية القمع هذه من خلال إعطاء صوت لها (Mitra 2001). فعلى سبيل المثال، أنشأت النساء العربيات جمهوريات بديلة من خلال تدوين نضالاتهن اليومية، ذلك بأن الفضاء السيبراني عبارة عن مساحة تتيح للجمهوريات البديلة "الثانوية" إنشاء مزيد من منتديات التعبير (Elsadda 2010)، وهذا الطريق مهّد بدوره لظهور العديد من المجتمعات في آنٍ واحد. ويسمح الواقع الافتراضي أيضاً برقابة أقل، على عكس مدى التحكم المفروض على المساحات المادية، ونتيجة سماح الواقع الافتراضي بمساحات تتيح الوصول الفوري لها، فإن هذه المساحات تصبح قادرة على الحشد وصنع التحول الاجتماعي والوعي للتواصل الشتاتي.

عندما ظهر الإنترنت، اعتقد كثيرون أن طبيعة الفضاء السيبراني غير المقسمة إلى أقاليم ستجعل الهوية الوطنية مستحيلة (Eriksen 2007)، لكن في هذا العصر الذي يتسم بانعدام الإقليمية، كان الإنترنت سبباً في تقوية العديد من مجتمعات الشتات والهويات الوطنية. فعلى سبيل المثال، تختلف مواقع الإنترنت عن الإعلام التقليدي في إمكان تحديثها في أي وقت، وفي انخفاض تكلفة وسهولة إنشائها، وحتى في حالة عدم وجود موقع إقليمي، فإن الإنترنت يتمتع بالقدرة على تقوية الهويات الجماعية (Eriksen 2007).

فضلاً عمّا سبق، يتيح الفضاء السيبراني فرصاً لمجتمعات الشتات للالتقاء لمناقشة الاهتمامات المشتركة (Zhang & Hao 2006)، كما أنه ذو تأثير كبير في الاتصالات؛ فعندما تتم الاتصالات على نطاق لا تقسيم إقليمياً فيه، يُسمح بالتطور خارج الحدود المادية (Zhang & Xiaoming 1999).

لهذا السبب، من الضروري ربط المكونات الثقافية والأدائية بالهياكل السياسية والاقتصادية للاستعمار، ومن المهم تشكيل التحالفات من أجل توسيع مدى مقاومتنا وللتأثير في المجتمعات المحرومة الأُخرى، بحيث يصبح ذلك ببطء قادراً على خلق زخم، ومزيد من التضامن، ومن الأصوات، ومن الكشف أمام المجتمع العالمي عن الحقيقة والمعاناة التي يواجهها العديد من المجتمعات على مستوى العالم. لذا فهذه الدعوة هي دعوة إلى الفلسطينيين والمجتمعات المحرومة الأُخرى، إلى جانب المجتمعات التي تحظى بالامتيازات، من أجل الاستمرار في تواصلات الفضاء السيبراني من خلال المواقع الثقافية للأداء، ولإبقاء المحنة مرئية وماضية للأمام. 

فلسطين

آااه يا فلسطين

ملحقات من الحكايات

اختُصرت إلى الفقر

ذبلت مع النفس الأخير

نَفَس الموت

نَفَس من الحرية بالموت

شتات ضائع بلا وطن

مشمول باستبعاده

الموتى الأحياء

معاناة أعيد صوغها في استراتيجيا

أُعيد رسم صورتنا كأشرار

أُعيد تعريفنا كإرهابيين

همسة من الأمل تأتي مع النسيم

حركات جديدة تزدهر

آلام الشتات تتحول إلى تطلعات

لكن سرعان ما تذبل مع

قنبلة واحدة

خبر واحد

قوة إمبريالية جديدة

تلاشت لمحة أي أمل في هوامش الوجود

يا فلسطين. يا فلسطين، أين نذهب من هنا؟

هل سنختفي من دون أثر لعِرْقنا؟ أم سنستمر في العيش في ظلام الموت النيوليبرالي؟

تكمن التطلعات في قلوب الحركات العالمية

صلات عالمية

صلات مع حزن المحرومين

القلوب تتألم. الظهور تتألم، روحي تؤلمني

فلسطين: جرح الشتات الذي سأحمله إلى الأبد في أعماق روحي

[كلمات حنين الغبرا]

 * هذه المقالة كُتبت باللغة الإنجليزية ونُشرت بعنوان:

 “Performative Communication: Palestinian Resistance, Hip-Hop and Cyberspace Performances”, The Communication Review, vol. 23, issue 3 (2020). 

وقد ترجمتها الكاتبة إلى العربية، وتهديها إلى روح والدها شفيق الغبرا "الذي علمني كيفية مقاومة الاحتلال في أشكاله كافة."

 

المراجع

بالعربية

- إيلي رزق (2014). إخراج وتصوير وإنتاج فيديو "إله الثورة"، في موقع يوتيوب، في الرابط الإلكتروني

- دام. كلمات أغنية "مين إرهابي؟"، في الرابط الإلكتروني. 

بالإنجليزية

- Abdi, Shadee (2014). “Staying I(ra)n: Narrating Queer Identity from within the Persian Closet”. Liminalities: A Journal of Performance Studies, vol. 10, no 2, pp. 1–20.

- Alexander, Bryant (2005). “Performance Ethnography: The Reenacting and Inciting of Culture”. In: The Sage Handbook of Qualitative Research. Edited by Norman Denzin & Yvonna Lincoln. California: Thousand Oaks, Sage Publications Ltd, 3rd ed., pp. 411–441.

- Anzaldúa, Gloria (1981). Borderlands/La Frontera: The New Mestiza. San Francisco, California: Aunt Lute Book Company.

- Boylorn, Robin (2008). “As Seen on TV: An Autoethnographic Reflection on Race and Reality Television”. Critical Studies in Media Communication, vol. 25, issue 4, pp. 413–433, 

- Calafell, Bernadette Marie (2005). “Pro(re-)claiming Loss: A Performance Pilgrimage in Search of Malintzin Tenépal”. Text and Performance Quarterly, vol. 25, issue 1, pp. 43–56, 

- ________ (April 2013). “(I)dentities: Considering Accountability, Reflexivity, and Intersectionality in the I and the We”. Liminalities: A Journal of Performance Studies, vol. 9, no. 2, pp. 6–13. 

- Chavez, Karma (2009). “Remapping Latinidad: A Performance Cartography of Latina/o Identity in Rural Nebraska”. Text and Performance Quarterly, vol. 29, no. 2, pp. 165–182,

- Collins, Patrichia Hill (2000). Black Feminist Thought: Knowledge, Consciousness, and the Politics of Empowerment. New York: Routledge.

- Corey, Frederick (1998). "The Personal: Against the Master Narrative”. In: The Future of Performance Studies: Visions and Revisions. Edited by Sheron Dailey. Annandale, Virginia: National Communication Association, pp. 249-253.

- Crenshaw, Kimberle (1991). “Mapping the Margins: Intersectionality, Identity Politics, and Violence against Women of Color”. Stanford Law Review, vol. 43, no. 6, pp. 1241–1299.

- Davis, Angela (2016). Freedom is a Constant Struggle: Ferguson, Palestine, and the Foundations of a Movement. Chicago, Illinois: Haymarket Books.

- Denzin, Norman (May 2017). “A Manifesto for Performance Autoethnography”. International Review of Qualitative Research, vol. 10, issue 1, pp. 44–45.

- Dirlik, Arif (2004). “Intimate Others: [Private] Nations and Diasporas in an Age of Globalization”. Inter-Asia Cultural Studies, vol. 5, issue 3, pp. 491–502.

- Drzewiecka, Jolanta & Rona Halualani (1 August 2002). “The Structural-Cultural Dialectic of Diasporic Politics”. Communication Theory, vol. 12, issue 3, pp. 340–366.

- Eguchi, Shinsuke (June 2014). “Disidentifications From the West(ern): An Autoethnography of Becoming an Other”. Cultural Studies, Critical Methodologies, vol. 14, issue 3, pp. 279–285, 

- ________ (2015). “Queer Intercultural Relationality: An Autoethnography of Asian–Black (Dis) Connections in White Gay America”. Journal of International and Intercultural Communication, vol. 8, issue 1, pp. 27–43, 

- Elsadda, Hoda (January 2010). “Arab Women Bloggers: The Emergence of Literary Counterpublics”. Middle East Journal of Culture and Communication, vol. 3, issue 3, pp. 312–332.

- Eriksen, Thomas (January 2007). “Nationalism and the Internet”. Nations and Nationalism, vol. 13, issue 1, pp. 1–17.

- Faulkner, Sandra (2009). “Research/Poetry: Exploring Poet’s Conceptualizations of Craft, Practice and Good Effective Poetry”. Educational Insights, vol. 13, no. 3, pp. 1–24.

- Gentile, John (1989). Cast of One: One Person-Shows From the Chautauqua Platform to the Broadway Stage. Illinois: University of Illinois Press.

- Ghabra, Haneen Shafeeq (2015a). “Disrupting Privileged and Oppressed Spaces: Reflecting Ethically on my Arabness Through Feminist Autoethnography”. Kaleidoscope: A Graduate Journal of Qualitative Communication Research, vol. 14, pp. 1–16.

- _______ (November 2015b). “Through my Own Gaze: An Arab Feminist Struggling with Patriarchal Arabness Through Western Hegemony”. Liminalities: A Journal of Performance Studies, vol. 11, no. 5, pp. 1–16. 

- ________ (2018). Muslim Women and White Femininity: Reenactment and Resistance. New York: Peter Lang Inc., International Academic Publishers.

- Ghabra, Haneen & Bernadette Marie Calafell (2018a). “From Failure and Allyship to Feminist Solidarities: Negotiating Our Privileges and Oppressions across Borders”. Text and Performance Quarterly, vol. 38, issue 1-2, pp. 38–54.

- ________ (2018b). “Intersectional Reflexivity and Decolonial Rhetorics: From Palestine to Aztlán”. In: Rhetorics Elsewhere and Otherwise: Contested Modernities, Decolonial Visions. Edited by Romeo García & Damián Baca. Illinois: National Council of Teachers of English, pp. 62-84.

- Ghabra, Haneen & Marouf Hasian (October 2018). “Tough Love: A Diasporic Critique of the Palestinian Boycott, Divestment, and Sanctions Movement”. Journal of Communication Inquiry, vol. 42, issue 4, pp. 340–358. 

- Ghabra, Shafeeq (Spring 1992). “National Independence in the Arab World: The Case of the Palestinians”. Journal of Arab Affairs, vol. 11, issue 1, pp. 69–80.

- Gutierrez-Perez, Robert (2015). “Disruptive Ambiguities: The Potentiality of Jotería Critique in Communication Studies”. Kaleidoscope: A Graduate Journal of Qualitative Communication Research, vol. 14, pp. 89–100. 

- Hegde, Radha (April 2005). “Disciplinary Spaces and Globalization: A Postcolonial Unsettling”. Global Media and Communication, vol. 1, issue 1, pp. 59–62. 

- Johnson, Amber (2014). “Confessions of a Video Vixen: My Autocritography of Sexuality, Desire, and Memory”. Text and Performance Quarterly, vol. 34, issue 2, pp. 182-200. 

- Jones, Richard & Bernadette Marie Calafell (2012). “Contesting Neoliberalism through Critical Pedagogy, Intersectional Reflexivity, and Personal Narrative: Queer Tales of Academia”. Journal of Homosexuality, vol. 59, issue 7, pp. 957–981.

- Kane, Alex (January 26, 2015). “The Growing Ties between #BlackLivesMatter and Palestine”. “Mondoweiss website”.

- Kinefuchi, Etsuko (2010). “Finding Home in Migration: Montagnard Refugees and Post-Migration Identity”. Journal of International and Intercultural Communication, vol. 3, issue 3, pp. 228–248. 

- Kraidy, Marwan (July 2013). “Contention and Circulation in the Digital Middle East: Music Video as Catalyst”. Television & New Media, vol. 14, issue 4, pp. 271–285.

- LeMaster, Benny (2018). “Embracing Failure: Improvisational Performance as Critical Intercultural Praxis”. Liminalities: A Journal of Performance Studies, vol. 14, no. 4, pp. 1–21. 

- Maira, Sunaina & Maged Shihade (Fall 2012). “Hip Hop from ’48 Palestine: Youth, Music and the Present/Absent”. Social Text, vol. 30, issue 3, pp. 1–26. 

- Mansour, Shadia (2011). Ft M1 (DEAD PREZ)-AL KUFIYYEH 3ARABEYYEH (OFFICIAL VIDEO).

- Mavroudi, Elizabit (October 2007). “Learning to be Palestinian in Athens: Constructing National Identities in Diaspora”. Global Networks, vol. 7, issue 4, pp. 392–411.

- McIntosh, Dawn Marie & Kathryn Hobson (November 2013). “Reflexive Engagement: A White (Queer) Women’s Performance of Failures and Alliance Possibilities”. Liminalities: A Journal of Performance Studies, vol. 9, no 4, pp. 1–23, 

- Mislán, Cristina & Sara Shaban (2019). “ ‘To Ferguson, love Palestine’: Mediating Life under Occupation”. Communication and Critical/Cultural Studies, vol 16, issue 1, pp. 43-60. 

- Mitra, Ananda (March 2001). “Marginal Voices in Cyberspace”. New Media & Society, vol. 3, issue 1, pp. 29–48. 

- Ong, Aihwa (2005). Neoliberalism as Exception: Mutations in Citizenship and Sovereignty. Durham, North Carolina: Duke University Press Books.

- PCBS/Palestinian Central Bureau of Statistics (2022). 

- Rose, Tricia (1994). Black Noise: Rap Music and Black Culture in Contemporary America. New Hampshire, Hanover: University Press of New England.

- Said, Edward (1979). The Question of palestine. New York: Vintage Books.

- Salloum, Jacqueline (2008). “Slingshot Hip Hop” [Documentary].

- Shalhoub-Kevorkian, Nadera (2004). “Racism, Militarisation and Policing: Police Reactions to Violence against Palestinian Women in Israel”. Social Identities, vol. 10, issue 2, pp. 171–193, 

- Shome, Raka (2010). “Internationalizing Critical Race Communication Studies: Transnationality, Space, and Affect”. In: The Handbook of Critical Intercultural Communication. Edited by Thomas Nakayama & Rona Halualani. Chichester, England: Wiley-Blackwell, pp. 149-170.

- Smith, Linda Tuhiwai (1999). Decolonizing Methodologies: Research and Indigenous Peoples. London: Zed Books Ltd.

- Spry, Tami (2011). Body Paper Stage: Writing and Performing Autoethnography. Walnut Creek, California: Left Coast Press Inc.

- Tan, Yue & Ping Shaw & Hong Cheng & Kwangmi Ko Kim (September 2013). “The Construction of Masculinity: A Cross-Cultural Analysis of Men’s Lifestyle Magazine Advertisements”. Sex Roles, vol. 69, issue 5–6, pp. 237–249, 

- Tawil-Souri, Helga (2012). “The Necessary Politics of Palestinian Cultural Studies”. In: Arab Cultural Studies: Mapping the Field. Edited by Tarik Sabry. London: I. B. Tauris, pp. 137-161.

- Younis, Rami (March 26, 2015). “WATCH: Palestinian Hip Hop Group Tackles Patriarchy in New Video”.

- Zhang, Kewen & Hao Xiaoming (1999). “The Internet and the Ethnic Press: A Study of Electronic Chinese Publications”. The Information Society, vol. 15, issue 1, pp. 21–30. 

 المصادر:

[1] الأغنيات التي نعرضها هي أصلاً باللغة العربية، وبالتالي لم تجرِ ترجمتها عن النص الإنجليزي.

[2] نعرض في هذه الدراسة جزءاً فقط من كلمات الأغنيات التي نستشهد بها.

[3] عندما أشير إلى سيادة العرق الأبيض، فإنني أشير إلى نظام يتسلل إلى السياق الكلي والجزئي في فجوات العرق والجندر والجنسانية والطبقة، والتي لا يمكن فصلها عن مفاهيم الاستعمار، والنظام الأبوي، والمغايرة الجنسية، والطبقية، وغيرها.

السيرة الشخصية: 

حنين شفيق الغبرا: باحثة من الكويت، وهي عضو هيئة التدريس في جامعة الكويت ومختصة بالتواصل والثقافة.