الرواية الإسرائيلية على شبكات التواصل الاجتماعي تتخبط وتوزع الاتهامات خبط عشواء، وتستخدم الذكاء الاصطناعي لفبركة التغريدات والفيديوهات.
سنحلل في هذه المقالة القصيرة صفحة على موقع إنستغرام يديرها ناشطون من حزب الليكود الحاكم في إسرائيل-حزب نتنياهو- والصفحة مخصصة للجمهور البريطاني. وتحمل اسم: Likud_herut_UK فيها تحريض غير مسبوق على حزب العمال والجمهور البريطاني والجوالي المتضامنة مع فلسطين، وفيها شيطنة واتهامات باللاسامية في كل الاتجاهات.
الدعاية الإسرائيلية هنا "هاذية" وتحاول استحضار تفجيرات مترو لندن لذاكرة البريطانيين، ووصم المتضامنين مع فلسطين بالدواعش من دون حجج حقيقية، بل بصوّر مفبركة وخيالات جامحة.
تحليل المضمون التالي قد يفسر ما كان يسمى منذ عقود الهاجس الأمني الذي تحوّل إلى مرض مزمن في الشخصية الإسرائيلية، مرض لا يشفى إلاّ برؤية خصومه وقد أصبحوا إسرائيليين بالكامل أو حتى بالفبركة، فهم تاريخياً لا يؤمنون بالغيرية، وإنما بالذات الإسرائيلية "النقية" فقط.
دققوا في المضامين الإعلامية التالية:
هذا تصميم مفبرك لفرحة مقاتلين فلسطينيين بعد سماع سائق مترو لندن يردد شعار free free Palestine، هذا تحريض ضد السائق ومئات الركاب البريطانيين.
صورة بعنوان: "المتضامنون مع حماس طلقاء في شوارع لندن"- هذا تحريض ضد حرية التظاهر وضد تقاليد مدينة لندن. ويشبه التصميم ما يلجأ إليه العقل اليميني في إسرائيل في لحظات انهياره، فقد كان نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال قد صاغ رسالة نصية بالصيغة نفسها في لحظات ما قبل إقفال صناديق التصويت في إسرائيل، حيث كتب "العرب قادمون" كي يدفع بعشرات آلاف الإسرائيليين إلى الصناديق للتصويت وإفشال حصة الفلسطينيين في الكنيست.
بوست يقول إن اقتباس وزارة الصحة في غزة هو اقتباس مقاتلي حماس الذين قتلوا واختطفوا.. هذا تحريض ضد وسائل الإعلام ومحاولة إملاء ما يجب على الصحافيين قوله وما لا يجب قوله.
صور من أكثر مكان في العاصمة البريطانية فيها صور لملصق "فلسطين من النهر إلى البحر" الذي يوزعه ناشطو حملات التضامن فلسطين وتحت الملصق كتب الإسرائيليون "هذا شعار كاره لليهود"- طبعاً مرة أُخرى تعود البروباغاندا الإسرائيلية إلى التلطي خلف اللاسامية، والادعاء أن نقد احتلال فلسطين من النهر إلى البحر هو خطاب كراهية موجه ضد اليهود، وبالإضافة إلى ذلك يشكل هذا الملصق تحريضاً ضد حرية الرأي والتعبير وضد ناشطين فلسطينيين وأجانب ومن كل الجنسيات هتفوا "فلسطين حرة من البحر إلى النهر."
هنا تصميم يضم صوراً "لأعلام وألوان جديدة في شوارع لندن"، وكابشن كاذب عن رايات لداعش وسط الرايات وصور مفبركة لرايات تركيا وحماس وحزب الله: وقد قمنا بمراجعة عشرات الصور لتظاهرة لندن الشهيرة، ولم يتم العثور على صور للعلم الأسود الخاص بداعش أو لباقي الأعلام المذكورة التي أضيفت بالفبركة من جانب معد الدعاية الإسرائيلية.
تصميم غرافيكي غير حقيقي يضم صور مقاتلين بجانب قطار مترو في لندن- ونحن هنا مرة أخرى إزاء محاولة فاشلة لاستعادة مشهد تفجير مترو لندن قبل سنوات إلى ذاكرة البريطانيين ومحاولة اتهام فاشلة للمقاومة الفلسطينية.
قلادة جوهرة لأحد مقاتلي "حماس" عُثر عليها في مواقع هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، فيها صورة زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربين- فبركة غير مدروسة وبلهاء لأن لبس الرجال للقلائد ممنوع في الإسلام.
صورة لجيرمي كوربين وبن جمال مسؤول حملة التضامن مع فلسطين وكابشن يشيطن الاثنين ويتهم أي تضامن بريطاني مع فلسطين باللاسامية: مرض مزمن في الدعاية الإسرائيلية يزيد في حجم كارهي إسرائيل في العالم.
وهنا نشرت الصفحة فيديو مفبركاً يستخدم الذكاء الاصطناعي لأصوات وتصريحات مفبركة لبوتين وأبو مازن وأردوغان ومراسلة "الجزيرة" وروجر ووترز وجيجي حديد وكريم بنزيما. وفي نهاية الفيديو المفبرك يكتبون: لا تكن مزيفاً. قف إلى جانب إسرائيل، ومن دون أن تستغربوا: أنتم إزاء دعاية مفبركة تنتهي بالوعظ ضد الفبركة.
تنهار الدعاية الإسرائيلية كما نلمس في هذا المجتمع الإلكتروني الإسرائيلي، لكن ما لم نأتِ إلى ذكره هنا، هو وجود إعلان تجاري ضخم لشركات سياحية وعقارية عربية من إحدى عواصم التطبيع، وفيديو لناشط عربي ساذج يهاجم قضية فلسطين ويروج للاحتلال، وفيديو لناشط فلسطيني يهاجم حماس ويتهمها بالإرهاب، وكتب محررو الموقع تحت الفيديو الأول والثاني: برافو.
ما رصدناه في هذه المقالة، يتعلق بالحرب على حزب العمال وعلى البريطانيين المتضامنين مع فلسطين، لكن ثمة الكثير من بقايا الدعاية الإسرائيلية التقليدية في الموقع: مثل مهاجمة عرفات ومشعل أنهما يعيشان في الفنادق وشعبهما يعاني، أو مثل أن الفساد منتشر بشدة لدى مؤسسات فلسطين، أو اتهامات بكره إسرائيل موجهة إلى بوتين والأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش ونجوم فن ورياضة، كما ينشر الموقع الإلكتروني لهذه المجموعة عريضة على صفحته الأولى يطلب من الداخلين توقيع عريضة تطالب بإلغاء حفلات موسيقية للمغني البريطاني روجر ووترز.
في الصفحات التابعة لهذا الموقع الدعائي الإسرائيلي الكثير مما يثير التسلية، لكن هناك نصيحة: إن أخذكم الفضول لهذه الروابط لا تعلقوا ولا تناقشوا كي لا تحظى هذه الدعاية "الهاذية" بإعادة نشر، أو بإعادة ظهور على الشبكة.