أصدرت وزارة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ورقة عالجت فيها كيفية التعامل مع السكان المدنيين في غزة والخيارات المطروحة لحل هذه المسألة بما يضمن إحداث تغيير عميق وجذري في القطاع وتحقيق أهداف الحرب ضد غزة في آن معاً. تكمن أهمية الورقة في خطورة الحل الأمثل الذي تقترحه، وهو إجلاء السكان المدنيين عن قطاع غزة إلى سيناء، الأمر الذي يتردد صداه في عدد من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وفيما يلي الترجمة الحرفية الكاملة:
تلخيص إداري
- باتت دولة إسرائيل مطالبة بإحداث تغيير ملموس في الواقع المدني في قطاع غزة، على ضوء جرائم حركة "حماس" التي أدت إلى نشوب حرب "السيوف الحديدية"، ولهذا الغرض فإن على دولة إسرائيل أن تقرر الهدف السياسي المتعلق بالسكان المدنيين في قطاع غزة، والذي يجب أن تسعى إلى تحقيقه، بالتوازي مع إسقاط سلطة حركة "حماس".
- إن الهدف الذي ستقوم الحكومة بتحديده، يستوجب القيام بعمل مكثف من أجل استقطاب الولايات المتحدة ودول أُخرى لدعم هذا الهدف.
- الافتراضات الأساسية للعمل في أي خيار
أ. القضاء على سلطة حركة "حماس".
ب. إخلاء السكان خارج منطقة القتال، هو في مصلحة السكان المدنيين من قطاع غزة.
ج. المطلوب هو تخطيط وتفعيل المساعدة الدولية بحيث تصل إلى المنطقة، وفقاً للخيار الذي يتم اعتماده.
د. من الضروري، في أي خيار، القيام بإجراء عميق لاستيعاب التغيير الأيديولوجي المرغوب في القطاع (بما يماثل إجراء نزع النازية (De-Nazification).
هـ. يجب أن يدعم التوجه الذي سيجري اختياره الهدف السياسي المتعلق بشأن مستقبل القطاع، والصورة النهائية للحرب.
- سنقوم، من خلال هذه الوثيقة بعرض ثلاثة خيارات محتملة يمكن تبنيها كتوجيه من جانب المستوى السياسي في إسرائيل، فيما يتعلق بمستقبل السكان المدنيين في قطاع غزة، وقد تمت دراسة التوجيهات في ضوء العوامل التالية:
- من الناحية العملانية: القدرة على تطبيقها عملانياً
- من الناحية الشرعية: دولية/ داخلية / قانونية.
- من ناحية القدرة على إحداث تغيير أيديولوجي وإدراكي في أوساط السكان، بما يتعلق باليهود وإسرائيل.
- التداعيات الاستراتيجية الواسعة
- الخيارات الثلاثة التي تمت دراستها هي:
- الخيار الأول: بقاء السكان في قطاع غزة، وإسناد الحكم إلى السلطة الفلسطينية.
- الخيار الثاني: بقاء السكان في قطاع غزة، واستحداث سلطة عربية محلية من أوساطهم.
- الخيار الثالث: إجلاء السكان المدنيين من قطاع غزة إلى سيناء.
- من خلال فحص معمّق للخيارات المذكورة، يمكننا استخلاص الرؤى التالية:
أ. الخيار الثالث هو الخيار الذي سيحقق نتائج استراتيجية إيجابية وطويلة الأمد بالنسبة إلى إسرائيل، وهو خيار قابل للتنفيذ. هناك حاجة إلى تحلي المستوى السياسي بالصرامة في مواجهة الضغط الدولي، مع التركيز على استقطاب الولايات المتحدة والدول المؤيدة لإسرائيل لدعم هذه الخطوة.
ب. يعاني الخياران الأول والثاني أوجه قصور كبيرة، وخصوصاً فيما يتعلق بتداعياتهما الاستراتيجية وعدم وجود جدوى لهما على الأمد البعيد، والاثنان لن يوفرا الردع اللازم، ولن يتيح أي منهما إحداث تغيير في الوعي، ومن شأنهما أن يؤديا خلال بضع سنوات إلى نشوء المشكلات والتهديدات نفسها التي تواجهها دولة إسرائيل منذ سنة 2007 وحتى اليوم.
ج. الخيار الأول هو الخيار الأكثر انطواء على مخاطر، فالانقسام بين السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وأولئك الذين في قطاع غزة، هو واحد من العوامل الرئيسية التي تجعل من الصعب إقامة دولة فلسطينية. إن اعتماد هذا الخيار يعني انتصاراً غير مسبوق للحركة الوطنية الفلسطينية، وهو انتصار سيكلف إسرائيل ثمناً يتمثل في حياة آلاف المدنيين والجنود، كما أنه خيار لا يضمن الأمن الإسرائيلي.
الخيار الأول
بقاء السكان في قطاع غزة، وإسناد الحكم إلى السلطة الفلسطينية
من ناحية المكان والسلطة
- تبقى أغلبية السكان في قطاع غزة
- يتم فرض حكم عسكري إسرائيلي في المرحلة الأولى؛ ولاحقاً تُنصّب السلطة الفلسطينية في القطاع بصفتها الجهة السيادية الحاكمة في قطاع غزة.
من ناحية الدلالات العملياتية
يستوجب الأمر خوض القتال في منطقة كثيفة السكان. ويترتب عليه مخاطر كبيرة على جنودنا، كما أنه يتطلب وقتاً كثيراً.
- طالما استمرت الأعمال القتالية المكثفة، فإن خطر فتح جبهة ثانية في الشمال سيتفاقم.
- سيعارض السكان في قطاع غزة سيطرة السلطة الفلسطينية (التي سبق أن جرّبوها في الماضي)
- المسؤولية الإنسانية: ستُفرض هذه المسؤولية على إسرائيل بصورة كاملة، في نهاية الحرب، مع كل ما يحمله ذلك من معانٍ.
من ناحية الشرعية الدولية / القانونية
- للوهلة الأولى، يبدو أن هذا الخيار أقل خطورة من ناحية إنسانية، ولذا فسيكون من الأسهل حصوله على دعم واسع النطاق. لكن الخيار المرتبط ببقاء السكان، عملياً، من شأنه أن يمثل الخيار الأسوأ، إذ من المتوقع سقوط الكثير من القتلى العرب في المرحلة العملياتية، طالما ظلّ السكان في المدن، وتدخلوا في الأعمال القتالية.
- مدة التنفيذ ستكون طويلة جداً، ومعها ستمتد الفترة الزمنية التي تُنشر فيها صور المدنيين المتضررين من القتال.
- الحكم العسكري الذي سيُفرض على السكان العرب سيجعل من الصعب على إسرائيل الاحتفاظ بدعم دولي واسع النطاق، وسيؤدي إلى ضغوط عليها من أجل تشكيل إدارة تابعة للسلطة الفلسطينية.
من ناحية خلق تغيير أيديولوجي
- ضرورة صوغ سردية عامة تستوعب فشل حركة "حماس" وظلمها الأخلاقي، واستبدال التصور القديم بأيديولوجية إسلامية معتدلة. هذه عملية تشبه عملية نزع النازية (De-Nazification) التي أُخضعت لها ألمانيا النازية واليابان الإمبراطورية. وسيكون من الضروري، في هذا الإطار أيضاً، فرض المواد في المناهج التعليمية في المدارس، وفرض استخدامها على جيل كامل.
- إن إدخال السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة سيجعل من الصعب جداً فرض مناهج تعليمية تربّي الطلاب على الاعتقاد بشرعية إسرائيل، إذ إن المناهج التعليمية التي تُدرّس الآن في مناطق السلطة الفلسطينية، المشابهة لتلك التي تُدرس في المناطق التي تحكمها حركة "حماس"، تعلم التلاميذ على كراهية إسرائيل ومعاداتها.
- صحيح أنه من الممكن أن يكون إحلال السلطة محل الحكم في قطاع غزة مشترطاً بفرض إسرائيل المناهج التعليمية، لكن من غير الممكن التأكد من تنفيذ السلطة لذلك فعلاً، فالسلطة الفلسطينية، نفسها، معادية لإسرائيل بصورة جوهرية.
- يجب التقدير بأن السلطة الفلسطينية لن تعمل بثبات وحزم على صياغة سردية عامة لفهم الإخفاق والخطأ الأخلاقي الذي تمثله حركة "حماس"، كما يجب التقدير بأن هذه السلطة لن تعمل على الترويج لفكر إسلامي معتدل.
- حتى يومنا هذا، تتمتع حركة "حماس" بتأييد شعبي واسع النطاق في مناطق الضفة الغربية. كما يُنظر إلى قيادة السلطة الفلسطينية في أرجاء يهودا والسامرة بصفتها عاجزة وفاسدة، وهي تتراجع أمام حركة "حماس"، على مستوى التأييد الشعبي.
من ناحية التداعيات الاستراتيجية
- السلطة الفلسطينية هي كيان معادٍ لإسرائيل، وهو كيان آيل للسقوط "كما لو كان يقف على أقدام تشبه أقدام الدجاج". وتعزيز السلطة من شأنه أن يمثل خسارة استراتيجية لإسرائيل.
- إن الانقسام القائم بين السكان الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية، وسكان قطاع غزة، هو أحد المعوقات الرئيسية اليوم التي تعترض قيام دولة فلسطينية. ومن غير المعقول أن تصبح نتيجة هذه الحرب، انتصاراً غير مسبوق للحركة الوطنية الفلسطينية، وشق الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية.
- النموذج القائم حالياً في مناطق يهودا والسامرة، والذي يتلخص في وجود إدارة عسكرية إسرائيلية،إلى جانب إدارة مدنية في يد السلطة الفلسطينية، هو نموذج غير مستقل، ومستقبله غامض. لقد كان في الإمكان تحمل قيام هذا النموذج في يهودا والسامرة، فقط، بفضل الاستيطان اليهودي واسع النطاق، والذي ينتشر في المنطقة بأسرها. هذا، لأنه لا يتوفر إمكان للسيطرة الإسرائيلية العسكرية من دون وجود الاستيطان اليهودي (كما علينا ألاّ نتوقّع أن تلتزم الحركات الاستيطانية بالانضمام إلى مشروع العودة إلى قطاع غزة بعد إعادة السلطة الفلسطينية إليه).
- لا توجد وسيلة للحفاظ على احتلال عسكري فعّال في قطاع غزة، إلاّ على أساس وجود عسكري من دون استيطان، وبعد ذلك بوقت قصير سترتفع الأصوات داخل إسرائيل وفي العالم، لمطالبة إسرائيل بالانسحاب - أي أن الاحتلال العسكري هو وضع موقت لن يحظى بالشرعية الدولية الطويلة الأمد- كما هي الحال في مناطق يهودا والسامرة اليوم، لكن الحال في قطاع غزة سيكون أسوأ. إذ سيتم النظر إلى دولة إسرائيل بصفتها قوة استعمارية لديها جيش احتلال. وستتم مهاجمة القواعد والنقاط العسكرية، وستنكر السلطة الفلسطينية أي دور لها في هذا الشأن.
- تمت تجربة هذا الخيار وثبت فشله: تجدر الإشارة إلى أنه قد تمّت تجربة مخطط تسليم الأرض إلى السلطة الفلسطينية، وإنهاء السيطرة العسكرية الإسرائيلية سنة 2006: لقد فازت حركة "حماس" في الانتخابات، وعندها استولت بالقوة على القطاع، لا يوجد أي مبرر يستدعي بذل الجهد العسكري الوطني الإسرائيلي لإعادة احتلال قطاع غزة إذا ما عدنا في نهاية المطاف إلى ارتكاب الخطأ نفسه الذي أدى إلى تشكّل الوضع الحالي (الحرب الشاملة مع "حماس").
- الردع: هذا الخيار لن يحقق الردع المطلوب إزاء حزب الله، بل على العكس تماماً، لأن هذا الخيار يؤشر على ضعف إسرائيلي في العمق، وهو ما سيشكّل تلميحاً لحزب الله، أنه لن يضطر إلى دفع ثمن باهظ لدى المواجهة مع إسرائيل، لأن إسرائيل ستتخذ، على الأغلب، إجراء مماثلاً لما جرى في لبنان في الماضي: سيطرة محدودة زمنياً على الأرض، يتلوها انسحاب.
- إذا ما قاتل جيش الدفاع الإسرائيلي من أجل احتلال القطاع، وكانت النتيجة السياسية لذلك في نهاية المطاف حُكم السلطة الفلسطينية، وتحويل القطاع، مجدداً، إلى كيانٍ معادٍ، فإن قدرة إسرائيل على تجنيد المقاتلين ستتضرر بصورة جسيمة. إن خطوة كهذه ستمثل إخفاقاً تاريخياً، وتهديداً وجودياً لمستقبل الدولة.
الخيار الثاني
الخيار الثاني: بقاء السكان في قطاع غزة، واستحداث سلطة عربية محلية من أوساطهم.
من ناحية المكان والسلطة
- أغلبية السكان ستظل في قطاع غزة.
- الحكم في المرحلة الأولى: حكم عسكري إسرائيلي؛ كحل موقت: مواصلة بناء قيادة سياسية عربية محلية، غير إسلامية، لإدارة الجوانب المدنية في إطار يشبه إطار شكل الحكم القائم في الإمارات العربية المتحدة. ولا يمكن في الأفق المنظور رؤية حل دائم في إطار هذا الخيار.
- المسؤولية الإنسانية: بعد انتهاء الحرب ستكون ملقاة بالكامل على كاهل إسرائيل، بكل ما ينطوي عليه ذلك من معنى.
التنفيذ العملياتي
- يتطلب القتال في منطقة كثيفة السكان، ويترتب على الأمر المخاطرة بحياة جنودنا، كما أنه يتطلب وقتاً كثيراً.
- كلّما طال أمد القتال الكثيف، كلما تصاعدت مخاطر انفتاح جبهة ثانية في الشمال.
الشرعية الدولية/ القانونية
- على غرار الخيار الأول، يتطلب هذا الخيار عمليات قتالية في منطقة كثيفة السكان، وسيؤدي إلى سقوط الكثير من القتلى.
- مدة تطبيق هذا الخيار ستكون طويلة، وستقوم حركة "حماس" باستغلال الأمر لمصلحتها، إذ سيتم نشر صور تمثل "قتل إسرائيل السكان المدنيين."
- سيصعّب فرض حكم عسكري على سكان مدنيين مهمة إسرائيل في الاحتفاظ بالدعم الدولي واسع النطاق مع مرور الوقت.
من ناحية فرض تغيير أيديولوجي
- في ظل الوضع القائم، هناك غياب لحركات محلية تعارض "حماس" يمكن تنصيبها حاكمة على القطاع. بمعنى آخر، حتى لو قامت زعامة محلية على الطراز الإماراتي، فإن هذه القيادة ستظل من أنصار "حماس".
- إن وضعاً كهذا سوف يعقّد، إلى حد كبير، إمكان فرض التغيير الأيديولوجي المطلوب، واجتثاث شرعية "حماس" كحركة. ولغرض المقارنة، فإن السلطة الحاكمة بعد احتلال ألمانيا، في عملية نزع النازية منها، استندت إلى زعماء عارضوا النازيين.
- في ظل عدم وجود حركة محلية واسعة التأييد ملتزمة باجتثاث "حماس" أيديولوجياً، سيكون من الصعب فرض التغيير الأيديولوجي المطلوب.
من ناحية التداعيات الاستراتيجية
- على المدى القصير، سيشكل إسقاط حركة "حماس" وإعادة احتلال القطاع خطوتين مهمتين لاستعادة قدرة الردع الإسرائيلية، وتغيير الواقع.
- لكن، يبدو أن التأثير الرادع لن يكون كافياً وملائماً، إذا ما قورن بخطورة الهجمة المفاجئة. كما أن الرسالة التي ستصل إلى كل من حزب الله وإيران لن تكون صارمة بما يكفي. سيظل القطاع أرضاً خصبة لمحاولات استنبات منظمات إرهابية جديدة، وفرض نفوذها على القطاع.
- من المرجّح أن تحظى مثل هذه الخطوة بدعم الدول الخليجية، بسبب الضربة القاسية التي ستتعرض لها حركة الإخوان المسلمين، إلاّ إن عدد القتلى في أوساط عرب قطاع غزة الذي سيكون ضرورياً في هذه الخطوة، سيصعّب من الأمر.
- على المدى الطويل، ستكون هناك ضغوط إسرائيلية داخلية ودولية لاستبدال الحكم العسكري الإسرائيلي بحكم عربي محلي، بأسرع وقت ممكن، وما من ضمانة أن القيادة الجديدة ستكون معارضة لتوجّهات حركة "حماس".
- إن أي حكم عربي محلي سيلاقي صعوبات جمة في تحقيق التغيير في الرواية والسردية الأيديولوجية المطلوبة، وذلك لأن هنالك جيلاً كاملاً من البشر في قطاع غزة، تربى في حضن أيديولوجيا حركة "حماس"، وهو سيعيش الآن أيضاً تجربة الاحتلال الإسرائيلي. وبناء على ما تقدم، فإن السيناريو المحتمل لن يشمل حدوث تغيير في التصور الأيديولوجي، بل سيؤدي إلى قيام حركات إسلاموية جديدة يُحتمل أن تكون أكثر تطرفاً.
- هذا الخيار أيضاً لا يوفر لإسرائيل أية عوائد استراتيجية طويلة الأمد. بل على العكس من ذلك، فقد يتحول إلى عبء استراتيجي في غضون سنوات قليلة.
الخيار الثالث
إخلاء السكان المدنيين من قطاع غزة إلى سيناء
من ناحية المكان والسلطة
- نتيجة الأعمال القتالية الدائرة ضد حركة "حماس"، هناك حاجة إلى إخلاء السكان المدنيين غير المقاتلين من ميادين القتال.
- ستعمل إسرائيل على إخلاء السكان المدنيين نحو سيناء.
- في المرحلة الأولى، سيتم إنشاء مدن خيام في منطقة سيناء. وفي وقت لاحق، ستتاح إقامة ممر إنساني لمساعدة السكان المدنيين الغزيين وبناء مدن في منطقة إعادة توطينهم في شمالي سيناء.
- يجب إيجاد منطقة عازلة خالية بعمق عدة كيلومترات داخل الأراضي المصرية، وعدم السماح بعودة السكان المدنيين إلى النشاط أو السكن قريباً من الحدود الإسرائيلية، إلى جانب إيجاد منطقة عازلة أمنية داخل حدودنا، في المنطقة الملاصقة للحدود مع مصر.
التنفيذ العملياتي
- الدعوة إلى إخلاء السكان غير المتورطين في الأعمال القتالية من ميادين القتال التي تتعرض فيها حركة "حماس" للهجوم.
- في المرحلة الأولى، يتم تنفيذ العمليات الجوية مع التركيز على شمالي القطاع، من أجل فسح المجال أمام المناورة البرية في المنطقة التي سيتم إخلاؤها، بحيث لا تتطلب قتالاً في مناطق مكتظة بالسكان المدنيين.
- تتمثل المرحلة الثانية بمناورة برية تهدف إلى احتلال الأرض بالتدريج، ابتداء من الشمال وعلى امتداد الحدود [الشرقية] وصولاً إلى استكمال احتلال كل القطاع، وتطهير المخابئ تحت الأرض من مقاتلي حركة "حماس".
- مرحلة المناورة البرية المكثفة ستستغرق وقتاً أقل، إذا ما قورنت بالخيارين الأول والثاني، وهي بالتالي ستقلل من احتمالات المخاطرة بفتح الجبهة الشمالية، بالتوازي مع القتال في قطاع غزة.
- من المهم ترك المحاور المرورية باتجاه الجنوب مفتوحة، لإتاحة الفرصة لإخلاء السكان المدنيين باتجاه رفح.
الشرعية الدولية / القانونية
- للوهلة الأولى، يبدو أن هذا البديل، الذي ينطوي على عملية إخلاء واسعة النطاق للسكان، قد يكون معقداً من ناحية الشرعية الدولية.
- في تقديرنا، فإن القتال بعد تهجير السكان سيؤدي إلى سقوط عدد أقل من الضحايا من السكان المدنيين، مقارنة بعدد المتضررين المتوقع في حال ظلّ السكان في القطاع (كما هي الحال في الخيارين الأول والثاني).
- إن الهجرة الجماعية من مناطق القتال (سواء في سورية، أو أفغانستان، أو أوكرانيا) وحركة السكان، هي نتيجة طبيعية، لا بل مطلوبة، على ضوء المخاطر المترتبة على البقاء في مناطق القتال.
- حتى قبل الحرب، كان هنالك سعي كبير بين سكان القطاع المحليين للهجرة إلى خارج قطاع غزة، ومن المتوقع أن تؤدي الحرب إلى زيادة هذه الظاهرة.
من ناحية قانونية:
- يدور الحديث عن حرب دفاعية ضد تنظيم إرهابي قام بتنفيذ غزو عسكري للأراضي الإسرائيلية.
- إن مطلب إجلاء السكان غير المقاتلين من المنطقة هو منطق مقبول من شأنه إنقاذ حياة البشر، وهذا ما فعله الأميركيون في العراق في سنة 2003.
- مصر ملزمة، من ناحية القانون الدولي، بالسماح بمرور السكان.
- يجب على إسرائيل أن تعمل على الدفع قدماً باتجاه مبادرة دبلوماسية واسعة النطاق بهدف استقطاب دول بهدف تقديم المساعدة للسكان الذين سيتم تهجيرهم، بحيث توافق هذه الدول على استيعابهم كمهاجرين.
- تتوفر قائمة بالدول التي من الممكن أن تشارك في هذه المبادرة، راجعوا الملحق "أ" من هذه الوثيقة.
- على المدى الطويل، سيحظى هذا الخيار بشرعية أوسع، إذ يدور الحديث عن سكان مدنيين يتم دمجهم في إطار الدول المستضيفة، مع منحهم الجنسية.
من ناحية فرض تغيير أيديولوجي
- حتى في إطار هذا الخيار، سيكون من الضروري إحداث تغيير أيديولوجي لدى السكان، على الرغم من أن إسرائيل لن تكون قادرة على التحكم بالمناهج لأن السكان سيكونون خارج الأراضي الإسرائيلية.
- فيما يتعلق بالخيارين الأول والثاني، فإن غرس الشعور بالإخفاق في أوساط السكان المدنيين سيساعد في فرض واقع أمني أفضل على مدار سنوات طويلة، كما سيساهم في ردع السكان.
من ناحية التداعيات الاستراتيجية
- الردع: سيتيح هذا الرد الملائم فرض ردع كبير في الإقليم بأكمله، وسيشكل رسالة صارمة موجهة إلى حزب الله، حتى لا يتم تنفيذ إجراء مماثل في الجنوب اللبناني.
- إن الإطاحة بحكم حركة "حماس" سيحظى بدعم دول الخليج، وبالإضافة إلى ذلك، فإن خياراً كهذا سيشكل ضربة هائلة ولا لبس فيها.
- هذا الخيار سيقوي السيطرة المصرية على شمالي سيناء. يجب الاهتمام بالحد من إدخال السلاح إلى شمالي سيناء، وعدم إعطاء شرعية لأي تغيير في بنود نزع السلاح المنصوص عليها في معاهدة السلام.
- يجب أن يرتبط الأمر في إطار جهود أوسع للتنديد بالإخوان المسلمين في مصر خصوصاً، وفي العالم بصورة عامة، وتحويل تنظيم الإخوان إلى تنظيم معزول ومكروه كما هي حال "داعش"، من ناحية قانونية، في العالم بأسره، وفي مصر خصوصاً.
الملحق أ: الدول والهيئات التي يمكنها المساهمة في حل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
الولايات المتحدة
المساهمة المحتملة: المساعدة للدفع قدماً بهذه المبادرة تجاه كثير من الدول، ويشمل ذلك ممارسة الضغط على كل من مصر، وتركيا، وقطر، والعربية السعودية، والإمارات، من أجل تمويل المبادرة، إمّا من ناحية الموارد، وإمّا من ناحية استيعاب النازحين.
الحوافز: المصلحة الأميركية بتحقيق نصر إسرائيلي واضح، واستعادة الغرب بأسره قدرة الردع، وهي قدرة تضررت في أعقاب تنفيذ الهجوم على إسرائيل. استعادة الولايات المتحدة مكانتها بصفتها قائدة العالم، ودولة رائدة في مجال حل الأزمات. المصلحة المتمثلة في فرض تغيير إقليمي مهم، وضرب المحور الراديكالي.
مصر
المساهمة المحتملة: فتح المعابر والاستيعاب الفوري لسكان قطاع غزة، الذين سيخرجون من القطاع ويتجمعون في مواقع متعددة في سيناء؛ تخصيص مناطق للتوطين؛ ممارسة الضغط السياسي على تركيا وغيرها من الدول لتشجيع ذلك بدلاً من اضطرارها لاستيعاب عدد كبير من المهجرين؛ توفير غلاف أمني محيط بالمناطق الأولية التي يتم فيها استيعاب المهجرين خارج قطاع غزة.
الحوافز الممكنة:
ضغوط تمارسها الولايات المتحدة ودول أوروبية على مصر لتحمل مسؤولياتها، وفتح معبر رفح لإتاحة مرور المدنيين إلى سيناء؛ مساعدات مالية لحل مشكلات الأزمة الاقتصادية الراهنة في مصر.
العربية السعودية
المساهمة المحتملة: توفير سلة دعم، وتخصيص ميزانية لتنظيم جهود نقل السكان إلى مختلف الدول؛ وبطريقة غير علنية: تخصيص ميزانيات لحملات تظهر الضرر الذي تتسبب به حركة "حماس"، والتي من شأنها أن تمس بصورة الحركة.
الحوافز: الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، إلى جانب التزامها باستخدام المظلة الدفاعية التي تم تحويلها إلى الإقليم [حاملات الطائرات الأميركية] لمواجهة إيران، واستخدام ذلك كضمانة؛ الاهتمام بوضع العربية السعودية في مكانة مقدم العون للمسلمين في الأزمات؛ المصلحة السعودية الكامنة في تحقق الانتصار الإسرائيلي الواضح على حركة "حماس".
الدول الأوروبية، وخصوصاً الدول الواقعة على شاطئ البحر المتوسط: اليونان/ إسبانيا
المساهمة: الاستيعاب والتوطين
الحوافز: توفير ميزانيات للاستيعاب، والدعم المالي، لمصلحة هذه الإجراءات، من جانب الدول الغربية.
دول أُخرى في شمالي إفريقيا (المغرب، ليبيا، تونس)
المساهمة: الاستيعاب والتوطين؛ تقديم المساعدة الفورية في مناطق تنظيم المهجرين خارج حدود قطاع غزة.
الحوافز: الموازنات المخصصة للاستيعاب، والدعم المالي لمصلحة تنفيذ هذه العملية من جانب الدول العربية؛ مشاعر الأخوّة العربية؛ الضغط الذي ستمارسه الدول الأوروبية؛ العمل من خلال العلاقات التي تملكها إسرائيل مع بعض هذه الدول بصورة تتيح لها الحفاظ على هذه العلاقات من دون أن تتضرر صورتها في أوساط الجماهير العربية.
كندا
المساهمة: استيعاب السكان وتوطينهم في إطار سياسة الهجرة المتسامحة لدى كندا
المكاتب الإعلانية الكبرى
المساهمة المحتملة: إطلاق حملات تروّج للبرنامج في العالم الغربي، وتروّج للجهود المبذولة لحل الأزمة بصورة لا تحرض ضد إسرائيل أو تشوه سمعتها؛ حملات إعلانية مخصصة للدول غير المؤيدة لإسرائيل، يتم التركيز فيها على رسائل مساعدة الأخوة الفلسطينيين، وإعادة تأهيلهم، حتى لو تطلب ذلك استخدام لهجة التقريع، أو حتى لهجة مؤذية، موجهة إلى إسرائيل، ويجب أن يتم استخدام هذا الأسلوب مع السكان الذين لن يتقبلوا أي رسائل أُخرى.
إطلاق حملات إعلانية موجهة إلى سكان قطاع غزة أنفسهم، تدفعهم إلى الموافقة على المخطط: يجب أن تتمحور الرسائل حول فقدان الأرض، بمعنى أن يكون واضحاً لدى هؤلاء أنه ما من أمل أبداً في العودة إلى الأراضي التي ستقوم إسرائيل باحتلالها خلال الفترة المقبلة، بغض النظر عن صحة ذلك. ويجب أن تتمثل الرسالة بما يعني الجملة التالية: "لقد قضى الله بأن تخسروا هذه الأرض بسبب قيادة حركة 'حماس'، ولا خيار أمامكم سوى الانتقال إلى موقع آخر، بمساعدة إخوانكم المسلمين."
* هذه الورقة أصدرتها وزارة الاستخبارات الإسرائيلية في 13/10/2023، وقامت مؤسسة الدراسات الفلسطينية بنقلها حرفياً إلى اللغة العربية.