75 عاماً على النكبة المستمرة
التاريخ: 
15/05/2023
المؤلف: 

تمايزت الحركة الصهيونية عن غيرها من الحركات الاستعمارية في كونها أرادت، بعد سيطرتها على فلسطين، تأسيس دولة يهودية متجانسة، أو، على الأقل، دولة تضم غالبية يهودية كبيرة، وذلك من خلال طرد أو ترحيل مجموع السكان العرب أو القسم الأعظم منهم من وطنهم والاستيلاء على ممتلكاتهم.

عبارة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" تنطوي على الترحيل

كان هدف ترحيل الفلسطينيين من أرض وطنهم منطوياً في إحدى العبارات الرئيسية التي روّجها دعاة الصهونية الأوائل، وهي عبارة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". فبهدف الالتفاف على مشكلة وجود مئات الآلاف من السكان العرب في فلسطين، روّج دعاة الصهيونية فكرة "الأرض الخالية"، ليس بمعنى أنها خالية من السكان، وإنما بمعنى أن سكانها من العرب لا يمتلكون أي روابط، ثقافية أو قومية، تربطهم بالأرض التي يعيشون عليها، الأمر الذي يجعل من السهل رحيلهم منها طواعية، أو ترحيلهم منها بالقوة. وكان هذا هو، في الواقع، مغزى عبارة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، التي ارتبطت باسم كاتب إنكليزي يهودي مقرّب من تيودور هرتزل، هو يسرائيل زانغويل، الذي زار فلسطين في سنة 1897، أي في سنة انعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي الأول في مدينة بال السويسرية، وتعرّف إلى حقائقها الديموغرافية، ونشر مقالاً في سنة 1901، في مجلة "نيو ليبرال ريفيو"، أورد فيه عبارته الشهيرة: "فلسطين بلد بلا شعب واليهود شعب بلا بلد"، وذلك بعد أن استعارها من بعض أنصار ما صار يُطلق عليه اسم تيار "الصهيونية المسيحية"، وفي مقدمهم البريطاني أنتوني آشلي كوبر لورد شافتسبري (1801-1885) الذي عارض منح اليهود حقوقهم المدنية والسياسية في إنكلترا، ودعا إلى هجرتهم إلى فلسطين.
لقد نظر يسرائيل زانغويل إلى السكان العرب القاطنين في فلسطين بصفتهم "أشباه بدو"، تعوّدوا على التنقل وعدم الاستقرار في مكان معيّن، واقترح، عقب صدور تصريح بلفور، في كتاب له بعنوان: "صوت القدس" إغراء العرب الفلسطينيين بالرحيل من أراضيهم، عبر تقديم تعويضات لهم في حال موافقتهم على التوطن في البلدان المجاورة، معتبراً أنه لا يمكن السماح لهؤلاء الأناس "المتخلفين" ثقافياً واقتصادياً بعرقلة عملية "إعادة البناء الثمينة" التي يقوم بها الصهيونيون، وكتب: "يتوجب علينا أن نقنعهم بلطف بأن [يرحلوا نحو البادية]. أليست جزيرة العرب ومساحتها مليون ميل مربع كلها لهم؟ ليس ثمة ما يدعو العرب إلى التمسك بهذه الحفنة من الكيلومترات؛ فمن عاداتهم وأقوالهم المأثورة "طي الخيم" و"التسلل". لندعهم الآن يعطون المثل لذلك".

وبعد قيام الاستعمار البريطاني باحتلال فلسطين وفرض الانتداب عليها، انطلقت الحركة الصهيونية على طريق تحقيق مشروعها الرامي إلى إقامة مثل هذه الدولة اليهودية المتجانسة على المستوى الأثني، وذلك بالاستناد إلى ثلاثة أسس: العمل على ضمان وجود أغلبية كبيرة من السكان اليهود في فلسطين، والسيطرة على أكبر مساحة من أراضيها، وهو ما تحقق بمساعدة سلطات الانتداب، وإقامة اقتصاد يهودي مستقل على قاعدة "العمل العبري". ولدى صدور قرار تقسيم فلسطين الدولي، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، أدركت قيادة الحركة الصهيونية، التي كانت تتحين الفرصة، منذ سنين، لتنفيد خطة الترحيل، أن ذلك القرار سيعني، في حال تطبيقه، أن الدولة اليهودية لن تكون قابلة للحياة في ظل وجود أقلية عربية كبيرة فيها؛ فوفقاً لقرار التقسيم، تحصل الدولة اليهودية على 55.5٪ من أراضي فلسطين الانتدابية، وتضم نحو 438.000 عربي في مقابل نحو 599.000 يهودي.

وأمام هذا الواقع، انتقلت قيادة الحركة الصهيونية من حيز التفكير بمشاريع الترحيل إلى حيز العمل على تنفيذها. ويشرح إيلان بابه بالتفصيل في كتابه: "التطهير العرقي في فلسطين"، وذلك على خطى وليد الخالدي ونور الدين مصالحة، خطة التطهير العرقي المنهجية التي وضعتها القيادة الصهيونية بإشراف دافيد بن غوريون، في آذار/مارس 1948، وعُرفت باسم الخطة "د" أو "دالِت"، إذ يشير إلى أن الرفض العربي والفلسطيني لمشروع التقسيم الدولي أتاح لدافيد بن غوريون وللقيادة الصهيونية الادّعاء أن مشروع الأمم المتحدة أصبح باطلاً، وأن حدود الدولة اليهودية "سوف تتعيّن بالقوة، لا بقرار التقسيم"، وهذا ما "سيحدث أيضاً بالنسبة إلى مصير العرب القاطنين فيها". وبينما يخلص إيلان بابه، في كتابه المذكور، إلى أن خطة التطهير العرقي التي استغرق تنفيذها ستة أشهر، أدّت إلى اقتلاع ما يقرب من 800000 نسمة، من أماكن عيشهم، وإلى تدمير 531 قرية، وإلى إخلاء 11 حياً مدنياً من سكانه، يقدّر الباحث الفرنسي توماس فيسكوفي، صاحب كتاب: "ذاكرة النكبة في إسرائيل: نظرة المجتمع الإسرائيلي إلى المأساة الفلسطينية" (2015)، أنه في نهاية الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، كان قد تمّ إخلاء 685 تجمعاً فلسطينياً بصورة جزئية أو كلية، بما في ذلك 70 حالة مصحوبة بمذابح للمدنيين، واحتلت القوات الصهيونية 78٪ من مساحة فلسطين الأصلية، وبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين نحو 805.000، من بينهم 10٪ من الفئات الميسورة الذين يبدو أنهم رحلوا من وطنهم قبل اندلاع الأعمال العدائية.

العوامل التي كمنت وراء تهجير الفلسطينيين

زعمت الحركة الصهيونية أن الفلسطينيين فرّوا من أراضيهم تلبية لنداءات أطلقتها الإذاعات العربية، ما بين تشرين الثاني/نوفمبر 1947 وأيار/مايو 1948، وحثتهم فيها على المغادرة لإفساح المجال أمام الجيوش العربية النظامية التي كانت تستعد لدخول فلسطين. بيد أن وليد الخالدي أثبت، استناداً إلى البرامج الإذاعية العربية التي سجلتها هيئة الإذاعة البريطانية، أنه "لا يوجد مطلقاً أمر عربي واحد بالإخلاء، ولا حتى ما يوحي بذلك"، وأن "هناك سلسلة مهمة من الأوامر العربية الموجهة إلى المدنيين الفلسطينيين العرب بأن يصمدوا ويبقوا في مدنهم وقراهم"، كما أن "هناك سلسلة مشابهة بين آذار/مارس وأيار/مايو تعلن خططاً لإنشاء إدارة فلسطينية وتحث موظفي الحكومة العرب على البقاء في مراكز عملهم".

والواقع، أن الحركة الصهيونية أشاعت هذه الأسطورة كي تعفي نفسها من أي مسؤولية عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وكي تحجب الوسائل الخبيثة والدموية التي لجأت إليها لدفع العرب الفلسطينيين إلى ترك وطنهم. فقد لجأت هذه الحركة إلى الحرب النفسية، من خلال بث إشاعات عن انتشار أمراض خطيرة معدية في المناطق العربية؛ ففي 18 شباط/فبراير 1948، أعلنت إذاعة الهاغاناه عن اكتشاف حالات إصابة بالجدري في يافا عقب وصول متطوعين سوريين وعراقيين إلى المدينة، وزعمت أن العديد من القتلى والجرحى العرب الذين سقطوا في المعارك، كانوا يعانون من "أمراض معدية". كما لجأت إلى ارتكاب المذابح لترويع المدنيين الفلسطينيين ودفعهم إلى ترك وطنهم؛ فبعد قيام منظمة الإرغون بارتكاب مجزرة دير ياسين، ليلة 9 إلى 10 نيسان/أبريل 1948، انتشرت شائعات تفيد أن العرب يُذبحون في مناطق عديدة، الأمر الذي خلق حالة من الذعر بين صفوف العرب ساعدت على سقوط مدينتين عربيتين في أيدي القوات الصهيونية قبل إعلان قيام دولة إسرائيل هما: حيفا في 22 نيسان/ أبريل ويافا في 13 أيار/مايو 1948. وكانت القوات الصهيونية قد أجبرت، في الأسبوع الثاني من شهر تموز/ يوليو 1948، نحو 70 ألف فلسطيني على الرحيل، في ظروف قاسية جداً، عن مدينتَي اللد والرملة، بعد تنفيذ مذبحة وحشية ذهب ضحيتها عشرات الفلسطينيين في مدينة اللد.

ويعدّد الباحث توماس فيسكوفي، في مقال مطوّل له بعنوان: "النكبة: لماذا طرد الصهاينة الفلسطينيين؟"، نُشر في 15 أيار/مايو 2020، العوامل التي دفعت الصهيونيين إلى ترحيل القسم الأعظم من الفلسطينيين، وأولها: الضرورة الأمنية المزعومة، ذلك إن التأريخ الرسمي الصهيوني، عندما يقرّ بأن عمليات طرد قد حدثت، يشير إلى أن دافعها كان "ضمان عدم بقاء أي عدو محتمل وراء الخطوط مع تقدم القوات اليهودية". بيد أن هذه الحجة، لا تبرر بأي شكل من الأشكال، في نظر الباحث الفرنسي، وقوع "ما يقرب من 70 مجزرة ارتكبتها الوحدات الصهيونية المختلفة بحق المدنيين العرب أو الجنود العزل". ومن ناحية أخرى، لو كانت هذه الحجة معقولة "لكانت عمليات الطرد قد توقفت بمجرد انتهاء الحرب وتوقيع اتفاقيات الهدنة"، علماً أن هذه العمليات تواصلت حتى مطلع الخمسينيات. ففي 7 تموز/يوليو 1950، تمّ ترحيل 105 من سكان أبو غوش إلى حدود شرق الأردن، وطُرد سكان بلدة المجدل من سنة 1949 إلى نهاية سنة 1950 في اتجاه قطاع غزة لإفساح المجال لإقامة مخيم ترانزيت للمهاجرين اليهود، تحوّل فيما بعد إلى ميناء عسقلان. وتمثّل ثاني هذه العوامل في إيجاد حل لأزمة السكن، إذ تعرضت سلطات الوكالة اليهودية لضغوط كبيرة لإيجاد ملاذ لمئات الآلاف من المهاجرين اليهود إلى فلسطين، القادمين من دول أوروبا أو من الدول العربية. فما بين 14 أيار/مايو 1948، يوم إعلان قيام دولة إسرائيل، و31 كانون الأول/ديسمبر 1951، ارتفع عدد اليهود في المناطق التي شملتها دولة إسرائيل من 684 ألفاً إلى مليون و 368 ألفاً. وخلال سنة 1948 استقر ما بين 140.000 و 160.000 مهاجر يهودي في منازل خالية من سكانها العرب، في ضواحي يافا، ومركز حيفا، وفي الرملة واللد، وفي عكا. وصار في إمكان كل مهاجر أن يصبح مالكاً لمنزل بعد أن يركّب سريراً في إحدى غرفه ويقضي الليل فيه. وتسبب بطء إجراءات إسكان المهاجرين الجدد، من جهة، والظروف المعيشية البائسة التي واجهوها في المدن، من جهة ثانية، في زيادة الضغط الممارس على السلطات الصهيونية، مما دفعها، بإشراف وزيرة العمل جولدا مئير، آنذاك، إلى إطلاق مشاريع إسكان عامة كبرى، تكللت ببناء آلاف المنازل الصغيرة مسبقة الصنع، ووفرت هذه المشاريع أعمالاً لآلاف المهاجرين. أما العامل الثالث، الذي دفع الصهيونيين إلى ترحيل القسم الأعظم من الفلسطينيين، فقد تمثّل، كما يتابع الباحث الفرنسي، في رغبتهم في الحصول على موارد غنية من خلال غنائم الحرب، إذ استولت إسرائيل على غنائم حرب كبيرة ومتنوعة من العرب الفلسطينيين، لا تقدّر بثمن، من ضمنها: 7000 متجر وشركة، و 500 ورشة عمل ومصنع صناعي، و 1500 مستودع بضائع. ففي يافا، في الأسابيع التي أعقبت احتلال المدينة والترحيل القسري لسكانها، قُدّرت قيمة البضائع التي نهبها يومياً جنود أو مدنيون يهود بنحو 30000 جنيه استرليني. وفي حيفا، استولت السلطات الإسرائيلية على ودائع العملاء العرب في البنوك والتي بلغت نحو 1.5 مليار جنيه استرليني، وفي الرملة استولى الوافدون الجدد على 600 متجر.

النكبة مستمرة والمقاومة كذلك

سيحيي الفلسطينيون في أماكن وجودهم كافة، في 15 أيار/مايو 2023، ذكرى مرور 75 عاماً على نكبة ما زالت تتوالى فصولاً. فالنكبة، بصفتها تدميراً للكيان الفلسطيني، وتهجيراً للقسم الأعظم من الفلسطينيين، وسلباً لأراضيهم وممتلكاتهم، وقتلاً جماعياً لهم، بقيت تمثّل، منذ سنة 1948، جرحاً مفتوحاً نازفاً: فالحركة الصهيونية تحتل اليوم فلسطين الانتدابية بكاملها وتحول دون إحياء كيان فلسطيني سيد ومستقل ولو على 22 % من مساحتها؛ وهي ما زالت تمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا إلى وطنهم، بل وترفض الإقرار بمسؤوليتها عن تهجيرهم، وهي مستمرة، من خلال إقامة المستوطنات اليهودية وتوسيعها في الضفة الغربية المحتلة، في الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وتواصل نهب منازلهم وممتلكاتهم، وخصوصاً في مدينة القدس وضواحيها، ولم تمتنع عن ارتكاب المذابح بحقهم، منذ كفر قاسم ومروراً بصبرا وشاتيلا ووصولاً إلى ضحايا اعتداءاتها المتكررة على مدن الضفة الغربية وحروبها الدورية على قطاع غزة. وفي المقابل، ما زال الشعب الفلسطيني مصمماً على أن يدمل هذا الجرح المفتوح النازف؛ فعلى الرغم من الخلل الكبير في موازين القوى بينه وبين الحركة الصهيونية، وعلى الرغم من أزمة حركته الوطنية وانقسامها، ما زال هذا الشعب يقاوم، بمختلف الأشكال، المخططات الصهيونية ويرفض الاعتراف بالهزيمة، مستنداً في ذلك إلى عدد من أرصدته الاستراتيجية، وفي مقدمها أولاً: بقاء نصف هذا الشعب، أي نحو 7 ملايين و 100 ألف من أصل 14 مليوناً و 300 ألف، بحسب آخر إحصاء للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في فلسطين التاريخية، وهم يشكّلون 50،1 % من السكان المقيمين فيها في مقابل 9، 49 % من اليهود، وغير مستعدين، مهما حصل، على تكرار تجربة ترك وطنهم كما حدث في سنة 1948؛ الثاني: تمسك معظم الفلسطينيين بروايتهم التاريخية، التي تقول ليس للفلسطينيين وطن غير فلسطين، وإن معركتهم من أجل الحفاظ على هذا الوطن والعودة إليه لم تبدأ في سنة 1967، ولا حتى في سنة 1948، وإنما بدأت منذ مطلع القرن العشرين عندما شرع الفلاحون الفلسطينيون، قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، في مقاومة مهاجري الموجة الثانية من الهجرة اليهودية إلى فلسطين (1904-1914) الذين أرادوا اقتلاعهم من أراضيهم ومنعهم من العمل، وكشفوا الوجه العنصري الإحلالي للحركة الصهيونية من خلال رفعهم شعارَي "احتلال العمل" و"احتلال الأرض"؛ والثالث هو حيوية الثقافة الفلسطينية التي رسخت معنى النكبة في الوعي الفلسطيني وطوّرته، وشكّلت، على مر تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، حاضنة للهوية الفلسطينية وحامية لها من مخاطر التبديد .

75 عاماً والنكبة مستمرة، ومقاومة الشعب الفلسطيني مستمرة كذلك.

 

المراجع:

الخالدي، وليد، "خطة دالت مجدداً"، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد96، خريف 2013.

بابه، إيلان، "التطهير العرقي في فلسطين". ترجمة أحمد خليفة، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2007.

الشريف، ماهر، "من القومية العربية الجامعة إلى الوطنية الفلسطينية القطرية"، في: "مئة عام على تصريح بلفور: الثابت والمتحوّل في المشروع الكولونيالي إزاء فلسطين". بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2019.

الشريف، ماهر، "مئة عام على الصراع العربي-الصهيوني: هل هناك أفق للسلام"، دمشق، دار المدى، 2011.

مصالحة، نور الدين، "طرد الفلسطينيين-مفهوم الترانسفير في الفكر والتخطيط الصهيوني"، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1992.

Contreras, Maria et Maïwenn Bordron, “La Nakba, la "grande catastrophe" du peuple palestinien”.

Vescovi, Thomas, “Les Palestiniens et le projet sioniste”, 6 mai 2015. 

Vescovi, Thomas, “Nakba : pourquoi les sionistes ont expulsé les Palestiniens”, Vendredi 15 mai 2020.

انظر

انظر

انظر