سينما التضامن مع فلسطين بين "طوكيو ريلز" و"دوكومنتا 15"
النص الكامل: 

يتناول مشروع "طوكيو ريلز" (Tokyo Reels) مجموعة نادرة من الأفلام التي تنتمي إلى سينما التضامن مع فلسطين مترجمة إلى اللغة اليابانية، وجمعها متضامنون يابانيون، وظهرت بالمصادفة في طوكيو، وسُلّمت إلى مجموعة "تحريض للأفلام" (Subversive Film) للنسخ والترميم والتوثيق. ودُعيت هذه المجموعة إلى تقديم الأفلام كمشروع فني في معرض "دوكومنتا 15" (Documenta 15) في العام الفائت، إلّا إن الأفلام أثارت حفيظة الصحافة الألمانية وكشفت من جديد الإمعان في تكميم الأفواه بشأن اضطهاد "إسرائيل" للشعب الفلسطيني، وخلط ذلك مع اللاسامية. ولو مرت هذه الأفلام في القنوات الألمانية الرسمية الاعتيادية لما كانت تُعرض على الأغلب، غير أن الأسلوب المبتكر لـ "مجموعة روانغروبا (ruangrupa) الفنية الإندونيسية" التي عُهد إليها إدارة النسخة الأخيرة من "دوكومنتا" في مدينة كاسل الألمانية، أتاح الفرصة لعرض مشاريع فنية تضامنية تتناول نضال الشعب الفلسطيني، كأن إدارة الشرق لمشاريع فنية تأتي معها نصرة الشعوب المضطهدة في ظل تواطؤ الفن مع السياسة في المركز الاستعماري الغربي. 

ولادات جديدة: سينما التضامن مع فلسطين

عندما ظهرت بين الحضور سيدة تحمل في يدها ورقة كُتبت عليها قائمة بأسماء عشرين فيلماً باللغة اليابانية، لم يعرف المخرج الفلسطيني مهند يعقوبي الذي كان انتهى لتوّه من عرض فيلمه "خارج الإطار: ثورة حتى النصر" (Off Frame: Aka Revolution Until Victory) في طوكيو (2017)، أن هذه القائمة ستكون بداية مشروع سيطلَق عليه اسم "طوكيو ريلز"،[1] وسيُبحث فيه في سينما التضامن اليابانية مع فلسطين، وأنه سيُعرض في معرض "دوكومنتا 15"[2] في ألمانيا مثيراً زوبعة إعلامية واتهامات باللاسامية.

 

سماء الأفلام مثلما نُشرت في موقع "طوكيو ريلز" الإلكتروني

 

بعد محادثة قصيرة مع السيدة اليابانية، واسمها آوي تانامي (Aoe Tanami)، وجد يعقوبي نفسه في بيت ياباني تقليدي يتفقد مجموعة من الرفوف والصناديق التي احتوت على ملصقات وكتب وعشرين بَكَرَة أفلام بحجم 16 ملم و35 ملم، كانت السيدة تانامي قد احتفظت بها في بيت عائلتها منذ الثمانينيات. وكان القاسم المشترك بين الأفلام جميعها أنها بترجمة ومقدمات أو تعليقات صوتية (voice over) باللغة اليابانية.

أمّا مهند يعقوبي وريم الشِّلَّة، فهما مؤسسا مجموعة "تحريض للأفلام"[3] للبحث السينمائي، والتي تهدف إلى تسليط الضوء على أعمال تاريخية متعلقة بفلسطين والمنطقة. بعد عامَين، نقلت "تحريض للأفلام" مجموعة الأفلام هذه من طوكيو إلى "مركز ممارسات الذاكرة السمعية البصرية في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة"[4] في غنت (Ghent) في بلجيكا، ورممتها، ووثقتها، ورقمنتها، ونشرت ترجمة نصوصها إلكترونياً،[5] على أن توفرها للمشاهدة من خلال "مؤسسة الفيلم الفلسطيني".[6]

شملت القائمة عناوين نادرة لأفلام سينما التضامن مع فلسطين، تعود إلى سبعينيات القرن الماضي وأوائل ثمانينياته، وكانت وصلت إلى اليابان على دفعات بين سنتَي 1967 و1982، ومنها أفلام وثائقية وأُخرى روائية قصيرة عن الثورة الفلسطينية، بعضها أنتجته "مؤسسة السينما الفلسطينية" التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، بينما أنتجت البعضَ الآخر جهاتٌ أُخرى كوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، فضلاً عن منتجين من دول كاليابان والأردن ومصر ولبنان والنمسا والكويت والعراق والولايات المتحدة الأميركية.

بعض الأفلام في المجموعة معروف مثل فيلم المخرج الراحل مصطفى أبو علي، أحد مؤسسي "وحدة أفلام فلسطين" الذراع السينمائية للثورة الفلسطينية، وهو بعنوان "مشاهد من الاحتلال في غزة" (Scenes of the Occupation from Gaza) الذي يعود إلى سنة 1973.[7] وكان أبو علي قد أخرجه بناء على مشاهد التقطها فريق إخباري فرنسي، مقدماً أحد أوائل الأفلام عن قطاع غزة تحت الاحتلال، بتوظيف تقنيات مونتاج تجريبية. أمّا البعض الآخر، فيظهر للمرة الأولى، مثل فيلم بعنوان "يوم الأرض" (Land Day) الذي يعود إلى سنة 1983،[8] وهو نسخة مترجمة إلى اليابانية من فيلم مفقود للمخرج غالب شعث صُوّر خلال الذكرى الأولى ليوم الأرض في سنة 1977 في الجليل، والفيلم بمقدمة وتعليق يابانيين، ومُحوَّر عن النسخة الأصلية المفقودة، إذ يحتوي على مقدمة تعريفية ومقابلات إضافية. أمّا فيلم "الحرب في لبنان" (1976)، من إخراج بكر الشرقاوي، ففيلم يظهر للمرة الأولى،[9] ويتناول حرب السنتين في بيروت (1975 – 1976)، والتي انتهت بتقسيم المدينة إلى شرقية وغربية، ويعرض موقف اليسار اللبناني، كما يظهر في الفيلم شعار الحركة التضامنية اليابانية. وهذا الفيلم تحديداً، كان المخرج الياباني الثوري المعروف والمساند لحقوق الفلسطينيين ماساو أداتشي (Massao Adachi) قد أرسله في الفترة التي عاشها في بيروت في السبعينيات، إلى شركة إنتاج تابعة لرفيقه المخرج كوجي وكاماتسو (Kōji Wakamatsu) في طوكيو.[10] وبعض الأفلام من إنتاج ياباني كالفيلم الوثائقي "بيروت 1982" (Beirut 1982)، وقد صُوّر بالتعاون مع تيتسورو نونوكاوا (Tetsuro Nunokawa)، إحدى الشخصيات المركزية في اتحاد الموثِّقين اليابانيين، ويسرد فيه الصحافي ريوتشي هيروكاوا (Ryuichi Hirokawa) روايته الشخصية عن حياة الفلسطينيين في بيروت والمقاومة بعد مذبحة صبرا وشاتيلا، ويعبّر عن تضامنه مع ضحايا المذبحة.[11]

ومن الأفلام التي أثارت حفيظة الصحافة لاحقاً في المجموعة فيلم "القنيطرة: موت مدينة" (Kuneitra: Death of a City)، وهو من إنتاج المملكة المتحدة ووكالة السلام الأميركية في سنة 1974، ويأتي كتوثيق لنتائج تحقيق الأمم المتحدة في الجرائم المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في القنيطرة في إثر احتلال الجولان السوري في سنة 1967. وتقول الصحافية الأميركية كاثلين فيبس (Kathleen Phipps) التي أجرت المقابلات في الفيلم: "أقف الآن فوق أنقاض مدينة القنيطرة. لقد جئت لأرى بنفسي ما حدث هنا. لا يمكن تصديق ما حدث من دون رؤية القنيطرة. أدركت اليوم، وأنا أجوب الشوارع، كم كانت هذه البلدة جميلة، فالأشجار والحدائق كانت في كل مكان، وكثير من بيوت المدينة كان كبيراً وفخماً، كما أن القنيطرة كانت موطناً لـ 53,000 سوري."[12] 

خروج الأفلام من بيروت

قليلة هي الجهود التي بُذلت لدراسة العلاقات التضامنية بين الفلسطينيين والعالم على المستوى الثقافي والفني في السبعينيات والثمانينيات، على الرغم من كونها فترة غنية بالإنتاج الفني المتصل بالنضال المشترك لشعوب مضطهَدة ضد الإمبريالية العالمية. ولعل دراسة الأفلام والممارسات السينمائية من حقبة التضامن تسلط الضوء على دور المخرجين والمنتجين السينمائيين في المشاركة السياسية دعماً للفلسطينيين ونضالات الشعوب الأُخرى، بحيث تدفعنا إلى التأمل في حقبة مضت كان لصنّاع الأفلام فيها دور يدعم القضايا التحررية، وذلك مقارنة بالممارسات السينمائية الحالية التي تتبع إلى حد كبير أجندات ممولي الأفلام وتوجهاتهم.

ويعتقد يعقوبي أن هناك تجاهلاً لدراسة السينما التضامنية التي تمثل علاقات التضامن ليس مع فلسطين فحسب، بل مع عدة دول في العالم في تلك الحقبة أيضاً، ويعزو هذا التجاهل إلى أن هذا النوع من الأفلام ينسف مفاهيم العلاقات التقليدية التي تقوم عليها السينما حالياً، والتي ترتكز على مفهوم الإنتاج السينمائي التجاري الربحي.[13] ولعل العثور على مجموعة الأفلام في طوكيو أمّن فرصة جديدة لبحث العلاقات التضامنية السينمائية بين فلسطين واليابان، وهو ما ركزت عليه مجموعة "تحريض للأفلام"، إذ حاولت فهم الطريقة التي قُدمت فيها الأفلام إلى الجمهور الياباني آنئذٍ، من حيث اللغة المستخدمة، والمواقف السياسية المطروحة، كما حاولت تحرّي طبيعة الرسائل المراد إيصالها إلى الجمهور الياباني، وإن كانت مجرد ترجمة حرفية لما جاء في الأفلام نفسها.

من غير المعروف، بشكل دقيق، كيف جُمعت الأفلام في بيت آوي تانامي، لكن على الأغلب، أن لديها صديقاً اسمه مينيو ميتسوي (Mineo Mitsui)، كان خبيراً بتشغيل الأفلام وعرضها بالتقنيات القديمة، وأنها التقته في تظاهرة تضامنية في اليابان، فطلب منها الاحتفاظ بالأفلام لعدم توفر مساحة تخزين لديه. وكان ميتسوي ناشطاً في مجموعات تضامنية يابانية مع فلسطين.[14] ولا يزال يعقوبي والشِّلَّة يجريان بحثاً بشأن مجموعة الأفلام هذه، والعلاقات اليابانية - الفلسطينية التي عملت على جمعها وترجمتها إلى اللغة اليابانية وعرضها قبل أربعة عقود. وهما يذكران أن "الأفلام وفحواها باللغة اليابانية يشيران إلى أن اختيارها دون غيرها للترجمة والعرض لا علاقة له بتوجهات أيديولوجية مرتبطة بتيار معين، ذلك بأن تنوعها يشي بارتباطها بحركة تضامنية واسعة متعددة التوجهات، لكنها غير مرتبطة بحكومة ولا بحزب معين، إذ لا وجود بينها لأفلام للجبهة الشعبية المقربة من الجيش الأحمر." [15]

يمكن القول، إذاً، إن هذه المجموعة من الأفلام هي جزء من سينما تضامن أوسع بين شعوب العالم في حقبة اشتراكية انقسم فيها العالم بين معسكر شرقي وآخر غربي، وهي ليست الوحيدة التي ظهرت خلال الأعوام الماضية. فقد نشطت "وحدة أفلام فلسطين" في منظمة التحرير الفلسطينية، والمخرجون القائمون عليها، في تبادل الأفلام مع شعوب أُخرى لعرضها ضمن فاعليات تضامنية مع الشعب الفلسطيني ومناهضة للاستعمار.[16] فمثلاً، وبناء على مقابلة مع خديجة حباشنة، زوجة المخرج مصطفى أبو علي، اكتشف يعقوبي في روما في سنة 2011 نحو 200 بكرة أفلام يبلغ طولها 150 كم، صوّرتها "وحدة أفلام فلسطين" في العامَين الأولين من الحرب الأهلية اللبنانية، بما في ذلك مشاهد من تدمير تل الزعتر في لبنان، وكانت قد هُرّبت إلى إيطاليا في سنة 1977 لضمان سلامتها، وبينها لقطات استخدمها المخرج مصطفى أبو علي في فيلمه المعروف "تل الزعتر" (1977).[17] ويجد يعقوبي والشِّلَّة أن من الأفضل أن تبقى هذه الأفلام منتشرة في عدة أماكن في العالم، وألّا تتم مركزتها في بلد معين تحت سيطرة جهة بعينها، كي تبقى متاحة أمام الجميع، ولا سيما بعد تجارب اختفاء أرشيفات فلسطينية كاملة وضياعها بعد أن كانت محفوظة في عهدة جهة محددة. 

"طوكيو ريلز" في "دوكومنتا"

دُعي مشروع "طوكيو ريلز" للمشاركة في معرض "دوكومنتا" الذي يقام كل خمسة أعوام في مدينة كاسل في ألمانيا، ويستقطب مئات آلاف الزوار من العالم كافة. وقد عُرضت الأفلام واحداً تلو الآخر على شاشة سينمائية كبيرة بارتفاع خمسة أمتار وبعرض سبعة أمتار لعشر ساعات متواصلة يومياً من 18 حزيران / يونيو حتى 25 أيلول / سبتمبر 2022. وبين كل فيلم وآخر، أُدخل تعليق صوتي تضمّن جزءاً من استنتاجات أو أسئلة البحث بصوتَي يعقوبي والشِّلة. وفي مساحة أُخرى، في "دوكومنتا"، وفي الأسبوع الأول من المعرض، نظمت مجموعة "تحريض للأفلام" مهرجاناً سينمائياً ليوم واحد، اختارت أن تعرض فيه بعض هذه الأفلام.[18]

لكن كيف تمكن العمل الفني "طوكيو ريلز" الذي يجمع هذه الأفلام المتضمنة نقداً صريحاً للصهيونية والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل في حقّ الفلسطينيين والشعوب العربية، وهو الذي ينطق بلغة السبعينيات والثمانينيات الثورية المعادية للصهيونية، وبترجمة يابانية تؤكد حالة تضامن مع الفلسطينيين عابر للقارات، من الوصول إلى معرض "دوكومنتا" في مدينة كاسل الألمانية في حقبة لا تزال ألمانيا تعاني عقدة الشعور بالذنب حيال النازية، فتمعن في تأييدها لإسرائيل ومشروعها الصهيوني في فلسطين، وتَسِم كل ما هو فلسطيني أو مؤيد للحقّ الفلسطيني بأنه معادٍ للسامية؟

كتبت أستاذة الأدب المقارن الأميركية جوديث بتلر، وهي يهودية من أصول روسية / مجرية، مقالة لـ "لندن ريفيو أوف بوكس" (London of books Review) تقول فيها إن من المهم التفريق بين الخطاب المعادي للسامية الذي ينجم عنه بيئة عدائية مهددة وعنصرية والتي من المفترض الوقوف ضدها وضبطها، وبين الخطاب الذي يعارض دولة محددة أو مجموعة من سياساتها مثل "إسرائيل"، وهو نقاش سياسي نقدي مشروع. وأنه باستثناء "إسرائيل" من هذا النقاش، بحجة اللاسامية، فإننا عملياً نتبنّى أكثر أنواع الرقابة المشينة على ممارساتها. وتضيف أن جميع أشكال اللاسامية يجب أن يتم معارضتها، غير أن وسم نقد "إسرائيل" باللاسامية بهدف الدفاع المستميت عنها، يخلط الأوراق، فيصبح تعرّض اليهودي للتمييز والعنف في أوروبا بسبب اللاسامية ليس ذا أهمية تُذكر، في الوقت الذي يُستخدم بوق "اللاسامية" كطريقة لإسكات الخطاب السياسي المنتقد لإسرائيل.[19] 

"روانغروبا": القيّمون الفنيون لـ "دوكومنتا 15"

أتاح اختيار مجموعة روانغروبا الأندونيسية للإدارة الفنية للنسخة الخامسة عشرة من معرض "دوكومنتا" العالمي، لأن تصل مجموعة من المشاريع التي توجد في بُنيتها القضية الفلسطينية والنضال التاريخي في فلسطين ضد المشروع الصهيوني، إلى أرض المعرض، ومنها مشروع "طوكيو ريلز". فروانغروبا، وهي مجموعة أسسها عدد من الفنانين في جاكارتا في سنة 2000، أي بعد عامَين على سقوط نظام سوهارتو في إندونيسيا، تؤمن بضرورة أن يؤدي الفن دوراً نقدياً وتحليلياً في عالم تستفرد فيه الرأسمالية، وتفرض أشكال الممارسة الفنية من دون تعرّضها للنقد. وقد عملت المجموعة مراراً على إعادة هيكلة تنظيمها، الأمر الذي مكّنها من التعامل مع ظروف استمراريتها بشكل مرن، وجعلها تفتح أبوابها أمام عدد كبير من الفنانين من خلفيات متنوعة، إيماناً منها بأن كل فرد هو "مفتاح كنز دفين من الحقائق التاريخية والثقافية."[20]

لذا، حرصت "روانغروبا" على ألّا تفرض في "دوكومنتا" على الفنانين والمجموعات الفنية ثيمة "من فوق" تجبرهم على تغيير ممارساتهم الفنية تماشياً مع فكرة المعرض. وبدلاً من ذلك، اختارت أن تعمل بشكل أفقي من أجل دعم ممارسات الفنانين أنفسهم، خلافاً لما هو متعارف عليه عادة من اختيار ثيمات المعارض وإلزام الفنانين بتغيير ممارساتهم الفنية للعمل على ثيمة يراها القَيّم الفني مهمة. وقد اتبعت "روانغروبا" نموذجاً جامعاً تحرر من فكرة "القَيّم النجم"، فبنت فكرة المعرض على مفهوم "لومبونغ" (Lumbung)، وهي كلمة إندونيسية تُطلَق على مخزن يخصَّص لحفظ فائض محصول الأرز، وتديره مجموعات الفلاحين في الريف بشكل تشاركي.[21] وبناء على ذلك، نُظم "دوكومنتا 15" على العمل التشاركي التعاوني، وعلى ثيمة تكمن في صلبها روح الجماعة والتضامن.

دعت "روانغروبا" مجموعات فنية من حول العالم إلى المشاركة، واضعة جهدها في نسج العلاقات بين هذه المجموعات، كما منحت المجموعاتِ الفنية ضوءاً أخضر لدعوة فنانين آخرين إلى المشاركة وتقاسم الميزانيات معهم ضمن نهج شكّل ثورة على السائد في طريقة تنظيم المعارض الفنية المعاصرة والكبيرة منها تحديداً، وأتاح لمشاريع صغيرة يتم إغفالها أو استثناؤها في كثير من الأحيان، وخصوصاً تلك المعادية في مضمونها للاستعمار والاستبداد، والتي عادة ما يتجاهلها أو يستثنيها القَيّم الفني الغربي، من أن تُعرض أمام الجمهور في إحدى أهم المنصات الفنية الأوروبية.

وفضلاً عن أعضائها التسعة، استعانت "روانغروبا" بخمسة قَيّمين خارجيين كانت بينهم الفلسطينية لارا الخالدي، وعمل هؤلاء القَيّمون عن قرب مع 87 فناناً ومجموعة فنية مشاركة من دول الجنوب العالمي. وقد أتاحت بُنية المعرض مشاركة مشاريع تناولت فلسطين وانتقدت المشروع الصهيوني في ثناياها، وبعضها لم يكن فلسطينياً، مثل "أرشيف نضالات النساء في الجزائر"،[22] وهي مبادرة أرشيفية مستقلة مرتبطة بالنضالات الوطنية للنساء الجزائريات.

غير أن جميع المشاريع المشاركة المرتبطة بفلسطين، بشكل أو بآخر ولو كانت تعتمد على مواد أرشيفية أو تاريخية، وجدت نفسها عالقة في براثن الصحافة الألمانية التي استهجنت الموضوع جملة وتفصيلاً، وهاجمت تلك المشاريع كلها والقيّمين على "دوكومنتا"، ولجنة مستشاري المعرض، واتهمتهم باللاسامية وبالارتباط بحركة مقاطعة إسرائيل (BDS). وقد أدت هذه الحملة الشرسة التي امتدت على مدى أشهر حتى قبل افتتاح "دوكومنتا"، إلى التشكيك في نيات القيّمين على "دوكومنتا" والفنانين المشاركين ومشاريعهم، مع مطالبات مستمرة في إثبات أنهم غير معادين للسامية، فضلاً عن مطالبات بإزالة أعمال بعينها صنّفتها الصحافة الألمانية بأنها معادية للسامية لأنها تنتقد "إسرائيل". 

مجابهة عاصفة اللاسامية في موطن اللاسامية

بعد الافتتاح بقليل، جرى تنزيل عمل "عدالة الشعب" (People’s Justice) الذي أنتجته مجموعة "تارينغ بادي" ((Taring Padi الأندونيسية وسط حملة شرسة اتهمت العمل باللاسامية، ونتج من ضراوة الحملة الإعلامية ضغوطات على مديرة "دوكومنتا" سابين شورمان ((Sabine Schormann جعلتها تقدم استقالتها. غير أن "روانغروبا" لم تخضع للضغط والابتزاز الممجوج، ووقف القيّمون والفنانون جميعا يداً واحدة، واضطرت مجموعة "تارينغ بادي" (Taring Padi) إلى إصدار بيان توضيحي يؤكد أن العمل يحاول فضح علاقات القوة المعقدة في فترة حكم نظام سوهارتو، ومنها دعم الجيش والاستخبارات "الإسرائيلية" للنظام في محاولته محو ذاكرة الإبادة التي تعرّض لها الشعب الإندونيسي في سنة 1965، والتي قُتل فيها أكثر من 500,000 شخص.[23] وحاولت الحملة الإعلامية الضغط لعدم إنزال أعمال أُخرى، فوجدت مجموعة "أرشيف نضالات النساء في الجزائر" نفسها عُرضة لهجمة من الصحافة الألمانية بشأن وثيقة أرشيفية في المعرض هي عدد من مجلة جزائرية نسوية تعود إلى سنة 1988 نشرت رسوماً كاريكاتيرية للفنانين برهان كركوتلي وناجي العلي عن الانتفاضة تنتقد الجيش الإسرائيلي وممارساته ضد الفلسطينيين.[24]

 

دوكومنتا ١٥: تارينغ بادي. مشهد تركيبي، هالينباد أوست، كاسل، 14 حزيران / يونيو 2022 (تصوير فرانك سبرلنيغ).

 

وهوجمت أيضاً مجموعة "مسألة التمويل" (The Question of Funding)، وهي مجموعة من المنتجين والعاملين من فلسطين تأسست في سنة 2019، وتهدف إلى إعادة التفكير في اقتصاد التمويل وتأثيره في الإنتاج الثقافي في فلسطين والعالم.[25] فقد اقتحم مجهولون المكان عنوة، وكُتبت شعارات عنصرية معادية للفلسطينيين وتهديدات بالقتل على الجدران المخصصة لمعرض المجموعة قبل عرض الأعمال.[26] ولم يأتِ الهجوم من فراغ، فقد نسجت الصحافة، على مدى أشهر، علاقة ثلاثية عجيبة بين يزن الخليلي، المتحدث باسم المجموعة، ومركز خليل السكاكيني في رام الله الذي أداره الخليلي في فترة سابقة، والمفكر خليل السكاكيني الذي اتهمته الصحافة الألمانية بالنازية بناء على معلومة أوردها كاتب "إسرائيلي" واقتبستها ويكيبيديا.[27] وبالتالي صنَّفت الصحافة الخليلي بأنه معادٍ للسامية، وحرضت عليه في حملة إعلامية شرسة.[28] وبعد عرض الأعمال ضمن مساحة "مسألة التمويل"، انتُقد عمل للفنان محمد الحواجري من سلسلة "غورنيكا غزة" (Guernica Gaza)، وهي تَدَخُّل فني في عمل "فوق البلدة" (Over the Town) لمارك شاغال (Marc Chagall)، لأنه تجرأ على تشبيه الوضع الفلسطيني تحت الاحتلال بالوضع الإسباني في الحرب العالمية الثانية عند قصف ألمانيا النازية مدينة غورنيكا الإسبانية في سنة 1937.[29]

 

صورة من موقع عرض "مسألة التمويل"، ويبدو إلى اليمين آثار اقتحام المكان والكتابة على الجدار قبل المعرض (تصوير الفنان محمد الحواجري، 2022).

 

"طوكيو ريلز" على المحك

وفي الختام، جاء دور الهجوم على مجموعة "تحريض للأفلام" من خلال إقدام الصحافة الألمانية على ربط مشروع "طوكيو ريلز" باللاسامية وبالتحريض ضد "إسرائيل"، من دون أي اهتمام أو رغبة في التحري عن مضمون الأفلام، وكيف أُنتجت، وإلى أي فترة تنتمي، وماذا ورد فيها؛ بل كان همّ الصحافة الألمانية أن تنسج علاقة بين الجيش الأحمر الياباني والأفلام مدّعية، من دون تحقُّق، أن أحد أفراد الجيش الأحمر الياباني مشارك في الأفلام، فجاء عنوان مقالة في صحيفة سويددويتش (Sueddeutsche): "إرهابي سابق وصديق للجيش الأحمر خلف أفلام البروباغندا في كاسل."[30]

وقد أفردت صحيفة تاز (Taz) الألمانية، على سبيل المثال، تقريراً طويلاً يركز على مشروع "طوكيو ريلز" يقول إن الأفلام الوثائقية "تمتلىء بالكراهية لإسرائيل، وإن هذا المشروع أثار انتقادات في الأسابيع الماضية لمساهمة ماساو أداتشي، عضو سابق في فصيل الجيش الأحمر الياباني في [هذا العمل]... وكل مَن يأخذ الوقت الكافي لفحص 'طوكيو ريلز'، في مجملها، سيدرك أن الدعم الذي قدمه لهم أحد أعضاء الجيش الأحمر هو 'أهون الشرور' في عمل الفيديو التركيبي. [....] فالأفلام الوثائقية تمتلىء بالكراهية لإسرائيل، وتصف قيام الدولة اليهودية بأنه نتيجة 'مؤامرة صهيونية'، زاعمة أن الجنود الإسرائيليين دنسوا الجثث في مقبرة مسيحية ودمروا أضرحة في كنيسة [في إشارة إلى فيلم القنيطرة]." ويستمر التقرير في الزعم أن "صانعي الأفلام لا يعتمدون على مخزون عمره قرون من الأساطير المعادية لليهود فحسب، بل يدّعون كذلك في أحد الأفلام الملفقة أن إسرائيل تزرع القنابل في الألعاب استهدافاً لقتل الأطفال الأبرياء تحديداً. كما تقدم ادعاء كاذباً بأن الجنود الإسرائيليين اقترفوا مجزرة صبرا وشاتيلا بأنفسهم."[31]

وفي التعقيب على هذه الحملة، يقول يعقوبي: "كان عملنا الأساسي في ظل حملة إعلامية لا صوت لنا فيها، أن ننسق مع مجموعة 'روانغروبا' والفنانين الآخرين كي نتخذ موقفاً موحداً حاسماً في ظل ازدياد المطالبات بسحب عملنا من المعرض من ضمن أعمال أُخرى، فمن غير الممكن أن نتغلب على الصحافة فرادى. والمستغرب أن الصحافة لم تتوجه إلينا لتبيّن الأمر، وإنما أتت بافتراضات وتحليلات غير صحيحة، وكل صحيفة تستشهد بتقرير سابق ورد في صحيفة أُخرى، وهكذا."[32]

ولكثرة الانتقادات في الصحافة، ورفض "روانغروبا" إنزال أي عمل فني آخر من المعرض، شكلت اللجنة الاستشارية القائمة على "دوكومنتا"، وهي مؤلفة من شخصيات اعتبارية ألمانية، "لجنة علمية" قدمت تقريراً وصفه الفنانون والقيمون بأنه "غير علمي" عن الأعمال المثيرة لجدل الصحافة في المعرض، إذ أشار تقريرها إلى أن "مشكلة 'دوكومنتا 15' ليست فقط عرض أعمال فردية تحتوي على صور ونصوص معادية للسامية، بل البُنية التنظيمية أيضاً التي سمحت بأن يسود جو معادٍ للصهيونية وللسامية ولإسرائيل." وقررت "روانغروبا" أن تصدر بياناً ضد هجمة الصحافة على الأعمال والاتهامات باللاسامية، وتنديداً بموقف اللجنة الذي اصطف إلى جانب الصحافة، وأعلنت الانسحاب الرمزي من "دوكومنتا" في بيان عنونته "نحن غاضبون، نحن حزينون، نحن متعبون، نحن متوحدون"، ووجهت فيه رسالة طويلة إلى مجلس إدارة "دوكومنتا" قالت فيها إن تقرير اللجنة يمثل خطاً جديداً يتم تجاوزه "ونحن نرفضه بشكل قاطع: هذا خط يشير إلى انجراف عنصري في بُنية مؤذية من الرقابة. نحن نستنكر المحاولة الخبيثة لفرض رقابة على عرض 'طوكيو ريلز'."[33]

تقول ريم الشِّلَّة إن "عناصر مشروع 'طوكيو ريلز' كلها كانت تشير إلى أن المشروع أرشيفي، والمادة لم نخترعها نحن. طلبت اللجنة العلمية أن نشجب الجيش الأحمر وأي مجموعات إرهابية مرتبطة بالاعتماد على ما ورد في الصحافة، فرفضنا لأن الجيش الأحمر ليس محور مشروعنا أصلاً."[34] ويؤكد يعقوبي أن "اتهامات الفنانين باللاسامية، غطت على جميع موضوعات العنصرية واللامساواة والظلم المطروحة في الأعمال الفنية ولوّثت النقاش، والنتيجة المتوقعة كانت أن ينجرف الفنان إلى سجال اللاسامية في محاولة لإزالة التهمة عن نفسه بدلاً من مناقشة الموضوعات التي يطرحها عمله." ويضيف: "لكن موقفنا كان ألّا ندخل في هذا النقاش. ولذلك اتفق الفنانون مع 'روانغروبا' على إعلان الانسحاب الرمزي من 'دوكومنتا'، أي إعلان موقفنا ممّا نتعرض له من افتراءات وهجمة غير مبررة من الصحافة الألمانية ومن إدارة 'دوكومنتا'، ونيّتنا هي عدم العمل مع 'دوكومنتا' مرة أُخرى كفنانين." ويقول أيضاً: "أفضل ما في الأمر أن الفنانين جميعاً عملوا كيدٍ واحدة، ذلك بأن فكرة المعرض مرتبطة بالعمل الجماعي المشترك. ولو حدث ما حدث من هجمات صحافية وضغوطات من إدارة 'دوكومنتا' من دون أن يعرف بعضنا بعضاً عن قرب، لانهار المشروع تماماً، ولأدّى ذلك إلى اختلافات بين الفنانين، غير أن خلق وحدة بين الفنانين المشاركين في فترة التحضير للمعرض، كان بمثابة تأسيس حزب سياسي."[35]

ومن الجدير ذكره، أن في الأرشيف الاتحادي في برلين يوجد أرشيف أفلام فلسطيني أودعه هناك المخرج العراقي قيس الزبيدي،[36] ولم يواجه أي هجوم أو اتهامات باللاسامية، لكنه، من جهة أُخرى، لم يُعرض أمام الجمهور. ومن المستغرب أيضاً أن الأفلام الفلسطينية التي عُرضت في ألمانيا سابقاً لم تواجه مثل هذه العاصفة، ومنها فيلم يعقوبي نفسه "خارج الإطار" الذي عُرض في مهرجان برلين السينمائي في سنة 2017. وعلى الأغلب، فإن الأفلام الفلسطينية التي تُعرَض في المهرجانات في ألمانيا، إمّا يتم عرضها ضمن تصنيف "روايات عُرضة للشك" (precarious narratives)، وهي طريقة لتبرئة الجهة المنظمة من أي اتهامات قد توجه إليها، وإمّا تكون بتمويل أوروبي يسيطر على محتواها من البداية، ولا يكون هناك إشكالية في عرضها.

في حالة "دوكومنتا 15"، جرى انتقاء مجموعة فنية من جاكارتا اختارت قَيِّمين وفنانين غير غربيين للمشاركة، والذين بدورهم دعوا مجموعات فنية أُخرى إلى المشاركة، حتى أصبحت العملية خارج سيطرة الرقابة الألمانية تماماً. يقول يعقوبي: "عندما نعرض خارج ألمانيا لا نواجه مشكلات تُذكر، لكن مجرد أن ندخل إلى ألمانيا بالمحتوى الفلسطيني تبرز المشكلة، ونصبح تحت المجهر الألماني، إذ يعمد المسؤولون هناك إلى التدقيق في كل كلمة وصورة نقدمها. وأنا أعتقد أن الموضوع سياسي بامتياز، وأن الهجوم علينا وعلى 'دوكومنتا 15' واتهامات معاداة السامية كان يتعلق بحملة سياسية إعلامية تتعلق بجمع تعويضات لعائلات قتلى عملية احتجاز الرهائن في ميونخ[37] في سنة 1972، رداً على العمليات العدائية والاغتيالات الإسرائيلية ضد منظمة التحرير الفلسطينية وقياداتها. فعندما بدأت 'دوكومنتا 15' بلغ المبلغ الذي جُمع 2 مليون يورو، وعندما انتهت الحملة في أيلول / سبتمبر وصل المبلغ إلى 28 مليون يورو، والسبب في ذلك هو 'دوكومنتا' وخطاب أبو مازن[38] في ألمانيا الذي استُغل لمصلحة جمع الأموال."[39] 

الضوء يأتي من الشرق، الضوء يعود إلى الشرق

قد يكون محرك الهجوم علـى "طوكيو ريلز" وغيرها من المشاريع الفنية سياسياً، لكن بحسب لارا الخالدي، فـ "إن الموضوع هو أيضاً وجود مجموعة فنية إندونيسية من الجنوب العالمي تدير معرضاً بهذه الأهمية في إحدى عواصم المركز الأوروبي الاستعماري الأبيض، وكان الهدف إقصاءها، وكانت 'العين مفتوحة' عليها منذ البداية، ليس من ناحية عدم وجود ثقة غربية بقدرة مجموعة شرقية على إدارة معرض بهذا الحجم فحسب، بل كذلك اتهامها باللاسامية إلى أن تُثبت العكس، ولا سيما أن كثيرين من أعضائها وقّعوا بياناً خلال هبّة القدس يدين عنف الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين."[40]

إن ما حدث في دوكومنتا ليس استثنائياً في ألمانياً، فالعنصرية ضد الفلسطينيين، وتجريم الخطاب المندد بالمشروع الاستعماري الصهيوني المنزَّه عن الانتقاد، يتزايدان بشكل كبير في الأعوام الأخيرة، بل إن صحافيين عرباً طُردوا من الإعلام الألماني خلال الأعوام الماضية بناء على مواقفهم المؤيدة للحقّ الفلسطيني. ولا ننسى كيف حظرت ألمانيا رفع الأعلام الفلسطينية في ذكرى النكبة في أيار / مايو 2022،[41] وكيف ألغت مؤسسة غوته الألمانية مشاركة محمد الكرد بعد أن دعته إلى الحديث في أحد مؤتمراتها، بسبب تصريحاته ضد الاحتلال الإسرائيلي.[42] والأمر هنا لا يقتصر على هذا فحسب، بل إن المفكر الأفريقي المعروف أشيل مبيمبي (Achille Mbembe) اتُّهم بكره "إسرائيل" لانتقاده التمييز العنصري الذي تنتهجه ضد الفلسطينيين،[43] كما أنه جرى التحريض على جوديث بتلر في وقت سابق لسحب جائزة أدورنو منها.[44]

وكنوع من التوثيق، صورت مجموعة "تحريض للأفلام" فيلماً أطلقت عليه اسم "الفيلم 21" عن قصة مجموعة سينما التضامن التي عُثر عليها في اليابان، وعن عملية التوثيق والترميم، وأرسلته كهدية إلى آوي تانامي ومينيو ميتسوي مع الأفلام العشرين التي استعارتها، وفاء للجميل. وربما تكون إعادة الأفلام إلى مكانها في طوكيو حيث يجب أن تنتمي إلى عهدة المتضامنين والحركات الشعبية المناهضة للاستعمار، ذات أهمية رمزية تبعث الأمل بإمكان ترميم علاقة الشعوب بعضها ببعض من خلال الإيمان بالتضامن العابر للقارات في ظل تواطؤ الفن مع السياسة في المركز الأوروبي، ولا سيما في ألمانيا. فقد آن الأوان لأن ترحل عيوننا إلى الشرق، وإلى الجنوب العالمي، وإلى الشعوب المتضامنة مع قضايانا بدلاً من المحاولات العقيمة المستمرة لطرق الأبواب الغربية المقفلة أمام كل ما هو شرقي ومغاير.

 

المصادر:

[1] "طوكيو ريلز" هو مشروع فني سينمائي مرتبط بعشرين فيلماً من سينما التضامن مع فلسطين، وقد وُجدت هذه الأفلام في طوكيو في سنة 2022. انظر الرابط الإلكتروني.

[2] "دوكومنتا" هو معرض عالمي للفن المعاصر يُنظَّم مرة كل خمسة أعوام في مدينة كاسل في ألمانيا ويحضره مئات الآلاف من الزوار. انظر الرابط الإلكتروني.

[3] لمزيد من المعلومات عن مجموعة "تحريض للأفلام"، انظر الرابط الإلكتروني.

[4] لمزيد عن المركز، انظر الرابط الإلكتروني.

[5] للاطلاع على ترجمة نصوص الأفلام العشرين باللغات العربية والإنجليزية واليابانية، انظر الرابط الإلكتروني.

[6] لمزيد من المعلومات عن "مؤسسة الفيلم الفلسطيني"، انظر الرابط الإلكتروني.

[7] يمكن الاطلاع على نصوص فيلم "مشاهد من الاحتلال في غزة"، في الرابط الإلكتروني.

[8] يمكن الاطلاع على نصوص فيلم "يوم الأرض"، في الرابط الإلكتروني.

[9] هذه المعلومة مستقاة من مقابلة أجرتها رنا عناني مع مهند يعقوبي وريم الشِّلَّة (بروكسل عبر زووم، 25 / 10 / 2022).

[10] المصدر نفسه.

[11] يمكن الاطلاع على نصوص فيلم "بيروت 1982" في الرابط الإلكتروني.

[12] يمكن الاطلاع على نصوص فيلم "القنيطرة: موت مدينة" في الرابط الإلكتروني.

[13] مقابلة عناني مع يعقوبي والشِّلَّة، مصدر سبق ذكره.

[14] المصدر نفسه.

[15] المصدر نفسه.

[16] Sheyma Buali, “A Militant Cinema: Mohanad Yaqubi in Conversation with Sheyma Buali”, “IBRAAZ”, 2 May 2012.

[17] Ibid.

[18] انظر تفصيلات مهرجان الأفلام في "دوكومنتا" في الرابط الإلكتروني.

[19] Judith Butler, “No, it’s not anti-semitic”, Lodnon Review of Books, vol. 25, no. 16 (21 August 2003), pp. 19-21.

[20] لمزيد عن مجموعة "روانغروبا"، انظر الرابط الإلكتروني.

[21] بشأن مفهوم "لومبونغ"، انظر الرابط الإلكتروني.

[22] انظر مشروع "أرشيف نضالات النساء في الجزائر"، في الرابط الإلكتروني.

[23]Statement by Taring Padi on Dismantling ‘People’s Justice’,” “Documenta Fifteen”, 24/6/2022.

[24] Alex Greenberger, “Documenta Faces New Anti-Semitism Allegations over Work by Algerian Women’s Collective”, “Artnews”, July 28, 2022.

[25] لمزيد عن مجموعة "مسألة التمويل"، انظر:

The Question of Funding”, “Documenta Fifteen”, 2020.

[26] Ruairi Casey, “Palestinian Artists Targeted in Germany Ahead of Major Art Event”, “Aljazeera online”, 7 June 2022.

[27] Jens Hanssen, “Wer war Khalil Sakakini? Eine Tagebuchreise nach Palästina”, “geschichte der gegenwart”, 20 April 2022.

[28] Jasmine Liu, “Documenta Curators Rebut 'Bad-Faith' Antisemitism Allegations”, “Hyperallergic”, 9 May 2022.

[29] Ben Ratskoff, “Can the Palestinian Belong to a Universal History?”, “Jewish Currents”, July 28, 2022.

[30] Kia Vahland, “Hinter den Propaganda-Filmen in Kassel steht ein Ex-Terrorist und RAF-Freund”, Süddeutsche Zeitung, 20 Juni 2022.

[31] Jakob Baier, “Antisemitische Filme auf der documenta: Augen zu und durch”, Taz, 23/8/2022.

[32] مقابلة عناني مع يعقوبي والشِّلَّة، مصدر سبق ذكره.

[33]We are Angry, We are Sad, We are Tired, We are United: Letter from Lumbung Community”, “e-flux Notes”, 10 September 2022.

[34] مقابلة عناني مع يعقوبي والشِّلَّة، مصدر سبق ذكره.

[35] المصدر نفسه.

[36] مهند صلاحات، "قيس الزبيدي (4 / 3): حديث عن أفلام الثورة الفلسطينية"، "رمان"، 28 / 2 / 2021، في الرابط الإلكتروني.

[37] وديع عواودة، "وثائق جديدة تكشف خفايا عملية ميونخ"، "الجزيرة نت"، 29 / 8 / 2012، في الرابط الإلكتروني.

[38] ردّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على سؤال صحافي خلال مؤتمر صحافي في برلين مع المستشار الألماني أولاف شولتس في 16 آب / أغسطس 2022، بشأن ما إذا كان سيعتذر لإسرائيل بمناسبة مرور نصف قرن على عملية ميونخ، فقال: "إن إسرائيل ارتكبت 50 محرقة"، الأمر الذي أثار سخطاً ألمانياً على المستوى السياسي والإعلامي.

[39] مقابلة عناني مع يعقوبي والشِّلَّة، مصدر سبق ذكره.

[40] مقابلة أجرتها رنا عناني مع لارا الخالدي (أمستردام عبر زووم، 24 / 10 / 2022).

[41] علاء جمعة، "شرطة برلين تمنع مظاهرات ذكرى النكبة والفلسطينيون يتوجهون للقضاء"، "القدس العربي"، 13 / 5 / 2022، في الرابط الإلكتروني.

[42] "تضامن واسع مع محمد الكرد بعد سحب دعوته من مؤتمر حول اليمين العالمي"، "ألترا فلسطين"، 23 / 6 / 2022، في الرابط الإلكتروني.

[43] Sabine Peschel, “Why Achille Mbembe was Accused of Anti-Semitism”, “Deutsche Welle”, 30/4/2020.

[44] عبد الرحيم الشيخ ورنا بركات، "جوديث بتلر في إهاب أدورنو: (بَسْ الوفا عَ الـحُر)"، "الأيام" (رام الله)، 25/9/2012.

 

السيرة الشخصية: 

رنا عناني: باحثة في الفنون البصرية.