يتبدى ساعة بعد ساعة، حجم الكارثة التي حلت بسورية وتركيا بعد الزلازل التي ضربت البلدين، وبلغت قوة الأول 7.9 على مقياس ريختر، والذي شعر به السكان في عدة دول من بينها فلسطين المحتلة ولبنان وقبرص، وبعض المناطق المصرية.
وتتوالى الأنباء عن أعداد الضحايا، التي بلغت حتى صباح اليوم نحو 9600 ضحية في تركيا وسورية، وأكثر من 24 ألف جريح، فضلاً عن أعداد غير معلومة حتى الآن ما زالت تحت الأنقاض في البلدين. في حين تخشى منظمة الصحة العالمية أن يصل عدد الضحايا إلى نحو 20 ألفاً، فيما قُدر عدد المتضررين من الزلزال بـ 23 مليوناً.
وحتى لحظة إنهاء هذا التقرير (12:30 بتوقيت القدس) أعلنت وزارة الصحة السورية عن 1262 قتيلاً و2285 مصاباً في محافظات حلب واللاذقية وحماة وريف إدلب وطرطوس في حصيلة غير نهائية. بينما بلغ عددهم في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية في شمال غربي البلد أكثر من 1400 قتيل وأكثر من 2700 مصاب. بينما أعلنت تركيا أن عدد ضحايا الزلزال بلغ حتى الآن 7108 قتلى وأكثر من 40 ألف جريح. ومن المرجح ارتفاع أعداد الضحايا، مع استمرار عمليات الإنقاذ، والبحث عن المفقودين، بعد مرور أكثر من 50 ساعة على وقوع الزلزال الأول.
ضحايا فلسطينيون
في آخر إعلان له، الأربعاء 8 شباط، قال المستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية السفير د. أحمد الديك أن "عدد شهداء أبناء شعبنا نتيجة الزلزال وصل إلى 63 في كل من تركيا وسوريا[1]" وذلك بعد أن قامت فرق الإنقاذ في مخيم الرمل بانتشال جثة السيدة هالة زوجة مروان رنو، وأضاف اليوم في بيان آخر، أنه "تم إنقاذ الشاب أمجد القاضي [وهو من لاجئي مخيم النيرب في حلب] من تحت الأنقاض في مدينة أنطاكية وهو بخير، ووفاة زوجته الحامل في الشهر التاسع[2]"، وكان الديك قد أعلن في وقت سابق، انتشال جثة المواطن عباس رنو في مخيم الرمل[3]"، وأضاف أن "الآليات الثقيلة استطاعت دخول مخيم الرمل[4]" موضحاً أنها تقوم بعمليات البحث والإنقاذ للمفقودين السوريين والفلسطينيين، علماً بأن عدد المفقودين من أبناء شعبنا في المخيم هو 6 مواطنين حتى اللحظة. وقال الديك في وقت سابق، أن عمليات الإنقاذ مستمرة "مع ضعف احتمالية إيجاد أحياء[5]". وبيّن الديك في بيان نشره أول من أمس، قبل التمكن من إدخال المعدات الثقيلة، صعوبة عمليات الإنقاذ بسبب الأحوال الجوية الصعبة، وصعوبة دخول الآليات إلى أزقة المخيم.
وتوزع ضحايا الزلزال من الفلسطينيين في مخيمات الرمل في محافظة اللاذقية غرب سورية، ومخيمي النيرب وحندرات في محافظة حلب شمال سورية، وفي مناطق شمال غربي سورية، وفي تركيا.
وأضاف السفير الديك أنه "ما زالت تُسمع أصوات استغاثة من تحت الأنقاض، وما زال عدد من مواطنينا تحت الأنقاض، وهم علا رنو وأطفالها آية وعيسى أبو كف[6]"، فضلاً عن عدد آخر من الأسر السورية المقيمة بالمخيم.
كما أكد السفير المناوب في السفارة الفلسطينية في دمشق الأستاذ عماد الكردي في اتصال هاتفي مع "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" أن "الحصار المفروض على سورية، جعل الإمكانات ضعيفة جداً" وأضاف الكردي "أن أكثر المخيمات تضرراً هو مخيم الرمل الجنوبي، وقد انهار فيه مبنيان جرّاء الزلزال، أمّا في مخيمي النيرب وحندرات، فهناك تصدعات في بعض منازلهما"، وأوضح الكردي، أن مئات اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الرمل، ينامون في مدرسة الأونروا داخل المخيم "حتى ممن لم تتضرر بيوتهم، فحالة الرعب تسيطر على الجميع، خشية حدوث هزّات جديدة، أو ارتدادات قد تقع مجدداً". وأوضحت عدة مصادر من ضمنها الكردي أن "خمسة أفراد من عائلة فلسطينية، قضوا في انهيار بناء في مدينة جبلة على الساحل السوري"، وهم: ياسر أبو راشد وزوجته فتحية زهران، وعمار أبو راشد، ومحمد أبو راشد، والطفل عبد الرحمن أبو راشد.
وفي مخيم النيرب، تضرر العديد من المنازل، لكن لم يسقط أي منزل، إلاّ أن بعض الشرفات تعرض لتصدعات، وكذلك بعض أسوار أسطح المنازل والأبنية. وأوضح مسؤول مخيم النيرب السيد عدنان السيد لـ "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" أن "حالات الهلع والرعب التي أصابت سكان المخيم، أدت إلى خروج الناس من منازلهم بشكل غير منظم، وهو ما أدى إلى سقوط العديد من الجرحى، كما أن تساقط الحجارة من أسوار الأسطح والشرفات، أدى إلى مئات الإصابات، واستشهاد ثلاثة أطفال. ومن الأضرار الكبيرة، سقوط مئذنة مسجد القدس، التي يبلغ ارتفاعها نحو 20 متراً، واقتصرت الأضرار على الماديات."
بينما في شمال غرب سورية، فلا تتوفر معلومات أكثر من تلك التي أفاد بها السفير الفلسطيني لدى تركيا فائد مصطفى، والتي أكد فيها مصرع 19 فلسطينياً في شمال سورية، هم اللاجئون: محمد صالح الأبطح، وزوجته، وابنته، واثنين من أحفاده من سلقين بمحافظة إدلب شمال غرب سورية؛ إسماعيل عبد الرازق موسى وأطفاله الثلاثة؛ عبد الله عارف أحمد وزوجته وأطفاله الأربعة في منطقة جنديرس شمال حلب؛ يوسف سليمان غازي وزوجته وابنتيه في المنطقة نفسها.[7]
وفي الداخل التركي، قضى الفلسطيني عبد عبد الكريم أبو جلهوم وعائلته المكوّنة من 6 أفراد في مدينة أنطاكيا. كما أُعلنت وفاة أسرة الفلسطيني محمد محمود حجو المكونة من ٤ أفراد في مدينة غازي عنتاب التركية.
ما بعد الزلزال
ذكرت الأونروا في بيان صادر عنها إن "حوالي 700 لاجئ من فلسطين قضوا ليلتهم في منشآت الأونروا باللاذقية، بما في ذلك المدارس[8]". ونقلت بعض المواقع الصحافية أن عدداً من أهالي مخيم الرمل أيضاً، لجأوا إلى مسجد فلسطين في المخيم، وإلى ملاعب كرة القدم، كملعب نادي حطين والأندية حول المخيم.[9] وأوضح الكردي أن "السفارة الفلسطينية في سورية، قدمت وجبات غذائية، وأمّنت بالتعاون مع الحكومة السورية نحو 500 ربطة خبز، وبالإضافة إلى ذلك، أمّنت الحكومة السورية والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين والعرب كميات من المازوت للتدفئة في مدرسة الأونروا داخل المخيم"، وأفادت مصادر صحافية نقلاً عن ناشطين داخل مخيم الرمل، أن هناك نقصاً حاداً في مواد الإغاثة ومواد التدفئة، في معظم مراكز إيواء النازحين.[10]
وطلبت الأونروا مساعدة فورية بقيمة "2.7 مليون دولار لدعم حوالي 57.000 لاجئ من فلسطين تضرروا من الزلزال في سوريا وفي المناطق التي يمكن الوصول إليها من دمشق[11]"، علماً بأن عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية حالياً يصل إلى "حوالي 438.000 لاجئ من فلسطين في اثني عشر مخيماً في أرجاء سوريا، باستثناء أولئك الذين لا يمكن الوصول إليهم من دمشق (يمكن الوصول إليهم من تركيا إلى شمال غرب سورية)[12]".
ولبى الهلال الأحمر الفلسطيني في سورية نداءات المساعدة وما زال يساهم في عمليات الإنقاذ والإغاثة داخل المخيمات في حلب واللاذقية وخارجها. وعن العمليات التي تقوم بها فرق الهلال الأحمر الفلسطيني قال مدير العلاقات العامة والإعلام في الجمعية جمال حمّاد في اتصال هاتفي أن "الهلال الأحمر الفلسطيني في سورية، لديه فرق لدعم الكوارث والاستجابة، وهو جاهز في حالات السلم، لذا، عند حدوث الزلزال كنا جاهزين، ورئاسة الهلال في رام الله، قدمت لنا ميزانية مفتوحة". وأوضح حمّاد أنه في الساعات الـ 72 الأولى "كان الهدف الرئيسي لفرق الهلال انتشال الجثث والمصابين والمتضررين والنازحين"، وأضاف أن الهلال ساهم "بتجهز مراكز إيواء في حندرات والرمل، من خلال الأونروا، وتعمل فرق الدعم الطبي والنفسي مع الناجين والنازحين من المخيمات في حلب واللاذقية"، وأكد أن طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني انتشلت حتى لحظة إعداد هذا التقرير "26 جثة، وهناك محاولات لانتشال جثث أُخرى في مخيم الرمل".
وأكدت السفارة الفلسطينية، بحسب السفير المناوب في دمشق الأستاذ عماد الكردي، أنه تم "تشكيل لجنة في المخيم لتحديد الحاجات السريعة، كما يجري العمل على تشكيل لجنة فنية للكشف على الأبنية التي تصدعت".
[1] وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية. الرابط الإلكتروني.
[2] المصدر نفسه. الرابط الإلكتروني.
[3] المصدر نفسه. الرابط الإلكتروني.
[4] المصدر نفسه.
[5] المصدر نفسه. الرابط الإلكتروني.
[6] المصدر نفسه. الرابط الإلكتروني.
[7] https://www.wafa.ps/Pages/Details/65331
[8]"الأونروا”. الرابط الإلكتروني.
https://www.unrwa.org/ar/newsroom/notes/موجز-الأمم-المتحدة-في-جنيف-استجابة-الأونروا-لزلزال-تركيا-سوريا
[9] "بوابة اللاجئين". الرابط الإلكتروني.
https://refugeesps.net/post/23906/أهالي-مخيم-الرمل-يغادرون-منازلهم-إلى-مناطق-آمنة-وسط-نداءات-للإغاثة
[10] المصدر نفسه.
[11] "الأونروا" مصدر سبق ذكره.
[12] المصدر نفسه.