غادر الرئيس الأميركي جو بايدن المملكة العربية السعودية يوم السبت في 16 تموز/يوليو الجاري بعد زيارة مثيرة للجدل، مؤكداً، أمام قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والأردن والعراق، أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتخلى عن وجودها في الشرق الأوسط، وواعداً بترويج "رؤية جديدة" للمنطقة، تقوم على الحوار والتعاون الاقتصادي والعسكري، على خلفية عمليات التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، والتي تود واشنطن أيضاً إشراك المملكة العربية السعودية فيها.
من عقيدة "ملء الفراغ" في الشرق الأوسط إلى التحوّل نحو آسيا والمحيط الهادي
في أعقاب إخفاق العدوان الثلاثي على مصر في تحقيق أهدافه، ولا سيما إسقاط نظام الرئيس جمال عبد الناصر، شعرت إدارة الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور أن النفوذ البريطاني والفرنسي في الشرق الأوسط آيل إلى الانحسار، وأن فراغاً سينشأ عن ذلك يمكن أن يسارع الاتحاد السوفياتي إلى ملئه؛ وبغية قطع الطريق على هذا الاحتمال، وجّه الرئيس أيزنهاور، في 5 كانون الثاني/يناير 1957، رسالة إلى الكونغرس بعنوان "ضمان الأمن والاستقلال في الشرق الأوسط ودعم السلام العالمي" عبّر فيها عن استعداد الولايات المتحدة الأميركية لتقديم مساعدات اقتصادية لدول المنطقة واتخاذ تدابير عسكرية لضمان حمايتها في "مواجهة أي عدوان مسلح مكشوف من قبل أية دولة تسيطر عليها الشيوعية الدولية". وفي 9 آذار/مارس 1957، صادق الكونغرس الأميركي على مشروع أيزنهاور، الذي صار يُعرف بعقيدة "ملء الفراغ" في الشرق الأوسط.
لقد ركّزت الولايات المتحدة الأميركية، في إطار دفاعها عن مصالحها القومية في الشرق الأوسط وطوال فترة الحرب الباردة، على هدفين رئيسيين: ضمان استمرار تدفق النفط بأسعار رخيصة إلى الغرب، من جهة، وحماية إسرائيل وتسليحها بأحدث الأسلحة، كي تتمكن من الاضطلاع بدور "القاعدة" المتقدمة للولايات المتحدة في المنطقة، من جهة ثانية.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ونهاية الحرب الباردة، توهم العديد من المراقبين أن دور إسرائيل في نطاق الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط سيضعف، وخصوصاً بعد أن حالت إدارة الرئيس جورج بوش الأب دون مشاركة إسرائيل بصورة مباشرة في الحرب التي أجبرت العراق على سحب قواته من الكويت وأطلقت "عملية السلام" في مدريد. بيد أن تبني الرئيس جورج بوش الابن استراتيجية "الحرب الشاملة على الإرهاب"، في مطلع الألفية الجديدة، ونجاح إسرائيل، في عهد أريئيل شارون، في إدراج حربها ضد الفلسطينيين ضمن هذه الاستراتيجية، بددا هذا الوهم. ولكن، منذ نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة، وفي ظل ضعف اعتماد الولايات المتحدة الأميركية على نفط المنطقة بعد زيادة إنتاجها النفطي المحلي، وخصوصاً من النفط الصخري، وتحوّل إسرائيل، التي استفادت من شلل النظام العربي، إلى قوة إقليمية متفوقة نوعياً، من حيث التسلح، على جميع دول المنطقة وقادرة على الاعتماد على نفسها، وانتهاء سياسة التدخل العسكري الأميركي المباشر إلى سلسلة من الإخفاقات، وخصوصاً في العراق وأفغانستان، أدركت إدارة الرئيس باراك اوباما أن عليها مراجعة استراتيجيتها في الشرق الأوسط وإعادة تحديد أولوياتها، كي تكون قادرة على احتواء التصاعد المتواصل لقوة الصين الاقتصادية والعسكرية على المسرح الدولي، وأعلنت، في سنة 2008، عزمها على التحوّل نحو آسيا والمحيط الهادي. وقد عززت إدارة الرئيس دونالد ترامب هذا التحوّل، بل خلقت شعوراً لدى حلفائها في الشرق الأوسط بأنها لم تعد مستعدة للتدخل المباشر حتى عندما يتعرض أحد هؤلاء الحلفاء إلى تهديد مباشر، وهو ما ثبت عندما قامت قوات الحوثيين، المتحالفة مع طهران، بشن هجوم كبير في أيلول/سبتمبر 2019 على منشآت شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو، من دون أن يؤدي هذا الهجوم إلى أي رد فعل من واشنطن، الأمر الذي هزّ ثقة الرياض في استمرار دعم الولايات المتحدة، ودفع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الاستمرار في الحوار مع إيران، وإلى سحب معظم قواتها البرية من اليمن في سنة 2019 ، والإفراج عن الأموال الإيرانية التي تم تجميدها في البنوك الإماراتية، وتزويد إيران بالمساعدات الطبية خلال الأزمة الصحية الناشئة عن وباء كوفيد 19، وذلك بالتوازي مع تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وتوسيع تعاونها معها في مختلف المجالات[1].
مع وصول إدارة جو بايدن الجديدة إلى البيت الأبيض، التي أنهت دعمها للحرب التي تخوضها المملكة العربية السعودية في اليمن وجمدت علاقاتها معها، بعد اتهامها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالوقوف وراء مقتل الصحافي جمال خاشقجي، بدأت الرياض بدورها مفاوضات مباشرة مع طهران بوساطة عراقية، وشعرت المملكة، ودول الخليج الأخرى، أن عليها أن تتعلم أن تعيش من دون الاعتماد على القدرة المطلقة للولايات المتحدة، وأن تسعى إلى تنويع علاقاتها الدولية، وأن تطوّر هذه العلاقات مع القطبين الدوليين المنافسين للولايات المتحدة الأميركية، وهما روسيا والصين. وفي مطلع العام الحالي، لمحّ الأمير محمد بن سلمان إلى أن السعودية يمكن أن تبيع النفط إلى الصين باليوان وليس بالدولار، وهو ما سيكون بمثابة "قنبلة" لأن الجزء الأكبر من تعاملات سوق النفط تتم بالدولار البترولي، كما رفضت السعودية والإمارات ودول الخليج الأخرى أن تتخذ موقفاً صريحاً ضد الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا[2].
الحرب في أوكرانيا تعيد خلط الأوراق
كان للحرب الروسية في أوكرانيا، وما أعقبها من عقوبات اقتصادية فرضتها الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي على روسيا، تداعيات خطيرة على الوضع الاقتصادي لهذه الدول، تمثلت في المقام الأول في زيادة معدلات التضخم بصورة لا سابق لها منذ عقود، وفي معاناة دول الاتحاد الأوروبي من انقطاع صادرات النفط والغاز الروسيين، الأمر زاد من ارتفاع أسعار الطاقة. كما كان له تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي للكثير من الدول التي تعتمد على الحبوب التي تصدرها كلٌ من أوكرانيا وروسيا، وخصوصاً في الشرق الوسط وأفريقيا. وهذا كله، أجبر إدارة الرئيس جو بايدن على إعادة التفكير في مقاربتها للوجود الأميركي في الشرق الأوسط، والنظر إلى هذه المنطقة بصفتها لا تزال من ضمن أولويات السياسة الخارجية الأميركية. وهذا الوضع أعاد للمملكة العربية السعودية، بصفتها أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم، مكانة مركزية لا يستطيع جو بايدن تجاهلها، ولا سيما في مجال وقف الارتفاع في أسعار النفط وخفض معدلات التضخم الذي، بالإضافة إلى عواقبه الاقتصادية، يضر بفرص الديمقراطيين في الانتخابات التشريعية النصفية للكونغرس التي ستجري في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.
وكان جو بايدن قد أعلن، في مقال نشره في صحيفة "الواشنطن بوسطن" في 9 تموز الجاري، بعنوان: "لماذا أنا ذاهب إلى المملكة العربية السعودية؟"، أن الشرق الأوسط بات "أكثر استقراراً وأمناً مما ورثته إدارتي قبل 18 شهراً"، وذكر، في هذا الصدد، التقارب بين إسرائيل وعدة دول عربية، الذي بدأ تحت ولاية سلفه دونالد ترامب، مؤكداً أن إدراته "تعمل على تعميق وتوسيع" هذه العملية. وبعد أن أشار إلى أن الشرق الأوسط "الآمن والمتكامل يفيد الأميركيين من نواح كثيرة"، وإلى أنه سيكون أول رئيس أميركي يزور الشرق الأوسط، منذ 11 أيلول/سبتمبر 2001، "من دون مشاركة القوات الأميركية في مهمة قتالية في المنطقة"، أكد أن "الممرات المائية في المنطقة ضرورية للتجارة العالمية ولسلاسل التوريد التي نعتمد عليها. كما إن مواردها من الطاقة حيوية لتخفيف التأثير على الإمدادات العالمية للحرب الروسية في أوكرانيا، وإن المنطقة التي تتحد من خلال الدبلوماسية والتعاون - بدلاً من تمزيق نفسها من خلال الصراع - من غير المرجح أن تفرخ التطرف العنيف الذي يهدد بلدنا أو يفرز حروباً جديدة، ويضع عبئاً جديداً على أكتاف جنودنا الأميركيين وعائلاتهم". وعبّر، في المقال نفسه، عن رغبته في "تعزيز شراكة استراتيجية" مع المملكة العربية السعودية "تقوم على المصالح والمسؤوليات المتبادلة، مع احترام القيم الأميركية الأساسية"، محاولاً الرد على الانتقادات التي تتهمه بالتنكر لمواقفه السابقة إزاء المملكة من أجل انتزاع وعد منها بإنتاج المزيد من النفط، وتابع: "وظيفتي كرئيس هي ضمان صلابة وأمن البلاد"، مشيراً إلى الحاجة إلى "مواجهة" روسيا، ووضع بلاده في "أفضل موقع ممكن" في مقابل الصين، وتأمين "المزيد من الاستقرار" في الشرق الأوسط. وللقيام بهذه الأمور، "نحتاج إلى علاقة مباشرة مع البلدان التي يمكن أن تساهم والمملكة العربية السعودية واحدة منها". وبرر مواقفه السابقة إزاء المملكة بالقول: "منذ البداية، كان هدفي هو إعادة توجيه - وليس قطع - العلاقات مع دولة كانت شريكتنا الاستراتيجية منذ ثمانين عاماً". وأشاد بدور السعودية في التهدئة في اليمن وفي استقرار أسواق النفط[3].
جو بايدن يؤكد العزم على تعزيز النفوذ الأميركي في المنطقة
في خطاب ألقاه يوم السبت في 16 الجاري، أمام القادة العرب الذين التقاهم في مدينة جدة، وعد جو بايدن بأن بلاده "لن تبتعد" عن الشرق الأوسط من خلال ترك "فراغ يمكن أن تملأه الصين أو روسيا أو إيران"، وقال إن "الولايات المتحدة تستثمر لبناء مستقبل أفضل في المنطقة بالتعاون معكم جميعاً"، مؤكداً، في إشارة ضمنية إلى مواقفه السابقة من السعودية، أن "المستقبل سيكون للدول (...) التي يمكن لمواطنيها استجواب وانتقاد قادتها دون خوف من الانتقام". وأضاف في إشارة إلى طهران: "لن نتسامح مع محاولة دولة واحدة الهيمنة على دولة أخرى في المنطقة من خلال تعزيزات عسكرية و/أو توغل و/أو تهديدات". كما أشاد بايدن بقرار الرياض "التاريخي" فتح مجالها الجوي أمام جميع شركات الطيران، بما فيها الشركات الإسرائيلية[4].
وفي البيان الختامي الذي صدر عن "قمة جدة للأمن والتنمية"، رحب القادة العرب "بتأكيد الرئيس بايدن على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لشراكاتها الاستراتيجية الممتدة لعقود في الشرق الأوسط، والتزام الولايات المتحدة الدائم بأمن شركاء الولايات المتحدة والدفاع عن أراضيهم، وإدراكها للدور المركزي للمنطقة في ربط المحيطين الهندي والهادئ بأوروبا وإفريقيا والأميركيتين"، ونوهوا بجهود منظمة "أوبك زائد" الهادفة إلى ضمان استقرار أسواق النفط "بما يخدم مصالح المستهلكين والمنتجين ويدعم النمو الاقتصادي"، وبقرارها "زيادة الإنتاج لشهري يوليو وأغسطس"، وأشادوا بالدور القيادي للمملكة العربية السعودية "في تحقيق التوافق بين أعضاء "أوبك زائد". وخلافاً للتوجّه الأميركي-الإسرائيلي الرامي إلى زج الدول العربية في مواجهة مفتوحة مع إيران، أكد القادة العرب "دعمهم معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهدف منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة"، وجددوا دعوتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية "للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومع دول المنطقة، لإبقاء منطقة الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل، وللحفاظ على الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً". كما جددوا التزامهم، من دون الإشارة إلى روسيا، بتقديم المساعدات الإنسانية الحيوية للشعب الأوكراني، و"ضمان تصدير الحبوب والقمح من دون عوائق، للتخفيف من حدة الأزمات الغذائية العالمية التي تهدد بتأثير شديد على عدد من دول الشرق الأوسط وأفريقيا"[5].
وكان جو بايدن قد أعلن في 15 تموز/يوليو الجاري أنه أجرى "مناقشات مثمرة مع السعوديين، ستظهر نتائجها الملموسة في غضون أسابيع قليلة". وصدر بيان مشترك عن الجانبين استعرضا فيه "العلاقات التاريخية التي تعود إلى قرابة ثمانية عقود ماضية بين السعودية والولايات المتحدة"، وأكدا "على أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية لخدمة مصالح الشعبين الأميركي والسعودي"، مشيرين إلى أن هذه الشراكة "كانت حجر الزواية للأمن الإقليمي على مدى العقود الماضية". ورحبت واشنطن بالتزام الرياض "بدعم توازن أسواق النفط العالمية من أجل تحقيق النمو الاقتصادي المستدام"، وأعلنت "التزامها القوي والدائم بدعم أمن السعودية والدفاع عن أراضيها، وتسهيل قدرة المملكة على الحصول على جميع الإمكانات اللازمة للدفاع عن شعبها وأراضيها ضد التهديدات الخارجية". وشدد الجانبان "على ضرورة ردع التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول، ودعمها للإرهاب من خلال المجموعات المسلحة التابعة لها، وجهودها لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، مؤكدين على أهمية منع إيران من الحصول على سلاح نووي"[6].
هل تحققت أهداف زيارة جو بايدن إلى المنطقة؟
كانت النتيجة الأبرز لزيارة جو بايدن إلى المنطقة تعزيز مستوى العلاقات الاستراتيجية القائمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك تأكيد الولايات المتحدة عزمها على الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل على جميع دول المنطقة، وسعيها إلى توسيع نطاق التطبيع العربي معها، واستعدادها للمشاركة معها في "ردع" إيران، في حال فشل محاولات التوصل إلى اتفاق مرض معها حول قدراتها النووية، بما في ذلك اللجوء إلى الخيار العسكري في مواجهتها، وهو ما عبّر عنه بوضوح "إعلان القدس" للشراكة الاستراتيجية بين البلدين (انظر نصه الكامل المنشور على مدونة موقع مؤسسة الدراسات الفلسطينية الإلكتروني). أما زيارة جو بايدن إلى مدينة بيت لحم واللقاء الذي جمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، فلم يسفرا، كما كان متوقعاً، عن أي خطوات عملية بشأن إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية المحتلة، أو إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، أو إعادة إحياء "عملية السلام"، واكتفى الرئيس الأميركي بتقديم بعض المساعدات المالية إلى الفلسطينيين، وبالتأكيد اللفظي على تمسكه بـ "حل الدولتين"، على أمل أن تتوفر "أوقات أفضل" في المستقبل لإعادة إحياء "العملية السياسية" المجمدة، في وقت تواصل فيه إسرائيل سياساتها الاستيطانية والعدوانية. من الصحيح أن الرئيس بايدن جدد، في بيان قمة جدة، "التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالعمل من أجل تحقيق السلام العادل والشامل والدائم في الشرق الأوسط"، إلا أن القادة العرب المجتمعين معه هم الذين أكدوا في البيان "ضرورة التوصل لحل عادل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، مشددين على أهمية المبادرة العربية"، كما أكدوا "ضرورة وقف كل الإجراءات الأحادية التي تقوض حل الدولتين، واحترام الوضع التاريخي القائم في القدس ومقدساتها، وعلى الدور الرئيسي للوصاية الهاشمية في هذا السياق"، وهو كذلك موقف يتناقض مع خطوات التعاون، المدني والعسكري، المتسارعة مع إسرائيل التي خطاها بعض الدول العربية التي طبّعت مؤخراً علاقاتها معها.
أما بخصوص المباحثات التي أجراها الرئيس الأميركي مع ولي العهد السعودي، فقد أسفرت عن إبرام المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة 18 اتفاقية تعاون في مجموعة متنوعة من المجالات، شملت على وجه الخصوص الفضاء، والتمويل، والطاقة، والصحة، كما تمّ التوصل إلى حل بشأن خروج القوة متعددة الجنسيات والمراقبين من جزيرتي تيران وصنافر في البحر الأحمر، مع حفاظ السعودية على جميع الالتزامات القائمة في هاتين الجزيرتين، والعمل على تطويرهما لأغراض سياحية واقتصادية مما يسهم في سلام وازدهار وأمن المنطقة، وهو الحل الذي وافقت عليه إسرائيل، كما يبدو، في مقابل التزام السعودية بفتح أجوائها أمام الطيران الإسرائيلي.
وبخصوص النفط، يبدو أن الزيارة لم تسفر عن التزام سعودي صريح بضمان انخفاض مستدام في الأسعار، خصوصاً وأن أعضاء منظمة "أوبك زائد" وعدوا بزيادة الإنتاج بمقدار 650 ألف برميل يومياً في شهري تموز/يوليو الجاري وآب/أغسطس المقبل، وأن أسعار برميل النفط راحت تشهد، بعد الارتفاعات التي سجلت في نهاية شباط/ فبراير الفائت، مع بداية الحرب في أوكرانيا، انخفاضاً ناجماً عن التباطؤ الاقتصادي العالمي. وكان الأمير محمد بن سلمان قد وعد في أيار/مايو الماضي بأن بلاده يمكنها زيادة إنتاجها اليومي من النفط إلى 13 مليون برميل، لكن هذا لن يتحقق قبل سنة 2027. ومع أن من المحتمل أن يكون القادة السعوديون قد وعدوا بطرح الطلب الأميركي، الداعي إلى زيادة الإنتاج بما يخفض سعر برميل النفط، خلال اجتماع منظمة "أوبك زائد" في 3 آب/أغسطس القادم، إلا أن عدداً من أعضاء المنظمة، مثل أنغولا ونيجيريا وليبيا وفنزويلا وإيران، لن يكون، بحسب بعض المحللين، قادراً على خفض إنتاجه ولا راغباً فيه، كما لن تكون السعودية نفسها راغبة في اتخاذ قرار لا توافق عليه روسيا ويعرض للخطر وحدة المنظمة[7].
من ناحية أخرى، يبدو ان زيارة الرئيس الأميركي أدت إلى تحسين علاقات بلاده التي أصابها الجفاء مع بعض الدول العربية، مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر، إذ وجّه دعوة رسمية إلى الأمير محمد بن زايد لزيارة الولايات المتحدة، والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأول مرة على هامش قمة جدة وناقش معه مسألتي الأمن الغذائي والطاقة والتعاون الاستراتيجي والعسكري، وتعهد بتقديم مساعدة مقدارها
50 مليون دولار لدعم الأمن الغذائي في مصر، كما التزم بدعم مصر في طلباتها للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وباستئناف الحوار الاستراتيجي بين البلدين[8].
[1] https://www.lejdd.fr/International/moyen-orient-voici-les-consequences-du-retrait-americain-dans-la-region-4077919
[2] https://www.france24.com/fr/moyen-orient/20220715-joe-biden-en-arabie-saoudite-ou-le-retour-de-la-realpolitik-am%C3%A9ricaine
[3] https://www.lemonde.fr/international/article/2022/07/10/critique-pour-son-futur-deplacement-en-arabie-saoudite-joe-biden-s-explique-dans-une-tribune_6134135_3210.html;
[4] https://www.genevevision.ch/joe-biden-promet-que-les-etats-unis-ne-se-detourneront-pas-du-moyen-orient/
[5] https://www.alarabiya.net/saudi-today/2022/07/16/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%82%D9%85%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D8%A9-
[6] https://www.alhurra.com/arabic-and-international/2022/07/16/%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-
[7] https://www.bfmtv.com/economie/petrole-la-visite-de-joe-biden-en-arabie-saoudite-peut-elle-amener-a-une-baisse-durable-des-cours_AV-202207150331.html
[8] https://www.letemps.ch/monde/limage-joe-biden-ressort-ternie-visite-arabie-saoudite;
https://www.rfi.fr/fr/moyen-orient/20220716-fin-de-visite-pour-biden-au-moyen-orient-o%C3%B9-il-a-tent%C3%A9-de-r%C3%A9affirmer-l-influence-am%C3%A9ricaine;