النظام البترولي اللبناني
التاريخ: 
21/06/2022
المؤلف: 

مقدّمة

يقرر الدستور اللبناني المباديء الرئيسة لقانون البترول ، بالذات الاعتماد على المادة 89.  وأُسِّست البنية التحتية القانونية على نظام بترولي يتسم باستخدام تشريع قائم على المبادئ، وهو أمر يعكسه حالياً قانون الموارد البترولية في المياه البحرية الرقم 132 الصادر في آب/أغسطس 2010 (يُسمَّى هنا "قانون الهيدروكربونات").

وبتبني نظام بترولي مختلط، يجمع بين نموذج مشاركة الإنتاج ونظام الترخيص، يتسم قانون الهيدروكربونات اللبناني بالخصائص التالية:

  • هو يؤسس لنظام استنسابي يمنح رخص الإنتاج في جولات ترخيص مخصصة؛
  • هو يعطي وزير الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول في لبنان سلطة الإعلان عن جولات الترخيص، ومراجعة الطلبات، والتفاوض مع المتقدّمين قبل تقديم توصيات حول المنح الأخيرة إلى الحكومة؛
  • هو يمنح رخص الإنتاج إلى أصحاب متعديين للحقوق، بهدف ضمان التنوع في النتائج الجيولوجية والتكنولوجية ووضع آلية شفافة للضبط والتوازن؛
  • هو يعهد إلى مجلس الوزراء سلطة الموافقة على تعيين المشغّل المسؤول عن الإدارة اليومية للأنشطة البترولية المرخصة؛
  • هو يعطي الحكومة اللبنانية السلطة النهائية لمنح الرخص؛
  • هو يفرض على المتقدّمين تشكيل مشاريع مشتركة بين بعضهم بعضاً والدخول في اتفاقية نموذجية للاستكشاف والإنتاج؛
  • هو يفرض على المتقدّمين تقديم نسخ بكل البيانات والمواد إلى الحكومة؛
  • هو يجعل أي تخصيص للحقوق أو الواجبات الخاصة بأصحاب الحقوق خاضعاً لموافقة الحكومة؛
  • هو يفرض على أصحاب الحقوق تقديم اتفاقيات التعاون الخاصة بهم إلى الوزير وهيئة إدارة القطاع اللذين يستطيعان في أي وقت طلب تعديلات لضمان أن هذه الاتفاقيات تنسجم مع القوانين اللبنانية.

ويعرّف قانون الهيدروكربونات اتفاقية الاستكشاف والإنتاج بأنها "اتفاقية مبرمة بين الدولة وما لا يقل عن ثلاثة أصحاب حقوق بما في ذلك الملاحق النموذجية التي تشكّل بموجب بنود الاتفاقية جزءاً لا يتجزأ منها والتي تنظم العلاقة بين الدولة وأصحاب الحقوق من أجل القيام باستكشاف البترول وإنتاجه في منطقة محددة".

وتحدد اتفاقية الاستكشاف والإنتاج مراحل الاستكشاف والإنتاج التي يجب ألّا تتجاوز 10 و30 سنة على التوالي. وإن نصت اتفاقية للاستكشاف والإنتاج على فترة أقصر، يمكن لأصحاب الحقوق طلب تمديد شرط أن تبقى المدة الإجمالية لكل من المرحلتين من ضمن الحدود المقررة. وسيتطلب أي تمديد أيضاً تخلياً عن 50% من المنطقة ذات الصلة. كذلك يجب التخلي عن أي منطقة غير مشمولة في أي خطة تطوير في نهاية مرحلة الاستكشاف.

وفي 15 شباط/فبراير 2013، دعت الحكومة اللبنانية الأطراف المهتمة إلى التقدّم إلى مرحلة التأهّل وأعلنت الشروط المسبقة الأساسية المفروضة على المتقدّمين الراغبين في المشاركة في مرحلة التأهّل. وتُلخَّص الشروط المسبقة كما يلي:

1. يجب أن يكون المتقدّم شركة مساهمة مشتركة (لبنانية أو أجنبية) منخرطة في أنشطة بترولية.

2. على المتقدّم أن يشكّل مشروعاً مشتركاً يشمل:

أ. مشغّل صاحب حقوق يملك أصولاً إجمالية يبلغ حدها الأدنى 10 مليارات دولار ويملك ما لا يقل عن مشروع تطوير بترولي واحد في مياه يفوق عمقها 500 متر؛ و

ب. صاحب حقوق غير مشغّل يملك أصولاً إجمالية يبلغ حدها الأدنى 500 مليون دولار ويملك بالفعل إنتاجاً بترولياً مكرساً.

3. على المتقدّم أن يقدّم خطة تشغيلية مرضية تشمل مسائل الصحة والأمان والبيئة التي تتوافق مع القانون اللبناني والمعايير الدولية.

ووفق قانون الهيدروكربونات، تصبح اتفاقية الاستكشاف والإنتاج نافذة فور إقرارها من جانب الحكومة وتوقيعها من جانب الوزير.

وبعد نيل الموافقة المطلوبة، يصبح المتقدّم المختار تلقائياً صاحب حقوق ذا مصلحة مشاركة مشتركة وغير مجزأة في اتفاقية الاستكشاف والإنتاج.

ومن ثم يجب على أصحاب الحقوق في اتفاقية للاستكشاف والإنتاج أن يشكّلوا مشروعاً مشتركاً غير مدمج يكون لكل منهم فيه نسبة مئوية مشتركة وغير مجزأة في مصلحة مشاركة.

وأصحاب الحقوق في اتفاقية للاستكشاف والإنتاج مسؤولون بالتكافل والتضامن أمام الأطراف الثالثة وأمام بعضهم بعضاً بالتناسب مع حصصهم في عائدات الأنشطة البترولية، وفق ما تنص عليه اتفاقية الاستكشاف والإنتاج النافذة.

وأصحاب الحقوق مسؤولون بالتكافل والتضامن أمام الدولة اللبنانية في ما يخص الواجبات الناشئة من الأنشطة البترولية.

وتمنح اتفاقية الاستكشاف والإنتاج أصحاب الحقوق حقاً مشتركاً حصرياً بالقيام بأنشطة بترولية وتعرّف حقوقهم وواجباتهم أمام الدولة وأمام بعضهم بعضاً.

وتحدد اتفاقية الاستكشاف والإنتاج أساساً:

  • إحداثيات المنطقة الممنوحة؛
  • توزيع نسب المشاركة بين أصحاب الحقوق؛
  • مدة اتفاقية الاستكشاف والإنتاج ومدة كل مرحلة؛
  • الحد الأدنى لموجبات العمل والالتزامات المتعلقة بالنفقات لمرحلة الاستكشاف؛
  • أحكام متعلقة باحتمال مشاركة الدولة في اتفاقية الاستكشاف والإنتاج؛
  • أحكام متعلقة بمسائل بيئية متعلقة بالمنطقة؛
  • القواعد والأحكام المحاسبية المطبقة على الأنشطة البترولية الخاضعة لاتفاقية الاستكشاف والإنتاج وطرق تحديد الأرباح؛
  • أحكام متعلقة بحل النزاعات والتحكيم؛ و
  • الضمانات النموذجية الدنيا التي تغطي موجبات العمل الإلزامية للموافقة على خطة التطوير والإنتاج، والتوقف عن الأنشطة البترولية وإيقاف تشغيل منشأة ما.

ولدى منح اتفاقية للاستكشاف والإنتاج، يوافق مجلس الوزراء، استناداً إلى اقتراح وزير الطاقة وبالتشاور مع هيئة إدارة قطاع البترول، على تعيين مشغّل من بين أصحاب الحقوق تُعهَد إليه الإدارة اليومية للأنشطة البترولية (يُسمَّى هنا "المشغّل").

ولا يجوز تغيير المشغل من دون موافقة مجلس الوزراء.

وخلال مهلة أقصاها سنتين من تاريخ حفر آخر بئر استكشاف، على أصحاب الحقوق إبلاغ الوزير خطيّاً قرارهم حول المباشرة أو عدم المباشرة بالإنتاج.

عند حصول أي اكتشاف في مكمن، على المشغّل إبلاغ الوزير فوراً وخطياً، ونسخة تبلّغ للهيئة، كما يجب عليه القيام بالاختبارات اللازمة لتقييم قابلية المكمن للاستثمار التجاري وإبلاغ الوزير بنتيجتها، وذلك من ضمن مهلة ستة أشهر من تاريخ الاكتشاف كحد أقصى. ويُزوَّد الوزير بالمعلومات والبيانات والنتائج المتعلقة بالاختبارات.

في حال قرر صاحب الحقوق تطوير مكمن واحد أو أكثر وفق الأحكام المرعية الإجراء وبنود اتفاقية الاستكشاف والإنتاج، على المشغّل بالنيابة عنه تقديم خطة تطوير وإنتاج إلى الوزير (تُسمَّى هنا "خطة التطوير والإنتاج").

ويعود للوزير طلب تعديل خطة التطوير والإنتاج بعد استطلاع رأي الهيئة.

تتكون خطة التطوير والإنتاج من جزأين:

الجزء الأول: يتعلق بدرس تقييم الأثر البيئي.

والجزء الثاني: يتعلق بتطوير إدارة موارد المكمن والجوانب الاقتصادية للخيارات المتاحة.

يقدّم "قانون الهيدروكربونات" إطاراً للسلامة البيئية ينسجم مع اتفاقية برشلونة التي تفرض على كل الأطراف الموقعة اتخاذ كل الإجراءات المناسبة لمنع التلوث في البحر المتوسط الناجم عن استكشاف الجرف القاري وقاع البحر والتربة التحتية واستغلالها والتخفيف من التلوث ومكافحته.

ويتفق القانون أيضاً مع قانون حماية البيئة اللبناني الرقم 444 الصادر في آب/أغسطس 2002 والذي يؤكد في مادته الرابعة على مبدأ تقييم الأثر البيئي كوسيلة للتخطيط والإدارة ويتطلب في مادته الـ 21 من الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص إجراء دراسات الفحص البيئي المبدئي أو تقييم الأثر البيئي للمشاريع التي قد تهدد البيئة بسبب حجمها أو طبيعتها أو أثرها أو أنشطتها.

وينص قانون الموارد البترولية في المياه البحريةعلى أن "تقوم الدولة بدرس تقييم الأثر البيئي الإستراتيجي قبل أن تمنح أي حقوق بترولية أو تسمح بأنشطة بترولية".

لذلك أكملت الحكومة اللبنانية في أيار/مايو 2012 خطة لتقييم بيئي إستراتيجي في ثمانية أجزاء وشكّلت هيئة إدارة قطاع البترول وحدة مخصصة للمخاوف المتعلقة بالنوعية والصحة والسلامة والبيئة.

وينص قانون الهيدروكربونات على أن أصحاب الحقوق يجب أن يدفعوا رسماً في مقابل استخدام المنطقة الخاضعة لاتفاقية الاستكشاف والإنتاج ابتداءً من السنة الأولى التي تلي انقضاء مرحلة الاستكشاف.

وطبيعة هذا الرسم تصاعدية ويُحتسَب لكل كيلومتر مربع. ويُتوقَّع أن يكون الرسم في السنة الأولى بمقدار 350 دولاراً لكل كيلومتر مربع وفي السنة الثانية 400 دولار لكل كيلومتر مربع بعد تدوير المساحة إلى أقرب كيلومتر مربع وأن يُدفَع الرسم إلى الخزينة اللبنانية مسبقاً عن كل سنة.

ويُوزَّع البترول المستخرج من المكمن الواقع في منطقة خاضعة لاتفاقية الاستكشاف والإنتاج إلى (1) إتاوة للدولة و(2) بترول الكلفة و(3) بترول الربح.

والدولة اللبنانية، باعتبارها المالك الحصري للموارد البترولية، مخولة نيل إتاوة تمثّل نسبة مئوية من البترول الإجمالي المستخرج من المكامن. وسيحدد مجلس الوزراء أحجام الإتاوة ومعدلاتها ومدفوعاتها للبترولين السائل والغازي وفق مقترح مشترك يتقدّم بها وزير الطاقة ووزير المال.

وأمام الدولة اللبنانية خيار تلقي الإتاوة إما نقداً أو نوعاً. ويجب تسليم الإتاوة النوعية من دون كلفة إلى نقطة التسليم المحددة في خطة التطوير والإنتاج.

وسيُقيَّم معدل الإتاوة للنفط الخام على أساس معدلات تصاعدية مرتبطة بكمية النفط المستخرج. وستحدد اتفاقية الاستكشاف والإنتاج برنامج المعدلات التصاعدية. أما معدل الإتاوة للمنتجات البترولية الأخرى غير النفط الخام فستكون عند نسبة مئوية ثابتة تحددها اتفاقية الاستكشاف والإنتاج.

ويعرّف قانون الهيدروكربون بترول الكلفة بأنه "حصة كل صاحب حقوق بترولية من البترول المستخرج من المكمن، لتغطية التكاليف والنفقات التي تكبدها لقاء قيامه بالأنشطة البترولية المرخصة".

وفيما يُعرَّف بترول الربح بأنه الحصة المتوافرة لكل صاحب حقوق بترولية وللدولة من البترول المستخرج من المكمن بعد حسم بترول الكلفة.

ويخضع أصحاب الحقوق في اتفاقية للاستكشاف والإنتاج لقانون الضرائب اللبناني، فكل متعاقد يُعتبَر دافع ضرائب في ما يخض أنشطته الخاضعة للضرائب ويخضع لقانون الضرائب اللبناني كأي شركة مساهمة مشتركة تعمل في لبنان.

حالياً، يبلغ المعدل المعياري للضرائب على توزيع الأرباح 15% للشركات المساهمة المشتركة و10% على أرباحها الصافية. لكن وزارة المال تعيد تقييم معدلات الضرائب المطبقة على أصحاب الحقوق في اتفاقية الاستكشاف والإنتاج بهدف خلق بعض الحوافز الضريبية للمتقدّمين بما يتماشى مع ممارسات الأسواق العالمية.

ويمكن لهيئة إدارة قطاع البترول في أي وقت أن تدقق في حسابات المشغّل وصاحب الحقوق بهدف التأكد من المعلومات المقدّمة في ما يخص قياس رسم المنطقة والإتاوة واسترجاع الكلفة وجدارة الربح واحتسابها وتقييمها أو في ما يخص أي تقرير آخر مطلوب تقديمه إلى الوزير أو هيئة إدارة قطاع البترول.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2012، عينت الحكومة الأعضاء الأوائل في هيئة إدارة قطاع البترول.

وفي 27 كانون الأول/ديسمبر 2012، أعلن لبنان أن أول استدراجاته لعروض استكشاف النفط والغاز في المنطقة البحرية سيجري في 1 شباط/فبراير 2013. وحددت الحكومة اللبنانية أيضاً 21 آذار/مارس 2013 موعداً لنشر لائحة الشركات المؤهلة و2 أيار/مايو 2013 المهلة القصوى لتلقي الطلبات الرسمية من المتقدّمين المؤهلين.

وفي 18 نيسان/أبريل 2013 نشرت وزارة الطاقة نتائج عملية التأهيل المخصصة لأولى جولات الترخيص البحري والتي افتُتِحت في 15 شباط/فبراير 2013 واختُتِمت في 28 آذار/مارس 2013.

وشاركت 52 شركة في عملية التأهيل التي تأهلت فيها 46 شركة: 12 شركة تأهلت كمشغّلة و34 شركة كغير مشغّلة.

 

مشغّلون مجازون

"أندراكو إنترناشيونال أو أند جي"

الولايات المتحدة

"شيفرون إي إم إي بي ليمتد"

الولايات المتحدة

"إيني إنترناشيونال بي في"

إيطاليا

"إكسون موبيل إي أند بي ليبانون ليمتد"

الولايات المتحدة

"إنبكس كوربورايشن"

اليابان

"ميرسك أولي أوغ غاز إيه/5"

الدانمارك

"بتروبراس إنترناشيونال براسبترو بي في"

البرازيل

"بتروناس كاريغالي إس دي إن بي إتش دي"

ماليزيا

"ربسول أكسبلوراثيون إس إيه"

إسبانيا

"شل إي أند بي (إل إكس في) إن في"

هولندا

"ستاتويل إيه إس إيه"

النروج

"توتال إس إيه"

فرنسا

 

 

وبدأت جولة الترخيص الرسمية في 2 أيار/مايو 2013 وكان يُتوقَّع أن تُختتَم عملية استدراج العروض في 10 نيسان/أبريل 2014 على أن تُقرَّر المنح في آذار/مارس 2014.

لكن وزير الطاقة أعلن في 8 نيسان/أبريل 2014 تأجيل موعد تقديم العروض في جولة الترخيص الأولى من 10 نيسان/أبريل 2014 إلى 14 آب/أغسطس 2014.

وتقرر التأجيل الجديد بسبب التأخر المستمر للحكومة اللبنانية في إصدار المرسومين المتعلقين بتحديد البلوكات البحرية وإقرار الاتفاقية النموذجية للاستكشاف والإنتاج.

واختارت هيئة إدارة قطاع البترول ووزرة الطاقة تقسيم المنطقة البحرية اللبنانية إلى 10 بلوكات تغطي نحو 17 ألفاً و900 كيلومتر مربع (باستثناء منطقة ساحلية عازلة بعمق ميلين بحريين). وقدّم وزير الطاقة هذه الخريطة إلى مجلس الوزراء لنيل الموافقة، ولا تزال الموافقة معلقة.

 

 البلوكات البحرية

رقم البلوك

المساحة (كيلومترات مربعة)

البلوك 1

1928

البلوك 2

1924

البلوك 3

2048

البلوك 4

2030

البلوك 5

2374

البلوك 6

1721

البلوك 7

1259

البلوك 8

1400

البلوك 9

1742

البلوك 10

1475

المصدر: هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان

 

يهمل الترسيم المقترح للبلوكات ادعاءات إسرائيل في شأن جزء من المنطقة البحرية اللبنانية يقع في الجنوب، والجزء هو تحديداً منطقة تتداخل مع البلوكين 8 و9 اللذين يغطيان مساحة تفوق 854 كيلومتراً مربعاً.

وكان الوزير أعلن سابقاً أن من بين 10 بلوكات محددة، تُعَد خمسة بلوكات – هي تحديداً البلوكات 1 و4 و5 و6 و9 – مفتوحة للعروض في جولة التراخيص الأولى، مع احتمال فتح بلوكات إضافية للعروض بعد إقرار الحكومة المرسومين الحكوميين المتعلقين بتحديد البلوكات البحرية وإقرار الاتفاقية النموذجية للاستكشاف والإنتاج.

وبعد اكتشافات الهيدروكربون في شرق البحر المتوسط، خصوصاً في آب/أغسطس 2010، قدمت الحكومة اللبنانية خريطة بالإحداثيات الجغرافية تحدد الحدود الغربية والشمالية والجنوبية للمنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية إلى الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من أن وجهة النظر اللبنانية في شأن الحدود البحرية أقرت بوجود حقلي الغاز "تامار" و"ليفاياثان" خارج الحدود اللبنانية، جادلت بأن حقولاً محتملة أخرى في المنطقة قد تكون داخل هذه الحدود.

ووفق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، تملك الدولة الساحلية حقوقاً سيادية باستكشاف الموارد الطبيعية في منطقتها الاقتصادية الخالصة واستغلالها والحفاظ عليها وإدارتها.

ووفق المادة 57 من الاتفاقية، تمتد المنطقة الاقتصادية الخالصة حتى 200 ميل بحري حداً أقصى من خط الأساس.

وتنص المادة 74 على أن الدول ذات السواحل المتقابلة أو المتلاصقة يجب أن تحدد مناطقها الاقتصادية الخالصة بتطبيق القانون الدولي لتحقيق حل منصف. لذلك على الدول إيداع خرائط ولوائح بالإحداثيات الجغرافية للمنطقة الاقتصادية الخالصة في الأمانة العامة للأمم المتحدة.

وصادق لبنان على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في كانون الثاني/يناير 1995. وعلى الرغم من أن إسرائيل ليست فريقاً من أفرقاء الاتفاقية، يمكن اعتبار هذه القواعد ملزمة مبدئياً لكل من لبنان وإسرائيل من خلال تطبيق القانون الدولي العرفي.

في تموز/يوليو وتشرين الأول/أكتوبر 2010، قدّم لبنان إلى الأمين العام للأمم المتحدة الإحداثيات الجغرافية لحدوده الجنوبية مع إسرائيل وحدوده الجنوبية الغربية مع قبرص.

لكن هذه الحدود كانت مختلفة عن الحدود المبينة في اتفاقية أبرمها لبنان مع قبرص في العام 2007.وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية العام 2007 صادقت عليها قبرص لكن لم يصادق عليها البرلمان اللبناني.

وما يسمى "النقطة 1" على الخريطة، والتي اعتُبِرت بمثابة نقطة تقسيم مشتركة بين لبنان وقبرص في العام 2007، لا تزال نقطة خلافية.

تستخدم وثيقة الحدود البحرية التي قدمها لبنان إلى الأمم المتحدة في العام 2010 إحداثية مختلفة ("النقطة23") تقع على بعد 17 كيلومتراً جنوبي غربي"النقطة 1" وتتداخل مع المنطقة التي تدعي إسرائيل سيادتها عليها.

ومن وجهة النظر اللبنانية، تُعتبَر الإحداثيات في الاتفاقية القبرصية – اللبنانية للعام 2007 حلاً مؤقتاً ريثما يُتوصَّل إلى حل للنزاع على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2010، توصلت إسرائيل وقبرص إلى اتفاقية حول حدودهما البحرية.وصادقت قبرص على ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة مع إسرائيل في شباط/فبراير 2011.

وفي حزيران/يونيو 2011، قدّم لبنان إلى الأمم المتحدة احتجاجاً على الاتفاقية البحرية بين إسرائيل وقبرص. وشكت الحكومة اللبنانية من أن المنطقة المحددة في الاتفاقية المبرمة بين إسرائيل وقبرص في العام 2010 تستولي على أجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان.

تستخدم الاتفاقية بين إسرائيل وقبرص إحداثيات مماثلة للاتفاقية البحرية بين لبنان وقبرص. وأعاد لبنان التأكيد على أن "النقطة 1" لا تمثل الطرف الجنوبي النهائي للخط المتوسط بين لبنان وقبرص الذي يفصل المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل بلد.

ولا يمكن النظر إلى الإحداثية إلا كنقطة يتشاركها لبنان وقبرص، لكن لا ينبغي أن تُؤخَذ على أنها نقطة انطلاق بين قبرص وأي بلد آخر. وفي غياب اتفاقية بين لبنان وإسرائيل، يمكن للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان حتى أن تتجاوز هذه النقطة.

وفي تموز/يوليو 2011، وافقت إسرائيل على خريطة لحدودها البحرية المقترحة على أساس الاتفاقية البحرية بين إسرائيل وقبرص للعام 2011 وقدّمتها إلى الأمم المتحدة.

ووفق مبادئ القانون الدولي، لا يمكن للاتفاقية القبرصية – اللبنانية للعام 2007 غير المصادق عليها أن تلزم لبنان. فالاتفاقية يجب أن يصادق عليها لبنان لتدخل حيز التنفيذ، وهي الخطوة الأخيرة التي يرفض البرلمان اللبناني اتخاذها إلى الآن. ولذلك، ينبغي أن تخضع اتفاقية بين قبرص ولبنان في نهاية المطاف إلى إعادة تفاوض.

وبالمثل، ووفق القانون الدولي، تُعتبَر وثائق الحدود البحرية التي قدمتها إسرائيل ولبنان إلى الأمم المتحدة مقترحات من جانب واحد فقط. فالترتيب يجب أن تشرعه اتفاقية مؤقتة بين لبنان وإسرائيل. فالفقرة 3 من المادة 74 من اتفاقية قانون البحار تؤكد أن في انتظار التوصل إلى اتفاقية نهائية، على الدول المعنية "بذل كل جهد ممكن للدخول في ترتيبات مؤقتة ذات طابع عملي".

من الناحية النظرية، وكما هي الحال في النزاعات الحدودية البحرية الأخرى، يمكن تسوية الصراع من خلال محكمة العدل الدولية. ولأن محكمة العدل الدولية لا يمكنها تولي الاختصاص إلا على أساس الموافقة، يجب على إسرائيل ولبنان تقبل اختصاص المحكمة. وطلبت إسرائيل اختصاص محكمة العدل الدولية مرة واحدة فقط في العام 1957 (في قضية إسرائيل ضد بلغاريا) وكان لبنان مرتين طرفاً أمام محكمة العدل الدولية (في قضيتي فرنسا ضد لبنان في العام 1953 والعام 1959).

بدلاً من ذلك، يمكن للمحكمة الدولية لقانون البحار تحديد الحدود البحرية. ولأن إسرائيل ليست عضواً في الاتفاقية، يجب أن توافق إسرائيل صراحة على اختصاص محكمة قانون البحار، فلبنان هو عضو بالفعل.

ويُعَد التحكيم بين لبنان وإسرائيل خياراً آخر من شأنه أن يتطلب أيضاً قبولاً من البلدين.

في هذه الأثناء، وبعد إرسال لبنان طلبات متكررة إلى الأمم المتحدة لحماية حدوده وموارده البحرية، اقترحت الأمم المتحدة أخيراً أنها يمكن أن تكون بمثابة وسيط بين لبنان وإسرائيل في ترسيم الحدود البحرية وفي خلق منطقة أمنية بحرية.

وأعلن قائد قوات "اليونيفيل" التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، اللواء ألبرتو أسارتا، في تموز/وليو 2011، أن "اليونيفيل لديها الوسائل والتمويل والتصميم لتنفيذ ترسيم الحدود، لكنها تحتاج فقط إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل".

وحتى إذا قبل البلدان هذه الوساطة الأممية، يمكن لمفاوضات على وضع علامات مؤقتة أو دائمة للحدود البحرية أن تستغرق وقتاً طويلاً. فترسيم الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان، الذي يدل على خط الانسحاب للقوات العسكرية في جنوب لبنان، استغرق وضع اللمسات الأخيرة عليه 11 سنة.

وعلى الرغم من أن لبنان وإسرائيل لم يشاركا بعد في أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة لتسوية نزاعهما البحري، يحاول كل من الولايات المتحدة وقبرص أيضاً الانخراط في مبادرة وساطة، تهدف إلى تمهيد الطريق لتفاهم من شأنه أن يسمح للأطراف بالبدء بتطوير الحقول المكتشفة بعد الاتفاق على مبادئ توجيهية.

وأخيراً آمل أن تكون احتمالات الموارد الهيدروكربونية الوفيرة التي يمكن أن تعود بالفائدة على كل البلدان في كل أنحاء حوض المشرق حافزاً جيداً لكل الأطراف لوضع الخلافات السياسية جانباً والبدء بالعمل من أجل أن تحقق لمواطنيها تنمية اقتصادية هم في حاجة ماسة إليها.

 

*وليد خدوري (محرر)، "آفاق بترول شرق المتوسط"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت ، تشرين الثاني/نوفمبر 2017. قُدِّمت هذه الورقة في المؤتمر الحادي عشر حول قطاع المنبع في المغرب العربي وحوض البحر المتوسط والشرق الأوسط الذي عُقِد في نيقوسيا بين 19 و20 أيار (مايو) 2014. هذه الورقة خاضعة لحقوق النشر. ولا يمكن نشر أي جزء من هذه الورقة من دون إذن خطي محدد يمنحه المؤلف.

عن المؤلف: 

فادي ب نادر: شريك في "مكتب المشرق للمحاماة" وهو مؤسسة قانونية إقليمية تملك مكاتب في بيروت والرياض والدوحة.