لفتا، هذه البلدة الوديعة المتموضعة على سفح وادي الشامي على المدخل الغربي لمدينة القدس. هُجرت كغيرها من المدن والقرى ضمن عملية تطهير عرقي شاملة ومخطط لها مسبقاً سنة 1948. وسلمت حتى اليوم مجموعة كبيرة من مبانيها التي تقع في جذرها التاريخي وأطرافه، ولأسباب متعددة لم تُجرف كباقي القرى والمدن، وبقيت شاهدة على النكبة. لفتا شاهدة على تطور القرية الفلسطينية بأبعادها المتعددة: عمارةً وثقافةً وتخطيطاً حضرياً ومشاريع ماء وغطاء نباتياً وتفاعلاً خلاقاً مع البيئة المحيطة. كل هذا أنتج مستقراً بشرياً يعود في تاريخه إلى أكثر من أربعة الآف سنة. وإن يركز الكتاب على التاريخ الحضاري، إلا إنه لا ينسى الإنسان الذي عاش فيها ومصيره. وخشية أن تُستكمل أعمال تدمير ما تبقى من لفتا، وبجهود جبارة من عدد كبير من أصحاب الأختصاص تم توثيقها معمارياً، ودراسة بيئتها، ومراجعة تاريخها وآثارها، وذلك ضمن عملية متكاملة، كما يظهرها هذا الكتاب. كما يعرض الكتاب نضال أهالي لفتا ودعمهم في الحفاظ عليها، ليس حفاظاً على التراث الثقافي المميز فيها، وكنموذج للقرية الفلسطينية كما كانت عليه قبل سنة 1948 فحسب، بل أيضا كشاهدة على النكبة وعلى أمل العودة إليها، إذ إن كثيرين من اللفاتوة يعيشون على مرمى حجر منها، وذلك في القدس ورام الله، ولم ينقطعوا عن زيارتها وتنظيم الجولات بين بيوتها. إنه سجل للماضي ووثيقة للإصرار على البقاء.
نظمي الجعبة: أستاذ التاريخ في جامعة بيرزيت. تخرج من جامعة بيرزيت في فلسطين وتوبنغن في ألمانيا. وكان مديراً للمتحف الإسلامي – المسجد الأقصى، ومديراً مشاركاً لرواق – مركز المعمار الشعبي. شارك في أغلبية مشاريع توثيق التراث الثقافي المادي في فلسطين، ويُعتبر خبيراً بالتراث الثقافي وشؤون القدس والخليل، ونشر عدداً كبيراً من الكتب والمقالات عن هذه الموضوعات.
عقوب عودة: ولد في لفتا سنة 1940؛ هُجر مع عائلته قبل أن يستقر في القدس. كان عضواً ناشطاً في حركة القوميين العرب. درس الحقوق في جامعة بيروت العربية، ثم عمل في تلفزيون الكويت خلال الفترة 1963-1966. كما عمل مدرساً في الكلية القبطية الأرثوذكسية، وفي مدرسة الشهيدة دميانة في القدس (1966 - 1969). في سنة 1969 أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية بحقه ثلاثة أحكام بالسجن المؤبد، وأُطلق في سنة 1985 في اتفاق الجليل لتبادل الأسرى. في سنة 1986 عمل باحثاً في مركز المعلومات الفلسطيني لحقوق الإنسان في القدس (جمعية الدراسات العربية)، ثم في مركز أبحاث الأراضي في القدس (1996-2020)، وتخصص بقضايا حقوق الإنسان والسكن في القدس. وهو من المدافعين العنيدين عن لفتا، ورئيس هيئة حماية الموروث الثقافي لبلدة لفتا المهجرة.
تدير النقاش: رانية الياس: مديرة مركز يبوس الثقافي.