"الحركة الطلابية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة" كتاب جديد عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"
التاريخ: 
24/11/2021
المؤلف: 

صدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ضمن سلسلة "القضية الفلسطينية - آفاق المستقبل"، كتيّباً جديداً بعنوان "الحركة الطلابية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة"، للباحث أحمد حنيطي، تناول تطور الحركة الطلابية في الأراضي المحتلة منذ سنة 1967، ونضالاتها، والصعوبات التي مرت بها، ومآلاتها.

وبينما درس حنيطي في بحثه البنية الاجتماعية وتأثيرات الواقع الاقتصادي والاجتماعي في الحركة الطلابية ضمن مراحل تاريخية متعددة، بين مرحلة السبعينيات من القرن العشرين وسنة 2020، فإنه تجنب استخدام البعد المقارن في الدراسة، مفضّلاً تناوُل الحركة الطلابية في كل مرحلة، بمعزل عن المرحلة التي سبقتها.

وهكذا قسّم حنيطي بحثه إلى مراحل: الأولى، منذ السبعينيات حتى اتفاقيات أوسلو؛ الثانية فترة التسعينيات؛ الثالثة بعد سنة 2000 حتى سنة 2020، وفي كل مرحلة من هذه المراحل يسلط الضوء على التأثيرات السياسية والاقتصادية في الحركة الطلابية.

استهل الباحث دراسته بمقدمة ومدخل نظري، تناول فيهما مسألة الشباب والطلاب ضمناً، وكيف تمت معالجة هذه القضية في الأدبيات الفلسطينية، مع مراجعة سريعة للفهم الذي ساد خلال مراحل العمل الثوري الفلسطيني، لافتاً إلى أنه "تم النظر إلى الشباب على أنهم عماد التحرير من الاستعمار، في المقابل تم تحميل فئة الكبار المسؤولية عن الهزيمة" (ص 6)، ورأى أن "ما يميز بدايات مأسسة الحركة الطلابية الفلسطينية وجود بيئة سياسية فرضتها ظروف الاستعمار، وفي الوقت عينه غياب الأحزاب السياسية الفاعلة"، مستنتجاً أن "الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة" خرجت "من رحم الحركة الطلابية، الأمر الذي أعطى هذه الأخيرة الفعالية والحيوية." (ص 11)

قسم الباحث الدراسة إلى سبعة فصول رصد خلالها البيئة الموضوعية التي أحاطت بالحركة الطلابية في نضالاتها ضمن مراحل محددة، عالجها الكتاب بصفتها مرحلة قائمة بذاتها، مع الربط، بين حين وآخر، بالمراحل السابقة، ولا سيما حين يصبح هذا الربط ضرورة وتمهيداً لشرح كيفية اتخاذ الحركة الطلابية شكلها وتحالفاتها بعد اتفاق أوسلو.

وأوضحت التفاصيل التي خاضتها الدراسة في رصد التحالفات، بصورة دقيقة نسبياً، كيف تعاملت شريحة الطلاب في الضفة والقطاع مع التطورات السياسية التي كانت تحدث خارج فلسطين في مرحلة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وكيف أصبحت انحيازاتها في المرحلة التالية لأوسلو حتى انتفاضة الأقصى، وما تلاها من تحولات، سواء تغيّر شكل التحالفات حتى بين بعض كتل اليسار والكتلة الإسلامية والشبيبة، أو جرّاء دخول المنظمات غير الحكومية التي استقطبت الطلاب الفلسطينيين، ونافست بنشاطاتها نشاطات الحركة الطلابية خارج الجامعة، ولا سيما العمل التطوعي الذي كان يشكل عموداً أساسياً للحركة الطلابية ما قبل أوسلو. واعتبر الحنيطي أن "ضعف العمل التطوعي في الحركة الطلابية له علاقة بجسم الحركة الطلابية كمؤسسة وليس بالطلبة، إذ انخرط الطلبة في المجتمع من خلال الالتحاق بالمؤسسات الأهلية والمجموعات الشبابية المستقلة وفعالياتها التطوعية كطلبة لا كممثلين لأطر أو مجالس طلبة" (ص 53- 54)، وأن "هذه التحولات" أدت "إلى تعزيز الاغتراب والوعي الزائف وتعميقهما لدى العديد من فئات الطلبة" (ص 54).

وتطرق الباحث في مواضع أُخرى من الدراسة إلى تفاصيل ارتبطت بالجغرافيا السياسية للحالة الفلسطينية، إذ قدّم في فصل منفصل أوضاع الحركة الطلابية في قطاع غزة، ضمن خمسة عناوين: ما قبل الانقسام وما بعده، وحركات من أجل اعتماد نظام التمثيل النسبي، فضلاً عن سكرتاريا الأطر الطلابية، والطالبات في الحركة الطلابية. وفي متن كل عنوان شرح، بكثير من الدقة، أوضاع الحركة الطلابية وانعكاس الانقسام عليها، والتحولات التي طرأت عليها، تحديداً في النضال من أجل إعادة الحياة الديمقراطية إلى الجامعات بُعيْد إيقافها جرّاء الانقسام، والنقاشات التي دارت على مستويات متعددة بين أطر الكتل الطلابية والمستوى الرسمي الفلسطيني من أجل استعادة العمل الطلابي داخل جامعات القطاع، وتخفيف حدة التوتر إلى الحدود الدنيا بين الكتلة الإسلامية التابعة لحركة "حماس" وكتلة الشبيبة الطلابية التابعة لحركة "فتح".

غطت الدراسة دور الحركة الطلابية الفلسطينية في النضال الوطني والاجتماعي والنقابي ضمن مرحلة واسعة، ولم يغفل الكاتب أشكال هذا النضال، سواء المطلبي مع إدارة الجامعات، أو النضالي ضد الاحتلال الذي اتخذ الشكل العسكري في بعض الأحيان، بعيداً عن حرم الجامعات. وفي النضال المطلبي، ذكر الباحث في أكثر من موضع كيف تساوقت إدارة بعض الجامعات أحياناً مع السلطة الفلسطينية ورؤيتها السياسية والاقتصادية، وكيف ردت الكتل الطلابية، المختلفة بتحالفاتها وتناقضاتها، على قرارات تلك الإدارات. ولعل شهادات بعض كوادر الحركة الطلابية أغنت الدراسة كثيراً، لتضع القارئ، ليس فقط أمام بيانات تُعتبر وثيقة بالمعنى التاريخي، بل أيضاً أمام وثيقة حيّة عايشت الأحداث وكانت مفصلاً فيها، وعلى علم ببعض الخفايا التي كانت تُدار عبرها العلاقات بين الكتل الطلابية من جانب، وإدارات الجامعات من جانب آخر.

وحاز الجانب العسكري الذي قام به بعض الطلاب، سواء بالمشاركة أو التخطيط مع فصائلهم، جانباً مهماً في الدراسة، تناول فيه الحنيطي أعداد الشهداء والجرحى والأسرى من هذه الشريحة الأساسية في المجتمع الفلسطيني.

وتناول الباحث في فصلين منفصلين تجربة الحركة الطلابية في جامعة بيرزيت، كونها تُعتبر طليعية على الصعيدين النقابي والسياسي (ص 171)، ووضع المرأة في الحركة الطلابية الذي يكشف فيه أن كتلة الشبيبة الطلابية والكتلة الإسلامية تتبنيان توجهاً متقارباً إلى حد كبير إزاء النظرة إلى المرأة.

وبانسجام مع رؤية "آفاق فلسطينية" التي صدرت الدراسة عنها، حمل الفصل الأخير عنوان "نحو تعزيز الحركة الطلابية" الذي جاء فيه: "يبقى الأمل بالنهوض بالحركة الطلابية من داخلها، أي أن يبدأ العمل من القاعدة"، وأن "توحيد العمل الطلابي ومأسسته في الأطر الطلابية اليسارية، أو في معظمها، ممكن في ظل البنية الاجتماعية الحالية، ويمكن أن يشكل المدخل الجدي للضغط على الكتل الأُخرى لإنشاء جسم طلابي موحد." (ص 173).

الكتاب ليس الأول في موضوعه، إذ استشهد الباحث بالعديد من المصادر الفلسطينية والعربية والأجنبية التي تناولت الحراك الشبابي والطلابي في فلسطين والعالم والعربي والتمايز بينهما، لكن يُحسب له أنه يُعَد توثيقاً تاريخياً لشيء من نضالات الحركة الطلابية يمكن الرجوع إليه، وخصوصاً أن الكتاب استخدم المنهج الكيفي، وبالتحديد المقابلات المركّزة وتحليل مضمون البيانات الصادرة عن الأطر الطلابية.

عن المؤلف: 

أيهم السهلي: صحافي فلسطيني من مدينة حيفا، ولد في مخيم اليرموك ويقيم ببيروت.