فوهة الوقت
التاريخ: 
28/06/2021
المؤلف: 

إن السؤال المحيّر دائماً هو الوقت، ولا نتكلم هنا عن الوقت بمعناه المجرد، أي كم الساعة الآن بالدقائق والثواني، بل عن إدراك اللحظة الآنية؛ هل نحن في ساعات الفجر الأولى؟ أم في ساعات الظهيرة؟ أم في ساعات المساء؟ في أي يوم من الأسبوع نحن؟ وفي أي تاريخ من الشهر نحن؟

 

بوستر للفنان كامل المغني، ١٩٧٧، من موقع بوستر فلسطين

 

عندما تكون مقيداً بكرسي صغير، أو على عمود، ورأسك مغطى بكيس نتن، تفقد الإحساس بالوقت وبالشم، وربما بالتذوق، ويسيطرعليك إحساس واحد فقط هو إحساسك بالتعب والنعاس والإرهاق نتيجة الحرمان من النوم لساعات وأيام، قد تتجاوز أحياناً العشرة أيام.  فما تتحمله في أقبية التحقيق يتجاوز القدرات الطبيعية للجسم البشري على التحمل.

قد يسعفك صوت آذان الفجر، أو جرس كنيسة من قرية قريبة أو حي عربي قريب من السجن للتفريق بين النهار والليل؛ هذا الصوت قد يساعدك في إدراك الوقت إلى حين. أو محاولة عدٍّ للأيام والساعات، فكلما زاد الإنهاك كلما زاد فقدان الإحساس بالوقت.

كذلك قد تسعفك شجرة قريبة من مكان سجنك أو مركز التحقيق "التوقيف" لتدرك عندما تزور عصافير الدوري هذه الشجرة صباحاً أنك في يوم جديد.

قد تسعفك مرآة قذرة، مشوّهة الأبعاد بطريقة مقصودة، فترى عبرها كمية الإرهاق على وجهك المتعب، وربما تقدّر الوقت من خلال ما ترى من إرهاق، ومن الشعر الذي غزا وجهك، وعلى الرغم من تشوّه الأبعاد والصورة، فإنها تذكّرك بالمكان الذي تمكث فيه، وبالحرب التي تُخاض ضدك من منظومة استعمارية كولونيالية قلّ نظيرها في العالم.

تتذكر أنك لطالما حلمت في مكانك الطبيعي بالخلاص من هذه المنظومة.

قد يسعفك أيضاً إيمانك بقضيتك وعدالتها، وبأنها لن تخذلك، فتبقى متيقظاً للوقت. 

شكراً سيروان باران فقد ذكّرتنا بجرائم التعذيب التي ارتُكِبت بحقنا ولا زالت تُرتكَب.