معركة الإرادة
التاريخ: 
28/06/2021

فجر العاشر من كانون الثاني/يناير 2003، وجدت نفسي في قبضة الاحتلال، وبعد أقل من نصف ساعة على اعتقالي، كنت أمام أحد محقّقي الشاباك في مركز تحقيق المسكوبية، والذي رحّب بي قبل أن ينضم إليه ثلاثة محققين آخرين، أحدهم مسؤول التحقيق في 

 

بوستر للفنان الاردني غازي نعيم، ١٩٨٧، من موقع بوستر فلسطين

 

الشاباك، والذي رحّب بي قائلاً " أهلاً بالقائد،هذه المرة لن تفلت كما المرات السابقة من دون اعتراف، الاعترافات عليك جاهزة، لكننا نريد العبوة ومعرفة مَن هو مسؤولك المباشر؟ دارت عجلة التحقيق العسكري مباشرة، وكالعادة لم يضيعوا الوقت في النقاش والحديث، فحضر في البداية محقق كبير في السن بدأ بشرح مخاطر الصمود: "هذه المرة لن تخرج من التحقيق بسلام، لدينا قرار من المستشار القضائي بالتحقيق معك كقنبلة موقوتة، إذا ما أصابك الشلل أو فقدت حياتك فلن يحاسبنا أحد، من الأفضل لك أن تنهي القصة قبل أن ينهي الشاباك حياتك." لم يجد آذاناً صاغية، فغادر الغرفة ليحضر ثلاثة من محققي الشاباك الذين باشروا عملية التعذيب الجسدي، والتي تركزت في البداية على الوقوف مع ثنيْ الركبتين إلى الأمام بالقرب من الحائط. لم أستجب لوسيلتهم، فاستعاضوا عنها بوسائل لا تحتاج إلى تعاوني معهم في التعذيب النفسي؛ أجلسوني على كرسي مربوط بالأرض، وضعوا قدميَّ خلف أرجله الخلفية، ثم جلس أحدهم أمامي وقام بدفع جسدي إلى الخلف بزاوية 45 درجة، بينما وقف الثاني خلفي لمنع سقوطي على الأرض، ووقف الثالث في الوسط ليتأكد  من أن جسدي ينتفض كدلالة على أن الوضعية التي يريدونها صحيحة. بعد دقائق معدودة بدأ جسدي ينتفض وعرقي يسيل مدراراً وبقيت نصف ساعة على هذه الحال، تبعتها استراحة من التهديد والوعيد قبل تكرار العملية مرات ومرات؛ يومان على هذه الحال، حتى أنني لم أعد قادراً على تحريك أي جزء من جسدي من دون ألم شديد؛ فقدوا الأمل بهذه الطريقة، فلجأوا الى وسيلة تعذيب أُخرى، إذ أحضروا أصفاد اليدين ووضعوها حول رسغيْ يديّ، وبدأ إثنان من المحققين يشدّان الأصفاد حتى آخر سن، بينما يقوم محقق ثالث بتحريك أصابع يديّ، فشعرت بالسم يسري في عروقي والنار تكوي أصابعي. وعندما لم تُجْدِ هذه الطريقة نفعاً بعد جولات متعددة، وضعوا الأصفاد حول ذراعيّ ومارسوا نفس السلوك، فشعرت بأن يديَّ قُطعت. ومع انتهاء كل جولة كانوا يوجهون إليّ السؤال الذي حفظته عن ظهر قلب:" هل ستُنهي القصة أم تحتاج إلى مزيد من التعذيب كي تدرك أننا لن نتركك إلاّ بالموت أو الاعتراف."  بقيتُ على هذه الحال مدة أسبوع من التعذيب المتواصل ليلاً نهاراً، وبأساليب جديدة، إذ لا يُسمَح لي أثناءها سوى بالنوم ساعتين كل ثلاثة أيام. لأخرج من هذا التحقيق بعاهة جديدة، وهي التهاب مزمن وحادّ في اليدين والرقبة والمعدة، وبتُّ لا أستطيع الجلوس أو النوم من دون قميص بأكمام طويلة وطوق حتى في عز الصيف.

عن المؤلف: 

حسن نعمان فطافطة: أسير محرر.

بوستر، الاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين، ١٩٨٥، موقع بوستر فلسطين
موسى الخوري
بوستر للفنان اللبناني إميل منعم، 1978، من موقع بوستر فلسطين
عيسى قراقع
بوستر للفنان كامل المغني، ١٩٧٧، من موقع بوستر فلسطين
خالد فرّاج
بوستر لفنان غير معروف، 1983، من موقع بوستر فلسطين
أمير مخّول
بوستر لـ أسامة حجاج، ٢٠٠٨، من موقع بوستر فلسطين
لمى خاطر
بوستر لـ محمد أبو عفيفة، ٢٠٠٨، من موقع بوستر فلسطين
عصمت منصور
دارين طاطور، فيسبوك
داهش عكري