فلسطين: من سياسات الهوية إلى وعي القضية
التاريخ: 
07/06/2021
المؤلف: 

من الصعب حالياً توقُّع ما سيؤول إليه تفصيلياً وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"، إذ كانت المساعي الدولية والعربية هي الدافع الرسمي إليه، وخصوصاً المصرية، بالتنسيق مع الموقف الأميركي لإدارة بايدن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، والمعتمَد من جانبهم، لكن الدافع الفعلي والأكثر أثراً في الرغبة في التوصل إليه وإعلانه، هو الوضع الميداني على الصعيدين الشعبي والقتالي، والذي انعكس على القرار السياسي، وهو كما يتضح يتضمن مقومات لنهاية معادلة ومفاهيم وبداية حالة جديدة. وفي المقابل يتضمن مخاطر لتفويت الفرصة الفلسطينية سياسياً، بما في ذلك الإبقاء على عقيدة الهدنة لا الحل الفلسطيني، على الرغم من أهميتها في ظل الاختلال الصارخ  في توازن القوى.

إذا اعتبرنا أن المعركة ابتدأت بالصواريخ التي أطلقتها كتائب عز الدين القسّام على القدس في ذروة معركة شعبية سياسية على القدس، وبالتصدي في حي الشيخ جرّاح وباب العمود والأقصى، فنكون أمام حالة أن طرفاً فلسطينياً اتخذ زمام المبادرة إلى الجولة الحالية في إطار العدوان الإسرائيلي الدائم والمتصاعد على الشعب الفلسطيني. ولم يركن الجناح العسكري في "حماس" إلى ما هو أشبه بـ"عقيدة ردة الفعل" على ضربة استباقية من إسرائيل على شاكلة اغتيال قيادات أو أعمال عسكرية أُخرى. لقد فاجأ هجوم كتائب القسّام الصاروخي إسرائيل وتقديراتها، وكشف إخفاقاً كبيراً وجوهرياً في تقدير القوة التي بنَتها "حماس" ومجمل الحركة الفلسطينية في غزة، وإخفاقاً أكبر في تقدير حدود الأثر لعقيدة القوة "القاتلة" الإسرائيلية. لقد بدأت المعركة من حيث خُطِّط لها، أي استهداف العمق الإسرائيلي في القدس وتل أبيب وبئر السبع ومجمل المركز السكاني الإسرائيلي – منطقة غوش دان. كما أن الموضوع كان القدس التي شهدت، كما ذُكر آنفاً، معركة شعبية سياسية من أنجح ما حدث منذ الانتفاضة الأولى، ووحدت الشعب الفلسطيني إزاء أهم القضايا الجامعة له، بالإضافة إلى اللاجئين وتقرير المصير، فما جرى تأجيله في اتفاقات أوسلو بات في صدارة المشهد، وهنا لا أقترح الاستعجال في إعلان نهاية أوسلو، وهذا ليس موقفاً بل هو تحليل.

راهنت إسرائيل على جبروتها العسكري، وبالذات على سلاح الطيران الأحدث الذي قد يكون الأكثر تدريباً في العالم، وأيضاً على سلاح الاستخبارات العسكرية المجهز بأحدث التقنيات والقدرات الهائلة، ولديه سيطرة معلوماتية شبه مطلقة على كل فلسطين، من البحر الى النهر.  كذلك راهنت دولة الاحتلال على بُعدين في عقيدتها العسكرية، الأول هو ما تُطلق عليه اسم "المعركة بين الحروب"، وهي الجولات العدوانية التي تقوم بها كل بضعة أعوام، والتي تعللها بعدم توفّر الشروط لحرب كبيرة شاملة. العقيدة الثانية هي التي سمّتها في سنة 2006 "عقيدة الضاحية"، والمقصود الضاحية الجنوبية لبيروت، العقيدة القائمة على التدمير الهائل واستهداف المدنيين لردع الطرف الآخر الذي لا يشكل جيشاً نظامياً ولا يعتمد عقيدة جيش نظامي، والتي يمكن أن نطلق عليها منذ الآن اسم "عقيدة غزة 2021" بعد أن طوّرها رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي وأطلق عليها اسم "الجيش الساحق الماحق"، والقائمة على إحداث أكبر قدر من الدمار في أسرع وقت، أو كما ترجمها الإعلام الإسرائيلي الدموي "تغيير طوبوغرافية غزة"، و"أن يستفيق الغزّيون صباح اليوم التالي ويجدون غزة قد تغيرت معالمها". وهي أقرب إلى حرب إبادة عمرانية بأحدث التكنولوجيات والذكاء الاصطناعي، إذ بلغ عدد الغارات القاتلة أكثر من مئة في ليلة واحدة. بينما كانت النتيجة أن الاستعلاء الإسرائيلي قد انكسر، لأن عقيدتهم قائمة على أن الفلسطينيين لا يتعلمون من تجاربهم، وأن في استطاعة الطائرات دفن الإرادة الفلسطينية ودفن المقاومة حية تحت أنقاض ما أطلقوا عليه اسم "مترو غزة"، لتبرير استهداف وقتل المدنيين وإسقاط الأبراج السكنية، بينما لم يتوقف استهداف الصواريخ الفلسطينية للمدن والتجمعات الإسرائيلية المدنية والاستراتيجية. وباتت كل البلاد جبهة قتال.

إسرائيل فقدت في هذه الجولة القيمة الإضافية لمركّبي عقيدتها التي تسير عليها. وهناك جانب آخر ركز عليه خبراء عسكريون، وبالذات جنرالات سابقون، مثل غيورا إيلاند ومانيليس وغيرهما، وهو بذل كل مسعى ممكن للحيلولة دون خيار الاجتياح البري، الأمر الذي يعرّض جنودها للخطر، ويضاعف عدد القتلى والجرحى بينهم واحتمال الوقوع في الأسر. كما أشار المحللون العسكريون إلى تراجُع مقومات القدرة على الاجتياح البري، بما في ذلك الدافع القتالي ومفهوم التضحية، على الرغم من الاستثمار الهائل في ذلك.  

منذ سنة 2006 كانت إسرائيل المستفيد الأول والأكبر من حالة الانقسام الجوهري في النظام السياسي الفلسطيني، بالإضافة إلى الاستفادة الفئوية لطرفي الانقسام، واستنزفت المشروع السياسي الفلسطيني القابل للتسوية. وإذ عوّلت على أن إدارة ترامب ستتواصل أربعة أعوام  إضافية وسيكون في الإمكان استباحة كل المسلّمات، بما فيها استكمال مشروع السلام الاقتصادي الإقليمي ومحاصرة القضية الفلسطينية داخله، فإن هذا الواقع انقلب عليها أيضاً، ويمكن اعتباره انقلب على نتنياهو. كما انقلب موقف الإدارة الأميركية برئاسة بايدن، الذي لم يغير سياسته الجوهرية تجاه اسرائيل ودعمها الشامل، بل تجاه القيادة الإسرائيلية الحالية واعتبارها معيقة للسياسات الأميركية في المنطقة، وبالذات في مسألة الاتفاق النووي مع ايران. وإذ عبّرت هذه الإدارة عن عدم تسرّعها في وضع القضية الفلسطينية ضمن أولويات تدخّلها في المنطقة، وهذا ما شكّل مصلحة إسرائيلية ورغبة سياسية لحكومتها، فقد حضرت القضية الفلسطينية بكل قوتها، وخصوصاً مسألة القدس التي باتت قضية حارقة للغاية، بل قضية قد تجعل دولة الاحتلال تجد نفسها مهددة بحرب إقليمية، وهو ما قد يقيّد تحركاتها فيها. كما تجد أن هناك تحولات في الساحة الدولية تشهد ازدياداً في الحضور الفلسطيني، بما فيها الساحة السياسية الأميركية، وخصوصاً في الحزب الديمقراطي. أي أن ما ولّدته الجولة الحالية هو أزمة أمن قومي إسرائيلية لا توجد مخارج منها في المؤسسة الصهيونية الحاكمة. والأخطر في هذا الصدد أن يكون المنقذ الوحيد لها هو بؤس المؤسسة السياسية الفلسطينية الحاكمة.

لقد فقد المجتمع الإسرائيلي قدرته في الوقت الراهن على الاحتجاج، فلا توجد قوى حقيقية تقوم بالاحتجاج السياسي على العدوان والإخفاق، إذ لا توجد معارضة سياسية حقيقية لحزب الليكود الحاكم حتى ولو سقطت حكومة نتنياهو، كما لا يوجد مشروع سياسي حاكم بديل، لدرجة أن الأزمة الكبرى في السياسة الإسرائيلية هي في المعارضة التي تجمع أحزاب ما يسمى يسار صهيوني ويمين استيطاني معاً. لهذا السبب لا أحد يحاسب الإخفاق االاستراتيجي السياسي والأمني، بما فيه انتكاسة العقيدة العسكرية، لأن المعارضة مشغولة بشخص نتنياهو وليس بإخفاق مؤسسات الدولة، ولا بمشروع سياسي بديل.

في جانب آخر، اعتمدت إسرائيل في العقدين الماضيين سياسة القضاء على النظام العربي التقليدي، وبصورة خاصة استبعاد دور مصر التي تشكل فلسطين بالنسبة إليها، وبالذات غزة، قضية أمن قومي عالية الأهمية، واستنزاف مصر في قضايا إقليمية عربية وأفريقية من منطلق أن أزمات مصر هي فرصة إسرائيلية، والاستعاضة بنظام عربي بديل تقوده دول خليجية باعتبار أن الأولوية في المنطقة هي للصراع مع إيران، وبالتحالف مع اسرائيل، وليس للقضايا العربية بحد ذاتها، ولا لقضية فلسطين. مع المتغيرات الحاصلة، سواء في غزة أو في الحزب الديمقراطي الحاكم في الولايات المتحدة، والإدارة الأميركية الساعية لإعادة الاتفاق مع إيران، اضطرت إلى اعتماد الدور المصري الأمني والسياسي ودبلوماسية مصر النشطة في إبرام وقف النار ومتابعته، وهذا يعكس تغييراً في أولويات الإدارة الأميركية وانعكاسه على صدارة المشهد في المنطقة.

عن العدوان على فلسطينيي48: من سياسات الهوية إلى وعي القضية

أعلن وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس في مؤتمر صحافي يوم 16 أيار/مايو ثلاثة أهداف للحرب وهي: ضمان الهدوء والأمان لسكان بلدات الطوق على غزة، والقضاء على بنية "حماس" الصاروخية، في حين حدد الهدف الثالث بأنه "تشجيع ودعم الاعتدال في المنطقة"، بينما ما جرى من دمار هائل غير مسبوق يصعب وصفه في غزة، وفي المقابل إخفاق الإعلام الإسرائيلي العدواني والعنصري وهزيمته عالمياً أمام إعلام التواصل الاجتماعي الفلسطيني الذي تقوده الأجيال الشابة من دون مؤسسات، قد خلق حالة استفاقة لدى الشعوب العربية التي سعت إدارة نتنياهو لترويضها على فكرة التفوق الإسرائيلي والتطبيع والسلام الاقتصادي.

أما رئيس الحكومة الإسرائيلي نتنياهو فقد خصص حيزاً كبيراً من كلمته في المؤتمر الصحافي المذكور وبمشاركة قائد الأركان أفيف كوخافي، لفلسطينيي الـ 48 باعتبارهم جبهة حرب، وهذه أول مرة يتم الزج بهم في هذه الخانة، واعتمد موقف وزير حربه بالتعويل على "المعتدلين" ومحاسبة "المتطرفين". وفي هذا في الإمكان الربط بين نقل قوات الاحتلال مَن يُطلق عليهم "حرس الحدود" إلى داخل "الخط الأخضر" وبقرار عسكري من وزير الأمن، لمساندة الشرطة في قمع سكان المدن الساحلية الفلسطينيين، ترافقهم في اعتداءاتهم عصابات إرهابية، سواء من أتباع الليكود أو التيار الديني القومي، أو الكهانيين والبؤر التوراتية الاستيطانية في هذه المدن، بهدف الاعتداء الدموي على الفلسطينيين وأملاكهم وكسر شوكة نضالهم الشعبي الذي تجلى في الأقصى وحي الشيخ جرّاح وباب العمود، وكذلك في مناهضة العدوان على غزة، لتبلغ سعة الاعتقالات بين فلسطينيي الـ 48 أكثر من ألفين، وقد تصل إلى أكثر من أربعة آلاف، والاستهداف الأساس للأجيال الناشئة ما بين 15 و 30 عاماً. ناهيك بسقوط شهيدين ومئات الجرحى، والأضرار بالأملاك، وتهديد أمان الناس. ومن هنا جاء مطلب هذا الجزء من الشعب الفلسطيني بتوفير الحماية الدولية لهم، كونهم في حالة خطر.

ولو استعرنا مفهوم كارل فون كلاوزفيتش للحرب، فإن العدوان الحالي على الشعب الفلسطيني هو استمرار لنفس المشاريع السياسية والاستراتيجية القائمة الساعية لتجاوز جوهر القضية الفلسطينية من خلال البعد العربي الإقليمي والسلام الاقتصادي، ولتعميق تجزئة الشعب وإضعاف التيارات الوطنية، بالإضافة إلى النيل الجوهري من بنية فائض القوة غير المجازة لدى فلسطينيي الـ 48 وفقاً للاعتبارات الصهيونية الحاكمة. ومع انتهاء جولة المواجهة العسكرية ولو موقتاً، إلا إن العدوان على فلسطينيي الـ 48 والقدس لا يزال مستمراً، بل يزداد عدوانية، ويشرف عليه مباشرة جهاز الأمن العام (الشاباك)،  ولا بد من الإشارة إلى نشوء مقومات لحالة جديدة، إذ لم نكن بصدد حدث عابر ولا معركة "عادية"، بل هناك نقطة تحوّل. الشعور العام في إسرائيل هو بالإخفاق العسكري الاستخباراتي والسياسي بالمنظور الاستراتيجي. ومن شأن ذلك أن يعزز الأزمة السياسية الإسرائيلية حتى ولو تمكن نتنياهو من إعادة تشكيل ائتلاف حكومي، وهو مستبعَد، إذ يعتمد ذلك على نتائج الانتخابات التي سبقت معركة غزة. لكن الأمر الأكثر أثراً هو وجود بوادر لنشوء حالة ردع جديدة بين إسرائيل و"حماس" التي يبدو أنها كسبت المعركة سياسياً وأيضاً داخلياً فلسطينياً. إن حالة الردع مع إسرائيل قد تقود نحو تعزيز أولوية القضية الفلسطينية بمجملها فلن تكون معادلة الحل هي إعادة إعمار غزة والمساعدات الإنسانية وإبقاء الحصار، بل ستفتح القضية الفلسطينية وتعزز المطلب بحل عادل.

في اعتقادي، ما يجري بين فلسطينيي الـ 48، وبالذات تصدُّر الأجيال الصاعدة المشهد ودورها غير المسبوق، هو ليس مسألة هوية، فهذه المسألة على الرغم من أهميتها إلا إنها لم تكن هي ما يميز الصدام الحالي، بل إن ما حدث ويحدث هو مسألة قضية، أي الدفع بهذا الجزء من الشعب الفلسطيني إلى صدارة المواجهة بكل ما في ذلك من وعي متصاعد، ومن نضوج، ومن تحديات أيضاً. لم يفكر الناس في الشيخ جرّاح ضمن تفكير الهوية، ولا في اللد ضمن تفكير الهوية، بل من مفهوم ومنظور القضية الواحدة والشعب الواحد، ودولة الاحتلال والعنصرية والاستعمار الاستيطاني الواحدة في كل فلسطين التاريخية. مثل هذا التحول لا يطرح حلولاً وليس مطلوباً منه ذلك، بل يخلق حالة نوعية جديدة أقرب إلى "حاصر حصارك..."

إن قرار مجلس حقوق الإنسان بشأن التحقيق في انتهاكات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، بما فيه مناطق الـ 48، يعكس تحوّلاً في النظرة الدولية، ويجب تحويله إلى رافعة لمجمل النضال الفلسطيني وكيفية إدارته ومواجهة المنظومة الإسرائيلية المتعددة الأذرع، لكنْ الواحدة، وإدارة المعركة السياسية على جوهر القضية الفلسطينية.

ملاحظات في الحالة الفلسطينية

من الصعب التكهن حالياً بكيفية انعكاس الوضع على الحالة السياسية الفلسطينية، وهناك احتمالات عدة وفي اتجاهات متضاربة. لكن لا مؤشرات إيجابية لمصالحة، أو لتوحيد الكيانين القائمين في إطار نظام سياسي فلسطيني واحد، كما يبدو أن بقاء العمل برأسين والتفاوض برأسين وبمشروعين مختلفين، وحتى من دون حد أدنى من التنسيق بين رام الله وغزة، فلن يكون من المستبعد تصاعُد التوتر الفلسطيني الداخلي، وهو ما يهدد بنسف كل ما أنجزه الشعب في القدس والداخل وغزة، وفي الضفة. لقد درجت القوى الدولية والإقليمية على دعم طرف فلسطيني في مواجهة الآخر، وليس من الصواب الاستهانة بقدرة تأثير هذه الأطراف.

تضغط إدارة بايدن باتجاه التفاوض بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ولا بد من أن تتدخل لدفع قوى المركز السياسي الإسرائيلي في هذا الاتجاه، بما في ذلك إسقاط حكم نتنياهو وسياساته. كما توجد تلميحات من أوروبا أجرأ مما عهدناه سابقاً، سواء في اتجاه التعامل مع "حماس"، أو في اتجاه التلويح بإمكان محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة إسرائيل.

في مقابل ذلك، ما حققته المقاومة الفلسطينية خلق مستوى جديداً من حالة الردع لا يمكن التقليل من شأنها، وهذا أساس قوي لدى الطرفين نحو هدنة طويلة الأمد، وفي ذلك مصلحة لهما، وقد يشكل بداية نهاية الاستراتيجيا الإسرائيلية "المعركة بين الحروب".

مهما كان فمن الصعب أن نرى إسرائيل تستسلم لإخفاقها، لأن مثل هذا الإخفاق يشكل تحولاً استراتيجياً، ويجعل هذه الدولة تفقد من قوة ردعها ومن تفوقها المطلق، وهي كيان من الصعب للغاية رؤيته يتعايش مع وضع كهذا، لكن من المهم إدراك أنه لا يستطيع فعل كل شيء.

البعد الآخر في الحالة الفلسطينية هو النموذج الكفاحي المنتصر شعبياً بين كل مركّبات الشعب الفلسطيني، وحتى الأمل الذي ولّده في نفوس اللاجئين، وعلى نقيض ذلك عدم قدرة المؤسسة السياسية الفلسطينية المهيمنة على مجاراته. لا أعتقد أن انتخابات المجلس التشريعي أو المجلس الوطني هما اللتان ستنقذان الحالة، بل نحتاج إلى تطبيق النموذج الشعبي التكاملي على مفهوم التنظيم، أي إقامة هيئة تنسيق فلسطينية شاملة تشمل منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة، و"حماس"، ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل. المشروع السياسي الفلسطيني برؤية مستقبلية لن يستطيع الانطلاق من دون دور مدمج فيه لفلسطينيي الـ 48. على أن تتطور هيئة التنسيق وتفتح آفاقاً مستقبلية ومرجعيات أكثر تطوراً.

عن المؤلف: 

أمير مخول: كاتب من حيفا.