لم تعطِ جائحة كورونا إشارات إلى كيف ومتى يمكن لها أن تتوقف، وهي التي عطلت اقتصادات العالم وكشفت ثغرات الأنظمة الصحية لأكبر الدول وتسببت بموت وإصابة الملايين، لكن ما هو أكيد، أنها تركت وستترك على المدى الطويل، انعكاسات على الحياة الاجتماعية للمجتمع البشري، سواء في علاقاته فيما بين أفراده، أم علاقاته بالبيئة والطبيعة.
أتذكر في هذا الوقت المظلم جرّاء وباء كورونا، الساعات الطويلة التي كنت أقضيها أمام نقاط التفتيش الإسرائيلية، عندما كنت أعمل في فلسطين حيث كنت أتنقل بين منزلي في القدس ومكتبي في رام الله ما بين سنتَي 2000 و2004 في أثناء الانتفاضة الثانية. ففي ذلك الوقت كنت أنتظر بفارغ الصبر نهاية الانتظار الذي كان يستمر بين 10 دقائق وساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات، ليُسمح لنا بالدخول أو الخروج، وكنت أشعر بأن غيري هو مَن يتحكم في وقتي. وقد أطلقت على هذا الوضع وصف "العنف المعلق" (suspended violence)، وهو عنف لا يمكن معرفة متى يبدأ ومتى ينتهي.
وبالمثل، فإن وباء كورونا المنتشر حالياً، يعني عدم وجود قاعدة، فلا أحد يعرف نهاية الحظر الذي سببه الوباء، ولا كيف سيتطور هذا المرض. وكنت قد كتبت عن الصراع العربي مع المشروع الكولونيالي الإسرائيلي معتبراً أن الأمر ليس إبادة جماعية (genocide)، وإنما إبادة أو تطهير مكاني (spacio-cide)، (حنفي 2009)، وهو أيضاً مشروع إبادة أو تطهير زمني (chrono-cide).[1] واليوم، مع وباء كورونا، نحن في اضطراب غير مسبوق: كيف نتناول طعامنا؟ كيف نذهب إلى العمل؟ كيف يمكننا التسوق؟ وكيف ندبر صحتنا، والاختلاط، وقضاء أوقاتنا، وسفرنا، إلخ؟
عبّرت الكاتبة الهندية أرونداتي روي (Roy 2020) عن الوضع الاستثنائي الذي نعيشه، فتقول: "خلافاً لتدفق رأس المال، يسعى هذا الفيروس للانتشار، وليس الربح، وبالتالي فإنه عكَس إلى حد ما، اتجاه التدفق. لقد سخر من ضوابط الهجرة، والقياسات الحيوية، والمراقبة الرقمية وجميع أنواع تحليلات البيانات، وضرب بشدة - حتى الآن - في أغنى وأقوى دول العالم، الأمر الذي أدى إلى توقف محرك الرأسمالية، ربما موقتاً، لكن على الأقل لفترة طويلة بما يكفي لفحص أجزائه، وإجراء تقييم وتحديد ما إذا كنّا نريد المساعدة في إصلاحه، أو البحث عن محرك أفضل."
وبعد سبعة أشهر ونيف من بدء جائحة كورونا، فإننا أمام تداعيات تتجلى في جميع المستويات الفردية والمجتمعية، من سياسة واجتماع واقتصاد، فضلاً عن علاقتنا مع الطبيعة، كما أن هذه الجائحة كشفت هشاشة الدولة وحجم اللامساواة التي تتعرض لها الطبقات الفقيرة والأقليات الإثنية والمهاجرون واللاجئون. وقد أكد المراقبون أن كوفيد 19 هو هنا ليبقى ويتمدد (أو على الأقل سيستمر في الانتشار على شكل موجات)، وأن علينا ببساطة التعايش معه. وإذا كنا نعترف بأنه لا يمكن العودة ببساطة إلى "الوضع العادي" أو "العمل كالمعتاد"، فما هي الرهانات الاجتماعية لهذا الوضع الجديد؟
سأكتفي في هذه المقالة بالتركيز على رهانين: الأول، يتعلق بتبعات التباعد الاجتماعي والقوى المتناقضة الدافعة فيه؛ الثاني، هو واقع ومستقبل الحركات الاجتماعية في ظل أزمة مثل كورونا، والفشل الذريع للدولة الاستبدادية والشعبوية والنيوليبرالية في معالجة تبعات هذا الفيروس.
تبعات التباعد الاجتماعي
فرضت أزمة كورونا على الجميع التعايش وفق أسلوب "التباعد الاجتماعي": لا زيارات، لا سلام باليد، ولا تقبيل. وقد أثّر ذلك في جميع الطبقات الاجتماعية، وفي الفئات العمرية كلها، فأطفال اليوم يمرون بحالة عصيبة بعد أن أرعبتهم توصيات أهلهم بعدم لمس الآخرين، وهذه حالة قصوى من مشكلة فاقمتها حداثتنا المتأخرة، وبرودة العلاقات الإنسانية وسلعنتها وتشييئها. غير أن اختفاء التواصل الجسدي المباشر لم يمنع من اكتشاف أشكال جديدة من التواصل الاجتماعي تعزز الروابط الاجتماعية. ففي بثّ للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليسكو) تقول سعاد الحكيم، أستاذة الفلسفة والتصوف في الجامعة اللبنانية، إن القلوب أيضاً تتواصل من دون أن تعوقها مسافات، أو ترهبها إجراءات صحية أو وقائية، وإن محنة كورونا يمكنها أن تفتح آفاقاً واسعة للإنسان. فالخلوة التي فرضتها تحرر الإنسان كثيراً من الانشغالات، وربما تكون لحظة إعادة الوعي بذاته.[2]
إذاً، يجب فهم الاتصال على أنه أداة لتحقيق التواصل، إلّا إن الوضع، وبكل أسف، بدا كأن القوى النيوليبرالية تريد الاستفادة من هذا الجائحة لجعل الاتصال (من خلال التكنولوجيات الرقمية والعوالم الافتراضية) غاية بحد ذاته. فإدارة بعض الجامعات في فلسطين وبقية الدول العربية، كما في كثير من الدول الأُخرى في العالم، تحاول استخدام تجربة التعليم عن بُعد الذي جُرّب خلال فترة الإغلاق الماضية من أجل توسيعه بما يتجاوز الجائحة، كونهم اكتشفوا رخصه نسبة إلى التعليم الوجاهي الذي يتفاعل الطالب فيه فيزيائياً مع نظرائه وأساتذته، ويعيش حياة جامعية ضرورية جداً للتفكير النقدي والتعليم والفنون الحرة (liberal arts).
وقد بيّنت خبيرة التربية في فلسطين تفيدة الجرباوي (2020) أن هناك تيارين يتجاذبان نموذجين محتملين للتطبيق بعد انتهاء الأزمة. يتبنّى التيار الأول نموذج التعليم المدمج الذي يستفيد من مزايا التعليم الوجاهي والتعليم عن بُعد لتحقيق أعلى درجات الفائدة من هذين النظامين، ولجسر ثغرات كل منهما، بينما يتبنّى التيار الثاني نموذج التعليم عن بُعد بشكل كامل، ويعمل مؤيدوه بكل قواهم على ترويجه. ويضم هذا التيار الأخير المؤمنين به من أصحاب التخصص في التعليم المفتوح وأصحاب الخبرة في تكنولوجيا المعلومات وتقنيات الرقمنة، كما يضم الشركات الربحية التي وجدت في تبنّيه فرصة لتحقيق الربح الوفير عبر التسابق على إنتاج وتسويق تقنياته وأدواته كافة. وترى الجرباوي أن الخيار الثاني كارثي على إمكانات "التقارب الاجتماعي" الذي يشكل أساساً للتنشئة الاجتماعية ووسيلتها وهدفها في تنمية الإنسان والمجتمع.
ويحاول بعض الشركات الانتقال من عمل الموظفين في أماكن عمل حيث الحياة الاجتماعية والزمالة والوجاهية إلى العمل الرقمي عن بُعد، من المنازل أو مقاهي الإنترنت التي تطورت وتوسعت في الآونة الأخيرة لخدمة هذا الغرض. فمثلاً لم يكن ممكناً لـ "ستارباركس" أن يجد زبائنه في إيطاليا، بلد المقاهي الصغيرة التآلفية والقهوة القوية (café corto) على الكونتوار، من دون تأمينه خدمة الإنترنت والمقاعد المريحة لمَن سينفقون ساعات يستمتعون في الفضاء العام وهم يعملون وراء كمبيوترهم المحمول. لقد بدأ كثير من الشركات البحث عن استخدام العمل عن بُعد لتقليص تكاليفه (مكاتب أصغر؛ توفير بدل التنقل؛ طلب ساعات أطول وأكثر مرونة؛ تقليص استهلاك الطاقة؛ إلخ)، وبالتالي ضمان مزيد من الأرباح لنفسه.[3]
إذاً، هناك قوى تريد العودة إلى مجتمع الإلفة والتواصل وقوى مضادة لجعل الموقت دائماً. فهناك دراسات كثيرة توضح التأثيرات السلبية لأي تطبيع لمجتمع الاتصال (communication society) باعتباره غاية. فقد جرى، في كثير من الأمكنة، رصد تبعات ومشكلات كثيرة ناتجة من العزلة والوحدة والإنهاك (burn out)،[4] كما أن العمل المرن بساعاته أو في مكان ممارسته، على الرغم من وجود بعض المزايا، أثبت حرمان العاملين فيه من كثير من الضمانات الاجتماعية. ويذكّرنا كارل بولانيي (بولانيي 2009) بأن كل حركة في سياق ما تستفز حركة معاكسة (counter-movement)، ليصبح أمام الحركات الاجتماعية خطاباً مضاداً يجب مواجهته، وهذه الخطابات كثيرة وتأخذ لون الواقع.
فلسطينياً، وصف أباهر السقا (السقا 2020) وحلل ببراعة كيف كشف الوباء هشاشة السياسات الاجتماعية للسلطة الفلسطينية، وكيف استخدمت هذه الأخيرة السردية الأخلاقوية لتغطية عجزها البنيوي، في الوقت الذي بنت إسرائيل سردية وسياسات هي من نوع السياسات الحيوية الاستعمارية.
مقاربة متعددة المستويات
لقد أوضح فيروس كوفيد 19 مدى الترابط الحقيقي للعالم، وكيف تحولت صورة العالم، كقرية عالمية، من الاستعارة إلى الحقيقة. لكن هل يعني هذا أن العولمة لم تحمل معها أيضاً مزيداً من التضامن العالمي والأنسنة؟ لقد فشلت قوى تقدمية وبعض القوى اليسارية في إصلاح هذه العولمة وحداثتنا المتأخرة التي تحضنها. فلنرَ كيف نحلل ذلك من المنظور العربي.
جادل الفيلسوف الفرنسي جيل ديلوز أن اليسار ومعه معظم باحثي العلوم الاجتماعية، باستثناء الاقتصاديين الأرثوذكس، يدركون العالم من خلال العلاقات التي تبدأ من بعيد، وتتحرك إلى الأقرب.[5] فعلى سبيل المثال، تم فهم اللامساواة الاجتماعية كظاهرة عالمية واسعة للاستغلال يمكن تتبّعها منذ الاستعمار وتشكُّل الإمبرياليات، ولهذا السبب، يدعو معظم علماء الاجتماع إلى معالجة بُنى الإمبريالية والاستعمار من أجل معالجة معاناة الطبقات الاجتماعية المتأثرة، والانتقال بعد ذلك إلى معالجة بُنى الاستغلال وطنياً، ثم محلياً. وفضلاً عن ذلك، فإن كثيراً من الحركات الاجتماعية اليسارية يهتم بالمشاركة الديمقراطية العرضية (أي المرتبطة بحدث ما).
فيما يتعلق بالعالم العربي، فإن بعض الحركات الاجتماعية ذات الخطاب الديني يتبنّى سلوكاً سياسياً مختلفاً، فهو يبدأ من المحلي إلى العالمي والإنساني، ويؤمن بالعمل المجتمعي والعلاقات الأُسرية والجوار: من بناء مدارس في الحي، إلى تقديم المساعدة في السكن والزواج، إلى عمل وقف خيري (المساعدة المتبادلة)، وهذا كله قبل التضامن الوطني والإنساني. وبالتالي فإن مشاركته السياسية والنضالية في الأحداث تصبح جزءاً من صيرورة أوسع لنشاطه الدؤوب اليومي، وقد فصّل عالم الاجتماع الفلسطيني محمد بامية ذلك في كتابه الأخير، "ميادين حياة الإسلام: براغماتيات دين" (Bamyeh 2019). وبغضّ النظر عن اختلافات الأجندات لمثل هذه الحركات الاجتماعية من دفع لموضوعات الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والمحاربة الأخلاقية للفساد، و / أو التزمت الاجتماعي، فإن الاختلافات بين ما هو يسار ويمين، وما هو علماني وديني، وما هو محلي وعولمي، تضمحل في ظل تحالفات نراها اليوم في دول عربية مثل تونس والسودان. وهذه الحركات تدفع ما يسميه بامية الأخلاق أو الإيتيقا التشاركية (participatory ethics) التي لها تأثير أساسي، إلى خلق مساحات أو فرص للمشاركة الاجتماعية اليومية في الحياة المحلية أو الوطنية أو العالمية.
أرى أن مستقبل فاعلية الحركات الاجتماعية والتنظير المعرفي لها ما بعد كورونا هو في القدرة على الانتقال من المقاربة التقليدية (من البعيد إلى القريب) إلى حركة الذهاب والإياب في عدة مستويات، أي البدء بمفهوم القريب (الجماعة والأُسرة وأخلاقيات الحب والضيافة والرعاية)، ثم الارتقاء إلى مستوى الدولة الوطنية والإنسانية ككل. إذاً، هذه المقاربة هي التي قد تعيد الاعتبار إلى أهميتنا كحركة اجتماعية أو نخبة ربما تؤدي دوراً بارزاً في معالجة الأمراض الخطرة التي وضَعَنا فيها النظام الاقتصادي الرأسمالي الجشع. ففي كثير من بقاع العالم، دفعت أزمة كورونا وظائف منظمات المجتمع المدني المتمثلة تاريخياً في الإغاثة والتوعية والمدافعة والتأثير في متّخذي القرار، إلى تفعيل وظيفة جديدة هي التضامن. ووفقاً لجوفري بلايرز (Pleyers 2020)، فإن الإغاثة تختلف عن التضامن في كون هذا الأخير هو فعل اجتماع ليس عبر قيام الأشخاص الأكثر ثراء بالتبرع لـ "إنقاذ الفقراء"، وإنما بالتكاتف لمواجهة الفيروس والأزمات، وخصوصاً في مبادرات أكثر حميمية ممّا تفعله المنظمات الأهلية في عملها الإغاثي المعتاد.
وفي هذا السياق، يبيّن لنا علي عبد الوهاب (عبد الوهاب 2020) أشكال المبادرات التضامنية في قطاع غزة خلال جائحة كورونا من خلال حملات: "حملة إحسان التطوعية"، و"فكر بغيرك"، و"المقداد مقداد".
ولا يمنع الجانب الاجتماعي والمحلي والحميمي والقاعدي (grassroots) هذه المبادرات والوظيفة التضامنية التي تحملها، من أن تتحول إلى فعل سياسي. فقد نشّط زلزال القاهرة في بداية التسعينيات مؤسسات قاعدية وغير حكومية أدت دوراً مهماً في المطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية في مصر، وهو ما أكده عاصف بيات في أكثر من منطقة في العالم العربي وإيران (Bayat 2010)، ولو أنه لم ينتبه لخصوصية التضامن كفعل اجتماعي. ويذهب بلايرز إلى النتيجة نفسها فيما يتعلق بالمكسيك التي يؤرخ لبدء عملية الدمقرطة فيها بعد زلزال سنة 1985 (Pleyers 2020).
إن التركيز على تفعيل وظيفة التضامن في ظل أزمة مثل أزمة كورونا يجب ألاّ يُخفي الأدوار المهمة الذي تؤديها اليوم الحركات الاجتماعية باعتبارها مصدراً لمعرفة جديدة تنبع ليس فقط من حسها العملي الناتج نن ناشطيتها وحركيتها، بل أيضاً من تنظير أكاديمييها ومثقفيها.
هناك كثير من الكتابات المنبثقة في العالم العربي وأماكن أُخرى بشأن النقد التي قدمته هذه الحركات لبراديغمات الفصل التي راجت في حداثتنا المتأخرة: الفصل بين المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وكذلك الفصل بين الفرد والمجتمع والطبيعة، فقد بيّنت أنه لا يمكن فصل النضال من أجل البيئة عن نوع الاقتصاد السياسي وطبيعة النظام الاقتصادي الذي نريده. كما بيّنت هذه الحركات أن رأسماليتنا النيوليبرالية ليست طريقة إنتاج فحسب، بل إنها أيضاً تكوينات اجتماعية تنظّم العلاقة بين البشر والطبيعة.
وهكذا تنتشر هذه الحركات في كثير من الدول العربية ولو أن جانبها المعرفي ليس بارزاً دائماً.
خاتمة
بدأنا نسمع بقوة آراء جديدة تقول إنه لا يمكن معالجة مشكلاتنا الكبرى كانتشار كورونا وتغير المناخ ونظام الاقتصاد السياسي العادل، من دون تحفيز الوعي العام بعلاقة الناس بالأرض والإنسانية، والعودة إلى نمط حياتي بسيط بعيداً عن الاستهلاكية. وبدأ الوطن العربي يؤسس لفلسفة أصيلة في هذا المضمار، ولعل ناصيف نصار يقدم المداخلة الأهم في هذا المضمار حين يربط الحرية بالعدالة الاجتماعية، وحين يعتبر المسؤولية هي الوجه الآخر للحرية: فالمسؤولية تتجاوز مسؤولية الفرد أمام نفسه أو أمام القانون، بل إنها المسؤولية الاجتماعية التي تنبثق من الوجود الاجتماعي نفسه (مسؤولية أمام نفسه والآخرين)، (نصار 2003)؛ إنه ينظر الى ليبرالية تكافلية قائمة على العدالة التضامنية، كونه من دعاة التضامن الاجتماعي الذي يفرض التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، ويؤسس الذات على "الوجود بالمعيّة" انطلاقاً من معنى العيش مع الآخر لفهم الذات المتكونة. وبالتالي ينتقد الديالكتيك الهيغلي الذي يقوم على السلب والنفي والتضاد الذي أثبتت التطورات بطلانه وطغيانه مؤسساً لمنطق الاختلاف الذي يقوم على الغيرية، والحق في التعدد، ويحرر الفكر من كل نظرة معيارية لوغوقراطية (نصار 2018).
هناك طبعاً آراء مناهضة، وهناك فردانية تعاند براديغم التضامن. ففي مقابلة مع الفيلسوف الفرنسي برونو لاتور نُشرت في "لوموند" في أيار / مايو 2019، أوضح بجلاء أن الناس لم يعودوا يجهلون التغير المناخي، لكنهم لا يشعرون بأنهم ينتمون إلى الأرض التي يعيشون فيها، ولهذا فإنهم ينتقلون بسرعة إلى أماكن أُخرى كاستراتيجيا هروب فردية.
المراجع
بالعربية
بولانيي، كارل (2009). "التحول الكبير: الأصول السياسية والاقتصادية لزمننا المعاصر". ترجمة محمد فاضل طبّاخ. بيروت: المنظمة العربية للترجمة.
الجرباوي، تفيدة (20 / 5 / 2020). "التعليم عن بُعد و'التقارب الاجتماعي' ". "الأيام" (رام الله)، في الرابط الإلكتروني التالي: https://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?id=13e5bb99y333822873Y13e5bb99
حنفي، ساري (شباط / فبراير 2009). "التطهير المكاني: محاولة جديدة لفهم استراتيجيات المشروع الكولونيالي الإسرائيلي". "المستقبل العربي"، العدد 360، ص 76 - 84.
_____. "أزمة اليسار ما بعد - الكولونيالي: نحو مقاربة ما بعد - استبدادية، موقع "الجمهورية" (معارضة سورية)، 15 / 7 / 2016، في الرابط الإلكتروني التالي، http://aljumhuriya.net/35345
السقا، أباهر (2020). "وباء كرونا: بين فشل السياسات الاجتماعية للسلطة الفلسطينية والسياسات الحيوية الاستعمارية الإسرائيلية". ورقة ستُنشر في مؤتمر اليونسكو في تشرين الأول / أكتوبر 2020 في بيروت بعنون: “Inequalities and Social Transformation: Covid 19 Research”.
صلاح، علي (5 / 5 / 2020). "مستقبل العمل: كيف ستتغير الوظائف في عصر ما بعد 'كورونا'؟". "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y6tysvc5
عبد الوهاب، علي. (18 / 5 / 2020). "الحملات والمبادرات الإغاثية في قطاع غزة خلال جائحة كورونا". موقع "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، في الرابط الإلكتروني التالي: https://www.palestine-studies.org/ar/node/1650093
نصار، ناصيف (2003). "باب الحرية: انبثاق الوجود بالفعل". بيروت: دار الطليعة.
_____ (2018). "النور والمعنى: تأملات على ضفاف الأمل". بيروت: دار الطليعة.
بالإنجليزية
Bamyeh, Mohammad A. (2019). Lifeworlds of Islam: The Pragmatics of a Religion. Oxford: Oxford University Press.
Bayat, Asef (2010). Life as politics: How Ordinary People Change the Middle East. Stanford, California: Stanford University Press.
Burris, Gregory (2019). The Palestinian Idea: Film, Media, and the Radical Imagination. Philadelphia, Pennsylvania: Temple University Press.
Pleyers, Geoffrey (2020). The Pandemic is a Battlefield: Social Movements in the COVID-19 Lockdown”. Journal of Civil Society, https://www.tandfonline.com/doi/pdf/10.1080/17448689.2020.1794398?needAccess=true&
Roy, Arundhati (3/4/2020). "The pandemic is a Portal". Financial Times, https://www.ft.com/content/10d8f5e8-74eb-11ea-95fe-fcd274e920ca
Staglin, Garen (17/3/2020). “When Home Becomes The Workplace: Mental Health And Remote Work”. “Forbes”,
Tawil-Souri, Helga (2019). “Dis-formations of Palestine”. In: Culture, Time and Publics in the Arab world: Media, Public Space and Temporality. Edited by Tarik Sabry & Joe F. Khalil. London and New York: Bloomsbury Publishing; I.B. Tauris.
المصادر:
[1] لمعرفة مزيد عن هذه الفترة العصيبة من التجربة الاستعمارية، انظر:
Helga Tawil-Souri, “Dis-Formations of Palestine”, in: Culture, time and Publics in the Arab world: Media, Public Space and Temporality, edited by Tarik Sabry & Joe F. Khalil (London and New York: Bloomsbury Publishing; I.B. Tauris, 2019), pp. 17–42.
وبشأن مفهوم الوقت الفارغ (hollow time) انظر:
Gregory Burris, The Palestinian Idea: Film, Media, and the Radical Imagination (Philadelphia, Pennsylvania: Temple University Press, 2019).
[2] الاستماع إلى كلام سعاد الحكيم، في موقع "يوتيوب"، في الرابط الإلكتروني التالي:
<https://www.youtube.com/watch?v=btWtE5esy0Q>
[3] علي صلاح، "مستقبل العمل: كيف ستتغير الوظائف في عصر ما بعد 'كورونا'؟"، "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" (5 / 5 / 2020)، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y6tysvc5
[4] Garen Staglin, “When Home Becomes The Workplace: Mental Health And Remote Work”, Forbes, 17/3/2020,
[5] “# Deleuze /// Episode 3: What is to be ‘From the Left’ ”, “The Funambulist”, 1996,
https://thefunambulist.net/philosophy/deleuze-what-is-it-to-be-from-the-left
ولمزيد من التحليل بشأن مشكلات بعض اليسار العربي انظر: ساري حنفي، "أزمة اليسار ما بعد -الكولونيالي: نحو مقاربة ما بعد - -استبدادية"، موقع "الجمهورية" (معارضة سورية)، 15 / 7 / 2016، في الرابط الإلكتروني التالي: http://aljumhuriya.net/35345