العمالة الفلسطينية في الداخل في ظل أزمة كوفيد
التاريخ: 
16/04/2020
المؤلف: 

تقول الكاتبة والمؤرخة الأميركية كيمبيرلي فين إن "الأزمات لديها طريقتها في تسريع عجلة التاريخ، حيث تصبح الأمور المستحيلة حقيقة واقعة في لحظات." تُعبر هذه الفكرة إلى حد بعيد عما نشهده فيما يتعلق بالعمالة الفلسطينية في إسرائيل؛ فاليوم في ظل الوباء العالمي، كورونا، أصبحنا نرى جنود الاحتلال وهم يقومون بإحداث ثغرة في الجدار الفاصل لتمكين العمال من دخول إسرائيل، بعد أن كانت دوريات حرس الحدود تلاحق هؤلاء العمال وتنكل بهم يومياً وعلى مدار عقود الاحتلال الطويلة. كذلك، فالأزمات تعيد إلى الواجهة قضايا ونقاشات اجتماعية وسياسية واقتصادية كانت غائبة أو مغيبة.

فلسطينياً، أعاد الوباء والإجراءات الحكومية الهادفة إلى مواجهته إلى الواجهة العديد من القضايا، أهمها كفاءة النظام الصحي، وحصص مختلف القطاعات من الموازنة، وكذلك موضوع العمالة الفلسطينية في إسرائيل. وعلى الرغم من أن النقاش تمحور حول ضمان عدم تسبب العمال في نشر العدوى في فلسطين، فإن السؤال الحقيقي كان عن حقيقة أوضاعهم الاجتماعية-الاقتصادية، بمعنى: ألا يستطيع هؤلاء التوقف عن العمل لفترة قصيرة؟ ألا يتقاضون أجوراً أعلى من أقرانهم في الضفة الغربية مثلاً؟ هل فعلاً يحتاجون إلى دعم خلال الأزمة أسوة ببقية العمال؟ ستحاول هذه الورقة إلقاء الضوء على واقع العمال الفلسطينيين قبيل الأزمة، ومدى تأثرهم بها كمساهمة في إثراء النقاش حول الموضوع.

تفسير موجز لظاهرة العمل الفلسطيني في إسرائيل

تؤكد الباحثة ليلى فرسخ أن عدم قدرة اقتصاد الضفة الغربية وقطاع غزة على استيعاب اليد العاملة المتزايدة هو عامل مركزي في تفسير هجرة العمال إلى إسرائيل. "فقد ازدادت اليد العاملة الفلسطينية في الفترة 1967-1993 بأكثر من الضعف، فيما لم يزدد التشغيل المحلي إلاّ بواقع 33%".[1]  أمّا في الوقت الحالي فتظهر البيانات فجوة قدرها 70% بين معدل نمو القوى العاملة ومعدل نمو التشغيل المحلي خلال الفترة 1995-2019، فبينما نمت اليد العاملة الفلسطينية خلال هذه الفترة بنسبة 170%، نما التشغيل المحلي بمعدل 100%.[2]  ومن الواضح أن العمل الفلسطيني في إسرائيل يساهم في إبقاء معدلات البطالة في الضفة الغربية في مستوى أقل من 20% منذ سنة 2000،[3]  فيما تفاقمت هذه المعدلات في قطاع غزة من 18% سنة 2000 إلى 52% سنة 2018،[4]  إذ كان قرابة 15% من العاملين في قطاع غزة يعملون في الداخل قبل أن تمنعهم إسرائيل مع اندلاع الانتفاضة، ثم كجزء من سياسة الحصار والعزل ضد القطاع.

وشكّل تدفق العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل العنصر الأول في ربط الاقتصاد الفلسطيني بإسرائيل. إذ "أرادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الوصول إلى تهدئة سياسية من خلال إحداث ازدهار ورخاء أساسهما تدفق اليد العاملة إلى إسرائيل لا تدفق رأس المال إلى المناطق المحتلة." لذلك فقد خنقت سلطات الاحتلال القطاعات الإنتاجية والمالية الفلسطينية، وأهملت البنية التحتية، ونهبت الأراضي الزراعية، وسمحت في المقابل للقوى العاملة الفلسطينية بدخول سوق العمل الإسرائيلية.  (Arnon et al. 1997; Samara 1988; Alnaqib 2003)

واقع العمالة الفلسطينية قبيل الأزمة

بلغ عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل والمستوطنات غير الشرعية 133.300 عامل وعاملة حتى نهاية 2019، مقارنة بـ 127.000 خلال سنة 2018، أي ما نسبته 14% من إجمالي العاملين في فلسطين، و19% من إجمالي العاملين في الضفة الغربية. ويعمل 23.000 من هؤلاء العمال في المستوطنات غير الشرعية و110.000 في داخل إسرائيل، ويبلغ متوسط أجرهم اليومي 254 شيكلاً، مرتفعاً بقيمة 11 شيكلاً عن سنة 2018. وبينما يملك 71% من هؤلاء العمال تصاريح عمل، يعمل 21% منهم من دون تصريح، ويضطرون في الغالب إلى المبيت فترات طويلة في الداخل.[5]

وتظهر البيانات ارتفاعاً سنوياً في نسبة العاملين في إسرائيل والمستوطنات إلى إجمالي العمالة الفلسطينية  منذ نهاية انتفاضة الأقصى حتى سنة 2018، إلاّ إنها لا تزال أقل من المستوى الذي سجلته في سنة 2000، أي قبل اندلاع الانتفاضة، بواقع 18.8% سنة 2000 و13.3% سنة 2018 على مستوى الأراضي الفلسطينية، و 21.4 سنة 2000 و18.2% سنة 2018 على مستوى الضفة الغربية.[6]

ويمكن القول أن تغييراً جوهرياً طرأ على تركبية العمالة الفلسطينية قبل نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية وبعده، إذ نجد أن "استخدام العمالة الفلسطينية في إسرائيل خلال الفترة 1967-1993 كان ينمو سنوياً بمعدل 6.3%، فيما كان استخدام العمالة في الاقتصاد المحلي ينمو سنوياً بمعدل 1.8%".[7]  أمّا خلال الفترة 1995-2019 فقد نما استخدام العمالة الفلسطينية في إسرائيل بمعدل 3% سنوياً، فيما نما استخدام العمالة في السوق المحلية بمعدل 5% سنوياً. وبين سنتي 2018 و2019 نما استخدام العمالة الفلسطينية في إسرائيل بنسبة 4.7%، بينما نما استخدام العمالة في السوق المحلية بنسبة 6%[8].

وشكلت تحويلات العاملين في إسرائيل نحو 25%[9]  من إجمالي الأجور التي يحصّلها العاملون الفلسطينيون في القطاعات كافة سنة 2018، أي ضعف حجمهم النسبي من إجمالي العاملين، كما شكلت 14% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. إذ تم تقدير إجمالي تحويلات العاملين خلال سنة 2018 بأكثر من 2 مليار و100 مليون دولار.[10]

تأثير الأزمة في العمال في الداخل والمستوطنات

منذ بداية الأزمة ارتفعت وتيرة الاعتداءات العنصرية على العمال باعتبارهم مصدر تهديد صحي، والمطالبة بعدم السماح لهم بدخول إسرائيل.[11]  وللمفارقة فإن مستوى انتشار المرض في دولة الاحتلال يفوق بأضعاف مستوى انتشاره في الضفة الغربية، أي أن العمال هم من يجب أن يشعروا بالتهديد لأنهم ينتقلون يومياً إلى بؤرة وبائية مثل دولة الاحتلال.

وقد أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية بتاريخ 19/3/2020  آلية تخص العمال الفلسطينيين تضمن من خلالها استمرار عمل القطاعات الحيوية في إسرائيل. "ووضعت هذه الصيغة العمال أمام خيارين أحلاهما مرّ؛ تركِ أعمالهم والبقاء في بيوتهم دون مصدر ثابت للدخل، أو المخاطرة بأنفسهم وصحتهم في ظروف صعبة، بعيداً عن عائلاتهم.". وقررت إسرائيل السماح للعمال من حملة التصاريح، والذين تقل أعمارهم عن خمسين عاماً ويعملون في قطاعات الإنشاءات والزراعة والصناعة بدخول إسرائيل حتى تاريخ أقصاه 22/3/2020 يتم بعدها إغلاق المعابر أمام حركة العمال، شريطة التنسيق المسبق مع صاحب العمل لتأمين أماكن المبيت والشروط الصحية الملائمة.[12]

وفي إثر قيام قوات الاحتلال بإلقاء عامل فلسطيني مريض على حاجز بيت سيرا بتاريخ 25/3، وبعد تنكر الحكومة الإسرائيلية وأرباب العمل لوعودهم بشأن تأمين مبيت ومعيشة العمال بشكل لائق خلال هذه الفترة،[13] طلب رئيس الحكومة د. محمد اشتيه من جميع العمال الموجودين داخل الخط الأخضر العودة إلى منازلهم، والتزام الحجر المنزلي مدة أسبوعين. وقد رافق هذه الدعوة مطالبات شعبية بمنع العمال من التوجه إلى إسرائيل بسبب تفشي الوباء هناك، وخيشة نقلهم الفيروس إلى المناطق الفلسطينية، وتتصاعد هذه المطالبات بعد الإعلان عن كل إصابة جديدة بين العمال العائدين أو مخالطيهم.

وبحسب وزارة العمل الفلسطينية، فإن آلاف العمال عادوا من داخل الخط الأخضر، إذ كان في الداخل قرابة 75.000[14] عامل، ليهبط هذا العدد إلى 45.000 عامل يوم الجمعة 03/4/2020، بحسب تصريحات رئيس الحكومة محمد اشتيه.[15] وعشية عيد الفصح العبري وفرض حظر التجول في إسرائيل مساء الأربعاء 8/4/2020، عاد الآف العمال أيضاً، ليصل عددهم إلى 19.000 فقط بحسب تصريحات اشتيه مساء الاثنين 13/04/2020. إلاّ إن الأرقام الرسمية التي يعلنها  اشتيه تشمل فقط العمال الذين يملكون تصاريح ويتنقلون عبر المعابر، فيما تشير تقديرات غير رسمية إلى أن أعداد العمال في الداخل أكبر من ذلك.

هذا يعني أن أكثر من 60.000 عامل فلسطيني خسروا عملهم في الداخل تلقائياً منذ 22/3 نتيجة إغلاق المعابر وعدم شمولهم ضمن من سُمح لهم بالدخول، أو نتيجة إغلاق المنشآت التي كانوا يعملون فيها، أو لإنهم اختاروا طوعاً عدم الذهاب. كذلك فقد شددت الأجهزة الأمنية الفلسطينية من إجراءاتها بهدف منع تهريب العمال إلى الداخل والمستوطنات، ولا يزال هؤلاء من دون عمل حتى نهاية آذار/ مارس، وسيبقون كذلك حتى منتصف نيسان/أبريل على أقل تقدير.

بالإضافة إلى هؤلاء، فقد عاد قرابة 30.000 عامل ممن سُمح لهم بالدخول والمبيت خلال أواخر آذار، ثم قرابة 30.000 خلال النصف الأول من نيسان، وبهذا يتبقى ما بين 20.000-35.000 عامل ما زالوا يعملون في دولة الاحتلال. ومن الصعب الخروج بتقدير رقمي دقيق لإجمالي الخسائر المباشرة المتمثلة في الأجور الضائعة في ظل تسارع الأحداث وتأثيراتها في حركة العمالة، وبالتالي عدم القدرة على تحديد أيام التعطيل الفعلية وعدد المتعطلين. إلاّ إنه يمكن القول أن ما بين 70-80% من العمال الفلسطينيين في إسرائيل سيخسرون كامل عوائدهم أو جزء منها خلال شهري آذار ونيسان. وعلى فرض أن المشغلين والحكومة الإسرائيليين سيتنكرون لحقوق العمال، وبناء على أعداد العمال ومتوسط أجورهم المذكورة أعلاه، نقدر إجمالي الخسائر في عوائد العمال خلال شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل ما بين 190 مليون دولار و210 مليون دولار.  

وعلى الرغم من أن معدل الأجر اليومي للعمال الفلسطينيين في إسرائيل يبلغ ضعف معدل الأجر لنظرائهم ممن يعملون في الضفة الغربية، وأكثر من ثلاثة أضعاف أجر العمال في قطاع غزة، وهو ما يجعلهم في وضع مادي أفضل نسبياً من أقرانهم الذين يعملون في الاقتصاد المحلي، فإن هذا لا يعني أنهم لن يتأثروا بالأزمة أسوة ببقية العمال وأصحاب المشاريع الصغيرة. كما أن معدل أجرهم المرتفع يخفي الكثير عن حقيقة أوضاعهم المادية والمعيشية. فمعدل أجرهم يتفاوت من قطاع إلى آخر، إذ يتقاضى العاملون في قطاع الزراعة والبالغ عددهم 20.000 عامل وعاملة 139.9 شيكلاً فقط، بينما بلغ متوسط الأجر اليومي للعامل في الضفة الغربية 111 شيكلاً سنة 2019. ويتعرض العمال الذين لا يملكون تصاريح للاستغلال، ويتلقون أجورا ً أقل من أولئك الذين يحملون التصاريح. أمّا هؤلاء "المحظوظون" الذين يملكون التصاريح فهم عرضة لاستغلال آخر من سلطات الاحتلال وسماسرة التصاريح، فهم يضطرون إلى دفع مبالغ مالية كبيرة بصورة دورية لضمان استمرار التصريح.

بالإضافة إلى هذا كله، فإن هؤلاء العمال هم أصلاً قادمون من فئات سكانية بحاجة إلى الدعم والمساندة، وهم في معظمهم إمّا يسكنون في القرى والتجمعات المهددة بالتوسع الاستيطاني، وممن فقدوا أراضيهم الزراعية ومصادر دخلهم الأُخرى، وإمّا من مخيمات اللاجئين المكدسة بالبطالة والمنهكة بالفقر.

وعلى الرغم من حالة عدم اليقين فيما يتعلق بعودة العمال الفلسطينيين إلى أعمالهم في الداخل، فإنه يمكن القول إننا أمام سيناريوهين:

  • السيناريو الأول:

بداية نهاية الوباء والسيطرة عليه في فلسطين ودولة الاحتلال خلال النصف الثاني من شهر نيسان/أبريل، وهو ما يعني  رفع الإغلاق بعد عطلة عيد الفصح العبري وبداية عودة النشاط الاقتصادي بالتدريج. وفي حال تحقق هذا السيناريو، فمن المتوقع أن تسمح سلطات الاحتلال للعمال الفلسطينيين بالعودة إلى العمل بالتدريج، وبما يتلاءم مع حاجاتها الأمنية والصحية والاقتصادية. وهذا الأمر سيكون له أثر إيجابي في مساعدة الاقتصاد الفلسطيني على التعافي أيضاً من آثار الأزمة، لكن في المقابل، سيكون له أثر سلبي على المدى البعيد من ناحية إدامة الاعتماد على سوق العمل الإسرائيلية.

وحتى في حال تحقق هذا السيناريو، فإنه وبحسب مركز مدار للدراسات الإسرائيلية، يُستدل من تقرير لبنك إسرائيل المركزي وتقارير اقتصادية، منها تقارير صادرة عن مكتب الإحصاء الحكومي، أن الاقتصاد الإسرائيلي سيشهد هذا العام انكماشاً غير مسبوق منذ عشرات السنين، بنسبة 5.3%. وتؤكد هذه التقارير أن الاقتصاد الإسرائيلي سيحتاج إلى عدة سنوات ليتجاوز خسائر فيروس كورونا، كما تؤكد أنه بعد عيد الفصح العبري الذي ينتهي الأسبوع المقبل، واحتمال عودة النشاط الاقتصادي بالت، فإن كثيراً من الشركات والمصالح مرشحة لإغلاق أبوابها، الأمر الذي يعني فصل عشرات آلاف العاملين، لتتضاعف نسبة البطالة الرسمية أكثر فأكثر.[16]

وعلى الرغم من أنه من المبكر توقع كيف ستؤثر الأزمة في ديناميات العلاقات الاقتصادية، فإن هذه المؤشرات تؤكد أن الآف العمال سيخسرون أعمالهم على الأقل في المدى المتوسط (حتى نهاية العام)، وخصوصاً أنه من المحتمل أن تواجه العمالة الفلسطينية مزاحمة من مواطني دولة الاحتلال الذين تأثروا بالأزمة وفقدوا أعمالهم.

  • السيناريو الثاني: تواصل تفشي الوباء في دولة الاحتلال

في حالة استمرار تفشي الوباء في دولة الاحتلال، وبغض النظر عن الوضع الفلسطيني، فإن الحياة في إسرائيل ستتعرض لحالة من الشلل التام، إذ من المتوقع أن يتم فرض الإغلاق الكلي، وبالتالي تعطل الحياة الاقتصادية. وفي حال حدوث ذلك، فمن المتوقع عودة المزيد من العمال من الداخل، كما لن تتمكن الأغلبية العظمى  من العمال الفلسطينيين من العودة إلى أماكن عملها في الداخل خلال كامل فترة الربع الثاني من العام الحالي (نيسان/أبريل-أيار/مايو_تموز/يوليو) على الأقل. وهذا الأمر سيكون له تبعات صعبة جداً على قدرة هؤلاء العمال على توفير مستلزمات الحياة اليومية، وبالتالي سيصبحون في أمس الحاجة إلى المساندة، مادياً ومعنوياً.

التدابير السياساتية والتوصيات

في حال استمرار هذه الأزمة وانقطاع العمال عن أعمالهم، فإن على الحكومة الفلسطينية والنقابات والمؤسسات الحقوقية والإغاثية الالتفات إلى أوضاع هؤلاء العمال وتقديم الدعم اللازم لهم، وعدم الاكتفاء بتعليمات الحجر المنزلي، وعدم تركهم تحت رحمة المبادرات الإغاثية في حال استمرت الأوضاع في التفاقم. وعلى ما يبدو فإن الحكومة تراهن على امتلاك هؤلاء العمال لعمق مادي يمكنهم من تجاوز الأزمةـ، أو على الأقل الصمود لشهر أو شهرين دون الحاجة إلى دعم.

ويمكن للحكومة والمؤسسات الفلسطينية التحرك على محورين بشكل عاجل:

المحور الأول يتمثل في الضغط على الحكومة الإسرائيلية وأرباب العمل الإسرائيليين، سياسياً وقانونياً، بالاستناد إلى الاتفاقيات الدولية التي تنظم وتصون حقوق العمالة المهاجرة في الدول المضيفة. ودراسة اللجوء إلى المحاكم الإسرائيلية لإجبار الحكومة والمشغلين الإسرائيليين على الوفاء بالتزاماتهم التي ينص عليها القانون الإسرائيلي بهذا الشأن، إمّا بشملهم في برامج إعانات البطالة، وإمّا دفع مستحقاتهم المالية.

المحور الثاني هو تقديم دعم مادي ومعنوي ممكن للعمال في هذه الفترة، والخطوة الأولى في هذا المجال يجب أن تكون حمايتهم ومحاولة توفير جميع سبل الرعاية الصحية لمن يحتاج إليها. أمّا بالنسبة إلى الدعم المادي، ففي حال طالت الأزمة إلى ما بعد منتصف نيسان، فإنه يصبح من الضروري والحتمي، إيجاد آليات دعم رسمي وشعبي للعمال، ويجب على الحكومة العمل على توفير 200-250 مليون دولار لتقديم مساعدات عاجلة للعمال خلال الربع الثاني من العام الحالي، إمّا من خلال تأسيس صندوق خاص لدعم العمال، وإمّا تسجيل المحتاجين منهم وتمكينهم من الاستفادة من برنامج وزارة التنمية الاجتماعية الذي تم إعلانه. وفي سبيل تمويل هذا الصندوق أو توفير هذا المبلغ، يمكن للحكومة دراسة خيارات مثل، اقتطاع جزء من أرباح صندوق الاستثمار الفلسطيني، أو خصم رمزي من رواتب موظفيها.

أمّا على المدى البعيد، فإنه آن الآون لوضع استراتيجيا بعيدة المدى لتخفيف الاعتماد على سوق العمل الإسرائيلية كأحد أهم شروط ومتطلبات نجاح مساعي الحكومة للانفكاك، أو تخفيف الاعتماد على الاقتصاد الإسرائيلي.

 

[1]ليلى فرسخ، "العمالة الفلسطينية في إسرائيل ومشروع الدولة الفلسطينية 1967-2007" (رام الله: مؤسسة مواطن، 2010).

[2] حسابات الباحث بناء على النتائج الأولية لمسح القوى العاملة 2019، ومسح القوى العاملة 1999. http://www.pcbs.gov.ps/portals/_pcbs/PressRelease/Press_En_13-2-2020-LF2019-en.pdf

http://www.pcbs.gov.ps/Downloads/book604.pdf

[3]  باستثناء السنوات الأربعة الأولى من الانتفاضة 2001-2005.

[4] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مسح القوى العاملة 2018، جدول 17 وجدول 41.

[5] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، النتائج الأولية لمسح القوى العاملة 2019.

[6] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مسح القوى العاملة 2018، جدول 41.

[7] فضل النقيب، "واقع ومستقل العلاقات الاقتصادية الفلسطينية- الإسرائيلية" (رام الله: معهد أبحاث الدراسات الاقتصادية الفلسطيني، "ماس"، 2003).

[8] حسابات الباحث بناء على مسح القوى العاملة 1999، الجدول 17، والنتائج الأولية لمسح القوى العاملة 2019.

[9] حسابات الباحث بناء على نتائج مسح القوى العاملة 2018. حيث تم احتساب إجمالي الأجور المحصلة في القطاعين العام والخاص الفلسطيني والعمال في إسرائيل.

[10]  بلغ متوسط الأجر اليومي للعاملين في إسرائيل سنة 2018، 245.1 شيكلاً، ومعدل أيام العمل الشهرية 19.7. ومتوسط سعر صرف الدولار 3.50.

[11] https://bit.ly/2VaAzjh

[12]  ظهرت تصريحات إعلامية خلال الأزمة تفيد بوجود تنسيق مشترك بين الحكومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال لمواجهة الفيروس. وتماشياً مع القرار الإسرائيلي المذكور أمهلت الحكومة الفلسطينية العمال 3 أيام لترتيب أمورهم والمبيت في الداخل المحتل.

[13]  قدرت مصادر إسرائيلية أن 11.000 عامل فقط تم تأمين مبيتهم في أوضاع لائقة معظمهم في منطقة المثلث، بينما تُرك الآخرون للنوم في الورشات أو في أوضاع تفتقر إلى مقومات السلامة.

[14]  http://www.alquds.com/articles/1585169562172570100/

[15]  تجدر الإشارة إلى أن هذه هي الأعداد الرسمية والتي غالباً ما تشير إلى العمال الذين يمكلون تصاريح ويتنقلون من خلال المعابر.

[16] https://bit.ly/2wCFeAO

عن المؤلف: 

عصمت قزمار: باحث في السياسات الاقتصادية.