نشوء حركة المقاطعة من خلال مرآة إسرائيلية
نبذة مختصرة: 

تناقش هذه المقالة تأسيس حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS)، كتجربة مهمة في وقت كان الواقع الفلسطيني يختبر حالة من التشتت، كما تتناول منطلقات تلك الحركة، والمفاهيم التي نشأت عليها، والنقاشات بين الناشطين الفلسطينيين التي ظهرت بشأن مشاركة يهود إسرائيليين في نضالاتها.

النص الكامل: 

مسار البومِرَنغ

نشأت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، والتي تُعرف اختصاراً بالأحرف الثلاثة الأولى من اسمها الإنجليزي "BDS"، من مسارات جغرافية متنوعة.1 وقد تبلورت الحركة رسمياً في مؤتمرها الأول في سنة 2007 عندما أقرّت التوصيات المتعلقة بكل مسار، مع ما تحمله هذه المسارات من أسئلة ومناقشات. ومن جانبي أرى أن خيارات الناشطين الأساسيين بشأن كيفية التعامل مع اليهود الإسرائيليين هي، جزئياً، نتيجة افتراضاتهم التي تستند إلى مسار البومِرَنغ (تيمناً بأداة ترتد إلى نقطة رميها). ويشير نموذج البومِرَنغ إلى تحرك ناشطين بما يتخطى الحدود الوطنية مثلما أوضحت الكاتبتان مارغريت كيك وكاثرين سيكينك (من دون أن تعنيا بذلك فلسطين على وجه التحديد) في إشارتهما إلى جهود الفاعلين الوطنيين (وهم في حالتنا هذه فلسطينيون) في المجتمع المدني لبناء رابط مع جهات غربية فاعلة غير حكومية تتخطى الحدود الوطنية (وهي في هذه الحالة، مختلف الجمعيات المتضامنة مع فلسطين في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية)، من أجل حثّ دولها و / أو المنظمات الدولية على ممارسة ضغوط خارجية على دولة قمعية (هي في هذه الحالة إسرائيل).2 لقد اختارت حركة المقاطعة إيلاء مسار البومِرَنغ الأولوية، الأمر الذي حجب أهمية النضال الداخلي في المجتمعَين الفلسطيني والإسرائيلي، وبالتالي، أدى إلى إضعاف تصور خوض نضال مشترك.

لقد تشكلت حركة المقاطعة منذ نشأتها من خلال مسارات متنوعة، بما في ذلك مسار جنوب أفريقيا، الذي ورثت منه حركة المقاطعة إحدى استراتيجياتها الخطابية الأساسية، من خلال تشبيه ما يحدث في فلسطين بالأبارتهايد أو الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وكان منتدى المجتمع المدني في دوربان في سنة 2001 (في موازاة مؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية) علامة بارزة في العملية الأطول لإنشاء حركة المقاطعة، إذ دعا نحو 3000 منظمة في المنتدى إلى إنشاء حركة عالمية لمقاطعة إسرائيل، على غرار ما كانت عليه الحال في الصراع ضد النظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا.3

غير أن تشبيه نضال حركة المقاطعة بالنضال الذي خاضه الجنوب أفريقيون لم يدعُ إليه ناشطون فلسطينيون فحسب، بل دعا إليه أيضاً أكاديميون وناشطون إسرائيليون يهود أيضاً وبطرق فاعلة، وخصوصاً خلال الفترة التكوينية لحركة المقاطعة. فعلى سبيل المثال، في أيلول / سبتمبر 2000، وقبيل اندلاع الانتفاضة الثانية، نظّم ناشطون إسرائيليون مؤتمراً في واحة السلام / نيفيه شالوم (وهو تجمّع يهودي فلسطيني مشترك داخل حدود 1948) أعلنوا فيه "حملة ضد الفصل العنصري الناشىء"،4 وشارك آخرون أيضاً في مؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية في دوربان في جنوب أفريقيا في سنة 2001. وكان بينهم الأكاديمي والناشط أوري ديفيس الذي أعاد نشر كتابه "إسرائيل: دولة الفصل العنصري" في جنوب أفريقيا (نُشر أول مرة في سنة 1987)، وقد روّج لتلك الفكرة في محاضرات وجولات في ذلك البلد (جنوب أفريقيا)، كما روّج ناشطون إسرائيليون آخرون لمصطلح الفصل العنصري من خلال مختلف التحالفات والحركات.

ركز "ائتلاف قوس قزح الديمقراطي" لليهود الشرقيين، ومنظمة "أَخُتي" بالعبرية ("أُخْتي" بالعربية) وهي منظمة نسوية في إسرائيل، على "نظام الفصل العنصري الإسرائيلي اليهودي" بين اليهود الشرقيين (أولئك الذين أتوا من الدول الإسلامية والعالم العربي) والأشكيناز.5 وأدت تظاهرتهم خلال المؤتمر السنوي لجمعية الأنثروبولوجيا الإسرائيلية إلى تأسيس تحالف ضد الفصل العنصري بين علماء الأنثروبولوجيا الإسرائيليين في سنة 2002، الأمر الذي شجع على إجراء نقاشات استمرت أعواماً، وتناولت العنصرية ضد اليهود ذوي الأصول الشرقية والأكاديميين الفلسطينيين. واليوم، يشير أفراد إسرائيليون بارزون وكذلك عدد من الجمعيات والمنظمات الإسرائيلية إلى الكفاح ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بصفته نموذجاً يُحتذى أو مصدر إلهام، و / أو تصف إسرائيل بأنها دولة عنصرية. وتتراوح مواقف هذه المنظمات من حركة المقاطعة، وكذلك مواقفها السياسية العامة، بين الليبرالية اليسارية الصهيونية الناقدة، وغير الصهيونية والمعادية للصهيونية، وهذه المنظمات تشمل: ائتلاف النساء من أجل السلام؛ نيو بروفايل؛ تعايش؛ محسوم ووتش (مجموعة نسائية إسرائيلية لمراقبة نقاط الحواجز)؛ بات شالوم (مرة واحدة على الأقل في سنة 2017 في إشارة إلى احتلال 1967)، وهي تكتّل إسرائيلي – فلسطيني من أجل السلام العادل؛ ائتلاف قوس قزح الديمقراطي؛ الحزب الشيوعي الإسرائيلي؛ الحركة الإسرائيلية ضد هدم البيوت؛ نساء بالأسود؛ لاسلطويون ضد الجدار؛ زوخروت (ذاكرات)؛ مركز المعلومات البديلة؛ مقاطعة من الداخل؛ هيتشبروت (ترابط)؛ مَن يربح (who profits)؛ أكاديميون من أجل المساواة. وبعض هذه المنظمات إسرائيلي - فلسطيني مشترك؛ غير أن هذه القائمة لا تشمل المنظمات والأحزاب التي يقودها حصرياً مواطنون فلسطينيون في إسرائيل.

كان مسار جنوب أفريقيا مهماً لحركة BDS من الناحيتين العملية والرمزية. ويشير محمود ممداني، وهو يناصر حركة المقاطعة، إلى أنه خلال الكفاح ضد التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، ناضل الناشطون "البيض" إلى جانب زملائهم الناشطين "السود"، كما أن نلسون مانديلا تحدث نيابة عن الجميع (بمَن فيهم "السود" و"الملونون" و"البيض" وغيرهم). وقد أثار ممداني مسألة مشاركة إسرائيليين في حركة المقاطعة، وذلك في أثناء حوار مع أحد قادة حركة المقاطعة.6

لم يناقش ممداني على نحو خاص بعض الاختلافات المهمة بين المجتمع المدني في جنوب أفريقيا وإسرائيل، وهي قضية تناولتها آمنة بدران التي خلصت، في مقارنتها لحركات الاحتجاج في البلدين، إلى أن "مجموعات الاحتجاج" في جنوب أفريقيا (سواء الليبرالية أو اليسارية) عرّفت عن نفسها في أطر مناهضة للفصل العنصري، في حين أن جماعات الاحتجاج الإسرائيلية - باستثناء تلك المناهضة للصهيونية - كانت غامضة في التعريف عن نفسها كفئة من "مجموعات السلام"، ولم تتحدَّ الصهيونية والمفاهيم السائدة بشأن "الأمن". ومع ذلك، تبدو بدران محافظة في تقديرها، إذ إنها قدّرت عدد اليهود الإسرائيليين المعادين للصهيونية بما بين 100 إلى 200 شخص فقط، وعرّفت منظمات محددة مثل الحركة الإسرائيلية ضد هدم البيوت، وائتلاف النساء الإسرائيليات من أجل السلام، و"تعايش"، بأنها جمعيات "صهيونية يسارية ناقدة" ومعارضة لحركة المقاطعة. وتسمية هذه الجمعيات بـ "الصهيونية" يبدو غير دقيق، على الأقل في حالة "تعايش"، فمع مرور الوقت باتت هذه المجموعات الثلاث كلها تدعم حركة المقاطعة بشكل مباشر أو غير مباشر. ومن المهم أن نأخذ في الاعتبار الإمكانات التحولية للجماعات الناشطة، وهو ما تعترف به بدران نفسها.7

إن مسألة مشاركة الإسرائيليين في حركات المقاطعة لا تتعلق بمسار جنوب أفريقيا فقط، بل بمسارات أُخرى أيضاً. فداخل فلسطين، كان مركز المعلومات البديلة، وهو من المراكز الإسرائيلية - الفلسطينية، جزءاً من مبادرة الدفاع عن الأراضي الفلسطينية ومرتفعات الجولان السورية المحتلة (OPGAI)، والتي تعاونت مع تحالفات أُخرى لإصدار إعلان المقاطعة في سنة 2005. 8 كما أن هذا المركز أدى دوراً مهماً في التوسط لدفع مجموعات التضامن الأوروبية المترددة إلى تبنّي معايير حركة المقاطعة، وهو ما تحقق في بلباو (في إقليم الباسك ذي الحكم الذاتي في إسبانيا) في سنة 2008. 9

وخارج مسار جنوب أفريقيا، شارك المعارضون اليهود الإسرائيليون باستمرار في ممارسة الضغوط من أجل اتخاذ قرارات دولية بمقاطعة إسرائيل على مستوى أوروبا وأميركا الشمالية.10 فعلى سبيل المثال، في المملكة المتحدة، أدى أكاديميون يهود إسرائيليون مثل إيلان بابِهْ دوراً فاعلاً في الترويج للمقاطعة ضد إسرائيل من سنة 2002 إلى سنة 2005، عندما أيد أول اتحاد أكاديمي في دول الشمال العالمي (Global North) (ممثلاً في جمعية الأساتذة الجامعيين في المملكة المتحدة) قرار مقاطعة الجامعات الإسرائيلية.11 وكان بابِهْ نفسه قد غادر إسرائيل بعد أن خضع للرقابة، بل إنه تعرّض حتى للتهديد بالقتل في مجتمع يتحول بصورة متزايدة نحو اليمين.

وعلى الرغم من مشاركة هؤلاء اليهود الإسرائيليين الواضحة، فإن الناشطين الأساسيين في حركة المقاطعة تبنّوا وجهات نظر متباينة تجاه أولئك اليهود الإسرائيليين المنشقين الذين يغردون خارج سربهم (مثل أولئك المعادين للصهيونية، أو المناصرين للحقوق الفلسطينية الأساسية بما فيها حق العودة).

ففي بعض الأحيان، اعتبر هؤلاء الناشطون اليهودَ المنشقين حلفاء، وهو أمر واضح في نداء BDS نفسه الذي ورد فيه: "نتوجه أيضاً إلى أصحاب الضمائر في المجتمع الإسرائيلي لدعم هذا النداء من أجل تحقيق العدالة والسلام الحقيقي."12 وقد أكد عمر البرغوثي، أحد المشاركين في تأسيس الحركة، هذه المسألة في كتابه عنها الحركة.13

لكن في أوقات أُخرى، تصرّف الناشطون بحذر إزاء اليهود الإسرائيليين المخالفين للرأي السائد في مجتمعهم، والذين وقفوا في صف الفلسطينيين. فعلى سبيل المثال، عندما أقرّ مركز المعلومات البديلة مقاطعة معظم الجامعات الإسرائيلية باعتبارها متواطئة مع الاحتلال و / أو مع السياسات العنصرية، رأى أن بعض المؤسسات الأصغر (ولا سيما جامعة إسرائيل المفتوحة) ليس كذلك، وتساءل إن كان من الحكمة مقاطعته.14 ورداً على ذلك، وبشكل غير مباشر، قالت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل إنه ليس من شأن الإسرائيليين أن يقرروا حدود المقاطعة ويرسموا ملامحها.15

ومن أجل فهم الرد الأخير الصادر عن حركة المقاطعة ومؤيديها، من المهم أن ندرك الأولوية التي أعطتها تلك الحركة لمسار البومِرَنغ. ومع ذلك، فإن الجذور الفعلية للحركة تتحدى افتراضات ذلك المسار، إذ إن المسارات الجنوب أفريقية والفلسطينية والعربية والبرازيلية والشمالية، كانت كلها مهمة لتشكيل الحركة.

لقد وُلد التنظير لمسار البومِرَنغ المقترح في سنة 1998، جزئياً كاستجابة لواقع دولي متغير، مع نهاية الحرب الباردة والشعور بانتصار الولايات المتحدة. لقد قيل على نحو متزايد إن أي جهة فاعلة وطنية في الجنوب العالمي تسعى لتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، يجب أن تعطي الأولوية لهذا الطريق من خلال تدخّل القوى الغربية. ومنذ احتلال العراق في سنة 2003، عندما برزت قوى عراقية ثانوية تطالب بتدخّل أميركي وغربي في العراق، وصل الأمر إلى حد ظهور مجموعة معارضة كبرى في سورية (المجلس الوطني السوري) طلبت تدخلاً مماثلاً في سورية لإسقاط الحكم المستبد. لقد حدث أنه حتى في حالة الاستعمار الاستيطاني كما في فلسطين، سعت منظمة التحرير الفلسطينية، وهي منظمة سبق أن وصفتها الولايات المتحدة بأنها "إرهابية"، لسلوك مسار البومِرَنغ عبر الولايات المتحدة لنحو ثلاثة عقود.

وفي الواقع، كان للجهات الفاعلة في الجنوب العالمي دور حيوي حتى في ضمان تبنّي حركة مقاطعة إسرائيل من طرف حركات التضامن الأوروبية الرئيسية، وفي بعض الحالات بمساعدة يهود إسرائيليين منشقين وموافقين على المطالب الأساسية لحملة المقاطعة الداعية إلى المساواة في إسرائيل وإنهاء الاحتلال وحق اللاجئين في العودة. وعلى الرغم من الدور البارز والقوي للعناصر الفاعلة من الجنوب العالمي في النضال الفلسطيني، فإن ناشطين أساسيين في حركة المقاطعة من الذين دفعوا في اتجاه تشكيل مجموعة المقاطعة، أعطوا أولوية كبيرة لمسار البومِرَنغ عبر الشمال العالمي، وخصوصاً خلال العقد الأول بعد إعلان حركة المقاطعة في سنة 2005، علماً بأن حالياً ثمة توجهاً إلى جهات أُخرى من العالم. إن مسار البومِرَنغ واضح في نداء حركة المقاطعة في سنة 2005 الذي ناشد "منظمات المجتمع المدني في العالم وكل أصحاب الضمائر الحية بفرض مقاطعة واسعة لإسرائيل"، وفي الواقع استغرق الأمر عشرة أعوام أُخرى كي تطلق الحركة موقعها الإلكتروني باللغة العربية.

إن بعض الجهات الفاعلة في حركة المقاطعة تسمي بوضوح مسار "البومِرَنغ" على أنه السبيل المفضل.16 فعلى سبيل المثال، كتب عمر البرغوثي عن إعطاء الأولوية لنشاط المجتمع المدني في الغرب: "مع أن الغرب، نظراً إلى قوته السياسية والاقتصادية الهائلة، وكذلك دوره الحاسم في إدامة الهيمنة الاستعمارية لإسرائيل، يظل ساحة المعركة الرئيسية لهذه المقاومة اللاعنفية [مبادرات حركة المقاطعة]، إلّا إنه يجب عدم تجاهل سائر العالم." 17

تظل "قواعد اللعبة" هذه الشبيهة بالبومِرَنغ هي المهيمنة. وقد اشتُهر بيار بورديو لتشبيهه الجهات الفاعلة في الحقل الميداني بلاعبين يمتلكون "حس اللعب" بفضل معارفهم وحدسهم ومهاراتهم. فهم وبكل شغف يبتكرون ويخططون استراتيجياً ويتنافسون ويكافحون داخل الملعب فيزدادون قوة وحذاقة، لكنهم في الوقت نفسه، مقيدون "بقواعد اللعبة" التي تفرضها بنية مهيمنة معينة ضمن حقل معين وتراتبيات هرمية، بينما هم يحاولون إحداث تغييرات لمصلحتهم. فإذا حدث وتجاهل اللاعبون قواعد اللعبة تماماً، فإنهم يخاطرون بأن يجدوا أنفسهم خارج الملعب تماماً.18 لقد راهنت السلطة الفلسطينية على مسار البومِرَنغ طوال ثلاثة عقود شهدت على الدوام صعوداً وهبوطاً، باتباع مسار التفاوض بوساطة أميركية، واعتقدت (السلطة) أن الولايات المتحدة ستضغط على إسرائيل للتنازل عن القضايا المتعلقة بالمستعمرات والقدس، ولإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

احتضنت حركة المقاطعة مسار البومِرَنغ هذا، على الرغم من أنها قاومت بعض نواحيه المتمادية في تراتبيتها، من خلال إنشاء الحركة روابط على مستوى القاعدة الشعبية في الدول الغربية، وتوسيع نطاق مطالبها من إنهاء احتلال 1967 إلى التطرق إلى طبيعة إسرائيل ككل. ومع ذلك، فإن الافتراض بالتعويل على ديناميكية الضغط الدولي أساساً المتضمِّنة في مسار البومِرَنغ يمثل إشكالية من عدة جوانب، ولا سيما عند تطبيقها على سياق استعماري مثل إسرائيل - فلسطين.

اعترفت كيك وسيكينك بمحدودية تطبيق نموذجهما في الحالات التي يكون فيها للدول الغربية تحالفات استراتيجية مع مَن يتعرضون للضغوط، الأمر الذي استدعى التطرق بشكل صريح إلى قضية العلاقات الأميركية - الإسرائيلية كواحد من الأمثلة التي قدماها.19 إن التشريعات الحديثة المتعلقة بمكافحة المقاطعة في الولايات المتحدة، وكذلك اعتراف الولايات المتحدة الرسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل، يجعلان هذا الأمر واضحاً للغاية.

لا تنطبق المقارنة مع جنوب أفريقيا على شروط التحالفات والنضال المشترك داخل الحركة المناهضة للفصل العنصري، كما ذُكر أعلاه، بل أيضاً على شروط السجل التاريخي. فمثلما يوضح كلوتز، نشأت الضغوط الدولية ضد نظام الفصل العنصري في النصف الجنوبي من الكوكب (في الأمم المتحدة منذ الستينيات)، ولم تنتقل إلى شمال العالم إلّا لاحقاً (منذ منتصف الثمانينيات)،20 على الرغم من نشاط مناهضة الفصل العنصري في الشمال منذ أوائل ستينيات القرن الماضي. بعبارة أُخرى، إن تطبيق مسار البومِرَنغ الذي تحدثت عنه كيك وسيكينك على حالة جنوب أفريقيا هو جزئي في أحسن الأحوال.

خلافاً للحالة الفلسطينية، جاءت الدعوة إلى المقاطعة الدولية في جنوب أفريقيا من هيئة سياسية رائدة لديها مشروع سياسي واضح، وتأثير كبير في المقاومة الداخلية في تلك الدولة. وفي المقابل، حتى لو لم تتّبع حركة مقاطعة إسرائيل نموذج البومِرَنغ بشكل حصري، فإنها أعطته الأولوية بشكل واضح كقاعدة عامة. والجدير بالذكر أنها لم تركز على النضال في فلسطين كعنصر فاعل في مقاطعة البضائع الإسرائيلية داخل فلسطين نفسها، على الرغم من وجود محاولات مستمرة تتجاوز المقاطعة الناجحة أكاديمياً وفي مجال المنظمات غير الحكومية. ونظراً إلى أن حركة المقاطعة اتبعت إلى حد كبير مسار البومِرَنغ، فإنها لم تمنح الأولوية للطريق الفلسطيني ولا للطريق الإسرائيلي، وإنما ركزت جهودها على الغرب آملة بأن تؤتي ممارسة الضغط الدولي ثمارها في الضغط على إسرائيل من الخارج. وهنا يتوقع أن يساعد اليهود الإسرائيليون المتضامنون مع حركة المقاطعة عن طريق توثيق حالات تجدر مقاطعتها، وحثّ الهيئات الدولية على مقاطعة المؤسسات الإسرائيلية.

هذا الأمر يختلف عن نشاط المقاومة المشتركة في إسرائيل / فلسطين، مثل التجمعات الأسبوعية الإسرائيلية - الفلسطينية المشتركة في قرى محاذية للجدار العنصري الفاصل، حيث يعكس الشريط الوثائقي "خمس كاميرات محطمة" الذي أخرجه الفلسطيني عماد برناط والإسرائيلي غي دافيدي، حالة من النضال المشترك،21 أو التظاهرة الجماهيرية الأخيرة في تل أبيب ضد قانون الجنسية الإسرائيلية اليهودية الجديد. وفي الوقت نفسه، يحتفي ناشطو حركة المقاطعة، من خلال منشورات متعددة باللغة الإنجليزية، بمشاركة اليهود الإسرائيليين المتضامنين معهم، فيحثّون الفنانين الغربيين على مقاطعة المهرجانات التي تمولها السفارة الإسرائيلية، أو رفض الدعوات إلى المشاركة في عروض أو أداء عروض في إسرائيل.22

ويبدو أن مسار البومِرَنغ حظي بالأفضلية كذلك لدى كثيرين من الإسرائيليين اليهود المنشقين، إذ عبّر البعض عن يأسهم من احتمال تحوّل إسرائيل الداخلي نحو إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، وسط تحوّل سياسي عام يتجه يميناً، وبالتالي سعوا لممارسة الضغط على إسرائيل من الخارج. وهذه الأصوات المنشقة تشجع في كثير من الأحيان الفلسطينيين على أن يحذوا حذوها. وغالباً ما ينبثق هؤلاء المعارضون الإسرائيليون من الأوساط ذات رأس المال الثقافي العالي، وهم، في معظمهم، من الطبقة الوسطى والأشكيناز من ذوي التعليم العالي، مع أن هذا لم يكن هو الحال دائماً، مثلما يوحي لنا تحالف قوس قزح المزراحي الديمقراطي، وكذلك بعض الناشطين داخل منظمات مثل "ترابط".23 وهذا المنبت الاجتماعي ينطبق إلى حد كبير على مجموعات الاحتجاج الرئيسية في إسرائيل (من خارج دائرة المنشقين الذين يجري نقاشهم في هذا البحث).24

ومثلما تشير هذه الأمثلة، فإن حركة BDS تتوقع أن يساعد المنشقون اليهود الإسرائيليون في تعزيز تأثير البومِرَنغ من خلال تبنّي المقاطعة وتعزيزها في الشمال العالمي، بينما تتناقص الفرص لخوض أشكال المقاومة المشتركة مع الفلسطينيين في الداخل. وهذا لا يعني التقليل من أهمية هذا التحالف بين حركة المقاطعة والإسرائيليين المنشقين من خلال العمل التوثيقي والمناصرة على المستوى الدولي، لكن تجري الإشارة هنا إلى محدوديته.

انقسام الهابِتس

من أجل تكوين فهم أعمق للتباين في وجهات النظر بين الجهات الفاعلة في حركة مقاطعة إسرائيل بشأن العلاقات مع المنشقين اليهود الإسرائيليين، يمكن الانتقال إلى مفهوم عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو عن "انقسام الهابِتس" [Habitus]. فقد جادل ماك آدم بأن السير الذاتية السابقة للناشطين مهمة من أجل فهم نشاطهم الحالي.25

ولربط مثل هذه العادات بالبنى (أو الحقول)، يقترح بورديو مفهوم "الهابِتس" على أنه "نظام متين من الاستعدادات القابلة للتبدل، والذي عبر دمج تجارب الماضي، يعمل في كل لحظة كأنه معادلة من التصورات والاستحواذات والأفعال، ويجعل من الممكن تحقيق مهمات متنوعة بلا حدود" [التشديد في الأصل]. 26والهابِتس بدوره مدرج في حقول تمثّل الجانب البنيوي، فعلى سبيل المثال، فإن الفاعلين الفلسطينيين الذين شاركوا في مقاطعة إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية كان لديهم عادة المشاركة في حملات المقاطعة السابقة (ورأس المال الثقافي لناشطين مخضرمين).

تجسد جامعة بيرزيت الهابِتس المنقسم الذي يميز العلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية. فمن ناحية، نرى قمع الاحتلال الإسرائيلي الجامعات الفلسطينية بوحشية، وتعرّضه للطلاب وأعضاء هيئة التدريس في بيرزيت وغيرها من الجامعات الفلسطينية بالسجن والتعذيب والقتل، ومداهمة جيشه وقصفه بصورة منظمة الأحرام الجامعية والمدارس، وكيف أن إسرائيل خلال الانتفاضة الأولى، أغلقت الجامعات الفلسطينية لأعوام بموجب أوامر عسكرية تعسفية.27

لقد استجاب الأكاديميون الفلسطينيون لنداء عدم التعاون مع الجامعات الإسرائيلية، وقد أعقب هذه المقاطعة في منتصف التسعينيات قرار من جامعة بيرزيت بمنع دخول الإسرائيليين الحرم الجامعي. هذه المقاطعة الفردية كانت جزءاً من هابِتس بعض الفاعلين في حركة المقاطعة، وفعلاً خلال الانتفاضة الأولى، مارس الاحتلال الإسرائيلي ضغوطاً على الإسرائيليين الذين كانوا مستعدين للتوجه إلى الضفة الغربية وقطاع غزة تضامناً مع الفلسطينيين، غير أن هذا الانتقال أصبح مستحيلاً تقريباً (وفي معظم الحالات مخالفاً للقانون) مع بناء جدار الفصل.

ومن ناحية أُخرى، نشأ هابِتس المقاومة المشتركة الطويلة المدى، وإن كان ذلك على نطاق أكثر تواضعاً. فعلى سبيل المثال، كان أكاديميون وناشطون إسرائيليون قد شكلوا لجنة إسرائيلية تضامنية مع جامعة بيرزيت في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته.28

إن الجدل الدائر بشأن مشاركة عميرة هاس، وهي صحافية إسرائيلية بارزة تغطي أخبار الأراضي المحتلة لصحيفة "هآرتس"، في مؤتمر عُقد في سنة 2014 في جامعة بيرزيت، يوضح التوتر بين هابِتس المقاطعة الفردية ضد الإسرائيليين، وهابِتس المقاومة المشتركة مع الإسرائيليين اليهود المتضامنين مع الفلسطينيين. فقد طلب الأكاديميون الفلسطينيون في الجامعة من هاس مغادرة المؤتمر المنعقد تحت عنوان "بدائل للتنمية الليبرالية الجديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة - وجهات نظر نقدية"، وصيغ الطلب على أنه "حرصاً على سلامتها"، نظراً إلى أن بيرزيت استمرت على مدى عقدين تحظر دخول اليهود الإسرائيليين إلى الحرم الجامعي، ولكونها رسمياً مراسلة لصحيفة "هآرتس"،29 فغادرت هاس المؤتمر.

بعد ذلك، ناقش أكاديميو جامعة بيرزيت مدى صوابية الطلب من هاس كمواطنة للدولة المحتلة مغادرة المؤتمر نظراً إلى مواقفها المعروفة ضد الاحتلال (وكانت تقيم حينها في رام الله). وقد اقترح أحد أساتذة الجامعة المشاركين في منتدى جامعة بيرزيت على الإنترنت أنه ربما يمكن أن يحافظ المنظمون على علاقاتهم مع هاس وغيرها من اليهود الإسرائيليين المنشقين لأسباب سياسية براغماتية، فكتب:

أرى أن لجان التضامن الإسرائيلية المختلفة، مع الجامعات الفلسطينية وغير الجامعات، والتي كان لها حضور واضح في الماضي قد اندثرت ولم يعد لها أثر يُذكر، إمّا بفعل التحول المطرد نحو اليمين بين الإسرائيليين اليهود، والذي ما فتىء يزداد تطرفاً، أو بفعل وهم "مسار السلام" بعد أوسلو، أو أسباب أُخرى. وما هو هذا الاحتلال "المؤقت" الذي دام سبعة وأربعين عاماً وعاصرته ثلاثة أجيال من الفلسطينيين؟ ومَن هو الإسرائيلي الذي يعرفه الجيل الحالي من طلبة الجامعات؟ إنه الجندي على الحواجز الذي يهين ويهدر الكرامات ويأمر بخلع الثياب، أو الجندي الذي يأتي في غارة للاعتقال أو هدم البيوت أو قتل "المطلوبين"، أو المستوطنون قاطعو أشجار الزيتون، قاطعو شجرة الحياة لكل مزارع في كل قرية، وفي حماية جيش إسرائيل. أين هو الإسرائيلي اليهودي المتضامن والمناضل سوياً؟ لا حاجة للاستطراد. إنه الغضب المكبوت على ظروف الحياة، هذا الغضب الموجّه نحونا أيضاً الآن: إلى المستكينين إلى الوضع الراهن والأمر الواقع و"مسار السلام" والقلة المستفيدة منه. أو هكذا يمكن أن يُفهم بيان الكتل الطلابية وتصريحات بعض ممثليها القطعية في وسائل الإعلام.

أقول هذا من منطلق تفسير ما حصل وليس ضرورة من منطلق التبرير، أي نقاش الشرعية السياسية، أو الشرعية العملية والنفعية، لما هو أنسب من موقف.30

وجادل مشاركون آخرون بأن الحاجة إلى إنهاء كل جانب من جوانب الاحتلال تغلبت على أي مزايا سياسية يمكن أن تُكتسب بفضل حضور هاس المؤتمر. فرأت وداد البرغوثي خلال المنتدى أنه حتى الإسرائيلي الذي ينتقد الاحتلال بشدة مثلما تفعل هاس، ويعيش في رام الله، يبقى إسرائيلياً وبالتالي محتلاً، وأن من الأفضل لها أن تغادر البلد إلى الأبد مع أولئك الذين سرقوا أراضيهم ومنازلهم. واقترحت البرغوثي أن تسير هاس على خطى المحامية الإسرائيلية لحقوق الإنسان فيليتسيا لانغر التي اختارت مغادرة إسرائيل، قائلة إن لانغر "التي دافعت عن مئات الأسرى الفلسطينيين، ومن بينهم أبي وزوجي وأنا، والتي ألّفت عدداً من الكتب التي تمثل تجربتها ودورها ومواقفها، اقتنعت أن العيش في مجتمع القتلة مستحيل، فهم أيضاً حاربوها ورموا القمامة والحجارة عليها وعلى عائلتها وبيتها كما تذكر في أحد كتبها."31

من الواضح أن الردّين يؤكدان العلاقات التي نُسجت في الماضي مع اليهود الإسرائيليين المتضامنين مع الفلسطينيين. ومع ذلك، ولا سيما في أثناء الانتفاضة الثانية، تعايش هذا الهابِتس من النضال المشترك مع هابِتس المقاطعة الفردية، لكن مع ميل متزايد نحو إنهاء العلاقات حتى مع الإسرائيليين المنشقين، وفي كثير من الحالات تنحى هابِتس المقاومة المشتركة ليفتح الطريق لهابِتس المقاطعة الفردية.

وفي المقابل، دخل بعض الكتّاب الفلسطينيين المعترك لمصلحة عميرة هاس، ووقّع عشرات المثقفين والأكاديميين والناشطين الفلسطينيين (وعدد قليل من العرب) عريضة يدافعون فيها عنها بعنوان: "لا للتعصب والانغلاق، نعم للنضال المشترك"،32 بادرت إلى نشرها في الإنترنت باحثة الأنثروبولوجيا هنيدة غانم، وهي فلسطينية من مواطني إسرائيل. ورأت العريضة أن أولئك الذين طردوا هاس من جامعة بيرزيت لم يمثلوا سوى مجموعة صغيرة، وليس الجامعة كلها.

ودافعت إدارة جامعة بيرزيت بدورها عن هاس في بيان علني، كما نُشرت مقالتان أُخريان كتبهما أعضاء من هيئة التدريس في بيرزيت، في مدونة الجامعة نفسها دفاعاً عن هاس. وأشار ضرار عليان الذي كتب إحدى المقالتين إلى أن ممارسة طرد مواطنين إسرائيليين طُبقت من قبل على مواطنين فلسطينيين من إسرائيل مثل محمد ميعاري الذي شارك في تأسيس حركات قومية عربية ويسارية، وعضو كنيست سابق، الذي زار جامعة النجاح في سنة 1986، علماً بأنه أيد علانية منظمة التحرير الفلسطينية في وقت كانت إسرائيل لا تزال تعدّها "منظمة إرهابية".

وتطرّق عليان أيضاً إلى التاريخ النضالي للإسرائيليين تضامناً مع الفلسطينيين، مضيفاً أن هاس وقفت دائماً في صف الشعب الفلسطيني المحتل، وكتبت مراراً وتكراراً دفاعاً عن جامعة بيرزيت ضد القمع الإسرائيلي، وبالتالي، فإنها تستحق التقدير والاحترام وليس الطرد. وأوضح أنه "لا أحد مع اللقاء مع مَن يدعم المؤسسات الإسرائيلية، ولكن يجب أن يتم اقتحام المجتمع الصهيوني بتشجيع الأصوات الحرة من أمثال عميرة هاس وإيلان بابِهْ وكل المناصرين للحق الفلسطيني، حتى نُظهر لإسرائيل أننا شعب نميز بين مَن هو معنا ومَن هو ضدنا، ونحترم ونكافىء ونحتضن مَن يساندنا من كل الجنسيات والشعوب من أمثال عميرة وغيرها." 33

وكتب العضو الآخر في هيئة التدريس عادل الزاغة: "ينبغي أن تكون حرية التفكير والتعبير في الجامعة مضمونة ومصانة للجميع فيها لأنه بدون ذلك ستكون الجامعة ورسالتها فارغة وبائسة." ولاحظ أن طرد هاس لم يكن الحادث الوحيد. فعلى الرغم من الموافقة على أنه ينبغي للفلسطينيين "التمييز (بين مَن هو معنا ومَن هو ضدنا كشعب فلسطيني)"، اقترح أنه يجب إعطاء مساحة حتى للإسرائيليين الذين لديهم آراء معارضة من أجل الاستماع إلى آرائهم ومناقشتها، مشيراً إلى اعتقال الاستخبارات الإسرائيلية الأستاذ في الجامعة تيسير العاروري ووضعه في الاعتقال الإداري أعواماً طويلة لمجرد الاعتقاد بأنه يحمل أفكاراً معينة. وقال إن إسرائيليين تضامنوا مع العاروري، مشدداً على أن الفلسطينيين الذين يقاومون الفصل العنصري الإسرائيلي يجب ألّا يمارسوه.34

أخيراً، اتخذ الكفاح الفلسطيني من أجل التحرير شكل الكفاح الوطني بالنسبة إلى الفلسطينيين من أجل التحرر وسط محاولات لإنكار وجود الهوية الفلسطينية ذاتها. وبخلاف النضال في جنوب أفريقيا، فإن المحرك الرئيسي هنا هو التحرر الوطني بدلاً من الحصول على حقوق متساوية للجميع.

لم يمثل التحالف مع اليهود الإسرائيليين المنشقين بعداً بارزاً في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الكولونيالي، عدا استثناءات بسيطة.35 وطبعاً، كان الأفارقة الجنوبيون السود يحملون هويتهم السوداء، لكن كجزء من إطار التحرر من أجل المساواة. أمّا في الحالة الفلسطينية، فقد ظهرت نداءات تدعو إلى المساواة - مثل الدورة الثامنة للمجلس الوطني الفلسطيني لسنة 1971، الذي دعا إلى قيام دولة ديمقراطية علمانية لجميع مواطنيها المتساوين، أو إلى التنسيق بين الفصائل الفلسطينية مع المنشقين اليهود الإسرائيليين مثل ماتسبن.

علاوة على ذلك، قام الفلسطينيون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية بوضع كثير من كفاحهم في إطار المساواة، ونشط هؤلاء الفلسطينيون في تشكيل حركة المقاطعة من خلال مشاركة اتحاد الجمعيات الأهلية العربية (اتجاه).36

وفي الواقع، فإن نداء حركة المقاطعة يُذكّر بشعار منظمة التحرير الفلسطينية لسنة 1971 الذي دعا إلى المساواة في إسرائيل، وقد برز ذلك في نداء أحد مؤسسي حركة المقاطعة الداعي إلى المساواة في إسرائيل. ومع ذلك، لم تقترن هذه الدعوات بالبحث المستمر عن حلفاء إسرائيليين بصفتهم إخوة في النضال على مستوى صنع القرار، فهؤلاء الإسرائيليون يؤدون أدواراً هامشية ليس إلّا في ثقافة التحرير الفلسطينية، ويُتوقع منهم متابعة الكفاح من أجل أرض فلسطين.

وقال اثنان من قادة حركة المقاطعة في سنة 2005، قبل ثلاثة أشهر فقط من إصدار نداء الحركة، في رد واضح على دعوة إلى المشاركة الإسرائيلية في حركة المقاطعة: "على الإسرائيليين الذين يعارضون الاحتلال، القيام بذلك على أسس أخلاقية، فوق أي شيء آخر، وألّا يُملوا أجندة النضال. فهذا الكفاح يظل للفلسطينيين ومؤيديهم - بمَن فيهم الإسرائيليون أصحاب الضمائر الحية - بقيادة الفلسطينيين ضد سياسات إسرائيل العنصرية والاستعمارية. لقد حان الوقت للاعتراف بهذه الحقيقة الحكيمة."37

باختصار، يُظهر الفلسطينيون المشاركون في حركة المقاطعة مدى "انقسام الهابِتس" في آرائهم بشأن التعاون مع المنشقين اليهود الإسرائيليين. ومثلما يقول ديدييه بيغو، اعتماداً على أبحاث تتعلق بالدبلوماسيين الأوروبيين، فإن هؤلاء الدبلوماسيين يعيشون "هابِتس منقسما" بين العالمين الوطني والأوروبي.38 فبعض الفلسطينيين الذين تعاونوا في وقت سابق مع الإسرائيليين، أصبح يُبدي تحفظاً إزاء هذا التعاون، الأمر الذي أدى إلى تضارب ملحوظ في إمكان هذا التعاون وفائدته. وليس أدل على ذلك من أن التعبير عن تأييد التعاون مع المنشقين اليهود الإسرائيليين يحدث عادة باللغة الإنجليزية بدلاً من العربية.

إن إرشادات المقاطعة التي تقيِّد التعاون مع المنشقين اليهود الإسرائيليين، هي أكثر صرامة عند التوجه إلى الفلسطينيين (في الضفة الغربية وقطاع غزة) وغيرهم من العرب، مقارنة بالناشطين الدوليين.39 وفيما يتعلق بالاختلافات بين توجيهات المقاطعة الأكاديمية والثقافية العربية والإنجليزية، فإن الإرشادات العربية توصي بأنه ينبغي للعرب عدم الحصول على تأشيرة إسرائيلية لزيارة فلسطين، وعدم التقاء منشقين إسرائيليين، بغضّ النظر عمّن يكونون. وإذا تلقت مؤسسة ثقافية إسرائيلية تمويلاً إسرائيلياً رسمياً، فهذا سبب كافٍ لمقاطعتها ثقافياً (مرة أُخرى، مثلما هو موضح في الإرشادات العربية). لكن، في المبادىء التوجيهية باللغة الإنجليزية، والمخصصة للحلفاء الدوليين، فإن التمويل الإسرائيلي الرسمي لمؤسسة ثقافية لا يصبح سبباً للمقاطعة إلّا إذا كان مذيلاً بـ "شروط سياسية".40 ويؤدي "الهابِتس المنقسم" أيضاً إلى اتخاذ مواقف متعددة، من جانب الشخص نفسه في بعض الأحيان.

التمايز في العلاقات

إن الذين يحددون المدى ويرسمون أهداف المقاطعة يمارسون نوعاً من السلطة على المجموعات المتنوعة المشاركة في الحركة، وتفصيلات المقاطعة تساعد في تحديد المجموعات التي تشارك فيها.

بصورة عامة، جاءت المجموعة الأساسية التي شكلت حركة المقاطعة من المجتمع المدني الفلسطيني. وعلى العموم، لم يكن الناشطون الأساسيون أعضاء في منظمات غير حكومية كبيرة مثل المنظمة الفلسطينية للإغاثة الزراعية (مع أنها انضمت في النهاية)، وإنما أرادوا من حركة المقاطعة أن تشبه نوعاً من الحركة الاجتماعية، على الرغم من ارتباطها الضعيف بالاحتجاج الشعبي في فلسطين.

إن المجموعة الأساسية التي شكلت نواة حركة المقاطعة تميل عامة إلى اليسار، غير أنها بقيت بعيدة عن أي أحزاب أو نقابات سياسية يسارية محددة، وعملت على امتلاك رأس مال أكاديمي وثقافي عالٍ، لكن روابطها الشعبية أقل مقارنة بالمنظمات التي شكلت العمود الفقري للانتفاضة الأولى.

ومن الشبكات الفاعلة الأساسية التي دفعت إلى إصدار نداء المقاطعة في سنة 2005: الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل؛ حملة أوقفوا الجدار؛ مبادرة الدفاع عن الأراضي المحتلة (بما في ذلك منظمة "بديل")؛ "اتجاه". بعد ذلك انضمت شبكة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية (PNGO)، التي تشبه المنظمات غير الحكومية الكبيرة، إلى الجهود المبذولة لإطلاق نداء المقاطعة.41

الدعوة إلى المقاطعة سمحت لهذه المجموعة المتنوعة بتأكيد قوتها في المشهد المعقد للمقاومة الفلسطينية، فهذه الدعوة كانت جزءاً من النضال المستمر في المجتمع الفلسطيني، لكنها بمرور الوقت أصبحت مرتبطة بمجموعة معينة من الناشطين.

لقد أصبح المجتمع المدني الفلسطيني قوة ناشئة تتنافس مع نخب أُخرى (مثل البرجوازية الصاعدة والتكنوقراط بعد موت عرفات).42 وأدى عدم الرضا عن عملية أوسلو للسلام التي أعقبتها الانتفاضة الثانية إلى تصعيد المنافسة، من ناحية، وخلق شعور ذاتي بضرورة الوحدة وسط تجزئة متزايدة، من ناحية أُخرى. ونجحت المجموعة التي شكلت حركة المقاطعة في قيادة تشكيل ائتلاف واسع لإطلاق دعوة المقاطعة في سنة 2005.

وحتى قبل نداء سنة 2005، انتشرت خلال الانتفاضة الثانية، حملات المقاطعة على نطاق واسع، وحصلت على دعم مختلف الفصائل السياسية والصناعيين والمنظمات غير الحكومية والسلطة الفلسطينية والنقابات العمالية وكثيرين غيرها، باستثناء أولئك الذين كانت مواقعهم تتطلب التعامل تجارياً مع إسرائيل.43 وبينما بلغت جهود المقاطعة أقصى مستوى لها في فلسطين خلال العامين الأولين من الانتفاضة الثانية، أصبحت مقاطعة إسرائيل أكثر بروزاً خارج فلسطين ممّا كانت عليه قبلاً. وهذا البروز في الخارج عزز أكثر قدرة تلك المجموعات الفلسطينية المرتبطة أصلاً بجهات فاعلة خارج فلسطين.

بصورة عامة، تمايز عمل المجموعة الأساسية التي شكلت حركة المقاطعة في فلسطين من عدة نواح. فبخلاف الفصائل السياسية الرئيسية مثل "حماس" و"التنظيم" في حركة "فتح" سابقاً، تمسكت حركة المقاطعة بالمقاومة السلمية، وأعلن ممثلوها أنهم جزء من "المقاومة الشعبية" مع التمايز من أساط المقاومة الشعبية الموجودة بالفعل. وتقول مجموعة حركة المقاطعة إن لديها إطاراً شاملاً فريداً ضد الاستعمار.44 في ذلك الوقت (وحتى يومنا هذا)، كانت أوساط المقاومة الشعبية الأكثر نشاطاً في فلسطين موجودة في عدة قرى محاذية للجدار الفاصل وتناضل بشكل مشترك ووثيق مع اليهود الإسرائيليين المنشقين الذين كانوا يشاركون في الاحتجاجات الأسبوعية ضد جدار الفصل، من دون أن يواجَهوا بشروط صارمة، كمشاركتهم الأسبوعية في احتجاجات قرية النبي صالح.

وعلى الرغم من تمايز المقاومة الشعبية، فإن ناشطيها، في معظمهم، يدعمون حركة المقاطعة ويشكلون جزءاً من لجنتها الوطنية، حتى إذا لم يتمكن كثيرون من الانخراط مع الحركة على مستوى أعمق، نظراً إلى الاختلافات التي تتعلق بالتمايزات الاجتماعية والثقافية.45 ومع أن المجموعة الأساسية التي دفعت في اتجاه إنشاء حركة المقاطعة هي أقل نشاطاً على الأرض، إلّا إنها تحتفظ بدور قيادي معتبرة أن لديها فهماً أعمق للمقاطعة. وبينما تتمتع أوساط المقاومة الشعبية بحضور أكثر نشاطاً على الأرض، فإن خطابها عن المقاطعة، بصورة عامة، هو أقل جموداً.

كانت المجموعة الأساسية من ناشطي حركة المقاطعة قد رفضت أيضاً مشاريع التعاون الدولية "من شعب إلى شعب" بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويقول الباحث أندرو ريغبي أنه خلال التسعينيات "كان هناك نحو 500 مشروع مشترك بين أكثر من 100 منظمة، وميزانية إجمالية تتراوح ما بين 20 إلى 30 مليون دولار."46

وفي أعقاب تراجع اتفاق أوسلو، أصبحت منظمات غير حكومية فلسطينية ترفض إلى حد كبير التعامل بصراحة مع الإسرائيليين. وقد أوضحت دراسة استقصائية للمنظمات غير الحكومية الفلسطينية، بما في ذلك شبكة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، بشأن مسألة التطبيع مع إسرائيل، أن مسألة الحوار مع النظراء الإسرائيليين حظيت بقبول متوسط (مع تزايد الانتقادات خلال الانتفاضة الثانية)، وأن السلطة الفلسطينية شجعت هذا النوع من الحوار.47

وعلى النقيض من ذلك، فإن المجموعة الأساسية من حركة المقاطعة ترى أن تعزيز المقاطعة هو الصفة التي تميزها. فقد قاومت الضغوط الدولية للدخول في مفاوضات وتعاون مع الإسرائيليين في مجالات تتراوح من الأمن إلى المجتمع المدني، كما خاطبت مجموعات متخطية الحدود الوطنية، وربما فعلت ذلك أكثر ممّا فعلت إزاء جمهورها الفلسطيني، ودعتها إلى رفض التعاون مع الجماعات الصهيونية الإسرائيلية.

وقاوم بعض مجموعات التضامن الأوروبية الرئيسية مع فلسطين مطلب المجموعة الأساسية في حركة المقاطعة للتوقف عن التعاون مع حركات السلام الإسرائيلية مثل "بيتسيلم" و"السلام الآن" خلال التسعينيات وفي بداية الانتفاضة الثانية.48 وظلت هذه المجموعات حذرة أيضاً من تحرك حركة المقاطعة، ليس في مواجهة احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة فحسب، بل مواجهة المشروع الاستعماري الإسرائيلي بأكمله.

لقد هدفت العناصر الفاعلة في حركة المقاطعة إلى جعل نفسها الحَكَم بمَن تلتقي مجموعات التضامن العالمية ومع مَن تتعاون، الأمر الذي شكّل جزءاً من التمييز العلائقي مع الجهات الفاعلة الخارجية في الغرب.

يسعى ناشطو حركة المقاطعة الأساسيون الذين ينشطون في الأوساط الخارجية، لتحديد هوية وطنية فلسطينية تدعم توجهات أكثر تشدداً في العلاقات حتى مع المنشقين اليهود الإسرائيليين. وعلى الرغم من أهمية ما يقدمونه، فإنهم أيضاً يبتعدون عن الفصيل السياسي الفلسطيني المهيمن ("فتح") وغيره من الحركات الفلسطينية التي سعت، على الأقل منذ الثمانينيات، لبناء علاقات مع المنشقين اليهود الإسرائيليين، أو حتى مع الأوساط اليسارية الصهيونية.

خلاصة

بخلاف ما يقال عن أن المنشقين اليهود الإسرائيليين هم بالكاد موجودون أو ليس لهم أي تأثير، جادلت هذه المقالة بأن مشاركة هؤلاء الإسرائيليين مهمة، لا بل ساهمت في تشكيل حركة BDS.

لكن مع التركيز على مسار البومِرَنغ، مال ناشطو المقاطعة إلى التقليل من تأثير النضال المشترك في المجتمعات الفلسطينية والإسرائيلية.

وحركة المقاطعة هي عبارة عن ائتلاف يضم مجموعات متنوعة أظهر بعضها في الماضي هابِتس النضال المشترك مع الإسرائيليين اليهود المنشقين، سعياً لتعزيز العلاقات معهم. وقد واصلت قيادة حركة المقاطعة تأكيد هذا النوع من التعاون، لكن في سياق أوسع، بحيث إن مجموعة واسعة من الجمعيات الفلسطينية والعربية أظهرت، وبشكل متزايد، هابِتس المقاطعة الفردية، ورفضها الفعلي للشراكة مع الإسرائيليين اليهود المنشقين. وفي الوقت نفسه، شهد المجتمع الإسرائيلي تحولاً إلى اليمين، وغرق في الهابِتس الخاص به للمقاطعة الفردية.

وظهرت حركة المقاطعة في وقت حرج في الكفاح الفلسطيني، في نهاية الانتفاضة الثانية المتضعضعة، وبعد الفراغ القيادي الذي خلّفه وفاة ياسر عرفات، وتمكنت من تشكيل ائتلاف فلسطيني واسع وسط حالة من التفتت، مضفية عليه الطابع المؤسساتي في إطار حركة.

لقد شددت حركة المقاطعة على حقوق جميع الفلسطينيين، متجاوزة التركيز الحصري السابق على المناطق المحتلة منذ سنة 1967، وأعادت تنشيط النضال من أجل الحقوق الفلسطينية بعد أوسلو، وعادت إلى استراتيجيا عزل إسرائيل من خلال المقاطعة، وتماهت مع تجربة جنوب أفريقيا التحريرية الناجحة، بما لها من تأثير رمزي هائل.

علاوة على ذلك، قدمت حركة المقاطعة تجربة إنسانية أُخرى ربطت الناس من مختلف المناطق، وقامت بدمج قيم عالمية بالقيم المحلية. والأهم من ذلك أن الطريق إلى هذه الحركة شارك فيه يهود إسرائيليون منذ البداية، ومع ذلك، أصدرت الحركة ردوداً متناقضة بشأن كيفية التعامل مع مؤيديها اليهود الإسرائيليين، مثل أي منظمة لديها تناقضاتها الخاصة. إنها تعتبر اليهود الإسرائيليين المنشقين حلفاء وتنسق معهم، وفي الوقت نفسه تميل إلى التعميم ضد المؤسسات، وفي بعض الأحيان، حتى ضد الإسرائيليين المنشقين أنفسهم.

لا أحد يعرف ما يخبئه المستقبل - ما إذا كان اليهود الإسرائيليون المنشقون سيؤثرون في شريحة مهمة من المجتمع الإسرائيلي يوماً ما، وكم سيحدث من تغيير ربما يمثل مفاجأة إيجابية (أو صفعة لنا)، لكن من الواضح أن الصراع من أجل التحرير سيستمر في إسرائيل / فلسطين لعقود مقبلة.

وفضلاً عن تحليل دوافع الناشطين الفلسطينيين الفاعلين إلى اتخاذ خيارات معينة، بصرف النظر عن الدور الذي أدّاه الإسرائيليون فعلاً في تشجيع المقاطعة، وعن الاحتمالات المستقبلية، فإنه يجب أيضاً مراعاة البُعد الشخصي الإنساني.

من الصعب بالنسبة إلى أولئك الإسرائيليين الذين يقفون مع قيمهم الإنسانية تضامناً مع التحرر الفلسطيني، والذين يرغبون في مستقبل مختلف لكل من اليهود والفلسطينيين، والذين رفضهم المجتمع الإسرائيلي السائد واتهمهم بالخيانة أو هددهم بالقتل أو السجن، أن يجدوا في النهاية أن الفلسطينيين أيضاً يقاطعونهم.

هناك أمثلة حية لمثل هذه الحوادث التي تعرضت لها عميرة هاس وإيلان بابِهْ، وتورطت فيها أطراف في الدوائر القريبة من حركة المقاطعة، لكن ليس بالضرورة من طرف الحركة نفسها. وقد واجه المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل، مثل النائبَين في الكنيست أيمن عودة ومحمد بركة، ردة فعل عنيفة أيضاً، على الرغم من دعمهما القوي للمطالب الثلاثة في صلب نداء المقاطعة، أي حق العودة وإنهاء الاحتلال والمساواة في إسرائيل.49

 

المصادر

1 -Conference Steering Committee, “The Campaign for the Boycott of Israel Will Re-Vitalize Popular Resistance and Restore Dignity to the Palestinian People”, “The Palestinian Campaign for the Academic and Cultural Boycott of Israel (PACBI)”, 22 November 2007, www.pacbi.org/etemplate.php?id=635

2 -Margaret Keck and Kathryn Sikkink, Activists Beyond Borders: Advocacy Networks in International Politics (Ithaca, New York: Cornell University Press, 1998).

3 - “World Conference Against Racism: NGO Forum Declaration”, “International Progress Organization”, 3 September 2001, www.i-p-o.org/racism-ngo-decl.htm

4 - Ian Urbina, “The Analogy to Apartheid”, “Middle East Research and Information Project (MERIP)”, no. 233 (Summer 2002), www.merip.org/mer/mer223/analogy-apartheid

5 - Smadar Lavie, “Revisiting Israeli Anthropology and American Anthropology: Our 'Special Relations' # Palestine”, “Allegra Lab”, 27 October 2015,

 https://allegralaboratory.net/revisiting-israeli-anthropology-and-american-anthropology-our-special-relations-palestine/ 

6 -Mahmoud Mamdani, “The South African Moment”, Journal of Palestine Studies, vol. XLV, no. 1 (Autumn 2015), pp. 63–68.

7 - Amneh Badran, Zionist Israel and Apartheid South Africa: Civil Society and Peace Building, in Ethnic-National States (London: Routledge, 2010), p. 123.

8 - قال سيرجيو ياهني خلال مقابلة أجراها معه الباحث في بروكسل / بلجيكا، في 19 تشرين الثاني / نوفمر 2014، إن مركز المعلومات البديلة كان ينسق بصورة وثيقة مع "بديل" ومنظمات غير حكومية أُخرى، لتشكيل شبكة مبادرة الدفاع عن الأراضي الفلسطينية ومرتفعات الجولان السورية المحتلة، وليكون فاعلاً في مقاطعة إسرائيل، ولا سيما في المنتديات الاجتماعية العالمية التي تُعقد سنوياً.

9 - “The Bilbao Initiative: Networks and Alliances in Solidarity with Palestine”, “Middle East Without Wars and Oppressions (MEWANDO)”, no. 2 (October 2008), www.nodo50.org/csca/agenda08/palestina/pdf/mewando02eng.pdf

10 - Rachel Giora, “Milestones in the History of the Israeli BDS Movement: A Brief Chronology”, “Boycott” (Blog), 18 January 2010, http://boycottisrael.info/content/milestones-history-israeli-bds-movement-brief-chronology

11 -Tamara Traubman, “British Lecturers Boycott Bar-Ilan and Haifa Universities”, Haaretz, 25 April 2005, https://www.haaretz.com/1.4851891

12 - “BDS Movement”, “Palestinian Civil Society Call for BDS” 9 July 2005,

bdsmovement.net/call

13 - Omar Barghouti and Lisa Taraki, “Academic Boycott and the Israeli Left”, “The Electronic Intifada”, 5 April  2005,

https://electronicintifada.net/content/academic-boycott-and-israeli-left/5550

14     -Uri Yacobi Keller, “Academic Boycott of Israel and the Complicity of Israeli Academic Institutions in Occupation of Palestinian Territories”, “Economy of the Occupation: A Socioeconomic Bulletin”, no. 23-24 (October 2009),

www.shirhever.com/wp-content/uploads/2018/01/Bulleting-23-24-Academic-Boycott.pdf

15 - Palestinian Campaign for the Academic and Cultural Boycott of Israel, “PACBI: All Israeli Academic Institutions Complicit in Apartheid”, “The Electronic Intifada”, 12 February 2010,

https://electronicintifada.net/content/pacbi-all-israeli-academic-institutions-complicit-apartheid/1027

16– Rafeef Ziadah and Adam Hanieh, “Collectivist Approaches to Activist Knowledge: Experiences of the New Anti-Apartheid Movement in Toronto”, in: Learning from the Ground Up: Global Perspectives on Social Movements and Knowledge Production, edited by Aziz Choudry and Dip Kapoor (New York: Palgrave Macmillan, 2010), pp. 85–100.

17 – Omar Barghouti, BDS Boycott, Divestment, Sanctions: The Global Struggle for Palestinian Rights (Chicago: Haymarket Books, 2011).

18 - Nick Crossley, Making Sense of Social Movements (Buckingham, UK: Open University Press, 2002).

19.-Keck and Sikkink, op.cit, p. 117.

20 - Audie Klotz, Norms in International Relations: The Struggle Against Apartheid (New York: Cornell University Press, 1995), p. 5.

21 – Asa Winstanely, “Is Oscar-Nominated 5 Broken Cameras an Israeli or a Palestinian Film?” “The Electronic Intifada”, 11 January 2013,

https://electronicintifada.net/blogs/asa-winstanley/oscar-nominated-5-broken-cameras-israeli-or-palestinian-film

22 - انظر على سبيل المثال:

Omar Barghouti, “Radiohead is Art-Washing Israeli Apartheid”, Al Jazeera, 31 July 2017,

https://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2017/07/radiohead-art-washing-israeli-apartheid-170730113743323.html

23 - Sami Shalom Chetrit, Intra-Jewish Conflict in Israel: White Jews, Black Jews (London: Routledge, 2010), p. 223.

24 - Badran, op. cit.

25 – Crossley, op.cit.; Doug McAdam, “The Biographical Consequences of Activism”, American Sociological Review, vol. 54, no. 5 (October 1989), pp. 744–760, http://irasilver.org/wp-content/uploads/2011/08/Reading-Biographical-consequences-of-activism-McAdam.pdf

26 - Pierre Bourdieu, Outline of a Theory of Practice (Cambridge: Cambridge University Press, 1977), pp. 82-83.

27 - Gabi Baramki, Peaceful Resistance: Building a Palestinian University Under Occupation (New York: Pluto Press, 2010).

28 - Ibid.

29 - Amira Hass, “When a 'Haaretz' Journalist Was Asked to Leave a Palestinian University”, Haaretz, 28 September 2014,

https://www.haaretz.com/.premium-i-was-asked-to-leave-a-palestinian-uni-1.5308179

30 - جورج جقمان، "الموضوع الغائب في قضية إخراج عميرة هاس"، "مدونات جامعة بيرزيت"، 9 تشرين الأول / أكتوبر 2014، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y9xmncqv

31 - وداد البرغوثي، "عميرة هاس ممّن يحتلون بيتنا"، "مدونات جامعة بيرزيت"، 8 تشرين الأول / أكتوبر 2014، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y7cfu6to

32 - عريضة "الأكاديميون/ات المثقفون/ت والنشطاء: الوقوف ضد طرد عميرة هس من جامعة بيرزيت"، 30 أيلول 2014، "موقع آفاز"، في الرابط الإلكتروني التالي:

https://secure.avaaz.org/ar/community_petitions/lkdymywnt_lmthqfwnt_wlnshT_lwqwf_Dd_Trd_myrh_hs_mn_jm_byr_zyt/

33 - ضرار عليّان، "عميرة هاس وجامعة بيرزيت"، "مدونة جامعة بيرزيت"، 8 تشرين الأول / أكتوبر 2014، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y6u3rhcs

34 - عادل الزاغة، "حلم وقضية"، "مدونات جامعة بيرزيت"، 8 تشرين الأول / أكتوبر 2014، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y6trqxpk

35 - Ran Greenstein, Zionism and Its Discontents: A Century of Radical Dissent in Israeli/Palestine (London: Pluto Press, 2014).

36 - Noura Erakat, “BDS in the USA, 2001–2010”, in: The Case for Sanctions Against Israel, edited by Andrea Lim (London: Verso, 2012), pp. 85–97.

37 - Barghouti, “Academic Boycott and the Israeli Left”, op.cit.

والتشديد مضاف من طرف الكاتب.

38 - Didier Bigo, “Pierre Bourdieu and International Relations: Power of Practices, Practices of Power”, International Political Sociology, vol. 5, no. 3 (September 2011), pp. 225–258, https://academic.oup.com/ips/article-abstract/5/3/225/1824487?redirected....

39 - فضلاً عن ذلك، وفي مقابلة مع الباحث في فلسطين عبر السكايب في 4 كانون الأول / ديسمبر 2014، لاحظت سامية البطمة من الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، أن التوجيهات التي تخص العرب سقفها أعلى.

40 - الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، "اختلاف متطلبات المقاطعة في كل من الوطن العربي والعالم: موقف الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل"، 1 حزيران / يونيو 2008، في الرابط الإلكتروني التالي:  http://www.pacbi.org/atemplate.php?id=46

41 - تستند هذه المعلومة إلى مقابلة أجراها الباحث في بروكسل، في 19 تشرين الثاني / نوفمر مع إنغريد جرادات.

42 - جميل هلال، "إضاءة على مأزق النخبة" (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2013)، ص 3 (نقلاً عن مقالة عبد الناصر النجار)، "النخبة الفلسطينية: تحولات بطيئة ولكنها ملموسة"، "الأيام" (الفلسطينية)، 2/7/2011..

43 - "شاكر جودة، "حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وعلاقتها باتجاهات المستهلك الفلسطيني نحو المنتجات المصنعة محلياً: حالة تطبيقية على السلة الغذائية في محافظة غزة"، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية (غزة)، 2006، في الرابط الإلكتروني التالي: https://library.iugaza.edu.ps/thesis/67487.pdf

 

44 - ليندا طبر وعلاء العزة، "المقاومة الشعبية بعد الانتفاضة الثانية"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 97 (شتاء 2014)، ص 119 - 138.

 

45 - أجريتُ عدة مقابلات مع كادرات قيادية في أوساط المقاومة الشعبية خلال زيارات لهم إلى لندن وبروكسل. وقد ركز عيسى ع. من الخليل على الفروقات الطبقية وقال إن الناشطين في صلب حركة المقاطعة في فلسطين فاعلون مدنيون معظمهم متمركز في رام الله (مقابلة في تاريخ 8 آذار / مارس 2014، بروكسل)؛ إياد ب.، وهو من قرية محاذية للجدار، لاحظ أن الجهات الفاعلة في حركة المقاطعة ليست بصورة عامة موجودة على الأرض في القرى حيث تنظَّم فاعليات المقاومة الشعبية (مقابلة في 17 حزيران / يونيو 2015، لندن)؛ ر. صالح من القدس قال أنه لم يرَ ملصقات تدعو إلى المقاطعة على جدران القدس (مقابلة في 17 تشرين الثاني / نوفمبر 2014، بروكسل). ويبدو أن مؤيدي "فتح" يعبّرون بشكل خاص عن ردات الفعل هذه (لكن ليس كل مَن قابلتهم كانوا مقرّبين من "فتح").

46 - Andrew Rigby, Palestinian Resistance and Nonviolence (Jerusalem: Palestinian Academic Society for the Study of International Affairs/PASSIA, 2010).

47 - بلال سلامة وبسام بنات وجبرائيل شوملي، "مدى استعداد المؤسسات الأهلية الفلسطينية للحوار مع المؤسسات الإسرائيلية"، Indymedia، 11 آذار / مارس 2006.

48 - على سبيل المثال، قالت نادية فرخ، الناشطة في الجمعية البلجيكية الفلسطينية التي أرسلت "بعثات مدنية" تضامنية من بلجيكا إلى فلسطين خلال الانتفاضة الثانية، خلال مقابلة مع الباحث في بروكسل في 3 آذار / مارس 2014، إن الجمعية تلتقي مع مثل هذه المنظمات.

49 - Jonathan Cook, “Palestinians Torn over Contact with Israelis”, “Dissident Voices”, 12 October 2014, https://dissidentvoice.org/2014/10/palestinians-torn-over-contact-with-israelis/

 

المراجع

بالعربية

البرغوثي، وداد. "عميرة هس ممّن يحتلون بيتنا ويبكون معنا علينا". "مدونات جامعة بيرزيت"، 8 تشرين الأول / أكتوبر 2014، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y7cfu6to

جقمان، جورج. "الموضوع الغائب في قضية إخراج عميرة هاس من جامعة بيرزيت". "مدونات جامعة بيرزيت"، 9 تشرين الأول / أكتوبر 2014، في الرابط الإلكتروني التالي: HTTPS://TINYURL.COM/Y9XMNCQV

جودة، شاكر. "حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وعلاقتها باتجاهات المستهلك الفلسطيني نحو المنتجات المصنعة محلياً: حالة تطبيقية على السلة الغذائية في محافظة غزة". رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية (غزة)، 2006، في الرابط الإلكتروني التالي: https://library.iugaza.edu.ps/thesis/67487.pdf

الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل. "اختلاف متطلبات المقاطعة في كل من الوطن العربي والعالم: موقف الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل"، 1 حزيران / يونيو 2008، في الرابط الإلكتروني التالي: http://www.pacbi.org/atemplate.php?id=46

الزاغة، عادل. "حلم وقضية". "مدونات جامعة بيرزيت"، 8 تشرين الأول / أكتوبر 2014، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y6u3rhcs

سلامة، بلال وسالم بنات وجبرائيل شوملي. "مدى استعداد المؤسسات الأهلية الفلسطينية للحوار مع المؤسسات الإسرائيلية". Indymedia، 11 آذار / مارس 2006.

طبر، ليندا وعلاءالعزة. "المقاومة الشعبية بعد الانتفاضة الثانية". "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 97 (شتاء 2014)، ص 119 - 138.

عريضة "الأكاديميون/ات المثقفون/ت والنشطاء: الوقوف ضد طرد عميرة هس من جامعة بيرزيت"، التي أطلقتها هنيدة غانم في 30 أيلول 2014، موقع "آفاز"، في الرابط الإلكتروني التالي:

https://secure.avaaz.org/ar/community_petitions/lkdymywnt_lmthqfwnt_wlnshT_lwqwf_Dd_Trd_myrh_hs_mn_jm_byr_zyt/

عليان، ضرار. "عميرة هاس وجامعة بيرزيت". "مدونات جامعة بيرزيت"، 8 تشرين الأول / أكتوبر 2014، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y6u3rhcs

هلال، جميل. "إضاءة على مأزق النخبة السياسية الفلسطينية". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2013.

بالإنجليزية

Bigo, Didier. “Pierre Bourdieu and International Relations: Power of Practices, Practices of Power”. International Political Sociology, vol. 5, no. 3 (September 2011), https://academic.oup.com/ips/article-abstract/5/3/225/1824487?redirected....

Bourdieu, Pierre. Outline of a Theory of Practice. Cambridge: Cambridge University Press, 1977.

Chetrit, Sami Shalom. Intra-Jewish Conflict in Israel: White Jews, Black Jews. London: Routledge, 2010.

Conference Steering Committee. “The Campaign for the Boycott of Israel Will Re-Vitalize Popular Resistance and Restore Dignity to the Palestinian People”. “The Palestinian Campaign for the Academic and Cultural Boycott of Israel (PACBI)”, 27 November 2007, www.pacbi.org/etemplate.php?id=635.

  • Cook, Jonathan. “Palestinians Torn Over Contact with Israelis”. “Dissident Voices”, 12 October 2014, dissidentvoice.org/2014/10/palestinians-torn-over-contact-with-israelis/
  • Crossley, Nick. Making Sense of Social Movements. Buckingham, UK: Open University Press,
  • Erakat, Noura. “BDS in the USA, 2001–2010”. In: The Case for Sanctions Against Israel. Edited by Andrea Lim. London: Verso, 2012, pp. 85–97.
  • Giora, Rachel. “Milestones in the History of the Israeli BDS Movement: A Brief Chronology”. “Boycott” (blog), 18 January 2010, boycottisrael.info/content/milestones-history-israeli-bds-movement-brief-chronology.
  • Keck, Margaret and Kathryn Sikkink. Activists Beyond Borders: Advocacy Networks in International Politics. New York: Cornell University Press, 1998.
  • Keller, Uri Yacobi. “Academic Boycott of Israel and the Complicity of Israeli Academic Institutions in Occupation of Palestinian Territories”. Economy of the Occupation: A Socioeconomic Bulletin, 23-24 (October 2009), www.shirhever.com/wp-content/uploads/2018/01/Bulleting-23-24-Academic-Boycott.pdf
  • Klotz, Audie. Norms in International Relations: The Struggle Against Apartheid. New York: Cornell University Press, 1995.
  • Lavie, Smadar. “Revisiting Israeli Anthropology and American Anthropology: Our (Special Relations) # Palestine”. “Allegra Lab”, 27 October 2015, allegralaboratory.net/revisiting-israeli-anthropology-and-american-anthropology-our-special-relations-palestine/

Middle East Without Wars and Oppressions (MEWANDO). “The Bilbao Initiative: Networks and Alliances in Solidarity with Palestine”, October 2008, www.nodo50.org/csca/agenda08/palestina/pdf/mewando02eng.pdf.

  • BDS Movement. “Palestinian Civil Society Call for BDS”, 9 July 2005, bdsmovement.net/call
  • Rigby, Andrew. Palestinian Resistance and Nonviolence. Jerusalem: Palestinian Academic Society for the Study of International Affairs/PASSIA, 2010

Traubman, Tamara. “British Lecturers Boycott Bar-Ilan and Haifa Universities”. Haaretz, 25 April 2005, www.haaretz.com/1.485191

  • Ziadeh, Rafeef and Adam Hannieh. “Collectivist Approaches to Activist Knowledge: Experiences of the Anti-Apartheid Movement in Toronto”. In: Learning from the Ground Up: Global Perspectives on Social Movements and Knowledge Production. Edited by Aziz Choudry and Dip Kapoor. New York: Palgrave Macmillan, 2010, pp. 85–100.

 

 

*المصدر:Amro Sadeldeen, “The Emergence of the BDS Movement Through an Israeli Mirror”, Radical History Review, issue 134

(1 May 2019), https://read.dukeupress.edu/radical-history-review/article-abstract/2019/134/203/138432/The-Emergence-of-the-BDS-Movement-through-an

الترجمة: صفاء كنج، وقد تصرّف الكاتب بالنص المترجَم.

السيرة الشخصية: 

عمرو سعد الدين: باحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ستُنشر أطروحته (الدكتوراه) عن حركة المقاطعة، قريباً في كتاب.