يندرج الجهد الذي بذلته وتبذله حكومات إسرائيل وبعض الحركات الصهيونية للاستحواذ على مدينة القدس في منطق الاستملاك (ownership)، وهو منطق يتناقض مع مبدأ الوصاية الذي اتّبعه العلماء والسلاطين المسلمون في تعاملهم مع المدينة خلال أكثر من 1200 عام.
أوجب منطق الوصاية على الحكام والعلماء المسلمين ليس فقط تأكيد حقّ المسحيين واليهود في الحج إلى القدس وزيارة أماكنهم المقدسة، بل أيضاً حماية ما يملكونه منها. فسلطان المسلمين على المدينة لم يعطهم رخصة لاستباحة أملاك المسيحيين واليهود فيها والاستيلاء عليها، ولذلك نرى أنه عند احتلال الإنجليز لفلسطين في سنة 1917، كان أكثر أملاك ومباني القدس بيد المسيحيين.
مع تأسيس دولة إسرائيل في سنة 1948، وُضعت خطة منهجية واضحة لسلب أملاك المسلمين (عبر حِيَل قانونية وغير قانونية)، وهذه الخطة تلقى دعماً وتغطية سياسية وقانونية هائلتين من الولايات المتحدة الأميركية وكثير من الدول الأوروبية وبعض الدول العربية أيضاً، أكان ذلك سراً أم جهاراً.
ولا يعني مبدأ الوصاية عدم الاكتراث بالقدس أو أنها ليست مهمة للمسلمين، فعلاقة الإسلام بالمدينة عميقة ومتشعبة. لنأخذ مثلاً لذلك جواب صلاح الدين الأيوبي لريتشارد قلب الأسد عندما طلب الأخير من السلطان تسليم القدس كشرط للصلح بينهما. يقول كتاب ريتشارد:
إن المسلمين والإفرنج قد هلكوا، وخربت البلاد، وخرجت من يد الفريقين بالكلية، وقد تلفت الأموال والأرواح من الطائفتين، وقد أخذ هذا الأمر حقّه، وليس هناك حديث سوى القدس والصليب والبلاد، والقدس متعبّدنا ما ننزل عنه، ولو لم يبقَ منا إلّا واحد. وأمّا البلاد فيعاد إلينا منها ما هو قاطع الأردن. وأمّا الصليب فهو خشبة لا مقدار له عندكم، وهو عندنا عظيم، فيمنّ به السلطان علينا ونصطلح ونستريح من هذا العناء الدائم.
فاستشار صلاح الدين كبار رجال دولته وكتب جواباً لريتشارد هذا نصّه:
القدس لنا كما هو لكم، وهو عندنا أعظم ممّا هو عندكم، فإنه مسرى نبيّنا ومجتمع الملائكة، فلا يُتصور أن ننزل عنه ولا نقدر على التلفظ بذلك بين المسلمين، وأمّا البلاد فهي أيضاً لنا في الأصل، واستيلاؤكم كان طارئاً عليها، لضعف مَن كان بها من المسلمين في ذلك الوقت، وما أقدركم الله على عمارة حجر منها ما دام الحرب قائماً، وما في أيدينا نحن منها نأكل بحمد الله مغلَّه وننتفع به، وأمّا الصليب فهلاكه عندنا قربة عظيمة، لا يجوز لنا أن نفرّط فيها إلّا لمصلحة راجعة إلى الإسلام هي أوفى منها.[1]
جواب صلاح الدين يبرز عاملَين أساسيين لأهمية القدس عند المسلمين: العامل الديني والعامل السياسي، ولكليهما أسس تاريخية وركائز دينية.
إن الجواب عن سؤال ركائز الأهمية الدينية للقدس عند المسلمين، يتطلب فهماً واضحاً للإسلام والتاريخ الإسلامي. فبحسب المعتقد الشائع إسلامياً، يبدأ التاريخ الإسلامي مع خلق آدم ويتضمن الأحداث التي جرت منذ ذلك الوقت، وخصوصاً تلك التي في التوراة وتاريخ بني إسرائيل، والتي تُعتبر جزءاً من الماضي الإسلامي الذي لا يمكن فصله عمّا حدث خلال عصر النبي محمد وما بعده، وينتهي التاريخ الإسلامي عند يوم القيامة. وهناك فرق كبير، من جهة، بين هذا المفهوم العقائدي للتاريخ الإسلامي كتاريخ أشبه بخط مستقيم يشمل التجربة البشرية كلها من الماضي إلى المستقبل، والمفهوم التأريخي الأكاديمي للإسلام، من جهة أُخرى، الذي يبدأ مع محمد، وينحصر بتجارب المسلمين إلى وقتنا الحاضر.
إذاً، بُنيت أهمية القدس الدينية في الإسلام على الأحداث والأشخاص من التاريخ التوراتي والمسيحي (أسمّيه البعد التوراتي)، والأحداث والأشخاص من التاريخ الإسلامي (أسمّيه البعد الإسلامي).
في البعد التوراتي نجد مثلاً المعتقدات عن الصخرة كأصل العالم وعرش الله ومنبع الأنهار، وعلاقتها بقصة ذبح إسحاق، إلخ، ثم قصة النبي سليمان وتشييده للهيكل، وقصة نبوءة عيسى بتخريب الهيكل، وغيرها.
أمّا البعد الإسلامي فارتكز على ما نسجه المسلمون أنفسهم عن علاقتهم بالمدينة مثل قصة إسراء النبي محمد ومعراجه، وزيارة الخليفة عمر بن الخطاب وبنائه المسجد الأقصى، وما يعتقده المسلمون من أن القيامة ستحدث في القدس حيث يُحشَد إليها العالم كله ليوم الحساب، إلخ.[2] ويعطينا ما يقوله الرحّالة الفارسي ناصر خسرو (ت. 1088) مثلاً لعلاقة المسلمين بالقدس، وخصوصاً أهل فلسطين وبلاد الشام عامة:
وأهل الشام وأطرافها يُسّمون بيت المقدس "القدس". ويذهب إلى القدس في موسم الحج مَن لا يستطيع الذهاب إلى مكة من أهل هذه الولايات، فيتوجه إلى الموقف ويُضحّي ضحيّة العيد كما هي العادة. ويحضر هناك لتأدية السنّة، في بعض السنين، أكثر من عشرين ألف شخص، في أوائل ذي الحجة، ومعهم أبناؤهم.[3]
وفقاً لما يقوله ناصر خسرو، كانت عادات كثيرين من المسلمين الحج إلى القدس إذا لم يكن لديهم استطاعة إلى الحج إلى مكة والاحتفال بعيد الأضحى فيها. وكثيرون من المسلمين زاروا القدس في أثناء رحلتهم إلى مكة، أو استخدموها كمنطلق لحجّهم. وسأناقش هذا الموضوع لاحقاً.
نجد لمبدأ الوصاية أمثلة كثيرة في التاريخ الإسلامي. فزيارة عمر ومن بعده معاوية بن أبي سفيان وصَلاتهما في كنائس في القدس لم تخلق واقعاً استخدمه المسلمون ركيزة لاستملاك أي منها، وإنما أسست لعرف قانوني أكد ملكية المسيحيين لكنائسهم وأماكن أُخرى، وحقّ المسلمين في زيارة هذه الأماكن والصلاة فيها. وفيما يتعلق بمعاوية، فإن قصة زيارته للقدس تُبرز أهمية العاملَين الديني والسياسي للمدينة عند المسلمين. ففي سنة 661 جاء معاوية إلى القدس كي يترأس اجتماعاً لأهل الحل والعقد من المسلمين هدفه مبايعته بالخلافة. وفي أثناء طريقه إلى الحرم الشريف، توقّف ليصلي عند قبر المسيح في كنيسة القيامة، ثم ذهب ليصلي في كنيسة مريم في وادي الجسمانية حيث التقليد المحلي يقول إنها مدفونة هناك، وبعد ذلك، توجه إلى الحرم حيث أُعلن خليفة.[4]
يشير هذا التصرف من دون شك إلى الأهمية السياسية والدينية لمدينة القدس، فجزء منها كان بمثابة إيماءة سياسية لطيفة منه نحو قاعدته، إذ كان جيش المسلمين يضم كثيراً من القبائل العربية المسيحية، كما أن زيارة القدس والصلاة في كنائسها هي أيضاً تأكيد لتقديس المسلمين لمريم وعيسى، قبل أن يصبح لهكذا زيارات دلالات سلبية في الإسلام.
هناك أمثلة أوضح من زمن صلاح الدين ودولة الأيوبيين (1174 - 1250)، وكذلك من زمن دولة المماليك (1250 - 1517)، تعطي فكرة وافية عن كيفية تعامل العلماء المسلمين والسلاطين مع القدس – وهذا ينطبق أيضاً على كل ما هو وقف، أي الأرض أو البناء اللذين ليس في إمكان الفرد أو الجماعة تملّكهما، وتكون مسؤولية الحاكم والعلماء حماية هذا الوقف كأماكن يستفيد منها الجميع وفقاً لاستخداماتها (مثلاً الجامع للصلاة؛ الأماكن المقدسة للحج؛ إلخ). فعلى سبيل المثال، عندما حرر صلاح الدين مدينة القدس، وقع خلاف بين المسلمين بشأن مصير الأماكن المسيحية في المدينة. فاقترح عليه البعض أن يهدم كنيسة القيامة أو يصادرها وينبش المقابر ويمنع المسيحيين من الحج إليها، لكن معظم الفقهاء ورجال دولته حذّروه من هذا الشيء، مثلما يروي لنا وزير صلاح الدين وكاتبه عماد الدين المعروف بالكاتب الإصفهاني (ت. 1201):
وقال أكثر الناس: لا فائدة في هدمها ولا هدّها، ولا يؤذن بصدّ أبواب الزيارة عن الكفرة وسدّها، فإن متعبّدهم موضع الصليب والقبر لا ما يشاهَد من البناء، ولا ينقطع عنها قصد أجناس النصرانية ولو نسفت أرضها في السماء.
ولمّا فتح أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - القدس في صدر الإسلام أقرّهم على هذا المكان، ولم يأمرهم بهدم البنيان.[5]
هذا الرأي القائل إن المسلمين مسؤولون عن حماية الأماكن المسيحية المقدسة وصون حقوق المسيحيين ليس بالضرورة نابعاً من خوف أو حب لهم أو طمع في مودتهم، بل هو ببساطة اعتراف بما يمكن أو لا يمكن فعله وفقاً لمفهوم الحكم والأعراف القانونية والسياسية، لا مفهوم القوة والبطش مثلما تفعل إسرائيل بتغطية من الولايات المتحدة وأوروبا وبعض الحكام العرب.
مفهوم الحكم هذا والأعراف القانونية والسياسية كان حاضراً في أكثر من مناسبة خلال حكم صلاح الدين. ففي فترة 1191 - 1192 حين كان يصارع الملكَ ريتشارد قلب الأسد على فلسطين، جرى لقاء بين ريتشارد والعادل (أخو صلاح الدين) اقترح خلاله الملك أن يتم الصلح بين الفريقين على شرط أن يتزوج العادل من شقيقته جوان وتكون القدس لهما عاصمة، فيتقاسمها المسيحيون والمسلمون. وهنا أيضاً يروي الكاتب الإصفهاني أن العادل سأله وبعض قادة دولة صلاح الدين أن ينقلوا إلى السلطان هذا الاقتراح، فوافق صلاح الدين عليه فوراً. يقول الكاتب الإصفهاني:
واستدعاني العادل والقاضي بهاء الدين بن شداد، وجماعة من الأمراء من أهل الرأي والسداد، وهم علم الدين سليمان بن جندر وسابق الدين عثمان وعز الدين بن المقدّم وحسام الدين بشارة، وقال لنا: تمضون إلى السلطان، وتخبرونه عن هذا الشأن، وتسألونه أن يحكّمني في هذه البلاد، وأنا أبذل فيها ما في وسع الاجتهاد. فلما جئنا إلى السلطان عرف الصواب، وما أخّر الجواب، وشهدنا عليه بالرضى، وحسبنا أنه كمل الغرض وانقضى.[6]
لم يُكتب لهذا الاقتراح النجاح وبقيت القدس كاملة في يد المسلمين، إذ لم يكن لريتشارد والفرنج القدرة على فتحها عسكرياً. وعندما وقع الصلح بين صلاح الدين وريتشارد في سنة 1192، سمح السلطان للفرنج بمعاودة الحج إلى القدس وأقام لهم وليمة.[7] فراسل ريتشارد صلاح الدين وطلب منه منع الفرنج من الزيارة إلّا لمَن معه كتاب منه، فاعتذر صلاح الدين بأن واجبه يجبره على إكرام وفادتهم وإبلاغهم مقصدهم.[8]
فرصة تقاسم القدس بين المسلمين والفرنج وإن لم تنجح في زمن صلاح الدين وريتشارد، فقد نجحت في مراحل أُخرى. ويمكن القول إنها كانت أرضية لاتفاقية السلام التي عقدها السلطان الملك الكامل الأيوبي في سنة 1229 مع الإمبراطور فريدريك الثاني، والتي نصّت على تقاسم مدينة القدس وقضائها بين المسلمين والفرنج. والطريف هنا أن الملك الكامل اشترط أن يصان حقّ المسلمين في الصلاة في كنائس المسيحيين، مثل كنيسة المهد في بيت لحم وغيرها.[9]
ويروي لنا المؤرخ والعالم الدمشقي سبط ابن الجوزي (ت. 1256) تفصيلات زيارة الإمبراطور فريدريك الثاني للحرم القدسي في آذار / مارس 1229:
وفيها دخل الإنبرور إلى القدس، والحصار على دمشق، وجرى له عجائب منها أنه لمّا دخل الصخرة رأى قسيساً قاعداً عند القدم يأخذ من الفرنج القراطيس، فجاء إليه كأنه يطلب منه الدعاء ولكمه، فرماه إلى الأرض، وقال: يا خنزير، السلطان قد تصدَّق علينا بزيارة هذا المكان تفعلوا فيه هذه الأفاعيل، لئن عاد واحد منكم دخل على هذا الوجه لأقتلنّه [....] ولمّا دخل وقت الظهر وأذّن المؤذن، قام جميع مَن معه من الفرّاشين والغلمان ومعلمه – وكان من صقلّية يقرأ عليه المنطق فصولاً – فصلّوا وكانوا مسلمين.[10]
وتدل هذه الحالة على أمرين مهمين: 1) سماح الملك الكامل للفرنج المسيحيين بزيارة الحرم والصلاة في الأماكن المقدسة هناك، مثل قبّة الصخرة؛ 2) مبادرة الإمبراطور فريدريك الثاني اللافتة، إذ اصطحب معه في زيارته للحرم حاشية كلها من المسلمين، بمَن فيهم حرّاسه الشخصيون.
الحالة الوحيدة الشاذة عن هذه القاعدة بشأن مبدأ الوصاية الذي اتّبعه السلاطين المسلمون هي حالة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الذي أمر بهدم كنيسة القيامة في سنة 1009، وهو عمل يجب تفسيره داخل إطار قناعته بأنه الله، ولذلك غضب على أتباع المسيح. ويجب التذكير بأن الحاكم بأمر الله سلّط جنونه على كثير من المسلمين أيضاً، وليس فقط على المسيحيين.[11]
كما أن مفهوم الوصاية حدد وشكّل موقف المسلمين تجاه حقوق اليهود في ممارسة شعائرهم في القدس. ولعل حفظ حق الجماعات اليهودية تاريخياً بالصلاة عند حائط المبكى أو حائط البراق مثال واضح لذلك. وثمة حادثة وقعت بين تشرين الثاني / نوفمبر 1473 وآب / أغسطس 1475 بين الطائفتين المسلمة واليهودية في المدينة تعطينا فكرة جيدة عمّا كان يشعر به الحكام المسلمون من واجب حماية حقوق اليهود في القدس، مع أنه كان في إمكانهم أن يخضعوا لبعض النداءات الشعبية المطالِبة بمصادرة ممتلكات اليهود، فلم يكن لهؤلاء مَن يحميهم، ولا أي سلطة سياسية لهم.
وقعت الحادثة المشار إليها بعد أمطار غزيرة في تشرين الثاني / نوفمبر 1473، وأدت إلى انهيار مبنى يملكه يهود في المدينة. وكان بعض السكان المسلمين يفكرون في مصادرة قطعة الأرض هذه لاستخدامها منفذاً إلى مسجد مجاور، فدار جدال حاد بين المسؤولين والفقهاء المحليين، تطور إلى جدل مع السلطان المملوكي قايتباي في القاهرة والفقهاء الرسميين لديه. وقامت جموع من المسلمين الغاضبين بسبب رفض السلطان منحهم الأرض، بتدمير الكنيس اليهودي في القدس. فكتب أركان الطائفة إلى السلطان قايتباي طالبين المساعدة. فدعا السلطان إلى عقد اجتماع للفقهاء، وأقرّ علماء الشريعة في مصر بأن لليهود الحق في كنيسهم وقطعة الأرض، وأنه لا بد من السماح لهم بإعادة إعمار الكنيس. ورفض بعض سكان القدس وعلمائها تطبيق القرار، فاستشاط السلطان غضباً لهذا العصيان وأمر بإحضار بعض الفقهاء المحليين إلى القاهرة حيث أمر بجلدهم ثم أقيلوا من وظائفهم. وانتهت هذه الحادثة في آب / أغسطس 1475، وسُمح لليهود بإعادة بناء كنيسهم.[12]
تشير هذه الحادثة إلى أهمية صيانة الحقوق الشرعية للأقليات فيما يتعلق بأملاكهم في القدس، حتى إن لم تلقَ شعبية بين العوام، وأدّت في بعض المرات إلى خلاف بين المسلمين. وتعطينا هذه الأمثلة فكرة واضحة عن أن سيطرة المسلمين السياسية والعسكرية على القدس أجبرتهم على التقيد بأعراف وقواعد سياسية وقانونية حتى عندما كان لديهم القوة العسكرية والسياسية لاستملاك ما شاؤوا. واستمر هذا التصرف عبر العصور حتى احتلال الإنجليز للمدينة في سنة 1917، ثم قيام دولة إسرائيل في سنة 1948 واستحواذها على كامل القدس في سنة 1967.
ويشاع أيضاً أن السلطان العثماني سليمان القانوني (حكم بين سنتَي 1520 و1566) أجاز لليهود بالعبادة عند حائط البراق، وأن إبراهيم باشا (ابن حاكم مصر محمد علي باشا) منعهم في سنة 1840 من تبليط الرواق المواجه للحائط، وأجاز لهم بالعبادة هناك كما في السابق.[13] هذه الحالات تضاف إلى غيرها لتأكيد شيوع مبدأ الوصاية عند الحكام المسلمين عبر العصور.
أهمية القدس في الإسلام
تعطينا أدبيات فضائل القدس دليلاً واضحاً ووافياً على أهمية القدس في الإسلام والأسس الدينية التي بُنيت عليها. وقد ظهرت هذه الأدبيات في أواخر القرن التاسع مع كتاب "فضائل بيت المقدس" للوليد بن حمّاد الرملي (ت. بعد سنة 912)، والذي تلاه كتابان ما زالا موجودين هما "فضائل البيت المقدّس" لأبي بكر الواسطي (ت. بعد سنة 1019)، و"فضائل بيت المقدس والخليل وفضائل الشام" لأبي المعالي المشرّف بن المرجّى (ت. بعد سنة 1047). بعد ذلك انتشرت هذه الأدبيات في كثير من المدن الإسلامية، كـ "فضائل القدس" لابن الجوزي (ت. 1201)، و"الجامع المستقصى في فضائل المسجد الأقصى" للقاسم ابن عساكر (ت. 1203).[14] ومن دون شك، فإن اهتمام هؤلاء المؤرخين بفضائل القدس لم يكن منصبّاً على تحرّي الحقيقة التاريخية المحضة، وإنما كان اهتمامهم الأساسي هو تجميع القصص والمعتقدات الشعبية التي يتداولها الناس بشأن القدس، وهو ما كان مشابهاً لجميع الموضوعات الأُخرى من كتب تأريخ، وسيرة، وحديث، وتفسير، وفضائل، إلخ.
ولمعرفة أثر هذه الأدبيات في السيكولوجيا الدينية عند المسلمين، نأخذ مثلاً القراءة التي نظّمت لكتاب "فضائل البيت المقدس" للواسطي، والتي قادها اثنان من علماء دمشق الكبار في وقته – أبو الحسين أحمد بن حمزة السُّلمي (ت. 1189)، والقاسم ابن عساكر – في الجامع الأموي بين 6 أيلول / سبتمبر و5 تشرين الأول / أكتوبر 1187،[15] وهي الفترة نفسها التي حاصر فيها صلاح الدين مدينة القدس واستردها من الصليبيين. وفي مناسبة أُخرى، خطب العالِم سبط ابن الجوزي في الجامع الأموي في سنة 1229 عن فضائل القدس لتجييش أهل الشام ضد السلطان الملك الكامل، وضد الصلح الذي وقّعه مع فريدريك الثاني، حضرها بحسب المؤرخ ابن واصل (الذي كان حاضراً لها) جميع أهل دمشق.[16]
إذاً كان هناك استخدام سياسي لهذه الأدبيات في الفترة الصليبية لحثّ المسلمين على مساندة الحكام أو للضغط عليهم. وهذا لا يشير إلى أهمية القدس المطلقة عند الحكام أنفسهم، بل إلى قدرتهم على استخدامها في التلاعب بمشاعر الناس، والتي أسست للتعامل الرسمي مع المدينة كمدينة مهمة من الناحية الدينية للمسلمين لا تسمح بالتخلي عنها بسهولة، مثلما رأينا في حالة صلاح الدين وجوابه للملك ريتشارد قلب الأسد.
منذ أواخر ستينيات القرن المنصرم قاد المؤرخ الإسرائيلي إيمانويل سيڤان (Emmanuel Sivan) مع آخرين حملة للتشكيك في أهمية القدس في الإسلام. وادعى في مقالة نشرها في سنة 1967 بعنوان "طبيعة قدسية القدس في الإسلام في القرنين الثاني عشر والثالث عشر" وفي كتابه "الإسلام والحملة الصليبية"،[17] أنه لم يكن للقدس أهمية في الإسلام حتى مجيء الصليبيين واحتلالهم لها، وأنه آنذاك، ولأسباب سياسية، بدأ المسلمون بترويج أدبيات فضائل القدس للتعبير عن مشاعرهم الدينية تجاهها. غير أن اكتشاف كتب الفضائل التي أُلّفت قبل قدوم الصليبيين كشف زيف مزاعم سيڤان والغاية السياسية وراء أفكاره.
وكما رأينا آنفاً، فإن أهمية القدس في الإسلام، مثلما يبيّنها كثير من الدراسات الحديثة،[18] أهمها كتاب المؤرخ الإسرائيلي أميكام إلعاد (Amikam Elad) بعنوان "القدس في العصور الوسطى والعبادة الإسلامية"،[19] قديمة جداً وليس لها أي علاقة بالحملة الصليبية.[20] ومع هذا كله، لا تزال فكرة سيڤان متداولة بين بعض المؤرخين الغربيين لدواعٍ سياسية بالدرجة الأولى، وهدفها الأساسي دعم إسرائيل وتقويض حق الفلسطينيين في أرضهم.
من الطبيعي ألّا يكون المسلمون متفقين بشأن أهمية القدس الدينية والشعائر المسموح القيام بها في المدينة، كتلك التي وصفها لنا ناصر خسرو. فقد بدأت في تلك الفترة حملات التكفير للمسلمين الذين يؤمنون بقدسية وخصوصية القدس الدينية، مثلما نجد مثلاً عند ابن تيمية (ت. 1328). فهو ينتقد تقريباً جميع المعتقدات والتصرفات التي يقوم بها المسلمون في القدس، الأمر الذي يتوافق إجمالاً مع فكره المقيت في موضوعات شتى. وهذا الشكل من النقد لأهمية القدس في الإسلام يدل على تفشي حالة دينية متعصبة في الإسلام السنّي جرّاء الجو العام في بلاد الشام، والذي تأثر سلبياً بالحروب الصليبية وأنتج حالة فكرية تكفّر كل مسلم لا يؤمن، بحسب تفسير هؤلاء الدعاة المتطرفين، بالإسلام الصحيح. كان هؤلاء الدعاة يكفّرون كل مَن يقدّس المدينة ويحج إليها ويعتقد أن لها أهمية دينية. فعلى سبيل المثال، يقول ابن تيمية:
الطواف بغير الكعبة لم يشرّعه الله بحال، وكذلك مَن قصد أن يسوق إليها [الصخرة] غنماً أو بقراً ليذبحها هناك ويعتقد أن الأضحية فيها أفضل، وأن يحلق فيها شعره في العيد أو أن يسافر إليها ليعرّف بها عشية عرفة، فهذه الأمور التي يشبّه بها بيت المقدس في الوقوف والطواف والذبح والحلق من البدع والضلالات، ومَن فعل شيئاً من ذلك معتقداً أن هذا قُربة إلى الله فإنه يستتاب، فإن تاب وإلّا قُتل.[21]
ويمضي ابن تيمية في نقده فيقول:
وما يذكره بعض الجهّال فيها من أن هناك أثر قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأثر عمامته وغير ذلك فكله كذب. وأكذب منه مَن يظن أنه موضع قدم الرب. وكذلك المكان الذي يُذكر أنه مهد عيسى عليه السلام كذب، وإنما كان موضع معمودية النصارى، وكذا مَن زعم أن هناك الصراط والميزان أو أن السور الذي يُضرب به بين الجنة والنار هو ذلك الحائط المبني شرقي المسجد، وكذلك تعظيم السلسلة أو موضعها ليس مشروعاً.[22]
ويختم بالقول: "ليس ببيت المقدس مكان يُسمّى حرماً ولا بتربة الخليل ولا بغير ذلك من البقاع إلّا ثلاثة أماكن"، وهو يعني بذلك حرم مكة، وحرم مسجد النبي في المدينة، ووادي وجّ قرب الطائف. ويَنهى ابن تيمية أيضاً عن زيارة القدس في موسم الحج.[23]
هناك آراء مشابهة لما نقرأه عند ابن تيمية، لكن أقل تكفيراً. فأبو بكر الطُّرْطوشي (ت. 1126)، الذي زار القدس خلال موسم الحج، يقول أنه رأى عدداً كبيراً من المسلمين من القدس وما حولها يأتون الحرم القدسي يوم عرفة ويواجهون مكة ويقومون بالدعاء كأنهم واقفون على جبل عرفات، وهو شيء انتقده بشدة.[24] كذلك الأمر مع ابن هشام الأنصاري (ت. 1360):
اِعلم أنّا رأينا بالمسجد الأقصى أموراً يذكرها أهل البلد يُغرون بها العوام ورعاع الناس ولا حقيقة لها، فمنها مكان يزعمون أنه مكان الميزان الذي يوزن فيه الأعمال، ومكان آخر بالقرب منه يزعمون أنه السراط [هكذا]، وكلاهما في أواخر بسطة الصخرة من حدّها القبلي.... وقد بلغني أن قوماً من الجهلاء يجتمعون يوم عرفة بالمسجد، وأن منهم مَن يطوف بالصخرة، وأنهم ينفرون عند غروب الشمس ويرجعون القهقرى، وكل ذلك ضلال وأضغاث أحلام.[25]
يجب فهم هذه الآراء على أنها كانت جزءاً من النقاش الذي حدث (ويحدث دائماً) في الإسلام عن كثير من الأمور، بما فيها المعتقدات والعبادات والعادات. فما يقوله أمثال ابن تيمية وابن هشام الأنصاري هو رأي في الإسلام، وليس كل الإسلام، أو حتى ليس بالضرورة الإسلام الصحيح إلّا عند مَن يؤمن بذلك. فالنويري (ت. 1333) مثلاً يدحض ما قاله ابن تيمية عندما يكتب عن البيت المقدّس والمسجد الأقصى:
وأمّا البيت المقدّس والمسجد الأقصى: فالبيت المقدّس أحد القبلتين، والمسجد الأقصى ثالث الحرمين. إليه تُشدّ الرحال، ويكثر النزول والارتحال؛ وفي الأرض المقدسة تُحشر الخلائق ليوم العرض، ويبسط الله تعالى الصخرة الشريفة حتى تكون كعرض السماء والأرض؛ وتجتمع الناس هناك لفصل الحساب، ويضرب بينهم بسور له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب.[26]
خاتمة
أَسست أهمية القدس الدينية عند المسلمين وسيطرتهم عليها فيما يزيد على 1200 عام – منذ فتحها في زمن عمر بن الخطاب في سنة 638 حتى سقوطها بيد الإنجليز في سنة 1917، ثم احتلال إسرائيل لها كاملة في سنة 1967 –كما أَسس وعيهم بأن المدينة مقدسة أيضاً عند المسيحيين واليهود، لمبدأ الوصاية الذي حفظ من جهة حقوق المسلمين الدينية فيها، ومن جهة أُخرى حمى أملاك المسيحيين واليهود وحقّهم في زيارتها.
إن الأمثلة التي نوقشت في هذه المقالة تدل على رواج مبدأ الوصاية بين الحكام والعلماء المسلمين فيما يتعلق بالقدس وحقوق غير المسلمين فيها. وقد حدد منطق الوصاية ما يمكن لهم أن يفعلوه، ولو كان لديهم القدرة العسكرية والسياسية على فعل ما شاؤوا. وحتى في الحالات عندما كان هناك مطالبة من بعض المسلمين بالاستيلاء على ما يملكه المسيحيون واليهود في المدينة، فإن مواقف السلاطين وكثير من العلماء كانت حمايتها والحفاظ عليها. وأيضاً عندما كان هناك خلاف بين المسيحيين أنفسهم، كان تدخّل الحكام المسلمين هو للحفاظ على أحقية المسيحيين جميعاً بهذه الأماكن، ومن أجل ألّا تكون حكراً للبعض فقط؛ مثال لذلك قيام صلاح الدين باستئمان مفاتيح كنيسة القيامة إلى عائلة مسلمة كي لا يحتكرها فريق مسيحي واحد.[27]
أمّا ما نراه في العقود الفائتة من حملة إسرائيلية شرسة ليس فقط لتهويد القدس، بل أيضاً لوضع اليد على أملاك الفلسطينيين – المسلمون منهم والمسيحيون – فيتناقض مع مبدأ الوصاية، وهو أمر مؤسف ومأسوي. والأكثر مأسوية أن الأمثلة التي ناقشناها في هذه المقالة هي من ماضٍ يعطينا دروساً نحن في أمسّ الحاجة إليها في يومنا الراهن الذي تسيطر عليه الحضارة الغربية التي تتشدق بحقوق الإنسان واحترام الآخر ودولة القانون والشرائع، بينما هي تمارس العكس في الواقع.
[1] بهاء الدين ابن شداد، "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية"، تحقيق جمال الدين الشيال (القاهرة: مكتبة الخانجي، ط 2، 1994)، ص 290.
[2] عن أهمية القدس في الإسلام، انظر: سليمان مراد، "فضائل القدس: دراسة تحليلية مع تجميع لنصّ كتاب (فضائل بيت المقدس) للوليد بن حمّاد الرملي" (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية؛ القدس: المكتبة الخالدية، 2019، تحت الطبع).
[3] ناصر خسرو، "سفر نامة"، ترجمة يحيى الخشّاب (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط 2، 1993)، ص 67.
[4] انظر:
“The Maronite Chronicle”, in: Andrew Palmer, The Seventh Century in the West-Syrian Chronicles (Liverpool: Liverpool University Press, 1993), pp. 29–31.
[5] عماد الدين الكاتب الإصفهاني، "الفتح القُسّي في الفتح القُدسي" (القاهرة: دار المنار، 2004)، ص 82.
[6] المصدر نفسه، ص 291.
[7] المقريزي، "كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك"، تحقيق محمد زيادة (القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1956)، ج 1، ق 1، ص 110.
[8] الكاتب الإصفهاني، مصدر سبق ذكره، ص 318 - 319.
[9] Bernard Hamilton, “Our Lady of Saidnaiya: An Orthodox Shrine Revered by Muslims and Knights Templar at the Time of the Crusades”, in: Robert Swanson, ed., The Holy Land: Holy Lands and Christian History (Woodbridge: Boydell Press, 2000), pp. 209-210.
[10] سبط ابن الجوزي، "مرآة الزمان في تأريخ الأعيان" (حيدر آباد الدكن: دائرة المعارف العثمانية، 1951)، ج 8، ق 2، ص 655 - 657.
[11] عن الحاكم بأمر الله وتدميره كنيسة القيامة، انظر: مجير الدين العُلَيمي (ت. 1522)، "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل"، تحقيق عدنان نباتة (عمّان: مكتبة دنديس، 1999)، ج 1، ص 303.
[12] القصة يرويها كاملة المؤرخ المقدسي مجير الدين العُلَيمي في كتابه "الأنس الجليل"، المصدر نفسه، ج 2، ص 300 - 314.
[13] انظر مثلاً:
Francis Edward Peters, Jerusalem: The Holy City in the Eyes of Chroniclers, Visitors, Pilgrims, and Prophets from the Days of Abraham to the Beginnings of Modern Times (Princeton: Princeton University Press, 1985), pp. 527–529.
وانظر أيضاً: عادل حسن غنيم، "حائط البراق وليس حائط المبكى،" موقع وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ("وفا")، في الرابط الإلكتروني التالي: http://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=2165
وتجدر الإشارة إلى أن الفرمانات التي يقال إن السلطان سليمان وإبراهيم باشا أصدراها غير محفوظة وليس لها أثر.
[14] انظر: سليمان مراد، "فضائل القدس..."، مصدر سبق ذكره.
[15] أبو بكر الواسطي، "فضائل البيت المقدّس"، تحقيق إسحاق حسّون (القدس: دار ماغنس للنشر، 1979)، ص 1.
[16] سبط ابن الجوزي، "مرآة الزمان..."، مصدر سبق ذكره، ج 8، ق 2، ص 654 - 655؛ ابن واصل، "مفرّج الكروب في أخبار بني أيوب"، تحقيق حسنين محمد ربيع (القاهرة: مطبعة دار الكتب، 1972)، ج 4، ص 245 - 246.
[17] Emmanuel Sivan, “Le caractère sacré de Jérusalem dans l’islam aux xiie–xiiie siècles”, Studia Arabica, no. 27 (1967), pp. 149-182; Emmanuel Sivan, l’islam et la croisade: idéologie et propagande dans les réactions musulmanes aux croisades (Paris: Librairie d’Amérique et d’Orient, 1968), pp. 115-120.
[18] Oleg Grabar, The Shape of the Holy: Early Islamic Jerusalem (Princeton: Princeton University Press, 1996); Uri Rubin, “Between Arabia and the Holy Land: A Mecca-Jerusalem Axis of Sanctity”, Jerusalem Studies in Arabic and Islam, no. 34 (2008), pp. 345–362; Suleiman Mourad, “Jerusalem in Early Islam: the Making of the Muslims’ Holy City”, in Routledge Handbook on Jerusalem, edited by Suleiman Mourad et al. (London: Routledge, 2019), pp. 77-89.
[19] Amikam Elad, Medieval Jerusalem and Islamic Worship: Holy Places, Ceremonies, Pilgrimage (Leiden New York: Brill, 1995).
[20] انظر: محمود إبراهيم، "فضائل بيت المقدس في مخطوطات عربية قديمة: دراسة تحليلية ونصوص مختارة محققة" (الكويت: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1985)؛ كامل العسلي، "مخطوطات فضائل بيت المقدس" (عمّان: منشورات مجمع اللغة العربية الأردني، 1981).
[21] ابن تيمية، "مجموع الفتاوى"، تحقيق مصطفى عطا (بيروت: دار الكتب العلمية، 2000)، ج 27، ص 8.
[22] المصدر نفسه.
[23] المصدر نفسه، ص 10.
[24] الطرطوشي، "كتاب الحوادث والبدع"، تحقيق عبد المجيد تركي (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1990)، ص 105.
[25] ابن هشام الأنصاري، "تحصيل الأنس لزائر القدس"، تحقيق عيسى القدّومي وخالد نواصرة (نيقوسيا: مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية، 2010)، ص 155 - 158. وعبارة "أضغاث أحلام" هي إشارة إلى الآية 5 من سورة الأنبياء.
[26] النويري، "نهاية الأرب في فنون الأدب" (القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية، 2002)، ج 1، ص 325. ويذكر النويري كثيراً من فضائل القدس وأهميتها الدينية في ص 325 - 339. وجملة: ويضرب {بينهم بسور له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} هي جزء من الآية 13 من سورة الحديد.
[27] تتوارث الآن عائلتا نسيبة وجودة هذا التقليد الذي يعود إلى زمن صلاح الدين.