اللاجئون الفلسطينيون في صفقة القرن: التأسيس على الأمر الواقع – لبنان نموذجاً!!
نبذة مختصرة: 

إن "صفقة القرن"، استناداً إلى ما تسرب إعلامياً حتى كتابة هذه المقالة، لا تركز كثيراً على قضية اللاجئين الفلسطينيين. وقد وضعت ورشة البحرين (التي عُقدت في 25 و26 حزيران / يونيو 2019)، وخصوصاً تصريحات جاريد كوشنير صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورأس الحربة في "صفقة القرن"، المسألة في سياق رشوة مالية رخيصة للدول الأساسية المضيفة للاجئين، كون إدارة ترامب تدير المسائل السياسية بأسلوب المضارب العقاري، أو رجل الأعمال الذي يحيل كل شيء على الربح والخسارة المالية.

النص الكامل: 

 بتقديري، وبناء على روحية تعامل الإدارة الأميركية مع المسألة الفلسطينية، مقرونة بمزايدتها صهيونياً على إسرائيل نفسها، فإن سبب عدم بروز مسألة اللاجئين في صفقة القرن لا يعود إلى عدم أهمية هذه القضية التي عملت إسرائيل جاهدة على طيّها، وصاغت لها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي مشاريع عديدة بقصد تصفيتها، بل لأن الأنظمة العربية والفصائل الفلسطينية، كثيراً ما تعاملت مع قضية اللاجئين كقضية ملحقة في المسألة الكبرى (كل بحسب وجهة نظره من المسألة الكبرى)، وليس كمسألة تأسيسية، في الأصل، لصراع سببه الاستيلاء على الأرض في سنة 1948 وطرد السكان، ولمخاوف ديموغرافية طائفية مثلما هو الوضع في لبنان، وبالتالي أفقدت هذه الأنظمة والفصائل نفسها، عبر الزمن، ورقة اللاجئين التي لم يكن الحديث عنها سوى صدى خطابات رنانة من دون برنامج نضالي واضح.

ولأن الحديث عن قضية اللاجئين الفلسطينيين يحتاج إلى أكثر من مقالة، فسيتم أخذ لبنان وقضية لاجئيه الفلسطينيين نموذجاً، كون تعامل لبنان معهم يُعدّ بحد ذاته وضعاً خاصاً وشديد التعقيد.

 

الأمر الواقع كأساس لـ "الصفقة"

ليس خافياً أن "صفقة القرن" تنطلق ممّا هو قائم على الأرض ووفق منطق رجل الأعمال. فالقدس، بحسب مروجي الصفقة، وخصوصاً الصهر كوشنير، باتت منذ وقت كبير مهوّدة بالفعل، ولم يكن اعتراف ترامب بضم إسرائيل لها وبأنها عاصمة لها، سوى تتويج للواقع؛ كذلك باتت مستعمرات الضفة الغربية مدناً كبرى يصعب إزالتها ضمن موازين القوى القائمة، هذا إذا اعتبرنا أن ثمة موازين أصلاً كي يتم القياس عليها، وذلك بسبب حالة الضعف إلى حد التلاشي عربياً وفلسطينياً. وبالتالي، فإن النقاش يجري بشأن الحدود (غير المسموح أن تكون مفتوحة مع الأردن)، والأماكن ذات الكثافة السكانية الفلسطينية، أي المدن الكبرى وكيفية التعامل معها: فدرالية مع الأردن أو ملحقة بقطاع غزة!!، وهكذا يمكن فهم تصريح سفير ترامب في إسرائيل ديفيد فريدمان بأن لإسرائيل الحق في ضم مستعمرات الضفة؛[1] قطاع غزة بالتالي هو الحيّز الفلسطيني المتاح والمسموح انفتاحه على الخارج عبر الحدود البرية المصرية والمفتوح (بشروط تقييدية) على البحر الأبيض المتوسط، والمفترض أن يكون مركز الحكم لما يمكن أن يطلَق عليه تعبير كيان فلسطيني (غير محدد الملامح وغير سيادي)، والذي سيكون متصلاً بمشاريع اقتصادية كبرى في صحراء سيناء، وفق ما يتردد عن صفقة القرن، وبما يفيد مصر والفلسطينيين على حد سواء، وطبعاً بتمويل عربي خليجي.

التفكير نفسه ينطبق على قضية اللاجئين الفلسطينيين، فهم في الضفة الغربية وغزة، وفقاً للرؤية الكوشنيرية، حُكماً مواطنون في الكيان الفلسطيني غير المحدد الملامح؛ في الأردن مواطنون درجة أولى كون قرابة 60% - 63% هم من أصول فلسطينية،[2] وهم مواطنون أردنيون بكل ما يعنيه مفهوم المواطنة، ما عدا فئة عددها محدود من لاجئي 1967؛ في مصر وعددهم يُقدّر بين 50,000 و100,000،[3] يمكن أن ينتقلوا إلى غزة أو المنطقة الاقتصادية المفترضة في سيناء وأمرهم بيد الحكومة المصرية؛ في العراق، وكان عددهم قرابة 35,000 لاجىء فلسطيني بعثرتهم سياسة التهجير الممنهجة بعد الاحتلال الأميركي للعراق في سنة 2003 بين البرازيل والسويد، لكنهم الآن لا يتجاوزون الـ 7000 فرد يقيمون في بغداد ومن دون حقوق.[4]

عملياً، فإن تمركز اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين التاريخية، يقع بين سورية ولبنان، إذ لجأ إلى لبنان بعد نكبة 1948 نحو 110,000 فلسطيني[5] بلغ عدد المسجلين منهم في سجلات الأونروا قرابة "455,000 شخص حتى حزيران / يونيو 2010"، و"في قيود المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين" نحو 490,000،[6] بينما لجأ إلى سورية 85,000 تقريباً،[7] وفي سنة 2011، وقبل اندلاع الأزمة السورية، قارب عددهم 600,000. غير أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد 71 عاماً من النكبة، هو 174,422 فرداً، وفق تعداد السكان والمساكن للاجئين الفلسطينيين في لبنان الصادرة نتائجه في نهاية سنة 2017،[8] وأقل من خمس عددهم موجود في سورية، جرّاء لجوء ونزوح العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين بسبب الاقتتال وتدمير بعض المخيمات ("تسببت الحرب بنزوح ما يقارب 280 ألف فلسطيني من أماكن إقامتهم الأصلية في سورية بالإضافة إلى حوالي 120 ألف لاجىء إلى خارجها").[9] هذا المتغير الديموغرافي، يجعل، وفق تفكير أصحاب "صفقة القرن"، هدف تصفية قضية اللاجئين مسألة سهلة لا تتعدى رشوة مالية للبنان والأردن المأزومَين اقتصادياً، وتدبيراً ما لهم في سورية التي تعيش حالة تطاحن داخلي، برعاية ومشاركة إقليمية ودولية لن تتيح للدولة المركزية أن تعود مجدداً ربما لعقود مقبلة، ومن ثم فإن قراراتها لن تكون مستقلة وسيادية، وإنما رهن مَن يفوز بالسيطرة من القوى الإقليمية والدولية الفاعلة، أمّا حل قضية اللاجئين الفلسطينيين فسيكون وفق موازين تلك القوى.

 

مشاريع توطين مبكرة

ما لا بد من الإشارة إليه، هو أن "صفقة القرن" ليست أول مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وخصوصاً مسألة اللاجئين، فقبل أن يستفيق الفلسطينيون من صدمة النكبة، وُضعت المشاريع الهادفة إلى تجنيسهم بجنسيات الدول المجاورة، أو إعادة توزيعهم في بلاد في الإقليم وخارج الإقليم.

ولا يبتعد دور كندا، الذي يظهر فجأة في كل مرة، عن مساعي تصفية قضية اللاجئين، وآخر تجلياته جولة لوفد كندي غير معلنة قبل أشهر إلى فلسطين ولبنان، إذ إنه بخلاف السائد أيضاً، لم يبدأ هذا الدور بمؤتمر مدريد في سنة 1991،[10] وإنما ظهر في أواخر سنة 1955 عندما زار وفد كندي لبنان "بالتنسيق مع الأونروا وبعلم الدولة اللبنانية لتشجيع النازحين بالهجرة إلى كندا، وخصوصاً الشباب الذين يملكون مؤهلات علمية." كما أن الولايات المتحدة كانت قد سبقت كندا "ففتحت اعتماداً خاصاً تمكنت بموجبه من فتح باب الهجرة أمام المئات من الفلسطينيين المقيمين في لبنان في عامَي 1955 و1956، وقَدِمت لجنة من الولايات المتحدة إلى لبنان خصوصاً لاختيار العدد المطلوب وفق المعايير الأميركية."[11]

وكانت خمسينيات القرن الماضي شهدت عدداً من مشاريع التصفية الأميركية للقضية الفلسطينية من باب قضية اللاجئين، منها: [12]

1 – "مشروع [وزير الخارجة الأميركي فوستر] دالاس" لسنة 1953، والذي أُعيد طرحه مجدداً في سنة 1955، وأهم ما تضمنه:

  • تتكفل الولايات المتحدة بإقامة مشاريع للري، ودفع تعويضات للاجئين.
  • تشكيل قوة عسكرية في المنطقة بإشراف الأمم المتحدة.
  • تسوية المشكلات العالقة بين العرب وإسرائيل، وفي مقدمها الجانب الاقتصادي (رفع المقاطعة).

2 – "مشروع [المبعوث الأميركي إيريك] جونستون" لسنة 1955، والذي تحدث عن "سلام اقتصادي"، وتضمن اقتراحاً لتشغيل اللاجئين وتوطينهم.

3 – "مشروع [الأمين العام للأمم المتحدة داغ] همرشولد" لسنة 1959، الذي دعا إلى مفاوضات عربية – إسرائيلية تضع حلاً لمسألة اللاجئين، وذلك عبر "توسيع برامج تأهيل اللاجئين وتعزيز قدرتهم على إعالة أنفسهم والاستغناء عن المساعدات التي تقدمها إليهم الأونروا"، و"توطين اللاجئين في الأماكن التي يقيمون فيها."

لم تنجح هذه المشاريع لأكثر من سبب، أهمها رفض اللاجئين الفلسطينيين تلك المشاريع، على ما يقول مسؤول لجنة اللاجئين في المجلس الوطني الفلسطيني صلاح صلاح في مقابلة مع كاتب المقالة في سياق مشروع وثائقي عن التجربة الفلسطينية في لبنان، مشيراً إلى أن حركة القوميين العرب ساهمت في إفشال هذه المشاريع عبر حملات التحريض والتوعية في المخيمات الفلسطينية في لبنان، والتي جاهر سكانها برفضهم تصفية قضيتهم عبر تلك المشاريع.[13]

 

تناقص عدد اللاجئين في لبنان

لكن يبدو أن مقاومة الفلسطينيين لمشاريع التوطين لم تحل دون وصولهم إلى نقطة بات فيها التوطين واقعاً، والتجنيس أو التهجير عملية جارية على قدم وساق، مع تشتيت اللاجئين عبر حروب وسياسات طاردة سهّلت تنفيذ مشاريع التصفية عملياً، على وقع خطابات الرفض النظرية.

وليس أكثر دلالة على ذلك، من الواقع الديموغرافي الحالي للاجئين الفلسطينيين في لبنان. فبمقارنة سريعة بين ثلاثة أماكن لجأ إليها الفلسطينيون بعد النكبة، يبرز أمامنا السؤال الكبير: أين ذهب اللاجئون الفلسطينيون إلى لبنان، ولماذا هاجروا، أو هُجّروا؟

مثلما ذكرنا سابقاً، فإن عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية ازداد من 85,000 شخص في سنة 1948 إلى نحو 600,000 في سنة 2011. وبقي في فلسطين في سنة 1948 قرابة 154,000، وفي سنة 2017 بلغ عددهم 1,560,000 تقريباً.[14] وكان عدد مَن وصل من فلسطين إلى لبنان في سنة 1948 قرابة 110,000 شخص، وأصبح عددهم 174,422 لاجئاً في نهاية سنة 2017!!

إذا افترضنا أن النمو السكاني للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1948 هو نمو "مقاوم"، بمعنى مواجهة الاستيطان اليهودي بخصوبة فلسطينية عالية، فإنه يمكن اعتماد النمو السكاني للاجئين الفلسطينيين في سورية، كمجتمعات مستقرة، مقياساً، الأمر الذي يُظهر أن النمو السكاني في لبنان سلبي.

 

من الترحيب إلى النبذ

بخلاف السائد لدى الرأي العام، الفلسطيني واللبناني والعربي، فإن الباحثين والمتابعين يعون أن توطين اللاجئين الفلسطينيين، وفق التعبير العلمي للتوطين، أُنجز عملياً منذ أن استقر اللاجئون في لبنان ومنذ أن وقّعت الدولة اللبنانية اتفاق المقرّ مع الأونروا بعد أن باشرت الأخيرة عملها في لبنان، وما تلا ذلك من إجراءات رسمية لبنانية مثل إنشاء إدارة خاصة باللاجئين الفلسطينيين. أمّا التجنيس (أي حيازة المواطنة كواحد من الحقوق السياسية السيادية للدول)، وهو ما يشار إليه بالتوطين حالياً (لبنان يتميز باختراع مضامين خاصة للكلام، فاللاجىء يتحول إلى نازح، والتوطين يصبح تجنيساً)، فهو الأمر الذي تهدف "صفقة كوشنير" إلى تنفيذه؛ وعند هذه المسألة يتحدد النقاش الجدي.[15]

على أن المسألة الفلسطينية في لبنان مرت بأطوار متعددة، فبدت في بدايتها إيجابية بصورة عامة، إذ استُقبل اللاجئون شعبياً ورسمياً بالترحاب، ثم انقلبت هذه العلاقة لاحقاً إلى علاقة سلبية.

تعيد الباحثة والأستاذة الجامعية جيهان صفير العلاقة الإيجابية إلى ما قبل سنة 1948، إذ إن فلسطين كانت خلال ثلاثينيات القرن الماضي "تستقطب العمّال من أنحاء الوطن العربي كافة"، وكانت "تشهد نمواً صناعياً حقيقياً جذب العمّال ورجال الأعمال والعرائس من لبنان وسورية [....] وخلال الأعوام العشرة التي سبقت اندلاع الحرب العاليمة الثانية، كانت فلسطين السوق الرئيسية للمنتجات اللبنانية، إذ تستهلك 50% تقريباً من مجموع الصادرات."[16]

وفي السياق نفسه يقول الباحث في الشأن الفلسطيني صقر أبو فخر، إن "سكان جنوب لبنان كانوا يتجهون في أعمالهم وتجارتهم إلى فلسطين، لأن بيروت كانت بعيدة نسبياً، وعلاقتهم بالجبل اللبناني محدودة." ويشير إلى أن فلسطين لم تستقطب العمالة اللبنانية فقط، بل الكفاءات السياسية والصحافية والتربوية والفكرية والفنية أيضاً، ومن هؤلاء "الصحافي الكبير نجيب نصّار من بلدة عين عنوب، وهو مؤسس مجلة (الكرمل) الحيفاوية، ووديع البستاني من قرية الدبّية، وعجاج نويهض من رأس المتن مؤسس صحيفة (العرب) وأحد مؤسسي حزب الاستقلال وسكرتير المجلس الإسلامي الأعلى، ونجيب عازوري من قرية عازور صاحب كتاب (يقظة الأمة العربية)، وجورج أنطونيوس من دير القمر صاحب كتاب (يقظة العرب)، والنائب والوزير منير أبو فاضل من عين عنوب الذي كان أحد أكبر ضابطين عربيين في الشرطة في فلسطين، والوزير إميل البستاني مؤسس شركة (الكات) المشهورة الذي عمل في بداية حياته المهنية في حيفا [....]."[17]

وقد أدى وجود الجامعة الأميركية في بيروت دوراً في العلاقة الإيجابية الفلسطينية – اللبنانية، فـ "خلال تلك الفترة كان أبناء النخبة العربية في فلسطين يستأجرون شققاً في رأس بيروت ويدرسون في الجامعة الأميركية هناك."[18]

ولأن الفلسطينيين كانوا شعباً مرتاحاً اقتصادياً قبل النكبة، فإن لبنان كان مقصدهم خلال فترة الصيف، "إذ كان لهم فيه عائلات وصداقات. وفي سنة 1947، كان الفلسطينيون يمثلون 50% من عدد السياح، وكانوا يستأجرون الفيلات في المنتجعات الجبلية، والشقق في بيروت، كما كانت الفنادق في صوفر وعاليه وبحمدون تمتلىء بهم. وقد كسب الاقتصاد اللبناني الكثير جراء تردد الفلسطينيين الدائم إلى الفنادق اللبنانية."[19]

ما تضمنه بحث صفير ومقالة أبو فخر، يشهد عليه وضع كاتب هذه المقالة؛ فجدّه اللبناني من قرية رامية قضاء بنت جبيل، لم يتمكن في قريته من استثمار ما جلبه من مال معه بعد عودته من المهجر الأميركي في الأرجنتين هو وشقيقه، وذلك لانعدام الإمكانات الاستثمارية، فتوجها إلى بلدة البصة الحدودية في شمال فلسطين، حيث عاشا منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي لبنانيَّين في فلسطين، وفي سنة 1948 عادا منها لاجئَين فلسطينيين في لبنان.

ورصد كاتب هذه المقالة كثيراً من شهادات اللاجئين الفلسطينيين، في سياق مشروع سلسلة وثائقية عن التجربة الفلسطينية في لبنان، تتحدث عن العمالة اللبنانية في شمال فلسطين وعن المستثمرين؛ وكان قد حصل في مطلع تسعينيات القرن الماضي على نصوص أُرسلت من شمال فلسطين، للاستخدام في برنامج "ثورة الحجارة" الذي أصبح لاحقاً اسمه "فلسطين اليوم" من إذاعة "صوت الشعب" في بيروت، والذي يتحدث عن الفولكلور الفلسطيني واللبناني المشترك. وأحد تلك النصوص هو عن سهرات بائع الأقمشة "البرجاوي" (نسبة إلى بلدة برجا في الشوف في لبنان) في قرى إصبع الجليل وكيف كانت تتميز برديات الزجل بينه وبين مضيفيه خلال ليالي السمر تلك.[20]

هذه العلاقة القائمة ما قبل النكبة، ساهمت، على ما يبدو، في استقبال شعبي (بصورة عامة وليس بالمطلق) تميّز بالإيجابية، فالمُسنّة الفلسطينية حسنية نصّار التي تسكن حالياً في مخيم برج البراجنة جنوبي بيروت، أخبرت كاتب المقالة، أيضاً في سياق الشهادات خلال الإعداد للسلسلة الوثائقية المذكورة سابقاً، أن عائلة مسيحية من رميش كانت تعيش في فلسطين وتربطها صداقة مع عائلتها، أصرت على استقبالهم في منزلها في رميش، ولم تنتقل العائلة الفلسطينية من عند العائلة اللبنانية بسبب خلاف ما، وإنما لأن الوالد كان يريد أن يصلي في الجامع، وهو أمر غير متوفر في رميش، فاختار أن يذهب إلى بنت جبيل. وجدّي بدوره عندما اضطر إلى الخروج من بلدة البصة في فلسطين بعد أن طلب جيش الإنقاذ من السكان المغادرة، عاش مع عائلته حتى سنة 1952 متنقلاً بين قرى بنت جبيل لدى أقربائه ومعارفه القدامى، قبل أن ينتقل إلى مدينة صور.

أمّا على المستوى الرسمي، فإن من المعروف أن عهد الرئيس بشارة الخوري تميز بتعاطف كبير مع اللاجئين الفلسطينيين، "وقد طلب الرئيس الخوري عقب النكبة من الجهات المختصة، تأمين المساعدات لهم، وحذا حذوه وزير الخارجية آنذاك، حميد فرنجية، الذي صرّح في إحدى جلسات البرلمان اللبناني قائلاً [....] سوف نستضيف الفلسطينيين، مهما كان عددهم ومهما كانت مدة بقائهم، ولن نتساهل في الإساءة بحقهم [....]."[21]

إذاً لماذا وكيف تدهورت العلاقات الفلسطينية – اللبنانية، وهل إن تدهورها هو نتيجة "التجاوزات الفلسطينية" في لبنان فقط، مثلما يُشاع إعلامياً وسياسياً في لبنان؟

لم يكن الفلسطينيون ولا اللبنانيون يعتقدون أن عودة اللاجئين ستطول، لكن بعد وقت قصير أدرك الطرفان أن لا عودة، وباتت السلطة السياسية في لبنان تنظر إلى اللاجىء الفلسطيني بعين الريبة، وكعنصر سيعبث بتكوين الهوية اللبنانية، فيما لو تم تجنيسه، فضلاً عن أنه بات خطراً أمنياً محتملاً بعد توقيع اتفاق الهدنة في سنة 1949.[22] ولهذا حُظر الوجود الفلسطيني في الشريط الحدودي، ثم عندما فقد العديد من الفلسطينيين ما جلبوه من مال معهم ولم يعودوا قادرين على دفع تكلفة معيشتهم، أصبح يُنظر إليهم كعبء اقتصادي، وإلى العمالة الفلسطينية كخطر يهدد العمالة اللبنانية. وساهم في تحول هذه النظرة الإيجابية إلى نظرة سلبية، حملات إعلامية شُنت في الصحف في حينه، وحملت كثيراً من العنصرية وخطاب الكراهية، وفق ما قال صلاح صلاح لكاتب هذه المقالة، في سياق السلسلة الوثائقية المذكورة سابقاً.

في هذا السياق، تنقل صفير في دراستها عن لاجئة فلسطينية قولها: "كان كثيرون من اللبنانيين يعتقدون أننا أغنياء، وأننا نكنس النقود في شوارع فلسطين. لم يصدقوا أننا فقدنا أموالنا. بعد سنة 1948، استأجرنا شقة لمدة عام في فرن الشباك، وعندما لم نعد نستطيع دفع أجرتها اضطررنا إلى الانتقال إلى مخيم جسر الباشا."[23]

في الأعوام الأربعة الأولى بعد النكبة، تولى الصليب الأحمر وجمعيات خيرية (ولا سيما كنسية)، مهمة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين الذين جرى تجميعهم في مخيمات افتقرت إلى ظروف الحد الأدنى للعيش، وبدآ بتسجيل اللاجئين بهدف تنظيم عمليات توزيع مواد الإغاثة. واعتباراً من سنة 1952، تسلمت الأونروا العمليات في المخيمات، علماً بأنها تأسست في نهاية سنة 1949، وباشرت عملياتها اعتباراً من سنة 1954، ومن ضمن ما تسلمته، الوثائق التي تضم أسماء اللاجئين الفلسطينيين.[24]

غير أن المساعدات التي كانت تقدمها الأونروا لم تكن كافية لحياة كريمة للاجئين الفلسطينيين الذين بحثوا عن أي عمل يؤمن لهم دخلاً يقيهم العوز، وفعلاً انخرط الفلاحون في قطاع الزراعة الذي ازدهر كثيراً، وخصوصاً غرس بساتين الحمضيات (اشتهرت عائلة عطايا من قرية الزيب في فلسطين في هذا المجال)، وزراعة الخضروات، في السهول الساحلية الممتدة بين الناقورة وصيدا، وفي الحقول الواسعة في سهل البقاع، وفي شمال لبنان في حقول عكّار الواسعة التي كان يُزرع فيها القمح والأعلاف. وطوّر اللاجئون أسواقاً داخل مخيماتهم وعلى أطرافها، اشتهر منها سوق مخيم نهر البارد في منطقة عكار، وسوق مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا، كما عمل سكان مخيمات بيروت وضواحيها في قطاع الصناعة والتجارة كأُجراء، وكثير من الأيدي العاملة الفلسطينية استُخدم في رصف الطرقات، وخصوصاً الطريق الدولية بين طرابلس وسورية، وفي الأشغال الشاقة. وقد بلّغني والد صديقة لي أنه وعمال فلسطينيون عملوا طويلاً في ردم هوّة في إقليم الخروب، نتجت من زلزال 1956، وكانوا يضطرون إلى النزول مسافات طويلة في هذه الهوّة بواسطة الحبال.

وتقول نصّار في شهادتها أمام كاتب المقالة: "إحنا ما مدينا إيدنا لحدا وما شحدنا، نزلنا على الأرض واشتغلنا وزرعنا وأكلنا. كانت المنطقة هون [تقصد الضاحية الجنوبية حيث يقع مخيم برج البراجنة] أرض مش مبنية متل اليوم، ومكنش فيها زراعة... زرعناها وكنا نطلّع مصروفنا وناكل من الخضرة اللي كنا نزرعها."

أمّا المتمولون الفلسطينيون، وأصحاب الكفاءات، فكان لهم مساهمات مميزة في ازدهار الاقتصاد اللبناني، وفي مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، فضلاً عن قطاعات التربية والفنون على مختلف صنوفها.

فالمتمولون الفلسطينيون حملوا معهم إلى لبنان "نحو 150,000 جنيه استرليني، أي ما يعادل اليوم 15 مليار دولار بالأسعار الجارية [....] وكان لإقفال مطار اللد شأن في تحويل خطوط الملاحة الجوية في المنطقة إلى بيروت [....] وكذلك كان لإقفال ميناء حيفا أثر إيجابي على ميناء بيروت الذي حل محله في نقل البضائع إلى سورية والعراق والسعودية." وبرز من رجال الأعمال كثيرون "ممّن كان لهم شأن في الازدهار اللبناني"، أمثال: يوسف بيدس؛ حسيب الصبّاغ؛ سعيد خوري؛ رفعت النمر ونجله رامي النمر؛ باسم فارس؛ بدر الفاهوم؛ زهير العلمي؛ أودين أبيلا؛ ريمون عودة؛ توفيق غرغور؛ تيوفيل خوري... إلخ. وفي مجال الفنون والموسيقى والمسرح برز: مروان جرار؛ وديعة حداد جرار؛ ألفاريس بوليس؛ سلفادور عرنيطة؛ حليم الرومي؛ صبري الشريف... إلخ.[25]

يمكن أن يتواصل التعداد فيطاول مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والتربوية والفنية، التي سنجد فيها رواداً فلسطينيين أسسوا أو طوروا، لكن هذه المقالة ليست بصدد التوسع هنا. والمرور على بعض الأسماء إنما هو بهدف تأكيد المؤكد، وفحواه أن الفلسطينيين لم يكونوا يوماً عامل تقويض للاقتصاد والثقافة والعلم في لبنان، بل على العكس، كانوا رواداً في حقولهم.

إن الأغلبية العظمى من المتمولين والمبدعين الفلسطينيين جرى تجنيسهم في وقت مبكر، أيام الرئیس الراحل كمیل شمعون، وبين العائلات التي جرى تجنيسها: حداد؛ بیدس؛ الصباغ؛ خوري؛ النمر؛ فارس؛ الفاهوم؛ العلمي؛ الشاعر؛ غرغور؛ أبیلا؛ عودة... إلخ.[26]

ولم يتوقف أمر التجنيس عند المتمولين والمبدعين الفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين، وإنما طاول أيضاً معظم المسيحيين الفلسطينيين، وخصوصاً في خمسينيات القرن الماضي وستينياته. ويشير الباحث صقر أبو فخر، نقلاً عن دوري شمعون، نجل الرئيس الراحل كميل شمعون، أنه تم في عهد والده تجنيس نحو 35,000 فلسطيني، كما ينقل معلومة عن الأديب الراحل سعيد عقل، الذي ناصب الفلسطينيين عداء واضحاً، أنه اصطحب المبدع الفلسطيني صبري الشريف في زيارة للرئيس شارل الحلو، وخاطب الرئيس قائلاً "هل تريد أن يموت هذا العبقري فلسطينياً؟" وهكذا حاز صبري الشريف الجنسية اللبنانية.[27]

لقد امتص لبنان إذاً، الأموال النقدية التي جلبها المتمولون الفلسطينيون، واستفاد من الكفاءات في مختلف القطاعات الاقتصادية والإبداعية، ومن العمالة الفلسطينية الماهرة والرخيصة، وأعطى الجنسية اللبنانية لأصحاب الأموال والكفاءات كي يسهّل انخراطهم في القطاعات الاقتصادية من دون حاجة إلى إصدار قوانين خاصة، كما أعطى الجنسية لمعظم المسيحيين بهدف ردم هوة الخلل الديموغرافي الطائفي، وبات ما تبقّى من الفلسطينيين بمثابة عبء يريد التخلص منه.

 

سياسة عدم الإبقاء

لقد أثارت وسائل إعلام لبنانية وسياسيون لبنانيون، وما زالوا يثيرون مسألة توطين اللاجئين الفلسطينيين وتجنيسهم، لأهداف داخلية، وخصوصاً التخويف من زيادة عدد المسلمين السنّة، لأن الفلسطينيين في معظمهم، من المسلمين السنّة... وذلك عبر تحريض عنصري على الفلسطينيين بما يعرّض حياتهم للخطر. وهنا أمثلة سريعة لهذا التحريض:

  • في 10 أيلول / سبتمبر 2014 نشر موقع " NOW" الإخباري اللبناني تصريحاً لوزير الخارجة الحالي ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، بعنوان "قانون تملّك الاجانب يحتاج إلى تعديل"، قال فيه: "المصلحة العامة الوطنية تقتضي الحفاظ على الأرض لأن هناك تجربة أهالي فلسطين الذين خسروا وطنهم عندما باعوا أراضيهم"، متهماً بذلك الفلسطينيين ببيع أرضهم؛ ومحرضاً اللبنايين عليهم، بصفتهم خطراً يتهدد الديموغرافيا اللبنانية.
  • في مقالة بتاريخ 21 آذار / مارس 2016 كتب طوني عيسى في جريدة "الجمهورية" تحت عنوان "مخاوف فلسطينية: (الأونروا) تنهار ثم التوطين؟" يستنتج فيه أن دول الخليج تعمل على ترحيل اللبنانيين الشيعة وتشغيل لاجئين فلسطينيين مكانهم في سياق إعادة توطين الفلسطينيين. وفي هذه المقالة يخرج الكاتب عن نغمة التوطين في لبنان، مستبدلاً إياها بأن الفلسطينيين أصبحوا خطراً على العمالة اللبنانية (الشيعية) في دول الخليج... وهو تحريض للشيعة اللبنانيين على اللاجئين الفلسطينيين بشكل فظ وإن كان غير مباشر.
  • كثيراً ما حاولت وسائل إعلام لبنانية وسياسيون تكبير حجم الوجود الفلسطيني العددي في لبنان كفزاعة، مشيرين إلى ذلك بمناسبة وغير مناسبة. ففي مقالة في جريدة "الجمهورية" للصحافي جورج شاهين في 24 أيار / مايو 2016، بعنوان "هل أخطأ لبنان في ترجمة تقرير بان؟" تناول الكاتب كلام بان كي مون بشأن ضرورة توطين اللاجئين السوريين في البلاد التي لجأوا إليها؛ وقد ترددت كلمة فلسطين / ي / ية 9 مرات، للإشارة إلى أن وجودهم في لبنان فاق 6 عقود، وأنهم لا يزالون موجودين فيه، وأن تجنيس 250,000 فلسطيني هو أمر يزيد في مخاطر تجنيس اللاجئين السوريين، وفقاً لوجهة نظره. والصحيح أن مجمل مَن تم تجنيسهم في مرسوم التجنيس لسنة 1994، هم 250,000 شخص، 80% منهم من المسلمين و20% من المسيحيين، ومعظمهم لبنانيون مكتومو الجنسية من عرب وادي خالد وأفراد من عشائر عربية أُخرى في البقاع ومَن يُعرفون بـ "النوّر" (الغجر). أمّا أولئك الذين أُثيرت ضجة بشأن تجنيسهم فهم من القرى السبع اللبنانية ومعظمهم من الطائفة الشيعية وأقلية من المسيحيين، ومن بلدات وقرى إصبع الجليل السنّة، وعددهم يتراوح بين 15,000 و26,000.
  • المخيمات الفلسطينية في لبنان محاطة بإجراءات أمنية مشددة من طرف الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية، والدخول إليها والخروج منها يتم عبر ممر أو اثنين فقط يكون عليهما نقطة للجيش والاستخبارات. وعلى الرغم من ذلك، فإن أي حديث عن الإرهاب في لبنان يُزج بالمخيمات فيه على أنها حاضنة لإرهابيين ملاحقين، الأمر الذي يُعدّ تحريضاً على المخيمات، ويعرّض اللاجئين الفلسطينيين لخطر أمني.
  • في مقالة كتبتها لينا فخر الدين في جريدة "السفير" بتاريخ 5 كانون الثاني / يناير 2016، بعنوان "هؤلاء هم الصيد الثمين الذين وقعوا بيد الأجهزة الأمنيّة خلال 2015" تكررت كلمة مخيم / ات (فلسطينية في بيروت وصيدا) 10 مرات على أنها مأوى لإرهابيين، وخصوصاً مخيم عين الحلوة الذي يتم الحديث عنه على أنه مركز قيادة لتنظيم "داعش"، علماً بأن مساحة مخيم عين الحلوة أقل من كيلومتر مربع واحد.
  • في مقالة افتتاحية في جريدة "السفير" في 17 تشرين الثاني / نوفمبر 2015، بعنوان "ماذا تتضمن الوثائق التي صادرها الأميركيون من مقر (أبو سيّاف)؟ (داعش) اللبناني يترنح.. والأولوية لوقف تهريب الإرهابيين"، تتردد كلمة مخيم (فلسطيني) 4 مرات في سياق بثّ شائعات عن وجود بؤر إرهابية في مخيمَي برج البراجنة (بيروت) وعين الحلوة (صيدا)، وهذان المخيمان هما الأكبر في لبنان بعد تدمير مخيم نهر البارد في سنة 2007.

هذا التحريض الإعلامي هو عيّنة صغيرة ومحدودة زمنياً، كان لها مثيلها ما قبل وما بعد، ولا تزال تتكرر حتى الوقت الحاضر، لكن ما هو أخطر من التحريض الإعلامي، تجهيل اللاجئين الفلسطينيين في القوانين، ومحاصرتهم بالإجراءات العملية، فضلاً عن تدمير بنيتهم الاجتماعية عبر تدمير بعض المخيمات، وحصار ما تبقّى منها، بما يجعلهم يشعرون بعدم الأمان، وبرغبة المجتمع المضيف في إبعادهم، وفتح المجال واسعاً أمام هجرة منظمة لكن مستترة.

عبر تاريخ وجود الفلسطينيين في لبنان، تم تدمير 3 مخيمات بشكل كلي هي مخيمات النبطية (1974) ومخيما تل الزعتر وجسر الباشا (1976)، ولم يُعَد بناؤها، وواحد أُخلي جزئياً من سكانه (ضبية 1976)، فضلاً عن مخيم نهر البارد الذي دُمّر عن بكرة أبيه في سنة 2007 بسبب الحرب بين الجيش اللبناني وتنظيم "فتح الإسلام" الإرهابي، وقد دار سجال وجدال واسعان ابتُدعت فيهما أسباب لتأخير بنائه، وعندما فشل المعرقلون، بدأت عملية إعادة البناء متأخرة، لكن بعد مرور 12 عاماً على مأساة المخيم، فإن العمل المفترض أن ينتهي في غضون عامين لم يتم إنجازه. وبعد وقبل، عملت المجازر والحروب فعلها: بدءاً بمجزرة مخيم شاتيلا في سنة 1982، وليس انتهاء بحرب المخيمات (1985 – 1987) التي دمرت هذا المخيم المنكوب ومعه مخيم برج البراجنة، وتم خلالها حصار مخيمات منطقة صور في الجنوب اللبناني، واستباحتها.

فضلاً عن ذلك، فإن مخيمات الجنوب باتت مغلقة تماماً، وخصوصاً مخيم عين الحلوة الذي أحيط بجدار عزل، ونُصبت بوابات على مداخله، تُفتح وتُغلق وفق "الضرورات الأمنية"، وتحيطها إجراءات أمن مشددة تعرقل حركة انتقال السكان من المخيم وإليه، فضلاً عن منع و/ أو تقنين إدخال مواد البناء إلى تلك المخيمات.

لقد دفعت تلك الحروب على المخيمات آلاف الفلسطينيين إلى الهجرة، وخصوصاً إلى أوروبا الغربية، بين منتصف سبعينيات القرن الماضي وتسعينياته، ولم تتوقف حتى اليوم، وإنما زادت وتيرتها، متخذة شكل هجرة منظمة ومستترة كما ذكرنا سابقاً.

على أن ما عانته المخيمات وتعانيه ليس وحده مسببات الهجرة، فالقوانين الملتبسة والإجراءات الطاردة والزاجرة والتهميش، فضلاً عن تخلّي منظمة التحرير عن مسؤولياتها تجاه اللاجئين، وضعف أداء الفصائل "الوطنية" والاستخدام المفرط والانتهازي للفصائل "الإسلامية" لقضايا اللاجئين، كلها أسباب تأسيسية و / أو مساعدة في مسار تيئيس اللاجئين الفلسطينيين، ودفعهم إلى البحث عن خيار الهجرة.

إن كلمتَي فلسطين والفلسطينيين لم تردا بأي قانون لبناني قبل سنة 2010، وجلّ ما وردتا فيه هو قرارات ومراسيم وزارية وحكومية وأمنية، كتوقيع اتفاق المقرّ مع الأونروا في مطلع خمسينيات القرن الماضي، وإنشاء مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين" في سنة 1959،[28] واتفاق القاهرة في سنة 1969، وهو بمثابة اتفاق دولي صادق عليه مجلس النواب وجرى إلغاؤه من الجانب اللبناني في سنة 1987.

المرة الوحيدة التي ذُكرت كلمة الفلسطينيين فيها كانت بتعديل قانونَي العمل والضمان الاجتماعي في سنة 2010، وهو تعديل ملتبس أعطى الفلسطينيين حقاً بالاستحصال على إجازة عمل مجانية، لكن فرض عليهم دفع مستحقات الضمان كلها، والاستفادة فقط من تعويض نهاية الخدمة، وعدم الاستفادة من الضمان الصحي والأمومة والطفولة التي تُدفع رسومها. كما أن القانون لا يتيح للفلسطينيين العمل في المهن الحرة (20 مهنة)، ولم تصدر المراسيم التطبيقية له، وهو ما ترك الأمر لميول الوزير، فيحظر ويسمح ويُقيد ويُيَسر وفق أهوائه، وقد تسبب ذلك بعدم إقدام أرباب العمل واللاجئين على طلب الاستحصال عليها. وظهرت نتائج هذا الأمر جليّة خلال حملة وزارة العمل في تموز / يوليو 2019، لمنع العمالة الأجنبية المخالفة، وكادت تُحدث فوضى، بسبب احتجاجات في المخيمات وتأييد لبنانيين للفلسطينيين ومناهضة آخرين لهم.

إن الشخصية القانونية للاجىء الفلسطيني في لبنان، وهي حق تنص عليه شرعة حقوق الإنسان، غامضة بقدر غموض القوانين اللبنانية واحتمالات تأويلاتها المتعددة: فهو لاجىء أو أجنبي أو فاقد الهوية أو لا جنسية له، تبعاً لما يقتضيه الأمر من منعه من نيل حق من الحقوق. والأنكى أنه كائن غير موجود وفق قانون تعديل قانون التملك للأجانب لسنة 2001، الذي حرمه من حق التملك ومن توريث ملكه لأبنائه.[29]

هذه الظروف كلها، دفعت اللاجئين الفلسطينيين، إلى البحث عن حلول، داخل لبنان من خلال المذكرات المرفوعة إلى مجلسَي النواب والوزراء، وإلى الوزراء والنواب اللبنانيين، ومن خلال احتجاجات كان أكبرها في سنة 2010 في مسيرة الحقوق المدنية التي جاء بعدها تعديل قانون العمل، وصولاً إلى احتجاجات تموز / يوليو 2019، التي كانت صغيرة ولم يتمكن المتظاهرون فيها من بلوغ مبنى مجلس النواب في وسط بيروت بسبب منعهم من طرف الجيش اللبناني.

 

المنظمة والفصائل الفلسطينية مسؤولة أيضاً

من دون التقليل من العوامل اللبنانية الطاردة للاجئين الفلسطينيين، فإن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لجميع الفلسطينيين، وعلى الفصائل الفلسطينية مجتمعة ومنفردة.

لقد مر زمن كان في إمكان منظمة التحرير الفلسطينية، بما ملكت من علاقات وتأثير في أجهزة الدولة اللبنانية ومؤسساتها، أن تفرض تعديلات قانونية تتيح للاجئين التمتع بحقوقهم التي ينص عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان. فبند الحقوق المدنية تصدّر اتفاق القاهرة لسنة 1969،[30] لكن ما اهتمت به المنظمة هو الجانب الأمني والعسكري وتوسيع رقعة الانتشار المسلح للفصائل، وقد دفع اللاجئون الفلسطينيون ثمن ذلك لاحقاً، بعد أن أُجبرت المنظمة والفصائل على مغادرة بيروت عقب الاجتياح الإسرائيلي في سنة 1982.

وأدت ممارسات سلبية للمنظمة والفصائل، شابت مرحلة منتصف السبعينيات حتى سنة 1982، دوراً في توسيع دائرة معاداة الفلسطينيين، من اليمين المسيحي المتبرّم من الوجود الفلسطيني أصلاً، إلى حلفاء مفترضين، وخصوصاً حركة "أمل" الشيعية، بل المجتمع الشيعي في الجنوب اللبناني، وظهر الأمر جلياً خلال اجتياح سنة 1982.

وبينما كان لبنان يتهيأ لتخريج اتفاق لإنهاء الحرب الأهلية، تمثل في اجتماع النواب وشخصيات مؤثرة في مدينة الطائف السعودية التي سُمي اتفاق إنهاء الحرب باسمها، كانت منظمة التحرير تتلهى بالبحث عن دور في تسويات مقبلة كانت بداياتها مؤتمر مدريد الذي عُقد في سنة 1991، ثم الغوص لاحقاً في مستنقع مفاوضات أوسلو عقب مؤتمر مدريد، والذي نجم عنه اتفاق إنشاء السلطة الفلسطينية في واشنطن في أيلول / سبتمبر 1993، إذ بات اللاجئون بعدها من دون غطاء فعلي، وخصوصاً مع بدء عمل السلطة الفلسطينية في سنة 1994. وفي أعقاب أول انتخابات في سنة 1996، بات اللاجئون مهمشين، وقد ترك تهميش اللاجئين ومخيماتهم في لبنان ثغرات كبرى تمكنت مجموعات إسلامية متطرفة من احتلالها، وخصوصاً مخيم عين الحلوة الذي لا يزال يعاني وجود تلك المجموعات على الرغم من أنها أضحت ضعيفة جداً.

لم تلتفت منظمة التحرير الفلسطينية إلى اتفاق الطائف، فخلا من أي ذكر للفلسطينيين، كأنهم غير موجودين فوق الأراضي اللبنانية، ثم جاء تنفيذ الاتفاق، واتفقت حكومة ما بعد الطائف على عفو عام لم يستفد الفلسطينيون منه. وتفاقمت الإجراءات المعرقلة لحياة الفلسطينيين بشكل متصاعد، وضاقت الدنيا اللبنانية عليهم، بينما فشلت الفصائل الفلسطينية في إدارة هذا الصراع الخفي.

 

الهجرة هي آخر حيّز متاح

لم يبقَ أمام اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين قاوموا مشاريع التهجير والتجنيس طويلاً، سوى الرضوخ بعدما سُدت في وجههم سبل العيش الكريم، وطرق باب الهجرة، وكان اللافت تشكيل مجموعة تنادي بـ "حق الهجرة"، جمعت حولها مئات الشابات والشبان الفلسطينيين، وكانت شرارة انطلاقة الحملة الداعية إلى "حق الهجرة" تعليقاً على موقع فايس بوك لشاب فلسطيني تناقله عدد كبير من الشبان والشابات، وأعقبه تنظيم تظاهرات أمام بعض السفارات، واعتصامات داخل المخيمات.

وفي مقالة لي نشرتها مجلة "جدل" الصادرة عن مؤسسة "مدى الكرمل" ضمن ملف عن الشباب الفلسطيني، عنوانها "الحراكات الشبابية الفلسطينية في لبنان بين (العودة) و(تحسين مستوى المعيشة)"، أجابني شاب رفض نشر اسمه أن الحياة "باتت مستحيلة مع جميع القيود الاقتصادية والاجتماعية والقانونية المفروضة، وبعدما تخلت كل الفصائل عملياً عن حق العودة، وتركت اللاجئين إلى مصيرهم، وفشلت حتى في تأمين الحد الأدنى من الحقوق لهم في لبنان."[31]

إن مخاطر "التهميش" و"الإقصاء" و"الاستغلال / الاستقطاب"، والمخطط الأميركي / الإسرائيلي الهادف إلى إلغاء الأونروا التي يراها كثيرون تخلياً دولياً عن المسؤوليات تجاه اللاجئين الفلسطينيين، كلها عوامل تدفع اللاجئين الفلسطينيين إلى اليأس، ومن اليأس تأتي محاولات الهجرة الخطرة منها والمنظمة، مثل تلك التي نفذها مكتب جمال غلاييني المشهور، والذي كان يستوفي مبالغ تتراوح بين 8000 دولار أميركي و12,000 دولار عن كل فرد يود الهجرة، وهي مبالغ عالية جداً دفعت بآلاف الفلسطينيين إلى بيع ما يملكون لتأمينها والسفر إلى أوروبا الغربية، من خلال تسهيلات في مطار بيروت الدولي، تشي – على الأقل – بغضّ الطرف عن مرورهم من دون أي عائق أمام السلطات الأمنية المختصة في المطار. وفي تسجيل صوتي للغلاييني في منتصف سنة 2019، راح يصبّ جام غضبه على انتقادات من شبان فلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً أنه عمل معروفاً مع الفلسطينيين بتسفير أكثر من 4500 لاجىء خلال عامَين.[32]

 

عودة إلى كوشنير وما يخطط للاجئين

لقد رفض اللاجئون الانتقال إلى مخيمَي البداوي والنبطية اللذين بُنيا في سنة 1954 بشكل نموذجي، معتبرين أن الأمر مريب ويهدف إلى توطينهم مقدمة للتجنيس، وهو أمر لم يتحقق سوى باستخدام القوة عبر القوى الأمنية اللبنانية التي أجبرت اللاجئين على الانتقال بالقوة إلى السكن فيهما.[33]

وأفشل اللاجئون الفلسطينيون جميع مشاريع التهجير والتوطين والتجنيس التي قادتها واشنطن والأمم المتحدة، لكن الوضع تغير كثيراً، فما كان مرفوضاً بالأمس صار مطلوباً اليوم.

والنتيجة التي يمكن استخلاصها من قراءة متأنية لمجمل تجربة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فإن الأرض سُلمت إلى السيد كوشنير محروثة ومبذورة، بل ناضجة وقابلة لقطف الثمار.

وبناء على هذا الواقع، أعن كوشنير خلال ورشة البحرين وعلى هامشها، أن مبلغ 6 مليارات دولار خُصص للبنان، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وهو أمر جاءت الردود عليه بين رافضة لمنطق التوطين برمّته من أصله إلى فصله، وبين بعض التعليقات التي رأت أن مبلغ 6 مليارات دولار هو ثمن بخس لشراء التوطين. وعلى سبيل الفكاهة فقط، فإن مبلغ الـ 6 مليارات كافٍ ووافٍ، إذا ما قُسّم على عدد ما تبقّى من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إذ إن لبنان سيكون قد تقاضى مبلغ 34,399 دولاراً عن كل لاجىء فلسطيني؛ وللمصادفة على الأرجح، فإن رقماً لتعويضات متخيلة للاجىء الفلسطيني كنا نسمعها ونحن صغار السن، كان يتراوح بين 25,000 دولار و35,000 دولار!!

إن منع التوطين (التجنيس) لا يكون بنص دستوري في مقدمة دستور لبنان، ولا بتذييل قوانين تنص على هذا المنع، ولا بطلب مبالغ طائلة ثمناً، وإنما بإعطاء الحقوق المشروعة، المدنية والسياسية كلها، من دون التجنيس (إذا ارتأى أصحاب الشأن ذلك)، والكف عن التمييز العنصري وخطاب الكراهية المتفشي تجاه الفلسطينيين، وأولاً وآخراً بعودة منظمة التحرير إلى القيام بدورها في رعاية الفلسطينيين: كل الفلسطينيين، الداخل الفلسطيني، أو في دول اللجوء أو في الدياسبورا الجديدة، في بلاد الله الواسعة، وتوقُّف الفصائل الوطنية والإسلامية عن المزايدات وركوب موجة "الترند" السائدة هذه الأيام على شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

[1] David M. Halbfinger, “U.S. Ambassador Says Israel Has Right to Annex Parts of West Bank”, New York Times (New York), June 8, 2019.

[2] عريب رنتاوي، "الفلسطينيون في الأردن وأسئلة 'المواطنة' و'الوطنية' "، "السفير" – "ملحق فلسطين" (بيروت)، نيسان / أبريل 2011.

[3] لمزيد عن اللاجئين الفلسطينيين في مصر، انظر: حسن شاهين، "مصر: فلسطينيون في قبضة النسيان"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 99 (صيف 2014)، ص 157 – 164.

[4] زهير هواري، "فلسطين الشتات... انقراض لاجئي 1948 في العراق (الحلقة 6)"، "العربي الجديد" (لندن)، 20 / 5 / 2018.

[5] عدد اللاجئين إلى لبنان في سنة 1948 مستقى من موقع "رحلات فلسطينية – المسرد الزمني"، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/yy2on5ek

[6] عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في قيود الأونروا ووزارة الداخلية اللبنانية مستقى من موقع مجلس النواب اللبناني، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y6eswxp8

[7] عدد اللاجئين إلى سورية سنة 1948 مستقى من موقع "رحلات فلسطينية – المسرد الزمني"، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/yyo7st4s

[8] "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان: النتائج الرئيسية 2017"، الجمهورية اللبنانية – رئاسة مجلس الوزراء – لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، ص 18.

[9] "المهجرون الفلسطينيون في الشمال السوري"، موقع "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y3397la4

[10] اتُّفق في الجولة الأولى من المحادثات المتعددة الأطراف، المنبثقة من مؤتمر مدريد، والتي عُقدت في موسكو في 28 / 1 / 1992، وقاطعتها سورية ولبنان، وكذلك منظمة التحرير الفلسطينية، على الرغم من وجود الوفد الفلسطيني في العاصمة الروسية، على تشكيل خمس لجان هي: لجنة البيئة ومنسقها اليابان؛ لجنة الأمن ومراقبة التسلح ومنسقها الولايات المتحدة وروسيا؛ لجنة اللاجئين ومنسقها كندا؛ لجنة التنمية الاقتصادية ومنسقها الاتحاد الأوروبي؛ لجنة المياه ومنسقها الولايات المتحدة. واتُّفق على أن تدير هذه اللجان الخمس لجنة التوجيه برئاسة الولايات المتحدة. وللمزيد عن مؤتمر مدريد انظر الموقع الإلكتروني لـ "الموسوعة الفلسطينية"، في الرابط التالي: https://tinyurl.com/y6rcyk7g

[11] صلاح صلاح، "من ضفاف البحيرة إلى رحاب الثورة" (بيروت: دار الفارابي، 2016)، ص 183.

[12] انظر مشاريع التوطين في: المصدر نفسه، ص 180 – 182.

[13] خلال خمسينيات القرن الماضي ومطلع ستينياته، كانت حركة القوميين العرب الجهة الأكثر تمثيلاً وفاعلية بين فلسطينيي لبنان، وقد شكلت، وفق صلاح صلاح، كياناً أُطلق عليه اسم "الشباب العربي الفلسطيني"، وتولى مسؤولية تعبئة الجمهور الفلسطيني في المخيمات الذي خرج في تظاهرات منددة بمشاريع تصفية قضية اللاجئين.

[14] انظر تقرير "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" في الرابط الإلكتروني التالي:

http://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=3136

[15] توطين اللاجئين (بالإنجليزية: repatriation of refugees)، يعني إسكان اللاجئين، أمّا التجنيس (naturalization)، فيعني منح الدولة جنسيتها لغير مواطنيها. وفي لبنان، حيث جرى إسكان اللاجئين الفلسطينيين وقوننة إقامتهم منذ سنة 1948، فإن استخدام كلمة التوطين سياسياً يتم بمضمون توصيفي (أونطولوجي) هو تجنيس، وذلك بهدف الهروب من متطلبات القانون الدولي بما يتعلق بمسألة اللاجئين لجهة حقهم في حيازة الجنسية بعد توطينهم، مثلما يطلَق على اللاجئين السوريين في لبنان مضمون توصيفي هو "نازحين"، للتهرب من إلزامية إعطائهم حقوقاً ينص عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان كلاجئين بسبب الحروب، والتي يرفض لبنان تلبيتها.

[16] جيهان صفير، "الفلسطينيون في لبنان: نشوء مفهوم 'العدو الداخلي' "، في: محمد علي الخالدي (تحرير)، "تجليات الهوية: الواقع المعاش للاجئين الفلسطينيين في لبنان" (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2010)، ص 20.

[17] صقر أبو فخر، "الفلسطينيون في لبنان: أحوالهم ومشكلاتهم ومطالبهم". هناك نص كامل لمقالة أبو فخر غير منشور، أمّا ما نُشر في "السفير"، "ملحق فلسطين" (بيروت)، أيار / مايو 2011، بالعنوان نفسه، فلا يتضمن كثيراً من الفقرات من النص غير المنشور، ومنها تلك التي تستشهد بها هذه المقالة. نص جريدة "السفير" في الرابط الإلكتروني التالي:

http://palestine.assafir.com/Article.aspx?ArticleID=1893

[18] جيهان صفير، "الفلسطينيون في لبنان..."، مصدر سبق ذكره، ص 21.

[19] المصدر نفسه.

[20] كان كاتب المقالة مسؤولاً عن تحرير برنامج "ثورة الحجارة"، ثم "فلسطين اليوم" من إذاعة صوت الشعب بين سنتَي 1988 و2000.

[21] دراسة للمنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (حقوق) بعنوان: "قوانين العمل اللبنانية وأوضاع الفلسطينيين: إسهامات الفلسطينيين في الاقتصاد اللبناني" (أيار / مايو 2009)، ص 9، الهامش رقم 10 [نقلاً عن سجلات الجلسة السابعة لمجلس النواب اللبناني في 12 أيار / مايو 1948].

[22] انظر وثيقة اتفاق الهدنة في موقع "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، في الرابط الإلكتروني التالي:

https://www.palestine-studies.org/sites/default/files/Armistice_agreement_between_lebanon.pdf

[23] صفير، "الفلسطينيون في لبنان..."، مصدر سبق ذكره، ص 21.

[24] للمزيد عن تأسيس المخيمات وتولّي الأونروا مهامها، انظر الموقع الإلكتروني للأونروا، في الرابط التالي:

https://www.unrwa.org/ar/where-we-work/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86

[25] صقر أبو فخر، مصدر سبق ذكره.

[26] للتوسع أكثر في شأن العائلات التي جرى تجنيسها انظر: جمال واكيم، "اضطهاد الفلسطينيين... ضرورة لبنانية"، موقع "الرأي الآخر"، في الرابط الإلكتروني التالي:

https://www.rai-akhar.com/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=1137&Itemid=39

[27] كلام الباحث صقر أبو فخر جاء خلال مقابلة مع كاتب هذه المقالة في سنة 2018، في سياق الإعداد لسلسلة وثائقية عن التجربة الفلسطينية في لبنان.

[28] "بتاريخ 31 آذار [مارس] 1959، صدر المرسوم الاشتراعي رقم 42 القاضي بإنشاء (إدارة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في وزارة الداخلية والبلديات) اللبنانية، ونُظمت أحكامه بالمرسوم رقم 927 الصادر بالتاريخ ذاته، والذي حدد مهام إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في وزارة الداخلية والبلديات.

"في تطور لاحق، أصدر مجلس الوزراء اللبناني في جلسته المنعقدة بتاريخ 4/10/2000 المرسوم رقم 4082 لتنظيم وزارة الداخلية والبلديات، الذي ألغى فيه الصيغة السابقة للمديرية العامة للشؤون السياسية لشؤون اللاجئين الفلسطينيين، وألحقها لتصبح جزءاً من المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين، مسقطاً كلمة الفلسطينيين التي تدل على خصوصيتهم، رغم الاحتفاظ بالمهمات ذاتها، باستثناء استلام طلبات الحصول على جوازات السفر لخارج لبنان، ونقل إقامة اللاجىء من مخيم لآخر وفقاً لمقتضيات الأمن. ثم توسع في المواد التي تُعنى في تفصيل مهام مراقبة حركات اللاجئين السياسية ورصد الأعمال المخلّة بالأمن." انظر الموقع الرسمي لوزارة الداخلية والبلديات اللبنانية، في الرابط الإلكتروني التالي:

http://www.interior.gov.lb/AdsDetails.aspx?ida=52

[29] نص قانون تملّك الأجانب الجديد رقم 296، في 3 / 4 / 2001، على أنه "لا يجوز منح ترخيص تملّك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسـية صادرة عن دولة معترف بها أو لأي شـخص إذا كان الترخيص يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين." ومثلما هو واضح، فإنه لا ذكر لمفردة فلسطين بجميع اشتقاقاتها، إلاّ إن مضمون التعديل يدل تماماً على كائن مُجهّل، لكن على صفات تشير حصراً إلى الفلسطيني. وللتعرف إلى الحقوق التي يتمتع أو لا يتمتع بها الفلسطينيون، انظر موقع مجلس النواب اللبناني في الرابط الإلكتروني التالي: https://tinyurl.com/y6eswxp8

[30] انظر نص اتفاق القاهرة في موقع "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، في الرابط الإلكتروني التالي:

https://www.palestine-studies.org/sites/default/files/Text_of_the_Cairo_Agreement.pdf

[31] أنيس محسن، "الحراكات الشبابية الفلسطينية في لبنان بين 'العودة' و'تحسين مستوى المعيشة' "، "مدى الكرمل"، العدد 22 (شباط 2015)، في الرابط الإلكتروني التالي:

http://mada-research.org/wp-content/uploads/2015/02/JDL22-AR-7-Mehsen.pdf

[32] للمزيد عن مكتب غلاييني ودوره في تهجير الفلسطينيين انظر: منير عطالله، "تهجير الفلسطينيين من لبنان... سماسرة بغطاء محلي ودولي"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 117 (شتاء 2019)، ص 177 – 192.

ومتابعة لقضية الهجرة في الجزء الأوروبي من العملية، انظر: إيسابيل بيريث، "عملية (سفر) الإسبانية – الفرنسية - الأوروبية تميط اللثام عن واقع مروّع لفلسطينيي لبنان"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 118 (صيف 2019)، ص 228 – 231.

[33] صلاح صلاح، مصدر سبق ذكره، ص 186 – 187.