16 نيسان
2015
Type of event: 
نتائج الانتخابات الإسرائيلية وآفاق الحكومة الجديدة
المكتب المنظم: 
مؤسسة الدراسات الفلسطينية - بيروت
التاريخ: 
الخميس, 16 نيسان 2015 - 3:00مساءً
اللغة: 
عربي
الموقع: 
بيروت
موضوع الفعالية: 

تحت هذا العنوان عقدت بتاريخ 16/4/2015 في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت ندوة سياسية، قدم لها وأدارها الأستاذ الياس خوري، وشملت أربع مداخلات لكل من: الدكتوره إيمان حمدي، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة؛ الأستاذ جهاد الزين، رئيس تحرير صفحة "ديبلوماسيات وقضاياً" في صحيفة "النهار" البيروتية؛ الأستاذ أحمد خليفة، الباحث في الشؤون الإسرائيلية والصهيونية في مؤسسة الدراسات الفلسطينية، والأستاذة رندة حيدر، محررة نشرة "مختارات من الصحف العبرية" الصادرة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

تحدثت الدكتورة إيمان حمدي، في مداخلتها، عن  تداعيات الانتخابات على علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة الأميركية. فأشارت بداية إلى أن هذه العلاقات، التي تميزت بخصوصيتها منذ عقود، شهدت في بعض الأحيان شيئاً من التوتر؛ بيد أنها تشهد اليوم تأزماً واضحاً بين إدارة باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخاصة بعد الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام الكونغرس في شهر آذار/مارس الفائت، وبعد التصريحات المتطرفة التي أطلقها خلال حملته لانتخابات الكنيست العشرين. وذكرت الدكتوره حمدي أن باراك أوباما، وخلافاً لسلفه جورج بوش الابن، رسم سياسته في الشرق الأوسط على أساس براغماتي وليس على أساس إيديولوجي، وبدأ ولايته بزيارة كل من تركيا والسعودية ومصر، وذلك بهدف تحقيق مصالحة مع العالم العربي والإسلامي، ولم يقم بزيارته الأولى إلى إسرائيل إلا في سنة 2013، علماً بأن إدارته واصلت دعمها السياسي والعسكري الكبير لإسرائيل. ثم توقفت الدكتوره حمدي عند التباين الذي ظهر بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو حول عدد من القضايا الإقليمية، ومن أهمها: الاتفاق النووي مع إيران، وفلسطين وأزمة الشرق الأوسط، و "الربيع العربي". فأوباما يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران، وهو ما يعارضه نتنياهو؛ وأوباما، الذي عارض استمرار الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة، يرى الحل في قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، وهو ما تنصل منه نتنياهو؛ وأوباما، الذي كان متردداً في بداية أحداث "الربيع العربي"، انحاز إلى مطلب الجماهير المصرية وطالب حسني مبارك بالتنحي، بينما إسرائيل كانت تتخوف من رحيل مبارك. وبعد التغيير الذي حدث في مصر، الذي استقبلته الإدارة الأميركية بفتور، حاولت إسرائيل أن تتوسط لصالح مصر لدي أوباما.

وتساءلت الدكتوره حمدي في نهاية مداخلتها عما إذا كان الخلاف بين الدولتين سيتفاقم  في المستقبل أم ستعود العلاقات بينهما إلى طبيعتها؛ فقدّرت أن محددات شكل المسقبل هي: طبيعة القيادة السياسية في كل واحدة من هاتين الدولتين؛ طبيعة التطورات الإقليمية؛ والضغوط الداخلية التي سستتعرض لها القيادة السياسية في كل من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل.

فهل ستكون هناك حكومة وحدة وطنية في إسرائيل، أم ستتشكل حكومة يمينية متطرفة وهو ما تتخوف منه إدارة أوباما؟ ومن سيفوز في انتخابات الرئاسة الأميركية القادمة في سنة 2016، وماذا إذا فاز فيها مرشح عن الجمهوريين؟

ثم هل سيكون هناك اتفاق نهائي حول البرنامج النووي الإيراني قبل 30 حزيران القادم، وإذا تعثر ذلك ماذا سيكون موقف الإدارة الأميركية وموقف إسرائيل؟ وماذا عن استمرار "عملية السلام" في الشرق الأوسط، بعد المواقف التي اتخذها نتنياهو، وهو، أي استمرار هذه العملية، ما يحرص عليه أوباما أكثر من حرصه على الحقوق الفلسطينية؟ وماذا عن مآلات "الربيع العربي"؟ كيف ستتطور الأحداث في سورية، وماذا سيكون موقف الحكومة الإسرائيلية إذا امتدت الاشتباكات بين النظام والمعارضة إلى الجولان المحتل؟

وأخيراً، هل سيحدث صدام حول إيران وفلسطين بين إدارة اوباما وبين اللوبي الصهيوني الذي تمثّله "إيباك" في الولايات المتحدة الأميركية؟  وفي الجانب الإسرائيلي، دلت التجربة على أنه في حال وجود تعارض في المصالح حول الأولويات تستطيع الإدارة الأميركية أن تفرض إرادتها على إسرائيل، وهذا ما حصل في قضية تجميد ضمانات القروض الأميركية لإسرائيل عشية انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، ولدى تشجيع فوز حزب العمل بزعامة يتسحاق رابين في انتخابات سنة 1992.

تناول الصحافي جهاد الزين، في مداخلته الثانية، تداعيات الانتخابات الإسرائيلية على الصعيد العربي؛ فأكد أن فوز اليمين في الانتخابات لم يساهم فقط في سد الأفق أمام أي تسوية ممكنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ضمن التصور الأميركي-الأوروبي، بل أدى إلى جعل الوضعية الفلسطينية  مرهونة بالدينامية الدولية وحدها. ففي ظل الانقسام الفلسطيني واحتضار الحركة الوطنية الفلسطينية، وفي ظل الضعف العربي في السنوات الأخيرة، يبدو أن الدينامية الوحيدة التي يمكن الرهان عليها في الأوضاع الفلسطينية باتت هي الدينامية الدولية. بل يمكن القول –كما تابع- إن مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة بات مشروعاً دولياً وليس عربياً أو فلسطينياً. فهل يمكن لهذه الدينامية الدولية ان تحقق نقلة في التسوية السياسية؟

ثم تطرق الزين إلى موقف الحكومة الإسرائيلية من اتفاق-الإطار النووي الذي توصلت إليه القوى الكبرى مع إيران، فأشار إلى أن مفاعيل هذا الاتفاق بدأت تبرز، في الواقع، منذ انطلاق المحادثات التي أجرتها إدارة أوباما مع الحكومة الإيرانية في مسقط بعمان، والتي استمرت في مواجهة الاعتراض الإسرائيلي وأسفرت عن الإفراج عن مليارات من الدولارات المجمدة لحساب إيران، معتبراً أن إسرائيل تدرك أن لدى الولايات المتحدة الأميركية مشروعاً لتغيير البيئة الإقليمية، وأن محادثاتها مع إيران حول برنامجها النووي تصب في هذا الاتجاه. فالولايات المتحدة التي طرحت في الماضي مشروعاً لتغيير البيئة الإقليمية أفضى إلى تغيير النظام في مصر وسحب مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، تراهن من وراء مشروعها الجديد هذا على تغيير النظام في إيران وسحب إيران من هذا الصراع.

ثم تناول الزين المشكلات الملحة التي يواجهها العالم العربي، فلاحظ أن الموضوع الفلسطيني بات في آخر درجة من درجات سلم الأولويات العربية، وتوقف عند موضوع تعمق الانقسام السني-الشيعي في المنطقة؛ فالتمدد الإيراني –كما رأى- طرح مشكلة كبيرة ونجح في السيطرة على البيئات الشيعية في العالم العربي، وهو ما ترافق مع انتشار المد الأصولي في البيئات السنية العربية، وتسبب هذا كله في تقطيع النسيج الوطني في عدد من البلدان العربية، وفي اندلاع حروب أهلية. وعلى المقلب الآخر، وقفت السعودية التي كان المحافظون الجدد في الولايات المتحدة الأميركية قد انتقدوا نظامها الداخلي، ثم جدد أوباما هذه الانتقادات في تصريحات أخيرة أدلى بها. 

المداخلة الثالثة التي قدمها أحمد خليفة، كانت عن تداعيات الانتخابات على القضية الفلسطينية والعلاقة مع السلطة الوطنية الفلسطينية؛ فبدأها بالتساؤل: ماذا تعني القضية الفلسطينية لنا اليوم؟ في الماضي كانت هذه القضية تعني تحرير فلسطين وعودة اللاجئين، ثم كان اتفاق أوسلو وأعقبه إلغاء بنود من الميثاق الوطني، وتحولت القضية إلى مفاوضات على الحدود والمستوطنات؛ فهل يوجد اليوم إجماع أو ما يشبه الإجماع الفلسطيني على ما هي القضية الفلسطينية؟

وعلى الصعيد العربي، كانت قضية فلسطين هي قضية  العرب المركزية، بينما نراها اليوم قد انسحبت إلى الخلف ولم تعد من ضمن الأولويات العربية!

أما إسرائيل فقد كانت، وما زالت، لا تقر بوجود قضية فلسطينية أصلاً؛ هناك مشروع صهيوني قائم ومستمر، خاصة بعد حرب 1967، يقوم على الاستيطان، الذي أطلقه حزب العمل، وعلى القوة والقمع وتهويد الأرض وتغيير الديموغرافيا! أما بخصوص اليمين الإسرائيلي، الذي فاز في الانتخابات الأخيرة، فهو مستمر في الحكم منذ سنة 1977، ويواصل تحقيق المشروع الصهيوني وأداته الرئيسية هي الاستيطان، الذي خلق وقائع على الأرض تجعل إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة إمكانية مستحيلة.

وبالتالي، ليس هناك ما يُقال حول تداعيات الانتخابات الإسرائيلية على القضية الفلسطينية. وما يمكن الحديث عنه هو تداعيات الانتخابات على المفاوضات وعلى "عملية السلام". وهنا نلاحظ  -كما تابع خليفة- أن الأميركيين، الذين يتحدثون عن دولة فلسطينية من دون أن يحددوا مواصفاتها، أداروا مفاوضات طويلة، برعاية جون كيري، كانت تصطدم كل جولة من جولاتها بمشروع استيطاني جديد، وباستمرار تهويد القدس، وكانت نتيجتها صفراً. أما المفاوضات السرية التي جرى الحديث عنها مؤخراً، والتي شجعها الأميركيون كما بدا، فهي لم تسفر كذلك عن أي نتيجة، ولم يكن نتنياهو معنياً بها. فهذا الأخير لا يعتبر أبو مازن شريكاً في السلام، وهو يسعى إلى تكريس الانقسام الفلسطيني، ولم يكن هدف العدوان الذي شنته حكومته على قطاع غزة مؤخراً إسقاط حركة حماس وإنما إضعافها، بما يكرس هذا الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة.   

المداخلة الرابعة والأخيرة، قدمتها الأستاذة رندة حيدر، وتناولت فيها وضع الأقلية العربية في إسرائيل بعد الانتخابات والحكومة الجديدة؛ فتوقفت بداية عند النقطة المضيئة في هذه الانتخابات المتمثلة في فوز القائمة المشتركة بـ 13 مقعداً في الكنيست، وذلك على الرغم من تصريحات نتنياهو العنصرية وتخويفه الناخبين اليهود من الصوت العربي، معتبرة أن هذا الفوز قد يحفز على توحيد  الصف الوطني الفلسطيني. وطرحت الأستاذة حيدر جملة من التساؤلات، وهي:  هل تستطيع هذه الكتلة البرلمانية العربية أن تفرض تمثيلها وأن تلعب دوراً أكثر أهمية في الكنيست، وأن تقف في وجه تمرير القوانين العنصرية، مثل قانون القومية ويهودية الدولة؟ وماذا سيكون دورها في حال تأليف حكومة يمينية متطرفة؟ وهل ستتحول هذه الكتلة إلى زعيمة للمعارضة في حال تشكيل حكومة وحدة وطنية، وعندها هل سينضم رئيسها، أيمن عودة، إلى لجنة الأمن في الكنسيت ويشارك في استقبال رؤساء الدول والحكومات؟ وكيف ستواجه هذه الكتلة التحول المستمر للمجتمع الإسرائيلي نحو يمين أكثر تشدداً وعداءً للعرب؟

إن بنية الكنيست لا تسمح بأن يكون لهذه الكتلة العربية دور حاسم، بيد أن هناك عاملين قد يساعدان هذه الكتلة على تعزيز حضورها –كما قدّرت حيدر- وهما: أن تتبنى خطاباً يتوجه إلى كل الجمهور الإسرائيلي من العرب واليهود على السواء؛ أن تضع خطة وطنية فعالة في مواجهة الهجمة العنصرية الشرسة على الوجود العربي في إسرائيل، وأن تجسد طموحات الجيل الشاب العربي الذي يريد قيادات جديدة غير تقليدية.

 ولاحظت أن أيمن عودة، المحامي الشيوعي ورئيس الكتلة، يستطيع أن يمثل هذه القيادات الجديدة المنشودة؛ فهو يدعو في جميع إطلالاته إلى تشكيل "معسكر ديمقراطي" ثالث، يقف بين "المعسكر القومي" اليميني و "المعسكر الصهيوني"، ويجمع كل القوى الديمقراطية واليسارية في إسرائيل، كما أنه يرفع مطلب المساواة إلى جانب مطلب العدالة الاجتماعية، وهذا المطلب الأخير مهم لا سيما وأن الحملة الانتخابية للعديد من الأحزاب دارت حول مطالب اجتماعية في الأساس. ويرى أيمن عودة –كما أضافت- في نضال العرب الفلسطينيين جزءاً من نضال كل الفئات المهمشة في إسرائيل، مثل النساء والمهاجرين من أثيوبيا. فما هو أفق نجاح مثل هذا المشروع؟

في ردها عن هذا السؤال، توقعت حيدر أن يكون أفق تحرك الكتلة العربية محدوداً، على اعتبار أن غالبية جمهور المهمشين في إسرائيل يستقطبها اليمين المتطرف، لكنها قدّرت بأن تحرك الكتلة العربية قد يعيد تنشيط معسكر السلام، الذي بدا، في السنوات الأخيرة، وكأنه لفظ أنفاسه. كما رأت، من جهة ثانية، أن التحديات التي ستواجهها هذه الكتلة وسط جمهورها العربي لن تكون قليلة. وأول هذه التحديات هو أن تستمر في التعبير عن مشروع وطني جامع لا أن تكون مجرد ائتلاف حزبي لحظي، وهو ما يأمله منها جمهورها الذي رفع نسبة مشاركته في الانتخابات الأخيرة بعد أن وحدت الأحزاب العربية صفوفها. أما القضايا الملحة التي ستواجهها هذه الكتلة في المستقبل القريب، فهي: الوقوف أمام تمرير القوانين العنصرية، وبخاصة قانون القومية ويهودية الدولة؛ والتصدي لمشروع إعادة إسكان بدو النقب والاعتراف بقراهم، ومكافحة مشروع  تشجيع انخراط المواطنين الفلسطينيين المسيحيين في الجيش الإسرائيلي وإقرار الخدمة المدنية على الشباب العربي في الجيش.

الفيديو الخاص بالحدث: 
ملف الصوت الخاص بالحدث: 
صور الفعالية