The Third Year of the Intifada: Focus on Israeli Society
Keywords: 
الانتفاضة 1987
الاراضي المحتلة
الاراضي الفلسطينية المحتلة
اسرائيل
الاحصاءات
حكومة مؤقتة
Full text: 

مع انتهاء العام الثاني للانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، تطرح أسئلة عدة على الصعيد الداخلي في شأن ما سيكون العام الثالث للانتفاضة عليه. ويمكن القول إن هناك إجماعاً على أن العام الثالث يجسد "مرحلة البناء" بعد أن حمل العام الأول بداية التجربة، والعام الثاني ترسيخ هذه التجربة. ولضمان استمرارية الانتفاضة كي تحقق ما يراد منها تحقيقه، خلال مرحلة البناء هذه، يجري داخل الأراضي المحتلة وخصوصاً في الأوساط القيادية، نقاش يتناول تقويم أحداث عامين من الانتفاضة وما حققته من إنجازات وما لم تنجح في تحقيقه تحقيقاً كاملاً أـو جزئياً. إن هذا الإجماع الذي تحقق حول دينامية الانتفاضة لم يتحقق فيما يتعلق بالخطوات الدبلوماسية المراد القيام بها خلال هذه المرحلة، وخصوصاً موضوع تأليف حكومة فلسطينية موقتة الذي أُعيد طرحه من جديد مع انتهاء العام الثاني للانتفاض ومن داخل الأراضي المحتلة.

وعند الحديث عن الإنجازات التي حققتها الانتفاضة خلال عامين، فإن الحديث يعالج الصعيد الفلسطيني الداخلي والخارجي، وكذلك الصعيد الدولي. أما الصعيد العربي، فإن فلسطينيي الداخل يرون أن الانتفاضة لم تستطع دخول الشارع العربي كما كان يفترض، وهم في الوقت ذاته يعترفون بأن مهمة "اقتحام" الشارع العربي تقع على عاتق الأجهزة الإعلامية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالدرجة الأولى.

ففلسطينياً، قد تعتبر استمرارية الانتفاضة إنجازاً مهماً إذا أخذنا في الاعتبار تطور الوسائل القمعية الإسرائيلية في مواجهتها، والتي كانت تهدف منذ اندلاع الانتفاضة حتى اليوم إلى إطفاء شعلتها والقضاء عليها نهائياً. وقد أعادت هذه الاستمرارية، التي حافظت على مشاركة جماهيرية واسعة، الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني إلى داخل الأراضي الفلسطينية. وهذا ما يسميه رئيس جمعية الدراسات العربية ف القدس المحتلة، فيصل الحسيني، "الصراع على الرأي العام الفلسطيني"؛ فهو يرى أنه خلال العام الأول للانتفاضة كانت تدور معركة بين الفلسطينيين "لا كتنظيمات أو مجموعات وإنما بين الفرد ونفسه." وفي نهاية هذه المعركة، توضحت وتحددت أهداف نضال الشعب الفلسطيني.

واستمرار الانتفاضة عامين من الزمن خلق أنماطاً اجتماعية وحياتية جديدة على الصعيد الداخلي، كان المحرك الأساسي لها ثقة الفلسطينيين في ظل الاحتلال بقدراتهم وإمكاناتهم. وبمرور الأيام، ترسخت أكثر حالة التكوين النفساني المشترك والشعور العميق بالانتماء، والتي يردها رئيس تحرير "الطليعة" الأسبوعية التي تصدر في القدس المحتلة، بشير البرغوثي، إلى حالة تعاطف وطنية بين كل فئات الشعب الفلسطيني، ترسخت "بضرورة المحافظة على قاسم مشترك وطني بعيد عن نزعات تطرف يميني أو يساري." هذه الحالة من الشعور بالانتماء، وما صحبها من تكافل وترابط، كانت وراء إصرار الفلسطينيين في ظل الاحتلال على رفض الوضع الراهن، ومحاولة تغييره على الرغم من تنوع الأدوات القمعية وازدياد شراستها مع تعمق التجربة. ومن هنا جاءت محاولة الانفصال عن أجهزة الاحتلال الإسرائيلي بكل أشكالها. وإنْ لم تنجح إلا بشكل جزئي فإن الإصرار على تحقيق هذا الانفصال ما زال وارداً.

أما على الصعيد الفلسطيني الخارجي، فإن الجميع يسلم بأن الانتفاضة كانت بمثابة "تصويت عنيف" على حق تقرير المصير وحق إقامة دولة مستقلة، وعلى الصفة التمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. وبمنظور أهالي الأراضي المحتلة، فإن العملية السياسية التي أُطلقت هي عملية "كبيرة جداً" أوجدت أسساً ثابتة لم تكن يوماً موجودة على صعيد العمل الفلسطيني.

ومن هنا فرضت الانتفاضة القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، وانتقلت بها من المركز الثانوي الذي احتلته في آخر قمة عربي (عمان، سنة 1987) وفي مواقف أوروبية لا تتعدى بيان البندقية، إلى تأكيد دور منظمة التحرير الفلسطينية، واعتراف دولي واسع بإعلان الاستقلال الفلسطيني. وفي رأي فيصل الحسيني، فإن الرأي العام الدولي كان ساحة المعركة التي خاضتها الانتفاضة خلال العام الثاني.

أما على الصعيد العربي، فإن الإنجاز الوحيد الذي يعتبر الداخل أنه حقق بفعل الانتفاضة، هو محاولة طرح ديمقراطي جديد في الأردن بإجراء انتخابات نيابية. وفي الوقت ذاته يعتبر الكثيرون أن "طبيعة" الانتفاضة لم تطرح بعد في الشارع العربي. وفي هذا المجال، يرى فيصل الحسيني أن تفعيل الدور العربي يتم من خلال تفعيل الأجهزة الإعلامية والشعبية لمنظمة التحرير في الشارع العربي ولدى الجهات المسؤولة عربياً، "خاصة وأن الأجهزة الإعلامية الغربية كانت أكثر اهتماماً بتغطية الانتفاضة من الأجهزة الإعلامية العربية." ويعزو الحسيني ذلك إلى أن المنطقة العربية تعيش الآن حالة من الضياع، الأهداف فيها غير محددة والمستقبل غير واضح. ويرى أن المطلوب عربياً هو "اتخاذ قرار بالمواجهة"، وذلك في اتجاهين: الأول "اتجاه للضغط على الولايات المتحدة"، والثاني إفهام إسرائيل بأن التطور المستقبلي لن يكون في صالحها إذا استمرت في سياستها الحالية."

وإذا كان الداخل قد قام بالدور الأساسي لتحقيق الإنجازات وتثبيت الإيجابيات على الصعيد الفلسطيني الخارجي، أو على الصعيد الدولي، فإن الساحة الداخلية التي تجري عليها الانتفاضة تعتبر الهمّ الأكبر بالنسبة إلى قيادة الانتفاضة في الداخل، والتي تقر أن لا سبيل للاستمرار بالشكل المطلوب إذا لم تكن هناك دراسة عميقة لتجربة العامين الماضيين. فهناك أخطاء ارتكبت نتيجة سوء التقدير في بعض الحالات، يجدر تصحيحها وإعادة برمجتها لتتمشى مع نهج الاستقلال كما يرى البعض. كما أن هناك مواطن ضعف نتجت من اتساع الحركة الجماهيرية من جهى، وأخرى جاءت نتيجة الضربات القاسية التي أنزلتها سلطات الاحتلال بها.

يقول فيصل الحسيني أن قدرات الجماهير، في إحدى المراحل الأولية للانتفاضة، كانت تسبق العناصر القيادية في توقعاتها، مما حدا قيادة الانتفاضة على أن ترفع من درجة طلباتها حتى تتعادل مع الوضع الجماهيري القائم. غير أنها مع ذلك لم تنتبه إلى حالات المد والجزر الطبيعية التي تمر بها أية ثورة، واستمرت تطلب أكثر مما تستطيع القدرة الجماهيرية في مراحل الجزر.

ويعتبر موضوع الامتناع من دفع الضرائب التي تفرضها سلطات الاحتلال من الأمور التي لم يكن من الممكن تحقيقها بمجرد أن تطلب قيادة الانتفاضة ذلك. فهناك عنصر ذاتي يتمثل في إصرار الناس على مقاطعة دفع الضرائب، وآخر موضوعي هو إمكان استمرار الحياة على الرغم من العقاب الذي تفرضه السلطات على الممتنعين، أو العقاب الجماعي. فكان أن نجحت مقاطعة الضرائب في الأماكن التي كان العنصر الذاتي قوياً فيها، واستطاع التغلب على الظرف الموضوعي، لكن تلك الأماكن تعتبر أماكن محدودة جداً.

وموضوع الامتناع من دفع الضرائب لتثبيت مقاطعة أجهزة الاحتلال وخلق حالة من العصيان المدني، وهو الموضوع الذي يرى الحسيني أنه لم تكن له قياسات كافية، يطرح نفسه من جديد في العام الثالث للانتفاضة. فهل تستمر المطالبة بمقاطعة دوائر الضريبة والسير نحو العصيان، أم لا؟ هنا، يرى فيصل الحسيني أن هناك "معادلة يجب التوصل إليها" بحيث تطبق المقاطعة قدر المستطاع في مجالات معينة، وفي الوقت ذاته تطوير الصناعات الوطنية من أجل عدم فسح المجال للصناعات الإسرائيلية لدخول أسواق الأراضي المحتلة، حتى لو كان ذلك على حساب دفع ضرائب معينة. فكما هو متفق عليه، تتطلب مرحلة البناء القادمة العمل على استكمال بناء صناعة فلسطينية مستقلة تشكل البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني. ذلك بأنه، في تصور الحسيني، "بعد مرحلة معينة عندما نصل إلى وضع سياسي ناضج نستطيع أن نبدأ عملية الامتناع عن دفع الضرائب بشكل تام حتى لو كان ذلك على حساب إغلاق المصانع، عندها ستكون معركة زمنية معينة هي فترة الاستقلال العملي والتي بعدها تكون العملية الاقتصادية بحاجة إلى إعادة تشغيل وليس إلى البدء من الصفر."

وتنظر قيادة الانتفاضة إلى ظاهرة "عسكرة" الانتفاضة وتجييشها، التي انتشرت خلال العام الثاني، على أنها ظاهرة يجدر حصرها والقضاء عليها قضاء تاماً، وذلك على الرغم من  تأكيدهم أنها "بقعة" في جسم الانتفاضة، وليست الطابع العام. وترى هذه القيادة أن نمط "العسكرتاريا" الذي وجد نتيجة تعدد القوى الضاربة وتعدد أسمائها كما يرى البعض، أو كظاهرة عادية تجتذب حماسة الشباب المندفع كما يرى البعض الآخر، أدى إلى تضارب في مخططاتها وتحركاتها "مما كاد يوصلنا إلى تكرار تجربة غيفارا ليس في كوبا وإنما في بوليفيا"، على حد تعبير أحد القياديين. وبدل أن تقوم هذه التشكيلات بدور "الحامي"، ترى عناصر في القيادة أن استغلال هذه الطاقات يجب أن يتم ضمن إعادة تفعيل اللجان الشعبية وتحويل "الحامي" للانتفاضة إلى المشارك فيها بالدرجة الأولى ثم الحاكي. فالتجييش، في رأي البعض، يتعارض مع الحركة الجماهيرية ويحد من مشاركتها الواسعة. وتصب فكرة إعادة تفعيل نشاطات اللجان الشعبية في ترسيخ مقاطعة البضائع والصناعات الإسرائيلية، وتشجيع الاقتصاد المنزلي ضمن آلية "البناء" التي رفعت كشعار للعام الثالث.

ومن منطلق التركيز على مبدأ البناء، يطرح على قيادة الانتفاضة تحديد أهمية ومضمون أيام الإضراب، التي أصبحت من تراث الانتفاضة، وفي الوقت ذاته ينظر إليها على أنها فقدت المغزى الأساسي لها. فأيام الإضراب التي تعبر عن شكل من أشكال الاحتجاج، يرى بعض العناصر القيادية أنها في الوقت ذاته تخلق تمايزاً في مصالح الفئات الاجتماعية، وكمية الضرر التي تلحق بكل فئة والتي ينظر إليها على أنها أحد أهداف سلطات الاحتلال كوسيلة لإخراج فئات معينة عن الإجماع الوطني، ويطرح موضوع الإضرابات الطويلة للبحث على أنه يتناقض مع الدعوات إلى زيادة الإنتاج الوطني، ويزيد معاناة فوق المعاناة التي تفرضها السلطات بسبب حظر التجول وعمليات إغلاق المدن والقرى.

ومما يطرح أيضاً للعام الثالث للانتفاضة، ضمن عملية التقويم والدراسة، علاقة التنظيمات الفلسطينية بعضها ببعض، وكذلك علاقات القيادة الموحدة للانتفاضة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس). فإعادة تقويم علاقة التنظيمات الفلسطينية داخل القيادة الموحدة تهدف إلى جعل الوحدة الوطنية حقيقة على أرض الواقع بعد أن كانت تطلق كشعار حتى الآن، وذلك لتفادي بعض المظاهر السلبية التي كانت تظهر من آن إلى آخر بشكل تعددية البيانات التي تصدر عن هذه القيادة، مما أتاح الفرصة أمام أجهزة المخابرات الإسرائيلية لدسّ بياناتها المزورة بين ما يوزع من بيانات بأسماء مختلفة.

أما فيما عنى العلاقة بـ "حماس"، فتنقسم الآراء بين من يعتقد إمكان دمجها ضمن القيادة الموحدة وتوقع أن يتحقق ذلك خلال العام الثالث للانتفاضة، وبين من يعتقد ضرورة المحافظة على الوضع الذي استمر طوال عامين، وذلك بسبب تعارض البرنامج السياسي لـ "حماس" مع البرنامج السياسي لمنظمة التحرير، وبالتالي للقيادة الموحدة. أما الحل الوسط المطروح فهو أن يتحقق خلال العام الثالث تنسيق أكبر بين "حماس" والقيادة الموحدة.

وإذا كان التطرق إلى السلبيات في مسيرة الانتفاضة والبحث في أخطاء ارتكبت يتطلبان شجاعة في عملية النقد، إلا أن التحدي الأكبر لقيادة الانتفاضة يبقى في النجاح في حصر السلبيات وإعادة تصحيح الأخطاء على أرض الواقع.

وإذا كان العام الثالث سيشهد مرحلة حاسمة على صعيد طبيعة مسيرة الانتفاضة داخلياً، فمن المتوقع أن يكون كذلك أيضاً على الصعيد الخارجي أو الدبلوماسي. فالداخل الذي يؤيد تأييداً تاماً المبادرة السياسية لمنظمة التحرير، التي تبنتها الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني، يرى في الوقت ذاته أن "ليس في ما يطرح من مبادرات أميركية أو إسرائيلية ما يستوجب تقديم تنازلات مكلفة."

فمشروع إجراء انتخابات في الأراضي المحتلة ترفضه جميع القوى السياسية العاملة في الداخل. غير أن هناك من يرى أنه يمكن "استغلال" الطرح الإسرائيلي لإجراء انتخابات فلسطينية في الأراضي المحتلة "لتوجيه وخلق أسئلة ومواضيع للنقاش داخل المجتمع الإسرائيلي من أجل تحضير هذا المجتمع لأنه يتوجه توجهاً معيناً يخدم الأهداف الفلسطينية".

ففيصل الحسيني، الذي يعتبر أن العام الثالث سيكون حاسماً على صعيد الرأي العام الإسرائيلي، يؤمن كذلك بإمكان "استغلال ما يطرح على الصعيد الدبلوماسي، كخطة بيكر ونقاط مبارك العشر، وحتى مشروع شمير، لتوجيه أسئلة حول مواضيع كانت تعتبر من المحرمات قبل الانتفاضة." والأسئلة التي تطرح في شأن دور منظمة التحرير الفلسطينية في عملية السلام، وحق العودة، وموضوع القدس، والانسحاب من الأراضي المحتلة، تساعد في "تطبيع" الرأي العام من خلال تحويلها إلى "موضوع للنقاش وليس موضوعاً محسوماً"، وبالتالي تؤدي إلى "هز قواعد" الاستقرار السابقة التي كانت في الذهن الإسرائيلي.

ومما يطرح أيضاً كخطوات دبلوماسية للعام الثالث، ولكن بصورة فردية أكثر منها شعبية، موضوع إعلان تأليف حكومة فلسطينية موقتة. وقد أعاد طرح هذا الموضوع من جديد، من داخل الأراضي المحتلة، الأستاذ المحاضر في جامعة بير زيت د. سرّي نسيبة، وانقسم الفلسطينيون بشأنه بين مؤيد ومعارض.

والحكومة الموقتة، كما طرحها سرّي نسيبة في ورقة عمل تزامنت مع الأسابيع الأخيرة للعام الثاني للانتفاضة، تقوم على جهاز بيروقراطي يتألف من عشرات الآلاف من الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة وخارجها. وتقوم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بمهمات مجلس الوزراء الموقت، في الوقت الذي يتم الإبقاء فيه على جهاز منظمة التحرير بجميع كوادرها والعمل بمبدأ الازدواجية الوظيفية. وتنقسم الوزارات، بحسب هذا التصور، إلى وزارات تعنى بشؤون خارج الأراضي المحتلة فقط كالدفاع والخارجية، ووزارات تعنى بشؤون داخل الأراضي المحتلة فقط كالداخلية والزراعية، وأخرى تعنى بشؤون الداخل والخارج معاً كالتعليم والصحة.

ويعتبر سرّي نسيبة أن إعلان تأليف حكومة موقتة في المرحلة الحالية أي بداية العام الثالث للانتفاضة، يعني "الانتقال إلى موقع متقدم أكثر في الانتفاضة نحو بناء سلطة وطينة بديلة وطرح تحد جديد" أمام سلطات الاحتلال. ويرى أن من شأن هذه الخطوة أن تضيف لمسة جديدة "على عملية الاستقلال التي بدأناها." وإذا كان إعلان الاستقلال قد أضفى شرعية على فكرة الاستقلال، فإن تأليف الحكومة الموقتة – في رأي نسية – من شأنه "تطبيع شرعية فكرة الاستقلال."

وإذا كان فيصل الحسيني يتفق مع سرّي نسيبة في أن هناك ضرورة لتأليف هذه الحكومة تنبع من أن "التشكيل الهرمي  الفلسطيني في الداخل غير واضح في غياب مثل هذه الحكومة"، وأن رد سلطات الاحتلال على اتخاذ هذه الخطوة باعتقال العاملين في أجهزة الحكومة أو إنهاء عمل هذه الأجهزة "سيؤدي إلى معركة جديدة من شأنها أن تزيد وتيرة الصراع في المنطقة"، فإن رئيس رابطة الصحافيين العرب في الأراضي المحتلة، رضوان أبو عياش، يرى في المقابل أن تأليف حكومة موقته من شأنه أن "يعرض بدلاً عن منظمة التحرير لمن يسعون لإيجاد مثل هذا البديل" من جهة، وأن إلغاء الدور الشعبي في الانتفاضة يترافق "مع تحول منظمة التحرير من حركة تحرر إلى شبه حكومة تقوم بدور رسمي أكثر منه شعبي."

ويرى أبو عياش أن الرد الإسرائيلي سيكون "أعنف مما عرفناه حتى الآن"، ذلك بأن إعلان تأليف حكومة سيشكل أول خطوة عملية لبناء دولة مستقلة. أما إمكان تعايش السلطات مع هذا الجهاز، كما طرح في ورقة العمل، فيرى أبو عياش أن هذا التعايش إن حدث فعلاً، فسيكون بهدف إلغاء دور منظمة التحرير الفلسطينية والعمل على تقديم الكيان المستقل داخل الأراضي المحتلة "كمفاوض بديل".

وفي حين يرى سرّي نسيبة أن إعلان الحكومة الموقتة من شأنه أن "يستنهض الجماهير ويوجه طاقاتها باتجاه هدف الاستقلال"، يعتبر بشير البرغوثي من جهته أن تأليف حكومة موقتة يدفع في اتجاه "بقرطة" الانتفاضة والحد من الدور الجماهيري الواسع، وذلك "باقتصار هذا الدور على الأجهزة والموظفين فيها." ويتابع البرغوثي أن الحكومة الموقتة "يمكن أن تعطي تفسيراً للاستقلال ولكنها لا تجعله حقيقة على الأرض." ويعتبر أن هذا الطرح قابل للتنفيذ في حالة واحدة فقط: "عندما تكون المسيرة السياسية تتطلب قيام حكومة لتسهيل انعقاد المؤتمر الدولي."

من جهتهم، يرى مسؤولون في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن موضوع الحكومة الموقتة يطرح موضوع "التمثيل وإشكالياته" في وقت "تتطلب الانتفاضة نضالاً طويلاً لاستكمال البنية التحتية للمجتمع الفلسطيني لبناء الدولة المستقبلية وتعميق أسسها."